المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة]

- ‌[الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر]

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في مواضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدي المصلي

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌فصل فى النفل واشتقاقه

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتي عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌التَّرْهِيب من صَلَاة الإِنْسَان وقراءته حَال النعاس

- ‌التَّرْهِيب من نوم الإنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي آيَات وأذكار يَقُولهَا إِذا أصبح وإذا أَمْسَى

- ‌التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الضُّحَى

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة التَّسْبِيح

- ‌[عدة في خدم المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة التَّوْبَة

- ‌[بعض مناقب أبي بكر الصديق]

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الْحَاجة ودعائها

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة الاستخارة وَمَا جَاءَ فِي تَركهَا

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعي إليها وما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌في الترهيب من ترك الجمعة

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌فصل يذكر فيه الأغسال المسنونة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

- ‌التَّرْهِيب من تخطي الرّقاب يَوْم الْجُمُعَة

- ‌التَّرْهِيب من الْكَلَام وَالْإِمَام يخْطب وَالتَّرْغِيب فِي الْإِنْصَات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءة سُورَة الْكَهْف وَمَا يذكر مَعهَا لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وأداء وُجُوبِها

الفصل: ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

1059 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة ثمَّ رَاح فِي السَّاعَة الأولى فَكَأنَّمَا قرب بَدَنَة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأنَّمَا قرب بقرة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّالِثَة فَكَأنَّمَا قرب كبْشًا أقرن وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة وَمن رَاح فِي السَّاعَة الْخَامِسَة فَكَأنَّمَا قرب بَيْضَة فَإِذا خرج الإِمَام حضرت الْمَلَائِكَة يَسْتَمِعُون الذّكر رَوَاهُ مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه

(1)

.

1060 -

وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه: "إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وقفت الْمَلَاِئكَة على بَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ الأول فَالأول وَمثل المهجر كَمثل الَّذِي يهدي بَدَنَة ثمَّ كَالَّذي يهدي بقرة ثمَّ كَبْشًا ثمَّ دجَاجَة ثمَّ بَيْضَة فَإِذا خرج الإِمَام طَوَوْا صُحُفهمْ يَسْتَمِعُون الذّكر" وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه بِنَحْوِ هَذِه

(2)

.

1061 -

وَفِي رِوَايَة لَهُ أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: "المستعجل إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي بَدَنَة وَالَّذِي يَلِيهِ كالمهدي بقرة وَالَّذِي يَلِيهِ كالمهدي شَاة وَالَّذِي

(1)

البخاري (881)، ومسلم (850)، ومالك في الموطأ (266) وأبو داود (351)، والترمذي (499)، والنسائي (3/ 99)، وأحمد (9926)، وابن حبان (2775).

(2)

البخاري (929)، ومسلم (850)، وابن ماجه (1092)، والنسائي (3/ 97)، وابن خزيمة (1769).

ص: 626

يَلِيهِ كالمهدي طيرًا"

(1)

.

وَفِي أُخْرَى لَهُ قَالَ: "على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسَاجِد يَوْم الْجُمُعَة ملكان يكتبان الأول فَالأول كَرجل قدم بَدَنَة وكرجل قدم بقرة وكرجل قدم شَاة وكرجل قدم طيرا وكرجل قدم بَيْضَة فَإِذا قعد الإِمَام طويت الصُّحُف"

(2)

.

"المهجر": هُوَ المبكر الْآتِي فِي أول سَاعَة.

قوله: عن أبي هريرة تقدم الكلام على ترجمته مبسوطًا.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة" الحديث معناه: والله أعلم غسلا كغسل الجنابة في الصفات وإنما قال ذلك لئلا يتساهل فيه ولا تكمل آدابه ومندوباته، لكنه سنة وليس بواجب هذا هو المشهور في معناه ولم يذكر جمهور العلماء غيره، قال النووي

(3)

: وقال بعض أصحابنا في كتب الفقه المراد غسل الجنابة حقيقة قالوا ويستحب له مواقعة زوجته ليكون أغض لبصره واسكن لنفسه وهذا ضعيف أو باطل والصواب ما قدمناه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم راح في الساعة الأولى" اختلف العلماء في المراد بالرواح من قوله صلى الله عليه وسلم: "من راح في الساعة الأولى" فقيل المراد بالرواح الذهاب من أول النهار والساعات محسوبة من ذلك وذهب مالك وكثير من أصحابه والقاضي حسين وإمام الحرمين من أصحابنا أن المراد بالساعات هنا لحظات لطيفه بعد الزوال، والرواح عندهم بعد الزوال وَادَّعَوْا أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ

(1)

ابن خزيمة (1768)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (710).

(2)

ابن خزيمة (1770) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (710).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 135) والمجموع (4/ 539).

ص: 627

فِي اللُّغَةِ وحجة مالك أن التبكير لا يكون إلا بعد الزوال لأنه مقابل للغدو وأنكر مالك التبكير إليها من أول النهار، وقال لم ندرك عليه أهل المدينة

(1)

، ومذهب أحمد وأبي حنيفة والشافعي وجماهير أصحابه وابن حبيب المالكي وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها أول النهار والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وأخره، يقال: راح القوم وتروحوا إذا ساروا أي وقت كان، وقال الأزهري

(2)

: لغة العرب أن الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو في الليل وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث، والمعنى لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة تكتب من جاء في الساعة الأولى وهو كالمهدي بدنة ثم من جاء في الساعة الثانية كالمهدي بقرة ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة، هذا المذكور من أن الساعات الخمس هو المشهور في كتب الحديث، وفي رواية النسائي

(3)

ست ساعات فإذا خرج الإمام طووا الصحف ولم يكتبوا بعد ذلك أحداٍ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الجمعة متصلا بالزوال وهو بعد انقضاء الساعة السادسة، فدل على أنه لا شئ من الهُدى ولا من الفضيلة لمن جاء بعد الزوال، ولأن ذكر الساعات إنما كان للحث على التبكير إليها والترغيب في فضل السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال لأن النداء

(1)

إعلام الساجد (ص 358 - 359).

(2)

ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/ 368).

