المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٤

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌[الترهيب من رفع البصر إلى السماء في الصلاة]

- ‌[الترهيب من الالتفات في الصلاة وغيره مما يذكر]

- ‌الترهيب من مسح الحصى وغيره في مواضع السجود والنفخ فيه لغير ضرورة

- ‌الترهيب من وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

- ‌الترهيب من المرور بين يدي المصلي

- ‌الترهيب من ترك الصلاة تعمدا وإخراجها عن وقتها تهاونا

- ‌فصل فى النفل واشتقاقه

- ‌الترغيب في المحافظة على ثنتي عشرة ركعة من السنة في اليوم والليلة

- ‌الترغيب في المحافظة على ركعتين قبل الصبح

- ‌الترغيب في الصلاة قبل الظهر وبعدها

- ‌الترغيب في الصلاة قبل العصر

- ‌الترغيب في الصلاة بين المغرب والعشاء

- ‌الترغيب في الصلاة بعد العشاء

- ‌الترغيب في صلاة الوتر وما جاء فيمن لم يوتر

- ‌الترغيب في أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن حين يأوي إلى فراشه وما جاء فيمن نام ولم يذكر الله تعالى

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل

- ‌الترغيب في قيام الليل

- ‌التَّرْهِيب من صَلَاة الإِنْسَان وقراءته حَال النعاس

- ‌التَّرْهِيب من نوم الإنْسَان إِلَى الصَّباح وَترك قيام شَيْء من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي آيَات وأذكار يَقُولهَا إِذا أصبح وإذا أَمْسَى

- ‌التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الضُّحَى

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة التَّسْبِيح

- ‌[عدة في خدم المصطفى صلى الله عليه وسلم

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة التَّوْبَة

- ‌[بعض مناقب أبي بكر الصديق]

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلَاة الْحَاجة ودعائها

- ‌التَّرْغِيب فِي صَلاة الاستخارة وَمَا جَاءَ فِي تَركهَا

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الترغيب في صلاة الجمعة والسعي إليها وما جاء في فضل يومها وساعتها

- ‌في الترهيب من ترك الجمعة

- ‌الترغيب في الغسل يوم الجمعة

- ‌فصل يذكر فيه الأغسال المسنونة

- ‌الترغيب في التبكير إلى الجمعة وما جاء فيمن يتأخر عن التبكير لغير عذر

- ‌التَّرْهِيب من تخطي الرّقاب يَوْم الْجُمُعَة

- ‌التَّرْهِيب من الْكَلَام وَالْإِمَام يخْطب وَالتَّرْغِيب فِي الْإِنْصَات

- ‌الترهيب من ترك الجمعة لغير عذر

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءة سُورَة الْكَهْف وَمَا يذكر مَعهَا لَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة

- ‌كتاب الصدقات

- ‌الترغيب في أداء الزكاة وأداء وُجُوبِها

الفصل: ‌الترغيب في آيات وأذكار يقولها إذا أصبح وإذا أمسى

‌التَّرْغِيب فِي آيَات وأذكار يَقُولهَا إِذا أصبح وإذا أَمْسَى

959 -

عَن معَاذ بن عبد الله بن خبيب عَن أَبِيه رضي الله عنه أَنه قَالَ خرجنَا فِي لَيْلَة مطر وظلمة شَدِيدَة نطلب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّي بِنَا فأدركناه فَقَالَ قل فَلم أقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل فَلم أقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل قلت يَا رَسُول الله مَا أَقُول قَالَ قل هُوَ الله أحد والمعوذتين حِين تصبح وَحين تمسي ثَلَاث مَرَّات تكفيك من كل شَيء رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح غَرِيب وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مُسْندًا ومرسلًا

(1)

.

قوله: عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه معاذ بن [عبد الله بن خبيب]، هو: عبد الله بن خبيب الجهني عن أبيه عن عمه، يروي عن أبيه وأخيه عبد الله وعقبة بن عامر وعبد الله بن أنيس الجهنيين، توفي سنة ثمان عشرة ومائة

(2)

، ووالده عبد الله بن خبيب الأنصاري المدني، له صحبة وأحاديث

(3)

، قال في كتاب سلاح المؤمن

(4)

: وليس لعبد الله بن خبيب في الكتب الستة سوى هذا

(1)

أخرجه أبو داود (5082)، والترمذي (3575)، والنسائي في المجتبى 8/ 325 (3575) و 8/ 326 (5473) و (5474) و 8/ 327) 5475). وقال الألباني: حسن صحيح صحيح الترغيب (649).

(2)

تهذيب الكمال (28/ ترجمة 6031).

(3)

تهذيب الكمال (14/ ترجمة 3243).

(4)

سلاح المؤمن (ص 274).

ص: 318

الحديث، وقال البرقي: له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان وقال أبو الفرج بن الجوزي: له ثلاث أحاديث، وخبيب بضم الخاء المعجمة، وذكر ابن مندة خبيبًا في الصحابة ولا يعرف ذلك، وعم عبد الله الجهني المذكور في هذا الحديث، قال في أسد الغابة: قيل: اسمه عبيد بن معاذ

(1)

، أ. هـ.

قوله: خرجنا فِي لَيْلَة مطر وظلمة شَدِيدَة نطلب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّي بِنَا فأدركناه فَقَالَ قل فَلم أقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل فَلم أقل شَيْئا ثمَّ قَالَ قل قلت يَا رَسُول الله مَا أَقُول قَالَ قل هُوَ الله أحد والمعوذتين حِين تصبح وَحين تمسي ثَلَاث مَرَّات تكفيك من كل شَيء.

قوله: رواه النسائي مسندا ومرسلا، الحديث المسند [ما اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه، وأكثر ما يستعمل فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم قال ابن عبد البر

(2)

: المسند ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقد يكون متصلًا مثل: مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون منقطعًا، مثل: مالك عن الزهري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا مسند لأنه قد أسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منقطع لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس

(3)

].

(1)

أسد الغابة (3/ 443).

(2)

التمهيد (1/ 21 - 24).

(3)

كشف المناهج (1/ 55 - 56).

ص: 319

960 -

وَعَن معقل بن يسَار رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح ثَلَاث مَرَّات أعوذ بِاللّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَقَرَأَ ثَلَاث آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر وكل الله بِهِ سبعين ألف ملك يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي وَإِن مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم مَاتَ شَهِيدا وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمنزلَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة خَالِد بن طهْمَان وَقَالَ حَدِيت غَرِيب وَفِي بعض النّسخ حسن عرِيب

(1)

.

قوله: وعن معقل بن يسار رضي الله عنه[هو أبو عبد الله، ويقال: أبو يسار، وأبو علي معقل بن يسار بن معبر المزنى البصرى وكان معقل هذا من مشهورى الصحابة، شهد بيعة الرضوان، ونزل البصرة، وبها توفى في آخر خلافة معاوية، وقيل: توفى أيام يزيد. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وثلاثون حديثا، اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بحديثين. روى عنه عمرو بن ميمون، وأبو عثمان النهدى، والحسن البصرى وكان لمعقل دار بالبصرة، وإليه ينسب نهر معقل الذي في البصرة، وإليه أيضا ينسب التمر المعقلى الذي بالبصرة مات في إمرة عبيد الله بن زياد بعد الستين، وقيل: بل مات في زمن معاوية

(2)

].

قوله: "من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" الحديث، ومعنى أعوذ بالله: ألوذ وأعتصم

(1)

أخرجه أحمد 5/ 26 (20306)، والدارمى (3468)، والترمذي (2922). وضعفه الألباني في الإرواء (342)، ضعيف الترغيب (379).

(2)

جامع الأصول (12/ 857 - 858)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 106).

ص: 320

وألتجئ إليه

(1)

، والشيطان اسم لكل متمرد وعات من الجن والإنس

(2)

وهو من شاط يشيط إذا هلك أو من شطن بمعنى بعد

(3)

، والرجيم المطرود، وقيل: المرجوم بالشهب

(4)

، والرجيم أيضًا بمعنى مرجوم بالطرد واللعن، وقيل: يرجم به غيره بالإغواء

(5)

، ويحصل التعوذ بكل لفظ حصل معناه

(6)

.

وقوله: "السميع العليم" مذهب أهل السنة أنه تعالى سميع يسمع عليم يعلم بلا كيف ولا تشبيه بحيث لا يدق عن سمعه مسموع ولا يخفى عن علمه معلوم

(7)

، وأيضا ففي التنزيل:{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

(8)

فهو أكمل وأوفق [بياض بالأصل] واختلف القراء في صيغتها فاختار أبو عمرو وابن كثير وعاصم: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وقد قال الشافعية والحنفية إنه أفضل

(9)

، وروي حفص من طريق هبيرة: (أعوذ بالله العظيم

(1)

المجموع (3/ 323).

(2)

الصحاح للجوهري (5/ 2144)، والتفسير البسيط (2/ 167)، وكشف المشكل (1/ 384).

(3)

التفسير البسيط (2/ 167 - 168)، وكشف المشكل (1/ 384 - 385)، والمجموع (3/ 323).

(4)

المجموع (3/ 323).

(5)

التبيان في إعراب القرآن (1/ 2)، والنجم الوهاج (2/ 109).

(6)

النجم الوهاج (2/ 109).

(7)

الأسنى (ص 87 - 88 و 90) للغزالى.

(8)

سورة الأعراف، الآية:200.

(9)

انظر المجموع (3/ 325).

ص: 321

السميع العليم من الشيطان الرجيم)، واختار نافع [وأبو جعفر وابن عامر وخلف] والكسائي:(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم)، ورواها حنبل عن أحمد واختارها النووي واختار همزه: أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأكملها ما جاء في الحديث

(1)

، أ. هـ قاله في شرح الإلمام

قوله: "وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر" وهي من قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ}

(2)

إلى آخرها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي" الحديث، تقدم أن الصلاة في اللغة: الدعاء وهي من الملائكة بمعنى الاستغفار.

قوله: رواه الترمذي من رواية خالد بن طهمان.

961 -

وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من قَالَ حِين يصبح {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}

(3)

أدْرك مَا فَاتَهُ فِي يَوْمه ذَلِك وَمن قالهن حِين يُمْسِي أدْرك مَا فَاتَهُ فِي ليلته رَوَاهُ

(1)

انظر الإقناع في القراءات (ص 49 - 50) المجموع 3: 325، وتفسير النيسابوري (1/ 14).

(2)

سورة الحشر، الآية:21.

(3)

سورة الروم، الآيات: 17 - 19.

ص: 322

أَبُو دَاوُد وَلم يُضعفهُ وَتكلم فِيهِ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه

(1)

.

962 -

وَعَن شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ سيد الاسْتِغْفَار اللَّهُمَّ أَنْت رَبِّي لا إِلَه إِلَا أَنْت خلقتني وَأَنا عَبدك وَأَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت أَبُوء لَك بنعمتك عَليّ وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّه لا يغْفر الذُّنُوب إِلَا أَنْت من قَالَهَا موقنا بهَا حِين يُمْسِي فَمَاتَ من ليلته دخل الْجنَّة وَمن قَالَهَا موقنا بهَا حَتَّى يصبح فَمَاتَ من يَوْمه دخل الْجنَّة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَالنَّسَائيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَعِنْده لا يَقُولهَا أحد حِين يُمْسِي فَيَأْتِي عَلَيْهِ قدر قبل أَن يصبح إِلَا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَلا يَقُولهَا حِين يصبح فَيَأتِي عَلَيْهِ قدر قبل أَن يُمْسِي إِلَا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَلَيْسَ لشداد فِي البُخَارِيّ غير هَذَا الحَدِيث وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكم من حَدِيث بُرَيْدَة رضي الله عنه: أَبُوء بباء مُوَحدَة مَضْمُومَة وهمزة بعد الْوَاو ممدودا مَعْنَاهُ أقرّ وأعترف

(2)

.

قوله: وعن شداد بن أوس، قال الحافظ المنذري: وليس لشداد في البخاري غير هذا الحديث والله أعلم، أي: الذي سيذكر.

قوله صلى الله عليه وسلم: "سيد الاستغفار اللهم أنت ربي" الحديث، قيل: إنما كان هذا سيد الاستغفار لأن السيد هو الله تعالى فكان سيد الاستغفار ما فيه ذكره

(1)

أخرجه أبو داود (5076)، والعقيلي في الضعفاء الكبير 2/ 100، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 247 رقم 10596).

وضعفه الألباني جدًّا في المشكاة (2394) وضعيف الترغيب (380).

(2)

أخرجه البخاري (6306) و (6323)، والترمذي (3393)، والنسائي في المجتبى 8/ 382 (5566).

ص: 323

أكثر، وما كانت البداية باسمه عز وعلا، قال ابن رجب الحنبلي

(1)

: فأفضل أنواع الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء، فإن قلت: معنى الأفضل الأكثر ثوابا عند الله تعالى فالمراد المستغفر بهذا النوع من الاستغفار أكثر ثوابا من المشتغلين بغيره على ربه عز وجل ثم يثني بالاعتراف بذنبه ثم يسأل المغفرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنا عبدك" أي: معترف بأنك مالكي ومدبري وحكمك نافذ فيّ

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأنا على عهدك" الحديث، والعهد المذكور فيه هو العهد الذي أخذه الله تعالى على الذرية بقوله تعالى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}

(3)

(4)

وقال بعضهم: وأنا على ما عاهدتك عليه ووعدتك من الإيمان والإخلاص في الطاعة، ويحتمل أن يكون معناه أي مقيم على ما عهدت إلي من أمرك وأنك منجز وعدك في المثوبة بالأجر عليه واشتراك الاستطاعة في ذلك، معناه: الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب في حقه تعالى

(5)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ووعدك ما استطعت" إشارة إلى قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}

(6)

أي: عملا صالحًا قدموه، وقيل:

(1)

جامع العلوم والحكم (2/ 412).

