الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدمة انتهاء العلاقة
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/
مشكلات الطلاق
التاريخ 17/08/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مطلقة حديثاً، فكيف أتخلص من الحقد على مطلقي حيث كان مجرد عقد النكاح، واستمر لمدة أربعة أشهر فقط، في بداية الأمر كان جيداً، كان يعاملني معاملة جيدة، وكان يقول: سيحقق لي كل ما أتمناه، وعلى الرغم من أنني لم أطلب منه أي شيء، بحيث إنني أعمل وأعتمد على نفسي، ولكن بعد مدة بدأت معاملته لي تتغير، بعد أن طلب مني أن أتكفل بتكاليف الزواج؛ لأنه لا يستطيع بسبب ديونه، على الرغم من أنه من عائلة غنية جداً، وأنا علي ديون، وعندما شرحت له ذلك قال بأنه لا يستطيع تكاليف الزواج وتم الطلاق، المشكلة هي أنني لا أستطيع أن أنساه، فأفكر فيه دائماً؛ لأنه كان أول شخص في حياتي، لقد بدأت أشك في نفسي بأنني أنا المخطئة، وإلا لما عاملني بتلك المعاملة، وأنه أظهر هذا العذر؛ لأنه لا يريدني لشخصي على الرغم من أنني هادئة جداً وأحب الخير لكل الناس، وأنا أبكي طول الليل، ولا أستطيع أن أصرح لأحد من أهلي بالحزن الذي يعتريني؛ لأنني في نظرهم القوية، وأن ذلك لن يؤثر علي. إنني حقاً لا أستطيع أن أنساه لكلامه المعسول في البداية، لقد تعلقت به كثيراً رغم الوقت القليل، أصبحت إنسانة ثانية دائمًا حزينة وأجلس لوحدي، ودائما أشعر بالحزن عندما أرى أخواتي سعيدات مع أزواجهن، ودائما أدعو لهن بالتوفيق، لكن الحزن لا يفارقني، وأنا تقربت من الله كثيراً، ولكن لا أستطيع أن أنسى، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابنتي الكريمة!
أولاً: إن الشيء الطبيعي في حياة الفتاة أن يكون تعلقها بأول شخص تعلقاً قوياً؛ لأنه هو أول من اقتحم عليها حياتها، وحرك مشاعرها، ودغدغ عواطفها، وأثار مكامن الثورة في جسدها، ولذلك فما شعرت به من انجذاب لا يدل إطلاقاً على أن هذا الشاب متميز، وأنه يستحق هذه العواطف، ولكن يدل على أنك كنت مندفعة، وبحاجة إلى أن تفرغي مشاعرك مع الشخص الذي ارتبطت به هذا الارتباط الشريف، وهو عقد الزواج.
فطريقة تعلقك أمر طبيعي، لأنك أنت متهيئة لذلك، لا لأن هذا الشاب متميز، أو عنده ما ليس عند غيره.
ثانياً: أما انسحاب الشاب من حياتك بهذه الطريقة فإني أصارحك وأقول: ينبغي ألا تأسفي عليه، فإن الشاب المحب للمرأة، المقتنع بها يبذل المستحيل ليحصل عليها، وطبيعة الرجل تحول بينه وبين أن يظهر أمام المرأة بمظهر الإنسان الضعيف أو العاجز، فيقول لها: إنه فقير ومديون ولا يملك شيئاً، وإنما طبيعة الرجل أن يتظاهر أنه قادر ويملك وعنده وعنده، ونحو ذلك، وإذا تعذَّر بهذه الأعذار دل على أن رغبته أصلاً غير حقيقية، وأنه قد غير رأيه، فيبدو أن الله أنقذك من شاب ملول وعاجز، وبمجرد أن ارتبط معك هذه المدة تغيرت مشاعره، فالحمد لله - بنيتي- أن هذا الأمر لم يقع بعد إعلان الزواج، وبعد الدخول، وبعد الحمل، وإنما حصل في فترة مبكرة، بحيث إنك خرجت من هذه العلاقة بأقل خسائر ممكنة.
ثالثاً: عليك ألا تلومي نفسك، وتفترضي أنك أنت وقعت في خطأ، وأنه لم يصارحك بهذا الخطأ، وأنك ملومة ونحو ذلك، كلا يا بنيتي فهو المخطئ، فهو إنسان ملول تغيرت نفسيته معك بمجرد أنه ملكك واحتواك، والحمد لله أن هذا التغير وقع في فترة مبكرة، أما أنت فلا لوم عليك، أنت بذلت مشاعرك، وبذلت حبك وكل ما عندك، وواضح من رسالتك أنك لم تكوني بخيلة عليه، لا بمشاعرك ولا بعواطفك، ولكنك وجهت هذه المشاعر إلى من لا يستحقها، إلى إنسان متغير متقلب، فأهنئك من قلبي بأن الله عز وجل قد خلصك منه، وأنك لم ترتبطي به ارتباطاً كاملاً.
رابعاً: أرى أنه يفيدك أن تفضي إلى من يتفهم مشاعرك، كصديقة قريبة أو زميلة، ولا حرج عليكِ في ذلك، فإن هذا يريحك، ولا تكتمي هذه المشاعر وتتظاهري بضدها، وإنما ابحثي عن صديقة صدوقة تبثين لها مشاعرك، وتفضين إليها بها، وتنفسين عما في نفسك.
خامساً وختاماً: أحذرك من التفكير فيه والعودة إليه، فإن الله قد أنقذك منه، فهذا الشخص لا يناسبك ولا تناسبينه، وانظري إلى الأمام، ولا تنظري إلى الخلف، وفكري جدياً بأي خيار جديد، وادرسي أحوال كل خاطب يتقدم لك، فإن التفكير في المستقبل خير علاج لآلام الماضي، وأسأل الله عز وجل أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يعوضك خيراً مما فقدت، وأكثري من هذا الدعاء النبوي الكريم: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن الله -جل وعز- سيعوضك خيراً مما فقدت. والله يوفقك ويسددك.