(3)

سنن النسائي (1388) والحديث متفق عليه في البخاري (881)، ومسلم (850).

ص: 628

يكون حينئذ ويحرم التخلف بعد النداء

(1)

والله أعلم.

قال: النووي

(2)

واختلف أصحابنا هل تعتبر الساعات من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس؟ والأصح عندهم من طلوع الفجر

(3)

لأنه أول النهار في عرف الشرع عندنا

(4)

، وقال في مختصر الكفاية: أولها من طلوع الشمس، فلذلك ندب التبكير منه وهو وجه في المسألة ليكون ما قيل ذلك للغسل والتأهب

(5)

وقيل ليس المراد بالساعات الأربع والعشرين لأنها تنقص في الشتاء وتزيد في الصيف، فلو قلنا بذلك كانت الجمعة في الشتاء عند العصر لأنه صلى الله عليه وسلم عدَّ خمس ساعات وجعل السادسة وقتها للجمعة بل المراد ترتيب الدرجات وفضل السابق على الذي يليه لئلا يستوي من جاء في طرفي ساعة، بهذا جزم الرافعي وتبعه في الروضة

(6)

. وقال النووي في شرح مسلم

(7)

: والأصح أن الساعة معتبره من طلوع الفجر ثم إن من جاء في أول ساعة من

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 135 - 136) والمجموع (4/ 540). وعمدة القاري (6/ 173).

(2)

ينظر: المجموع شرح المهذب (4/ 485).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 136).

(4)

كفاية النبيه (4/ 374).

(5)

مختصر الكفاية الوحة 4/ خ 2176 ظاهرية).

(6)

كفاية النبيه (4/ 374)، وشظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (2/ 539) منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه (ص: 46) التذكرة في الفقه الشافعي لابن الملقن (ص: 37).

(7)

شرح النووي على مسلم (6/ 136).

ص: 629

هذه الساعات، ومن جاء في آخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش، ولكن بدنة الأول أكمل من بدنة من جاء في آخر الساعة، وبدنة المتوسط متوسطة، وهذا كما أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجه، ومعلوم أن الجماعة تطلق على الإثنين وعلى ألوف، فمن صلى في جماعة هم عشرة ألوف له سبع وعشرون درجة، ومن صلى مع إثنين له سبع وعشرون درجه، لكن درجات الأول أكمل وأشباه هذا كثيرة معروفة، وفيما ذكرته جواب عن اعتراض ذكره القاضي عياض

(1)

والله أعلم، ا. هـ.

وقال في مختصر الكفاية

(2)

: أن من قرب بقرة لا يساويه في الفضيلة من قرب بقرة دونها وان استويا في أصل البقرة، كمن أتى بالصلاة مستوفية السثن واقتصر آخر على الإتيان بفرضها، فلا يبعد أن يسوي الشرع بينهما في أصل الفضل إذا حضر في ساعة ويزيد فضل المتقدم

(3)

ا. هـ.

وهذا هو الذي اختاره النووي في شرح المهذب

(4)

في معنى الحديث ا. هـ.

(1)

ينظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 21)

(2)

ينظر: المدونة (1/ 227) التاج والإكليل لمختصر خليل (2/ 517) حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (1/ 368) حاشية الصاوي على الشرح الصغير - بلغة السالك لأقرب المسالك (1/ 493) الرسالة للقيرواني (ص: 46) النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (1/ 451) التلقين في الفقة المالكي (1/ 51) الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 248) الذخيرة للقرافي (2/ 327).

(3)

كفاية النبيه (4/ 376 - 377).

(4)

ينظر: المجموع شرح المهذب (4/ 541).

ص: 630

وقال أبو طالب المكي في كتابه "قوت القلوب"

(1)

: الساعة الأولى من صلاة الصبح، والثانية عند ارتفاع الشمس، والثالثة عند انبساطها، وهو الضحى الأعلى إذا رمضت الأقدام بحر الشمس، والرابعة قبل الزوال، والخامسة إذا زالت الشمس أو مع استوائها، ولا فضل لمن أتى بعد الساعة الخامسة إلا فضيلة صلاة الجمعة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فكأنما قرب بدنة" أتى تعرف بها وقال في النهاية

(2)

أي كأنما أهدى ذلك إلى الله تعالى، كما تهدى القربات إلى بيت الله الحرام، والبدنة: قال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء يقع على الواحدة من الإبل والبقر وسميت بذلك لعظم بدانتها

(3)

، وهي الضخامة لأنها تبدن أي تسمن

(4)

. وخصها جماعة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق لتصريح الحديث بذلك، والبدنة والبقرة تقعان على الذكر والأنثى باتفاقهم

(5)

وشرطها أن تكون في سن الأضحية عند الفقهاء واللغويين. وجمع البدنة بدن وقال الله تعالى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} أي من أعلام دين الله لكم

(6)

فيها فيها خير، قال ابن عباس:"نفع في الدنيا و أجر في الآخرة"

(7)

.

(1)

ينظر: الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (6/ 2) فتح الباري لابن حجر (2/ 354).

(2)

النهاية (4/ 32).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 136).

(4)

الغريبين (1/ 157)

(5)

شرح النووي على مسلم (6/ 136 - 137).

(6)

النجم الوهاج (9/ 499)، وحياة الحيوان (1/ 168).

(7)

تفسير ابن أبي حاتم - محققا (8/ 2494)، وحياة الحيوان (1/ 168).

ص: 631

قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة" أي تصدق بها والبقرة تقع على الذكر والأنثى

(1)

. بالاتفاق كما تقدم.

فائدة: قال في شرح الإلمام: وقد أجمع العلماء على أن الإبل أفضل من البقر في الهدايا، و اختلفوا في الأضحية فمذهب الشافعي وأبي حنيفة والجمهور كذلك، ثم البقر ثم الغنم لهذا، ومذهب الإمام مالك أن الأفضل فيها الغنم ثم البقر ثم الإبل

(2)

نظرا إلى طيب اللحم

(3)

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين

(4)

، قلنا قلنا طيب اللحم لا يوازي الكثرة وعموم النفع، وأما الضحية بكبشين فبحسب ما وجد أو لتبيين الجواز، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر

(5)

قالوا: لا نسلم فإنما هو هدي وأطلق الراوي عليه التضحية لشبهها به، ولان ذلك في منى ولا ضحية على الحاج قلنا: لا نسلم بل أكثر أهل العلم على أنهم يضحون والهدي اسم له يجمعه ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند التعذر والله

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 136 - 137).