(2)

شرح النووي على مسلم (6/ 58).

(3)

سورة الأعراف، الآية:72.

(4)

شرح الصحيح (10/ 75) لابن بطال، والتوضيح (29/ 186).

(5)

شرح المشكاة (6/ 1844 - 1845)، والكواكب الدراري (22/ 124).

(6)

سورة يونس، الآية:2.

ص: 324

هو ما كتبه الله تعالى في الذكر: {سبقت رحمتي غضبي} وقال في النهاية

(1)

أي: أنا مقيم على ما عاهدتك عليه من الإيمان بك والإقرار بوحدانيتك لا أزول عنه واستثني بقوله: "ما استطعت" موضع القدر السابق في أمره أي: إن كان [قد جرى] القضاء إن أنقض العهد يوما فإني أخلد عند ذلك [إلى التنصل] والاعتذار لعدم الاستطاعة في دفع ما قضيته عليّ، وقيل معناه: إني متمسك بما عاهدته إليّ من أمرك ونهيك ولي العذر في الوفاء به قدر الوسع والطاقة وإن كنت لا أقدر أن أبلغ كنه الواجب فيه، أ. هـ، وقال بعضهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أبوء لك بنعمتك عليّ" قد ضبطه الحافظ وفسره فقال: معناه: أقر وأعترف وفسر غيره: أبوء بذنبي فقال: وكذلك بذنبي بمعنى ما تقدم إلا أن فيه معنى زائدا، تقول العرب: قد باءه فلان بذنبه إذا احتمله كرها لا يستطيع دعه عن نفسه وأبوء بذنبي أي: التزم وأرجع وأفرد، ومنه الحديث "فقد باء به أحدهما" أي: التزمه ورجع به قاله ابن الأثير

(2)

، وأصل البوء اللزوم كذا في جمل الغرائب

(3)

، ذكره في شرح مشارق الأنوار.

قوله في آخر الحديث: "دخل الجنة" فإن قلت: المؤمن وإن لم يقلها هو من أهلها أيضًا؟ قلت: المراد أنه يدخلها ابتداء من غير دخول النار لأن

(1)

النهاية (3/ 324).

(2)

النهاية (1/ 159).

(3)

إكمال المعلم (1/ 317).

ص: 325

الغالب أن المؤمن بحقيقتها المؤمن بمضمونها لا يعصي الله تعالى أو لأن الله يعفو عنه ببركة هذا الاستغفار

(1)

والله أعلم.

963 -

وَرُوِيَ عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه: قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَيْسَ منا من حلف بالأمانة وَلَيْسَ منا من خَان امْرأ مُسلما فِي أَهله وخادمه وَمن قَالَ حِين يُمْسِي وَحين يصبح اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك بأنك أَنْت الله الَّذِي لا إِلَه إِلَا أَنْت وَحدك لا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك أَبُوء بنعمتك عَليّ وأبوء بذنبي فَاغْفِر لي إِنَّه لا يغْفر الذُّنُوب غَيْرك فَإِن قَالَهَا من يَوْمه ذَلِك حِين يصبح فَمَاتَ من يَوْمه ذَلِك قبل أَن يُمْسِي مَاتَ شَهِيدا وَإِن قَالَهَا حِين يُمْسِي فَمَاتَ من ليلته مَاتَ شَهِيدا رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الأصْبَهَانِيّ وَغَيره

(2)

.

قوله: وروى عن حذيفة بن اليمان، تقدم الكلام على مناقبه رضي الله عنه.

قوله: "ليس منا من حلف بالأمانة" الحديث، أي: ليس ممن اهتدي بهدينا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست مني قاله النووي، وتقدم معنى الحديث.

964 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا لقِيت من عقرب لدغتني البارحة قَالَ أما لَو قلت حِين أمسيت أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تَضُرك رَوَاهُ مَالك وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد

(1)

الكواكب الدراري (22/ 124).

(2)

أخرجه الأصبهاني في الترغيب (258). وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (5307) وضعيف الترغيب (381).

ص: 326

وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَلَفظه من قَالَ حِين يُمْسِي ثَلَاث مَرَّات أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تضره حمة تِلْكَ اللَّيْلَة قَالَ سُهَيْل فَكَانَ أهلنا تعلموها فَكَانُوا يَقُولُونَهَا كل لَيْلَة فلدغت جَارِيَة مِنْهُم فَلم تَجِد لَهَا وجعا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِنَحْوِ التِّرْمِذِيّ

(1)

.

الْحمة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم هُوَ السم وَقيل لدغة كل ذِي سم وَقيل غير ذَلِك.

قوله: وعن أبي هريرة تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث رواه أبو القاسم الأصفهاني بكسر الهمزة وفتحها وبالفاء وبالموحدة أربع لغات قاله الكرماني.

قوله: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، الحديث، روى [بياض بالأصل] كبيرة، رواه الجماعة إلا البخاري، وعن أبي هريرة قال: لدغت عقرب رجلا فلم ينم فقال: أما إنه لو قال حين أمسي أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما ضره لدغ العقرب حتى يصبح، رواه النسائي في اليوم والليلة وفي كامل ابن عدي في ترجمة وهب بن راشد الرقي أن هذا الرجل المذكور بلال رضي الله عنه.

قوله: لدغتني، هو بالدال المهملة والغين المعجمة، قال أهل اللغة: يقال

(1)

أخرجه مالك (1998)، ومسلم (55 - 2709)، وابن ماجه (3518)، وأبو داود (3899)، والترمذي (3604)، وابن حبان (1020) و (1021) و (1036). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (652).

ص: 327

لدغته العقرب وذوات السموم إذا أصابته بسمها.

قوله: البارحة، أي: الليلة التي مضت، تقول العرب: فعلت البارحة كذا إذا أخبرت به في أول النهار إلى نصفه فإن أخبرت بعد الظهر قالت: فعلت البارحة هذا أصل كلامهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أما لو قلت حين أمسي، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك" الحديث، قال الهروي وغيره: الكلمات هي القرآن، وقال غيره: كلمات الله التامات جمع يضاف فيفيد العموم فدخل في ذلك كل ما أنزله الله على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقال ابن الأثير: إنما وصف كلامه تعالى بالتمام لأنه لا يجوز أن يكون في شيء منه نقص ولا عيب يكون في كلام الناس، وقيل: هي النافعات الكافيات الشافيات من كل ما يتعوذ به، وقال أبو العباس الأصبهاني في كتابه المغيث في غريب القرآن والحديث: ووجه آخر وهو أن كلمة كانت على حرفين هي عند العرب ناقصة والتامة هي ما كانت في الأصل على ثلاثة أحرف، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وكلمة (كن) ناقصة في الهجاء فنفى النبي صلى الله عليه وسلم النقص عن كلمات الله تعالى قطعا للأوهام وإعلاما أن حكم الله كلامه خلاف كلام الآدميين وأن نقص هجائه في الكتابة لا يسلبه صفة التمام والكمال، وقيل: معنى التمام هاهنا أنها تنفع المعقود وتشفيه وتحفظه من الآفات وتكفيه، ومنه حديث دعاء الأذان:(اللهم رب هذه الدعوة التامة) وصفها بالتمام لأنها ذكر إليه يدعي بها إلى عبادته، وذلك هو الذي يستحق

ص: 328

صفة الكمال والتمام ولما وصفت بالتامة، وقد احتج الإمام أحمد بن حنبل بهذا الحديث على القائل بخلق القرآن، فلو كانت كلمات الله مخلوقة لما أعاذهم النبي صلى الله عليه وسلم بها إذ لا يجوز أن يعيذ مخلوقًا مخلوق لأنه ما من مخلوق إلا وفيه نقص ولما وصفت بالتامة.

تنبيه: قال الحاكم في تاريخ نيسابور أن علي بن سلمة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم كأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقبل وعن يمينه موسى بن عمران وعن يساره عيسى بن مريم فقلت: يا رسول الله ما تقول في القرآن؟ قال: أشهد أنه كلام الله غير مخلوق وموسى بن عمران يشهد وهذا عيسى بن مريم يشهد أنه منزل غير مخلوق، وكان ذلك أيام المحنة. وعلي بن سلمة بن عقبة القرشي اللبقي أبو الحسن النيسابوري توفي سنة اثنين وخمسين ومائتين.

تتمة: روى الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب أنه قال: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال: "لعن الله العقرب ما تدع مصليا ولا غيره ولا نبيا ولا غيره إلا لدغته وتناول نعله فقتلها بها ثم دعاء بماء وملح فجعل يمسح عليهما ويقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين"

(1)

.

فائدة: العقرب من الهوام، تكون للذكر والأنثى بلفظ واحد ويقال للأنثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف، والذكر عقربان، وهو دابة له أرجل

(1)

أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 192 و 2/ 276)، والبيهقي في الشعب (4/ 169 - 170 رقم 2340).

ص: 329

طوال وليس ذنبه كذنب العقارب، وكنيته: أم عريط وأم ساهرة، وهي أصناف منها الحرارة والطيارة وما له ذنب كالحربة وما له ذنب معقف، ومنها: السود والخضر والصفر كثيرة الولد، وشر ما تكون إذا كانت حاملا، ومن عجب أمرها أنها لا تضرب الميت ولا النائم إذا لم يتحرك وربما لسعت الأفعى فتموت

(1)

، وقد أشار إلى ذلك الشاعر بقوله:

ولا تحقرن أبدًا ضعيفًا

فربما تموت الأفاعي بسموم العقارب

فائدة: قال الشيخ: وخبرني بعض المحدثين أن العقرب إذا لدغه إنسانا يأخذ سكينا ويمر بحديدتها على موضعها ويتلوا قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ}

(2)

ويمر السكين عليها فإن قطرة سم تخرج منها يبرأ ببركة كلام الله تعالى، ومن عجيب أمرها أنها مع صغر جرمها تقتل الفيل والبعير بلسعتها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لم تضره حمة تلك الليلة" الحمة قد ضبطها الحافظ وفسرها، الحمة: هو السم، وقيل:[لدغة] كل ذي سم، وقيل: غير ذلك، أ. هـ، وقيل: فرعة السم وحدته وحرارته، والفرعة بفتح الفاء والعين المهملة وسكون الواو.

قوله: قال سهيل: فكأن أهلنا تعلموها فكانوا يقولونها كل ليلة؛ سهيل: هو [أبو يزيد، سهيل بن أبي صالح - واسم أبي صالح ذكوان - السمان الزيات

(1)

حياة الحيوان (2/ 185).

(2)

سورة الأنبياء، الآيتان: 12 - 13.

ص: 330

المديني سمع أباه، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد، وعبد الله بن دينار، روى عنه مالك، والثوري، وشعبة، وموسى بن عقبة. أخرج عنه البخاري حديثا واحدا مقرونا، وأكثر عنه مسلم وغيره، حكى الترمذى، عن سفيان بن عيينة: كنا نعد سهيل بن أبي صالح ثبتًا في الحديث. وقال يحيى بن معين: سهيل بن أبي صالح والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء، وليس حديثهما بحجة. وقال العجلى: سهيل ثقة، وأخوه عباد ثقة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال النسائى: ليس به بأس].

قوله: فلدغت منهم جارية فلم تجد لها وجعا، يقال: لدغته العقرب الدغه لدغا وتلداغا فهو ملدوغ ولديغ والله أعلم.

فائدة: قال أبو داود الطيالسي في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين" معناه: لا يعاقب العبد على ذنبه في الدنيا ثم يعاقب عليه في الآخرة

(1)

، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك هو أبو عزة الجهمي الشاعر، واسمه عمرو، وقع في الأسر يوم بدر ولم يكن معه مال فقال: يا رسول الله إني عيلة فأطلقه لبناته الخمس على أن لا يرجع للقتال فرجع إلى مكة ومسح عارضيه وقال: خدعت محمدا مرتين ثم جاء عام أحد مع المشركين فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تفلته فلم يقع في الأسر غيره" قال صلى الله عليه وسلم: "لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين" وأمر بقتله، والحديث المذكور رواه الشافعي ومسلم وابن ماجه

(2)

.

(1)

مسند الطيالسى (1922).

(2)

حياة الحيوان (2/ 193).

ص: 331

قوله: "لا يلدغ" يروي بضم الغين على الخبر يعني أن المؤمن حازم لا يخدع مرة بعد مرة، ولا يفطن لذلك، وقيل: أراد به الخداع في أمر الآخرة دون الدنيا، ويروي بكسر العين نهيا، أي: لا يؤتى من جهة الغفلة، وهذا يصح أن يتوجه إلى أمر الدنيا والآخرة أيضًا، ويؤيد ما قاله أبو داود الطيالسي ما رواه النسائي في مسند علي عن أبي سخيلة أنه سمع عليًا يقول: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}

(1)

قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [وسأفسرها لكم] يا علي، ما أصابك من بلاء أو عقوبة أو مرض في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثني عليه في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم أن يعود بعد عفوه، أ. هـ، ولذلك قال الواحدي: إن الآية أرجى آية في القرآن لأنه جعل ذنوب المؤمنين صنفين صنف كفره بالمصائب وصنف عفا عنه وهو كريم لا يعود في عفوه"

(2)

، أ. هـ قاله في حياة الحيوان

(3)

.

