الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح
841 -
وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ رَكعَتَا الْفجْر خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا رَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَفِي رِوَايَة لمُسلم لَهما أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا
(1)
.
قوله: عن عائشة، تقدمت ترجمتها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" الحديث، قال النووي: معناه أنها خير من متاع الدنيا وما فيها
(2)
لما يتذكر من عظيم رحمة الله تعالى لأمته في ذلك الوقت
(3)
، وقيل: معناه أن الناس عند قيامهم من نومهم يبتدرون معاشهم وكسبهم فأعلمهم أنها خير من الدنيا وما فيها فضلا عما عساه أن يحصل لهم منها فلا يتركونها ويشتغلوا به، ولأن عددها لا يزيد ولا ينقص فأشبهت الفرائض ولأنها تتقدم على متبوعها والوتر يتأخر عنه وما تقدم على متبوعه أولى ولأنها تبع الصبح والوتر تبع العشاء والصبح آكد من العشاء أ. هـ قاله الكمال الدميري
(4)
، وفيه: إيذان وتنبيه على أن كل عبادة وإن
(1)
أخرجه مسلم (96 و 97 - 725)، والترمذي (416).
(2)
شرح النووي على مسلم (6/ 5).
(3)
النجم الوهاج (2/ 311).
(4)
النجم الوهاج (2/ 311 - 312).
قلت خير مما حوته الدنيا بأسرها، والشافعي في القديم فضل ركعتي الفجر على الوتر
(1)
، واحتج له أصحابه بهذا الحديث وعضدوه بقوله صلى الله عليه وسلم:"صلوها ولو طردتكم الخيل"
(2)
يتأكد ذلك أيضًا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر
(3)
، التعاهد: الاحتفاظ بالشيء والملازمة له
(4)
، وذهب الحسن البصري إلى وجوبهما، أ. هـ، قاله ابن عقيل في شرح الأحكام
(5)
.
لطيفة: قال بعض العارفين: إذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الفجر إنهما خير من الدنيا وما فيها فما ظنك بصلاة الصبح التي هي الفرض فإنه قيل: كل فرض يعدل سبعين نافلة فما أشقى من حرمه الله تعالى هذا الفضل الكثير ليت شعري بماذا يتعرض المغبون عن هذا الفضل المكنون، ولله در القائل:
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ
…
وَمَا مِنَ اللهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ
842 -
وعنها رضي الله عنها قَالَت لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم على شَيْء من النَّوَافِل أَشد تعاهدا مِنْهُ على رَكْعَتي الْفجْر رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَفِي رِوَايَة لِابْنِ خُزَيْمَة قَالَت مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى
(1)
المجموع (4/ 26) وطرح التثريب (3/ 35)، والنجم الوهاج (2/ 311).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 405)، وأبو داود (1258)، والطحاوي في معانى الآثار (1782) عن أبي هريرة. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (319).
(3)
انظر الحديث التالي من الترغيب.
(4)
مشارق الأنوار (2/ 104).
(5)
رياض الأفهام (1/ 656)، وطرح التثريب (3/ 35).
شَيْء من الْخَيْر أسْرع مِنْهُ إِلَى الرَّكعَتَيْنِ قبل الْفجْر وَلَا إِلَى غنيمَة
(1)
.
قوله: وعنها، تقدم الكلام على مناقبها رضي الله عنها.
قولها: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا من ركعتي الفجر، وفي لفظ:"ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" الحديث، وتقدم، ويؤخذ من هذا الحديث تفضيل ركعتي الفجر على ما سواهما من النوافل التي لم تشرع فيها الجماعة وهو كذلك فركعتا الفجر أفضل الرواتب المؤكدة والرواتب المؤكدة أفضل من صلاة التراويح على الأصح وإن استحب فيها الجماعة لأنه صلى الله عليه وسلم واظب عليها ولم يواظب على التراويح، وقال القاضي أبو الطيب والرواتب المؤكدة أفضل من صلاة الجنازة، ووجه ما قاله أن صلاة الجنازة لا سجود فيها ولا ركوع وقضية ذلك تفضيل سائر النوافل على صلاة الجنازة إلا أن يجود في التعليل النوافل تفيد التأكيد، واختلفوا في الوتر وركعتي الفجر، وللشافعي قدس الله سره في ذلك قولان أصحهما أن الوتر أفضل لأنه اختلف في وجوبه، وما اختلف العلماء في وجوبه كان آكد من غيره لقربه من الفريضة؛ والثاني: أن ركعتي الفجر أفضل لهذا الحديث ولقوله صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيما وما فيها" وما ذكر من العلة المرجحة عورض بأن الحسن البصري يقول بوجوب ركعتي الفجر أيضًا، وتقدم ذلك وبأن ركعتي الفجر تفعل في وقت الغفلة وفي وقت حلاوة
(1)
أخرجه البخاري (1169)، ومسلم (94 - 723)، وأبو داود (1254)، والنسائي في الكبرى (456)، وابن خزيمة (1108) و (1109).
