المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة]

- ‌[الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر]

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في مواضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدي المصلي

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌فصل فى النفل واشتقاقه

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتي عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌التَّرْهِيب من صَلَاة الإِنْسَان وقراءته حَال النعاس

- ‌التَّرْهِيب من نوم الإنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي آيَات وأذكار يَقُولهَا إِذا أصبح وإذا أَمْسَى

- ‌التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الضُّحَى

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة التَّسْبِيح

- ‌[عدة في خدم المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة التَّوْبَة

- ‌[بعض مناقب أبي بكر الصديق]

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الْحَاجة ودعائها

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة الاستخارة وَمَا جَاءَ فِي تَركهَا

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعي إليها وما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌في الترهيب من ترك الجمعة

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌فصل يذكر فيه الأغسال المسنونة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

- ‌التَّرْهِيب من تخطي الرّقاب يَوْم الْجُمُعَة

- ‌التَّرْهِيب من الْكَلَام وَالْإِمَام يخْطب وَالتَّرْغِيب فِي الْإِنْصَات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءة سُورَة الْكَهْف وَمَا يذكر مَعهَا لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وأداء وُجُوبِها

الفصل: ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

807 -

عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين الرجل وَبَين الْكفْر ترك الصَّلاة"رَوَاهُ أَحْمد وَمُسلم وَقَالَ بَين الرجل وَبَين الشّرك وَالْكفْر ترك الصَّلَاة

(1)

. وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَلَفظه لَيْسَ بَين العَبْد وَبَين الْكفْر إِلَّا ترك الصَّلَاة

(2)

. وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه قَالَ بَين الْكفْر وَالْإِيمَان ترك الصَّلَاة

(3)

. وَابْن مَاجَه وَلَفظه قَالَ بَين العَبْد وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة

(4)

.

قوله: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه أحمد ومسلم وقال "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وجاء في رواية أبو داود والنسائي ولفظه "ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة" وفي الترمذي ولفظه قال "بين الكفر والإيمان ترك الصلاة" وفي ابن ماجه ولفظه: قال "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" والمعنى واحد، فقوله في رواية مسلم

(1)

أخرجه أحمد (14979)، ومسلم (134 - 82).

(2)

أخرجه أبو داود (4678)، والترمذي (2620)، والنسائي في المجتبى 1/ 567 (471) والكبرى (409). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (563).

(3)

أخرجه الترمذي (2618). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (563).

(4)

أخرجه ابن ماجه (1078)، وابن حبان (1453). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (563).

ص: 58

"بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" وإنما ذكر الرجل لغلبة الخطاب مع الرجال وإلا فالمرأة معه وقوله: "بين الشرك والكفر" هكذا هو في جميع الأصول من صحيح مسلم فالشرك والكفر، وجاء في مسند أبي عوانة الإسفرائيني وأبي نعيم الأصبهاني في المستخرجين على مسلم "بين الرجل وبين الشرك أو الكفر"

(1)

بأو ولكل واحد منهما وجه

(2)

وعلى هذا فيحتمل أن تكون أو في حديث شكا من الراوي وأن الكفر والشرك عنده سواء في المعنى ولكن ذكرهما محافظة على الإتيان بما سمعه وإن كان لو اقتصر على أحدهما لجاز على الرواية بالمعنى ويحتمل أن يكون ملفوظا بهما في الحديث على سبيل التنويع ويكونان بمعنى واحد أيضا ويدل عليه رواية الواو، ويحتمل أن يكون بمعنيين على ما كان في استعمالهم أولا أن الشرك لعبدة الأوثان والكفر لأهل الكتاب ثم إن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالي، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله عز وجل ككفار قريش فيكون الكفر أعم من الشرك والله أعلم

(3)

؛ والصحيح أن الكفر ملة واحدة وهو يشمل الجميع نص على ذلك النووي وغيره فكأنه يقول: تارك الصلاة كافر مشرك وهو تهويل وتعظيم لما وقع منه ليسرع في تدارك ذلك؛ والصلاة في

(1)

أخرجه أبو عوانة (242 و 243)، وأبو نعيم (245 و 246 و 247).

(2)

شرح النووي على مسلم (2/ 71).

(3)

شرح النووي على مسلم (2/ 71).

ص: 59

اللغة الدعاء وفي الشرع: أفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم بشرائط سميت بذلك لاشتمالها على ذلك فهي من باب إطلاق الجزء على الكل مجازًا

(1)

، وقيل: غير ذلك.

وتقدم الكلام على ذلك مبسوطًا في أول كتاب الصلاة، وقد علم بأصل الشرع أن المراد منه المقاربة من الكفر لا الدخول فيه، ومعناه: أن العبد إذا ترك الصلاة لم يبق بينه وبين الكفر فاصلة فعلية تؤنس لأن إقامة الصلاة هي الخلة الفارقة بين الفئتين، وقد ذهب جمهور أهل العلم بأن الإنسان لا يكفر بترك الصلاة إذا كان غير جاحد لوجوبها، وأجابوا عما صح من أحاديث الباب بأجوبة أحدها: أن معناه أن تارك الصلاة يستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر في الدنيا وهي القتل؛ الجواب الثاني: إنها محمولة على من استحل تركها من غير عذر ولأن من استحل ما حرم الله تعالى كفر؛ الجواب الثالث: أن ذلك قد يؤول بها علة إلى الكفر يعني ترك الصلاة كما قيل: المعاصي بريد الكفر؛ الجواب الرابع: أن فعله فعل الكفار قاله النووي في شرح مسلم

(2)

.

واعلم أن تارك الصلاة على أقسام ثلاثة: إما جاحدًا، وإما متكاسلًا، وإما لنوم، أو نسيان:

أما الجاحد: فكافر بإجماع المسلمين خارج عن ملة الإسلام لأنه جحد أصلا مقطوعا به لا عذر له فيه فينتقض جحده لحديث الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن

(1)

مغنى المحتاج (1/ 120 - 121).

(2)

شرح النووي على مسلم (2/ 71).

ص: 60

كذبهما فقد كفر، وكذلك كل من جحد حكما مجمعا عليه فيه نص وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يعرفها الخواص والعوام فإنه يكفر قاله النووي ويقتل بكفره لقوله صلى الله عليه وسلم:"من بدل دينه فاقتلوه"

(1)

رواه البخاري إلا أن يكون قريب العهد بالإسلام أو لم يخالط المسلمين مدة يتعلم فيها وجوب الصلاة

(2)

.

وأما المتكاسل: وهو الذي ترك الصلاة عمدا من غير عذر شرعي مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه على مذهبين، أحدهما: أنه لا يخرج عن الدين لكن يقتل حدا وهو الصحيح من مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل والجماهير من السلف والخلف إلا أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدًا كالزاني والمحصن ولكنه يقتل بالسيف

(3)

كما سيأتي، واستدل القائلون بقتله بقوله صلى الله عليه وسلم: في الصحيح "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة

"

(4)

فوقف العصمة على مجموع الأمرين، وقال المزني: يحبس ويؤدب ولا يقتل

(5)

؛ وقال الإمام أبو حنيفة وأصحابه: إن تارك الصلاة عمدا

(1)

أخرجه البخاري (3017) و (6922)، وابن ماجه (2535)، وأبو داود (4351)، والترمذي (1458)، والنسائي في المجتبى 6/ 523 (4095) و (4096) و 6/ 524 (4097) و (4098) عن ابن عباس.

(2)

المجموع (3/ 14)، وكفاية النبيه (2/ 312 - 313).

(3)

شرح النووي على مسلم (2/ 70).

(4)

أخرجه البخاري (25)، ومسلم (36 - 22) عن ابن عمر.

(5)

المجموع (3/ 16).

ص: 61

لا يقتل ولكن يؤمر بها مرة بعد أخري، فإن صلى فيها ترك وإن لم يصل يعزر أشد التعزير بما يراه الحاكم من الضرب والسجن وتحميل الأحمال الثقال حتى يصلي، وهكذا تشدد عقوبته أبدا لكن لا يقتل

(1)

، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح:"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة"

(2)

فقد حصر صلى الله عليه وسلم إباحة الدم في هذه الثلاثة إما رجل يزني وهو ثيب محصن وإما رجل يقتل نفسا مغصوبة بغير حق وإما رجل يترك دينه يعني يرتد عن الإسلام والعياذ بالله تعالي، وأنه لا يحل قتل مسلم إلا بارتكاب إحدى هذه الثلاث وليس ترك الصلاة من هذه الثلاث، وقال قوم من الصحابة والعلماء: يقتل كفرًا وإن لم يكن جاحدا لوجوبها وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله ومن التابعين إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني وعبد الله بن المبارك وأبو داود الطيالسي وزهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهوية

(3)

، وقد ذكر الحافظ ذلك عنهم في آخر الباب وهو أحد الوجهين من مذهب الشافعي قاله منصور الفقيه، وأحد الوجهين من مذهب مالك قاله عبد الملك بن حبيب وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية حكاه ابن قدامة عنه في

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 70).

(2)

أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (25 و 26 - 1676) عن ابن مسعود.

(3)

الإشراف (8/ 245 - 246) والإقناع (2/ 690 - 691).

ص: 62

المغني

(1)

وهو أحد الروايات عن الإمام أحمد بن حنبل أنه مرتد يقتل ولا يدفن في مقابر المسلمين

(2)

، ورواية عن الإمام أحمد أن من ترك الصلاة وقعت الفرقة بينه وبين امرأته بمقتضى ردته، وقال الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه: من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها فهو كافر ودمه وماله حلال لا ترثه ورثته من المسلمين، وحكم ماله مال المرتد إذا قتل على ردته

(3)

؛ ومتى يقتل تارك الصلاة على مذهب الإمام الشافعي فيه أوجه الصحيح منها أنه يقتل بترك واحدة إذا أخرجها عن وقت الضرورة، ومثاله: إذا ترك الظهر لم يقتل حتى تغرب الشمس وإذا ترك المغرب لم يقتل حتى يطلع الفجر، وإذا ترك الصبح لم يقتل حتى تطلع الشمس ويُهَدد ويستتاب في الحال ولا يقتل حتى يستتاب في الحال، ويقال له القتل صل فإن تاب وصلى لم يقتل فإن لم يتب ولم يصل يضرب عنقه بالسيف على الصحيح، وقيل: ينخس بحديدة حتى يموت أو يصلي ويغسل ويكفن ويصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين ويرفع قبره كغيره كما يفعل بسائر أصحاب الكبائر على

(1)

تعظيم قدر الصلاة (2/ 925 - 929)، والنوادر والزيادات (1/ 151)، والجامع لمسائل المدونة (2/ 403 - 404)، والمغنى (2/ 330 - 331)، والمجموع (3/ 16)، وفتح الباري (1/ 24)، والإعلام (9/ 51 - 52) والمعين (209 - 210).

(2)

تعظيم قدر الصلاة (2/ 927).

(3)

مسائل الإمامين أحمد وإسحاق (3/ 1105 - 1106)، والمسائل الفقهية من كتاب الروايتين (1/ 194 - 195).

ص: 63

الصحيح

(1)

والله أعلم.

وأما الناسي فلقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"

(2)

.

وأما النائم فلقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس التفريط في النوم إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت آخر" متفق عليه

(3)

، قال العلماء في كتب الفقه: ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت إلا نائم أو ناس أو معذور بسفر أو مطر فإنه يؤخرها بنية الجمع أو من أكره على تأخيرها عن الوقت فلفوات فائدة التأقيت. وأما النائم والناسي فللخبر المذكور وأما العذر بالسفر والمطر فمذكور في كتب الفقه وكذلك الإكراه على التأخير فلينظر التعليل من هناك، وقال الشيخ تقي الدين في الشرح أبياتًا فيها التصريح عن الشافعي بأنه إذا تاب ترك، وقد نظم بعض الفضلاء في تارك الصلاة أبياتًا فقال:

خَسِرَ الَّذِي تَرَكَ الصَّلَاةَ وَخَابَا

وَأَبَى مَعَادًا صَالِحًا وَمَآبَا

إنْ كَانَ يَجْحَدُهَا فَحَسْبُكَ أَنَّهُ

أَمْسَى بِرَبِّكَ كَافِرًا مُرْتَابَا

(1)

المجموع (3/ 15).

(2)

أخرجه ابن ماجه (2043) عن أبي ذر، وابن ماجه (2045)، وابن حبان (7219) عن ابن عباس. وصححه الألباني في الإرواء (1/ 123/ 82)، المشكاة (6284).