وذكر أبو عمر بن عبد البر في التمهيد عن سعيد بن المسيب قال: بلغني أن من قال حين يمسي {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)}

(4)

لم تلدغه عقرب،

(1)

سورة الشورى، الآية:30.

(2)

أخرجه أحمد 1/ 85 (649)، والبزار (483)، وأبو يعلى (453 و 608). وضعفه الألباني في المشكاة (3629)، الروض النضير (705).

(3)

حياة الحيوان (2/ 193 - 194).

(4)

سورة الصافات، الآية:79.

ص: 332

وقال عمرو بن دينار أن مما أخذ على العقرب أن لا تضر أحدًا قال: في ليل ولا نهار {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79)} (1) وقال الشيخ أبو القاسم القشيري في تفسيره في بعض التفاسير (2): إن الحية والعقرب أتيا نوحا فقالتا: احملنا، فقال نوح: لا أحملكما فإنكما سبب الضر والبلاء، فقالتا: احملنا ونحن نضمن لك أن لا نضر أحدًا إذا ذكرك، فمن قرأ حين خاف مضرتها {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81)} (3) ما ضرتاه.

فائدة: وروى عن ابن عباس أن نوحا اتخذ السفينة في سنتين وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعًا، وسمكها ثلاثين ذراعا وكانت من خشب الساج وجعل لها ثلاثة بطون في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام، وجعل في البطن الأوسط الدواب والأنعام وركب هو ومن معه في البطن إلا علا ما احتاج إليه من الزاد (4)، أ. هـ.

تتمة: وروينا عن الشيخ الإمام الحافظ فخر الدين عثمان بن محمد بن عثمان التوريري نزيل مكة المشرفة، ووفاته بمكة في خامس عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وسبعمائة أنه قال: كنت أقرأ بمكة شيئا من الفرائض

ص: 333

على الشيخ تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الواحد الحوراني فبينا نحن جلوس وإذا بعقرب تمشي فأخذها الشيخ وجعل يقلبها في يده، فوضعت الكتاب من يدي فقال لي اقرأ، فقلت حتى أتعلم هذه الفائدة، فقال هي عندك، قلت: ما هي؟ قال: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال حين يصبح وحين يمسي باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء" وقد قلتها أول النهار

(1)

، وقد سئل السدي عن الصبر فجعل يتكلم فيه فدبت على رجله عقرب وهي تضربه بإبراتها ضربات كثيرة وهو ساكن، فقيل له لم لم تنحيها؟ فقال: استحييت من الله أن أتكلم في الصبر ولا أصبر

(2)

، وقال ابن المبارك: كنت عند الإمام مالك بن أنس وهو يحدثنا فلدغته عقرب ورجله داخل الخف ست عشرة مرة وهو يتغير لونه ويصفر ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من المجلس وتفرق عنه الناس قلت له يا أبا عبد الله لقد رأيت منك اليوم عجبا، قال: نعم، إنما صبرت إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقطعه ثم نفض الخف فسقطت منه العقرب

(3)

.

فائدة: [عن أبي هريرة، تقدم الكلام على أبي هريرة؛ قوله صلى الله عليه وسلم] ورقية العقرب جائزة لما روى مسلم عن جابر قال: لدغت رجلا

(1)

حياة الحيوان (2/ 193).

(2)

الرسالة (1/ 327).

(3)

ترتيب المدارك (1/ 155).

ص: 334

عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أرقيه قال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"، وفي رواية جاء عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب وأنك نهيت عن الرقيا، فقال:"اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شيء" فالرقى جائزة بكتاب الله تعالى أو بذكره ومنهي عنها إذا كانت بالعجمية أو بما لا يدري معناه نحو أن يكون فيه كفر، واختلفوا في رقية أهل الكتاب فجوزها أبو بكر الصديق، وكرهها مالك خوفا أن يكون فما بدلوا فمن الرقيا المجربة النافعة أن يسأل الراقي الملدوغ إلى أن تنتهي أعلا الوجع من العضد، فيضع على أعلاه حديدة ويقرأ العزيمة ويكررها وهو يحدد موضع الألم بالحديدة حتى ينتهي من حر ذلك السم إلى أسفل الوجع، فإذا اجتمع في أسفله جعل يمص ذلك الموضع حتى يذهب جميع الألم، ولا اعتبار بفتور العضو بعد ذلك، وهي هذه: سلام على نوح في العالمين وعلى محمد في المرسلين من حاملات السم أجمعين لا دابة بين السماء والأرض إلا ربي آخذ بناصيتها أجمعين كذلك نجزي المحسنين، إن ربي على صراط مستقيم، نو، قال لكم نوح: من ذكرني لا تأكلوه إن ربي بكل شيء عليم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، قاله في حياة الحيوان

(1)

، وقال بعض العلماء المتقدمين: من قال في أول الليل والنهار عقدت زنار العقرب ولسان الحية ويد السارق بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا

(1)

حياة الحيوان (1/ 393 - 394).

ص: 335

رسول الله أمن من الحين والعقرب والسارق

(1)

؛ وفي كتاب فردوس الحكمة قال: آية في كتاب الله تعالى من قرأها يأمن من الهوام: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}

(2)

، وفي رواية لابن أبي الدنيا في كتاب التوكل إن عامل أمر بقية كتب إلى عمر بن عبد العزيز يشكوا إليه الهوام والعقارب فكتب إليه: وما على أحدكم إذا أمسى وأصبح أن يقول {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ}

(3)

الآية

(4)

.

وفي تاريخ اليافعي: أن بعض الملوك قال له منجموه إنه يموت في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من [سنة كذا] من عقرب تلدغه فلما كان قبل الساعة المذكورة تجرد من جميع لباسه وركب فرسا بعد أن غسله ونظفه وسرح شعره ودخل به البحر حذرا مما ذكر له فبينما هو كذلك عطست فرسه فخرج من أنفها عقرب فلدغته فمات وما أغناه الحذر من القدر

(5)

.

وعن معروف الكرخي قال: بلغنا أن ذا النون المصري خرج ذات يوم يريد غسل ثيابه فإذا هو بعقرب قد أقبل إليه كأعظم ما يكون قال: ففزع منه فزعا شديدًا، واستعاذ بالله منها فكفى شرها فأقبلت حتى وافت النيل فإذا هي

(1)

حياة الحيوان (2/ 192).

(2)

سورة هود، الآية:56.

(3)

سورة إبراهيم، الآية:12.

(4)

حياة الحيوان (2/ 512).

(5)

حياة الحيوان (2/ 188).

ص: 336

بضفدع قد خرج من الماء فاحتملها على ظهره وعبر بها إلى الجانب الآخر.

قال ذو النون: فاتزرت بمئزر ونزلت في الماء فلم أزل أرقيها إلى أن أتت الجانب الآخر فصعدت ثم سعت وأنا أتبعها إلى أن أتت شجرة كثيرة الأغصان كثيرة الظل وإذا غلام أمرد نائم تحتها وهو مخمور فقلت: لا قوة إلا بالله أتت العقرب من ذلك الجانب للدغ هذا الفتى فإذا أنا بتيس أقبل يريد قال الفتى فظفرت العقرب ولزمت دماغه حتى قتلته ورجعت إلى الماء وعبرت على ظهر الضفدع إلى الجانب الآخر فأنشأ ذو النون يقول:

يا راقدا، والجليل يحفظه

من كل سوء يكون في الظلم

كيف تنام العيون عن ملك

تأتيك منه فوائد النعم

قال: فانتبه الفتى على كلام ذي النون فأخبره الخبر فتاب ونزع أثواب اللهو ولبس أثواب السياحة وسامح ومات على تلك الحال

(1)

؛ وروى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما أتى إلى غار ثور مع النبي صلى الله عليه وسلم سبق إلى دخوله فانبطح فيه وألفى نفسه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لم فعلت هذا؟ قال: لأن هذه القيران تكون فيها الهوام المؤذية فأحببت إن كان فيها شيء أن أقيك بنفسي، وقيل: كان عليه برد ثمين فمزقه وحشى به الحجر فبقي حجران فسدهما بعقبيه رضي الله عنه

(2)

.

(1)

حياة الحيوان (2/ 188 - 189).

(2)

حياة الحيوان (2/ 513).

ص: 337

فائدة: يقال في اللسع: لسعته العقرب والحية تلسعه لسعا فهو ملسوع، وما أحسن قول الأول:

قالوا: حبيبك ملسوع، فقلت لهم

من عقرب الصدغ لا من حية الشعر قالوا: بلى، من أفاعي الأرض، قلت لهم: وكيف تسعى أفاعي الأرض للقمر

(1)

. أ. هـ

965 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ حِين يصبح وَحين يُمْسِي سُبْحَانَ الله وَبِحَمْد مائَة مرّة لم يَأْتِ أحد يَوْم الْقِيَامَة بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد عَلَيْهِ رَوَاهُ مُسلم وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَعِنْده سُبْحَانَ الله الْعَطيم وَبِحَمْدِهِ وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَلَفظه من قَالَ إِذا أصبح مائَة مرّة وَإِذا أَمْسَى مائَة مرّة سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر

(2)

.

قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به" ومعنى التسبيح التنزيه عما لا يليق به سبحانه وتعالى من الشريك والولد والصاحبة والتبرئة من النقائص مطلقا وسماه الحدث مطلقا، ومعنى سبحان الله أبرئ الله من السوء براءة.

(1)

حياة الحيوان (1/ 394).

(2)

أخرجه مسلم (29 - 2692)، وأبو داود (5091)، والترمذي (3469)، والنسائي في الكبرى (10327 و 10328)، وابن حبان (859)، والحاكم (1/ 518).

ص: 338

قوله صلى الله عليه وسلم: "لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به" وتقديره والله أعلم: لم أو بمثله ليناسبه والله أعلم.

966 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير فِي يَوْم مائَة مرّة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب وَكتب لَهُ مائَة حَسَنَة ومحيت عَنهُ مائَة سَيِّئَة وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه ذَلِك حَتَّى يُمْسِي وَلم يَأْتِ أحد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رجل عمل أَكثر مِنْهُ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة، تقدم الكلام على أبي هريرة.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة" الحديث، هذا الحديث فيه دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم كان له هذا الأجر المذكور في الحديث على المائة ويكون له ثواب آخر على الزيادة وليس هذا من الحدود التي نهي عن اعتدادها ومجاوزة أعدادها، وإن زيادتها لأفضل فيها أو يبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد بقوله:"إلا رجلا عمل أكثر منه" الكثرة من أعمال الخير لا من نفس التهليل، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو من غيره، ولعل هذا الاحتمال أظهر والله أعلم؛ وظاهر إطلاق الحديث يقتضي أنه يحصل هذا الأجر المذكور في هذا الحديث لمن قال هذا التهليل

(1)

أخرجه البخاري (3293) و (6403)، ومسلم (28 - 2691).

ص: 339

مائة مرة في يومه سواء قاله متواليا أو متفرقا في مجالس أو بعضها في أول النهار، وبعضها آخره لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار ولتكون حرزا له في جميع نهاره والله أعلم.

967 -

وَعَن أبان بن عُثْمَان قَالَ سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من عبد يَقُول فِي صباح كل يَوْم وَمَسَاء كل لَيْلَة بِسم الله الَّذِي لا يضر مَعَ اسْمه شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم ثَلَاث مَرَّات فيضره شَيْء وَكَانَ أبان قد أَصَابَهُ طرف فالج فَجعل الرجل ينظر إِلَيْهِ فَقَالَ أبان مَا تنظر أما إِن الحَدِيث كمَا حدثتك وَلَكِنِّي لم أَقله يَوْمئِذٍ ليمضي الله قدره، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيت حسن غَرِيب صَحِيح وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد

(1)

.

قوله: وعن أبان بن عثمان، هو: أبو سعيد ويقال أبو عبيد الله أبان بن عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية القرشي الأموي المدني التابعي الكبير يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف وأمه أم عمرو بنت حيدر الدوسية، واتفق العلماء على أنه ثقة، توفي بالمدينة سنة خمس ومائة، روي له البخاري في الأدب والباقون، واعلم أن في صرف أبان خلافا مشهورا والصحيح الذي عليه الأكثرون والمحققون صرفه فإن الهمزة أصل الألف زائدة ووزنه فعال كغزال

(1)

أخرجه ابن ماجه (3869)، وأبو داود (5088 و 5089)، والترمذي (3388)، والنسائي (9759 و 9760) و (10106 و 10107)، والحاكم (1/ 514). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (655).

ص: 340

وعناق ونظائرهما، ومن منع صرفه عكس فقال: الهمزة زائدة والألف بدل من ياء ووزنه أفعل فلا ينصرف لوزن الفعل والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء" وفي رواية أبي داود: "لم تصبه فجأة بلاء" وفي رواية: "لم يضره في ذلك شيء، أو في تلك الليلة".

قوله: "وكان أبان قد أصابه طرف فالج فجعل الرجل ينظر إليه" الحديث، قال أبان: فأنا لا أدع ذلك منذ أخبرنيه عثمان في كل يوم وليلة، وإن أبان كان كذلك زمانا ثم أصابه ريح فالج فدخل الناس يعودونه وجعل رجل منهم ينظر إليه نظرا شديدًا وكان قد سمع منه ذلك القول عن عثمان، وقول أبان: إني لم أدع ذلك في كل يوم وليلة ففطن له أبان من شدة نظره، فقال له: مم تعجب من قولي لك؟، فقال الرجل: قد أعجبني، قال أما إن الحديث كما حدثتك، والله إني نسيت ذك الدعاء هذه الليلة ليمضي فيّ أمر الله.

