الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل
993 -
عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وأرضاه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من نَام عَن حزبه أَو عَن شَيْء مِنْهُ فقرأه فِيمَا بَين صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الظّهْر كتب لَهُ كَأَّنمَا قَرَأَهُ من اللَّيْل رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيمَة في صحِيحه
(1)
.
قوله: عن عمر تقدم الكلام على عمر بن الخطاب مطولا في حديث "إنما الأعمال بالنيات" في أول الكتاب.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل " يعني: من كان له ورد في الليل من قراءة القرآن وعدد ركعات ونام ولم يستيقظ إلا وقت الصبح وفاته ورده فإذا فعل ورده بالنهار قبل الظهر فكأنه صلى بالليل
(2)
، والحزب ما يجعله الإنسان على نفسه من قراءة أو صلاة أو ذكر
(3)
، وأصل الحزب النوبة في ورد ورد الماء وسمي ما يجعله الإنسان على نفسه في وقت ما من قراءة أو صلاة
(1)
أخرجه مسلم (142 - 747)، وابن ماجه (1343)، وأبو داود (1313)، والترمذي (581)، والنسائي في المجتبى 3/ 503 (1806)، وابن خزيمة (1171).
(2)
المفاتيح (2/ 280).
(3)
شرح السنة (4/ 114)، ومشارق الأنوار (1/ 190 - 191)، ومطالع الأنوار (2/ 266)، وغريب الحديث (1/ 209)، وجامع الأصول (2/ 474).
أو ذكر حزبا تشبيها بذلك
(1)
، وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا فاتته صلاة من الليل من وجع أو غيره صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة
(2)
، قال النووي في الأذكار
(3)
: ينبغي لمن كانت له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها، قال القرطبي
(4)
: هذا تفضل من اللّه تعالى ودليل على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلب عليه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القام لما روى في حديث أبي الدرداء يبلغ به عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه"
(5)
الصواب الذي عليه الأكثرون أن ثوابه يحصل كاملا مضاعفا بسبب عذره المتقدم هذا قول بعض شيوخنا وقال بعضهم: يحتمل أن يكون غير مضاعف إذ الذي يصليها أكمل
(1)
شرح السنة (4/ 114)، ومشارق الأنو ار (1/ 190 - 191)، ومطالع الأنوار (2/ 266).
(2)
أخرجه مسلم (140 و 141 - 746).
(3)
الأذكار (ص 13).
(4)
المفهم (7/ 18 - 19).
(5)
أخرجه ابن ماجه (1344)، والنسائي في المجتبى 3/ 501 (1803) والكبرى (1463)، وابن خزيمة (1172)، والحاكم (1/ 311). وصححه الألباني صحيح الترغيب (21) و (601)، الإرواء (454)، الروض النضير (735).
وأفضل قال: والظاهر الأول فإن الثواب فضل من الكريم الوهاب.
قوله: "فقرأه فيما بين صلاة الفجر والظهر" وإنما خص قبل الظهر بالذكر لأنه متصل بآخر الليل من غير أن يفصل بينهما فريضة نوم
(1)
، وقد رأى مالك أن يصلي حزبه من فائتة بعد طلوع الفجر وهو عنده وقت ضرورة كمن غلب على حزبه وفاته كما يقول في الوتر
(2)
، أ. هـ قال بعض الشافعية: قلت ولا مانع من أن يراد بالقراءة الصلاة وبعد صلاة الفجر إنما تكره صلاة لا سبب لها.
قوله: "فكأنما قرأه من الليل" أي: فكأنما فعله في الليل كالنية في صوم النفل فإنها مجزئة قبل الزوال.
خاتمة: قال القاضي أبو بكر بن العربي في الأحكام في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً}
(3)
بعد أن ذكر هذا الحديث: سمعت ذانشمند الأكبر يقول: إن اللّه خلق العبد حيا عالما وبذلك كماله وسلط عليه آفة النوم وضرورة الحدث ونقصان الخلقة إذ الكمال المطلق للأول الخالق فما أمكن الرجل من دفع النوم بقلة الأكل والسهر [في الطاعة فليفعل] ومن
(1)
كذا في الأصل وهو نقل عن المفاتيح (2/ 280 - 281) وعنه نقل الطيبى في المشكاة (4/ 1215) ولفظه: إنما خص قبل الظهر بهذا الحكم، لأنه متصل بآخر الليل بغير فصل، سوى صلاة الصبح.
(2)
المفهم (7/ 19).
(3)
سورة الفرقان، الآية:62.
الغبن العظيم أن يعيش الرجل ستين سنة ينام ليلها فيذهب النصف من عمره لغوا، وينام سدس النهار راحة فيذهب ثلثا ويبقى له من العمر عشرون سنة، ومن الجهالة والسفاهة أن يصرف الرجل ثلثي عمره في لذة فانية ولا يصرف عمره في لذة باقية عند الغني الوفي الذي ليس بعديم ولا ظلوم
(1)
.
(1)
أحكام القرآن (3/ 450).