الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حياتي معهم لا تطاق
..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 5/11/1422
السؤال
أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري مستواي المادي متوسط، غير متزوجة، مشكلتي هي أنني أشعر بضيق في نفسي وملل يكاد يقضي علي - حقاً - وأنا في المدرسة، والسبب هو أنني لا أكاد أطيق أمي، أحس أنها تغيرت علي وباتت تشك فيّ كل شيء، وتشك أيضا في باقي أخواتي، ولكني لا أحتمل أن يشك فيني أحد، وخاصة وأنها قد وضعتني في موقف محرج مع إحدى قريباتي..!! ووضعتني في مشاكل كثيرة، لا أعرف.. أصبحت بصراحة أكرهها، لا تقل إني أبالغ بل فعلاً أنا أكرهها؛ لأنها حولت حياتي إلى جحيم، وأخشى أن أنتحر، ولماذا أخشى ما دمت أفكر بهذا الشيء؛ لأنني فعلا لا أستطيع الاحتمال، فكرت بمصارحتها بأني أريد أن أعيش مع خالتي في بيتها للتخلص من المشاكل التي سوف تؤدي بي إلى الموت قريباً، ولكنها صرخت في وجهي وقالت لي: من تظنين نفسك؟ فقلت لها: وإذا كنت أريد أن أنتحر، ولا أريد العيش معك؟ فقالت لي: افعلي ما تشائين فأنا لا أهتم.. لذلك لا أريد العيش في وسط هذا العالم القذر، لا تقل: إن أمي تحرص على مصلحتي إنها تريد لي أن أموت ولا تريدني كفرد في الأسرة. حاولت أن أصارح خالتي بأني أريد أن أعيش معها؛ لأني بصراحة أشعر معها بارتياح؛ لأن حياتهم مبنية على أسس محبة وتراحم، في بيتنا لدي عادة حاولت التخلص منها وهي تأخير الصلاة عن وقتها، أما في بيت خالتي فإني أصلي جميع الصلوات في أوقاتها، فأرجو أن تلحقني بحل وإلا انتحرت، وأعرف أن هذا الشيء حرام ولكن ماذا أفعل مادمت لست مرتاحة بحياتي وأخشى أن يضيع مستقبلي بسبب هذا الضيق، فأريد حلاً (عاجلاً جداً) وجزاك الله خيرا.
الجواب
الأخت الكريمة، أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
ثلاثة أمور اجتمعت فيك من خلال أسئلتك السابقة هي دلالات وعلامات واضحة وجلية تدل على ضعف إيمانك وضعف ارتباطك بالله عز وجل وطريقه المستقيم.
هذه الأمور الثلاثة التي فيك والتي لا أقول: إنها من الذنوب بل هي من كبائر الذنوب هي أولاً نظرتك الموغلة السلبية تجاه والدتك، والنظرة السلبية تجاه الوالدين هو ضرب من العقوق المحرم في الإسلام، ثانياً تفكيرك في الانتحار وقتل نفسك بغير ما ذنب أو إثم، والأمر الثالث هو تأخيرك للصلوات عن أدائها في وقتها في حياتك اليومية. وهذه الأمور الثلاثة كما تلاحظين هي أمور جد عظيمة في نظر الإسلام بل الإخلال بواحدة منها يعد كما أسلفت وقوعاً في كبيرة من كبائر الذنوب التي تخدش وتنقص من إيمان الفرد المسلم فكيف وقد اجتمعت فيك ثلاثة منها عظام؟!
إذاً المسألة لديك من وجهة نظري ليست في علاقتك مع والدتك، وإن كان لها قدر كبير من الأهمية إذ إنها قد حولت حياتك إلى جحيم، ولكن المسألة متعلقة بك وبعلاقتك بربك قبل والدتك.
وإن كان لي من نصيحة لك يمكن أن أسديها في هذا المجال فأوجزها في الأمور التالية:
أولاً: وقبل كل شيء، العمل الجاد من قبلك على تقوية صلتك بالله بالمحافظة على الصلاة في وقتها والعمل على تهيئة نفسك على ذلك بالمناخ المناسب عن طريق الرفقة الصالحة وكثرة الذكر والإكثار من عمل النوافل والتطوع وقراءة القرآن والكتب الدينية وسماع الأشرطة النافعة التي تذكر الإنسان بخالقه، وأعيد وأكرر على الالتزام بالرفقة الصالحة؛ فهي - بالتجربة - خير معين على تقوية الإيمان والارتباط بالله عز وجل.
ثانياً: لا شك انه قد تعترض العلاقة بين الآباء والأبناء بعض المناوشات والخلافات في كثير من البيوت، ولكن لم يكن أبداً الانتحار هو الحل الأمثل في علاج مثل هذه المشاكل. ووجود بعض الآباء أو الأمهات غير المتفهمين لمشاكل أبنائهم أو غير العابئين بها - وربما الازدراء والتحقير لهم - لا يعني بأي حال من الأحوال أن الأمل قد فقد، وأنه لا مجال للإصلاح أو إعادة الثقة المتبادلة بين الطرفين، لا بل يوجد أمل، ولكل مشكلة عشرات الحلول، ولكن يجب التحري والبحث عنها في مكامنها وستجدين عندئذ أنك كنت جدّ مخطئة حينما فكرت بالانتحار كحل سريع لمشكلتك. خالتك على سبيل المثال أرى أنها فرصة سانحة أمامك حيث ذكرت أنك ترتاحين معها، حاولي مفاتحتها بموضوع مشكلتك فربما تتقبل أمك منها أكثر منك بحكم الأخوة وقرب السن. اجعليها واسطتك مع والدتك بل حاولي إعادة بناء العلاقة شبه المعدومة مع والدتك من خلالها.
أمرٌ أخير قد يساعدك كثيراً في مدّ جسور الألفة والمحبة الطيبة مع والدتك من جديد هو معرفة نفسيتها بصورة جيدة، فأنت من أقرب الناس إليها وتعيشين معها في بيت واحد فأنت تعرفين ما تحبه هي وما تبغضه وما يرضيها وما يسخطها وغير ذلك كثير. فمعرفتك نفسية والدتك وطبيعتها السلوكية تساعدك كثيراً في امتلاك قلبها وعقلها معاً ومن ثم تكونين أنت المؤثرة فيها وأنت القريبة إليها أكثر من الأفراد الآخرين.
حاولي التزام الهدوء في مناقشاتك ومحاوراتك مع الكل وأمك من أولى الناس بذلك لا تكوني سريعة الغضب؛ فهو يعمي القلب والبصر عن رؤية الإيجابيات ومحاسن الأمور.
توكلي على الله في شأنك كله واعلمي أن كل كدرٍ وغم يصيب الإنسان إنما هو جزاء ما يصنعه من ذنوب. حفظك الله ورعاك.