الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْهِيب من تخطي الرّقاب يَوْم الْجُمُعَة
1071 -
عَن عبد الله بن بسر رضي الله عنه. قَالَ جَاءَ رجل يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخْطب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اجْلِسْ فقد آذيت وآنيت، رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائيُّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا وَلَيْسَ عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائيّ وآنيت وَعند ابْن خُزَيْمَة فقد آذيت وأوذيت
(1)
.
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث جَابر بن عبد الله
(2)
.
"آنيت": بِمد الْهمزَة وَبعدهَا نون ثمَّ يَاء مثناة تَحت أَي أخرت الْمَجِيء.
"وَآذَيْت": بتخطيك رِقَاب النَّاس.
قوله: عن عبد الله بن بسر بضم الموحدة، وبالسين المهملة، بن أبي بسر المازني السلمي أبو بسر، ويقال: أبو صفوان له ولأبويه وأخته الصماء وعمته صحبة زارهم النبي صلى الله عليه وسلم وأكل عندهم، ودعا لهم، سكن عبد الله حمص هو آخر من مات من الصحابة بالشام، وقيل أبو أمامة توفي سنه ست وتسعين، وقيل سنة ثمان وثمانين بحمص فجأة وهو ابن مائة، وقيل عاش أربعا وتسعين سنة، وهو ممن صلى إلى القبلتين، روى عبد الله بن بسر عن رسول
(1)
أحمد (17697)، وأبو داود (1118)، والنسائي (3/ 153)، وابن خزيمة (1811)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (716).
(2)
ابن ماجه (1115)، قال البوصيري في الزوائد (1/ 370)، هذا إسناد رجاله ثقات، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (716).
الله صلى الله عليه وسلم خمسين حديثا، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه، وأخته الصماء
(1)
.
قوله: "جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت وآنيت" قد فسر الحافظ
(2)
، فقال: آنيت بمد الهمزة، فقال: أي أخرت المجيء يعني وأبطأت، يقال: أنيت، وأنيت، واستأنيت، قاله ابن الأثير
(3)
.
قوله: وآذيت أي بتخطّيك رقاب الناس.
1072 -
وَرُوِيَ عَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من تخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة اتخذ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّم رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أهل الْعلم
(4)
.
قوله: وروي عن معاذ بن أنس (معاذ بن أنس الجهني، والد سهل، سكن مصر، روى عنه ابنه سهل، وله نسخة كبيرة عند ابنه سهل، أورد منها أحمد بن حنبل في مسنده، وأبو داود، والنسائي، وأبو عيسى، وابن ماجه، والأئمة بعدهم في كتبهم رُوِيَ له عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثون حديثا
(5)
.
قوله: صلى الله عليه وسلم "من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسرًا إلى جهنم" قال الحافظ: والعمل عليه عند أهل العلم.
(1)
تلقيح فهوم أهل الأثر (ص 156 و 265)، وتهذيب الكمال (14/ الترجمة 3180).
(2)
ينظر: فتح الباري لابن حجر (2/ 387).
(3)
النهاية (1/ 78).
(4)
أخرجه الترمذي (513)، وابن ماجه (1116)، والبيهقي في شعب الإيمان، (3000)، وأحمد (15609)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5516).
(5)
أسد الغابة (5/ 186 ترجمة 4957)، وتلقيح فهوم أهل الأثر (ص 266).