(3)

أخرجه مسلم (311 - 681)، وابن ماجه (698)، وأبو داود (437) و (441)، والترمذي (177)، والنسائي في المجتبى 2/ 100 (625) و 2/ 101 (626) عن أبي قتادة.

ص: 64

أَوْ كَانَ يَتْرُكُهَا لِنَوْعِ تَكَاسُلٍ

غَطَّى عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ حِجَابَا

فَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ رَأَيَا لَهُ

إنْ لَمْ يَتُبْ حَدَّ الْحُسَامِ عِقَابَا

وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ يُتْرَكُ مَرَّةً

هَمْلًا وَيُحْبَسُ مَرَّةً إيجَابَا

وَالظَّاهِرُ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالِهِ

تَعْزِيرُهُ زَجْرًا لَهُ وَعِقَابَا

إلَى أَنْ قَالَ:

وَالرَّأْيُ عِنْدِي أَنْ يُؤَدِّبَهُ الْإِمَا

مُ بِكُلِّ تَأدِيبٍ يَرَاهُ صَوَابَا

وَيَكُفَّ عَنْهُ الْقَتْلَ طُولَ حَيَاتِهِ

حَتَّى يُلَاقِيَ فِي الْمَآبِ حِسَابَا

فَالْأَصْلُ عِصْمَتُهُ إلَى أَنْ يَمْتَطِي

إحْدَى الثَّلَاثِ إلَى الْهَلَاكِ رِكَابَا

الْكُفْرُ أَوْ قَتْلُ الْمُكَافِي عَامِدًا

أَوْ مُحْصَنٌ طَلَبَ الزِّنَا فَأَصَابَا

(1)

[وإذا قلنا بقتل تارك الصلاة حدا وتاب ترك بلا خلاف، وتوهم بعض الأشياخ إنا إذا قلنا بقتله حدا يتحتم قتله لأن الحد لا يسقط بالتوبة، وهذا غلط مخالف لنص الشافعي رحمه الله. وقوله: فأصابا من الإصابة لا من الصواب: أن الحد لا يسقط بالتوبة فليس على إطلاقه بل يسقط في ثلات أمور في تارك الصلاة

(2)

وفي قاطع الطريق إذا مات قبل القدرة عليه، ومن الذمي إذا زنى ثم أسلم فنص عليه الشافعي

(3)

، ويستثني أيضا الصائل فإنه يجوز قتله للدفع

(4)

وكذلك المار بين يدي المصلي ولن يندفع إلا بالقتل

(1)

إحكام الأحكام (2/ 218 - 219) والأبيات للْحَافِظُ أَبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْمَقْدِسِيُّ.

(2)

المنثور (1/ 429)، وطرح التثريب (2/ 149).

(3)

فتاوى النووي (ص 223)، والمنثور (1/ 428).

(4)

المجموع (3/ 249).

ص: 65

جاز قتله

(1)

، وكذلك إذا وجبت الزكاة وامتنع من الأداء مع القدرة أو كان عليه دين فامتنع من أدائه مع القدرة فإن الحاكم يضربه لأجل عناده حتى يؤدي أو يموت

(2)

والله أعلم].

808 -

وَعَن بُرَيْدَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح وَلَا نَعْرِف لَهُ عِلّة

(3)

.

قوله: عن بريدة، تقدم الكلام عليه.

قوله: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" قيل: أراد المنافقين لأنهم يصلون رياء ولا سبيل عليهم حينئذ ولو صلوها ولو تركوها في الظاهر كفروا [قال الإمام التوربشتى: الضمير في قولهم (وبينهم) راجع إلى المنافقين وردت به الرواية ومعناه أن الصلاة هي الموجبة لحقن دمائهم

(1)

المجموع (3/ 249).

(2)

إعلام الموقعين (6/ 521) وانظر شرح الصحيح لابن بطال (8/ 577). زيادة في المخطوطة المغربية.

(3)

أخرجه أحمد 5/ 346 (22937) و 5/ 355 (23007)، وابن ماجه (1079)، والترمذي (2621)، والبزار (4413)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (894) و (895) و (896)، والنسائي في المجتبى 1/ 567 (470) والكبرى (407)، وابن حبان (1454)، والحاكم (1/ 7). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في المشكاة (574) وصحيح الترغيب (564).

ص: 66

ومراعاة ذمتهم فإذا تركوها برئت عنهم الذمة ودخلوا في حكم الكفار فنرى سفك دمائهم كما نرى سفك دماء من لا عهد له من الكفار ولا أمان أشار إلى أن المانع عن قتل المنافقين هي الصلاة، فإذا ارتفع المانع رجع الحكم إلى أصله كما أن المانع عن قتل المعاهدين هو العهد فإذا انقضى العهد الذي بيننا وبينهم أو أخل به النقض من قبلهم أبيحت لنا دماؤهم، وقيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم لما استؤذن في قتل المنافقين:(إلا إني نهيت عن قتل المصلين) والله أعلم

(1)

.

وتقدم الكلام على العهد وكم فى القرآن من موضع فيه ذكر العهد فى الصلاة.

قوله: "فمن تركها فقد كفر" قيل هو فيمن تركها جاحدا لوجوبها]، وقيل: أراد بالترك تركها مع الإقرار بوجوبها أو حتى يخرج وقتها ولذلك ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنه يكفر بذلك حملا للحديث على ظاهره، قال الشافعي: يقتل بتركها ويصلي عليه ويدفن مع المسلمين وتقدم ذلك.

809 -

وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خليلي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِسبع خِصَال فَقَالَ لَا تُشْرِكُوا بِالله شَيْئا وَإِن قطعْتُمْ أَو حرقتم أَو صلبتم وَلَا تتركوا الصَّلَاة متعمدين فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد خرج من الْملَّة وَلَا تركبوا

(1)

الميسر (1/ 178).

ص: 67

الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا سخط الله وَلَا تشْربُوا الْخمر فَإِنَّهَا رَأس الْخَطَايَا كلهَا .. الحَدِيث. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة بِإِسْنَادَيْنِ لَا بَأْس بهما

(1)

.

قوله: عن عبادة بن الصامت، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع خلال، الحديث، الخلال الخصال وسيأتي الكلام على معنى الخليل في أهوال القيامة في الشفاعة مبسوطًا.

قوله: "لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم وحرقتم أو صلبتم" الحديث، قال الله تعالى:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}

(2)

الآية، التقدير: واذكر إذ قال واسم ابن لقمان ثاران

(3)

، وظاهر قوله:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} أنه من كلام لقمان، ويحتمل أن يكون خبر من الله منقطعا من كلام لقمان متصلا به في تأكيد المعنى

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 75)، والمروزي (920)، والشاشى (1309)، والطبراني كما في جامع المسانيد (4/ 549 رقم 5742) ومن طريقه الضياء في المختارة (8/ 287 - 288 رقم 351)، واللالكائى في أصول السنة (1522)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 661)، والضياء في المختارة (8/ 287 رقم 350). قال الضياء: إسناده لا بأس به. قال الهيثمي في المجمع 4/ 216: رواه الطبراني، وفيه سلمة بن شريح قال الذهبي: لا يعرف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال الألباني: منكر الضعيفة (5991) وضعيف الترغيب (300).

(2)

سورة لقمان، الآية:13.

(3)

المعارف (ص 55)، ومعانى القرآن (5/ 283).

(4)

تفسير ابن عطية (4/ 384)، وتفسير القرطبي (14/ 62).

ص: 68

قوله: "وإن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم" إشارة إلى الإكراه بالتقطيع والتحريق والتصليب الذي أعلى مراتب الإكراه لا تبيح كلمة الكفر، والمشهور أن الإكراه يبيح الإتيان بما هو كفر قولا وفعلا مع طمأنينة القلب بالإيمان وعلى هذا أوجه أصحها الأفضل أنم يثبت ولا ينطق بها، والثاني: الأفضل مقابله صيانة لنفسه؛ والثالث: إن كان من العلماء المقتدي بهم فالأفضل له الثبوت؛ والرابع: إن كان يتوقع منه إنكاء العدو أو القيام بأحكام الشرع فالأفضل أن ينطق بها لمصلحة بقائه وإلا فالأفضل الثبات، ولا يبيح الإكراه القتل المحرم لذاته بخلاف القتل المحرم لفوات المالية كقتل نساء المجرمين وذراريهم فإنه يباح بالإكراه وكذا لا يباح الزنا واللواط، ويجوز لكل منهما دفع المكروه بما أمكنه، ويباح به شرب الخمر [والإفطار فى رمضان] والخروج من صلاة الفرض ويباح به إتلاف مال الغير، وقال في الوسيط: يجب وتبعه صاحب الحاوي الصغير فجزم بالوجوب والكره على شهادة الزور، قال الشيخ عز الدين: ينبغي أن ينظر فيما تقتضيه فإن اقتضت قتلا ألحقت به أو ما لا ألحقت به

(1)

، وأما ترك الصلاة المكتوبة فتقدم الكلام عليها مبسوطًا.

810 -

وَعَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ رضي الله عنه قَالَ كانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفر غير الصَّلَاة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ

(2)

.

قوله: وعن عبد الله بن شقيق العقيلي، المتفق على جلالته أنه قال: كان

(1)

النجم الوهاج (8/ 346).

(2)

أخرجه الترمذي (2622). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (565).

ص: 69

أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، واحتجوا على مثله بقوله تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}

(1)

قال أصحابنا: على الأوجه كلها لا يقتل حتى يستتاب وهل تكفي الاستتابة به في الحال أم تجب الاستتابة ثلاثة أيام، فيه قولان

(2)

، واحتج من كفره بظاهر الحديث والله أعلم. وتقدم الكلام على ذلك.

811 -

وَعَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول بَين العَبْد وَبَين الْكفْر وَالْإِيمَان الصَّلَاة فَإِذا تَركهَا فقد أشرك رَوَاهُ هبة الله الطَّبَرِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح

(3)

.

قوله: عن ثوبان، تقدم أنه من الموالي وتقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "بين العبد وبني الكفر والإيمان الصلاة فإذا تركها فقد أشرك" يعني: بين الرجل وبني دخوله في الكفر ترك الصلاة إن جحد وجوبها دخل في الكفر وإن تركها غير جاحد لم يدخل في الكفر لكن قرب منه لأن من تهاون بالصلاة لم يبال أن يتهاون بسائر الأركان فيقل وقوع الإسلام وقدره وخطره، وإذا قل أوشك أن يقع في الكفر قاله في شرح المصابيح

(4)

.

(1)

سورة التوبة، الآية:5.

(2)

المجموع (3/ 15) والروضة (2/ 147).

(3)

أخرجه اللالكائى في شرح أصول السنة (1521). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (566).

(4)

المفاتيح في شرح المصابيح (2/ 11).

ص: 70

812 -

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا سهم فِي الْإِسْلَام لمن لَا صَلَاة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ رَوَاهُ الْبَزَّار

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له" الحديث، السهم النصيب، والسهم في الأصل واحد السهام التي تضرب في الميسر وهي القداح ثم سمي به ما يفوز به الفالح سهمه ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهما، ويجمع السهم على أسهم وسهام وسهمان، ومنه الحيث:"ما أدري ما السهمان" وقد تكرر ذكره في الحديث مفردا ومجموعًا ومضافا قاله ابن الأثير

(2)

، وقيل: الأسهم في الإسلام يعني الشهادتين لأنها علم الإسلام وبهما يصير الإنسان مسلما، وكذلك ترك المحرمات داخل في مسمى الإسلام أيضًا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"

(3)

قاله ابن رجب في شرح الأربعين النواوية

(4)

.

(1)

أخرجه البزار (8539)، وابن عدى في الكامل (5/ 270)، وابن منده في مجلس من أماليه (2). قال البزار: تفرد به عبد الله بن سعيد، ولم يتابع عليه. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 292: رواه البزار، وفيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد، وقد أجمعوا على ضعفه. وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (301).

(2)

النهاية (2/ 429).

(3)

أخرجه ابن ماجه (3976)، والترمذي (2317). وصححه الألباني في المشكاة (4839) وحسنه في صحيح الترغيب (2881).

(4)

جامع العلوم والحكم (1/ 103 - 104).

ص: 71

813 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا طهُور لَهُ وَلَا دين لمن لَا صَلَاة لَهُ إِنَّمَا مَوضِع الصَّلَاة من الدّين كموضع الرَّأْس من الْجَسَد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَقَالَ تفرد بِهِ الْحُسَيْن بن الحكم الْحبرِي

(1)

.