اعلم أن هذا الحديث باب كبير من أبواب الشريعة في اعتقاد الاعتماد على منافع أسماء الله تعالى، واستدفاع البلاء بها، وتنبيه القائل على أنه لا يضر معها شيء في الأرض ولا في السماء وإن كان ذلك واجبًا فأصل العقيدة أنه ليس لأحد سوى الله تعالى نفع ولا ضر إلا أن النفس تغفل فتح هذا الذكر لها مجرى الموقظ من السنة وحقيقة ذلك الرجوع إلى معنى التوكل وتارة الاعتماد على الامتناع بهذا القول الجاري مجري التعوذ فالاسم والاستخارة

ص: 341

به وطلب الكفاية بسببه فهو توكل ودعاء والله أعلم، قاله ابن الفرات في تاريخه، وفي تاريخ كنز الدرر

(1)

أن أبان بن عثمان شهد وقعة الجمل مع عائشة، فقال عروة بن الزبير: وولي المدينة في أيام عبد الملك بن مروان فقال عروة بن الزبير: الله أكبر، جاء في الحديث أن هلاك بن أمية عند ولاية رجل أحول، وكان أبان أحول أبرص [أعرج] وكانوا يظنونه الأحول الذي هلاك بني أمية عند ولايته وكان ذلك الأحول هشام بن عبد الملك وكان أبان صاحب رشوة وجور وأصابه فالج فمات في خلافة يزيد بن عبد الملك، وأصابه ذلك قبل أن يموت بسنة، ومن ولد أبان: عبد الرحمن كان يصلي في كل يوم ألف ركعة ويكثر الحج والعمرة وكان له خطر ومروءة وصلاح وصدقة، كان إذا تصدق قال: اللهم هذا لوجهك الكريم فخفف عني الموت فصلى الغداة في خروجه إلى الحج ثم نام فأيقظوه فوجدوه ميتًا، أ. هـ. قوله في حديثه:"ولكن ليمضي الله قدره" والإمضاء هو الإنفادُ.

968 -

وَعَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ من قَالَ إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى حسبي الله لا إِلَه إِلَا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم سبع مَرَّات كَفاهُ الله مَا أهمه صَادِقا كَانَ أَو كَاذِبًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد هَكَذَا مَوْقُوفا وَرَفعه ابْن السّني وَغَيره

(2)

وَقد يُقَال إِن مثل هَذَا لا يُقَال من قبل الرَّأْي وَالاجْتِهَاد

(1)

كنز الدرر (3/ 311 - 312).

(2)

أخرجه أبو داود (5081) موقوفا، وابن السنى في اليوم والليلة (71) مرفوعًا. وقال الألباني: منكر الضعيفة (5286)، وضعيف الترغيب (382).

ص: 342

فسبيله سَبِيل الْمَرْفُوع.

قوله: وعن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ أم الدرداء هي زوجة أبي الدرداء وهي صحابية، اعلم أن لأبي الدرداء زوجتين كل واحدة منهما كنيتها أم الدرداء وهما كبرى وصغرى، والكبرى صحابية والصغرى تابعية، واسم الكبرى خيرة وهي هذه المذكورة، واسم الصغرى هجيمة ويقال هجيم بنت حي، قال البخاري في صحيحه في صفة أبواب الصلاة: كانت أم الدرداء يعني هذه فقيهة، واتفقوا على وصفها بالعقل والفقه والفهم والجلالة، توفي عنها أبو الدرداء بدمشق فخطبها معاوية فلم تفعل، قال أبو بكر البزقاني: أم الدرداء هي التي روت في الصحيح وأما أم الدرداء الصحابية فليس لها في الصحيحين حديث، وفي تاريه دمشق في ترجمة أم الدرداء الصغرى قالت لأبي الدرداء عند الموت: إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحوك وإني أخطبك إلى نفسي نفسك في الآخرة، قال: فلا تنكحي بعدي فخطبها معاوية بن أبي سفيان فأخبرته بالذي كان فقال عليك بالصيام، وفي رواية أن معاوية خطبها بعد وفاة أبي الدرداء فقالت: قال أبو الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة" لزوجها الأخير فلست بمزوجة بعد أبي الدرداء حتى أتزوجه في الجنة، وفي رواية: لست أريد بأبي الدرداء بدلا، قال ابن إسحاق: كان أبو الدرداء عالما زاهدا واعظا فاضلا قاضيا، ولاه عمر قضاء دمشق، قال ابن سعد: بإسناده عن أم الدرداء قالت: كان لأبي الدرداء ستون وثلاثمائة خليل في الله تعالى يدعوا لهم في الصلاة قالت أم الدرداء: فقلت له في ذلك فقال: يا

ص: 343

أم الدرداء إنه ليس رجل يدعو لأخيه في ظهر الغيب إلا وكل الله به ملكين يقولان له: ولك بمثل ذك، أفلا رغبت أن تدعو لي الملائكة، قال ابن سعد بإسناده عن معاوية بن أبي قرة إن أبا الدرداء اشتكى فدخل على أصحابه فقالوا: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قالوا: ما تشتهي؟ قال: الجنة، قالوا: أفلا ندعو لك طبيبا، فقال: هو الذي أضجعني

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله" رواه أبو داود موقوفا، تقدم الكلام على الحديث الموقوف في اصطلاح المحدثين.

969 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح أَو يُمْسِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك وملائكتك وَجَمِيع خلقك أنَك أَنْت لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك أعتق الله ربعه من النَّار فَمن قَالَهَا مرَّتَيْنِ أعتق الله نصفه من النَّار وَمن قَالهَا ثَلَاثًا أعتق الله ثَلَاثَة أَرْبَاعه من النَّار فَإِن قَالَهَا أَرْبعا أعْتقهُ الله من النَّار رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ حَدِيث حسن وَالنَّسَائِيّ وَزَاد فِيهِ بعد إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط وَلم يقل أعتق الله إِلَى آخِره وَقَالَ إِلَّا غفر الله لَهُ مَا أصَاب من ذَنْب فِي يَوْمه ذَلِك فَإِن قَالَهَا إِذا أَمْسَى غفر الله لَهُ مَا أصَاب فِي ليلته تِلْكَ وَهُوَ كَذَلِك عِنْد التِّرْمِذِيّ

(2)

.

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 328 - 329).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1201)، وأبو داود (5069) و (5078)، والترمذي (3501)، والنسائي (9753) و (9754)، والطبراني في الدعاء (297) والأوسط =

ص: 344

قوله: عن أنس بن مالك، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يصبح وحين يمسي اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك" إلى قوله "فإن قالها أربعا أعتقه الله من النار" الحديث.

سؤال: ما الحكمة في ترتب العتق على قول ذلك أربع مرات؟ قيل: لأنه اشهد الله تعالى وحملة عرشه وملائكته وجميع خلقه فأعتق الله تعالى بشهادة كل شاهد ربعه، وهذا كما أن الإنسان يهدر دمه إذا شهد عليه أربعة في الزنى كذلك يعصم دم هذا من النار إذا أشهد أربعة إيمانه، قاله في كشف الأسرار

(1)

، وقال في الديباجة في حفظني قديما أن هذا الدعاء إنما جاء فيه العتق من النار إذا قالها أربع مرات لأن عدد حروف كلماته تسعون فإذا قالها أربع مرات ثلاثمائة وستين حرفا وأعضاء بدن ابن آدم مركبة من ثلاثمائة وستين عضوا فأعتق الله بكل حرف منها عضوا من أعضائه من النار، وهذا إنما يكون على رواية أبي داود وأما على رواية الزيادة وهي رواية النسائي وهي بعد إلا أنت وحدك لا شريك لك فهو يبلغ فوق الثلاثمائة وستين والله أعلم، وهي المشار إليها بقوله: "يصبح على كل سلامي من ابن آدم يوم تطلع

= (7/ 176 - 177 رقم 7205) والشاميين (1542) و (3369). وضعفه الألباني في الضعيفة (1041) ضعيف الكلم الطيب (25)، المشكاة (2398/ التحقيق الثاني)، وضعيف الترغيب (383).

(1)

كشف الأسرار (لوحة 65).

ص: 345

عليه الشمس صدقة" وهذا من أسرار كلام النبوة

(1)

.

970 -

وَعَن أبي عَيَّاش رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ إِذا أصبح لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل وَكتب لَهُ عشر حَسَنَات وَحط عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات وَكَانَ فِي حرز من الشَّيْطَان حَتَّى يُمْسِي فَإِن قَالهَا إِذا أَمْسَى كَانَ لَهُ مثل ذَلِك حَتَّى يصبح قَالَ حَمَّاد فَرَأى رجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيمَا يرى النَّائِم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أَبَا عَيَّاش يحدث عَنْك بِكَذَا وَكذَا قَالَ صدق أَبُو عَيَّاش رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفظه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن السّني وَزَاد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَاتَّفَقُوا كلهم على الْمَنَام

(2)

.

أَبُو عَيَّاش بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة تَحت والشين الْمُعْجَمَة وَيُقَال ابْن أبي عَيَّاش ذكره الْخَطِيب وَيُقَال ابْن عَيَّاش الزرقي الأنْصَارِيّ ذكره أَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم واسْمه زيد بن الصَّامِت وَقيل زيد بن النُّعْمَان وَقيل غير ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ فِي الأُصُول السِّتَّة غير هَذَا الحَدِيث فِيمَا أعلم وَحَدِيث آخر فِي قصر الصَّلَاة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الْعدْل بِالْكَسْرِ وفتحه لُغَة هُوَ الْمثل وَقيل بِالْكَسْرِ مَا عَادل الشَّيْء من جنسه وبالفتح مَا عادله من غير جنسه.

قوله: وعن أبي عياش، أبو عياش قد ذكره الحافظ المنذري فقال: اسمه

(1)

ذكره في الفتوحات الربانية (3/ 106).

(2)

أخرجه ابن ماجه (3867)، وأبو داود (5077)، والنسائي في الكبرى (9771)، وابن السنى (64). وصححه الألباني في صحيح الترغيب (656).

ص: 346

زيد بن الصامت وقيل زيد بن النعمان، وقيل: غير ذك، وقال في الديباجة أبو عياش الزرقي، اسمه: زيد بن الصامت، وقيل: عتبة بن الصامت، وقيل: عبيد بن معاوية بن الصامت الخزرجي، وهو والد النعمان بن عياش، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا، وعمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم وعاش إلى زمن معاوية

(1)

، أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل" والعدل قد ضبطه المحلى وفسره هو المثل. وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ولد إسماعيل" معروف ويقال: للواحد والجمع كذا في المجمل اسم كتاب، وإسماعيل هو ابن إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليهما، وإنما خصص الولد به لشرفه ولكونه أبا العرب والله أعلم بالصواب.

971 -

وَعَن أبي سَلام رضي الله عنه وَهُوَ مَمْطُور الحبشي أَنه كانَ فِي مَسْجِد حمص فَمر بِهِ رجل فَقَالُوا هَذَا خَادِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ حَدثنِي بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله بَيْنك وَبَينه الدَّجَّال فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من قَالَ إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى رَضِينَا بِالله رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولا إِلَّا كانَ حَقًا على الله أَن يرضيه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالتِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي سعد سعيد بن الْمَرْزُبَان عَن أبي سَلمَة عَن ثَوْبَان وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَفِي بعض النّسخ حسن صَحِيح وَهُوَ بعيد وَعِنْده

(1)

أسد الغابة (6/ 329).

ص: 347

وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا فَيَنْبَغِي أَن يجمع بَينهمَا فَيُقَال وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا ورسولا وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن سَابق عَن أبي سَلام رضي الله عنه خَادِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَرَوَاهُ أَحْمد وَالْحَاكِم فَقَالا عَن أبي سَلام سَابق بن نَاجِية وَعند أَحْمد أَنه يَقُول ذَلِك ثَلَاث مَرَّات حِين يُمْسِي وَحين يصبح

(1)

وَهُوَ فِي مُسلم من حَدِيث أبي سعيد من غير ذكر الصَّباح والمساء وَقَالَ فِي آخِره وَجَبت لَهُ الْجنَّة

(2)

صحّح ابْن عبد الْبر النمري فِي الاسْتِيعَاب رِوَايَة ابْن مَاجَه وَقَالَ رَوَاهُ وَكيع عَن مسعر عَن أبي عقيل عَن أبي سَلامَة عَن سَابق فَأَخْطَأَ فِيهِ وَكَذَا فِي سَلام أبي سَلامَة فَأَخْطَأَ فِيهِ، قَالَ وَلَا يَصح سَابق فِي الصَّحَابَة

(3)

.

وعن أبي سلام، واسمه ممطور الحبشي الأعرج الدمشقي، وليس هو من بلاد الحبشة ولكنه منسوب إلى حبش حي من حمير، وقيل: من خثعم، وذكر بعضهم أنه لا اسم له، وقال يحيى بن معين: الحبش حي من حمير، وقال ابن حازم الحافظ: الحبشي منسوب إلى حبش حي من حمير منهم أبو سلام الحبشي، واسمه ممطور وأهله وجماعة سواه

(4)

، وقال الأمير أبو

(1)

أخرجه أحمد 4/ 337 (18967) و (18968) و (18969) و 5/ 367 (23111) و (23112)، وابن ماجه (3870)، وأبو داود (5072)، والترمذي (3389). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (384) والضعيفة (5020)، والمشكاة (2399)، والكلم الطيب (24).

(2)

أخرجه مسلم (116 - 1884).

(3)

الاستيعاب (4/ 1681/ 3010).

(4)

عجالة المبتدى (ص 45).