(2)

انظر: شرح النووي على مسلم (6/ 137)

(3)

انظر المنتقى (2/ 315) و (3/ 88) والمسالك (5/ 174) وإكمال المعلم (6/ 405).

(4)

أخرجه البخاري (1551) و (1712) و (1714) و (1715)، ومسلم (17 و 18 - 1966)، وابن ماجه (3120)، وأبو داود (2793) و (2794)، والترمذي (1494)، والنسائي في المجتبى 7/ 121 (4426) و 7/ 131 (4427) و (4428) و 7/ 151 (4456) و (4457) و 7/ 152 (4458 و 4459) عن أنس.

(5)

انظر: شرح النووي على مسلم (6/ 137). وتضحيته (د) بالبقر: أخرجه البخاري (294) و (5548) و (5559) ومسلم (119 - 1211)، وابن ماجه (2963)، والنسائي في المجتبى 1/ 434 (295) عن عائشة.

ص: 632

أعلم.

وأيضًا فما يجزئ عن سبعة كيف لا يكون أفضل مما يقع عن واحدة لا غير وفيه فضيلة الهدايا والقربات والصدقات وأن المراد بالإهداء هنا الصدقة والتقرب.

واعلم أن الهدي المطلق يقع على الإبل والبقر والغنم ويجوز إطلاقه على سواها بقيد وقرينة والله أعلم ا. هـ.

وَسُمِّيَتْ بَقَرَةٌ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا بِالْحِرَاثَةِ وَالْبَقْرُ بإسكان القاف الشَّقُّ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ بَقَرَ بَطْنَهُ وَمِنْهُ سُمِّيَ مُحَمَّد الْبَاقِرُ رضي الله عنه: لِأَنَّهُ بَقَرَ الْعِلْمَ وَدَخَلَ فِيهِ مَدْخَلًا بَلِيغًا وَوَصَلَ مِنْهُ غَايَةً مَرْضِيَّةً

(1)

ومنه أيضا حديث عمر رضي الله عنه "اتَّقُوا اللهَ فِي الْفَلَّاحِينَ"

(2)

يَعْنِي الزَّرَّاعين الَّذِينَ يَفْلَحونَ الأَرض أَي يشقونها

(3)

ا. هـ

قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن" الحديث، وصف الكبش بأقرن لأنه أكمل وأحسن صورة وأن قرنه ينتفع به، والكبش الأقرن هو الذي التقى طرفا قرنيه من العظم

(4)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 137)، والعدة (2/ 685).

(2)

أخرجه يحيى بن آدم في الخراج (132)، وسعيد بن منصور في السنن (2625)، وابن أبي شيبة 6/ 483 (33120)، والبيهقي في الكبرى (9/ 155 رقم 18159) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب، عن عمر بن الخطاب.

(3)

المجموع المغيث (2/ 635 - 636)، والنهاية (3/ 469).

(4)

شرح النووي على مسلم (6/ 137) والعدة (2/ 686).

ص: 633

قوله: صلى الله عليه وسلم "ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة" أي تصدق بها، والدجاجة مثلثة الدال حكاه ابن معين الدمشقي، وابن مالك وغيرهما، الواحدة دجاجة، الذكر والأنثى فيه سواء سميت الدجاجة دجاجة لإقبالها وإدبارها يقال: دَجَّ القَوْمُ يَدِجُّونَ دَجًّا ودَجِيجًا ودَجَجانًا: مَشَوْا مَشْيًا رُوَيْدًا فِي تَقارُبِ خَطْوٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُقْبِلُوا وَيُدْبِرُوا

(1)

والله أعلم.

أعجوبة ومن عجب أمرها أنه يمر بها سائر السباع فلا تخشاها فإذا مر بها ابن أوى وهي على سطح رمت نفسها إليه وتوصف بقلة النوم وسرعة الانتباه، ويقال أن نومها واستيقاظها، وإنما هو بمقدار خروج النفس ورجوعه، ويقال: إنها تفعل ذلك من شدة الجبن وأكثر ما عندها من الحيلة أنها لا تنام على الأرض بل ترتفع على رف أو جزع أو جدار أوما قارب ذلك. وإذا غربت الشمس فزعت إلى تلك العادة وبادرت إليها والله أعلم قاله في حياة الحيوان

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة" والدجاجة والبيضة ليستا من الهدي وإنما هو من الإبل والبقر وفي الغنم خلاف

(3)

فهو محمول على حكم ما تقدم من الكلام لأنه لما قال أهدى بدنة وأهدى بقرة وشاة أتبعه الدجاجة والبيضة كما تقول: أكلت طعامًا وشرابًا والأكل يختص

(1)

حياة الحيوان (1/ 458) والمحكم لابن سيده (7/ 189).

(2)

حياة الحيوان (1/ 458).

(3)

شرح البخاري لابن بطال (2/ 482)، والنهاية (5/ 254).

ص: 634

بالطعام دون الشراب ومثله قول الشاعر: مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا.

والتقليد بالسيف دون الرمح ا. هـ. قاله في النهاية

(1)

.

لطيفة عجيبة: حكى ابن خلكان

(2)

في ترجمة الهيثم بن علي أن رجلا من الأولين كان يأكل وبين يديه دجاجة مشوية فجاءه سائل فرده خائبا وكان الرجل مترفًا فوقع بينه وبين امرأته فرقة، وذهب ماله، وتزوجت امرأته، فبينما الزوج الثاني يأكل وبين يديه دجاجة مشوية جاءه سائل له فقال لامرأته: ناوليه الدجاجة، فناولته، ونظرت إليه فإذا هو زوجها الأول فأخبرته بالقصة، فقال الزوج الثاني وأنا والله ذلك المسكين الأول، خولني الله نعمته وأهله لقلة شكره ا. هـ، قاله في حياة الحيوان

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" الحديث حضرت بفتح الضاد وكسرها لغتان مشهورتان

(4)

، الفتح أفصح وأشهر وبه جاء القرآن العزيز قال الله تعالى:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ}

(5)

الآية، وقالوا: المراد بهؤلاء الملائكة هنا هم غير الحفظة وظيفتهم كتابة حاضر الجمعة، قوله:"يستمعون الذكر" المراد بالذكر هنا: الخطبة، قوله: في الرواية الأخرى "ومثل

(1)

غريب الحديث (1/ 329 - 330) للخطابى، وإكمال المعلم (3/ 240)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 254).