قوله: عن ابن عمر، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له" الحديث، الإيمان في اللغة: هو التصديق بالقلب بالله وملائكته وكتبه ورسله، ويحتمل أنه يريد به لا إيمان كاملا ولا دين كاملا وأن يريد به الوعيد والزجر دون حقيقة إبطال الإيمان

(2)

، ويحتمل أن يراد به الحقيقة، فمعناه: إذا اعتاد المرء هذه الأمور لم يؤمن عليه أن يقع في ثاني الحال في الكفر، كما قيل:"من رتع حول الحمى يوشك أن يواقعه"

(3)

أو لأن هذه الخصال من خصال المنافقين والنفاق لا

(1)

أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 113 رقم 162) والأوسط (2/ 383 رقم 2292)، وأبو الطاهر المخلص في المخلصيات (2529)، وابن ثرثال في جزئه (206). وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر إلا مندل، ولا عن مندل إلا حسن، تفرد به: الحسين بن الحكم. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 292: رواه الطبراني في الأوسط والصغير وقال: تفرد به الحسين ابن الحكم الحبري. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (213) و (302).

(2)

معالم السنن (4/ 317)، والحاوى (2/ 527)، والاستذكار (2/ 138) والتمهيد (9/ 245)، والمجموع المغيث (1/ 92)، والمفاتيح (1/ 133)، وشرح المصابيح (1/ 69).

(3)

شرح المصابيح (1/ 69).

ص: 72

يجتمع مع الإيمان

(1)

.

قوله: "ولا صلاة لمن لا طهور له" المراد بالطهور الوضوء فبضم الطاء الفعل وبالفتح الماء الذي يتوضأ به، وتقدم ذلك في مواضع.

قوله: تفرد به الحسين بن الحكم الحبري.

814 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خليلي صلى الله عليه وسلم أَن لَا تشرك بِاللّه شَيْئا وَإِن قطعت وَإِن حرقت وَلَا تتْرك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَلَا تشرب الْخمر فَإِنَّهُ مِفْتَاح كل شَرّ رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن شهر عَن أم الدَّرْدَاء عَنهُ

(2)

.

قوله: وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وإن حرقت" تقدم الكلام على ذلك في حديث عبادة بن الصامت.

قوله: "ولا تترك صلاة مكتوبة متعمدا فمن تركها متعمدا فقد برئت منه

(1)

انظر: الصلاة وحكم تاركها (ص 66)، وجامع العلوم والحكم (3/ 1260)، وفتح الباري (1/ 195).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (18)، وابن ماجه (3371) و (4034)، والبزار (4147 و 4148)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (911)، والبيهقي في الشعب (7/ 408 رقم 5200) قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد وراشد أبو محمد بصري ليس به بأس قد حدث عنه غير واحد وشهر بن حوشب قد روى عنه الناس وتكلموا فيه واحتملوا حديثه. وحسنه الألباني في المشكاة (580) وصحيح الترغيب (567) و (2369).

ص: 73

الذمة" فمعنى "برئت منه الذمة" أي: إذا قتله إنسان لا شيء عليه وصار بذلك مهدر الدم، وهذا يؤيد قول الذاهب إلى قتل تارك الصلاة، وقد تقدم ما فيه في أبواب الصلاة والله أعلم.

قوله: "ولا تشرب الخمر فإنه مفتاح كل شر" سيأتي الكلام على شرب الخمر في بابه مبسوطا إن شاء الله تعالى.

815 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ لما قَامَ بَصرِي قيل نداويك وَتَدَع الصَّلَاة أَيَّامًا قَالَ لَا إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَإِسْنَاده حسن

(1)

.

قَامَت الْعين: إِذا ذهب بصرها والحدقة صَحِيحَة.

قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما تقدم.

قوله: لما قام بصري، قيل: نداويك وتدع الصلاة أيامًا، قال: لا، الحديث، قامت العين إذا ذهب بصرها، والحدقة صحيحة، قال الحافظ: قال ابن السماك: سقط في عيني ابن عباس النماء فذهب بصرها فأتاه المعالجون فقالوا: أخل بيننا وبين عينيك فإنهما يبرءان إن شاء الله تعالى ولكنك تمسك

(1)

أخرجه البزار (341/ كشف الأستار)، والبغوى في الجعديات (2336)، والطبراني في الكبير (11/ 294 رقم 11782). قال البزار: لا نعلمه يروى مرفوعا إلا بهذا الإسناد، وقد وقفه بعضهم. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 295: رواه البزار والطبراني في الكبير، وفيه سهل بن محمود، ذكره ابن أبي حاتم وقال: روى عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي وسعدان بن يزيد. قلت: وروى عنه محمد بن عبد الله المخرمي ولم يتكلم فيه أحد، وبقية رجاله رجال الصحيح. ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (303) والضعيفة (4573).

ص: 74

عن الصلاة والبكاء خمسة أيام لا تصلي قال: لا والله ولا ركعة واحدة إني حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من ترك صلاة عمدا لقي الله وهو عليه غضبان، قال طاووس: ما رأيت أحدا أكثر بكاء من ابن عباس وكان الدموع قد حفرت في خده أخدودا من كثرة البكاء وكان قد كف بصره في آخر عمره وكذلك والده العباس كف بصره وكذلك جده عبد المطلب كف بصره أيضًا

(1)

انتهى.

قوله: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان" سيأتي الكلام على معنى غضب الله سبحانه وتعالى في الشفاعة إن شاء الله تعالى.

816 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر جهارا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ

(2)

.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 275).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 343 رقم 3348). قال الطبراني: لم يروه عن أبي جعفر الرازي إلا هاشم بن القاسم، تفرد به محمد بن أبي داود. وقال الدارقطني في العلل (2446): يرويه أبو النضر هاشم بن القاسم، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس. وخالفه علي بن الجعد: فرواه عن أبي جعفر، عن الربيع مرسلا، والمرسل أشبه بالصواب. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 295: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله موثقون، إلا محمد بن أبي داود، فإني لم أجد من ترجمه، وقد ذكر ابن حبان في الثقات محمد بن أبي داود البغدادي، فلا أدري هو هذا أم لا. وضعفه الألباني في الضعيفة (2508) و (5180) وضعيف الترغيب (304).

ص: 75

وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَلَفظه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول بَين العَبْد وَالْكفْر أَو الشّرك ترك الصَّلَاة فَإِذا ترك الصَّلَاة فقد كفر

(1)

.

وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن يزِيد الرقاشِي عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيْسَ بَين العَبْد والشرك إِلَّا ترك الصَّلَاة فَإِذا تَركهَا فقد أشرك

(2)

.

قوله: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارًا" تقدم الكلام على ذلك.

817 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ حَمَّاد بن زيد وَلَا أعلمهُ إِلَّا قد رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ عرى الْإِسْلَام وقواعد الدّين ثَلَاثَة عَلَيْهِنَّ أسس الْإِسْلَام من ترك وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَهُوَ بهَا كَافِر حَلَال الدَّم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَصَوْم رَمَضَان رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد حسن وَرَوَاهُ سعيد بن زيد أَخُو حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو بن مَالك النكري عَن أبي الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَقَالَ فِيهِ من ترك مِنْهُنَّ وَاحِدَة فَهُوَ بالله كَافِر وَلَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل وَقد حل دَمه وَمَاله

(3)

.

(1)

أخرجه محمد بن نصر (897) و (898) و (900)، وأبو يعلى (4100)، وابن الأعرابي في المعجم (270). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (568).

(2)

أخرجه ابن ماجه (1080). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (568).

(3)

أخرجه أبو يعلى (2349)، واللالكائى في شرح أصول السنة (1576)، والطبراني في الكبير (12/ 174 رقم 12800)، والأصبهاني في الترغيب والترهيب (1932). قال الهيثمي في المجمع 1/ 48: رواه أبو يعلى بتمامه، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: "بني =

ص: 76

قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما تقدم.

قوله: "عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم" الحديث، العرى جمع عروة وهي ما يتماسك به وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطًا.

قوله: ورواه حماد بن يزيد عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعًا وقال فيه: من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر.

قوله: "ولا يقبل منه صرف ولا عدل" يعني فريضة ولا نافلة على أحد الأقوال في تفسير ذلك يسار ويمين غير واضحتين تماما

(1)

.

يسار من ترك منهن واحدة هو بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل يعني فريضة ولا نافلة على أحد التفاسير، وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في باب من أراد أهل المدينة بشيء.

818 -

وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله عَلمنِي عملا إِذا أَنا عملته دخلت الْجنَّة قَالَ لَا تشرك بِاللّه شَيْئا وَإِن عذبت وَحرقت أطع والديك وَإِن أخرجاك من مَالك وَمن كلّ شَيْء هُوَ لَك

= الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة، وصيام رمضان، فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال الدم". فاقتصر على ثلاثة منها ولم يذكر كلام ابن عباس الموقوف. وإسناده حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (94) وضعيف الترغيب (305) و (606).

(1)

قد جاءتا في خاتمة الباب عند الحديث عن ذرارى المشركين.

ص: 77

لَا تتْرك الصَّلَاة مُتَعَمدا فَإِن من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله الحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَلَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ فِي المتابعات

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه.

قوله: "لا تشرك بالله شيئا وإن عذبت وحرقت" تقدم الكلام على معنى ذلك.

قوله: "وأطع والديك وإن أخرجاك من مالك ومن كل شيء هو لك"

[شرط للمبالغة باعتبار الأكمل أى: لا تخالف واحدا منهما، وإن غلا في شيء أمرك به، وإن كان فراق زوجة أو هبة مال].

قوله: "ولا تترك الصلاة متعمدًا فإن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله" تقدم الكلام على ذلك.

819 -

وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ أَوْصَانِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِعشر كلِمَات قَالَ لَا تشرك بِالله شَيْئا وَإِن قتلت وَحرقت وَلَا تعص والديك وَإِن أمراك أَن تخرج من أهلك وَمَالك وَلَا تتركن صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَإِن من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَلَا تشربن خمرًا فَإِنَّهُ رَأس كلّ فَاحِشَة وَإِيَّاك

(1)

أخرجه ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (921)، والطبراني في الأوسط (8/ 58 رقم 7956) والكبير 20/ 82 (156) وفي الشاميين (2204) وعنه أبو نعيم في الحلية (9/ 306). قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن يونس إلا عمرو بن واقد، ولا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 105: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمرو بن واقد، ضعفه البخاري وجماعة، وقال الثوري: كان صدوقًا. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (569).

ص: 78

وَالْمَعْصِيَة فَإِن بالمعصية حل سخط الله وَإِيَّاك والفرار من الزَّحْف وَإِن هلك النَّاس وَإِن أصَاب النَّاس موت فَاثْبتْ وَأنْفق على أهلك من طولك وَلَا ترفع عَنْهُم عصاك أدبا وأخفهم فِي الله رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَإسْنَاد أَحْمد صَحِيح لَو سلم من الِانْقِطَاع فَإِن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير لم يسمع من معَاذ

(1)

.

قوله: وعنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك"

تقدم الكلام على ألفاظ هذا الحديث في أحاديث متفرقة من هذا التعليق والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنفق على أهلك من طولك" الطول عبارة عن [الفضل من المال، وقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}

(2)

كناية عما يصرف في المهر والنفقة] والمراد بالأهل الزوجة وفيه خلاف [قيل: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب، أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة، وبيت وبلد وضيعة].

(1)

أخرجه أحمد 5/ 238 (22075). قال الهيثمي في المجمع 4/ 215: رواه أحمد، والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات إلا أن عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ، وإسناد الطبراني متصل، وفيه عمرو بن واقد القرشي، وهو كذاب. وصححه الألباني في الإرواء (2026)، وحسنه في صحيح الترغيب (570) وصححه (2516).

(2)

سورة النساء، الآية:25.

ص: 79

قوله: "ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله" أي: ولا تدع تأديبهم وجمعهم على طاعة الله، يقال: شق العصى أي فراق الجماعة ولم يرد الضرب بالعصى ولكنه جعله مثلا، وقيل: أو ولا تغفل عن أدبهم ومنهم من الفساد قاله ابن الأثير.

