الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوجي يضربني وأسرته تظلمني
المجيب د. خالد بن حمد الجابر
مستشار طب الأسرة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
زوجي أصبح صعباً للغاية، مضت علي مشاكل كثيرة كان زوجي يتعامل معي بقسوة وأسرته أيضاً، كان يضربني ويشتمني ظلماً لمجرد أنني أحب أن أكون مستقلة بعيدة عن مشاكل أسرته التي تظلمني في أية فرصة تسمح لهم، وما زالوا، لكن مشكلتي الحقيقية هي أني ما عدت أحب زوجي بسبب ذلك، وأحاول أن أعطيه حقوقه بصعوبة، كيف أساعد نفسي على محبته والصبر معه؟ مع العلم أن لي ابناً منه.
أجيبوني أرجوكم، وشكراً.
الجواب
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد..
أسأل الله -تعالى- الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء - كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم (2654) -، أن يحببك إلى زوجك ويحبب زوجك إليك، ويحننه عليك ويحننك عليه، آمين.
أختي الكريمة:
شكوت من زوجك وأهله قسوة وضرباً وشتماً، كان الله في عونك. وما تشكين منه يا أختي الكريمة مشكلة شائعة جداً في العالم كله، حتى البلاد التي يسمونها بلاد الحرية، نسبة ضرب الأزواج لزوجاتهم فيها عالية جداً، وهي أخطر مما عندنا بسبب كثرة تعاطيهم الخمر.
ومن المعلومات التي أوردتيها عن نفسك، فأنت لا زلت في ريعان الشباب، ويبدو أن زواجكما حديث.
وفي سؤالك أشياء كثيرة أود معرفة تفاصيلها حتى يكون الجواب مطابقاً للسؤال، لكن سأستعين بالله تعالى وأجيبك إجابة عامة، وستكون شافية وافية تفيدك إن شاء الله وتفيد زوجك، وتفيد كل من كان عنده نفس مشكلتكم بإذن الله تعالى.
لماذا يتعامل بعض الأزواج بقسوة مع زوجاتهم؟
هذا هو السؤال الجوهري. وله أسباب كثيرة، ليس المجال لاستقصائها، وكتبت فيها دراسات كثيرة، لكن سأتناول هنا أهمها مع الإشارة إلى بعض الحلول الممكنة لكل سبب، وأنت إن شاء الله تتأملين في هذه الأسباب وتنظرين منها ما يكون أقرب لحالتك، وفقك الله وأعانك.
1) قسوة الزوج بطبيعة شخصيته..
وهذا السبب ليس قليل الانتشار، خاصة في البيئات التي يقل فيه العلم، وتقل فيها مخافة الله، وهؤلاء ربما لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي (3895) وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها، وقوله "استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان (أي أسيرات) عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص رضي الله عنه، يعني بسبب ضعفهن وعاطفتهن فهن كالأسيرات، وهذا واقع فالمرأة مهما تجبرت فهي في النهاية محتاجة إلى بيت الزوجية، والعامة يقولون "نار زوجي ولا جنة أبوي!! "، وهذا المثل ليس على إطلاقه.
والحل مع مثل هذا الزوج أن تسعى الزوجة بحكمتها وبدون توجيه اتهامات إلى محاولة إيصال هذا المفهوم لزوجها، بكل ما يمكنها من وسيلة، ومن أهمها الذهاب إلى من بيده مفاتيح أخلاق الناس وقلوبهم وهو الله سبحانه وتعالى، بالدعاء واللجوء والتضرع والإلحاح عليه، شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة. ومن صبر ظفر، والعجلة والتسرع تعقبها الندامة.
ومن الطرق إهدائه الأشرطة والكتب العامة التي تتكلم عن الحياة الزوجية.
ومنها: جلسات المصارحة والمكاشفة، والملاحظ أن كثيرا من الأزواج يخبرني أن جلسات المصارحة هذه تزيد الأمور تعقيدا بسبب ما يكون فيها من الصراخ وتبادل الاتهامات، وهذا سببه أننا للأسف الشديد في كثير من الأحيان لا نعرف كيف نحاور، فنحن ندخل للحوار عادة متشنجين منفعلين لأنه يكون عقب حدث معين، وهذا لا ينفع فلابد للحوار أن يكون مجدولا في موعد يتفق عليه، في جلسة هادئة في مكان هادئ والله يعينكما؛ لأنه قال "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" [النساء:35] .