(2)

وفيات الأعيان (6/ 108).

(3)

حياة الحيوان (1/ 461).

(4)

الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (2/ 632) لسان العرب (4/ 196).

(5)

سورة النساء، الآية:8.

ص: 635

المهجر" الحديث.

المهجر: هو المبكر الآتي في أول ساعة

(1)

ا. هـ. قاله الحافظ

(2)

.

وقال الخليل بن أحمد

(3)

وغيره من أهل اللغة وغيرهم: التهجير التبكير ومنه الحديث: "لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه" أي التبكير إلى كل صلاة هكذا فسروه، قال القاضي

(4)

: وقال الحربي عن أبي زيد عن الفراء وغيره: التهجير السير في الهاجرة، والصحيح هنا أن التهجير التبكير

(5)

.

قوله في الحديث: "فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" وفي الرواية الأخرى: "فإذا جلس الإمام طووا الصحف"

(6)

ولا تعارض بينهما بل ظاهر الحديثين أن بخروج الإمام يحضرون ولا يطوون الصحف فإذا جلس على المنبر طووها أي ولم يكتبوا بعد ذلك أحدا، وهذا يقوي ما قيل بأن الإمام يخرج في أول السابعة متصلا بالزوال وهم لا يكتبون أحدا حينئذ فكيف يقال أنها من الزوال وأيضا فإنه يحرم التخلف بعد النداء.

وفي هذا الحديث الحث على التبكير إلى الجمعة، وإلى كل عبادة وفضيلة بالسبق إليها

(7)

ا. هـ. قاله في شرح الإلمام.

(1)

القاموس المحيط (ص: 376) تاج العروس (11/ 37).

(2)

أي الحافظ المنذري ولنظر: فتح الباري لابن حجر (2/ 357).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 145).

(4)

إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 239)، وشرح النووي على مسلم (6/ 145).

(5)

شرح النووي على مسلم (6/ 145).

(6)

سبق تخريجه.

(7)

انظر: المجموع شرح المهذب (4/ 540 - 541)، وشرح النووي على مسلم (6/ 136، =

ص: 636

وفي الحديث: استحباب الجلوس للخطيب أول صعوده حتى يؤذن المؤذن وهو مستحب عند الشافعي ومالك والجمهور، وقال أبو حنيفة ومالك في رواية عنه أنه لا يستحب، ودليل الجمهور هذا الحديث مع أحاديث كثيرة في الصحيح، والدليل على أنه ليس بواجب أنه ليس من الخطبة

(1)

ا. هـ.

أما فقه حديث الجمعة: ففيه الحث على التبكير إلى الجمعة، وأن مراتب الناس في الفضيلة فيها وفي غيرها بحسب أعمالهم، وهو من باب قول الله عز وجل [إن أكرمكم عند الله أتقاكم]، وفيه أن القربات، والصدقة تقع على القليل والكثير، وقد جاء في رواية النسائي

(2)

: بعد الكبش بطة ثم دجاجة ثم بيضه، وفي رواية له: بعد الكبش دجاجة ثم عصفور ثم بيضة

(3)

، وإسناد الروايتين صحيحان قاله النووي في شرح مسلم

(4)

، وفيه أن التضحية بالإبل أفضل من البقر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم الإبل وقد جعل البقر في الدرجة الثانية، وقد أجمع العلماء على أن الإبل أفضل من البقر في الهدايا.

قوله في الرواية الأخرى: "وعلى كل باب من أبواب المساجد ملكان

= (6/ 136)، وطرح التثريب (3/ 171 - 172).

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 146).

(2)

أخرجه النَّسائيُّ (1385) وأحمد في المسند (2/ 259)، والدارمي في سننه (1544).

(3)

أخرجه النَّسائيُّ (1387)، وابن عبد البر في التمهيد (22/ 26)، عن أبي هريرة. والإمام أحمد في المسند (3/ 81)، عن أبي سعيد الخدري.

(4)

شرح النووي على مسلم (6/ 136).

ص: 637

يكتبان الأول فالأول" الحديث. الأول فالأول: بفتح الهمزة وتشديد الواو وظاهره أن الأول يستدعى ثانيا، فيه خلاف وينبني عليه ما لو قال: أول من يفعل كذا فهو جزاؤه فله درهم ففعله واحد ولم يفعله بعده أحد، هل يستحق أم لا؟ الراجح الأول وسمي الثاني أولا باعتبار الثالث، والثالث باعتبار الرابع، والمراد السابق، فتسمية الثاني سابقا باعتبار ما بعده صحيح، وتسميته الأول مجاز بهذا المعنى ا. هـ، قاله شارح الإلمام.

1062 -

وَعَن سَمُرَة بن جُنْدُب رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضرب مثل يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ التبكير كَأَجر الْبَقَرَة كَأَجر الشَّاة حَتَّى ذكر الدَّجَاجَة رَوَاهُ ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

قوله: وعن سمرة بن جندب الصحابي

(2)

، وجندب بضم الدال، وفتحها، هو أبو سعيد، ويقال أبو عبد الرحمن، وأبو عبد الله، وأبو سليمان، وأبو محمد سمرة بن جندب بن هلال بن حريج بحاء مهملة مفتوحة، ثم راء مكسورة، ثم مثناه تحت، ثم جيم، بن مرة بن عمرو بن جابر بن خشين بخاء مضمومة وشين معجمتين ابن غطفان الفزارى توفي أبوه وهو صغير فقدمت أمه المدينة فتزوجها أنصاري وكان في حجره، حتى كبر قيل أجازه النبي صلى الله عليه وسلم في المقاتلة يوم أحد وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوات ثم سكن البصرة، وكان زياد

(1)

ابن ماجه (1093)، والطبراني في الكبير (6968)، قال البوصيري في الزوائد (1/ 364)، هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (711).

