المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة]

- ‌[الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر]

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في مواضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدي المصلي

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌فصل فى النفل واشتقاقه

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتي عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌التَّرْهِيب من صَلَاة الإِنْسَان وقراءته حَال النعاس

- ‌التَّرْهِيب من نوم الإنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي آيَات وأذكار يَقُولهَا إِذا أصبح وإذا أَمْسَى

- ‌التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الضُّحَى

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة التَّسْبِيح

- ‌[عدة في خدم المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة التَّوْبَة

- ‌[بعض مناقب أبي بكر الصديق]

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الْحَاجة ودعائها

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة الاستخارة وَمَا جَاءَ فِي تَركهَا

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعي إليها وما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌في الترهيب من ترك الجمعة

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌فصل يذكر فيه الأغسال المسنونة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

- ‌التَّرْهِيب من تخطي الرّقاب يَوْم الْجُمُعَة

- ‌التَّرْهِيب من الْكَلَام وَالْإِمَام يخْطب وَالتَّرْغِيب فِي الْإِنْصَات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءة سُورَة الْكَهْف وَمَا يذكر مَعهَا لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وأداء وُجُوبِها

الفصل: ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

884 -

عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أتيت مضجعك فَتَوَضَّأ وضوءك للصَّلَاة ثمَّ اضْطجع على شقك الْأَيْمن ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمت نَفسِي إِلَيْك ووجهت وَجْهي إِلَيْك وفوضت أَمْرِي إِلَيْك وألجأت ظَهْري إِلَيْك رَغْبَة وَرَهْبَة إِلَيْك لَا منجا وَلَا ملْجأ مِنْك إِلَّا إِلَيْك آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت فَإِن مت من ليلتك فَأَنت على الْفطْرَة واجعلهن آخر مَا تَتكلَّم بِهِ قَالَ فرددتها على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا بلغت آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت قلت وَرَسُولك قَالَ لَا وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ فَإنَّك إِن مت من ليلتك مت على الْفطْرَة وَإِن أَصبَحت أصبت خيرا

(1)

أَوَى غير مَمْدُود.

قوله: عن البراء بن عازب رضي الله عنه، تقدم الكلام على البراء بن عازب.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيت " ذكر المنذري أنه بالقصر.

وقوله: "مضجعك" المضجع: بفتح الجيم وفي بعضها: "مُضجَعَك"

(1)

أخرجه البخاري (247) و (6311) و (6313) و (6315) و (7488)، ومسلم (56 و 57 و 58 - 2710)، وابن ماجه (3876)، وأبو داود (5046 و 5047 و 5048)، والترمذي (3574) و (3394)، والنسائي (10541 - 10555).

ص: 206

ومعناه: إذا أردت أن تأتي مضجعك فتوضأ كقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}

(1)

أي: إذا أردت القراءة، وكقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}

(2)

معناه: إذا أردتم القيام إليها، أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم اضطجع على شقك الأيمن" الحديث، والضجع: هو وضع الجنب على الأرض.

قوله: "ثم قل اللهم إني أسلمت نفسي إليك" وفي رواية: "وجهي" بدل "نفسي" وكلاهما بمعنى الذات والشخص فكأنه قال: أسلمت ذاتي وشخصي، قال بعض العلماء: والوجه والنفس هنا بمعنى الذات كلها

(3)

، ومعنى: أسلمت سلمت واستسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك

(4)

، والاستسلام: الانقياد والطواعية لأوامر الله تعالى والرضا بقضائه، أي: سلمتها لك إذ لا قدرة لي على تدبيرها ولا على جلب ما ينفعها ولا على دفع ما يضرها بل أمرها إليك مسلم تفعل فيها ما تريد فلا اعتراض على ما تفعل [ولا معارضة

(5)

] أ. هـ.

قوله: "وفوضت أمري إليك" أي: رددته عليك وجعلت الحاكم فيه يقال:

(1)

سورة النحل، الآية:98.

(2)

سورة المائدة، الآية:6.

(3)

إكمال المعلم (8/ 207) وشرح النووي على مسلم (17/ 33).

(4)

المصدرين السابقين.

(5)

المفهم (7/ 38).

ص: 207

فوض إليه الأمر تفويضا إذا رده إليه وجعله الحاكم فيه، قاله في النهاية

(1)

.

قوله: "وألجأت ظهري إليك" أي: اعتمدت في أموري كلها عليك كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده، يقال: لجأ إلى فلان والتجأ إذا استند إليه واعتضد به، والالتجاء في هذا الحديث بمعنى الإسناد

(2)

والله أعلم.

قوله: "رغبة ورهبة إليك" الرغبة الطلب والسؤال والرهبة الخوف مع تحزن واضطراب

(3)

، وقيل: الرهبة الخوف والفزع.

قوله: "إليك" ومعنى إليك: أي صرفت رغبتي فيما أريده إليه، وقيل: معنى رغبة ورهبة أي خوفا من عقابك وطمعا في ثوابك.

قوله: "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" الحديث، لا ملجأ بالهمز، ويجوز التخفيف، ولا منجا: مقصور، وإن إعرابه كإعراب عصى

(4)

.

فإن قلت: فهل يقرأ بالتنوين أو بغير تنوين، قلت: في هذا التركيب خمسة أوجه، فيجوز فيه التنوين فإنه مثل لا حول ولا قوة إلا بالله، وتقديره: لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجا إلا إليك أ. هـ قاله الكرماني

(5)

، وقال ابن

(1)

النهاية (3/ 479).

(2)

الكواكب الدراري (2/ 107).

(3)

المفردات (ص 366).

(4)

الكواكب الدراري (2/ 107).

(5)

الكواكب الدراري (2/ 107).

ص: 208

رجب: قوله: "لا ملجأ" معناه: لا مهرب ولا مخلص ولا ملاذ لمن طالبته إلا إليك، والأصل في الملجأ الهمز، ومن الناس من يلين؛ قال ابن رجب

(1)

: فإن العبد إذا خاف من مخلوق هرب منه وفر إلى غيره، وأما من خاف من الله فماله من ملجأ يلجأ إليه ولا مهرب يهرب إليه إلا هو فيهرب منه إليه، وأن المذنب ليس له من ملجأ يلجأ إليه ويعول عليه في مغفرة ذنوبه غيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه:"لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك".