قال الشيخ ابن النحاس في تنبيهه الذي ألفه في الأمر بالمعروف
(1)
، قلت: في هذه الأحاديث يعني أحاديث الباب أعظم دليل على أن تخطى الرقاب من الكبائر، لو سلمت أسانيدها، وكذا عده الشيخ شمس الدين بن القيم الجوزية من الكبائر، وكذا الحافظ أبو عبد الله الذهبي
(2)
، واستُدل عليه بقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ}
(3)
الآية وعدَّه صاحب العدة من الصغائر
(4)
. قال: الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في النبيه
(5)
: وإن حضر والإمام والإمام يخطب لم يتخط رقاب الناس لما في ذلك من الإيذاء، وسواء ألِف مكانا فيتخطى ليصله أو لا كما قال البنديجي وغيره
(6)
، وفي التتمة للقفال: أن أن كان له موضع يألفه وهو معظم عند الناس لم يكره لأن عثمان رضي الله عنه تخطى الرقاب إلى موضعه، وعمر يخطب فلم ينكر عليه
(7)
، واستثنى في الشرح والروضة والكفاية من ذلك صورتين إحداهما للإمام لا يكره له التخطي، والثانية: إذا كان بين يديه فرجة ولا طريق إليها إلا بتخطي صف أو صفين فله التخطي لأنهم قصروا فإن زاد على ذلك كره، وقال ابن المنذر
(1)
تنبيه الغافلين (ص 272 - 273).
(2)
ينظر: الكبائر للذهبي (ص: 231)
(3)
سورة الأحزاب، الآية:58.
(4)
النجم الوهاج (2/ 493).
(5)
التنبيه (ص 45)، وكفاية النبيه (4/ 386).
(6)
المصدر السابق.
(7)
كفاية النبيه (4/ 387)، والنجم الوهاج (2/ 493).
: التخطي حرام
(1)
، وخص الماوردي بمن لا يجد موضعا يصلي فيه فين بعدت الفرجة فإن رجي التفسح إذا قامت جلس حتى يقوموا وإلا فله التخطي نص على ذلك الشافعي رحمه الله في الأم
(2)
، وقال في الإحياء
(3)
: مهما كان الصف الأول خاليا لم يكره التخطي
(4)
ا. هـ.
فمذهب الشافعي أن من دخل الجامع فوجد صفا من الصفوف ناقصا أنه يجوز له التخطي فإن التقصير من المتأخرين ثم منع من التخطي لا يخص بحال الخطبة بل يكره قبلها أيضا ذكر هذا كله في مختصر الكفاية
(5)
.
فرع: لا يجوز لأحد أن يقيم أحدًا من مجلسه ويقعد فيه إلا الذي قعد في موضع الإمام أو في الطريق بحيث يمنع الناس من الاجتياز أو بين الصفين مستدبر القبلة والمكان ضيق ولو بعث إنسانًا يجلس في مكان حتى إذا جاء يقوم له ويجلس فيه لم يكره لأن محمد بن سيرين كان يرسل غلامه يوم الجمعة يشغل له موضعا فإذا جاء قام وجلس هو فيه، فلو بعث شيئا يفرش له حتى إذا جاء جلس فيه.
قال في الأم: ليس لغيره أن يصلي عليه لأنه ملك غيره. وقال الشيخ أبو
(1)
النجم الوهاج (2/ 493).
(2)
الأم للشافعي (1/ 217).
(3)
إحياء علوم الدين (1/ 181)
(4)
كفاية النبيه (4/ 387).
(5)
كفاية النبيه (4/ 387)، ومختصر الكفاية (لوحة 5 و 6/ خ 2176).
محمد: له أن ينحيه ويجلس في المكان لأن الحرمة للإنسان لا لفرشه، وفي نسخة: دون فرشه انتهى. قاله الكمال الدميري
(1)
في شرحه والله أعلم.
1073 -
وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه: قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخْطب إِذْ جَاءَ رجل يتخطى رِقَاب النَّاس حَتَّى جلس قَرِيبا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلَاته قَالَ مَا مَنعك يَا فلَان أَن تجمع مَعنا قَالَ يَا رَسُول الله قد حرصت أَن أَضَع نَفسِي بِالْمَكَانِ الَّذِي ترى قَالَ: قد رَأَيْتُك تَتَخَطَّى رِقَاب النَّاس وتؤذيهم من آذَى مُسلما فقد آذَانِي وَمن آذَانِي فقد آذَى الله عز وجل، رَوَاهُ الطَّبَرَانيِّ فِي الصَّغِير والأوسط
(2)
.
