الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زوجي غير قادر على الإنجاب
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 8/8/1424هـ
السؤال
تزوجت منذ أربع سنوات، وكل سنة أنتظر أن يرزقني الله مولوداً، إلا أنني في هذه الأيام الأخيرة عملت تحاليل أنا وزوجي، لكنني فوجئت بأن تحاليل الزوج سيئة جداً، وأنه غير قادر على الإنجاب، فوضت أمري لله، عائلتي ترى أن أطلب الطلاق وألا أستمر في الحياة معه، والله محتارة هل أفوِّض أمري لله وأعيش معه بدون أولاد، أم أطلب الطلاق؟ الزوج عمره 40 سنة، ساعدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مسبِّب الأسباب، وخالق الناس من تراب "يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] ، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد:
إلى الأخت السائلة حفظها الله ورعاها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال على الموقع.
أختي المسلمة: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وشعرت بمدى الحيرة التي تسيطر عليك، فقد ساءني ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، لكن لا نقول إلا ما يرضي الرب - جل وعلا-:"إنا لله وإنا إليه راجعون".
اعلمي - وفقني الله وإياك- أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فيجب علينا أن نستسلم لقضاء الله ونرضى بقدره سبحانه وتعالى، ويجب علينا أن نصبر على ما ابتلانا الله به، فإن الصبر على البلاء أجره عظيم، وفضله كبير، قال تعالى:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"[الزمر: 10]،وقال تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"[البقرة: 155-157] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يصب منه" أخرجه البخاري (5645) .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2398)، وقال: حديث حسن.
فيا أختي المسلمة: إنما أنت في جملة هذا البلاء الذي وعد الله عباده الصابرين بحسن الجزاء وعظيمه في الدنيا والآخرة.
مما لا شك فيه أن الأولاد نعمة من نعم الله العظيمة على عباده، وهم زينة الحياة الدنيا كما أخبر ربنا بذلك في محكم كتابه العزيز، لكن كما قال سبحانه:"ولله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير"[الشورى: 49-50] .
فالله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي ويمنع، والإنسان ليس عليه إلا التسليم لقضاء الله وقدره، الإنسان كذلك لا يعلم أين الخير، فلعل الخير لك ولزوجك عدم الإنجاب "والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة: 216] .
ولكن أختي المسلمة: لو طلبت الطلاق من زوجك لهذا السبب فهذا حق شرعي لك، وليس عليك إثم في ذلك، ولكن إذا صبرت واحتسبت العشرة مع زوجك، وذلك من باب قوله تعالى:"ولا تنسوا الفضل بينكم"[البقرة: 237] . فنسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ذلك.
ولا يمنع كذلك من الأخذ بالأسباب من علاج ونحوه، وخصوصاً مع تقدم الطب في هذه الآونة تقدماً كبيراً، فلعل الله أن ييسِّر أمرك وأمر زوجك، وعليكما كذلك بكثرة الدعاء والاستغفار، والإلحاح في الدعاء، وأبشرا بخير، قال تعالى:"فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا"[نوح: 10-12]، وأكثرا من قوله تعالى:"رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين"[الأنبياء: 89] .
أما إذا خشيت على نفسك الضرر والعنت، ونفسك لم تطق الصبر على هذا الوضع فكما قال الله تعالى:"فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"[البقرة: 229] وقال تعالى: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً"[النساء:130] ، وفي هذه الحالة يكون طلبك الطلاق أولى.
وفي الحقيقة لقد شاهدت أناساً كثيرين مثلك، وصبروا على ما ابتلاهم الله به، وكانت العاقبة خير، فهناك أناس قد رزقهم الله الولد بعد عمر طويل، وهناك آخرون لم يرزقوا بأولاد، لكن حياتهم من أحسن ما يكون، وهم نفس حالتك تماماً، أي أن أزواجهم غير قادرين على الإنجاب، ومع ذلك فهم في أهنأ عيش وأهدأ بال.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.