قوله: "ولا منجا" مقصور من نجى من الأمر إذا خلص، أي: لا موضع ينجو من عذابك، ففي هذا الحديث أن الوضوء عند النوم مندوب إليه مرغوب فيه، وكذا الدعاء لأنه قد تقبض روحه في نومه فيكون قد ختم عليه بالوضوء والدعاء الذي هو أفضل من الأعمال، وقال النووي

(2)

: فيه ثلاث سنن مهمة مستحبة:

إحداها: الوضوء عند النوم وإن كان متوضأ كفاه ذلك الوضوء لأن المقصود من النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته ليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلعب الشيطان به في منامه.

الثانية: النوم على الشق الأيمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ولأنه أسرع إلى الانتباه، وأقول: إلى انحدار الطعام كما هو مذكور في الكتب الطبية.

(1)

جامع العلوم والحكم (2/ 45).

(2)

شرح النووي على مسلم (17/ 32 - 33).

ص: 209

الثالثة: ذكر الله تعالى ليكون خاتمة عمله ذلك إذ هو إحدى الموقفين ومخافة أن يتوفى في نومته تلك، قال في حدائق الأولياء بعد سياق هذا الحديث، وفيه آداب اتخاذ فراش يأوي إليه، والاضطجاع دون القعود ونحوه وأن يكون على الجنب وأن يكون الأيمن والذكر المأثور، وفيه النوم على الطهارة وترك الكلام بعد الذكر أ. هـ.

قوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت" أي: بالقرآن ثم الإيمان بالقرآن مستلزم للإيمان بجميع الكتب المنزلة فلفظ كتاب محتمل لجميع الكتب ولبعضها كالقرآن، والإيمان في اللغة هو التصديق.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن مت من ليلتك مت على الفطرة" الحديث، أي: دين الإسلام وهو المراد هنا فيكون معناه مت على الفطرة أي: على الإسلام كما في الحديث الآخر: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة" ا. هـ، وقد تكون الفطرة بمعنى الخلقة كقوله تعالى:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}

(1)

، وبمعنى السنة كقوله صلى الله عليه وسلم:"خمس من الفطرة" أي: من السنة يعني سنن الأنبياء عليهم السلام التي أمرنا الله أن نقتدي بهم فيها، قال أبو العباس القرطبي

(2)

: هكذا قال الشيوخ في هذا الحديث، وفيه نظر لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات المقتضية للمعاني التي ذكرت من التوحيد والتسليم والرضى إلى أن يموت على الفطرة كما يموت من قال (لا إله إلا

(1)

سورة الروم، الآية:30.

(2)

المفهم (22/ 94).

ص: 210

الله) وإن لم يخطر له شيء من تلك الأمور فإن فائدة تلك الكلمات العظيمة وتلك المقامات الشريفة، فالجواب: أن كلا منهما وإن مات على فطرة الإسلام فبين الفطرتين ما بين الحالتين ففطرة الطائفة الأولى فطرة المقربين والصديقين، وفطرة الثانية فطرة أصحاب اليمين، أ. هـ قاله في الديباجة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "واجعلهن آخر ما تتكلم به" وفي بعضها: "تكلم" بحذف إحدى التائين أي: آخر أقوالك في تلك الليلة، فإن قلت: هذا ذكر ودعاء وتنزيه ولا يسمى كلاما عرفا ذكره الفقهاء في باب الفقهاء في باب اليمين، قلت: هو كلام لغة، وأما أمر الإيمان فمبني على العرف

(1)

والله أعلم.

قوله: "فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم" أي: رددت هذه الكلمات لأحفظهن

(2)

.

قوله: "فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت" قلت: ورسولك، قال:"لا، ونبيك الذي أرسلت" الحديث.

فائدة: فإن قلت: ما الفرق بين النبي والرسول؟ فالجواب: أن الرسول نبي له كتاب

(3)

وهو واحد رسل الله فسبحانه وتعالى هو الذي أوحى إليه العمل والتبليغ فهو أخص من النبي، وأما النبي فهو الذي أوحي إليه العمل فقط

(4)

،

(1)

الكواكب الدراري (2/ 108).

(2)

الكواكب الدراري (2/ 108).

(3)

الكواكب الدراري (22/ 128).

(4)

المعين (1/ 39 - 40).

ص: 211

وقال الزمخشري

(1)

: النبيء هو الذي ينبيء عن الله تعالى وإن لم يكن معه كتاب، وذهب الأشعري على أنه هو الذي نبأه الله تعالى، وقال غيره: النبي هو الذي تكون نبوته إلهاما أو مناما

(2)

، قال القاضي عياض

(3)

: والصحيح الذي عليه الجمهور: أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسول، ونقل غيره الإجماع على هذا، قال النووي

(4)

: واختار المازري وغيره أن سبب الإنكار أن هذا ذكر ودعاء فينبغي الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحى إليه صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها لاحتمال أن لها خاصية ليست لغيرها، وهذا القول حسن والله أعلم؛ وقال: واعلم أنه لا يلزم من الرسالة النبوءة ولا عكسه.

تنبيه: قال الخطابي

(5)

رحمه الله تعالى في رد الرسول صلى الله عليه وسلم لفظ البراء حجة لمن لم ير أن يروي الحديث على المعنى كما هو قول ابن سيرين وغيره، وكان يذهب هذا المذهب أبو العباس النحوي ويقول: ما من لفظة من الألفاظ المتناظرة من كلامهم إلا بينها وبين صاحبتها فرق وإن دق ولطف كقوله: بلى ونعم، واحتج بعض العلماء بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى كما تقدم،

(1)

الكشاف (3/ 22).

(2)

تفسير البغوى (5/ 393)، وتفسير القرطبي (12/ 80).

(3)

الشفا (1/ 251).

(4)

شرح النووي على مسلم (17/ 33).

(5)

أعلام الحديث (1/ 297 - 298).

ص: 212

وجمهور العلماء على جوازها من العارف ويجيبون عن هذا الحديث بأن المعنى هنا مختلف ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى

(1)

والله أعلم.

فائدة: إبدال الرسول بالنبي وعكسه إذا وقع في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فهل للسامع أن يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا عكسه كأن يكون في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن الصلاح: الظاهر أنه لا يجوز وإن جازت الرواية بالمعنى، فإن شرط ذلك أن لا يختلف وهو في هذا مختلف، وكان الإمام أحمد بن حنبل إذا كان في الكتاب النبي فقال المحدث: رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الخطيب: هذا غير لازم وإنما استحب اتباع اللفظ وإلا فمذهبنا الترخيص في ذلك، وقد سأله ابن صالح: يكون في الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أرجوا أن لا يكون به بأس، وقال حماد بن سلمة لعفان وزفر: لما تغيران النبي من الرسول؟ أما إسما فلا يتفقان أبدًا؛ وقال النووي، قدس الله سره،: الصواب -والله أعلم- جوازه لأنه لا يختلف به ههنا معنى

(2)

أ. هـ.