النوم وهو وقت السحر وقد مدح الله تعالى أقوامًا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}
(1)
والوتر تفعل قبل النوم وفي وقت انتشار الناس غالبًا، وللأول أن يجيب عن الحديث الأول بأن المراد أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل التابعة للفرائض وهي العشر ركعات والوتر ليس منها لأنه عبادة مستقلة، ولهذا لا ينوي به سنة العشاء، وعن الرواية الثانية أن المراد بالدنيا وما فيها من الأعراض الدنيوية دون العبادات فلا يلزم تفضيله على الوتر ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم"
(2)
فالمراد تفضيله على ذلك لأعلى العبادات
(3)
.
فإن قيل: فلا خصوصية حينئذ للفجر لأن كل عبادة كذلك بل التسبيحة الواحدة خير من الدنيا وما فيها لبقاء ثوابها في الآخرة وذهاب الدنيا وانقراضها، فالجواب: أن ركعتي الفجر إنما خصت بالذكر والتفضيل لمعنى وهو أن الناس في أول النوع غالبا ينتشرون في طلب الدنيا ويسعون في معايشهم وكثير منهم يشتغل عن الصلاة وبعضهم يصلي الصبح ويدع الفجر مخافة أن يفوته الكثير فخوطب هؤلاء بأن الذي تركوه من ركعتي الفجر خير لهم من الدنيا وما فيها ومن المعلوم أن أحدا من هؤلاء لا يحصل له جميع
(1)
سورة السجدة، الآية:16.
(2)
أخرجه ابن ماجه (4112) والترمذي (2322) عن أبي هريرة. وحسنه الألباني في الصحيحة (2797) وصحيح الترغيب (74) و (3244).
(3)
انظر العدة (1/ 368)، ورياض الأفهام (1/ 657 - 658)، والإعلام (2/ 413 - 418).
الدنيا وإنما ذلك مبالغة، وبين صلى الله عليه وسلم أن الدنيا لو تصور حصولها لإنسان قد فاتته ركعتا الفجر لكان مغبونا بفوات ما هو خير مما حصل له، ومما يدل على تأكد ركعتي الفجر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل" الحديث، وتقدم.
843 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل يَنْفَعنِي الله بِهِ قَالَ عَلَيْك بركعتي الْفجْر فَإِن فِيهَا فَضِيلَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي رِوَايَة لَهُ أَيْضا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا تدعوا الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر فَإِن فيهمَا الرغائب وروى أَحْمد مِنْهُ وركعتي الْفجْر حَافظُوا عَلَيْهِمَا فَإِن فيهمَا الرغائب
(1)
.
قوله: عن ابن عمر، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "الركعتين قبل صلاة الفجر فإن فيهما الرغائب" أي: ما يرغب فيه من الثواب العظيم، وبه سميت صلاة الرغائب .. واحدتها رغيبة، أ. هـ، قاله ابن الأثير
(2)
، وقال أبو شامة المقدسي وهو أحد مشايخ النووي
(3)
:
(1)
أخرجه أحمد 2/ 82 (5544)، والطبراني في الكبير (12/ 407 - 408 رقم 13502) و (13/ 337 رقم 14147)، والأوسط (3/ 216 رقم 2959). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 217):"رواه الطبراني في الكبير، وفيه محمد بن البيلماني؛ وهو ضعيف". وضعفه الألباني في الضعيفة (3911) و (5241) وضعيف الترغيب (316).
(2)
النهاية (2/ 238).
(3)
الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 42).
الرغائب جمع رغيبة وهي العطاء الكثير قال الشاعر: أنشد الجوهري عجزا
(1)
:
وَمَتى تصبك خصَاصَة فارج الْغنى
…
وَإِلَى الَّذِي يُعْطِي الرَّغَائِبَ فَارْغَبِ
وقال شمر: الرغائب ما يرغب فيه الواحدة رغيبة
(2)
يعني الثواب العظيم فكأنها سميت بذلك لأجل العطايا الحاصلة لمصليها
(3)
، أ. هـ.
