الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدي سيئ الخلق معنا
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
لا أدري كيف أتكلَّم في هذا الموضوع، وهو أنني لا أحب التعامل مع والدي؛ لأن فيه صفات كثيرة لا أحبها فيه، منها أنه بخيل يهين أمي كثيراً ويضربها ضرباً مبرحاً، لدرجة أنه في مرة تأثرت من الضرب، وجلست شهراً لا تتحرك، وأهم شيء عنده نفسه فقط، وتزوَّج على أمي عدة مرات، بصراحة كلما أحاول أن أتقرب إليه من أجل صلة الرحم أجده يبعدني عنه بكل الطرق، أنا لا أدري كيف أتعامل معه، كثيراً ما يسبِّب لنا مشاكل على أي شيء، لا يحب أن نفعل أي شيء فيه خير أنا وأخي وأمي، وإذا حدث شيء من ذلك تقوم المشاكل بيننا وبينه، وهو لا ينفق عليَّ، أنا الذي أنفق على نفسي منذ أيام الكلية، أنا لا أريد منه شيئاً سوى أن أشعر أن لي أباً مثل باقي الناس، وكذلك هو لا يصلي إلا إذا كان يريد شيئاً من الله يقضيه له، ولا يشجِّع إخواني الشباب على الصلاة، بل العكس إذا وجد أمي تشجعهم على الصلاة تقوم المشاكل بينهما، بالإضافة إلى ذلك فهو يكذب ومنافق، ولا أجد صفة جميلة يتصف بها أبداً. الحمد لله على كل حال، أكيد هذا ابتلاء واختبار من الله لنا، ونسأل الله أن يرزقنا الصبر على هذا البلاء، وأن يصرفه عنَّا، وكل ما أريده من فضيلتكم نصيحة في كيفية التعامل مع هذا الوالد. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبي الرحمة وآله وصحبة أجمعين، وبعد:
فأسأل الله تعالى لك ولأمك ولإخوتك أن يحفظكم من كل سوء، وأن يرزقكم القرب منه ـ سبحانه ـ وأن يعوضكم خيرًا عن هذا الأب الظالم لنفسه المفرط في حق الله وحق من يعول، وهو ـ كما جاء في رسالتك الكريمة ـ اختبار من الله تعالى، حيث قال عز وجل:"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"، وكما قال أيضًا:"وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك قديرا"، لكن على كل حال هذا أب - للأسف- سيئ ولا يؤدي للأبوة حقها؛ لأن الأبوة ليست مجرد أن الإنسان ينجب الأولاد ويصرف عليهم وينفق عليهم ـ هذا إن كان ينفق ـ، الأبوة رعاية "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الأب راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته"، "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً"، يقول سيدنا علي في هذه الآية:(علِّموهم الخير) ، فالأب عليه مسؤولية.. وتربية الأولاد لا بد أن تكون بإظهار المحبة للأولاد وإظهار العاطفة، وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل رجل، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّل الحسن أو الحسين، قال:(أوتقبِّلون أولادكم والله إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت واحداً منهم)، قال:"أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك"، فالإنسان لا بد أن يظهر لأولاده منه هذه العاطفة.. الرحمة والحنان والإشفاق والمحبة وإلا يكون إنساناً ناقصاً، هذا قصور في الإنسان وقصور في عاطفة الأبوة، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود، وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت"، فعلى الوالد أن يرعى أولاده، ولا يوردهم موارد التهلكة، وأن يقوم عليهم بالمعروف، وأن يحوطهم بنصحه، وأن يدلهم على الخير حيث كان، وأن يتخيّر لهم من الحال أحسنه، وهو أمين على ذلك، ومسؤول من الله تعالى على هذا، وموقوف بين يديه تعالى، وفي الأمثال الراشدة (الرائد لا يكذب أهله) أي يدلهم على ما يعتقد أنه الصواب دون أن يخونهم، وعموماً -عليك يا أخت ـ أن تصبري أنت وأمك وإخوتك على سوء معاملة والدك وأن تحسنوا إن أساء، وأن تجتنبوا إساءته ما استطعتم، وأن تكونوا أكثر التصاقًا بوالدتكم الصابرة، وألا تيأسوا من صلاح حاله بكثرة الدعاء له بالهداية؛ فعسى الله أن يتقبل منكم الدعاء، ونسأل الله أن يغيّر الحال إلى أحسنه. والله أعلم.