قوله: في رواية للبخاري والترمذي "وإن أصبحت أصبت خيرًا" أي: حصل لك ثواب هذه السنن واهتمامك بالخير ومتابعتك أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

(3)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (17/ 33 - 34).

(2)

التبصرة والتذكرة (2/ 12 - 13).

(3)

شرح النووي على مسلم (17/ 33).

ص: 213

فائدة: في ذكر عدد الأنبياء والمرسلين والكتب المنزلة عليهم، روى عن أبي ذر رضي الله عنه: قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كم الأنبياء يا رسول الله؟ قال: "مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا" قال: قلت: كم الرسل منهم؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير" قلت من كان أولهم؟ قال: "آدم" قلت: أنبي مرسل؟ قال: "نعم" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعة سريانيون آدم وشيث -وهو هبة الله- وخنوخ -وهو إدريس- وهو أول من خط بالقلم ونوح، وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى"

(1)

، وعن وهب بن منبه عن ابن عباس قال: عدد الرسل والكتب نحو مما قاله أبو ذر غير أنه قال: المرسلون ثلثمائة وخمسة عشر منهم خمسة عبرانيون، وزاد إبراهيم عليه السلام وخمسة من العرب وزاد إسماعيل عليه السلام

(2)

، وخالف بين الكتب فقال: خمسون على شيث وثلاثون على خنوخ وعشرون على إبراهيم والكتب الأربعة أ. هـ قاله في تاريخ كنز الدرر

(3)

والله أعلم، قلت: يا رسول الله، كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، على شيث خمسون صحيفة وعلى خنوخ ثلاثون صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان

(4)

، أ. هـ؛ روى عن أبي ذر وعن وهب عن ابن

(1)

الحلية (1/ 167).

(2)

أعلام النبوة (ص 67).

(3)

كنز الدرر (2/ 534 - 535).

(4)

الحلية (1/ 167).

ص: 214

عباس أن صحف إبراهيم أنزلت في أول ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست ليال من شهر رمضان وأنزلت الزبور لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان

(1)

.

فائدة أخرى: جملة الأنبياء مع المرسلين مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألفا وكلهم ذكران إلا أم موسى وعيسى وإسحاق وحواء وآسية على اختلاف في نبوتهن قاله بعضهم، قال الإمام أبو عبد الله القرطبي

(2)

: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن في النساء أربع نبيات حواء وآسية وأم موسى ومريم" قال: والصحيح أن مريم كانت نبية لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إلى سائر الأنبياء، ويؤيد الحديث المذكور هذا الحديث في أول سورة الأنبياء، وقال في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ}

(3)

أي: اختارك لولادة عيسى، وقيل: اصطفاك على نساء العالمين أجمع إلى يوم النفخ في الصور، قال: وهو الصحيح، والكمال المذكور في حديث "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون" قيل: إنه بالنبوة وأنهما نبيتان، قال: والصحيح أن مريم نبية، وقال النووي

(4)

: لم يثبت كونها نبية وكذلك لم تثبت نبوة لقمان أيضا، وحكي بعضهم خلافا في نبوة أم

(1)

كنز الدرر (2/ 535).

(2)

التفسير (4/ 83).

(3)

سورة آل عمران، الآية:42.

(4)

الأذكار (ص 119).

ص: 215

عيسى وأم موسى وأم إسحاق والخضر والحواريين وإخوة يوسف وذي القرنين

(1)

.

فائدة أخرى: أولوا العزم منهم خمسة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وكلهم عجم إلا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وإسمعيل وهودا وصالحا وشعيبا وكلهم من بني إسرائيل، أولهم يعقوب وآخرهم عيسى إلا شيث وإدريس ونوحا وأولاد سام وحام ويافث وإبراهيم وإسحاق، زاد بعض المفسرين: وكلهم وحيهم رؤيا إلا أولوا العزم فإن وحيهم كان رؤيا ويقظة، ولم ينزل كتب إلا على ثمانية آدم وشيث وإدريس إبراهيم وموسى وداود وعيسى ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم والله أعلم بالصواب، هذا كلام ابن الملقن في شرح العمدة

(2)

.

فائدة: فأول المرسلين آدم كان رسولا إلى جميع ولده، وكان كنيته أبو محمد لأن أكرم ولده محمد صلى الله عليه وسلم فكان يكنى به، وكنيته في الأرض أبو البشر، وعاش تسع مائة وثلاتين سنة، هكذا ذكر أهل التوراة، وروى عن وهب بن منبه أنه قال: عاش آدم عليه السلام ألف سنة بعده شيث بن آدم وكان نبيا مرسلا وكان وصي آدم وولي عهده، قال وهب: وعاش تسعمائة سنة وكان شيث أبا البشر كلهم، وإليه انتهت أنساب الناس كلهم، ثم بعده إدريس وكان نبيا مرسلا واسمه خنوخ ورفع إلى السماء وعاش مائة وخمسا

(1)

فتح الباري (6/ 474/ 3 - 474).

(2)

الاعلام (1/ 110 - 111).

ص: 216

وستين سنة، ثم بعده نوح واسمه شاكر وإنما سمي نوحا لكثرة نوحه وبكائه من خوف الله تعالى، ثم بعده [هود] وهو هود [ابن عبد الله، ويقال هود بن تاريخ بن جواب بن عيوص] بعثه الله إلى عاد، قال بعضهم: عاد اسم قبيلة، وقال بعضهم: هو اسم ملكهم وكانوا يسمون باسم ملكهم فكذبوه فأرسل الله عليهم الريح العقيم فأهكلهم كلهم، ثم بعده صالح بعثه الله إلى ثمود وهو اسم بئر بأرض الحجاز وتسمي تلك القبيلة باسم تلك البئر، ثم بعده إبراهيم وهو أول من رأى الشيب وأول من اختتن، وكان لإبراهيم أربع بنين إسماعيل وإسحاق ومدين ومدائن، ويقال: ست بنين، ويقال: اثنا عشر ابنا، وكان إسماعيل نبيا مرسلا وكان أبا العرب كلهم، وكان إسحاق نبيا مرسلا وكان له ابنان عيص ويعقوب ولدا في بطن واحدة، فأما يعقوب فهو أبو بني إسرائيل وأما عيص فهو أبو الروم وكان لوط في زمن إبراهيم وكان [ابن عمه] وكانت سارة أخت لوط وهي أم إسحاق، وكان ابن أخي إبراهيم عليه السلام ثم أيوب [وهو ابن] بنت لوط وكان تحته [ابنة يعقوب] يقال لها [ليا بنت يعقوب ويقال] لها رحمة [بنت يوسف] ثم شعيب بعثه الله إلى مدين فكذبوه فأهلكهم الله تعالى بالصاعقة [والزلزلة] ثم موسى وأخاه هارون ابنا عمران بعثهما الله إلى فرعون بمصر، ثم يوشع بن نون وكان خليفة موسى بعده، ثم يونس بن متى الذي ابتلاه الله بالحوت فالتقمه [وهو مليم وكان] في [بطنه] ثلاثة أيام، وقيل: أربعة أيام، وقيل: أربعين يوما، ثم داود وهو (داود بن إيشا) نبي مرسل وكان ملك بني إسرائيل، ثم ابنه سليمان بن داود، ثم زكريا بن