فروع: مقتضى كلام الروضة في باب التعزير أن الزوج له ضرب زوجته على ترك الصلاة، لكن في فتاوي ابن البارزي أنه يجب عليه أمرها بالصلاة في أوقاتها وضربها عليها، ويؤمر الصبي بقضاء الصلوات كما يؤمر بأدائها ما لم يبلغ فإذا بلغ لم يؤمر بها قاله الشيخ عز الدين في مختصر النهاية في باب الإنفاق وأجرة تعليم الفرائض في مال الصبي، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته والأصح في زوائد الروضة أنه يجوز أن يصرف من ماله أجرة ما سوى الفرائض من القرآن والآداب، ويؤمر الصبي بالصلاة لسبع، ويضرب على تركها لعشر، ولا فرق بين الصبي والصبية فيجب على الآباء وإن علوا وعلى الأمهات والأوصياء والقوام تعليم الأطفال الطهارة من الصلاة والشرائع بعد السبع كتحريم الزنا واللواط والخمر والكذب والغيبة والنميمة والوظائف الدينية وحضور الجماعات وأن يضربوهم على تركها بعد العشر وعلى السيد أن يعلم رقيقه البالغ ما لا تصح الصلاة إلا به، أو يحكيه ليتعلم ولا يقتصر في ذلك على صيغة الأمر بل لا بد من التهديد قاله المحب الطبري؛ وفي أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل متى يصلي الصبي؟ قال:"إذا عرف شماله من يمينه"، والمراد عرف ما يضره وما ينفعه والله أعلم قاله الكمال الدميري

(1)

.

(1)

النجم الوهاج (3/ 37).

ص: 80

820 -

وَعَن بُرَيْدَة رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ بَكرُوا بالصَّلَاة فِي يَوْم الْغَيْم فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة فقد كفر رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

.

قوله: وعن بريدة رضي الله عنه، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "بكروا بالصلاة في يوم الغيم" الحديث، بكروا معناه: أسرعوا وبادروا وكل من بادر إلى الشيء فقد بكر وابتكر إليه، أي وقت كان يقال بكروا بصلاة المغرب عند سقوط القرص

(2)

. تقدم الكلام على ذلك في وقت صلاة العصر.

قوله: "فإنه من ترك الصلاة فقد كفر" تقدم الكلام ذلك في أحاديث الباب.

821 -

وَعَن أُمَيْمَة رضي الله عنهما مولاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَت كنت أصب على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه فَدخل رجل فَقَالَ أوصني فَقَالَ لَا تشرك بِاللّه شَيْئا وَإِن قطعت وَحرقت بالنَّار وَلَا تعص والديك وَإِن أمراك أَن تتخلى من أهلك ودنياك فتخله وَلَا تشربن خمرًا فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ وَلَا تتركن صَلَاة مُتَعَمدا فَمن فعل ذَلِك فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله الحَدِيت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَفِي إِسْنَاده يزِيد بن سِنَان الرهاوي

(3)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه (694)، وابن حبان (1470). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (306).

(2)

الصحاح (2/ 596)، والميسر (1/ 338)، والكواكب الدراري (4/ 197).

(3)

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثانى (3447)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (912)، والطبراني في الكبير (24/ 190 رقم 479)، والحاكم (4/ 41). وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي فقال: سنده واه. وقال الهيثمي في المجمع 4/ 217: رواه الطبراني، =

ص: 81

قوله: وعن أميمة رضي الله عنها مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي: أميمة.

قولها: كنت أصب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه. الوضوء بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به.

قوله: فدخل رجل فقال أوصني فقال: "لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت"، الحديث، تقدم الكلام على ألفاظ هذا الحديث في الأحاديث قبله.

قوله: وفي إسناده يزيد بن سنان الرهاوي، هو: يزيد [بن سنان بن يزيد التميمي الجزري، أبو فروة الرهاوي، والد محمد بن يزيد بن سنان، مولى بني طهية من بني تميم، ضعفه ابن معين وأحمد وابن المديني وغيرهم، ووثقه البخاري وغيره].

822 -

وَعَن زِيَاد بن نعيم الْحَضْرَمِيّ رضي الله عنه. قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَربع فرضهن الله فِي الْإِسْلَام فَمن أَتَى بِثَلَاث لم يغنين عَنهُ شَيْئا حَتَّى يَأْتِي بِهن جَمِيعًا الصَّلاة وَالزَّكَاة وَصِيَام رَمَضَان وَحج الْبَيْت رَوَاهُ أَحْمد وَهُوَ مُرْسل

(1)

.

قوله: عن زياد بن نعيم الحضرمي رضي الله عنه، هو زياد بن نعيم [الحضرمى

= وفيه يزيد بن سنان الرهاوي وثقه البخاري وغيره، والأكثر على تضعيفه، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (571).

(1)

أخرجه أحمد 4/ 200 (17789)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 236 رقم 817)، وأبو نعيم في المعرفة (3055). وضعفه الألباني في الضعيفة (6735) وضعيف الترغيب (307) و (466).

ص: 82

ذكره ابن أبي خيثمة، والبغوي في الصحابة. قال البغوي: لا أدري أهو الذي روى عنه الإفريقي أم لا؟

(1)

].

قوله: "أربع فرضهن الله في الإسلام فمن أتى بثلاث لم يغنين عنه شيئا حتى يأتي بهن جميعا الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت" تقدم الكلام على الصلاة والثلاث البواقي، وسيأتي الكلام عليها في مواضعها إن شاء الله تعالي، وتقدم الكلام على الحديث المرسل وهو الذي يرويه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

823 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لتنقضن عرى الْإِسْلَام عُرْوَة عُرْوَة فَكلما انتقضت عُرْوَة تشبث النَّاس بِالَّتِي تَلِيهَا فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصَّلَاة رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

قوله: وعن أبي أمامة رضي الله عنه، واسمه: صدي بن عجلان تقدم.

(1)

الإصابة (2/ 485 - 486 ترجمة 2873).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 251 (22160)، وعبد الله بن أحمد في السنة (764)، ومن طريقه الحاكم 4/ 92، وابن أبي الدنيا في العقوبات (294)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (407)، وابن حبان (6715)، والطبراني في الكبير (8/ 98 رقم 7486) والشاميين (1602). وصححه الحاكم وقال: تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله. وتعقبه الذهبي فقال: ضعيف. وقال الهيثمي في المجمع 7/ 281: رواه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن في الأصل عن حبيب بن سليمان عن أبي أمامة، وصوابه سليمان بن حبيب المحاربي، فإنه روى عن أبي أمامة، وروى عنه عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (572).

ص: 83

قوله صلى الله عليه وسلم: "لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة" الحديث تقدم الكلام على العروة أنه ما يتماسك به، وفي حديث ابن الديلمي "تنقض عرى الإسلام عروة عروة كما ينقض الحبل قوة قوة" القوة الطاقة من طاقات الحبل، والجمع قوي، وفي حديث آخر:"يذهب الإسلام سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة" وليس هذا موضعها وإنما ذكرناها للفظها وموضعها قوى

(1)

.

قوله: "فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها" التشبث التعلق.

824 -

وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا أحبط الله عمله وبرئت مِنْهُ ذمَّة الله حَتَّى يُرَاجع للّه عز وجل تَوْبَة رَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ

(2)

.

قوله: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الصلاة متعمدًا أحبط الله عمله وبرئت منه ذمة الله" الحديث، تقدم الكلام على الإحباط في ترك صلاة العصر مبسوطا والله أعلم.

825 -

وَعَن أم أَيمن رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تتْرك الصَّلَاة مُتَعَمدا فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَرَسُوله" رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح إِلَّا أَن مَكْحُولًا لم يسمع من أم أَيمن

(3)

.

(1)

النهاية (2/ 127).

(2)

أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1927). وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (5150) وضعيف الترغيب (308).

(3)

أخرجه أحمد 6/ 421 (27364)، وعبد بن حميد في المنتخب (1594)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (913)، والبيهقي في الكبرى (7/ 497 رقم 14777) والشعب =

ص: 84

قوله: عن أم أيمن، أم أيمن هي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمها: بركة وكنيت بابنها أيمن، قال النووي: روينا في صحيح مسلم عن الزهري قال: كان من شان أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما توفي أبوه وكان أم أيمن تحتضنه حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة ثم توفيت بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر هذا كلام الزهري، وذكر الإمام ابن الأثير

(1)

: أم أيمن يقال أسلمت قديمًا في أول الإسلام وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي شربت بول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل التي شربته بركة جارية أم حبيبة وإنما كنيت بأم أيمن بابنها أيمن بن عبيد الحبشي، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أم أيمن أمي بعد أمي" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها، توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، وقيل: بستة أشهر، قال عياض في شرح مسلم

(2)

: أم أيمن اسمها بركه وهي أم أسامة بن زيد أسود وأبوه زيد أبيض، وقال أحمد بن سعيد الصدفي في تاريخه عن عبد الرزاق عن ابن سيرين أنها كانت سوداء

= (10/ 270 رقم 7481). قال الهيثمي في المجمع 1/ 295: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن مكحولا لم يسمع من أم أيمن. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (573).

(1)

أسد الغابة (7/ 290).

(2)

إكمال المعلم (4/ 656 - 657).

ص: 85

فعلى هذا خرج لون أسامة كلونها، قال: وقد نسبها الناس فقالوا هي أم أيمن بركة بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، قال عياض: وذكر بعض المؤرخين أن أم أيمن هذه كانت من سبي جيش أبرهة صاحب الفيل لما انهزم أبرهة عن مكة أخذها عبد المطلب من عسكره، وهذا يؤكد ما ذكره ابن سيرين، هذا آخر كلام القاضي عياض

(1)

، والله أعلم.

قوله: "لا تترك الصلاة متعمدا فإن من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله" تقدم تفسيره.

826 -

وَعَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ من لم يصل فَهُوَ كَافِر رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي كتاب الْإِيمَان وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه مَوْقُوفًا

(2)

.

قوله: عن علي تقدم الكلام مناقبه.

قوله: "من لم يصل فهو كافر" تقدم الكلام على ذلك وتقدم الكلام على الحديث الموقوف في اصطلاح المحدثين أنه الذي قاله الصحابي غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 357 - 358 الترجمة 1192).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في الإيمان (126) والمصنف (6/ 171 رقم 30436)، وابن أبي عمر في الإيمان (63)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (933). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (309).

(3)

كشف المناهج (1/ 56).

ص: 86

827 -

(1)

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قالَ من ترك الصَّلَاة فقد كفر" رَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَابْن عبد الْبر مَوْقُوفًا

(2)

.

قوله: عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "من ترك الصلاة فقد كفر" ذهب الأكثرون إلى أنه لا يكفر، وحملوا الحديث على الجحود أو على الزجر والوعيد.

829 -

وَعَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ من لم يصل فَهُوَ كَافِر"رَوَاهُ ابْن عبد الْبر مَوْقُوفا

(3)

.

830 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ لَا إِيمَان لمن لَا صَلَاة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ رَوَاهُ ابْن عبد الْبر وَغَيره مَوْقُوفًا

(4)

. وَقَالَ ابْن أبي شيبَة قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من ترك الصَّلَاة فقد كفر" وَقَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي سَمِعت إِسْحَاق يَقُول صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن تَارِك الصَّلَاة كَافِر وَكذَلِكَ كَانَ رَأْي أهل الْعلم من لدن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن تَارِك الصَّلَاة عمدًا من غير عذر حَتَّى يذهب وَقتهَا كَافِر

(5)

.

(1)

هذا الحديث حقه أن يكون رقم (428) لكن حصل خطأ في الترقيم.

(2)

أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (939). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (310).

(3)

علقه ابن عبد البر في التمهيد (4/ 225)، وكذلك فعل في الاستذكار (5/ 342). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (311).

(4)

أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (945)، والخلال في السنة (1384)، وابن بطة في الإبانة (887). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (575).

(5)

تعظيم قدر الصلاة (2/ 929 رقم 990).

ص: 87

831 -

وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب رضي الله عنه قَالَ: ترك الصَّلاة كفر لَا يخْتَلف فِيهِ

(1)

.

قوله: عن حماد بن زيد، هو: الإمام البارع المجمع على جلالته أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي البصري مولى آل جرير بن حازم سمع ثابتا البناني ومحمد بن سيرين وعمرو بن دينار وخلائق من التابعين وغيرهم، ولد حماد سنة ثلاث وتسعين وفي نسخة سنة ثمان، وتوفي رضي الله عنه في رمضان سنة تسع وسبعين ومائة بالبصرة.

قوله: "ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه" وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق، وحكي إسحاق عليه إجماع أهل العلم، وقال محمد بن نصر المروزي هو قول جمهور أهلب الحديث وذهبت طائفة منهم إلى أن من ترك شيئا من أركان دين الإسلام الخمسة عمدا فقد كفر بذلك، وروي عن سعيد بن جبير ونافع والحكم وهو رواية عن الإمام أحمد واختارها طائفة من أصحابه وقول ابن حبيب من المالكيه قاله ابن رجب في شرح الأربعين النواوية

(2)

.

تتمة: وفي الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لما طعن قال المؤذن يؤذنه بالصلاة أي يعلمه فقال الصلاة يا أمي المؤمنين وكان عمر متكئا

(1)

أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (978). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (575).