(2)

الإصابة 2/ 78، الاستيعاب: 653، أسد الغابة 2/ 354.

ص: 638

يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، ويسخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة، وكان في كل واحدة منهما ستة أشهر وكان شديدا على الخوارج روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث وثلاثة وعشرون حديثا اتفقا منها على حديثين وانفرد البخاري بحديثيين، ومسلم بأربعة توفي رضي الله عنه: بالبصرة سنة تسع وقيل ثمان وخمسين، وقال البخاري

(1)

توفي سمرة بعد أبي هريرة يقال آخر سنة تسع وخمسين، ويقال سنة ستين، وفي صحيح البخاري ومسلم عن سمرة، قال: لقد كنت على عهد رسول صلى الله عليه وسلم غلاما فكنت أحفظ عنه فما منعني من القول إلا أن هنا رجالا هم أسن مني

(2)

. ذكره النووي في تهذيب الأسماء

(3)

.

قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب مثل الجمعة "ثم التبكير كأجر البقرة كأجر الشاة" الحديث تقدم معناه في الحديث قبله.

1063 -

وَعَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تقعد الْمَلَائِكَة يَوْم الْجُمُعَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد مَعَهم الصُّحُف يَكْتبونَ النَّاس فَإِذا خرج الإِمَام طويت الصُّحُف قلت يَا أَبَا أُمَامَة لَيْسَ لمن جَاءَ بعد خُرُوج الإِمَام جُمُعَة قَالَ بلَى وَلَكِن لَيْسَ مِمَّن يكْتب فِي الصُّحُف رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده مبارك بن فضَالة

(4)

.

(1)

التاريخ الكبير 4/ 176.

(2)

أخرجه البخاري (332 و 1331 و 1332) ومسلم (87 و 88 - 964) واللفظ لمسلم.

(3)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 235 - 236 ترجمة 233).

(4)

أحمد (22268)، والطبراني في الكبير (8085)، قال الهيثمي (2/ 177)، وفيه مبارك بن =

ص: 639

1064 -

وَفِي رِوَايَة لأحمد رضي الله عنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول تقعد الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد فيكتبون الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث حَتَّى إِذا خرج الإِمَام رفعت الصُّحُف ورواة هَذَا ثِقَات

(1)

.

قوله وعن أبي أمامة تقدم الكلام على أبي أمامة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "تقعد الملائكة يوم الجمعة على أبواب المساجد معهم الصحف يكتبون الناس فإذا خرج الإمام طويت الصحف "ويسن التبكير إلى الجمعة أي من المأمومين لقول الله تعالى [يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون] ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر "على كل باب من أبواب المسجد ملائكة الأول فالأول"

(2)

، وذكر حجة الإسلام الغزالي في الإحياء

(3)

أنه قيل أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجامع يوم الجمعة، وأن الناس في القرن الأول كانوا يمشون سحرا، والطرقات مملوه بالناس، وبالسُروج كأيام الأعياد ا. هـ. وتقدم الكلام على الملائكة أنهم غير الحفظة.

1065 -

وَعَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه: قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة خرجت الشَّيَاطِين يريثون النَّاس إِلَى أسواقهم وتقعد الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد

= فضالة وقد وثقه جماعة وضعفة آخرون، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (712).

(1)

أحمد (22242)، وقال الهيثمي (2/ 177)، ورواة أحمد ثقات.

(2)

أخرجه البخاري (929) و (3211)، ومسلم (24 و 25 - 850) عن أبي هريرة.

(3)

الإحياء (1/ 182).

ص: 640

يَكْتُبُونَ النَّاس على قدر مَنَازِلهمْ السَّابِق وَالْمُصَلي وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يخرج الإِمَام فَمن دنا من الإِمَام فأنصت واستمع وَلم يلغ كَانَ لَهُ كفلان من الأجر وَمن نأى فاستمع وأنصت وَلم يلغ كَانَ لَهُ كفل من الأجر وَمن دنا من الإِمَام فلغا وَلم ينصت وَلم يستمع كَانَ عَلَيْهِ كفلان من الْوزر وَمن قَالَ صه فقد تكلم وَمن تكلم فَلَا جُمُعَة لَهُ ثمَّ قَالَ: هَكَذَا سَمِعت نَبِيَّكُم صلى الله عليه وسلم يَقُول رَوَاهُ أَحْمد وَهَذَا لَفظه

(1)

.

وَأَبُو دَاوُد وَلَفظه: إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة غَدَتْ الشَّيَاطِين براياتها إِلَى الأسْوَاق فيرمون النَّاس بالترابيث أَو الربايث ويثبطونهم عَن الْجُمُعَة وتغدو الْمَلَائِكَة فَيَجْلِسُونَ على أَبْوَاب الْمَسَاجِد ويكتبون الرجل من سَاعَة وَالرجل من ساعتين حَتَّى يخرج الإِمَام فَإِذا جلس مَجْلِسا يستمكن فِيهِ من الاسْتِمَاع وَالنَّظَر فأنصت وَلم يلغ كَانَ لَهُ كفلان من الأجر فَإِن نأى حَيْثُ لا يسمع فأنصت وَلم يلغ كَانَ لَهُ كفل من الأجر فَإِن جلس مَجْلِسا لا يستمكن فِيهِ من الاسْتِمَاع وَالنَّظَر فلغا وَلم ينصت كَانَ لَهُ كفلان من وزر فَإِن جلس مَجْلِسا يستمكن فِيهِ من الاسْتِمَاع وَالنَّظَر ولغا وَلم ينصت كَانَ لَهُ كفل من وزر قَالَ وَمن قَالَ لصَاحبه يَوْم الْجُمُعَة أنصت فقد لَغَا وَمن لَغَا لَيْسَ لَهُ فِي جمعته شَيْء ثمَّ قَالَ فِي آخر ذَلِك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول ذَلِك

(2)

.

(1)

أحمد (719)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 177)، وفيه رجل لم يسم، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (712).

