الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوجي يريد أن يُسِكن أخاه معنا
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 8/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أشرح مشكلتي، ولا أدري هل هي مشكلة في نظري أنا وحدي أم لا. أنا والحمد لله امرأة متزوجة، وأبلغ من العمر 26 سنة، ورزقني الله بطفلين والحمد لله، ونحن عائلة بسيطة، نصوم ونصلي، ونعبد الله والحمد لله، طلب مني زوجي منذ فترة أن يسكن أخاه الأصغر منه سناً (23) سنة، معنا في نفس الشقة، علماً أن بيتنا مقسَّم إلى غرفة نوم، وغرفة طعام، والصالون، أي البيت ليس كبيراً؛ بل هو والحمد لله يكفيني أنا وزوجي وولديَّ.
من جهتي أنا رفضت هذا الموضوع وغضبت كثيراً من زوجي، علماً أنني متحجبة، وأنا أرتدي الحجاب الشرعي أمام إخوة زوجي، وتعليل زوجي على هذا الموضوع أن أخوه لم يجد عملاً مناسباً بعد، وحتى وإن وجد عملاً من وجهة نظر زوجي أن يوفر الأموال التي سوف يدفعها لاستئجار بيت آخر، أفيدوني أفادكم الله، لأن هذا الموضوع أحدث خلافاً كبيراً بيني وبين زوجي، حيث لمح لي بأنني لست الزوجة المطيعة التي تساعد زوجها وقت الأزمات.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت إيمان: - زادنا الله وإياك إيماناً وتقى-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة عبر الموقع.
لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وسرني جداً التزامك بشرع الله وتحجبك عن الرجال الأجانب عنك، زادك الله حرصاً وثباتاً على الحق آمين.
وفي الوقت نفسه ساءني جداً موقف زوجك، لكن يبدو أن زوجك - حفظه الله - صاحب قلب طيب ويحب أخاه، وهذا مطلوب، وكذلك هو لا يدري عن الحكم الشرعي وما يترتب على وجود أخيه معكم، وخصوصاً وأن منزلكم لا يتسع لأحد غيركم، فلعلك تلتمسين له العذر، وسيكون لي معه كلام بعد قليل إن شاء الله تعالى.
ولكن بالنسبة لك أنت فلا تغيِّري موقفك من رفضك لإتيان أخي زوجك ليجلس معكما في المنزل، ولكن عليك أن تكلِّمي زوجك بحسن خلق ومودة، وحاولي إقناعه بالتي هي أحسن، وذلك عن طريق إحضار بعض الكتب والرسائل الدعوية التي تتناول هذا الموضوع، وكذلك عن طريق الشرائط الإسلامية التي تتحدث عن هذا الموضوع أيضاً، وعن طريق استفتاء بعض المشايخ عندكم، ويسمع زوجك ذلك حتى يقتنع، ويعلم سبب رفضك لهذا الموضوع؛ لأن الشرع الحنيف يحرِّم ذلك.
وحاولي أن لا تزيد الفجوة بينك وبين زوجك وأكثري الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله أن يزيل هذه المشكلة، ويتفهم زوجك الأمر، ونسأل الله لنا ولك ولكل مسلم التوفيق والسداد.
همسة في أذن الزوج:
الرجاء أن يطَّلع زوجك على هذه الكلمات عسى الله أن ينفعه بها:
أيها الزوج الطيب المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فأرعني سمعك يا رعاك الله.
أخي: يا من منَّ الله عليه بزوجة صالحة نحسبها كذلك إن شاء الله ولا نزكي على الله أحداً - رزقك الله بزوجة ملتزمة بشرع الله، وتلتزم بالحجاب الشرعي في زمن كثر فيه الفتن والمغريات، وخصوصاً من جهة النساء، فاحمد الله على هذه النعمة واعمل على صيانتها وشجعها على طريق الالتزام والتحجب والتستر عن أعين الرجال الأجانب عنها، لأنها ملك لك وحدك لا يحق لأحد أن يرى منها شيئاً إلا محارمها وفي حدود، أما أنت فلك أن ترى منها كل شيء.
