الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام
877 -
عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من بَات طَاهِرا بَات فِي شعاره ملك فَلَا يَسْتَيْقِظ إِلَّا قَالَ الْملك اللَّهُمَّ اغْفِر لعبدك فلَان فَإِنَّهُ بَات طَاهِرا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
.
الشعار بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة هُوَ مَا يَلِي بدن الْإِنْسَان من ثوب وَغَيره
قوله صلى الله عليه وسلم: "من بات طاهرا بات في شعاره ملك" الشعار: بكسر الشين المعجمة هو: ما يلي بدن الإنسان من ثوب وغيره قاله الحافظ، وأنشد الأمير العاصمي يقول: قاله الحافظ، وأنشد العاصمي يقول:
يا جاعلًا سنن النَّبيِّ شعاره ودثاره
…
متمسِّكًا بحديثه متتبِّعًا أخباره
وكذا الطَّريقة فاقتبس في سبلها أنواره
…
هُوَ قدوة لَك فَاتخذ فِي السابقين شعاره
(2)
وسمي شعارا لأنه يلي الجسد، وقد جاء في النوم على طهارة ما يقتضي عروج الروح وسجودها تحت العرش وأعلا الجنة تحت العرش كما ثبت في الحديث الصحيح أن الفردوس أعلا الجنة وسقفه عرش الرحمن
(3)
وكما رواه البيهقي في شعب الإيمان بإسناده على عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: الأرواح يعرج بها في منامها إلى السماء فتؤمر بالسجود عند العرش فمن
(1)
أخرجه ابن حبان (1051). وحسنه الألباني في الصحيحة (2539) وصحيح الترغيب (597).
(2)
خلاصة البشر (ص 105).
(3)
البخاري (2790) و (7423).
بات طاهرا سجد عند العرش ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا من العرش، قال البيهقي: هكذا جاء موقوفًا
(1)
أ. هـ.
وهذا وإن كان موقوفا فقد ثبت أن من نام طاهرا بات في شعاره ملك، الحديث، وصفة الملائكة العلو فكان فيه مناسبة لعلو روحه وصعودها إلى الجنان، وفيه: استحباب دوام الطهارة وأنه يستحب الوضوء عقب الحدث وإن لم يكن وقت صلاة ولم يرد الصلاة وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"
(2)
فالظاهر أن المراد منه دوام الوضوء لا الوضوء الواجب فقط عند الصلاة والله أعلم.
فائدة: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام، وفي رواية إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه
(3)
، وفي رواية عمر قال: يا رسول أيرقد أحدنا وهو جنب قال: نعم إذا توضأ
(4)
.
حاصل الأحاديث كلها أنه يجوز للجنب أن يأكل وينام ويشرب ويجامع فهل الاغتسال، وفيها: أنه يستحب أن يتوضأ ويغسل فرجه لهذه الأمور كلها ولا سيما إذا أراد جماع من لم يجامعها فإنه يتأكد استحباب غسل ذكره، وقد نص أصحابنا على أنه يكره النوم والأكل والشرب والجماع قبل الوضوء، وهذه الأحاديث تدل
(1)
الشعب (4/ 284 رقم 2527).
(2)
أخرجه ابن ماجه (277) وابن حبان (1037). وقال الألباني: حسن صحيح - الصحيحة (115)، الروض (177).
(3)
أخرجه مسلم (21 و 22 - 305).
(4)
البخاري (287) و (289) و (290)، ومسلم (23 و 24 و 25 - 306).
عليه ولا خلاف عندنا أن هذا الوضوء ليس بواجب، وبهذا قال مالك والجمهور وذهب ابن حبيب من أصحاب مالك إلى وجوبه وهو مذهب داود الظاهري، والمراد بالوضوء وضوء الصلاة الكامل والله أعلم، ذكره النووي
(1)
.
