الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من مسح الحصى وغيره في مواضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة
796 -
عَن أبي ذَر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يمسح الْحَصَى فَإِن الرَّحْمَة تواجهه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَلَفظ ابْن خُزَيْمَة إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَإِن الرَّحْمَة تواجهه فَلَا تحركوا الْحَصَى رَوَوهُ كلهم من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص عَنهُ
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه" وفي الرواية الأخرى: "فلا تحركوا الحصى" الحديث، الحصى الحجارة الصغار، وحدتها حصاة يعني الرحمة تقبل عليه وتنزل فلا يليق به اللعب بالحصي، قاله في شرح السنة نهي عن مسح مكان السجود في الصلاة، وفي حديث جابر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال: ولأن تمسك عنها خير لك من مائة ناقة كلها سود الحدق، قال العلماء: يكره للمصلي أن يعبث بثوبه أو بجسده ولا يقلب الحصى إلا أن لا
(1)
أخرجه ابن ماجه (1027)، وأبو داود (945)، والترمذي (379)، والنسائي في المجتبى 3/ 15 (1204) والكبرى (617)، وابن خزيمة (913 و 914)، وابن حبان (2273 و 2274). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (295) وضعيف أبي داود (170).
يمكنه السجود عليه فيسويه مرة واحدة معنى الحديث: لا تمسح وإن مسحته فلا يزد على واحدة.
797 -
وَعَن معيقيب رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تمسح الْحَصَى وَأَنت تصلي فَإِن كنت لَا بُد فَاعِلا فَوَاحِدَة تَسْوِيَة الْحَصَى" رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه
(1)
.
قوله: عن معيقيب، هو: بضم الميم وفتح العين المهملة وبقاف مكسورة بين التحتانيتين وبالموحدة هو: معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي المدني منسوب إلى دوس بفتح الدال حليف بني عبد شمس، جد قبيلة، صحابي أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ثم هاجر إلى المدينة وهو أحد البدريين، وكان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: على حفظه وحمله كما يحمل الخادم الآلة ويحفظها واستعمله أبو بكر الصديق على بيت المال وكذلك عمر، ورى عنه محمد بن سيرين وأبو سلمة بن عبد الرحمن، قال ابن عبد البر: أصابه جذام فعولج بأمر عمر بالحنظل أن يشق ويدلك به بطن قدميه فوقف أمره وخف وكان عمر يأكل معه ويشرب في موضع شربه انتهي، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث، اتفق الشيخان منها على هذا الحديث فقط وهو الذي سقط منه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في بئر أريس في خلافة عثمان، ومنذ
(1)
أخرجه البخاري (1207)، ومسلم (47 و 48 و 49 - 546)، وابن ماجه (1026)، وأبو داود (946)، والترمذي (380)، والنسائي في المجتبى 3/ 16 (1205) والكبرى (618).
سقط اختلفت الكلمة من المسلمين فكان الخاتم كالأمان، توفي سنة أربعين في خلافة عثمان وقيل: وأول خلافة علي والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة" أي: لا تفعل وإن فعلت فافعل واحدة أي: فمسحة واحدة لا تزد لئلا يلزم العمل الكثير، ورواه البخاري ومسلم بمعناه ولفظه عن معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد فإن كنت فاعلا فواحدة.
تنبيه: واحدة هو منصوب بإضمار فعل أي امسح واحدة أو يكون نعتا لمصدر محذوف ويجوز رفعه على الابتداء أو إضمار الخبر أي: فواحدة تكفيه أو كافية ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف، أي: المشروع واحدة قاله في شرح الإلمام.
واعلم أن المراد بمسح الحصى تسويته، وهذا نهي تنزيه، واتفق العلماء على كراهة المسح إذا لم يكن هذر لهذا الحديث، والسبب في كراهية ذلك أن هذا الفعل في الصلاة وتنافي هيئة الخشوع والتواضع ولأنه يشغل المصلي، واتفق العلماء على كراهة وذلك قال القاضي عياض: وكره السلف مسح الجبهة في الصلاة، وقيل: الانصراف يعني من المسجد مما يتعلق بها من تراب وغيره، وهذا إذا لم تكتف بحيث يحول بين الجبهة والأرض، فإن كثف وجب إزالته، وأما حديث السجود في ليلة القدر في ماء وطين رئي على جبهته وأنفه فمحمول على أن ذلك رقيقا لا يحول من الجبهة والأرض كما قاله الشافعية خلافا للحنفية وغيرهم، وفي هذا الحديث دليل على أن العمل لا يبطل الصلاة بخلاف الكثير وأقله ثلاثة.
798 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن مسح الْحَصَى فِي الصَّلَاة فَقَالَ وَاحِدَة وَلِأَن تمسك عَنْهَا خير لَك من مائَة نَاقَة كلهَا سود الحدق رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة في صَحِيحه
(1)
.
799 -
وَعَن أبي صَالح مولى طَلْحَة رضي الله عنه قَالَ كنت عِنْد أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأتى ذُو قرابتها شَاب ذُو جمة فَقَامَ يُصَلِّي فَلَمَّا أَرَادَ أَن يسْجد نفخ فَقَالَت لَا تفعل فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول لغلام لنا أسود يَا رَبَاح ترب وَجهك رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة مَيْمُون أبي حَمْزَة عَن أبي صَالح عَن أم سَلمَة قَالَت رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم غُلَاما لنا يُقَال لَهُ أَفْلح إِذا سجد نفخ فَقَالَ يَا أَفْلح ترب وَجهك
(2)
وَتقدم فِي التَّرْغِيب فِي الصَّلَاة حَدِيث حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من حَالَة يكون العَبْد فِيهَا أحب إِلَى الله من أَن يرَاهُ سَاجِدا يعفر وَجهه فِي التُّرَاب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(3)
.