844 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خليلي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاث بِصَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَالْوتر قبل النّوم وركعتي الْفجْر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِإِسْنَاد جيد وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد وَغَيره خلا قَوْله وركعتي الْفجْر وَذكر مكانهما رَكْعَتي الضُّحَى
(4)
وَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قوله: عن أبي الدرداء، واسمه عويمر تقدم الكلام عليه.
قوله: "أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث بصوم ثلاثة أيام من كل شهر والوتر قبل النوم وركعتي الفجر" الحديث، وأن المؤمنين أخلاؤه وأما هو فإنه خليل الرحمن [وأما قوله خليلي] فهذا لا يخالف قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذا من
(1)
الصحاح (1/ 137) والبيت بتمامه لتولب بن النمر كما في طبقات فحول الشعراء لابن سلام (1/ 161).
(2)
الغريبين (3/ 756).
(3)
الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 42).
(4)
أخرجه الطبراني في الكبير كما في جامع المسانيد (9/ 355 رقم 12040). ذكره الهيثمي وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد: 2/ 217. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (317).
أمتي خليلًا"
(1)
الحديث لأن الممتنع أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم غيره خليلا ولا يمتنع اتخاذ الصحابي وغيره النبي صلى الله عليه وسلم خليلا، وفي هذا الحديث الحث على ركعتي الفجر والحث على صوم ثلاثة أيام من كل شهر كأن الحسن بعشر أمثالها والحث على الوتر وتقديمه على النوم لمن خاف أن لا يستيقظ آخر الليل
(2)
، وسيأتي الكلام على صوم ثلاثة أيام من كل شهر في بابه وعلى الوتر قريبا في بابه إن شاء الله تعالى.
845 -
وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث الْقُرْآن و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تعدل ربع الْقُرْآن وَكَانَ يقرؤهما فِي رَكْعَتي الْفجْر وَقَالَ هَاتَانِ الركعتان فيهمَا رغب الدّرّ رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد حسن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَاللَّفْظ لَهُ
(3)
.
قوله: عن ابن عمر، تقدم.
قوله صلى الله عليه وسلم: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث الْقُرْآن و {قُلْ يَاأَيُّهَا
(1)
أخرجه البخاري (466) و (3654) و (3904)، ومسلم (2 - 2382) عن أبي سعيد.
(2)
شرح النووي على مسلم (5/ 234).
(3)
أخرجه ابن وهب في الجامع (349)، والطبراني في الأوسط (1/ 66 رقم 186) والكبير (13/ 187 رقم 13894) وابن عدي في الكامل (7/ 190). قال الهيثمي في المجمع 2/ 218: رواه الطبراني في الكبير وأبو يعلى بنحوه وقال: عن أبي محمد عن ابن عمر، وقال الطبراني: عن مجاهد عن ابن عمر ورجال أبي يعلى ثقات. وقال في 7/ 148: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الله بن زحر، وثقه جماعة وفيه ضعف. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (583).
الْكَافِرُونَ} تعدل ربع القرآن فكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر" قال العلماء رضي الله عنهم: يستحب أن يقرأ في ركعتي الفجر بهاتين السورتين، ولرواية ابن عمر أيضا، وقال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، رواه أبو داود وأحمد
(1)
.
846 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تدعوا رَكْعَتي الْفجْر وَلَو طردتكم الْخَيل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
(2)
.
فائدة: والحكمة في قراءة هاتين السورتين لما فيهما من ذكر الإيمان وإخلاص التوحيد فإن سورة قل يا أيها الكافرون لنفي الشريك عن الله وسورة الإخلاص لإثبات التوحيد فالسورتان هما معنى كلمة التوحيد فاجتمع فيهما معنى قول لا إله إلا الله، وقال ابن الأثير في النهاية
(3)
يقال: لسورتي قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد المقشقشتان أي: المبرئتان من النفاق والشرك كما يبرأ المريض من علته يقال: قد تقشقش المريض إذا أفاق وبرأ، أ. هـ.
(1)
أخرجه أحمد 2/ 94 (5691)، وابن ماجه (1149)، والترمذي (417)، والنسائي في المجتبى 2/ 395 (1004)، وابن حبان (2459). وصححه الألباني في المشكاة (1/ 268) صحيح أبي داود (1142).
(2)
أخرجه أحمد 2/ 405 (9253) و (9258)، وأبو داود (1258)، والطحاوي في معاني الآثار (1782) عن أبي هريرة. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (319).
