الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنا بين خيارين مُرَّين: نزع الحجاب أو الطلاق
!
المجيب د. نذير بن محمد أوهاب
باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 21/05/1426هـ
السؤال
أنا متزوجة منذ سبع عشرة سنة، ولدي بنت، وزوجي يعتني بي وببنتي، يعاملنا بلطف -والحمد لله-. والآن يقول: إنه سيطلقني؛ والسبب في ذلك أنني ألبس الحجاب. صحيح أنني لم أكن ألبس ذلك عندما تزوجني، ولكن -الحمد لله- الآن أرتدي الحجاب بدون أي إشكال، إلا أن زوجي يقول: إن الحجاب ليس بواجب في الإسلام، وعليَّ نزع الحجاب إذا كنت أرغب في البقاء معه، وإلا سيطلقني، فهل أطيع زوجي وأنزع الحجاب، أم أستمر في لبس الحجاب ويطلقني؟ هو لا يصلي منذ عدة سنوات، وأنا سئمت نصحه والتغاضي عنه، فهناك انقطاع بيننا على جميع المستويات، لكنه لم يغادر البيت بعد. يشرب الخمر والدخان ويرجع إلى البيت في ساعات متأخرة، مع أن عمره يزيد عن الخمسين سنة. وقبل أيام قال لي: إننا سنذهب إلى القاضي، أو عليَّ أن أنزع الحجاب. أحبه جيداً، وأحب الاحتفاظ على أسرتي كما كانت، لكني أحب الله أكثر. أرشدوني ماذا أفعل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يعتقد الإنسان أحياناً أن فراقه لشخص يحبه، أو تحوّله عن مكان ألفه، أو فقدانه لشيء اقتناه لمصلحته، واغتبط به
…
أن ذلك نهاية سعادته، وبداية مأساة لا يعرف عواقبها، وقد أثبتت التجارب أن مثل هذا الشعور الذي يسيطر على المرء، والناتج عن طبيعة بشرية مليئة بالعواطف والمشاعر الحساسة، هو إحساس سرعان ما يزول ويتلاشى متى ما دخل الإنسان تجربة أخرى، وقد يجد نفسه في وضع أفضل من ذلك الذي كان يعيشه متى كانت المنغصات في الأول لا تفارقه، والضغوط النفسية متحكِّمة في حياته، والخوف على مستقبله، ومستقبل أولاده -من سوء العواقب- مسيطر على تفكيره، وأي خوف أشد على دين الإنسان، وتعريض فلذة كبده لما لا تحمد عواقبه في الدنيا والآخرة.
أختي المؤمنة.. إن الحال التي وصفت بها زوجك -إن لم يكن منها سوى تركه للصلاة، وتعاطيه المسكر (الخمر) بالصورة التي ذكرت في السؤال، والتي يفهم منها تضييعه لزوجته، وإهماله تربية ابنته، والحال أنكم تعيشون في الغرب، حيث الغربة غربتان - جدير بالانفصال عنه، وطلب الطلاق منه، لا خوفك أنت من مبادرته هو بالطلاق؛ ذلك أن تركه للصلاة بالكلية -مع نصحك له- قد كفر به عند طائفة من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) ، والنسائي (463)، وابن ماجة (1079) . وقوله صلى الله عليه وسلم:" بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) . ومن لم يكفر بها فهي كبيرة من كبائر الذنوب التي يستتاب منها، فإن تاب ورجع وإلا قتل، وقد قال عمر رضي الله عنه في من ضيَّع الصلاة لا في من تركها:"إنه لما سواها أضيع"، وهل هناك أضيع من تعاطي المسكر، ودخول البيت مع الفجر مع انسلاخ عن تربية الأولاد، وعدم الاكتراث لمصيرهم ومستقبلهم؟!
وأمر زوجك لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى مصادرة حريتك في تدينك المكفول حتى من الكفار، حين يطلب نزع الحجاب، فهو يأمر من تحت يده بمعصية الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنما الطاعة في المعروف" أخرجه البخاري (7257) ، ومسلم (1840)، وفي رواية أخرى:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1095) ، وتبجحه بعدم وجوبه في الإسلام، كلام تافه صادر من جاهل بأحكام الإسلام، وقد يكون مقلداً لبعض من زلَّت بهم الأقدام في هذا الباب، قال تعالى:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"[الأحزاب: 59]، وقوله تعالى:"وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن
…
"الآية [النور: 31] ، قالت عائشة رضي الله عنها:"لما نزلت هذه الآية شققن مروطهن فاختمرن بها". رواه البخاري (4758) .
والظاهر من سؤالك أنك تدركين ذلك؛ بدليل تمسُّكك بالحجاب، وحبك لله -تعالى- وطاعته، وخوفك من مخالفة أمره. ثبتك الله على الحق، وفرّج عليك، ورزقك من يملأ حياتك سعادة وفرحاً. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.