(2)

أبو داود (1051)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (657).

ص: 641

قَالَ الْحَافِظ: وَفِي إسنادهما راو لم يسم.

"الربايث": بالراء وَالْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ ألف وياء مثناة تَحت بعْدهَا ثاء مُثَلّثَة جمع ربيثة وَهِي الأمر الَّذِي يحبس الْمَرْء عَن مقْصده ويثبطه عَنهُ وَمَعْنَاهُ أَن الشَّيَاطِين تشغلهم وتقعدهم عَن السَّعْي إِلَى الْجُمُعَة إِلَى أَن تمْضِي الأوْقَات الفاضلة. قَالَ الْخطابِيّ: الترابيث لَيْسَ بِشَيْء إِنَّمَا هُوَ الربايث.

وَقَوله: "فيرمون النَّاس" إِنَّمَا هُوَ فيريثون النَّاس قَالَ وَكَذَلِكَ رُوِيَ لنا فِي غير هَذَا الحَدِيث. قَالَ الْحَافِظ: يُشِير إِلَى لفظ رِوَايَة أَحْمد الْمَذْكُورَة.

وَقَوله: "صه": بِسُكُون الْهَاء وتكسر منونة وَهِي كلمة زجر للمتكلم أَي اسْكُتْ والكفل بِكَسْر الْكَاف هُوَ النَّصِيب من الْأجر أَو الْوزر.

قوله: وعن علي بن أبي طالب هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي المكي المدني الكوفي أمير المؤمنين ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسم أبي طالب عبد مناف هذا المشهور، وقيل اسمه كنيته، وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل في قبرها كنية علي رضي الله عنه، أبو الحسن وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا تراب فكان أحب ما ينادى به إليه وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وأول خليفة من بني هاشم وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو

ص: 642

عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد العلماء الربانيين والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام وقد اختلف العلماء في أول من أسلم من الأمة فقيل خديجة، قال وإنما الخلاف في الأول بعدها قال العلماء، الأورع أن يقال أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان علي، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال، وأما زهده رضي الله عنه فهو من الأمر المشهور والتي اشترك في معرفتها الخاص والعام، وأما ما روي في مسند الإمام أحمد بن حنبل

(1)

، وغيره أنه قال: لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع، وإن صدقتي لتبلغ في اليوم أربعة الأف دينار، وفي رواية أخرى: أربعين ألف دينار، فقال العلماء: لم يرد به زكاة مال يملكه، وإنما أراد الوقوف [جمع وقف] التي تصدق بها وجعلها صدقة جارية وكان من قبلها يبلغ هذا القدر، قالوا: ولم يدخر قط مالا يقارب هذا المبلغ، ولم يترك حين توفي إلا ستمائة درهم. روى عن سفيان بن عيينة قال: ما بنى علي لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة، وروي أنه كان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم.

وأما الأحاديث الواردة في الصحيح فكثيرة في فضل علي رضي الله عنه وعن ابن عمر رضي الله عنه، قال:"آخَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه، فقال يا رسول الله أنت أخي في الدنيا والآخرة" رواه الترمذي

(2)

، وعن أم

(1)

أخرجه أحمد (1367) الدولابي في الكنى والأسماء 2/ 163.

(2)

أخرجه الترمذي (3720)، والحاكم في المستدرك (4288) و ابن الأعرابي في معجمه =

ص: 643

عطية رضي الله عنه: قالت: "بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم علي فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه يقول اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى تُرِيَنِي عَلِيًّا" رواه الترمذي

(1)

، وقال: حديث حسن، وكذلك الحديث الذي قبله، وعن أبي زر بن حبيش صاحب علي قال: قال علي: "وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ: "أَنْ لا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِن، وَلا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ " رواه مسلم

(2)

، وأحوال علي وفضائله في كل شيء مشهورة غير منحصرة، ولي الخلافة خمس سنين، وقيل إلا شهرا بويع بالخلافة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان لكونه أفضل الصحابة حينئذ، وذلك في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ذكره النووي في تهذيب الأسماء

(3)

.

قوله: إذا كان يوم الجمعة خرجت الشياطين يريثون النَّاس إِلَى أسواقهم الحديث، قد ضبطه الحافظ (أي المنذري) وفسره.

قوله: فمن دنا من الإمام أي قرب روى أبو داود في سننه

(4)

أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أحضروا الذكر وأدنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في

= (1366) وقال الألباني في الأحاديث الضعيفة (1/ 526): موضوع.

(1)

سنن الترمذي (3737) وقال الألباني في المشكاة (6090): ضعيف.

(2)

صحيح مسلم (131).

(3)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 344 - 350 ترجمة 430).

(4)

أخرجه أبو داود (1108) وأحمد (20118)، والحاكم (1/ 289)، والبيهقي (3/ 238) والطبراني في الصغير (346)، والبيهقي (3/ 238)، وصححه الألباني في الصحيحة (365).

ص: 644

الجنة وإن دخلها".

وفي القرب من الإمام أربع فوائد: فضل الصف الأول، واستماع الخطبة، واستماع قراءته في الصلاة، ومجالسة الملائكة فإنهم يحضرون عند المنبر يستمعون الخطبة.

قوله "فأنصت واستمع ولم يلغ" تقدم معنى الإنصات والاستماع في أول الحديث في أول باب الجمعة، ومعنى "لم يلغ" فيما لا يعنيه بكلام ليس فيه خير لأن الكلام في وقت الخطبة لغو بدليل قوله صلى الله عليه وسلم "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت".

فائدة: في الجمعة ثلاث خصال، الأولى: فيه ساعة لا يوافقها سائل إلا أعطاه الله مسألته، الثانية: من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى كالمتصدق ببدنة، الثالثة: أن من حضر الجمعة واستمع لها وترك اللغو رُحِم لقوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}

(1)

والمراد بالقرآن الخطبة، سميت قرآنا لأنه يتلى فيها القرآن، وتقدم ذلك.