ص: 217

ماثان وابنه يحيى بن زكريا ثم [عيسى ابن مريم عليه السلام، ثم إلياس]، صلى الله عليه وسلم وكان نبيا مرسلا [من] سبط يوشع بن نون [بعثه الله تعالى إلى أهل بعلبك] وهي مدينة بالشام وكان اليسع تلميذ إلياس وخليفته من بعده، وكان الأسباط من أولاد يعقوب وكانوا [اثنا عشر ابنًا] فتوالدوا حتى كثروا فصاروا أولاد كل ابن سبطا، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيلة في العرب، وعاش يعقوب في أرض مصر تسع عشرة سنة، وكان عمره مائة وسبعا وأربعين سنة، وعاش يوسف بعده ثلاثا وعشرين سنة، ومات يوسف عليه السلام وهو ابن مائة وعشرين سنة، ويقال: مائة وعشر سنين والله أعلم قاله أبو الليث السمرقندي في كتابه البستان

(1)

.

885 -

وَعَن رَافع بن خديج رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا اضْطجع أحدكُم على جنبه الْأَيْمن ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أسلمت نَفسِي إِلَيْك ووجهت وَجْهي إِلَيْك وألجأت ظَهْري إِلَيْك وفوضت أَمْرِي إِلَيْك لَا منجا مِنْك وَلَا ملْجأ إِلَّا إِلَيْك أُؤْمِن بكتابك وبرسولك فَإِن مَاتَ من ليلته دخل الْجنَّة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب

(2)

.

قوله: عن رافع بن خديج رضي الله عنه. سيأتي، [وعن فروة بن نوفل هذا هو الأشجعي وليس له في الكتب الستة غير هذا] الكلام عليه مبسوطا، وتقدم الكلام على الحديث في الحديث الذي قبله.

(1)

بستان العارفين (1/ 384 - 385).

(2)

أخرجه الترمذي (3395). وضعفه الألباني في الترغيب (342).

ص: 218

886 -

وَعَن عَليّ رضي الله عنه أَنه قَالَ لِابْنِ أعبد أَلا أحَدثك عني وَعَن فَاطِمَة رضي الله عنها بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَت من أحب أَهله إِلَيْهِ وَكَانَت عِنْدِي قلت بلَى قَالَ إِنَّهَا جرت بالرحى حَتَّى أثرت فِي يَدهَا واستقت بالقربة حَتَّى أثرت فِي نحرها وكنست الْبَيْت حَتَّى اغبرت ثِيَابهَا فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم خدم فَقلت لَو أتيت أَبَاك فَسَأَلته خَادِمًا فَأَتَتْهُ فَوجدت عِنْده حدثاء فَرَجَعت فَأَتاهَا من الْغَد فَقَالَ مَا كَانَ حَاجَتك فَسَكَتَتْ فَقلت أَنا أحَدثك يَا رَسُول الله جرت بالرحى حَتَّى أثرت فِي يَدهَا وحملت بالقربة حَتَّى أثرت فِي نحرها فَلَمَّا أَن جَاءَ الخدم أَمَرتهَا أَن تَأْتِيك فتستخدمك خَادِمًا يَقِيهَا حر مَا هِيَ فِيهِ قَالَ اتقِي الله يَا فَاطِمَة وَأدِّي فَرِيضَة رَبك واعملي عمل أهلك وَإِذا أخذت مضجعك فسبحي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ واحمدي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وكبري أَرْبعا وَثَلَاثِينَ فَتلك مائَة فَهُوَ خير لَك من خَادِم قَالَت رضيت عَن الله وَعَن رَسُوله زَاد فِي رِوَايَة وَلم يخدمها رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ مُخْتَصرا وَقَالَ وَفِي الحَدِيث قصَّة وَلم يذكرهَا

(1)

.

قوله: وعن علي تقدم الكلام على عليّ.

قوله: أنه قال لابن أعبد ألا أحدثك عني وعن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث؛ قوله: ابن أعبد، اسمه عبد الله، وفاطمة هي: بنت سيد المرسلين وسيدة نساء العالمين، قال أبو الفرج بن الجوزي: فاطمة بنت

(1)

أخرجه البخاري (3113) و (3705) و (5361) و (5362) و (6318)، ومسلم (80 - 2727)، وأبو داود (5062)، والترمذي (3408 و 3409).

ص: 219

خديجة هي أصغر بناته صلى الله عليه وسلم سنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليها أنها أول أهله لحوقا به، وتوفيت بعده، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم[ليلة زفاف علي على] فاطمة توضأ وصب عليه وعلى فاطمة ذلك الماء الذي توضأ به، وتزوجها علي في السنة الثانية من الهجرة في رمضان وبنى بها في ذي الحجة، وكان عمرها إذا ذاك خمس عشرة سنة وخمسة وخمسة أشهر، وكان علي رضي الله عنه أسن منها بست سنين فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا وأم كلثوم التي تزوجها عمر وزينب التي تزوجها عبد الله بن جعفر، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، وقالت عائشة. إن فاطمة عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ودفن ليلا، وقالوا: إنها لم تضحك في مدة حياتها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

، وسيأتي الكلام عليها وعلى والدتها خديجة مبسوطا في الأذكار خلف الصولات إن شاء الله تعالى.

قوله: إنها جرت بالرحى حتى أثرت في يدها؛ الرحى: مقصور مؤنث والألف منقلبة عن ياء.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أخذت مضجعك" بفتح الجيم، وتقدم الكلام عليه.

قوله: وزاد في رواية "ولم يخدمها" أي: ولم يعطها خادما.

887 -

وَعَن فَرْوَة بن نَوْفَل عَن أَبِيه رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لنوفل اقْرَأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثمَّ نم على خاتمتها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مُتَّصِلا ومرسلا وَابْن حبَان فِي صَحِيحه

(1)

البداية والنهاية (6/ 365).