(2)

جامع العلوم والحكم (1/ 150 - 151).

ص: 88

فجلس فقال الصلاة ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ثم صلى وجرحه يسيل دما

(1)

، وفي الصحيح: كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله أن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع

(2)

، وروى البيهقي عن عمر قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي شيء أحب على الله في الإسلام، قال الصلاة لوقتها ومن ترك الصلاة فلا دين له، والصلاة عماد الدين

(3)

، وذكر الحافظ الآجري عن سعيد بن جبير في قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}

(4)

قال: إذا تجلي الله تعالى للخلائق وكشف لهم عن ساق وأذن لهم بالسجود فسجد كل مؤمن آمن بالله تعالى وأقام الصلاة وآتي الزكاة وأبى من كان يسمع حي على الفلاح فلا يجيب فيريدون يسجدون فتجعل ظهورهم كالحديد فلا يقدرون على الانحناء فالذين سجدوا وارفعوا رؤوسهم وهي أشد بياضا من الثلج والذين لم يسجدوا وقفوا حتى يأمر الله فهم بأمره فانتبه رحمك الله من رقدة الغفلات وحافظ على أداء الصلوات، ولا تكن من الخلائف الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، قال ابن عمر: ولا أعلم بعد الشرك وقتل النفس بغير حق أعظم

(1)

أخرجه مالك (93).

(2)

أخرجه مالك (6).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (4/ 300 رقم 2550). وضعفه الألباني في الضعيفة (6967).

(4)

سورة القلم، الآية:42.

ص: 89

من ترك الصلاة، ذكره ابن حزم

(1)

.

وقال وهب بن منبه: في جهنم واد تستعيذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة، وفي ذلك الوادي جب تستعيذ جهنم والوادي منه في كل يوم سبعين مرة، وفي ذلك الجب حية تستعيذ جهنم والوادي والجب منها كل يوم سبعين مرة أعدها الله لمن أضاع الصلاة واتبع الشهوات.

832 -

وَعَن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه ذكر الصَّلَاة يَوْمًا فَقَالَ من حَافظ عَلَيْهَا كَانَت لَهُ نورا وبرهانا وَنَجَاة يَوْم الْقِيَامَة وَمن لم يحافظ عَلَيْهَا لم يكن لَهُ نور وَلَا برهَان وَلَا نجاة وَكَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ قَارون وَفرْعَوْن وهامان وَأبي بن خلف" رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

قوله: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وتقدم الكلام.

قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: "من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة" الحديث، أما حديث عبد الله بن عمرو هذا هو وإن كان صحيحا فلا

(1)

تشنيف المسامع (2/ 1013).

(2)

أخرجه أحمد 2/ 169 (6576)، وعبد بن حميد في المنتخب (353)، والدارمي (2763)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (58)، والطحاوي في مشكل الآثار (3180) و (3181)، وابن حبان (1467)، والطبراني في الأوسط (2/ 213 رقم 1767) والكبير (14/ 127 - 128 رقم 14746) والشاميين (245). قال الهيثمي في المجمع 1/ 292: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد ثقات. وصححه الألباني في المشكاة (578) وضعفه في ضعيف الترغيب (312).

ص: 90

يلزم من كونه يكون يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف أن يكون مخلدا في النار معهم بل قد يعذب معهم في النار ويخرج بالشفاعة أو يغفر الله له قاله في شرح الأحكام

(1)

.

833 -

وَعَن سعد بن أبي وَقاص رضي الله عنه قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن قَول الله عز وجل: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)}

(2)

قَالَ هم الَّذين يؤخرون الصَّلَاة عَن وَقتهَا"رَوَاهُ الْبَزَّار من رِوَايَة عِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم وَقَالَ رَوَاهُ الْحفاظ مَوْقُوفا وَلم يرفعهُ غَيره

(3)

.

(1)

طرح التثريب (2/ 147).

(2)

سورة الماعون، الآية:5.

(3)

أخرجه البزار (1145)، وأبو يعلى (822)، والدولابى في الكنى (1445)، وابن المنذر في الأوسط (1076)، والعقيلىي في الضعفاء (2/ 478)، والطبراني في الأوسط (2/ 377 رقم 2276). قال البزار: وهذا الحديث قد رواه الثقات الحفاظ، عن عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفا، ولا نعلم أسنده إلا عكرمة بن إبراهيم، عن عبد الملك بن عمير، وعكرمة لين الحديث. قال أبو زرعة في العلل (536): هذا خطأ، والصحيح موقوفًا. وقال الدارقطني في العلل (592): يرويه عبد الملك بن عمير، فاختلف عنه، فأسنده عكرمة بن إبراهيم، عن عبد الملك بن عمير، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره يرويه عن عبد الملك بن عمير موقوفًا على سعد، وهو الصواب. وكذلك رواه طلحة بن مصرف، وسماك بن حرب، وعاصم بن أبي النجود، عن مصعب بن سعد، عن أبيه موقوفا، وهو الصواب.

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 325: رواه البزار وأبو يعلى مرفوعا بنحو هذا وموقوفا، وفيه عكرمة بن إبراهيم ضعفه ابن حبان وغيره، وقال البزار: رواه الحفاظ موقوفا ولم يرفعه غيره. وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (313).

ص: 91

قَالَ الْحَافِظ رضي الله عنه وَعِكْرِمَة هَذَا هُوَ الْأَزْدِيّ مجمع على ضعفه وَالصَّوَاب وَقفه.

قوله: وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، تقدم الكلام على نسبه وكان مجاب الدعوة دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اللهم أصح قلبه وجسمه وأشف سقمه وأجب دعوته" قيل: إن سعدا رأى جماعة عكوفا على رجل فإذا هو يسب عليا وطلحة والزبير فنهاه سعد فقال ذك الرجل: يتهددني كأنه نبي فانصرف سعد ودخل دارا وتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يده فقال: اللهم إنك تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما قد سبق لهم منك سابقة الرضي اللهم فاجعله اليوم آية قال: فخرج بعير حتى دخل في الناس فتفرق الناس عنه فأخذ بذلك الرجل بين قوائمه فلم يزل بتخبطه حتى مات، قال: فلقد رأيتُ الناس يغدون وراء سعد ويقولون هنيئا يا أبا إسحاق استجاب الله عز وجل دعوتك، ومناقبه كثيرة مشهورة

(1)

قاله في كتاب مجمع الأحباب

(2)

.

قوله: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} قال: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال العلماء: قد ذم الله سبحانه وتعالى الذين سهوا عن الصلاة وليس السهو عنها تركها وإلا لم يكونوا مصلين وإنما السهو عن واجبها، وذلك على وجهين أحدهما: أن يؤخرها عن وقتها؛ والثاني: أن لا يكملوا لواجباتها من الطهارة والطمأنينة

(1)

تاريخ دمشق (20/ 347).

(2)

مجمع الأحباب (لوحة 136 و 137).

ص: 92

والخشوع وغير ذلك كما صح عن سيد المرسلين والآخرين والصواب أنه يعم النوعين فإنه سبحانه وتعالى أثبت لهم صلاة ووصفهم بالسهو عنها فهو السهو عن وقتها الواجب وإخلاصها وحضورهما الواجب وكانوا يصلون ولذلك وصفهم بالرياء في الآية، ولو كان السهو سهو ترك لما كان هناك رياء، قال الله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}

(1)

كتابا موقوتا أي فرضا مؤقتا لا يجوز تأخيرها عن وقتها، فأين أنت يا من أضاع الصلاة واتبع الشهوات وتشاغل عن أداء المكتوبات حتى مضت عليه الأوقات وهو مشغول اللهو والغفلات:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

(2)

فإن كنت مؤمنا فانته عن تأخير الصلاة نهيا جميلا، وإلا فأعد للنار جلدا ثخينا وصبرا طويلا، فاللهم وفقنا لأدائها في أوقاتها ونحنا عن شهواتها وغفلاتها، واشف هذه القلوب من علاتها، والطف بنا في جميع تعلقاتها برحمتك إنك على كل شيء قدير

(3)

.

834 -

وَعَن مُصعب بن سعد رضي الله عنه قَالَ قلت لأبي يَا أبتاه أَرَأَيْت قَوْله تبارك وتعالى {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} أَيّنَا لَا يسهو أَيّنَا لَا يحدث نَفسه قَالَ لَيْسَ ذَاك إِنَّمَا هُوَ إِضَاعَة الْوَقْت يلهو حَتَّى يضيع الْوَقْت

(1)

سورة النساء، الآية:103.

(2)

سورة الجاثية، الآية:21.

(3)

مدارج السالكين (1/ 527).

ص: 93

رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

قوله: عن مصعب بن سعد رضي الله عنه، هو مصعب بن سعد [بن أبي وقاص الزهري، مدنى سمع أباه، وعلى بن أبي طالب، وابن عمر. روى عنه مجاهد، وأبو إسحاق السبيعي، وعبد الملك بن عمير، وآخرون. واتفقوا على توثيقه. قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. توفى سنة ثلاث ومائة

(2)

].

قوله: قلت لأبي يا أبتاه أرأيت قوله تبارك وتعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} أينا لا يسهو! أينا لا يحدث نفسه! قال: ليس ذاك إنما هو إضاعة الوقت يلهو حتى يضيع الوقت، قد هدد الله تارك الصلاة وتوعده عقابه فقال تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)}

(3)

قال البغوي: قال مجاهد وقتادة: هم قوم من هذه الأمة قوم يتشاغلون بالمعاصى عن الصلاة فيمر عليهم وقت الصلاة وهم في معاصيهم لا يقومون إلى الصلاة فسوف يلقون غيا، قال ابن عباس: الغي واد في جهنم وإن أودية جهنم لتستعيذ من حره أعده الله عز وجل للزاني المصر على زناه ولشارب الخمر المدمن عليها ولآكل الربا

(1)

أخرجه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (42) و (43)، وأبو يعلى (704) و (705). وقال الهيثمي في المجمع 1/ 325: رواه أبو يعلي، وإسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح الترغيب (576).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 95 - 93 ترجمة 577).

(3)

سورة مريم، الآية:59.

ص: 94

الذي لا ينزع عنه ولأهل العقوق ولشاهد الزور، وقال عطاء: الغي واد في جهنم يسيل قيحا ودما، وقال كعب: هو واد في جهنم أبعدها قعرا وأشدها حرا، وفيه بئر يسمي الهيم كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فيسعر بها جهنم أعدها الله تعالى لتارك الصلاة، وقال أبو أمامة الباهلي: ما بين سعير جهنم إلى قعرها سبعون خريفا من صخرة تهوي عظمها كعشر ناقات عشراوات عظام سمان فقيل له: هل تحت ذلك شيئ يا أبا أمامة قال: نعم غى وآثام

(1)

.

835 -

وَعَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من فَاتَتْهُ صَلَاة فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه

(2)

.

قوله: عن نوفل بن معاوية رضي الله عنه، تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة فكأنما وتر أهله وماله" تقدم الكلام على هذا الحديث مبسوطا في ترك صلاة العصر.

836 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بَين صَلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا من أَبْوَاب الْكَبَائِر رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ حَنش هُوَ ابْن قيس ثِقَة

(3)

. قَالَ الْحَافِظ: بل واه بِمرَّة لَا نعلم أحدا وَثَّقَهُ غير حُصَيْن بن نمير.

(1)

تفسير البغوى (3/ 239 - 240).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 429 (23642) و 5/ 462 (24009/ 47)، وابن قانع (3/ 154)، وابن حبان (1468)، والبيهقي في الكبرى (1/ 653 - 654 رقم 2095). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (481) و (577).

(3)

أخرجه الترمذي (188)، والبزار (1356/ كشف الأستار)، وأبو يعلى (2751)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 248)، وابن حبان في المجروحين (1/ 243)، والطبراني في =

ص: 95

قوله: عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على مناقبه.

قوله: "من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر" تقدم الكلام على الأعذار وعلى جميع الصلوات بعذر السفر، والكبائر جمع كبيرة والكبيرة ما توعد الله فاعلها بالنار، والكبائر كثيرة، قد صنف العلماء فيها كتبا والله أعلم.