(3)
النهاية (4/ 66).
وقال القرطبي في كتابه التذكار
(1)
: روى الوائلي من حديث جابر بن عبد الله أن رجلا قام فقرأ في ركعتي الفجر فقرأ في الركعة الأولى قل يأيها الكافرون حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "هذا عبد آمن بربه" ثم قرأ في الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حتى انقضت السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا عبد عرف ربه، قال طلحة: استحب أن أقرأ هاتين السورتين في هاتين الركعتين
(2)
أ. هـ.
وفي فائدة: هل الأولى الجمع بين ما ورد فيهما أو الاقتصار على هذا مرة وعلى هذا مرة الظاهر الثاني لكن الجمع لم يرد ويحتمل أن [بياض]
(3)
الإمام للصبح، فلا يطول عليهم وعليه يحمل تخفيفه عليه السلام بخلاف المنفرد فإنه يطول لنفسه ما شاء كما في نظائره من دعاء الاستفتاح والأذكار وغيرهما والله أعلم قاله في شرح الإلمام، وفي كتاب وسائل الحاجات للغزالي يحسن أن يقرأ في سنة الصبح في الأولى ألم نشرح، وفي الثانية: ألم تر كيف فعل، يعني سورة الفيل، فإن ذلك يرد شر ذلك اليوم
(4)
، أ. هـ، وقال العلماء أيضًا: يستحب أن يقرأ فيهما بقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}
(5)
إلى آخر الآية، وبقوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ
(1)
التذكار (ص 216).
(2)
أخرجه الطحاوي في معاني الآثار (1774)، وابن حبان (2460). وصححه الألباني في صفة الصلاة (ص 112).
(3)
بياض بمقدار كلمة.
(4)
تفسير الثعالبي (5/ 628)، والإعلام (2/ 410)، والنجم الوهاج (2/ 287).
(5)
سورة البقرة، الآية:136.
الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}
(1)
إلى آخر الآية
(2)
، قد ورد الأمران في الصحيح لكن الأول أفضل لأن قراءة السورة الكاملة أفضل من قراءة بعض سورة كما صرح به أصحابنا، وذلك لأن الوقف على آخر السورة صحيح بالقطع بخلاف البعض فإنه قد يخفى عليه الوقف فيه فيقف في غير موضعه والله أعلم قاله النووي
(3)
وكذا الرافعي قال: لخفاء الارتباط
(4)
.
تنبيه: قال العلماء: يستحب تخفيف ركعتي الفجر لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين بالليل قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن أم لا، متفق عليه
(5)
لأنهما عقب النوم، والسنة والسنة أن يفتتح المتيقظ صلاته بركعتين خفيفتين كما رواه مسلم
(6)
، ولذلك ولذلك بالغ بعض السلف فقال: لا يقرأ فيهما شيئا أصلا، وقال مالك وجمهور أصحابه: لا يقرأ فيهما غير الفاتحة، وحكاه ابن عبد البر عن أكثر العلماء
(7)
، وقال الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والجمهور كما حكاه عنهم
(1)
سورة آل عمران، الآية:34.
(2)
أخرجه مسلم (99 و 100 - 727) عن ابن عباس.
(3)
المجموع (2/ 137)، و (3/ 385)، طرح التثريب (3/ 46).
(4)
المجموع (2/ 167) طرح التثريب (3/ 46).
(5)
أخرجه البخاري (1171) ومسلم (92 - 724).
(6)
أخرجه مسلم (198 - 768) عن أبي هريرة.
(7)
طرح التثريب (3/ 46).
عنهم النووي: يستحب أن يقرأ فيهما بعد الفاتحة
(1)
والله أعلم.
تنبيه: أيضًا قال العلماء رضي الله تعالى عنهم: يستحب الاضطجاع بعدهما على جنبه الأمن يعني بعد ركعتي الفجر ضجعة خفيفة قبل صلاة الصبح لما رواه أبو داود والإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين فليضطجع على جنبه الأيمن" الحديث
(2)
وسواء كان تهجد بالليل أم لا، قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا يتعين الاضطجاع في تأدي السنة بل متى فصل باضطجاع أو حديث أو نحوهما حصلت السنة، ويدل على ذلك ما روى عن عائشة رضي الله عنها قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع" متفق عليه
(3)
، وقال الخفاف: الخفاف: السنة أن لا يتكلم بينهما، قال ابن الصلاح: ولا أدري من أين قال هذا، وقال الترمذي: كره بعض الصحابة وغيرهم: الكلام حينئذ إلا ما كان من ذكر الله تعالى أو ما لا بد له منه، وهو قول أحمد وإسحاق
(4)
.