ص: 220

وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد

(1)

.

قوله: وعن فروة بن نوفل، ونوفل هذا هو الأشجعي، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم لنوفل: "اقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثم نم على خاتمتها" الحديث، وقد رواه عبد الرحمن بن نوفل عن أبيه، وعبد الرحمن هو أخو فروة بن نوفل، وقال ابن عباس: ليس في القرآن أشد غيظا لإبليس من {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} لأنها توحيد وبراءة من الشرك، وقال الأصمعي: كان يقال لقل يأيها الكافرون وقل هو الله أحد المقشقشتان أي أنهما تبرئان من النفاق

(2)

، وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله عز وجل تقرؤون قل يأيها الكافرون عند منامكم"

(3)

.

(1)

أخرجه أبو داود (5055)، والترمذي (3403)، والنسائي في الكبرى (10569 و 40570)، وابن حبان (790) و (5526) و (5546)، والحاكم 1/ 565 و 2/ 538.

وصححه الألباني في التعليقات الحسان (786 و 787)، المشكاة (2161 / التحقيق الثاني)، وصحيح الترغيب (605).

(2)

غريب الحديث (3/ 740)، والصحاح (3/ 1016).

(3)

أخرجه أبو يعلى كما في المطالب (3786)، والطبراني في الكبير (12/ 241 رقم 12993). وذكره الهيثمي في المجمع (1/ 124)، وقال: رواه الطبراني، وفيه جبارة بن المغلس، وهو ضعيف جدًا.

ص: 221

888 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ خصلتان أَو خلَّتَانِ لَا يحافظ عَلَيْهِمَا عبد مُسلم إِلَّا دخل الْجنَّة هما يسير وَمن يعْمل بهما قَلِيل يسبح فِي دبر كل صَلَاة عشرا ويحمد عشرا وَيكبر عشرا فَذَلِك خَمْسُونَ وَمِائَة بِاللِّسَانِ وَألف وَخَمْسمِائة فِي الْمِيزَان وَيكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ إِذا أَخذ مضجعه ويحمد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ويسبح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَذَلِك مائَة بِاللِّسَانِ وَألف فِي الْمِيزَان فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ هما يسير وَمن يعْمل بهما قَلِيل قَالَ يَأْتِي أحدكُم يَعْنِي الشَّيْطَان فِي مَنَامه فينومه قبل أَن يَقُوله ويأتيه فِي صلَاته فيذكره حَاجَة قبل أَن يَقُولهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَزَاد بعد قَوْله وَألف وَخَمْسمِائة فِي الْمِيزَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَيكُمْ يعْمل فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة سَيِّئَة

(1)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو، تقدم الكلام على عبد الله بن عمرو.

قوله صلى الله عليه وسلم: "خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة" الحديث، الخلتان: هو تثنية الخلة بفتح الخاء المعجمة وهي الحاجة والخلة الأولى هي الذكر دبر الصلوات والثانية قبل النوم.

(1)

أخرجه ابن ماجه (926)، وأبو داود (5065)، والترمذي (3410)، والنسائي في المجتبى 3/ 132 (1364)، وابن حبان (2012) و (2018). وقال الألباني: صحيح - الكلم الطيب (112)، تخريج المشكاة (2406)، صحيح أبي داود (1346)، وصحيح الترغيب (606).

ص: 222

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحافظ عليهما عبد مسلم" وفي بعض الروايات: "لا يحصيهما".

قوله صلى الله عليه وسلم: "فذلك خمسون ومائة باللسان" يعني في اليوم والليلة في الصلوات الخمس ولذلك قال ابن حبان في صحيحه: "فأيكم يعمل في اليوم والليلة" وخمسمائة وذلك أن عدد الكلمات المحصاة خلف كل صلاة ثلاثون، وعدد الصلوات المفروضات في اليوم والليلة خمس فإذا ضربت أحدها في الآخر بلغ هذا المبلغ، وإنما كانت ألفا وخمسمائة في الميزان لأن الحسنة بعشر أمثالها والله أعلم، ذكره في التنقيح.

قوله: "ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه" من الليل، والمضجع بفتح الجيم ومعني أخذ مضجعه إرادة النوم في مضجعه والله أعلم، ذكره في شرح المشارق.

889 -

وَعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يقْرَأ المسبحات قبل أَن يرقد وَيَقُول إِن فِيهِنَّ آيَة خير من ألف آيَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ قَالَ مُعَاوِيَة يَعْنِي ابْن صَالح إِن بعض أهل الْعلم كَانُوا يجْعَلُونَ المسبحات سِتا سُورَة الْحَدِيد والحشر والحواريين وَسورَة الْجُمُعَة والتغابن وَسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى

(1)

.

قوله: وعن العرباض بن سارية تقدم الكلام عليه.

(1)

أخرجه أبو داود (5057)، والترمذي (2921) و (3406)، والنسائي في الكبرى (7972). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (344).

ص: 223

قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد؛ وقد فسر معاوية بن صالح المسبحات بعد سياق الحديث [بياض بالأصل] بعض أهل العلم كان يجعلون المسبحات ستا سورة الحديد والحشر والحوارين وسورة الجمعة والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى.

890 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يأوي إِلَى فرَاشه لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالله الْعلي الْعَظِيم سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر غفرت لَهُ ذنُوبه أَو خطاياه شكّ مسعر وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر" رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَعند النَّسَائِيّ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَقَالَ فِي آخِره غفرت لَهُ ذنُوبه وَلَو كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يأوي إلى فراشه" أولى إلى فراشه انضم إله ودخل فيه.

قوله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" إلى آخره سيأتي الكلام على التهليل.

قوله: "غفرت له ذنوبه أو خطاياه شك مسعر وإن كانت مثل زبد البحر" هو: مسعر بن كدام قال: [النووى] وكدام بكسر الكاف، وكنيته أبو سلمة العامري الهلالي الكوفي، وري عن عمير بن سعيد وابن إسحاق وعبد الملك

(1)

أخرجه النسائي في الكبرى (10578)، وابن حبان (5528) وابن السني في عمل اليوم والليلة (727). وصححه الألباني في الصحيحة (3414) وصحيح الترغيب (607).

