الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسيء معاملتها ويشتمها بحضرة أهله
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 6/11/1424هـ
السؤال
زوجي يا شيخ يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، يبوح لها بأتفه الأمور، لا يسمع كلامي، يشتمني أمام أهله وأخواته، وأمام ربعه عندما أكلمه في الهاتف، لا ينزهني، لا يهتم بي، أمامي عادي ومن خلفي يشتمني ويهينني، لا يحبني ويسخر مني، ماذا أفعل يا شيخ؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آل بيته وصحابته الطيبين، وبعد:
الأخت السائلة - حفظها الله تعالى - لقد قرأت سؤالك مرة تلو أخرى، وكل مرة أقرأ فيه سؤالك أدعو الله جل جلاله بأن يجعل لك من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، اللهم آمين.
ولكن أود أن أسير مع شكواك في سؤالك خطوة خطوة، فأقول: بداية كون زوجك يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، فهذا الأمر ليس فيه شيء ينكر، فهذا من باب البر بأمه، وكما تعلمين بأن للأم فضل عظيم بينه ربنا في كتابه العزيز، وحث عليه نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث صحيح، إلا أن يكون زوجك يبوح لأمه بأسرار تخصكما سوياً مما لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها، ولا يجوز شرعاً إفشاؤها، كعلاقته بك في الفراش وما شابه ذلك، فهذا الأمر لا يجوز إفشاؤه لأي أحد كائناً من كان، فإن كان الأمر كذلك ينصح زوجك ويوضح له الأمر الشرعي في ذلك، وإذا كان الأمر خلاف ذلك - وأظنه كذلك - فلا يحق لك أن تغضبي من زوجك لأنه يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة كما ذكرت.
ثانياً: قولك إنه لا يسمع كلامك، أي كلام تقصدين؟ فربما أن كلامك بالفعل لا ينبغي أن يسمع إليه، أو لربما أن عرضك لهذا الكلام عرض غير جيد أو لأي سبب آخر هو يرفض من أجله أن يسمع كلامك، ولكن لا أظن أنك إذا كان كلامك فيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر أنه لا يسمعه، أو إذا كان كلامك هذا في الصالح العام لك وله لا أظن أنه لا يسمعه.
ثالثاً: أما قولك أنه يشتمك ويسبك أمام أهله وإخوانه وغيرهم وكذلك في الهاتف، فهذا الأمر لا ينبغي منه بحال من الأحوال، ويجب أن ينصح بالتي هي أحسن، ويعلم بأنك إنسانة لك احترامك وتقديرك، فلا ينبغي له أن يهينك بهذا الشكل
…
ولكن ما هو السبب؟ وما هي الدوافع التي تجعله يفعل ذلك؟ أيفعل ذلك من تلقاء نفسه دون أي إثارة منك سواء بقصد أو بغير قصد؟
أظن الأمر صعباً، فلا يعقل أن هناك رجلاً متزناً يفعل ذلك إلا إذا صدر منك ما يحمله على فعل ذلك، فالرجاء أختي الطيبة أن تنظري في نفسك، وفي تصرفاتك فلابد وأن هناك أمر ما يصدر منك يجعله يفعل معك هذا التصرف السيئ، وعليك محاولة تجنب أي شيء يثيره وخصوصاً أمام أهله وإخوانه وغيرهم، حتى لا يتصرف معك هذا التصرف السيئ، ويعرضك لمثل هذه الإهانة.
رابعاً: أما قولك بأنه لا ينزهك ولا يهتم بك
…
إلخ، ما هي حدود النزهة التي تريدين؟ هل تريدين أن تكوني خارجة ولاجة؟ أيمنعك من الذهاب إلى أهلك؟ ألم يذهب معك للأسواق وغيرها لشراء ما تحتاجين إليه؟ ألم يأخذك أحياناً لقضاء عمرة، أو لزيارة قريب؟ ألم يصحبك يوماً في الأسبوع مثلاً على قدر استطاعته وظروف عمله إلى بعض الاستراحات مع الأهل والأقارب؟
هل ظروف زوجك متاحة دائماً وأبداً لكي يخرج بك إلى كل مكان تهواه نفسك؟ أليس عنده أعمال ومشاغل ومصالح؟ أليس هو الذي يسعى ويكد ليوفر لك عيشة كريمة؟ أليس هو الذي إذا أصابك مكروه تكدر لذلك وبذل ما في وسعه لإزالة هذا الشر عنك؟ أليس
…
أليس.
خامساً: أما قولك إنه يشتمك من خلفك من الذي أخبرك بذلك؟ أصادق هو أم كاذب؟ إن الذي أخبرك بذلك يريد أن يهدم بيتك وينغص عليك عيشك فانتبهي لا تهدمي بيتك بنفسك.
سادساً: أما قولك بأنه لا يحبك ويسخر منك، من قال لك بأنه لا يحبك، فإذا كان لا يحبك فلماذا أقدم على الزواج منك بداية؟ هل كان مضطراً لذلك؟ هل هناك أحد أجبره لكي يقترن بك بقية حياته - إن شاء الله - هل تزوجك طمعاً في مالك؟ هل.... هل.
أنا أقول لك أختي الطيبة زوجك يحبك، وإلا ما أقدم على الزواج منك، إلا أن يكون رأى منك قبل الزواج ما جعله يحبك ويقترن بك، ثم بعد الزواج فوجئ بما لم يألفه منك قبل الزواج فتغير عليك، وهذا الأمر أنت التي تعرفينه دون غيرك، أو ما الذي جعله لا يحبك؟
وأما كونه يسخر منك، فقد نهى ربنا جل جلاله على أن يسخر المسلم من أخيه المسلم، فقال عز من قائل سبحانه "يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم" [الحجرات:11] ، وإذا كان قولك هذا صحيحاً فمالدافع الذي يحمله عليه؟ لابد، وأن يكون هناك سبباً يدفعه لذلك.
وفي الختام أود أن أقول لك عليك بالتودد إلى زوجك بقدر ما تستطيعين، وعليك كذلك التقرب إلى أم زوجك وكسب قلبها وحبها وعطفها، بإظهارك احترامها، ومشورتها في بعض أمورك، واجعليها تشعر بأنك طوع أمرها، وأنك ما تفعلين شيئاً إلا بإذنها ومشورتها، وعليك إحضار بعض الهدايا لها، إلى غير ذلك من الأمور التي تقلل من الفجوة التي حدثت بينكما، وتأكدي - إن شاء الله - بأنك إذا أرضيت أم زوجك سيرضى عنك زوجك وكل من حولك بإذن الله وقوته، وعليك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يؤلف بينك وبين زوجك، واعلمي أختي السائلة أن حق الزوج على زوجته عظيم، أسأل الله أن يفرج همك وهم كل مسلم ومسلمة آمين.
همسة في أذن الزوج:
أخي الزوج عليك أن تتقي الله في زوجتك، وأن تعاملها معاملة طيبة، فكما أن لك حقوقاً عليها، فهي كذلك لها حقوق عليك، ومن جملة هذه الحقوق، احترامها وعدم سبها وشتمها وإهانتها، وخصوصاً أمام أهلك وإخوانك وغيرهم من باب أولى، وليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو القائل:"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" أخرجه الترمذي (3895) وقال حديث حسن غريب من حديث عائشة رضي الله عنها وأخرجه ابن ماجة (1977) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وعند الدارمي (2260) عن عائشة رضي الله عنها مختصراً، وثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "في مهنة أهله" أو "في خدمة أهله" أخرجه ابن سعد في الطبقات، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.