837 -

وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا يكثر أَن يَقُول لاصحابه هَل رأى أحد مِنْكُم من رُؤْيا فيقص عَلَيْهِ مَا شَاءَ الله أَن يقص وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة إِنَّه أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قَالَا لي انْطلق وَإِنِّي انْطَلَقت مَعَهُمَا وَإِنَّا أَتَيْنَا على رجل مُضْطَجع وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رَأسه فيتدهده الْحجر فَيَأْخذهُ فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى يَصح رَأسه كمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل الْمرة الأولى قَالَ قلت لَهما سُبْحَانَ الله مَا هَذَا قَالَا لي انْطلق انْطلق فأتينا على

= الكبير (11/ 216 رقم 11540)، وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (244)، والدارقطني في السنن (1475)، والحاكم في المستدرك (1/ 275). قال الترمذي: وحنش هذا هو أبو علي الرحبي، وهو حسين بن قيس، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أحمد وغيره. قال البزار: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وحنش هو ابن قيس الرحبي، روى عنه التيمي، وخالد بن عبد الله وغيرهما، وليس بالقوي، وإنما يكتب من حديثه ما يرويه غيره. وقال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، ولا أصل له. قال الحاكم: فيه حنش بن قيس وهو ثقة. وتعقبه الذهبي فقال: بل ضعفوه. وضعفه الألباني جدا في ضعيف الترغيب (314) والضعيفة (4581).

ص: 96

رجل مستلق على قَفاهُ وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ قَالَ وَرُبمَا قَالَ أَبُو رَجَاء فَيشق قَالَ ثمَّ يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر فيفعل بِهِ مثل مَا فعل بالجانب الأول قَالَ فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يَصح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قَالَ قلت سُبْحَانَ الله مَا هَذَا قَالَا لي انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على مثل التَّنور قَالَ فأحسب أَنه كَانَ يَقُول فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات قَالَ فاطلعنا فِيهِ فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة وَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضوا قَالَ قلت مَا هَؤُلاءِ قَالَا لي انْطلق انْطلق قَالَ فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر حسبت أَنه كَانَ يَقُول أَحْمَر مثل الدَّم وَإِذا فِي النَّهر رجل سابح يسبح وَإِذا على شط النَّهر رجل عِنْده قد جمع حِجَارَة كَثِيرَة وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا سبح ثمَّ يَأْتِي ذَلِك الَّذِي قد جمع عِنْده الْحِجَارَة فيفغر فَاه فيلقمه حجرا فَينْطَلق فيسبح ثمَّ يرجع إِلَيْهِ كلما رَجَعَ إِلَيْهِ فغر فَاه فألقمه حجرا قلت لَهما مَا هَذَانِ قَالَا لي انْطلق انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل كريه الْمرْآة كأكره مَا أَنْت رَاء رجلا مرْآة وَإِذا عِنْده نَار يحشها وَيسْعَى حولهَا قَالَ قلت لَهما مَا هَذَا قَالَ قَالَا لي انْطلق انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل نور الرّبيع وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء وَإِذا حول الرجل من أَكثر ولدان رَأَيْتهمْ قَالَ قلت مَا هَذَا مَا هَؤُلاءِ قَالَا لي انْطلق انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على دوحة عَظِيمَة لم أر دوحة قطّ أعظم وَلَا أحسن مِنْهَا قَالَ قَالَا لي

ص: 97

ارق فِيهَا فارتقينا فِيهَا إِلَى مَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَلبن فضَّة فأتينا بَاب الْمَدِينَة فاستفتحنا فَفتح لنا فدخلناها فتلقانا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رَاء وَشطر مِنْهُم كأقبح مَا أَنْت رَاء قَالَ قَالَا لي اذْهَبُوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر قَالَ وَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ الْمَحْض فِي الْبيَاض فَذَهَبُوا فوقعوا فِيهِ ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا قد ذهب ذَلِك السوء عَنْهُم فصاروا فِي أحسن صُورَة قَالَ قَالا لي هَذِه جنَّة عدن وَهَذَا مَنْزِلك قَالَ فسما بَصرِي صعدا فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء قَالَ قَالَا لي هَذَا مَنْزِلك قَالَ قلت لَهما بَارك الله فيكما فذراني فَأدْخلهُ قَالا أما الْآن فَلَا وَأَنت دَاخله قَالَ قلت لَهما فَإِنِّي رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت قَالَ قَالا لي إِنَّا سنخبرك أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ فَإِنَّهُ الرجل يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين هم فِي مثل بِنَاء التَّنور فَإِنَّهُم الزناة والزواني وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر ويلقم الْحجر فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا وَأما الرجل الكريه الْمرْآة الَّذِي عِنْد النَّار يحشها وَيسْعَى حولهَا فَإِنَّهُ مَالك خَازِن جَهَنَّم وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم وَأما الْولدَان الَّذين حوله فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة قَالَ فَقَالَ بعض الْمُسلمين يَا رَسُول الله وَأَوْلاد الْمُشْركين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَوْلاد الْمُشْركين وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن وَشطر مِنْهُم قَبِيح فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا

ص: 98

تجَاوز الله عَنْهُم"رَوَاهُ البُخَارِيّ

(1)

وذكرته بِتَمَامِهِ لأحيل عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

قوله: عن سمرة بن جندب، بفتح المهملة وضم الميم وسكونها، وجندب، بضم الجيم وسكون النون وفتح المهملة وضمها سيأتي الكلام عليه وعلى نسبته مبسوطًا.

قوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: "هل رأى أحد منكم من رؤيا فيقص عليه ما شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة إنه أتاني الليلة آتيان" الحديث، وهو صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن الليلة الماضية قال ثعلب والزجاج يقول: من الصباح إلى الظهر وأريت الليلة من الظهر، وإلى الليل أريت البارحة، وقال أبو مشهور اللغوي: من الغلط أن يقول فيما بين صلاة الفجر إلى الظهر رأيت البارحة كذا والصواب أن يقول: فعلت الليلة كذا إلى الظهر، ويقول: بعد ذلك فعلت البارحة.

قوله: "آتيان وإنهما ابتعثاني" أي: أيقظاني من نومي قال: بعثه من نومه فانبعث [إذا نبهته منه فانتبه] قاله عياض

(2)

.

واعلم أن النبوءة ضربان ضرب بالرسالة وضرب في المنام، والمنام للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وحتى كما كانت نبوءة جميع الأنبياء والرسل وتقدم الكلام على الوحي في موضعين من هذا التعليق مبسوطًا،

(1)

أخرجه البخاري (1386) و (7047).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 96).

ص: 99

ففي هذا الحديث الاهتمام بأمر الرؤيا واستحباب السؤال عنها، وذكرها بعد الصلاة.

قوله: "فيثلغ رأسه" أي: يشدخ قاله المنذري وقال النهاية: الثلغ الشدخ، وقيل: الشدخ بكسر الشيء الأجوف، يقول: شدخت رأسه فانشدخ، وقيل: هو ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ

(1)

انتهى.

قوله: "فيتدهده الحجر" أي: فيتدحرج قاله المنذري، وقال في النهاية: يقال دهديت الحجر ودهدهته ومنه الحديث: "لما يهدهد الجعل خير من الذين ماتوا في الجاهلية" هو ما يدحرجه من السرجين والحديث الآخر: "كما يدهده الجعل النتن بأنفه"

(2)

الجعل يشبه الخنفساء في اللون لكن هو أكبر منها وله قرنان يربط فيهما خيط يلعب به الصبيان في الأرياف، ويكون مقره تحت أرواث البهائم

(3)

وسيأتي الكلام عليه في الكبر وغيره إن شاء الله تعالى.

قوله: "وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد" الكلوب بفتح الكاف وضمها وتشديد اللام هو حديدة معوجة الرأس قاله المنذري.

قوله: "فيشرشر شدقه إلى قفاه" يشرشر هو بشينين معجمتين الأولى منهما مفتوحة والثانية مسكورة ورائين الأولى منهما ساكنة ومعناه يقطعه ويشقه قاله المنذري؛ والشدق: جانب الفم وجمعه أشداق، وإنما يكون

(1)

النهاية (1/ 220) و (2/ 254).

(2)

النهاية (2/ 143 - 144).

(3)

حياة الحيوان (1/ 281).

ص: 100

ذلك لرحب شدقيه، والعرب تمتدح بذلك ورجل أشدق بيّن الشدق قاله ابن الأثير

(1)

.

قوله: "ومنخره إلى قفاه" المنخر ثقب الأنف وهو بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة وبكسرهما جميعا لغتان معروفتان.

قوله: "وربما قال أبو رجاء فيشق" أبو رجاء اسمه: يزيد بن أبي حبيب سويد المصري التابعي، قال ابن يونس: كان يزيد مفتي أهل مصر، وكان حليما عاقلا وهو أول من أظهر العلم بمصر والكلام في الحلال والحرام، قال الليث بن سعد: يزيد بن أبي حبيب سيدنا وعالمنا، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة

(2)

والله أعلم.

قوله: "فإذا فيه لغط وأصوات" اللغط محركا هو الصخب والجلبة والصياح قاله المنذري، وقال بعضهم: اللغط هو بفتح العين وإسكانها.

قوله: "فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" هو بفح الضادين المعجمتين وسكون الواوين وهو الصياح مع الانضمام والفزع، قاله المنذري.

قوله: "فانطلقنا فأتينا على مثل التنور" ورأيت في بعض الكتب: "فأتينا على نقب مثل التنور" والنقب بفتح النون النقبة.

قوله: "فانطلقنا فأتينا على نهر" النهر بفتح النون وإسكان الهاء وفتحها لغتان.

(1)

النهاية (2/ 453).

(2)

تهذيب الكمال (32/ 105 ترجمة 6975).

ص: 101

قوله: "وإذا في النهر رجل سابح" السبح العوم أي وإذا ذلك العائم يعوم قال الله تعالى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}

(1)

والسبح أيضًا السعي كسبح السابح في الماء.

قوله: "فغر فاه فألقمه حجرا" فغر بفتح الفاء والغين المعجمة معا بعدهما راء أي فتحه، والفاه هو الفم.

قوله: "فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة" المرآة بفتح الميم ممدود الهمزة أي قبيح المنظر يقال: رجل حسن المرأى والمرءاة وحسن في مرءاة العين وهي مفعلة من الرؤية، ومنه الحديث:"حتى تبين له رئيهما" هو بكسر الراء وسكون الهمزة أي منظرهما وما يرى منهما أ. هـ قاله في النهاية

(2)

.

قوله: "وإذا عنده نار يحشها" هو بالحاء المهملة المضمومة والشين المعجمة أي يوقدها قاله المنذري قال في النهاية: يقال حششت النار أحشها إذا ألهبتها وأضرمتها

(3)

.

قوله: "فأتينا على روضة معتمة" أي: طويلة النبات يقال: أعتم النبات إذا طال ولم يضبط الحافظ هذه اللفظة، وقال صاحب كتاب سلاح المؤمن: معتمة هو بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم

(4)

، وقال

(1)

سورة الأنبياء، الآية:33.

(2)

النهاية (2/ 178).

(3)

النهاية (1/ 389).

(4)

مشارق الأنوار (2/ 87).

ص: 102

صاحب المغيث معتمة أي وافية النبات المتعمة، والعتمة الطويل من النبات، والعميم والعم الطويل التام من كل شيء، والعمامة قيل سميت بذلك لأنها تعم الرأس لكبرها ولذلك كان يختص بها الأكابر، ومنه الحديث:"العمائم تيجان العرب"

(1)

أ. هـ.

تنبيه: ورد في الحديث: "إن الصلاة بالعمامة أفضل من خمس وعشرين بغير عمامة" قاله ابن العماد في شرح العمدة

(2)

.

قوله: "فيها من كل نور الربيع" النور بفتح النون هو الزهرة.

قوله: "قالا لي ارق فيها فارتقينا فيها إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة" اللبن جمع لبنة بفتح اللام وكسر الباء وهي الطوبة التي تبني بها وإذا أشربت فهي أجرة وسيأتي الكلام على اللبنة في الزهد في الدنيا إن شاء الله تعالى.

قوله: "فدخلناها فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء" الحديث، الشطر يعبر عنه بالنصف.

قوله: "كأن ماءه المحض في البياض" المحض بفتح الميم وسكون الحاء المهملة هو الخالص من كل شيء قاله المنذري.

قوله: "فسما بصري صعدا" بضم الصاد والعين المهملتين أي: ارتفع بصري إلى فوق قاله المنذري.

قوله: "قالا لي هذه جنة عدن" سميت جنة عدن أي جنة إقامة. يقال: عدن

(1)

المجموع المغيث (2/ 507).

(2)

القول التمام (ص 120).

ص: 103

بالمكان يعدن عدنا إذا لزمه ولم يبرح منه

(1)

.