878 -
وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من مُسلم يبيت طَاهِرا فيتعار من اللَّيْل فَيسْأَل الله خيرا من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا أعطَاهُ الله إِيَّاه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن شهر عَن أبي ظَبْيَة عَن معَاذ وَرَوَاهُ النَّسَائيِّ وَابْن مَاجَه وَذكر أَن ثَابتا الْبنانِيّ رَوَاهُ أَيْضا عَن شهر عَن أبي ظَبْيَة قَالَ الْحَافِظ وَأَبُو ظَبْيَة بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة شَامي ثِقَة
(2)
.
قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله: صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يبيت طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله خيرًا" الحديث، أي: يستيقظ من الليل.
قوله: رواه أبو داود من رواية عاصم بن بهدلة، بهدلة: بالدال المهملة، وبهدلة أمه قاله الجوهري
(3)
، وقيل: أبوه: ابن أبي النجود بفتح النون وضم الجيم وبالمهملة، الأسدي التابعي الكوفي، مات سنة ثمان وعشرين ومائة، وعاصم أحد القراء السبعة، ثبت في القراءة لا في الحديث.
وقوله: عن شهر بن حوشب، تقدم.
(1)
شرح النووي على مسلم (3/ 217 - 218).
(2)
أخرجه ابن ماجه (3881)، وأبو داود (5042)، والنسائي في الكبرى (10576 و 10577). وصححه الألباني في المشكاة (1215) والصحيحة (3288) وصحيح الترغيب (598).
(3)
الصحاح (4/ 1643).
وقوله: عن شهر بن حوشب عن أبي ظبية، بفتح الظاء المعجمة وسكون الباء ضبطه الحافظ فقال: شامي ثقة.
879 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله-صلى الله عليه وسلم قَالَ طهروا هَذِه الأجساد طهركم الله فَإِنَّهُ لَيْسَ من عبد يبيت طَاهِرا إِلَّا بَات مَعَه فِي شعاره ملك لَا يَنْقَلِب سَاعَة من اللَّيْل إِلَّا قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر لعبدك فَإنَّهُ بَات طَاهِرا رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد جيد
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "طهروا هذه الأجساد طهركم الله" المراد بتطهير الأجساد الوضوء المعروف، وتقدم الكلام على الشعار في حديث ابن عمر أول الباب.
880 -
وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من أَوَى إِلَى فرَاشه طَاهِرا يذكر الله حَتَّى يُدْرِكهُ النعاس لم يَنْقَلِب سَاعَة من ليل يسْأَل الله خيرا من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا أعطَاهُ الله إِيَّاه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي أُمَامَة وَقَالَ حَدِيث حسن
(2)
.
قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من أوى إلى فراشه طاهرا" أي: انضم إليه ودخل فيه كما في الرواية الأخرى "إذا أخذ مضجعه" بمعنى: انقلب إليه ليستريح؛ والفراش:
(1)
أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 204 رقم 5087). قال الهيثمي في المجمع 10/ 128: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (599).
(2)
أخرجه الترمذي (3526)، والطبراني في الكبير (8/ 125 رقم 7568). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (341)، المشكاة (1250)، الكلم الطيب (43/ 29).
من الفرش، أوى: بقصر الألف في الأولى ومدها في الثانية المعداة وفي كل واحدة من الكلمتين عند أهل اللغة الوجهان ثلاثيا كان أو رباعيا متعديا كان وغير متعد لكن المد في المعدى أشهر، والقصر في غير المعدى أعرف، قاله أبو الفضل اليحصبي
(1)
، وقال بعضهم: المد في المعدى [أشهر وأفصح] والمعدى لغة القرآن قال [أرأيت] إذ [أوينا إلى الصخرة] وقال تعالى: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ}
(2)
(3)
والفراش من الفرش وهو البسط، وتقدم معنى الحديث، وتقدم الكلام على شهر بن حوشب [وأبى أمامة].