قوله: كان له كفل من الأجر وقد فسره الحافظ

(2)

فقال: هو النصيب من الأجر والوزر. قوله: ومن نأى، أي بعد، قوله: ومن قال صه فقد تكلم، قد ضبط الحافظ هذه الكلمة وفسرها فقال هي كلمة زجر للمتكلم معناها اسكت ا. هـ.

(1)

سورة الأعراف، الآية:204.

(2)

يعني المنذري وانظر كذلك: فتح الباري لابن حجر (2/ 371).

ص: 645

وقال في النهاية

(1)

: صه كلمة زجر يقال عند الإسكات وتكون للواحد، وللاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بمعنى اسكت، وهي من أسماء الأفعال وتنون ولا تنون فإذا نونت فهي للتنكير كأنك قلت: اسكت سكوتا، وإذا لم تنون فالتعريف أي اسكت السكوت المعروف منك ا. هـ.

والكلام كله في حال الخطبة حرام إلا لضرورة تبيحه وإنما مثل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة لأن الكلام المفيد لا يكون أقل من حرفين وإذا حرم النطق بحرفين معناهما الأمر بالسكوت والإنصات، وهو أمر بخير ولا يكاد يفوت به سماع شيء من الخطبة فما ظنك بما طال من الكلام المباح وأشغل عن الاستماع بل ما ظنك بالكلام فيما لا يعني، اللهم سامحنا بكرمك فإنك أرحم الراحمين، ذكره الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح

(2)

.

قوله: "ومن تكلم فلا جمعة له" أي كاملة.

1066 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إِذا كانَ يَوْم الْجُمُعَة قعدت الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد فيكتبون من جَاءَ من النَّاس على مَنَازِلهمْ فَرجل قدم جزورا وَرجل قدم بقرة وَرجل قدم شَاة وَرجل قدم دجَاجَة وَرجل قدم بَيْضَة قَالَ فَإِذا أذن الْمُؤَذّن وَجلسَ الإِمَام على الْمِنْبَر طويت الصُّحُف ودخلوا الْمَسْجِد يَسْتَمِعُون الذّكر رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن

(3)

. وَرَوَاهُ النَّسَائيُّ بِنَحْوِهِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 63).

(2)

المتجر الرابح (ص 217).

(3)

أحمد (11769)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 177)، ورجاله ثقات، وحسنه =

ص: 646

1067 -

وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب رضي الله عنه عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ تبْعَث الْمَلائِكَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد يَوْم الْجُمُعَة يَكْتمونَ مَجِيء النَّاس فَإِذا خرج الإِمَام طويت الصُّحُف وَرفعت الأقلام فَتَقول الْمَلائِكَة بَعضهم لبَعض مَا حبس فلَانا فَتَقول الْمَلائِكَة اللَّهُمَّ إِن كَانَ ضَالًا فاهده وَإِن كَانَ مَرِيضا فاشفه وَإِن كَانَ عائلا فأغنه رَوَاهُ ابْن خُزَيمه في صحِيحه

(1)

.

"العائل": الْفَقِير.

قوله: وعن أبي سعيد الخدري، تقدم الكلام على أبي سعيد الخدري.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد" شرح الكلام على الملائكة وعلى بقية ألفاظ الحديث.

قوله: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الفقيه أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاصى

(2)

، وقد صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وقال شيخنا أبو الحسن علي بن عمر: لعمرو بن شعيب ثلاثة أجداد الأدنى منهم محمد بن عبد الله والأوسط عبد الله بن عمرو والأعلى عمرو بن العاص، وقد سمع من الأدنى منهم سمع من جده محمد، ومحمد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع من جده عبد الله بن عمرو فإذا أثبته وكشف عن اسمه فهو حينئذ صحيح، ولم يسمع من جده عمرو بن العاص، قال محمد بن محمد

= الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (713).

(1)

ابن خزيمة (1771).

(2)

سير أعلام النبلاء (5/ 165)، تهذيب الكمال:1037.

ص: 647

بن الحسين أبو عبد الرحمن السلمي

(1)

: فسألت أبا الحسن الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فقال: إذا قال: "عن أَبيه عن جَدِّه" يُوهِمُ أن يكونَ جَدَّه الأعلى أو جدَّه الأدنى ما لم يُبيِّنْ، فإذا بيَّن فهو صحيح ولم يَتركْ حديثَه أحدٌ من الأئمة

(2)

ا. هـ.

وقال النووي

(3)

: شعيب والد عمرو بن شعيب هو أبو عمرو شعيب بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي التابعي سمع جده عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وابن عباس وهو ثقة، وأنكر بعضهم سماعه من جده

(4)

والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "تبعث الملائكة على أبواب المسجد يوم الجمعة يكتبون مجيء الناس" تقدم الكلام على الملائكة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فتقول الملائكة: اللهم إن كان ضالا فأهده" الضال: هو ضد المهتد قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} .

قوله: "وإن كان عائلًا فأغنه"، وقد فسر الحافظ

(5)

العائل بالفقير ا. هـ.

قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)} أي فقيرا فأغناك بمال

(1)

ينظر: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 28.

(2)

سؤالات السلمي للدارقطني (ص: 215) تحقيق فريق من الباحثين بإشراف الدكتور سعد الحميد والجريسي، وذكره المقدسى في إيضاح الإشكال (ص: 29).

(3)

ينظر: تهذيب الكمال: 1037، تذهيب التهذيب 3/ 101.

(4)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 246 - 247 ترجمة 255).

(5)

يعني المنذري وانظر كذلك: فتح الباري لابن حجر (2/ 382).

ص: 648

خديجه

(1)

على أحد التفاسير في ذلك.

1068 -

وَعَن أبي عُبَيْدَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ عبد الله سارعوا إِلَى الْجُمُعَة فَإِن الله يبرز إِلَى أهل الْجنَّة فِي كل يَوْم جُمُعَة فِي كثيب كافور فيكونون مِنْهُ فِي الْقرب على قدر تسارعهم فَيحدث الله عز وجل لَهُم من الْكَرَامَة شَيْئا لم يَكُونُوا رَأَوْهُ قبل ذَلِك ثمَّ يرجعُونَ إِلَى أَهْليهمْ فيحدثونهم بِمَا أحدث الله لَهُم قَالَ ثمَّ دخل عبد الله الْمَسْجِد فَإذا هُوَ برجلَيْن يَوْم الْجُمُعَة قد سبقاه فَقَالَ عبد الله رجلَانِ وَأَنا الثَّالِث إِن شَاءَ الله أَن يُبَارك فِي الثَّالِث رَوَاهُ الطَّبَرَنيُّ فِي الْكَبِير

(2)

. وَأَبُو عُبَيْدَة اسْمه عَامر وَلم يسمع من أَبِيه عبد الله بن مَسْعُود رضي الله عنه وَقيل سمع مِنْهُ.