فائدة: وقد اختلف في هذه الضجعة، فمن العلماء من قال هي سنة وقد فعلها أبو موسى ورافع بن خديج وجمهور العلماء وكرهها إبراهيم وابن مسعود والنخعي، وقيل: إنها فعلت في وقت وتركت في وقت، وأوجبها
(1)
طرح التثريب (3/ 46).
(2)
أخرجه أحمد (9368)، وأبو داود (1261)، والترمذي (420)، وابن خزيمة (1120)، وابن حبان (2468). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1146).
(3)
أخرجه البخاري (1167) و (1168) ومسلم (133 - 743).
(4)
النجم الوهاج (2/ 287)، وطرح التثريب (3/ 53 - 54).
الظاهرية وذهب مالك وجماعة من الصحابة، وذهب مالك وجماعة من الصحابة إلى أنها بدعة، قال القاضي عياض وفي مسلم أنه كان يضطجع بعد صلاة الليل رد على الشافعي وأصحابه في أنها سنة بعد الفجر وأشار إلى أن الرواية بذلك من [الراوى خطأ فى] الرواية فإنها قبل الفجر [فهى أرجح] قال النووي
(1)
: والصحيح أو الصواب أنها سنة لحديث أبي هريرة المذكور ولا يلزم من اضطجاعه قبلها أن لا يضطجع بعدها وعلى [القول بأنه سنة] فاختلف في حكمتها فقيل لأنها للفصل بين الفرض والنفل و [على] هذا فيقوم مقامهما الكلام والانتقال إلى مكان آخر، وقيل: للراحة من تعب القيام
(2)
فمن قام ندب له وإلا فلا، ولم يستحبها الحنفية ولا التكلم بعد الفجر بل يسكتون إلى أن يواصلوا بينهما وبين الصبح، قالوا لأنه وقت استغفار قلنا: يستغفر [نعم] وأما المنع من الكلام فلا، وقال قوم من المالكية هي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم علل ابن أبي جمرة ذلك فإنه من آثار التجلي والمناجاة لا يستلزم مخاطبته [بياض بالأصل]
(3)
يضطجع [بياض بالأصل]
(4)
بشريته وحينئذ يخرج إليهم [بياض بالأصل]
(5)
أ. هـ، قاله في شرح الإلمام.
(1)
شرح النووي على مسلم (6/ 19).
(2)
شرح الصحيح (3/ 151)، والكواكب الدراري (6/ 209).
(3)
بياض بمقدار كلمتين.
(4)
بياض بمقدار كلمة.
(5)
بياض بمقدار كلمة.
فرع: ولو فاتته ركعتا الفجر استحب قضاؤهما وحدهما أو مع الصبح إن فاتته لأنه صلى الله عليه وسلم قضاهما مع الصبح حين خرج من الوادي
(1)
، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس" رواه الترمذي
(2)
، ولهذا قال العلماء في كتب الفقه، ومن فاته من هذه السنن الراتبة شيء قضاه في أصح القولين
(3)
.
فرع: جزم المتولي بكراهة التنفل بين سنة الفجر وفرضه، ورأيت في بعض الشروح: واختلف الأصحاب في جواز الزيادة على ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس على ثلاثة أوجه والأصح جواز النافلة قبلها وبعدها ما لم يصل الفرض، وقيل: لا يزيد على ركعتي الفجر، وقيل: يصلي النافلة قبلها ولا يصلي بعدها أ. هـ.
فائدة: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام وخصوصا سنة الفجر، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ولهذا تشرع صلاتها في البيت والاضطجاع بعدها كما تقدم تقريره، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر فقال له:"الصبح أربعًا؟ "
(4)
، وفي مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال:"افصلوا بينها وبين المكتوبة ولا تجعلوها كصلاة الظهر"
(5)
، وفي سنن أبي داود أن رجلًا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فلما
(1)
أخرجه مسلم (311 - 681) عن أبي قتادة وفيه: ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم.
(2)
أخرجه الترمذي (423). وصححه الألباني في الصحيحة (2361).
(3)
التنبيه (ص 34)، وكفاية النبيه (3/ 339).
(4)
أخرجه البخاري (663)، ومسلم (65 و 66 - 711) عن عبد الله بن مالك ابن بحينة.
(5)
أخرجه أحمد 5/ 345 (22927).