قوله: وروي عن أنس، كنيته أبو حمزة، أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بفتح الضادين المعجمتين بن يزيد بن حرام بالراء بن جندب بضم الدال وفتحها بن عامر بن غنم بفتح الغين المعجمة وإسكان النون بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمر بن الخزرج بن حارثة الأنصاري الخزرجي النجاري البصري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمى بذلك ويفتخر به وحق له ذلك، كنّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حمزة، ببغلة كان يحبها وأمه أم سليم تقدم الكلام عليها في أخر صلاة التسبيح، خدَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين مدة
(1)
النجم الوهاج (2/ 493 - 494).
(2)
الطبراني في المعجم الصغير (459)، والأوسط (3607)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 179): رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه القاسم بن مطيب، قال ابن حبان: كان يخطئ كثيرا فاستحق الترك.
إقامته بالمدينة صلى الله عليه وسلم ثبت ذلك في الصحيح، وحمل عنه حديثا كثيرا، رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث ومائتا حديث وستة وثمانون حديثا اتفق البخاري ومسلم منها على مائة وستين حديثا، وكان رضي الله عنه أكثر الصحابة أولادا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتفق العلماء على مجاوزة عمره مائة سنة، والصحيح الذي عليه الجمهور أنه توفى سنة ثلاثة وتسعين، وقيل سنة إحدى وتسعين، وقيل اثنتين وتسعين، وقيل خمس وتسعين، وقيل سبع وتسعين، وثبت في الصحيح أنه كان له قبل الهجرة عشر فعمره فوق مائة كما ترى، وتوفي بالبصرة خارجها على نحو فرسخ ونصف ودفن هناك في موضع يعرف بقصر أنس كان له بستان يحمل في السنة مرتين وكان فيه ريحان يجئ منه ريح المسك. ذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات
(1)
.
قوله: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ جاء رجل يتخطى رقاب الناس حتى جاء قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته "قال: مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُجَمِّعَ مَعَنَا؟ معناه أن تصلي معنا الجمعة".
1074 -
وَرُوِيَ عَن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الَّذِي يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة وَيفرق بَين الاثْنينِ بعد خُرُوج الإِمَام كجار قصبه فِي النَّار، رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير
(2)
.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (3/ 54).
(2)
أحمد (15447)، والطبراني في الكبير (907)، والحاكم (3/ 504)، وأبو نعيم في معرفة =
وقوله: عن الأرقم بن أبي الأرقم، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الأرقم بن أبي الأرقم القرشي المخزومي وكان من المهاجرين الأوليين وكنيته أبو عبد الله وهو الذي استخفى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في داره بمكة في أسفل الصفا حتى كملوا أربعين رجلا آخرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(1)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الإثنين بعد خروج الإمام كَجارٍّ قُصْبَهُ في النار". الحديث.
قصبه هو بضم القاف وإسكان الصاد المهملة المعاء وجمعه أقصاب وقيل القصب: اسم للأمعاء كلها، وقيل: هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء بكسر الميم مقصور جمعه أمعاء بالمد، قال الواحدي: مثل ضلع أضلاع وهو جميع ما في البطن من الحوايا، وقال بعضهم: الأمعاء، المصارين وهو قريب منه
(2)
والله أعلم.
فائدة: عن عمرو بن لحى بضم اللام وفتح المهملة، وتشديد التحتانيه، قال: رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، والسائبة: هي التي كانوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ،
= الصحابة (1009)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 178)، رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه هشام بن زياد، وقد أجمعوا على ضعفه، وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: هشام واهٍ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1525).
(1)
أسد الغابة (1/ 187 ترجمة 70).
(2)
النهاية (4/ 67) و (4/ 344)، وتهذيب الأسماء واللغات (4/ 140).
قال: صاحب الكشاف في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ}
(1)
كان يقول الرجل: إذا قدمت من سفري أو برئت من مرضي فناقتي سائبة أي لا تركب ولا تطرد عن ماء ولا مرعى. ا. هـ قاله الكرمانى
(2)
.
(1)
سورة المائدة، الآية:103.
(2)
الكواكب الدراري (7/ 30).