ص: 224

والأعمش وخلائق غيرهم من التابعين، وروى عنه: سليمان والثوري وشعبة وابن عيينة وابن المبارك وخلائق غيرهم، واتفقوا على جلالته وإمامته، وقال هشام بن عروة: ما قدم علينا من العراق أفضل من أيوب السختياني ومسعر، وقال سفيان الثوري: لم يكن في زماننا مثل مسعر ولا أكثر صمتا منه، وقال مصعب بن المقدام: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وسفيان الثوري أخذ بيده وهو يطوف مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال سفيان: يا رسول الله مات مسعر بن كدام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم"[وقد استبشر بموته] به أهل السماء [أسند مسعر عن غير واحد] من أعلام التابعين، وتوفي [سنة ثلاث وخمسين ومئة وقيل] سنة خمس وخمسين، وقال سفيان بن عيينة [كان عندنا] مسعر من [معادن الصدق] وقيل له: من أفضل من رأيت، قال: مسعر بن كدام، وقال شعبة [مسعر للكوفيين كابن عون عند البصريين وقال ابن عيينة: شك] مسعر أحب إلى من [من يقين] غيره، وما رواه مسعر عن [عطية العوفى] عن ابن عمر [قال قال رسول الله]صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم [القيامة وضعت] منابر من ذهب عليهما قباب من فضة مفضضة بالدر والياقوت [والزمرد جلالها] السندس [والاستبرق ثم] يجاء [بالعلماء فيجلسون عليها ثم ينادى منادى الرحمن: أين من حمل إلى أمة محمد]صلى الله عليه وسلم علما يريد به وجه الله تعالى مسجا بالعلماء الذي يريدون بعلمهم وجه الله سبحانه [وهو سبحانه وتعالى أعلم بهم فيقال لهم: اجلسوا على هذه المنابر فلا خوف عليكم اليوم حتى تدخلوا الجنة

(1)

، أ. هـ قاله في مجمع الأحباب].

(1)

حلية الأولياء (7/ 209 - 254) باختصار.

ص: 225

891 -

وَعَن شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من مُسلم يَأْخُذ مضجعه فَيقْرَأ سُورَة من كتاب الله إِلَّا وكل الله لَهُ بِهِ ملكا فَلَا يقربهُ شَيْء يُؤْذِيه حَتَّى يهب من نَومه مَتى هَب رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَرَوَاهُ أَحْمد إِلَّا أَنه قَالَ بعث الله لَهُ ملكا يحفظه من كل شَيْء يُؤْذِيه حَتَّى يهب مَتى هَب ورواة أَحْمد رُوَاة الصَّحِيح هَب انتبه من نَومه

(1)

.

قوله: وعن شداد بن أوس، هو: شداد بن أوس بن المنذر، فذكره إلى أن قال ابن النجار، كذا نسبه ابن سعد وكنيته: أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو يعلى، وقال أبو أحمد الراكب: اسم أمه صريمة من بني عدي بن النجار وشداد بن أوس ابن أخي حسان بن ثابت الشاعر، وقال أبو أحمد الحاكم: ويقال إنه شهد بدرا ولا يصح، وشهد اليرموك والجابية ونزل البيت المقدس وسكنه وكان إمامه، وسكن حمص أولا ثم نزل البيت المقدس وتوفي به، واختلف في وفاته، فحكي ابن سعد أنه تحول إلى فلسطين، ومات بها سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة أربع وستين، وقيل: غير ذلك

(2)

والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله" تقدم الكلام على المضجع.

(1)

أخرجه أحمد 4/ 125 (17132)، والنسائي في الكبرى (10579) قال الهيثمي في المجمع 10/ 120: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (345).

(2)

مرآة الزمان (3/ 362 - 364).

ص: 226

قوله صلى الله عليه وسلم: "حتى يهب من نومه متى هب" أي: انتبه من نومه، قد فسره الحافظ بذلك.

892 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أَوَى الرجل إِلَى فرَاشه ابتدره ملك وَشَيْطَان فَيَقُول الْملك اختم بِخَير وَيَقُول الشَّيْطَان اختم بشر فَإِن ذكر اللّه ثمَّ نَام بَات الْملك يكلؤه وَإِذا اسْتَيْقَظَ قَالَ الْملك افْتَحْ بِخَير وَقَالَ الشَّيْطَان افْتَحْ بشر فَإِن قَالَ الْحَمد للّه الَّذِي رد عَليّ نَفسِي وَلم يمتها فِي منامها الْحَمد للّه الَّذِي يمسك السَّمَوَات وَالأرْض أَن تَزُولَا فاطر إِلَى آخر الآيَة الْحَمد للّه الَّذِي يمسك السَّمَاء أَن تقع على الأرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن وَقع عَن سَرِيره فَمَاتَ دخل الْجنَّة رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْحَاكِم وَزَاد فِي آخِره الْحَمد للّه الَّذِي يحيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كلّ شَيْء قدير وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم

(1)

يكلؤه أَي يَحْرُسهُ ويحفظه.

قوله: وعن جابر بن عبد اللّه، تقدم الكلام على جابر.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أوى الرجل إلى فراشه" تقدم الكلام على قوله "إذا أوى الرجل إلى فراشه" وإنه يجوز فيه مد الألف والقصر.

(1)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1214) موقوفًا، وابن أبي الدنيا في التهجد (512)، والنسائي في الكبرى (10623 - 10625)، وأبو يعلى (1791)، والحاكم (1/ 548) مرفوعًا. وصححه الحاكم على شرط مسلم. وقال الهيثمي في المجمع 10/ 120 - 121: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجَّاج الشامي، وهو ثقة.

وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (346).

ص: 227

قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن ذكر اللّه تعالى ثم نام بات الملك يكلؤه" قد فسره الحافظ فقال: يحرسه ويحفظه.

893 -

وَعَن أنس رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِذا وضعت جَنْبك على الْفراش وقرأت فَاتِحَة الْكتاب وَقل هُوَ اللّه أحد فقد أمنت من كلّ شَيْء إِلَّا الْمَوْت رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله رجال الصَّحِيح إِلَّا غَسَّان بن عبيد

(1)

.

قوله: وعن أنس، تقدم الكلام على أنس.

قوله: في آخر حديث أنس: ورجاله رجال الصحيح إلا غسان بن عبيد، وغسان بن عبيد بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة.

894 -

وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من أَرَادَ أَن ينَام على فرَاشه فَنَامَ على يَمِينه ثمَّ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مائَة مرّة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول لَهُ الرب يَا عَبدِي ادخل على يَمِينك الْجنَّة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب

(2)

.

895 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يأوي إِلَى فرَاشه أسْتَغْفر اللّه الَّذِي لا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ غفرت لَهُ

(1)

أخرجه البزار (7393). وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن أنس من هذا الوجه، ولم نسمعه إلا من إبراهيم بن سعيد. قال الهيثمي في المجمع 10/ 121: رواه البزار، وفيه غسان بن عبيد، وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وضعفه الألباني في الضعيفة (5062) وضعيف الترغيب (347).