قوله: "فإذا قصر مثل الربابة البيضاء" هنا هي السحابة البيضاء قاله المنذري، وقال في النهاية: والربابة بالفتح السحابة التي ركب بعضها بعضا

(2)

.

قوله: "فذراني فأدخله" أي: اتركاني.

قوله: "فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة" فيرفضه بضم الفاء وكسرها أي ترك حفظه والعمل به

(3)

وينام عن الصلاة، يعني: ينام ذاهلا عن الصلاة حتى يخرج وقتها وتفوت منه، قيل: المراد بها صلاة الصبح لأنها هي التي تبطل بالنوم والله أعلم

(4)

، والصلاة المكتوبة هي المفروضة.

قوله: "وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه" فذكره إلى أن قال: "فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق" والكذب بفتح الكاف وكسر الذال ويجوز كسر الكاف وسكون الذال لغتان، وفي الحديث: إن العقاب كان في موضع المعصية وهو الفم الذي كذب به

(5)

.

(1)

النهاية (3/ 192).

(2)

النهاية (2/ 181).

(3)

شرح الصحيح (3/ 135) لابن بطال.

(4)

شرح الصحيح (3/ 135 - 136) لابن بطال.

(5)

الكواكب الدراري (21/ 221).

ص: 104

قوله: "أما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام".

تنبيه: ورد في الحديث أن إبراهيم عليه السلام في السماء السادسة، وورد في حديث آخر أيضا أنه في السماء السابعة قال العلماء لا منافاة بين الحديثين لاحتمال أن يكون في السادسة، وصعد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السابعة، ويحتمل أن يكون جاء إلى السماء استقبالًا وهو في السابعة على سبيل التوطن، والله أعلم

(1)

.

قوله: "وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة" أي: على الإسلام، قال بعض العلماء: الفطرة نوعان فطرة جبلية وفطرة دينية، فالفطرة الجبلية هي التي خلق الله الناس عليها وجبلهم على فعلها أي: جبل طباعهم تميل إلى فعل الشيء أو تنفر عنه، والفطرة الدينية هي السنة وما شرع لهم من الدين، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة إلا ان أبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" والمعنى: أنه يولد على نوع من الجبلة والطبع المنتهي لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يعارفها إلى غيرها وإنما يعدل عنه من يعدل لآفة من آفات البشر والتقليد ثم يميل بأولاد اليهود والنصاري في اتباعهم كآبائهم والميل إلى أديانهم عن مقتضى الفطرة السليمة، وقيل: معناه: كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به، فلا تجد أحدا إلا وهو مقر بأن له صانعا وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره، وقيل:

(1)

الكواكب الدراري (15/ 102).

ص: 105

الفطرة ما أخذ عليهم في أصلاب أبائهم فتقع الولادة عليها، وقيل: هي ما قضى عليه من السعادة أو الشقاوة ويصير إلها، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه ويشركانه" فقال رجل: يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" وفي رواية: "ما من مولود إلا وهو على هذه الملة"، وفي رواية العلاء عن ابنه عن أبي هريرة:"كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه إن كانا مسلمين فمسلم" كل هذه الروايات في مسلم، وبعضها متفق عليه، والأصح أن معنى الفطرة أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام من كان أبواه أو أحدهما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا وإن كانا كافرين جرى عليه حكمهما يتبعهما فيها، وهذا معنى "يهودانه وينصرانه ويمجسانه" أي: يحكم له بحكمها في الدنيا فإن بلغ استمر حكم الكفر فإن تاب سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره

(1)

.

واعلم أن قوله في حديث الفطرة وفاته معنى: يمجسانه، فإن المجوسي والمشرك يطلقان على من لا كتاب له، والصحيح أن الإشراك يشمل الجميع فكل كافر مشرك، ويدل عليه قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

(2)

الآية، فلو كان الكتابي لا يسمي مشركا لدخل في

(1)

طرح التثريب (7/ 225 - 226).

(2)

سورة النساء، الآية:48.

ص: 106

المشيئة، وهذا خلاف الإجماع

(1)

.

واعلم أن قوله في حديث الفطرة "الله أعلم بما كانوا عاملين" قال الخطابي: ظاهر هذا الكلام يوهم أنه لم [يفت السائل] عنهم وإنما رد الأمر في ذلك إلى علم الله تعالي، وإنما معناه أنهم ملحقون في الكفر [بآبائهم] لأن الله قد علم أنهم لو بقول أحياء حتى يكبروا لعملوا عمل الكفار، ويدل عليه حديث عائشة قلت: فذراري المشركين، قال صلى الله عليه وسلم:"هم من آبائهم" قلت: بلا عمل، قال:"الله أعلم بما كانوا عاملين"

(2)

.

والجواب عن حديث: "الله أعلم بما كانوا عاملين" أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظة "الله أعلم بما كانوا عاملين" لو بلغوا والتكليف لا يكون إلا بالبلوغ

(3)

، وروى ابن عبد البر في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: "هم مع آبائهم" ثم سألته عن بعض ذلك، فقال:"الله أعلم بما كانوا عاملين" ثم سألته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

(4)

فقال: "هم على الفطرة أو قال الجنة".

قوله: "وأما الوالدان الذين حوله" الحديث، أما أولاد الأنبياء صلوات الله

(1)

انظر: معانى القرآن (2/ 107) للزجاج.

(2)

معالم السنن (4/ 324 - 325).

(3)

طرح التثريب (7/ 232).

(4)

سورة الأنعام، الآية:164.

ص: 107

وسلامه عليهم فالإجماع منعقد على أنهم في الجنة، وأما أطفال من سواهم من المسلمين قال النووي قدس الله روحه: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفا

(1)

، وأما أطفال المشركين فحكمهم في الدنيا حكم آبائهم وأما في الآخرة فقال أبو الليث السمرقندي: تكلم الناس في أطفال المشركين فجاءت فيهم أحاديث مختلفة ومذاهب للعلماء أحدها وهو المختار أنهم في الجنة وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون واستدل عليه [بأحاديث] منها حديث إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة حوله أولاد الناس وفيه قالوا: يا رسول الله وأولاد المشركين قال: "وأولاد المشركين"رواه البخاري، ومنها قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}

(2)

ولا يتوجه على المولود التكليف ولا يلزمه قول الرسل حتى يبلغ وهذا متفق عليه، ولحديث أحمد أنهم خدم أهل الجنة، وفي رواية: ولدان أهل الجنة.

والمذهب الثاني: أنهم في النار تبعا لآبائهم، وحكي عن الأكثرين، والدليل

(1)

شرح النووي على مسلم (16/ 183) وعبارته هناك مغايرة لما نقله الشارح إذ قال: وأما أطفال من سواهم من المؤمنين فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة ونقل جماعة الإجماع في كونهم من أهل الجنة قطعا لقوله تعالى والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وتوقف بعض المتكلمين فيها وأشار إلى أنه لا يقطع لهم كالمكلفين.

(2)

سورة الإسراء، الآية:15.

ص: 108

على ذلك ما روى في الخبر أن خديجة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد الذين ماتوا في الجاهلية فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن شئت أسمعتك نعاهم في النار" لأن الله تعالى قال: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}

(1)

فأخبر أنهم حين ولدوا كانوا كفارًا.

المذهب الثالث: التوقف فيهم لا يجزم فيهم بشيء قال الفقيه أبو الليث السمرقندي: قد جاءت الآثار مختلفة فالسكوت عنهم أفضل ونقول الله أعلم بأمرهم، وروى أبو حنيفة أنه سئل عن أطفال المشركين قال: لا أعلم بهم، وسئل محمد بن الحسن عن أطفال المشركين فقال: إني أقف عند الأطفال إلا أني أعلم أن الله تعالى لا يعذب أحدا إلا بذنب

(2)

أ. هـ، وبه قال أبو حنيفة أيضًا ومالك وأحمد ونسبه ابن عبد البر إلى الأكثر.

المذهب الرابع: أنهم وسائر الأطفال يمتحنون في الآخرة تأجج لهم نار فيقال لهم: ردوها وادخلوها فيردها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل فيقول الله تعالى إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم، وقد ورد هذا في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى موقوفا عن أبي سعيد ذكره ابن عبد البر وليس بالقوي ولا تقوم به حجة، قال: وأهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب

(3)

.

(1)

سورة نوح، الآية:27.

(2)

بستان العارفين (ص 383).

(3)

طرح التثريب (7/ 231).

ص: 109

المذهب الخامس: في برزخ، قال في المفهم: وذهب قوم وأحسبهم من غير أهل السنة فقالوا: يكونون في برزخ

(1)

، وحكى النووي الأول، وهو أنهم في النار عن الأكثرين والثاني وهو أنهم في الجنة عن المحققين قال: وهو الصحيح، ويستدل عليه بأشياء منها حديث "إبراهيم الخليل صلوات الله عليه حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وحوله أولاد الناس قالوا يا رسول الله، وأولاد المشركين قال: وأولاد المشركين". رواه البخاري في صحيحه.

ومنها قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}

(2)

، ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول حتى يبلغ، وهذا متفق عليه قال: والجواب عن حديث "والله أعلم بما كانوا عاملين" أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار، وحقيقة لفظه الله أعلم بما كانوا يعملون لو بلغوا، والتكليف لا يكون إلا بالبلوغ، وأما غلام الخضر فيجب تأويله قطعا لأن أبويه كانا مؤمنين فيكون هو مسلما فيتأول على أن معناه أن الله علم أنه لو بلغ لكان كافرا لا أنه كافر في الحال، ولا تجري عليه في الحال أحكام الكفار

(3)

.

838 -

وَقد روى الْبَزَّار من حَدِيث الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة أَو غَيره عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ ثمَّ أَتَى يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخرة كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت وَلَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ يَا

(1)

المفهم (22/ 40).

(2)

سورة الإسراء الآية 15.

(3)

طرح التثريب (7/ 231 - 232).

ص: 110

جِبْرِيل من هَؤُلاءِ قَالَ هَؤُلاءِ الَّذين تثاقلت رؤوسهم عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فَذكر الحَدِيث فِي قصَّة الْإِسْرَاء وَفرض الصَّلَاة

(1)

.

قَوْله: يثلغ رَأسه أَي يشدخ.

قَوْله: فيتدهده أَي فيتدحرج.

والكلوب: بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا وَتَشْديد اللَّام هُوَ حَدِيدَة معوجة الرَّأْس.

وَقَوله يشرشر شدقه هُوَ بشينين معجمتين الأولى مِنْهُمَا مَفْتُوحَة وَالثَّانيَة مَكْسُورَة وراءين الأولى مِنْهُمَا سَاكِنة وَمَعْنَاهُ يقطعهُ ويشقه وَاللَّفْظ محركا هُوَ الصخب والجلبة والصياح.

وَقَوله: ضوضوا بِفَتْح الضاضين المعجمتين وَسُكُون الواوين وَهُوَ الصياح مَعَ الانضمام والفزع.

وَقَوله: فغر فَاه بِفَتْح الْفَاء والغين الْمُعْجَمَة مَعًا بعدهمَا رَاء أَي فَتحه.

وَقَوله: يحشها هُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة والشين الْمُعْجَمَة أَي يوقدها والمحض بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة هُوَ الْخَالِص من كل شَيْء.

وَقَوله: فسما بَصرِي صعدا بِضَم الصَّاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي ارْتَفع

(1)

أخرجه البزار (9518). قال البزار: وهذا لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد من هذا الوجه.

قال الهيثمي في المجمع 1/ 72: رواه البزار، ورجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره. فتابعيه مجهول.

وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (315) و (467) و (2122).

ص: 111

بَصرِي إِلَى فَوق والربابة هُنَا هِيَ السحابة الْبَيْضَاء.

قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم: وَقد جَاءَ عَن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف ومعاذ بن جبل وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَن من ترك صَلَاة فرض وَاحِدَة مُتَعَمدا حَتَّى يخرج وَقتهَا فَهُوَ كَافِر مُرْتَد وَلَا نعلم لهَؤُلَاء من الصَّحَابَة مُخَالفًا.

قَالَ الْحَافِظ عبد الْعَظِيم قد ذهب جمَاعَة من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ إِلَى تَكْفِير من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدًا لتركها حَتَّى يخرج جَمِيع وَقتهَا مِنْهُم عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس ومعاذ بن جبل وَجَابِر بن عبد الله وَأَبُو الدَّرْدَاء رضي الله عنهم وَمن غير الصَّحَابَة أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَعبد الله بن الْمُبَارك وَالنَّخَعِيّ وَالْحكم بن عتيبة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب وَغَيرهم رَحِمهم الله تَعَالَى.