(1)
أخرجه أحمد 3/ 300 (14204) و 3/ 328 (14514) و 3/ 384 (15124) و 3/ 393 (15227) و (15228)، وابن خزيمة (897). وقال الهيثمي في المجمع 2/ 86: رواه أحمد وفيه شرحبيل بن سعد وهو ضعيف. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (557).
(2)
أخرجه الترمذي (381) و (382)، وابن حبان (1913). وضعفه الألباني في الضعيفة (5485) وضعيف الترغيب (296).
(3)
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 158 رقم 6075). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 301: رواه الطبراني في الأوسط من طريق عثمان بن القاسم عن أبيه، وقال: تفرد به عثمان. قلت: وعثمان بن القاسم ذكره ابن حبان في الثقات ولم يرفع في نسبه وأبوه، فلم أعرفه. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (215) و (296) والضعيفة (6817).
قوله: عن أبي صالح مولى آل أبي طلحة، أبو صالح هذا اسمه [زاذان وقيل: إنه ذكوان مولى أم سلمة].
قوله: كنت عند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتى ذو قرابتها شاب ذو لحية فقام يصلي، الحديث؛ قال أهل اللغة: الجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين أي الذي يبلغ المنكبين قاله المازري عن شهر، وإذا بلغ شعر الرأس شحمة الأذنين فهو الوفرة، واللمة التي ألمت بالمنكبين وجمعها لمم كما جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسميت به لإلمامها بالمنكبين فالجمة أعظم من اللمة واللمة أعظم من الوفرة قاله النوي وغيره؛ وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره دون الجمة وفوق الوفرة رواه أبود داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وتقدم تفسير الجمة والوفرة.
تنبيه: والذوائب جمع ذائبة بالذال المعجمة وهي الشعر المضفر من شعر الرأس وسدل الشعر قال النووي قال أهل اللغة يقال: سَدَل وسَدُلَ ويسدل بضم الدال وكسرها، قال القاضي: سدل الشعر إرساله، قال: والمراد به هنا عند العلماء إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة يقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يقول سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه انتهى.
قوله: فلما أراد أن يسجد نفخ فقالت لا تفعل" قال النووي رضي الله عنه والأصح أن التنحنح والضحك والبكاء والأنين والنفخ إن ظهر به حرفان بطلت صلاته وإلا كما تقدم والله أعلم.
قوله: "فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لغلام لنا أسود يا رباح ترب وجهك"
ورواه ابن حبان عن أم سلمة قالت رأى النبي صلى الله عليه وسلم غلاما لها يقال له أفلح إذا سجد نفخ فقال يا أفلح ترب وجهك" الحديث ترب هو بتشديد الراء قال العلماء يستحب للمصلي إذا قام إلى الصلاة ألا يسوي الحصى الذي يسجد عليه بل يدعه على حاله لرواية أبي داود وغيره إذا قام أحدكم إلى الصلاة لا يسوي الحصى فإن الرحمة تواجهه وتقدم معناه قريبا قال بعض المفسرين ولأحجل المعنى السابق أمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يخلع نعليه ليباشر بقدميه الأرض المقدسة فينال بركتها بمباشرتها إياه بالمشي عليها وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم إذا توضأ بادروا إلى وضوءه يتبركون بالماء الذي مس أعضاءه الشريفة صلى الله عليه وسلم، لا يتنخم نخامة إلا دلكوا بها أجسامهم ويستحب للراقي إذا قرأ القرآن أن يبصق على المكان الذي فيه البلاء ومر جماعة من الصحابة على حي من أحياء العرب فلدغ سيدهم فجعل أبو سعيد الخدري يقرأ الفاتحة ويتفل عليه حتى برأ لأن القرآن إذا جاوره الريق اكتسب منه الشفاء والبركة ومن هنا استحب التبرك بآثار الصالحين وموارد المتقين، ولما مرض عبد الله بن أبي المنافق بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء إليه وطلب منه أن يكفن في قميصه بقصد التبرك ففعل فأسلم من أتباعه ألف رجل وما أحسن قول يوسف عليه الصلاة والسلام لأخوته {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
(1)
ولم يقل
(1)
سورة يوسف، الآية:93.
على عيني أبي بل أراد أن تعم بركته جملة بدنه والوجه يعبر به عن جملة البدن ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن إبراهيم {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا}
(1)
قيل وكان ذلك القميص من الجنة قاله ابن العماد.
تنبيه: قال العلماء المستحب أن لا يصلي على حصير ولا على غيره بل يصلي على الأرض ويسجد عليها قال الشيخ أبو عبد الله بن الحاج في المدخل: والصلاة على الحصير أفضل منها على السجاد والثوب وإنما استحب السجود على الأرض لكثرة التواضع بوضع الجبهة على مواطئ الأقدام قال الله تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}
(2)
مدحهم لأنهم كانوا يسجدون على أرض قالوا ولهذا يستحب للمصلي أن لا يمسح التراب عن وجهه إذا تعلق بجبهته من الأرض التي يسجد عليها لكونه أثر عبادة ويدل له فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه سجد صبيحة القدر في الماء والطين وخرج وأثره على وجهه ولم يمسحه وتقدم الكلام على ذلك والله أعلم.
قوله: ورواه الترمذي من رواية ميمون أبي حمزة عن أبي صالح [عن أم سلمة].
(1)
سورة الأنعام، الآية:79.
(2)
سورة الفتح، الآية:29.