ص: 348

نصر

(1)

: وأبو سلام الحبشي ممطور الأسود منسوب إلى حبش بطن من حمير، وقال بعضهم فيه الحبشي بضم الحاء وسكون الباء الموحدة يقال حبَش وحُبش كما يقال عجم وعرب وعرب وعجم، ذكر عبد الغني بن سعيد أن أبا إسلام منسوب إلى بلاد الحبش وهو خلاف ما نص عليه الحافظ.

قوله: أنه كان في مسجد حمص، تقدم الكلام على حمص في ذكر دخول الحمام، وأنها مدينه بالشام.

قوله: لم تتداوله بينك وبينه الرجال، التداول هو [التناقل].

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا أصبح وإذا أمسى رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا" وقع في أبي داود وغيره "وبمحمد رسولا" وفي رواية الترمذي: "نبيا" فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول "نبيا ورسولا" فلو اقتصر على أحدهما كان عاملا بالحديث والله أعلم.

فائدة: وفي حديث آخر "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًّا" هذا حديث صحيح أخرجه مسلم، فقوله:"ذاق" فيه دليل على جواز التوسع باستعمال الاستعارات إذ ليس للإيمان في الحقيقة طعم يذاق وهو كناية عن إدراك لذة الإيمان والإحساس بها، ويقرب منه قوله صلى الله عليه وسلم:"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" وقوله: "من رضي بالله ربا" يقال: رضيت فلانا صاحبا أي حمدت صحبته ووافقني أمره، والمعنى: من رضي بالله مالكا وسيدا قاهرا فلم يعترض على حكمه ولم يجزع ولم يضطرب مما

(1)

الإكمال (3/ 241).

ص: 349

جرى من الأحكام

(1)

، وحقيق على من رضي بالله ربا وسيدا أن يعرض عن تصرفه وتدبيره ولا يعترض على حكم الله وتقديره، ثم روى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ بسم الله الرحمن الرحيم، إنه من استسلم لقضائي ورضي بحكمي وصبر على بلائي كتبته صديقا وبعثته مع الصادقين" وقال المشايخ: الرضى بالقضاء باب الله الأعظم وفسره الأستاذ أبو القاسم القشيري

(2)

بأن من أكرم بالرضي فقد لقي بالترحيب الأوفى وشرف بالتقريب الأعلى ثم قال: وقال ذو النون: الرضي سرور القلب بمر القضاء، وقال رابعة: إنما يكون العبد راضيا إذا سرته البلية كما تسره النعمة، أ. هـ.

972 -

وَعَن المنيذر رضي الله عنه صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكانَ يكون بإفريقية قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من قَالَ إِذا أصبح رضيت بِالله رَبًّا وَبالإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا فَأَنا الزعيم لآخذن بِيَدِهِ حَتَّى أدخلهُ الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن

(3)

.

قوله: وعن المنيذر صاحب رسول الله وكان يكون بأفريقية؛ أفريقية بفتح الهمزة وضبطها ابن خلكان بالكسر وتخفيف الياء الثانية، وفي بعض نسخ

(1)

مجمع البحار (5/ 452).

(2)

الرسالة (2/ 342 - 344).

(3)

أخرجه ابن قانع في المعجم (2/ 105)، والطبراني في الكبير (20/ 355 رقم 838).

وحسنه الألباني في الصحيحة (2686) وصحيح الترغيب (657).

ص: 350

الصحاح المعتمدة مضبوطة بالقلم بالتشديد والتخفيف وهي بلدة كبيرة معروفة ببلاد المغرب [قرب بلاد الأندلس، فتحت في زمن عثمان بن عفان، خرج منها جماعة من العلماء في كل فن، منهم: سحنون بن سعيد التنوخي الإفريقي من فقهاء أصحاب مالك، جالسه مدة وهو الذي أظهر مذهب مالك في المغرب، توفي في رجب من سنة أربعين وإحدى وأربعين ومائتين، انتهى].

قوله صلى الله عليه وسلم: "فأنا الزعيم لآخذن بيده حتى أدخله الجنة" الزعيم: الضامن والكفيل.

973 -

وَعَن عبد الله بن غَنَّام البياضي رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك فمنك وَحدك لَا شريك لَك فلك الْحَمد وَلَك الشُّكْر فقد أدّى شكر يَوْمه وَمن قَالَ مثل ذَلِك حِين يُمْسِي فقد أدّى شكر ليلته رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ

(1)

وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ دون ذكر الْمسَاء

(2)

وَلَعَلَّه سقط من أُصَلِّي.

قوله: وعن عبد الله بن غنام البياضي، غنام بفتح الغين المعجمة وتشديد النون وفتحها بعد الألف ميم، والبياضي منسوب إلى بياضة بطن من الأنصار.

(1)

أخرجه أبو داود (5073)، والنسائي في الكبرى (9750). وضعفه الألباني في الكلم الطيب (26) وضعيف الترغيب (385).

(2)

أخرجه النسائي في الكبرى (9751)، وابن حبان (861). وضعفه الألباني في المشكاة (2407) وضعيف الترغيب (386).

ص: 351

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك له فلك الحمد ولك الشكر" الحديث، تقدم الكلام على الحمد والشكر في خطبة هذا التعليق.

974 -

وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب رضي الله عنه عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من سبح الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي كانَ كمن حج مائَة حجَّة وَمن حمد الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي كانَ كمن حمل على مائَة فرس فِي سَبِيل الله أَو قَالَ غزا مائَة غَزْوَة فِي سَبِيل الله وَمن هلل الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي كَانَ كمن أعتق مائَة رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل عليه السلام وَمن كبر الله مائَة بِالْغَدَاةِ وَمِائَة بالْعَشي لم يَأْتِ فِي ذَلِك الْيَوْم أحد بِأَكْثَرَ مِمَّا أَتَى بِهِ إِلَّا من قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد على مَا قَالَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي سُفْيَان الْحِمْيَرِي واسْمه سعيد بن يحيى عَن الضَّحَّاك بن حمرَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب.

(1)

قَالَ الْحَافِظ وَأَبُو سُفْيَان وَالضَّحَّاك وَعَمْرو بن شُعَيْب يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِم وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَلَفظه من قَالَ سُبْحَانَ الله مائَة مرّة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا كانَ أفضل من مائَة بَدَنَة وَمن قَالَ الْحَمد لله مائَة مرّة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا كانَ أفضل من مائَة فرس يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَمن قَالَ الله أكبر مائَة مرّة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا كانَ أفضل من

(1)

أخرجه الترمذي (3471). وقال الألباني: منكر، الضعيفة (1315)، المشكاة (2312/ التحقيق الثاني)، ضعيف الترغيب (387).

ص: 352

عتق مائَة رَقَبَة وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا لم يجئ يَوْم الْقِيَامَة أحد بِعَمَل أفضل من عمله إِلَّا من قَالَ مثل قَوْله أَو زَاد عَلَيْهِ

(1)

.

قوله: وعن عمرو بن شعيب عن أبي عن جده، هو: أبو إبراهيم عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي المدني، ويقال المكي، ويقال الطائفي، سمع أباه ومعظم رواياته عنه وسعيد بن المسيب وطاووسا وعروة ومجاهدًا وسليمان بن يسار وغيرهم، ورويه عنه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والزهري وغيرهم، وكل هؤلاء المذكورين تابعيون، وهذا مما استدلوا به على جلالته فإنه ليس بتابعي بل هو من تابع التابعين، وروي عنه نيف وعشرون من التابعين وفيهم عطاء وشبهة من الأعلام، قال الأوزاعي: ما رأيت قرشيا أكمل من عمرو بن شعيب، وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهوية يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبي عن جده، قال البخاري: مَنِ الناسُ بعدهم؟ قال ابن أبي حاتم: سئل يحيى بن معين عنه فغضب فقال: ما شأنه؟ روى عن الأئمة؛ واعلم أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه والمهذب قال في كتابه اللمع في الأصول: لَا يجوز الاحتجاج بعمرو بن شعيب عن أبي عن جده لاحتمال أن المراد جده الأدنى وهو محمد فيكون

(1)

أخرجه النسائي في الكبرى (10588). وقال الألباني: منكر، الضعيفة (1315)، المشكاة (2312/ التحقيق الثاني)، ضعيف الترغيب (387).

ص: 353

مرسلًا، وكذا قال غيره من أصحابنا لا يجوز الاحتجاج به وهذا مما ينكر عليه وهذا مما ينكر عليه؛ وجوابه أن الصحيح المختار صحة الاحتجاج به عن أبيه عن جده كما قال الأكثرون كما سبق فاختار في المهذب، هذا المذهب المختار والله أعلم، ذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من سبح لله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حمل على مائة فرس في سبيل الله أو قال غزا مائة غزوة في سبيل الله ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن أعتق مائة رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام" قريبًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم في رواية النسائي ولفظه: "من قال سبحان الله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنة" البدنة قال أهل اللغة: سميت البدنة بدنة لعظمها وتطلق على الذكر والأنثى وتطلق على الإبل والبقر والغنم، هذا قول أكثر أهل اللغة ولكن معظم استعماله في الأحاديث وكتب الفقه في الإبل خاصة

(2)

.

975 -

وَعَن عبد الحميد مولى بني هَاشم رضي الله عنه أَن أمه حدثته وَكَانَت تخْدم بعض بَنَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ابْنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم حدثتها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كاَنَ يعلمهَا فَيَقُول قولي حِين تصبحين سُبْحَانَ الله وَبِحَمْد لَا قُوَّة إِلَّا بِالله مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير وَأَن الله قد أحَاط بِكُل

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (2/ 28 - 29).

(2)

النهاية (1/ 108).

ص: 354

شَيْء علما فَإِنَّهُ من قالهن حِين يصبح حفظ حَتَّى يُمْسِي وَمن قالهن حِين يُمْسِي حفظ حَتَّى يصبح رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأم عبد الحميد لَا أعرفهَا

(1)

.

قوله: وعن عبد الحميد مولى بني هاشم أن أمه حدثته. قال الحافظ المنذري رحمه الله تعالى: وأم عبد الحميد لا أعرفها.

قوله: "من قال سبحان الله وبحمده لَا قوة إلا بالله ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما" الحديث.

976 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ لم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يدع هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات حِين يُمْسِي وَحين يصبح اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَفو والعافية فِي ديني ودنياي وَأَهلي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتي وآمن روعاتي اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال من تحتي قَالَ وَكيع وَهُوَ ابْن الْجراح يَعْنِي الْخَسْف رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

(1)

أخرجه أبو داود (5075)، والنسائي في: الكبرى (9756)، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (388)، المشكاة (2393).

(2)

أخرجه البخاري في الأدب (1200)، وابن ماجه (3871)، وأبو داود (5074)، والنسائي في الكبرى (7915) و (10325)، وابن حبان (961)، والحاكم 1/ 517 - 518. وصححه الألباني في تخرج الكلم (27)، والمشكاة (2397/ التحقيق الثاني)، وصحيح الترغيب (659).

ص: 355

قوله: وعن ابن عمر، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة" العفو: محو الذنب والعافية أن يسلم من الأسقام والبلاء وهي الصحة ضد السقم

(1)

.

قوله: "استر عوراتي" والعورات جمع عورة وهي كل ما يستحيى منه إذا ظهر، وفي الحديث المرأة عورة جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحي منها كما يستحي من العورة إذا ظهرت

(2)

، أ. هـ، قال أهل اللغة: سميت العورة عورة لقبح ظهورها ولغض الأبصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عورة العين والكلمة العوراء هي القبيحة

(3)

، وجاء في رواية لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل والمرأة إلى عرية المرأة وهي متجردة، وستر العورة واجب بالإجماع والأصح وجوبه في الخلوة لحديث ورد فيه إلا لحاجة فيجوز بقدرها وهو شرط في صحة الصلاة عندنا، وبه قال داود، وقال أبو حنيفة: إن ظهر ربع العورة صحت الصلاة وإن زاد لم تصح، وقال بعض المالكية هو واجب إسلامي وليس بشرط في الصلاة فإن صلى مكشوفها صحت صلاته سواء تعمد ذلك أم لا، وقال أكثرهم: إنه شرط مع الذكر والقدرة فإن عجز أو نسي صحت وسواء عندهم العورة المخففة والمغلظة

(4)

(1)

الزاهر (1/ 71) ومشارق الأنوار (2/ 98).

(2)

النهاية (3/ 319).

(3)

تحرير ألفاظ التنبيه (ص 55) كفاية النبيه (2/ 450)، والنجم الوهاج (2/ 190).

(4)

المجموع (3/ 167).

ص: 356

انتهى، وعرية الرجل في ضبطها ثلاثة أوجه ضم العين وفتح الراء وتشديد الياء، وضم العين وإسكان الراء وكسر العين وإسكان الراء

(1)

، أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وآمن روعاتي" جمع روعة وهي السمرة الواحدة من الروع وهو الفزع والخوف

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي" قال المنذري: قال وكيع وهو ابن الجراح يعني الخسف وقال المناوي في التنقيح.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا أغتال من تحتي" أي أدهى من حيث لَا أشعر يريد الخسف، والاغتيال هو أن يجذع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد والله أعلم قاله في التنقيح

(3)

قال في النهاية

(4)

: ومنه حديث عمر أن صبيا قتل بصنعاء غيلة فقتل به عمر سبعة أي في خفية واغتيال وهو أن يخدع ويقتل في موضع لا يراه فيه أحد، والغيلة فعلة من الاغتيال انتهى.