قوله: وعن أبي عبيدة قال الحافظ: اسمه عامر قال الترمذي: لا يعرف اسمه، وقال الإمام أحمد بن حنبل: كانوا يفضلون ابنه عبيدة على أخيه عبد الرحمن أ، هـ قاله في الديباجة. ولم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود، وقيل سمع منه ا. هـ، قاله الحافظ.

قوله: قال عبد الله: سارعوا إلى الجمعة، المسارعة: هي المبادرة.

قوله: فإن الله يبرز في كل جمعة إلى أهل الجمعة في كثيب كافور فيكونون

(1)

المسالك (6/ 481)، وتفسير السمرقندى (3/ 592) وهو قول عطاء كما في التفسير البسيط (24/ 113).

(2)

الطبراني في الكبير (9169)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 178)، رواه الطبراني في الكبير وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وقال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب (435): ضعيف موقوف.

ص: 649

منه في القرب على قدر تسارعهم. الكثيب: المجتمع من الرَّمْل كالتلة.

1069 -

وَعَن عَلْقَمَة رضي الله عنه قَالَ خرجت مَعَ عبد الله بن مَسْعُود يَوْم الْجُمُعَة فَوجدَ ثَلَاثَة قد سَبَقُوهُ فَقَالَ رَابِع أَرْبَعَة وَمَا رَابِع أَرْبَعَة من الله بِبَعِيد إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن النَّاس يَجْلِسُونَ يَوْم الْقِيَامَة من الله عز وجل على قدر رَوَاحهمْ إِلَى الْجُمُعَات الأول ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث ثمَّ الرَّابِع وَمَا رَابِع أَرْبَعَة من الله بِبَعِيد رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَابْن أبي عَاصِم وإسنادهما حسن

(1)

.

قَالَ الْحَافِظ رحمه الله وَتقدم حَدِيث عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من غسل واغتسل ودنا وابتكر واقترب واستمع كانَ لَهُ بِكُل خطْوَة يخطوها قيام سنة وصيامها.

وَكَذَلِكَ تقدم حَدِيث أَوْس بن أَوْس نَحوه.

قوله وعن علقمة (هو أبو شبل علقمة بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن عوف، الكوفى التابعى الكبير، الفقيه، البارع، سمع عمر بن الخطاب، وعثمان، وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة. وأجمعوا على جلالته، وقال أحمد بن حنبل: علقمة ثقة من أهل الخير. توفى سنة ثنتين وستين، وقيل: ثنتين وسبعين من الهجرة)

(2)

.

(1)

ابن ماجه (1094)، وابن أبي عاصم في السنة (620)، قال البوصيري في الزوائد (1/ 364)، هذا إسناد فيه مقال، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1800). وفي ضعيف ابن ماجه (226).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 342 - 343 ترجمة 425).

ص: 650

قوله: قال: خرجت مع عبد الله بن مسعود يوم الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال: رابع أربعة أي أحد أربعة، قوله: وما رابع أربعة من الله ببعيد اغتم ابن مسعود لذلك، وجعل يقول لنفسه معاتبا أياه رابع أربعة.

قوله صلى الله عليه وسلم "إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله عز وجل قدر رواحهم إلى الجمعات" الحديث يستحب البكور إلى الجامع يوم الجمعة لهذا الحديث، ورواه النيسابوري، فقال: إن الناس ينظرون إلى ربهم يوم الجمعة يوم الزيارة في الجنة بمقدار ذهابهم إلى الجمعة، قال الشيخ أبو طالب المكي

(1)

رحمه الله: كان يُرى في في القرن الأول في السحر، وبعد الفجر الطرقات لمملوءة من الناس يمشون في السُرُج، ويزدحمون بها إلى الجامع كأيام العيد حتى اندرس ذلك.

وقيل أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجامع يوم الجمعة خرج رجل من السلف إلى الجمعة فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل فقعد في الشمس فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه فأبى أن يتخطى الناس لذلك ثم تلا {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حر الظهيرة يذكر انصراف الناس من موقف الحساب إلى الجنة أو النار، فإن الساعة تقوم يوم الجمعة ولا ينتصف ذلك النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار قاله ابن مسعود وتلى قوله

(1)

قوت القلوب (1/ 127).

ص: 651

تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)}

(1)

ذكره ابن رجب في اللطائف

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو: "ومن غسل واغتسل ودنا وابتكر واقترب" أي قرب من الإمام، وابتكر وغدا إلى الجامع بكرة، وتقدم بقية ألفاظ هذا الحديث في أحاديث الجمعة.

1070 -

وَرُوِيَ عَن سَمُرَة رضي الله عنه. قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم احضروا الْجُمُعَة وادنوا من الإِمَام فَإِن الرجل ليَكُون من أهل الْجنَّة فَيتَأَخَّر عَن الْجُمُعَة فيؤخر عَن الْجنَّة وَإنَّهُ لمن أَهلهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ والأصبهاني وَغَيرهمَا

(3)

.

قوله: وروي عن سمرة تقدم الكلام على سمرة بن جندب.

قوله صلى الله عليه وسلم: "احضروا الجمعة وادنوا من الإمام" الدنو هو القرب من الإمام.

(1)

سورة الفرقان، الآية:24.

(2)

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 321).

(3)

الطبراني في الكبير (6854)، وفي الصغير (338)، والأصبهاني في الترغيب (940)، وأحمد (20112)، والبيهقي (3/ 238)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 177)، رواه الطبراني في الصغير، وفيه الحكم بن عبد الملك، وهو ضعيف، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (715).

ص: 652