وقوله: ابن المبارك فهو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلى قال وهب بن زمعة عن معاذ بن خالد بن شقيق: تعرفت إلى إسماعيل بن عياش بعبد الله بن المبارك. فقال إسماعيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل عبد الله بن المبارك، ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير، إلا وقد جعلها فيه

(1)

. وقال عمار بن الحسن يمدحه ببيتين:

إذا سار عبدُ الله من مَرْوَ ليلةً

فقد سار عنها نورُها وجمالُها

(1)

تاريخ بغداد 10/ 157.

ص: 112

إذا ذُكر الأخيارُ في كلِّ بلدةٍ

فهم أنجمٌ فيها وأنت هِلالُها

(1)

وأما النخعى: فهو بفتح النون والخاء هو إبراهيم النخعى بن يزيد الإمام الجليل فقيه العراق أبو عمران الكوفى كان من العلماء الصالحين وكان صيرفى الحديث متوقيا للشهرة إلا أنه كان كثير الإسراف يشترى الإوز ويسمنه ويهديه إليهم قال أبو حنيفة: عن حماد، قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج، فسجد، ورأيته يبكي من الفرح

(2)

، وكان سعيد بن جبير يقول لأهل الكوفة تستفتوني وفيكم إبراهيم النخعي وقالت هنيدة زوجة إبراهيم أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما مات إبراهيم في آخر سنة خمس وتسعين كهلا قبل الشيخوخة، وهو ابن تسع وأربعين سنة فى السنة التى قطع الله فيها الحجاج بن يوسف الثقفى في ليلة مباركة على الأمة ليلة سبع وعشرين من رمضان وله خمس وخمسون سنة أو دونها

(3)

قاله فى الديباجة.

وأما الحكم بن عتيبة بفتح الحاء والكاف وعتيبة بضم العين وبالمثناة من فوق والمثناة من تحت والباء الموحدة تصغيرا لعتبة فناء الدار هو الإمام التابعى الجليل وسيأتى الكلام على مناقبه

(4)

.

(1)

تاريخ بغداد 10/ 163.

(2)

ابن سعد 6/ 280.

(3)

انظر ترجمته: طبقات ابن سعد 6/ 270، طبقات خليفة ت 1140، تاريخ البخاري 1/ 333، المعارف 463، المعرفة والتاريخ 2/ 100)

(4)

انظر: الطبقات (6/ 331 - 332)، الجرح (3/ 123 - 125 رقم 567)، تهذيب الكمال (7/ 114 - 120).

ص: 113

وأيوب السختيانى بفتح السين وسكون الخاء وكسر التاء المثناة وفتح المثناة من تحت وبعد الألف نون وياء النسبة، وقال السمعاني: هذه النسبة إلى عمل السختيان وبيعه، وهى الجلود الضائنة بفتح الضاد بعدها الألف وهمزة مكسورة ثم نون وهى جلود غنم الضأن هكذا ضبطه الجوهري وقال صاحب العلم المشهور قال إسماعيل بن إسحاق سمعت على بن المدينى يقول: أربعة من أهل الأمصار يسكن القلب إليهم في الحديث: يحيى بن سعيد بالمدينة، وعمرو بن دينار بمكة، وأيوب السختيانى بالبصرة، ومنصور بالكوفة، وكان أيوب من عباد العلماء سيسع جلود السختيان بالبصرة وهى جلود المعزى المدبوغة وهو أحد أئمة الجماعة في الحديث والأمانة والاستقامة، قال الحسن: أيوب سيد شباب أهل البصرة وكان ابن سيرين إذا حدثه أيوب بالحديث يقول: حدثني الصدوق قال سلام: كان أيوب السختياني يقوم الليل كله ويخفى ذلك فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة قال حماد بن زيد: غدا علي ميمون أبو حمزة يوم الجمعة، قبل الصلاة، فقال: إني رأيت البارحة أبا بكر، وعمر رضي الله عنهما في النوم، فقلت لهما: ما جاء بكما؟ قالا: جئنا نصلي على أيوب السختياني. قال: ولم يكن علم بموته. فقيل له: قد مات أيوب البارحة ومناقبه كثيرة مشهورة، والله أعلم. صفحة غير واضحة وفي آخرها:

آخر الجزء الأول من شرح الترغيب والترهيب المسمى "فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب" للفقيه حسن بن علي الفيومي المقيم

ص: 114

بالجامع الزاهدي بالمقسم عفا الله عنه ووافق الفراغ

غرة شهر رجب الفرد سنة

وثمانمائة

حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله ويتلوه في الجزء الثاني

كتاب النَّوافِل

(1)

فقال: يكونون في برزخ، ونقل ابن القيم في المسألة ثمانية أقوال ذكرها في شرح مختصر السنن

(2)

ولم القول بأنهم في الأعراف فقال: شيخنا السبكي

(3)

: لا أعرفه ولا أعلم حديثا، ورد به ولا قاله أحد من العلماء مع أن السكوت عن مثل هذه المسألة أولى أ. هـ، قاله في شرح الإلمام، فهذا الحديث وهو حديث سمرة نص في عذاب البرزخ فإن رؤيا الأنبياء وحي مطابق لما في نفس الأمر ومما ينبغي أن تعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر، فلو أكلته السباع أو أحرق حتى صار رمادا أو نسف في الهواء أو طلب أو غرق في البحر ووصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل على المقبور، أ. هـ، قاله ابن قيم الجوزية

(4)

.

وفي هذا الحديث التحذير عن الكذب والرواية بغير الحق وعن ترك قراءة القرآن والعمل به والتغليظ على الزنا والربا وسعادة صبيان الخلائق كلهم،

(1)

من هنا من النسخة المغربية تكملة للجزء الأول

(2)

حاشية ابن القيم المطبوعة مع عون المعبود (12/ 320).

(3)

فتاوى السبكى (2/ 364).

(4)

الروح (ص 58 - 59).

ص: 115

وتفضيل الشهداء على غيرهم، وهذه رؤيا منوطة بالحكم مشتملة على الفوائد، ووجه الضبط في هذه الأمور أن الحال لا يخلو من الثواب والعذاب، فالعذاب إما على ما يتعلق بالقول أو بالفعل، والثاني إما على بدني وهو الزنى ونحوه أو مالي وهو الربا ونحوه، والثواب إما لرسول الله ودرجته فوق الكل مثل السحابة، وأما الأمة وهي ثلاث درجات الأدنى للصبيان والأوسط للعامة والأعلى للشهداء مما وجه كونه تحت الشجرة وهو خليل الله وأبو الأنبياء

(1)

.

قلت: فيه إشارة إلى أنه الأصل في الملة وأن كل من بعده من الموحدين فهو تابع له وعمره يصعدون شجرة الإسلام ويدخلون الجنة، أ. هـ قاله الكرماني

(2)

.

قال ابن بطال: فيه وعيد شديد لمن حفظ القرآن ولم يقرأ بالليل ولمن تحدث بالكذب لا تثبت في الرواية، وفيه فضل تعبير الرؤيا وأن من قدم خيرا وجده غدا في القيامة لقوله:"أتيت منزلك"

(3)

أ. هـ.

قول الحافظ رحمه الله: قد ذهب جماعات من الصحابة ومن بعدهم إلى تكفير من ترك الصلاة متعمدا لتركها حتى خرج جميع وقتها منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجماعة غير من ذكر،

(1)

الكواكب الدراري (7/ 157).

(2)

الكواكب الدراري (7/ 157).

(3)

الكواكب الدراري (7/ 157).

ص: 116

وتقدم الكلام على مناقبهم رضي الله عنهم، ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل تقدم الكلام على مناقبه وإسحاق بن راهوية، سيأتي الكلام عليه وعبد الله بن المبارك، قال إسماعيل بن عياش: ما على وجه الأرض مثل عبد الله بن المبارك ولا أعلم أن الله خلق خصلة من خصال الخير إلا جعلها فيه

(1)

، وقال عمار بن الحسن يمدحه

(2)

:

إِذَا سَارَ عَبْدُ الله مِنْ مَرْوَ لَيْلَةَ

فَقَدْ سَارَ مِنْهَا نُوْرُهَا وَجَمَالُهَا

إِذَا ذُكِرَ الأَخْيَارُ مِنْ كُلِّ بَلْدَةٍ

فَهُم أَنْجُمٌ فِيْهَا وَأَنْتَ هِلَالُهَا

والنخعي هو: بفتح النون والخاء منسوب إلى النخع جد قبيلة هو إبراهيم النخعي بن يزيد الإمام [قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع النخعي] أبو عمران الكوفي كان من العلماء الصالحين وكان صيرفي الحديث [متوقيا] للشهرة [وكان] يأتي الأمراء ويشتري [الوز ويسمنه ويهديه إلى الأمراء روي] أبو حنيفة عن حماد قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فسجد شكرًا لله وبكي من الفرح وكان سعيد بن جبير يقول: [لأهل الكوفة] تستفتوني وفيكم إبراهيم النخعي وكان يصوم يوما ويفطر يوما، مات في آخر سنة خمس وتسعين وهو ابن أربع 6 وأربعين سنة

(3)

وهي

(1)

تاريخ بغداد (11/ 394)، وتاريخ دمشق (32/ 426).

(2)

تاريخ بغداد (11/ 402)، والمنتخب من معجم شيوخ السمعاني (ص 308 - 309).

(3)

جاء في جامع الأصول (12/ 160)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 105): توفى سنة ست وتسعين، وهو ابن تسع وأربعين سنة. وقال البخاري: ابن ثمان وخمسين سنة قال محمد بن سعد كما في الطبقات (6/ 291) وقال غيره: وأجمعوا على أنه توفي في سنة =

ص: 117

السنة التي قلع الله فيها الحجاج بن يوسف الثقفي في [ليلة مباركة] على الأمة ليلة سبع [وعشرين من] رمضان وله خمس [وخمسون] سنة

(1)

أ. هـ قاله في الديباجة.

والحكم بفتح الكاف بن عتيبة بالمثناة من فوق ثم المثناة من تحت ثم الباء الموحدة مصغر العتبة فناء الدار: الإمام الجليل وأيوب السختياني بفتح السين وسكون الخاء المعجمة وكسر التاء المثناة فوق وفتح الياء المثناة تحت وبعد الألف نون، وياء النسبة منسوب إلى عمل السختيان وبيعه وهي الجلود الضائنة

(2)

بفتح الضاد المعجمة وبعد الألف همزة مكسورة ثم نون وهي جلود غنم الضأن هكذا ضبطه الجوهري في صحاحه، قال صاحب العلم المشهور

(3)

قال إسماعيل بن إسحاق: سمعت علي بن المديني يقول: أربعة من أهل الأمصار يسكن القلب إليهم في الحديث يحيى بن سعيد بالمدينة وعمرو بن دينار بمكة وأيوب السختياني بالبصرة ومنصور بالكوفة

(4)

، وكان أيوب من عباد العلماء يبيع جلود السختيان بالبصرة وهي جلود المعزى المدبوغة وهو أحد أئمة الجماعة في الحديث والإمامة

= ست وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك بالكوفة. وهو ابن تسع وأربعين سنة لم يستكمل الخمسين.

(1)

تذكرة الحفاظ (1/ 59)، والعبر في خبر من غبر (1/ 84).

(2)

الأنساب (7/ 96)، واللباب (2/ 108).

(3)

العلم المشهور (لوحة 6).

(4)

أسنده ابن عبد البر في التمهيد (1/ 340 - 341).

ص: 118

والحفظ والاستقامة، قال الحسن أيوب سيد شباب أهل البصرة، وكان ابن سيرين إذا حدثه أيوب بالحديث قال: حدثني الصدوق قال سلام: كان أيوب السختياني يقوم الليل كله ويخفي ذلك فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة، قال حماد بن زيد: غدا علي [أبو حمزة] ميمون يوم الجمعة قبل الصلاة فقال: إني رأيت البارحة أبا بكر وعمر في المنام فقلت لهما: ما جاء بكما قالا: جئنا نصلي على أيوب السختياني، قال: ولم يكن لميمون علم بموته فقلت له: قد مات البارحة، أ. هـ. مناقبه كثيرة مشهورة.

قال الغزالي في بعض كتبه الأصوليه

(1)

: لو زعم زاعم أن بينه وبين الله تعالى حالة أسقطت عنه الصلاة وأحلت له شرب الخمر وأكل مال السلطان كما زعم بعض الصوفية فلا شك في وجوب قتله وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر لأن ضرره أكثر والله أعلم قاله الكمال الدميري في شرحه [على المنهاج]

(2)

.

(1)

فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة (ص 65).

(2)

النجم الوهاج (2/ 593).

ص: 119