977 -

وَعَن أبي أَيُّوب الأنْصَارِيّ رضي الله عنه أَنه قَالَ وَهُوَ فِي أَرض الرّوم إِن رَسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ من قَالَ غدْوَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَكن لَهُ قدر عشر رِقَاب وَأَجَارَهُ الله من الشَّيْطَان وَمن قَالهَا عَشِيَّة مثل ذَلِك رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَتقدم

(1)

شرح النووي على مسلم (4/ 30).

(2)

شرح المصابيح (3/ 187).

(3)

كشف المناهج (2/ 311).

(4)

النهاية (3/ 403).

ص: 357

لَفظه فِيمَا يَقُول بعد الصُّبْح وَالْعصر وَالْمغْرب وَزَاد أَحْمد فِي رِوَايَته بعد قَوْله وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَقَالَ كتب الله لَهُ بِكُل وَاحِدَة قَالهَا عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَرَفعه الله بهَا عشر دَرَجَات وَكن لَهُ كعشر رِقَاب وَكن لَهُ مسلحة من أول النَّهَار إِلَى آخِره وَلم يعْمل يَوْمئِذٍ عملا يقهرهن فَإِن قَالَهَا حِين يُمْسِي فَمثل ذَلِك" وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِنَحْوِ أَحْمد وإسنادهما جيد

(1)

.

المسلحة بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام وبالسين والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ الْقَوْم إِذا كانُوا ذَوي سلَاح.

قوله: وعن أبي أيوب الأنصاري، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال غدوة" المراد بذلك الغداة وهي الصبح على أحد أسمائها، وتقدمت تفسير بعض ألفاظ الحديث.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره" المسلحة القوم إذا كانوا ذوي سلاح قاله المنذري، والمسلحة جمعه مسالح، وسموا مسلحة لذلك وتقدم تفسيره أيضًا.

(1)

أخرجه أحمد 5/ 418 (23546) و 5/ 420 (23568)، والنسائي في الكبرى (9768)، والطبراني في الكبير (4/ 127 رقم 3883) و (4/ 187 رقم 4093) والشاميين (928).

قال الهيثمي في المجمع 10/ 107: رواه أحمد، والطبراني باختصار، وفي إسناد أحمد محمد بن إسحاق، وهو مدلس، وفي إسناد الطبراني محمد بن أبي ليلى، وهو ثقة سيئ الحفظ، وبقية رجالهما ثقات. وقال في 10/ 112: رواه أحمد، والطبراني بأسانيد، ورجال أحمد ثقات، وكذلك بعض أسانيد الطبراني. وصححه الألباني في الصحيحة (114) و (2563) وصحيح الترغيب (474) و (660).

ص: 358

978 -

وَرُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يدع رجل مِنْكُم أَن يعْمل لله كل يَوْم ألفي حَسَنَة حِين يصبح يَقُول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة فَإِنَّهَا ألفا حَسَنَة وَالله إِن شَاءَ الله لن يعْمل فِي يَوْمه من الذُّنُوب مثل ذَلِك وَيكون مَا عمل من خير سوى ذَلِك وافرا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأحمد وَعِنْده ألف حَسَنَة

(1)

.

قوله: وروى عن أبي الدرداء، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدع رجل منكم أن يعمل كل يوم ألفي حسنة حين يصبح يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة فإنها ألفا حسنة" الحديث، لأن الحسنة بعشر أمثالها قال الله تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}

(2)

فإذا قال الإنسان هذه الأذكار مرة واحدة كتبت له عشر حسنات.

979 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "من قَرَأَ الدُّخان كلهَا وَأول حم غَافِر إِلَى {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}

(3)

، وَآيَة الْكُرْسِيّ حِين يُمْسِي حفظ بهَا حَتَّى يصبح وَمن قَرَأَهَا حِين يصبح حفظ بهَا حَتَّى يُمْسِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَقد تكلم بَعضهم فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي مليكَة

(1)

أخرجه أحمد 5/ 199 (21741)، والطبراني في الشاميين (1471). قال الهيثمي في المجمع 10/ 94: رواه الطبراني، وفيه أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (389).

(2)

سورة الأنعام، الآية:160.

(3)

سورة غافر، الآية:3.

ص: 359

من قبل حفظه

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة، تقدم الكلام عليه رضي الله عنه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ الدخان كلها - وأول حم غافر الذنب إلى قوله: {إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}، وآية الكرسي حين يمسي حفظ حتى يصبح" الحديث، يقال بعد الآيات التي في غافر يا غافر الذنب اغفر لي ذنوبي ويا ذا الطول تطول علي بفضلك ويا من إليه المصير اجعل مصيري إلى خير وجميع المسلمين.

980 -

وَعَن عبد الله بن بسر رضي الله عنهما قالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من استفتح أول نَهَاره بخَير وختمه بخَير قَالَ الله عز وجل لملائكته لَا تكْتبُوا عَلَيْهِ مَا بَين ذَلِك من الذُّنُوب رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَإِسْنَاده حسن إِن شَاءَ الله

(2)

.

قوله: وعن عبد الله بن بسر، بالباء الموحدة المازني، والسين المهملة [المازني]، له ولأبويه صحبة، رآهم النبي صلى الله عليه وسلم وأكل عندهم ودعا لهم، نزل الشام وسكن حمص ومات بها سنة ثمان وثمانين وهو آخر من مات بالشام من

(1)

أخرجه الترمذي (2879) ولفظه من قرأ حم المؤمن إلى {وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح.

وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (390).

(2)

أخرجه البيهقي في الشعب (9/ 273 رقم 6651)، والضياء في المختارة من طريق الطبراني 9/ 82 (65). قال الهيثمي في المجمع 10/ 112: رواه الطبراني، وفيه الجراح بن يحيى المؤذن ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وقال في 10/ 120: رواه الطبراني من طريق الحجاج بن يحيى المؤذن، عن عمر بن عمرو بن عبد الأحموسي، والجراح بن يحيى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، ولم يرو عن عمر بن عمرو إلا الجراح بن مليح البهزاني الشامي، فإن كان هو إياه، فهو ثقة. وضعفه الألباني في الضعيفة (2238) وضعيف الترغيب (391).

ص: 360

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأسه وقال: يعيش هذا الغلام قرنا فعاش مائة سنة، وكان في وجهه تالول فقال:"لا يموت حتى تذهب التالولة من وجهه" فلم يمت حتى دهبت من وجهه

(1)

، ا. هـ، قاله في الديباجة.

قوله: "من استفتح أول نهاره بخير وختمه بخير" الحديث، "قال الله تعالى لملائكته لَا تكبتوا عليه ما بين ذلك من الذنوب"، المراد بذلك: الصغائر.

981 -

وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ حِين يصبح ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ لَك الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك آمَنت بك مخلصا لَك ديني إِنِّي أَصبَحت على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت أَتُوب إِلَيْك من شَرّ عَمَلي وأستغفرك لذنوبي الَّتِي لَا يغفرها إِلَّا أَنْت فَإِن مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم دخل الْجنَّة وَإِن قَالَ حِين يُمْسِي اللَّهُمَّ لَك الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك آمَنت بك مخلصا لَك ديني إِنِّي أمسيت على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت آلوب إِلَيْك من شَرّ عَمَلي وأستغفرك لذنوبي الَّتِي لَا يغفرها إِلَّا أَنْت فَمَاتَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة دخل الْجنَّة ثمَّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحلف مَا لَا يحلف على غَيره يَقُول وَالله مَا قَالَهَا عبد فِي يَوْم فَيَمُوت فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَّا دخل الْجنَّة وَإِن قَالَهَا حِين يُمْسِي فَتوفي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة دخل الْجنَّة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَاللَّفْظ لَهُ

(2)

.

(1)

إكمال تهذيب الكمال (7/ 258 - 259).

(2)

أخرجه الطبراني في الدعاء (310)، والأوسط (3/ 263 رقم 3096) والكبير (8/ 196 رقم 7802) والشاميين (897). قال الهيثمي في المجمع 10/ 114: رواه الطبراني في =

ص: 361

قوله: وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، تقدم الكلام على أبي أمامة الباهلي.

قوله صلى الله عليه وسلم: "آمنت بك مخلصا لك ديني" الحديث، الإيمان بالله التصديق، ومعنى الحديث: أي صدقت بك وبكل ما أخبرت وأمرت ونهيت، وتقدم معنى الإخلاص في أوائل هذا التعليق مبسوطا.

قوله: "إني أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت" العهد تقدم ذكره والوعد كذلك في حديث شداد بن أوس في أوائل الباب.

982 -

وَرَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم من حَدِيث معَاذ بن جبل رضي الله عنه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يحلف ثَلَاث مَرَّات لَا يَسْتَثْنى إِنَّه مَا من عبد يَقُول هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات بعد صَلَاة الصُّبْح فَيَمُوت من يَوْمه إِلَّا دخل الْجنَّة وَإِن قَالَهَا حِين يُمْسِي فَمَاتَ من ليلته دخل الْجنَّة فَذكره بِاخْتِصَار إِلَّا أَنه قَالَ أَتُوب إِلَيْك من سيئ عَمَلي، وَهُوَ أقرب من قَوْله شَرّ عَمَلي وَلَعَلَّه تَصْحِيف

(1)

وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.

983 -

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ إِذا أصبح سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَكَانَ آخر يَوْمه عَتيق الله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط والخرائطي والأصبهاني وَغَيرهم

(2)

.

= الأوسط والكبير بنحوه، وفيه علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيف. وضعفه الألباني في الضعيفة (5297) و (6732) وضعيف الترغيب (392).

(1)

لم أعثر عليه عن معاذ. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (393).

(2)

أخرجه الخرائطي في المكارم (860)، والطبراني في الأوسط (4/ 203 رقم 3982)، والأصبهانى في الترغيب (767). قال الهيثمي في المجمع 10/ 114: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه. وضعفه الألباني في الضعيفة (5296) وضعيف الترغيب (394).

ص: 362

قوله: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عباس.

قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال إذا أصبح سبحان الله وبحمده ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله" الحديث، قال ابن رجب الحنبلي في اللطائف أو شرح النواوية على الشك

(1)

: قد اشترى جماعة من السلف أنفسهم من الله بأموالهم فمنهم من تصدق بماله كله كحبيب أبي محمد، ومنهم من تصدق بوزنه فضه ثلاث مرات كخالد الطحان، ومنهم من كان يجتهد في الأعمال الصالحة ويقول: أنا أسيرٌ أسعى في فكاك رقبتي منهم عمرو بن عتبة وكان بعضهم يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة بقدر ديته كأنه قد قتل نفسه فهو يفكها بديتها، قال الحسن: المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئا حتى يلقى الله عز وجل، وقال أبو بكر بن عياش قال: قال رجل مرة وأنا شاب خلص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبدا، قال: فوالله ما نسيتها بعد، أ. هـ.

984 -

وَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها ما يمنعك أَن تسمعي مَا أوصيك بِهِ أَن تقولي إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت يَا حَيّ يَا قيوم بِرَحْمَتك أستغيث أصلح لي شأني كله وَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طرفَة عين رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد صَحِيح وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا

(2)

.

(1)

جامع العلوم والحكم (2/ 653 - 654).

(2)

أخرجه البزار (6368)، والنسائي في الكبرى (10330)، والخرائطى في المكارم (873) والحاكم (1/ 545). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (661).

ص: 363

قوله: وعن أنس بن مالك، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: "ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به" الحديث، فاطمة: بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أصغر بناته، أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وهي ابنة خمس عشرة سنة بعد وقعة أحد، ماتت في رمضان سنة إحدى عشرة وغسلها علي وصلى عليها ودفنها ليلا بوصيتها، واختلفوا في فاطمة وعائشة أيهما أفضل؟

(1)

، وقال أبو هريرة: قال قال رسول الله: "تبعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الدواب ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر، ويبعث صالح على ناقته، وأبعث على البراق خطوها عند أقصى طرفها وتبعث فاطمة أمامي"

(2)

، وقالت عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يوم القيامة نادي مناديا يا معشر الخلائق نكسوا رءوسكم وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد على الطريق" قال: "فتمر ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق الخاطف"

(3)

وسيأتي الكلام على بعض مناقبها في زواجها على علي في دبر الصلوات إن شاء الله تعالى.

قوله: [وعن أنس بن مالك؛ رضي الله عنه].

(4)

(1)

الكواكب الدراري (15/ 29).

(2)

المستدرك (3/ 152 - 153). وتعقبه الذهبى فقال: فيه أبو مسلم قائد الأعمش، لم يخرجوا له، قال البخاري: فيه نظر، وقال غيره: متروك.

(3)

أخرجه النقاش (63) في فوائد العراقيين عن أبي أيوب. وإسناده واه.

(4)

كذا في المخطوط ولا محل له هنا.

ص: 364

985 -

وَعَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه أَنه كَانَ لَهُ جرن من تمر فَكَانَ ينقص فحرسه ذَات لَيْلَة فَإِذا هُوَ بِدَابَّة شبه الْغُلَام المحتلم فَسلم عَلَيْهِ فَرد عليه السلام فَقَالَ مَا أَنْت جني أم إنسي قَالَ جني قَالَ فناولني يدك فَنَاوَلَهُ يَده فَإِذا يَده يَد كلب وشعره شعر كلب قَالَ هَذَا خلق الْجِنّ قَالَ قد علمت الْجِنّ أَن مَا فيهم رجل أَشد مني قَالَ فَمَا جَاءَ بك قَالَ بلغنَا أنَك تحب الصَّدَقَة فَجِئْنَا نصيب من طَعَامك قَالَ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

(1)

من قَالَهَا حِين يُمْسِي أجِير مِنْهَا حَتَّى يصبح وَمن قَالَهَا حِين يصبح أجِير منا حَتَّى يُمْسِي فَلَمَّا أصبح أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ صدق الْخَبيث رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد جيد وَاللَّفْظ لَهُ

(2)

.