881 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من امرئ تكون لَهُ صَلَاة بلَيْل فيغلبه عَلَيْهَا نوم إِلَّا كتب الله لَهُ أجر صلَاته وَكَانَ نَومه عَلَيْهِ صَدَقَة رَوَاهُ مَالك وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَفِي إِسْنَاده رجل لم يسم وَسَماهُ النَّسَائِيّ فِي رِوَايَة لَهُ الْأسود بن يزِيد وَهُوَ ثِقَة ثَبت وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّهَجُّد بِإِسْنَاد جيد رُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح
(4)
.
وعن عائشة تقدم الكلام على عائشة والحديث وعلى بقية أحاديث الباب في أول الكتاب [بياض في الأصل].
(1)
المشارق (1/ 52).
(2)
سورة المؤمنون، الآية:50.
(3)
شرح النووي على مسلم (9/ 140).
(4)
أخرجه مالك (307)، وأبو داود (1314)، وابن أبي الدنيا في التهجد (205)، والنسائي في المجتبى 3/ 499 (1800) و 3/ 500 (1801) و 3/ 501 (1802). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (600).
882 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه: يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَتَى فرَاشه وَهُوَ يَنْوِي أَن يقوم يُصَلِّي من اللَّيْل فغلبتة عينه حَتَّى أصبح كتب لَهُ مَا نوى وَكَانَ نَومه صَدَقَة عَلَيْهِ من ربه رَوَاهُ النَّسَائِيّ ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد جيد وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا وَابْن خُزَيْمَة عَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي ذَر مَوْقُوفا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة هَذَا خبر لَا أعلم أحدا أسْندهُ غير حُسَيْن بن عَليّ عَن زَائِدَة وَقد اخْتلف الروَاة فِي إِسْنَاد هَذَا الْخَبَر
(1)
.
883 -
وَعَن أبي ذَر أَو أبي الدَّرْدَاء شكّ شُعْبَة رضي الله عنه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من عبد يحدث نَفسه بِقِيَام سَاعَة من اللَّيْل فينام عَنْهَا إِلَّا كَانَ نَومه صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْهِ وَكتب لَهُ أجر مَا نوى رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه مَرْفُوعا وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه مَوْقُوفا لم يرفعهُ
(2)
.
قوله: وعن أبي ذر أو أبي الدرداء شك شعبة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل فينام عنها" الحديث، هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي من أئمة التابعين وساداتهم ومن أعلام المحدثين وكبار المحققين وأجمعوا على [إمامته] في الحديث وجلالته وتحريه
(1)
أخرجه ابن ماجه (1344)، والبزار (4153)، والنسائي في الكبرى (1463) والمجتبى 3/ 501 (1803) وابن خزيمة (1172) مرفوعًا. وأخرجه النسائي في الكبرى (1464) والمجتبى 3/ 502 (1804) وابن خزيمة (1173) و (1174 و 1175) موقوفًا. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (601).
(2)
أخرجه ابن خزيمة (1173) موقوفا، وابن حبان (2588) مرفوعًا. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (602).
واحتياطه وإتقانه، قال الإمام أحمد بن حنبل: لم يكن في زمان شعبة مثله ولا أحسن حديثا منه، روى عن ثلاثين رجلا من الكوفة، لم يرو عنهم سفيان الثوري، قال [الشافعى]: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق، وقال حماد بن زيد: قال لنا أيوب إلا أن يقدم عليكم رجل من أهل واسط يقال له شعبة هو فارس أهل الحديث فحدثوا عنه، وقال يحيى القطان: شعبة أكبر من الثوري بعشر سنين والثوري أكبر من ابن عيينة بعشر سنين، وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمة واحدة في هذا الشأن يعني علم الحديث وأحوال الرواة، وقال صالح بن محمد: أول من تكلم من الرجال شعبة ثم تبعه يحيى القطان ثم أحمد بن حنبل وابن معين، وتوفي بالبصرة سنة ستين ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنه
(1)
والله أعلم قاله في الديباجة.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 245 - 246).