(2)

أخرجه الترمذي (2898). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (348)، الضعيفة (300)، المشكاة (2158).

ص: 228

ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر وَإِن كَانَت عدد ورق الشّجر وَإِن كَانَت عدد رمل عالج وَإِن كَانَت عدد أيَّام الدُّنْيَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من طَرِيق الْوَصَّافِي عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه من حَدِيث عبيد اللّه بن الْوَليد الْوَصَّافِي

(1)

قَالَ المملي عبيد اللّه هَذَا واه لَكِن تَابعه عَلَيْهِ عِصَام بن قدامَة وَهُوَ تقَة خرجه البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيقه بِنَحْوِهِ وعطية هَذَا هُوَ الْعَوْفِيّ

(2)

يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ.

قوله: وعن أبي سعيد الخدري، تقدم الكلام على أبي سعيد الخدري.

قوله صلى الله عليه وسلم: "غفرت له ذنوبه وإن كانت عدد رمل عالج" وعالج بعين مهملة وجيم في آخره قال في النهاية

(3)

: هو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض، والعوالج جمعه.

قوله: في آخر الحديث: لا نعرفه إلا من حديث عبيد اللّه بن الوليد الوصافي، والوصافي بفتح الواو وتشديد الصاد المهملة وبعد الألف فاء ثم ياء النسب نسبة إلى وصاف، واسمه مالك بن عامر، قال ابن الأثير: الوصافي منكر الحديث واللّه أعلم.

(1)

أخرجه أحمد (11074)، والترمذي (3397) وضعفه الألباني في الكلم الطيب (39)، ضعيف الترغيب (349).

(2)

لم أجده في التاريخ الكبير ولا الأوسط وإنما أخرجه الأصبهانى في الترغيب (218) من طريق البخاري، وأخرجه الطبراني في الدعاء (1784) من طريق عصام بن قدامة ومرة من طريق عصام عن الوصافى (1785).

(3)

النهاية (3/ 287).

ص: 229

896 -

وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي رضي الله عنه قَالَ أخرج إِلَيْنَا عبد اللّه بن عَمْرو رضي الله عنهما قرطاسا وَقَالَ كانَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلمنَا يَقُول اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالأرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَنْت رب كلّ شَيْء وإله كلّ شَيْء أشهد أَن لا إِلَه إِلَّا أَنْت أعوذ بك من الشَّيْطَان وشركه وَأَعُوذ بك أَن أقترف على نَفسِي سوءا أَو أجره إِلَى مُسلم قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن كَانَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم يُعلمهُ عبد اللّه بن عَمْرو وَيَقُول ذَلِك حِين يُرِيد أَن ينَام رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن

(1)

.

قوله: وعن أبي عبد الرحمن الحبلي، الحبلي بضم الحاء المهملة والباء الموحّدة، قال أبو علي البغدادي في كتاب التاريخ: فلان الحبلي منسوب إلى حي من اليمن يقال لهم بنو الحبلي وهو تابعي من أهل مصر، روى عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص وأبي عبد اللّه الصنابحي وعقبة بن عامر ويقال: إن أبا عبد الرحمن دخل [الأندلس] حديثه مخرج في صحيح مسلم، كذا نقله ابن الأثير عن السمعاني ثم قال وهو يدلّ على أن أبا عبد الرحمن الحبلي من بني الحبلي من الأنصار وليس كذلك وإنما هو منسوب إلى [بطن من] المعافر وهم أيضًا من اليمن واللّه أعلم قاله بان الأثير في الأنساب

(2)

.

(1)

أخرجه أحمد 2/ 171 (6597) و (6851)، والبخاري في الأدب (1204)، والترمذي (3529)، والطبراني في الدعاء (263) والكبير (14/ 45 - 46 رقم 14636) و (14/ 75 رقم 14678). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (608).

(2)

اللباب (1/ 337 - 338).

ص: 230

قوله: "اللهم فاطر السموات والأرض" الحديث، وفي حديث ابن عباس: ما كنت أدري ما فاطر السموات والأرض .. حتى احتكم إلى أعرابيان في بئر فقال أحدهما: انا فطرتها أي: أنا ابتدأت حفرها، فالفطر الابتداء والاختراع قاله في النهاية

(1)

واللّه أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بك من الشيطان وشركه" قال الخطابي

(2)

: يروى بوجهين: أحدهما بكسر الشين وسكون الراء ومعناه: ما يدعو إليه الشيطان ويوسوس به من الإشراك باللّه سبحانه وتعالى، والثاني: بفتح الشين والراء يريد حبائل الشيطان ومصائده وأحدها شركة انتهى، والمشهور هو الوجه الأول.

897 -

وَرُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من قَالَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه الْحَمد للّه الَّذِي علا فقهر وبطن فخبر وَملك فَقدر الْحَمد للّه الَّذِي يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كلّ شَيْء قدير خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَمن طَرِيقه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَغَيره

(3)

.

898 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من قَالَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه الْحَمد للّه الَّذِي كفاني وأواني وَالْحَمْد للّه الَّذِي أَطْعمنِى وسقاني

(1)

النهاية (3/ 457).

(2)

شأن الدعاء (1/ 122).

(3)

أخرجه الطبراني الأوسط (8/ 38 رقم 7891)، والبيهقي في الشعب (4/ 175 - 176 رقم 4714). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 124: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو جناب الكلبي، وهو ضعيف. وضعفه الألباني جدًّا في الضعيفة (6820) وضعيف الترغيب (350).

ص: 231

وَالْحَمْد للّه الَّذِي من عَليّ فأفضل فقد حمد اللّه بِجَمِيعِ محامد الْخلق كلهم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَلَا يحضرني إِسْنَاده الْآن

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا أوى إلى فراشه" بالقصر وتقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "الحمد للّه الذي كفاني وأواني" الحديث، آواني ممدود هذا هو الصحيح الفصيح المشهور، وحكي القصر

(2)

، وقيل:[آواني] هنا [أي] أي ردنا إلى [مأوي] لنا ولم تجعلنا كالبهائم منتشرين [والمأوى المنزل

(3)

] واللّه أعلم.

خاتمة: في الصحيحين عن عائشة أن "النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كلّ ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ قل هو اللّه أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات"

(4)

وفي سنن أبي داود [عن] الأزهر ويقال: أبو زهير الأنماري أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: "باسم اللّه وضعت جنبي اللهم اغفر لي ذنبي [وأخسئ] شيطاني وفك رهاني [واجعلني] في الندى الأعلى"

(5)

الندى: بفتح

(1)

أخرجه ابن السنى (720)، والحاكم (1/ 545 - 546)، والبيهقي في الشعب (6/ 222 رقم 4072). وصححه الألباني في الصحيحة (3444) وصحيح الترغيب (609).