الجرن بِضَم الْجِيم وَسُكُون الرَّاء هُوَ البيدر وَكذَلِكَ الجرين.

وعن أبي بن كعب تقدم الكلام على نسب أبي بن كعب وعلى بعض فضائله في العلم في حديث الخضر، ولنذكر أيضًا شيئا من فضائله. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب" قال أبي: وسماني لك؟ قال: "نعم" قال: فبكى أبي، أخرجاه في الصحيحين

(3)

والبخاري، وذكرت عند رب العالمين،

(1)

سورة البقرة، الآية:255.

(2)

أخرجه النسائي في الكبرى (10730 و 10731 و 10732)، والطبراني في الكبير (1/ 201 رقم 541). وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (661).

(3)

البخاري (3809) و (4959) و (4960)، ومسلم (245 و 246 و 121 و 122 - 799).

ص: 365

قال "نعم" فذرفت عيناه

(1)

وإنما خص سورة لم يكن بالقراءة لما فيها من التوحيد والرسالة والمعاد وغيره

(2)

، وقال أبو نعيم بإسناده عن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب عن أبيه عن جده عن أبي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي أمرت أن أعرض عليك القرآن، قال: فقلت يا رسول الله: بالله آمنت وعلى يديك أسلمت ومنك تعلمت فردد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القول، فقال يا رسول الله أو ذكرت هناك، قال:"نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى" قال: فأقرأ إذا يا رسول الله

(3)

، وهي منقبة عظيمة لأبي بن كعب لم يشاركه فيها أحد من الناس، وفي كتاب الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أقرأ أمتي أبي بن كعب"

(4)

.

وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم بن حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب"

(5)

وكان عمر يقول: أبي سيد المسلمين، وقال مسروق: وكان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة: عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد وأبو

(1)

البخاري (4961).

(2)

الكواكب الدراري (18/ 206).

(3)

الحلية (1/ 251).

(4)

أخرجه ابن ماجه (154) والترمذي (3790). وصححه الألباني الصحيحة (1224).

(5)

البخاري (3808) و (4999) ومسلم (116 - 2464).

ص: 366

موسى؛ روى عنه: جماعة من الصحابة منهم: أبو أيوب وابن عباس وأبو موسى الأشعري وآخرون، ومن التابعين ابنه الطفيل وسويد بن غفلة وزر بن حبيش وعبد الرحمن بن الأسود وعبد الرحمن بن أبي ليلى وآخرون، ومناقبه كثيرة مشهورة

(1)

.

قوله: "أنه كان جرن من تمر" قد ضبطه المنذري، وفسره فقال: هو البيدر بالدال المهملة، وقال بعضهم: الجرين موضع تجفيف التمر وهو له كالبيدر للحنطة ويجمع على جرن بضمتين

(2)

، وفي الدارمي حدثنا أبو نعيم عن أبي عاصم الثقفي عن الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لقي رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلًا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي، فقال له الإنسي: إني لأراك ضئيلا شخيتا كأن ذريعتك ذريعتي كلب فكذلك أنتم معشر الجرام أنت من بينهم كذلك، قال: لَا والله إني من بينهم لضليع ولكن عاودني الثانية فإن صرعتني علمتك شيئا ينفعك، قال: نعم فصرعه فقال: أتقرأ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}

(3)

قال: نعم، قال: فإنك لَا تقرؤها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم لا يدخله حتى تصبح، قال الدارمي: الضيئل النحيف الدقيق، والشخيت المهزول، والشخت والخشيت النحيف الجسم الدقيقة،

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 108 - 109).

(2)

النهاية (1/ 263).

(3)

سورة البقرة، الآية:255.

ص: 367

وقد شخت يشخت شخوتة والضليع جيد الأضلاع

(1)

.

قوله: وله خبج كخبج الحمار، والخبج الريح

(2)

، قال الإمام أبو عبد الله القرطبي في كتابه التذكار: الخبج الضراط وهو الحنج بالحاء

(3)

أ. هـ.

986 -

وَعَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ قَالَ سَمُرَة بن جُنْدُب أَلا أحَدثك حَدِيثا سمعته من رَسول الله صلى الله عليه وسلم مرَارًا وَمن أبي بكر مرَارًا وَمن عمر مرَارًا قلت بلَى قَالَ من قَالَ إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى اللَّهُمَّ أَنْت خلقتني وَأَنت تهديني وَأَنت تطعمني وَأَنت تسقيني وَأَنت تميتني وَأَنت تحييني لم يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ فَلَقِيت عبد الله بن سليم فَقلت أَلا أحَدثك حَدِيثا سمعته من رَسول الله صلى الله عليه وسلم مرَارًا وَمن أبي بكر مرَارًا وَمن عمر مرَارًا قَالَ بلَى فَحَدَّثته بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ بِأبي وَأمي قَالَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم هَؤُلاءِ الْكَلِمَات كَانَ الله عز وجل قد أعطاهن مُوسَى عليه السلام فَكَانَ يَدْعُو بِهن فِي كل يَوْم سبع مَرَّات فَلَا يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الأوْسَط بِإِسْنَاد حسن

(4)

.

قوله: وعن الحسن، تقدم الكلام على الحسن.

قوله: قال سمرة بن جندب، وتقدم الكلام أيضًا على سمرة بن جندب.

(1)

سنن الدارمى (3424).

(2)

المصدر السابق.

(3)

التذكار (ص 177).

(4)

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 306 رقم 1028). قال الهيثمي في المجمع 10/ 118: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (395).

ص: 368

قوله: "اللهم أنت خلقتني وأنت تهديني" الحديث، من قال ذك إذا أصبح وإذا أمسى لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه.

قوله: فلقيت عبد الله بن سليم فقلت ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث، هو: عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي الأنصاري الخزرجي الصحابي كان حليفا لبني الخزرج، كنيته أبو يوسف، كنى بابنه يوسف وهو من قينقاع بضم النون وفتحها وكسرها وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه حصينا في الجاهلية فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وسيأتي باقي ترجمته في سقي الماء.

987 -

وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من صلى عَليّ حِين يصبح عشرا وَحين يُمْسِي عشرا أَدْرَكته شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحدهمَا جيد

(1)

.

988 -

وَعَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم علمه دُعَاء وَأمره أَن يتعاهده ويتعاهد بِهِ أَهله فِي كل يَوْم قَالَ قل حِين تصبح لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك ومنك وَإِلَيْك اللَّهُمَّ مَا قلت من قَول أَو حَلَفت من حلف أَو نذرت من نذر فمشيئتك بَين يَدَيْهِ مَا شِئْت كَانَ وَمَا لم تشأ لم يكن وَلَا

(1)

أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (61)، والطبراني كما في جامع المسانيد (9/ 296 رقم 11885). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 120: رواه الطبراني بإسنادين، وإسناد أحدهما جيد، ورجاله وثقوا. وضعفه الألباني في الضعيفة (5788) وضعيف الترغيب (396).

ص: 369

حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك إِنَّك على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ مَا صليت من صَلَاة فعلى من صليت وَمَا لعنت من لعن فعلى من لعنت إِنَّك وليي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة توفني مُسلما وألحقني بالصالحين اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الرِّضَا بعد القضا وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك وشوقا إِلَى لقائك فِي غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة وَأَعُوذ بك اللَّهُمَّ أَن أظلم أَو أظلم أَو أعتدي أَو يعتدى عَليّ أَو أكسب خَطِيئَة أَو ذَنبا لَا تغفره اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة ذَا الْجلَال وَالإِكْرَام فَإِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وأشهدك وَكفى بِالله شَهِيدا إِنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أنت وَحدك لَا شريك لَك لَك الْملك وَلَك الْحَمد وَأَنت على كل شَيْء قدير وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك وَأشْهد أَن وَعدك حق ولقاءك حق وَالْجنَّة حق والساعة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَنَّك تبْعَث من فِي الْقُبُور وَأَنَّك إِن تَكِلنِي إِلى نَفسِي تَكِلنِي إِلى ضَعِيف وعورة وذنب وخطيئة وَإِنِّي لَا أثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاغْفِر لي ذُنُوبِي كلهَا إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أنت وَتب عَليّ إِنَّك التواب الرَّحِيم رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد وروى ابْن أبي عَاصِم مِنْهُ إِلَى قَوْله بعد الْقَضَاء

(1)

.

(1)

أخرجه أحمد 5/ 191 (21666) و (21667)، وابن أبي عاصم في السنة (426)، وابن خزيمة في التوحيد 1/ 33، والطبراني في الدعاء (320) و (321) والشاميين (1481) و (2013) والكبير (5/ 119 رقم 4803) و (5/ 157 رقم 4932)، وابن السنى (47)، والحاكم (1/ 516 - 517). قال الهيثمي في المجمع 10/ 113: رواه أحمد، والطبراني، وأحد إسنادي الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف.

وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (397).

ص: 370

قوله: وعن زيد بن ثابت، كنيته أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري المدني القرطبي الكاتب كاتب الوحي والمصحف، وكان عمره رضي الله عنه حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا إحدى عشرة سنة وحفظ قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا ست عشرة سورة وقتل أبوه ولزيد بن ثابت ست بنين واستصغره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فرده، وشهد أحدًا، وقيل: لم يشهدها وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يوم تبوك راية بني النجار وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكتب أيضًا المراسلات إلى الناس وكان يكتب لأبي بكر وعمر بن الخطاب وكان عمر يستخلفه إذا حج، روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان وتسعون حديثا اتفقا منها على خسمة وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بحديث، توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين وقيل سنة ست وخمسين، وقيل: سنة أربعين وقيل: سنة خمس وأربعين، وقيل: غير ذلك

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "قل حين تصبح لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك وإليك" قال العلماء: التلبية معناها الإجابة، وقيل: معنى لبيك إجابة بعد إجابة ولزوما لطاعتك

(2)

، وقيل: معناها أنا مقيم على طاعتك إقامة

(1)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 200 - 201).

(2)

شرح النووي على مسلم (8/ 87).

ص: 371

بعد إقامة

(1)

، يقال: لب بالمكان وإلبابا أي أقام به

(2)

، وفي هذا الحديث: استحباب التلبية في الدعاء خلافا للمالكية في قصرها على الحاج

(3)

.

قوله: وسعديك، أي: مساعدة على طاعتك بعد مساعدة، وفيه إشارة إلى قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}

(4)

والمعاونة على العبادة من جملة العبادة

(5)

، وقال الأزهري وغيره: مساعدة لأمرك ومتابعة لدينك بعد متابعة

(6)

أي: فلا يطلب خير الدنيا والآخرة إلا منك، ونظير ذلك في الدلالة قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}

(7)

وفي التعبير باليدين هنا إشكال، وذلك أن اليد قد تطلق ويراد بها النعمة ومنه قوله تعالى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}

(8)

يعني نعمتاه في الدنيا والآخرة، وتطلق ويراد بها القدرة

(9)

.

قوله: وفي الحديث الآخر وليس الشر إليك، قال الخطابى وغيره فيه الإرشاد إلى أن الأدب في الثناء على الله تعالى ومدحه بأن يضاف إليه

(1)

تهذيب اللغة (2/ 42)، وشرح النووي على مسلم (6/ 58 - 59).

(2)

المصدر السابق.

(3)

المجموع (4/ 642 - 643)، والأذكار (ص 439).

(4)

سورة المائدة، الآية:2.

(5)

الغريبين (3/ 894)، ومشارق الأنوار (2/ 225).

(6)

شرح النووي على مسلم (6/ 59).

(7)

سورة آل عمران، الآية:73.

(8)

سورة المائدة، الآية:64.

(9)

شرح النووي على مسلم (8/ 87).

ص: 372

محاسن الأمور دون مساوئها على وجه الأدب

(1)

ومعنى: "والشر ليس إليك" أي: أن الشر لَا يتقرب به إليك ولا يبتغي به وجهك أو أن الشر لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك الطيب من القول والعمل وليس المقصود نفي شيء عن قدرته وإثباته لها فإن هذا الدعاء مندوب إليه وهو مذهب أهل الحق أن كل شيء فعل الله وخلقه سواء خيرها وشرها

(2)

، وفيه [خمسة أقوال] أقوال أحدها: لا يتقرب به إليك وهو قول أكثرهم، والثاني: لا يضاف إليك على انفراده فلا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر ونحو هذا وإن كان الله تعالى خالق كل شيء ورب كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم وهو محكي عن الشيخ أبي حامد عن المزني، والثالث: معناه والشر لا يصعد إليك إنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، الرابع: معناه والشر ليس شرا بالنسبة إليك فإنك خلقته لحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين حكاه الخطابى، والخامس: أنه كقولك فلان إلي بني فلان أي في عدادهم، ا. هـ، حكاه الخطابي

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إني أسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت" الحديث، سئل أبو عثمان عن قول النبي صلى الله عليه وسلم أسألك الرضا بعد القضاء فقال: لأن الرضا قبل القضاء عزم على الرضا والرضا بعد القضاء هو الرضي

(4)

(1)

شرح النووي على مسلم (6/ 59).

(2)

النهاية (2/ 458).

(3)

شرح النووي على مسلم (6/ 59).

(4)

الرسالة (2/ 344).