ومنها: أن الزوجة كلما زاد زوجها قسوة تزيد معه لينا ورفقا ورقة وتوددا، فإن كان فيه خير فستعلمه الأيام أن يقابل إحسانك بإحسان، لكن إذا كانت الزوجة تعامل زوجها القاسي الغليظ بمثل صنيعه وأخلاقه، فالنار لا تزيدها النار إلا ضراما، وللأسف فالانتقام للنفس أحيانا يعمي ويصم.
2) قسوة الزوج بسبب مرض نفسي أو ضغوط نفسية..
وهذا كثير جداً وتغفل عنه النساء، لكني رأيته كثيرا في العيادة؛ ولهذا كلما اشتكت لي زوجة من زوجها طلبت حضوره لأتحقق من ذلك بنفسي.
وعلى الزوجة أن تلاحظ زوجها، فربما كان يمر بظروف صعبة أو تحت ضغوط نفسية أو ما هو أدهى قد يكون متورطا في مخدرات أو شراب.
3) سوء تعامل الزوجة ورداءة أخلاقها.
وربما تنكر الزوجة هذا وتقول: "عجزت عنه! "، والواقع أن بعض قسوة الأزواج سببه سوء خلق الزوجة، فلتنظر المرأة في حال نفسها، ولتكن مع زوجها لطيفة رقيقة ودودة..
فمثلا قد يكون سوء تعامل الزوجة مع أهل زوجها أو نفرتها منهم سببا في قسوته وغلظته. ومن ذلك إلحاحها المستمر للخروج في بيت مستقل، فهو وإن كان أمرا تحبه المرأة لكن لكل زوج ظروفه الخاصة.. وهكذا
4) ضعف آليات الحوار والنقاش بين الزوجين..
ولو قال قائل إن نصف مشاكل البيوت من ضعف آليات الحوار بين الزوجين لكان صادقا.
يا جماعة نحن لا نعرف كيف نتحاور في الظروف العادية، فكيف في حالات الخلاف!! ، اسألي عن دورات في فن الحوار وبالذات الحوار العائلي، وستكتشفين بإذن الله إن وفقت في دورة جيدة وقمت بتطبيق مهاراتها كيف ستتغير حياتك بعون الله.
5) تدخل أطراف خارجية:
وهذا أيضا ليس قليلا في مجتمعاتنا العربية. وإني والله لأعجب من أم أحد الزوجين أو أبيه كيف يكون سببا في تدمير بيت بنته وولده! ، إنها فعلا كارثة!، لكن ماذا نصنع؟! ليست أخلاق الناس على سنن مشط واحد، ولله في خلقه شئون.
وفي هذه لحالة فالحكمة واللطف والرفق حل وأي حل.
6) قلة الصبر.
وربما تعجبين يا أختي من كلامي هذا، لكن الواقع غير المثالية. فالصبر واحتساب الأجر في الآخرة وانتظار الفرج قد يكون هو غاية ما تقدر المرأة على صنعه. وكثير من النساء تقول: أنا لا أطيقه ولا أريده، لكن لو طلقني فأين أذهب؟
وأنا أقول هذا هو عين العقل أحيانا، إذا لم يكن بد من البقاء معه.
7) آخر الدواء الكي..
فإذا لم ينفع شيء مما مضى، ولم تتعجل المرأة وحاولت سنوات، وليس مجرد شهرين او ثلاثة، ولم يقض الله تعالى لحكمته أن يستجيب لدعائها وإلحاحها وتضرعها، فإن هذا إيذان من الله تعالى بأن الحل هو "التسريح"، ويرزق الله كل واحد منهما من واسع فضله.
اللهم حبب أمتك (ريا) لزوجها وحببه إليها، وحننها عليه وحننه عليها، وآلف بين قلبيهما، واجعلهما من خير زوجين في أرض المغرب المبارك.. آمين.