(2)

شرح النووي على مسلم (17/ 34).

(3)

النهاية (1/ 82).

(4)

البخاري (5017) و (6319) و (5748).

(5)

أخرجه أبو داود (5054). وصححه الألباني في صحيح الكلم الطيب (34).

ص: 232

النون وكسر الدال وتشديد الياء، ونقل الخطابي: تفسير هذا الحديث أن الندى القوم المجتمعون في مجلس ومثله النادي، وجمعه: أندية، وقال: يريد بالندي الأعلى الملأ الأعلى من الملائكة

(1)

واللّه أعلم، أ. هـ.

899 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ وكلني رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فَأَتَانِي آتٍ فَجعل يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته فَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنِّي مُحْتَاج وَعلي دين وعيال ولي حَاجَة شَدِيدَة فخليت عَنهُ فَأَصْبَحت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا فعل أسيرك البارحة قَالَ قلت يَا رَسُول اللّه شكا حَاجَة شَدِيدَة وعيالا فرحمته فخليت سَبيله قَالَ أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ فَعرفت أَنه سيعود لقَوْل رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم إِنَّه سيعود فرصدته فجَاء يحثو الطَّعَام وَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ فَأَخَذته يَعْنِي فِي الثَّالِثَة فَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم وَهَذَا آخر ثَلَاث مَرَّات تزْعم أنَك لا تعود ثمَّ تعود قَالَ دَعْنِي أعلمك كَلِمَات ينفعك اللّه بهَا قلت مَا هن قَالَ إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

(2)

حَتَّى تختم الآيَة فَإنَّك لن يزَال عَلَيْك من اللّه حَافظ وَلا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فخليت سَبيله فَأَصْبَحت فَقَالَ لي رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا فعل أسيرك البارحة قلت قَالَ مَا هِيَ قلت قَالَ لي إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ من أَولهَا حَتَّى تختم الآيَة {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَقَالَ لن يزَال يَا رَسُول اللّه زعم أَنه يعلمني كَلِمَات يَنْفَعنِي اللّه

(1)

شأن الدعاء (1/ 175)، ومعالم السنن (4/ 144).

(2)

سورة البقرة، الآية:255.

ص: 233

بهَا فخليت سَبيله عَلَيْك من اللّه حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح وَكَانُوا أحرص شَيْء على الْخَيْر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أما إِنَّه قد صدقك وَهُوَ كذوب تعلم من تخاطب مُنْذُ ثَلَاث لَيَال يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ لا قَالَ ذَاك الشَّيْطَان رَوَاهُ البُخَارِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَغَيرهمَا

(1)

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي أَيُّوب بِنَحْوِهِ وَفِي بعض طرقه عِنْده قَالَ أَرْسلنِي وأعلمك آيَة من كتاب اللّه لَا تضعها على مَال وَلَا ولد فيقربك شَيْطَان أبدًا قلت وَمَا هِيَ قَالَ لا أَسْتَطِيع أَن أَتكَلّم بهَا آيَة الْكُرْسِيّ

(2)

قَالَ الْحَافِظ رحمه الله وَفِي الْبَاب أَحَادِيث كثِيرَة من فعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيست من شَرط كتَابنَا أضربنا عَن ذكرهَا.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله: وكلني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، الحديث.

قوله: فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، ففيه دليل أن الشيطان قد يراه الإنسان وأنه حافظ للقرآن [عالم بنفعه]

(3)

قال القزويني: ورأى [الغول][بما يكون في غير هذا][بياض] جماعة من الصحابة منهم عمر ابن الخطاب، حين سافر إلى الشام قبل الإسلام فضربه بالسيف

(4)

.

(1)

أخرجه البخاري (2311) و (3275) و (5010)، وابن خزيمة (2424).

(2)

أخرجه أحمد 5/ 423 (23592 و 23593)، والترمذي (2880). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (351).

(3)

الكواكب الدراري (10/ 140).

(4)

عجائب المخلوقات (ص 295).

ص: 234

قوله: فجعل يحثو من الطعام، قالى الطيبي

(1)

: يحثو أي [ينثر] الطعام في وعائه.

قوله: فقلت لأرفعنك إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أي: لأذهبن بك إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليحكم عليك بقطع اليد

(2)

.

قوله: [وذكر الحديث] إلى قوله: وكانوا [أحرص شئ] الخير، وكانوا أي الصحابة أحرص الناس على تعلم الخير إنما خلى سبيله حرصا على أن يعلمه كلمات ينفعه اللّه بها

(3)

.

قوله: "صدقك وهو كذوب" أي: من شأنه وعادته الكذب وان كان صادقًا في نفع قراءة آية الكرسي والكذوب قد يصدق.

فائدة: في كتب وهب بن منبه أن (الحل) ويسمى (النشرة) أن تأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فتدقه بين حجرين ثم تضربه بالماء وتقرأ عليه آية الكرسي وذوات (قل) ثم تحسو منه ثلاث حسيات ويغسل به فإنه يذهب كلّ ما به إن شاء اللّه تعالى وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله واللّه أعلم قاله الكرماني

(4)

.

قوله: "إذا أويت إلى فراشك" تقدم الكلام عليه.

(1)

المفاتيح (3/ 75) والكواكب الدراري (10/ 141).

(2)

الكواكب الدراري (10/ 141).

(3)

الكواكب الدراري (10/ 140).

(4)

الكو اكب الدراري (21/ 40).

ص: 235

900 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم من اضْطجع مضجعا لم يذكر اللّه فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ ترة يَوْم الْقِيَامَة وَمن قعد مقْعدا لم يذكر اللّه فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ ترة يَوْم الْقِيَامَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ مِنْهُ ذكر الاضْطِجَاع فَقَط

(1)

الترة بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة فَوق مخففا هُوَ النَّقْص وَقيل التبعة.

قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من اضطجع مضجعا لم يذكر اللّه فيه كان عليه ترة يوم القيامة" الحديث، قد فسر الحافظ الترة قال الترة: النقص والتبعة.

(1)

أخرجه أبو داود (5059)، والنسائي في الكبرى (10165 - 10168) و (15584)، وابن حبان (853). وقال الألباني حسن صحيح صحيح الترغيب (611)، الصحيحة (78).

ص: 236