فزوجتك الفاضلة تعتب عليك أنك تريد أن تأتي بأخيك الشاب، والذي يبلغ من العمر 23سنة، لكي يسكن معكم في منزلكم المبارك، وكلما علمت من زوجتك أن المنزل لا يسع غيركما بالنسبة للإقامة الدائمة، ولكنك غضبت منها، لأنك تريد أن تساعد أخيك، وهذا بالفعل أمر طيب وشعور نبيل منك أن تشعر بأخيك وتعطف عليه وتبر به، فهذا أمر تحمد عليه، لكن لا يترتب على ذلك مخالفة شرعية، ربما يحدث من جرائها عواقب لا يحمد عقباها.
أخي: لك الحق أن تسأل وتقول: ما هي المخالفة الشرعية يا شيخ التي تحدث من وجود أخي في البيت معنا؟ فأنا أخوه وزوجتي مثل أخته ما الغريب في ذلك؟.
أقول لك: هو أخوك نعم، أما زوجتك فهي أجنبية عنه ولا يحل له ولا لها أن يحدث بينهم خلوة إلا في وجودك، أو وجود محرم لها من أب أو أخ، أو ابن بالغ وما في حكمهم هذا أمر، الأمر الثاني: لا يحل له أن يراها ولا ينظر إليها، وهي كذلك لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامه، لأن هذا حرام شرعاً، وبالتأكيد هي لا تجلس في بيتها على طول الوقت مرتدية حجابها، فالمرأة في بيتها لا بد وأن تأخذ راحتها مع نفسها ومع زوجها أظن أن كلامي صحيح.
ربما تقول: أنا أثق في زوجتي وفي أخي، أقول لك: الثقة شيء وشرع الله شيء آخر، لا نقول لك بأنك لا تثق في زوجتك وأخيك، ولكن نقول لك استجب لشرع الله، وإليك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يرد على جميع تساؤلاتك: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" متفق عليه أخرجه البخاري (5232) ، ومسلم (2172) .
والحمو أي قريب الزوج كأخيه، وابن أخيه، وابن عمه، وابن خاله
…
إلخ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه دخول الحمو الذي هو قريب الزوج على امرأة الزوج بالموت، أي أنه شر عظيم وبلية ومصيبة كبيرة كالموت، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) ، من حديث عمر رضي الله عنه وقال حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه أخرجه البخاري (5223،3061،3003،1862) ،ومسلم (1341) .
فيا أخي الكريم هذا شرع الله، وهذا حكم الله ورسوله، فلا يسعك بعد ذلك إلا أن تقول سمعت وأطعت يا رب؛ لأن هذا من خصال المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا سمعنا وأطعنا، فلا تغضب من زوجتك، بل يجب عليك أن يزداد حبك لها ورحمتك بها، وكذلك لا تتخلَّ عن أخيك فمن حين لآخر يزورك في البيت في وقت الإجازة الأسبوعية مثلاً، أو في المناسبات، وأنت كن دائماً على اتصال به، وبين له كذلك الحكم الشرعي، وأن هذا شرع الله، وحكم الله ورسوله حتى لا يغضب وتطيِّب خاطره، وبهذا تكون أرضيت ربك، ولم تغضب أخيك منك، ولم يحدث نفرة ومشاكل بينك وبين زوجتك، وفي الختام أقول لك استمع إلى قول الله تعالى وهو يخاطب الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً-:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن"[الأحزاب:53] ، فهذا الخطاب الرباني موجه إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم من هم أطهر الناس قلوباً وأنقاهم سريرة وأحسنهم نية وأفضلهم طوية ظاهرهم يخبرك عن باطنهم، ومع هذا كله يقول لهم سبحانه إذا أردتم شيئاً من نساء النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهن فلا تسألهون إلا من وراء حجاب؛ وذلك صيانة لقلوبكم وقلوبهن من الزيغ والفتنة والضلال، فإذا كان هذا في حق هؤلاء فمن باب أولى أن يكون ذلك في حقنا نحن مع فساد الزمن وكثرة الفتن هنا وهناك.
أخي الكريم أود منك بعد قراءتك لهذه الكلمات أن تصطلح مع زوجتك وتعود المحبة والإلفة بينكما مرة أخرى.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.