فلما سلم قام فشفع فوثب إليه عمر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه فهزه ثم قال: اجلس فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن لصلاتهم فصل فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره فقال: "أصاب الله بك يا ابن الخطاب"
(1)
أ. هـ، قاله في مختصر الكفاية
(2)
.
فائدة أيضًا: قال ابن العماد في القدوة بين الإمام والمأموم المصلي إذا صلى الركعتين اللتين قبل الفجر فله في نيتهما عشر كيفيات: (سنة الصبح، سنة الفجر، سنة البرد، سنة الوسطى، سنة الغداة، وله أن يحذف لفظ السنة ويضيف فيقول: ركعتي الصبح، ركعتي الفجر، ركعتي البرد، ركعتي الوسطى، ركعتي الغداة)
(3)
.
فرع: يدخل وقت ركعتي الفجر بطلوع الفجر ويبقى إلى طلوع الشمس، هذا هو الأصح، قال الشيخ أبو حامد: ومن طلوع الفجر إلى فعل الفرض وقت الاختيار وبعده إلى الشمس وقت الجواز، وفي وجه قيل: إنه ظاهر النص، ويبقى وقتهما إلى الزوال وعكسه وجه صحيح في التتمة أنها تفوت بفعل الصبح لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم تأخيرها عن الفريضة، والغزالي لما تكلم في قضاء الفوات قال: أما ركعتي الفجر فتؤدي بعد صلاة الصبح ولا تكون قضاء فإن تقديمها أدب، وهذه عبارة الجويني واستحسنها الإمام وأيده بأن الأئمة متفقون على أنها تفعل بعدها ولو كانت تفوت بصلاة الصبح لاختلفوا
(1)
أخرجه أبو داود (1007)، والحاكم (1/ 270). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (922/ م) والصحيحة (3173).
(2)
انظر لطائف المعارف (ص 145).
(3)
القدوة (ص 180).
فيها كما اختلفوا في قضاء الفوائت، أ. هـ قاله في مختصر الكفاية
(1)
.
فرع: صلاة الصبح أفضل الصلوات وآكدها في المحافظة عليها وهي الصلاة الوسطى عندنا لأنها بين صلاتين ليليتين وصلاتين نهاريتين يجمعان ويقصران وهي لا تجمع ولا تقصر، وقيل: غير ذلك، قال الإمام: واللائق لمحاسن الشريعة أن لا تبنى على تعيين ليحرص الناس على أداء جميع الصولات كليلة القدر وصحح هذا الاحتمال القاضي حسين ومجموع ما قيل فيها: سبعة عشر قولا جمعها الحافظ شرف الدين الدمياطي في كتابه قاله الكمال الدميري في كتاب الصلاة
(2)
والله أعلم.
فرع أيضًا: يستحب أن يقول بعد أذان الصبح: اللهم هذا إقبال نهارك وإدبار [ليلك] وأصوات دعاتك فاغفر لي، وعند إقبال الليل: اللهم هذا إقبال ليلك إلى آخره لما روى أبو داود والترمذي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمها ذلك
(3)
.
فائدة في تاريخ أصبهان: عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد صلاة الفجر اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا، وبه قال الخضري من أصحابنا ونص عليه الشافعي وفي كتاب ابن السني عن أبي المليح، واسمه عامر بن أسامة عن أبيه أنه صلى ركعتي الفجر
(1)
كفاية النبيه (3/ 304).
(2)
النجم الوهاج (2/ 17 - 18).
(3)
النجم الوهاج (2/ 66).
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى قريبا منه صلى ركعتين خفيفتين ثم سمعه يقول وهو جالس: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من النار ثلاث مرات
(1)
، وقال الشيخ الإمام محمد بن علي بن حكيم الترمذي: رأيت رب العزة جل جلاله في المنام وسألته كل مرة إني أخاف زوال الإيمان فأمرني كل مرة بهذا التسبيح بين الفجر والفريضة إحدى وأربعين مرة يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا الله لا إله إلا أنت أسألك أن تحيي قلبي بنور معرفتك يا الله يا الله يا الله برحمتك يا أرحم الراحمين
(2)
، ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن من قول يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أورثه ذلك حياة القلب العقل، وكان بعض الحفاظ شديد اللهج بها جدا وكان يقول: لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم وكان يقول: من واظب على أن أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب ولم يمت قلبه، قاله في تهذيب النفوس
(3)
.
(1)
النجم الوهاج (2/ 287 - 288).
(2)
نزهة المجالس (2/ 36).
(3)
مدارج السالكين (1/ 446).