ص: 373

وقيل الرضى ارتفاع الجزع في أي حكم كان فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل الرضا بالقضاء، قال بعض الحفاظ: سأل الرضا بعد لأنه حينئذ تتبين حقيقة الرضا وأما الرضى قبله فإنما هو عزم على أنه يرضى إذا أصابه على ما تقدم من قول أبي عثمان وإنما يتحقق الرضى بعده وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما: أما بعد، فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر، وقال أبو عثمان الحيري منذ أربعين سنة ما أقامني في حال فكرهته وما نقلني إلى غيره فسخطته، هكذا يكون العبد وهذه هي حقيقة العبودية

(1)

، قال البيهقي: وروينا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك الصحة والعافية والأمانة وحسن الخلق والرضا بالقدر" فالرضا ثلاثة أقسام، رضا العوام بما قسمه الله وأعطاه، ورضا الخواص بما قدره الله وقضاه ورضا خواص الخواص به بدلا من كل ما سواه ذكره ابن رجب الحنبلي في شرح الأربعين النواوية.

(2)

قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم فاطر السموات والأرض" والفطر الابتداء والاختراع قال ابن عباس رضي الله عنهما: كنت لا أدري ما فاطر السموات حتى أتاني أعرابيات يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها، أي: ابتدأتها

(3)

.

وقوله رضي الله عنه: "كنت لا أدري ما فاطر السموات" أى لا أعرف مأخذ هذا اللفظ من الاشتقاق اللغوى

(4)

وفطر السموات ابتدأ خلقها من غير مثال سبق

(1)

مدارج السالكين (2/ 175).

(2)

هذا خطأ في العزو وإنما هو من كلام ابن القيم في المدارج (2/ 175).

(3)

غريب الحديث (5/ 413)، وتفسير الطبرى (9/ 175).

(4)

الميسر (1/ 54).

ص: 374

وجمعت السموات ووحدت الأرض في جميع الآيات لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسرى به إليها ووطئها بقدميه فتعرفت بذلك فجمعت وأما الأرض فلم يطأ بقدميه الشريفين سوى العليا منها ولأن السموات محل الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ولم يثبت في الأرض مثل ذلك فجمعت السموات حينئذ لشرفها ولذلك كان المختار أنها أفضل من الأرض

(1)

أ. هـ.

قوله صلى الله عليه وسلم: "عالم الغيب والشهادة" والغيب ما غاب عن العيوب والشهادة الحضور هكذا في مشارق الأنوار

(2)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والساعة آتية لا ريب فيها" الحديث أي: كله متحقق لا شك فيه، وقيل: معناه خبرك حق وصدق وقيل في قوله: "ووعدك حق" أي: صدق ومعنى لقاؤك حق أي: البعث وكذلك.

قوله: وأنك تبعث من في القبور، البعث بعد الموت هو معنى، قوله:"وإليك النشور" فإن النشور الحياة بعد الموت قال الأعشى:

حَتَّى يَقُولَ النَّاسَ مِمَّا رَأَوْا

يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ

(3)

ومنه النشور، وأنشرهم الله أحياهم، يقال: نشر الميت نشورا إذا عاش بعد الموت ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22)}

(4)

وأنشره الله أحياه.

(1)

النجم الوهاج (3/ 108).

(2)

لم أجده في المشارق وإنما ذكره الأزهرى في تهذيب اللغة عن ابن الأعرابى (8/ 183).

(3)

الصحاح (2/ 827 - 828)، وتفسير القرطبى (3/ 13).

(4)

سورة عبس، الآية:22.

ص: 375

قوله: في آخر الحديث: "فاغفر لي ذنوبي وتب علي غنك انت التواب الرحيم"، وفي حديث آخر "فاغفر لي مغفرة من عندك" أي: تفضلا من عندك وإن لم أكن لها أهلا، وإلا فالمغفرة والرحمة وكل النعم من عنده تعالى وقد أكد ذلك بقوله:"إنك أنت الغفور الرحيم" أي: لأنك صاحب المغفرة والرحمة. أ. هـ.

قوله: "وأعوذ بك أن أظلم أو اظلم" يعني أن أظلم نفسي وغيري أو أظلم من غيري والظلم وضع الشيء في غير موضعه ويدخل فيه مسائل كثيرة ليس هذا موضعها والله أعلم.

989 -

وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه أَنه سَأل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن مقاليد السَّمَوَات وَالأَرْض فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد تَفْسِيرهَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَبِحَمْدِهِ أسْتَغْفر الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِالله الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن بِيَدِهِ الْخَيْر يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير يَا عُثْمَان من قَالَهَا إِذا أصبح عشر مَرَّات أعطَاهُ الله بهَا سِتّ خِصَال، أما وَاحِدَة فيحرس من إِبْلِيس وَجُنُوده وَأما الثَّانِيَة فَيعْطى قِنْطَارًا فِي الْجنَّة وَأما الثَّالِثَة فَترفع لَهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة وَأما الرَّابِعَة فيزوج من الْحور الْعين وَأما الْخَامِسَة فَلهُ فِيهَا من الأجر كمن قَرَأَ الْقُرْآن والتوراة وَالإِنْجِيل وَأما السَّادِسَة يَا عُثْمَان لَهُ كمن حج وَاعْتمر فَقبل الله حجه وعمرته وَإِن مَاتَ من يَوْمه ختم لَهُ بِطَابع الشُّهَدَاء" رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم وَأَبُو يعلى وَابْن السّني وَهُوَ أَصْلحهم إِسْنَادًا وَغَيرهم وَفِيه نَكَارَة وَقد قيل فِيهِ مَوْضُوع وَلَيْسَ بِبَعِيد

(1)

وَالله أعلم.

(1)

أخرجه أبو يعلى كما في المقصد (1647)، والعقيلى في الضعفاء (1/ 117) و (4/ 231)، والدينورى في المجالسة (2923)، والطبراني في الدعاء (1700 و 1701)، وابن السنى (73)، =

ص: 376

قوله: وروي عن عثمان بن عفان، تقدم الكلام على عثمان بن عفان، يجوز فيه الفتح والصرف في عفان.

قوله: إنه سأل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن مقاليد السموات والأرض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما سألني عنها أحد" الحديث، المقاليد أي الخزائن وفي معانه المفاتيح قال اللّه تعالى:"لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن مات يوم ختم له بطابع الشهداء" الطابع: بفتح الباء وكسرها الختم وتقدم ذكره في الوضوء.

990 -

وَرُوِيَ عَن أبان الْمحَاربي رضي الله عنه أَن رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من عبد مُسلم يَقُول إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى رَبِّي اللّه لا أشرك بِهِ شَيْئا وَأشْهد أَن لا إِلَه إِلَا اللّه إِلَا غفر لَهُ ذنُوبه حَتَّى يُمْسِي وَكَذَلِكَ إِن قَالهَا إِذا أصبح رَواهُ الْبَزَّار وَغَيره

(2)

.

قوله: وروى عن أبان المحاربي هو أبان بن [بياض بالأصل].

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يقول إذا أصبح وإذا أمسى ربي اللّه لا أشرك به شيئا أشهد أن لا إله إلا اللّه إلا غفر اللّه له ذنوبه حتى يمسي" الحديث المراد بغفران الذنوب الصغائر دون الكبائر على ما تقدم في الوضوء والصلاة.

= والبيهقي في الأسماء والصفات (19). قال الهيثمي في المجمع 10/ 115: رواه أبو يعلى في الكبير، وفيه الأغلب بن تميم، وهو ضعيف. وقال الألباني: موضوع ضعيف الترغيب (398).

(1)

سورة الزمر، الآية:63.

(2)

أخرجه البزار (3104/ كشف الأستار)، والطبراني كما في جامع المسانيد (1/ 61 رقم 3)، وابن السنى في اليوم والليلة (59). وقال الهيثمي في المجمع 10/ 116: رواه البزار، وفيه أبان بن أبي عياش، وهو متروك. وضعفه الألباني جدا في الضعيفة (5182) وضعيف الترغيب (399).

ص: 377

991 -

وَعَن وهيب بن الْورْد رضي الله عنه قَالَ خرج رجل إِلَى الْجَبانَة بعد سَاعَة من اللَّيْل قَالَ فَسمِعت حسا وأصواتا شَدِيدَة وَجِيء بسرير حَتَّى وضع وَجَاء شَيء حَتَّى جلس عَلَيْهِ قَالَ وَاجْتمعت إِلَيْهِ جُنُوده ثمَّ صرخَ فَقَالَ من لي بِعُرْوَة بن الزبير فَلم يجبهُ أحد حَتَّى قَالَ مَا شَاءَ اللّه من الأصْوَات فَقَالَ وَاحِد أَنا أكفيكه قَالَ فَتوجه نَحْو الْمَدِينَة وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَمَكثَ مَا شَاءَ اللّه ثمَّ أوشك الرّجْعَة فَقَالَ لا سَبِيل لي إِلَى عُرْوَة قَالَ وَيلك لم قَالَ وجدته يَقُول كَلِمَات إِذا أصبح وَإِذا أَمْسَى فَلَا يخلص إِلَيْهِ مَعَهُنَّ قَالَ الرجل فَلَمَّا أَصبَحت قلت لأهلي جهزوني فَأتيت الْمَدِينَة فَسَأَلت عَنهُ حَتَّى دللت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ شيخ كَبِير فَقلت شَيْئا تَقوله إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت فَأبى أَن يُخْبِرنِي فَأَخْبَرته بِمَا رَأَيْت وَمَا سَمِعت فَقَالَ مَا أَدْرِي غير أنَي أَقُول إِذا أَصبَحت وَإِذا أمسيت آمَنت بِاللّه الْعَظِيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى لا انفصام لهَا وَاللّه سميع عليم إِذا أَصبَحت ثَلَاث مَرَّات وَإِذا أمسيت ثَلَاث مَرَّات رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان

(1)

.

أوشك أَي أسْرع بوزنه وَمَعْنَاهُ.

قوله: وعن وهيب بن الورد، هو: وهيب بن الورد بن أبي الورد المكي القرشي أبو عثمان ويقال أبو أمية مولى بني مخزوم روى عن سفيان الثوري وعمر بن محمد بن المنكدر روى عنه عبد اللّه بن المبارك وآخرون، ثقة عابد

(1)

أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (154) عن أبي الأشيم. وأخرجه الضياء في العدة للكرب والشدة (35) عن وهيب بن الورد. وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (400).

ص: 378

زاهد ذكره ابن حبان في الثقات وكان من العباد المتجردين لترك الدنيا والمنافسين في طلب الآخرة وكان الثوري إذا حدث الناس وفرغ من الحديث قال: قوموا بنا إلى الطبيب يعني وهيب بن الورد، وقال عبد اللّه بن المبارك: كان وهيب بن الورد يتكلم والدموع من عينيه وكان يقول عجيبا للعالم كيف يحسنه دواعي قلبه إلى ارتياح المضحك وقد علم أن له في القيامة روعات ووقفات وفزعات قال ذلك ثم غشي عليه، قال وهيب بن الورد قال يحيى لعيسي عليهما السلام: يا روح اللّه ما أشد ما خلق اللّه قال غضب اللّه قال: فأخبرني في عشري: اتقي به غضب اللّه قال: لا تغضب، قال سفيان بن عيينة قال وهيب بن الورد: بينا أنا واقف في بطن الوادي إذا أنا برجل قد أخذ بمنكبي وقال: يا وهيب خف اللّه كقدرته عليم واستحيي منه لقربه منك، قال: فالتفت فلم أر أحدًا، وقال وهيب بن الورد: الزهد في الدنيا أن لا تأس على ما فاتك منها ولا تفرح بما آتاك منها، وقال عبد اللّه بن المبارك: إن استطعت أن يسبقك إلى اللّه أحد فافعل، وكانوا يرون له الرؤيا أنه من أهل الجنة فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه، وقال: خشيت أن يكون هذا من الشيطان قال: فسمعوه عند الموت يقول: قد وفيت لي ولم أوف لك، وقال عبد اللّه بن المبارك: قال وهيب: قال عيسى عليه السلام: حب الفردوس خشية جهنم يورثان الصبر على المشقة ويباعدان العبد من راحة الدنيا وكان اسمه قبل ذلك عبد الوهاب قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول اللّه أخبرني بجلساء اللّه يوم القيامة قال: "هم

ص: 379

الخائفون الخاضعون المتواضعون الذاكرون اللّه كثيرا" أدرك وهيب بن الورد جماعة من التابعين وأكثر رواته عن الأئمة وأعلام التابعين، مات وهيب بن الورد سنة ثلاث وخمسين ومائة، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي

(1)

أ. هـ قاله في الديباجة.

قوله: خرج رجل إلى الجبانة، الجبانة: الصحراء وتسمي بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه قاله في النهاية

(2)

.

قوله: ثم صرخ فقال: من لي بعروة بن الزبير فلم يجبه أحد، الحديث، عروة بن الزبير بن العوام التابعي: هو أبو عبد اللّه بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي المدني التابعي الجليل فقيه المدينة أحد الفقهاء السبعة فقهاء المدينة وأمه أسماء بنت أبي بكر وخالته عائشة أم المؤمنين وسمع أباه وأخاه عبد اللّه قال ابن شهاب: كان عروة بحرا لا تدركه الدلاء، وقال ابن هشام: واللّه ما تعلمنا منه جزءا من ألف جزء من حديثه قال ابن سعد: وكان ثقة كثير الحديث فقيها عالما مأمونا نبيها وهو مجمع على جلالته وعلو مرتبته ووفور علمه لم يدخل في شيء من الفتن وكان عروة يقول: تعلموا العلم تسودوا به قومكم، وقال عمر بن عبد العزيز: ما أحد أعلم من عروة بن الزبير، وقال حميد بن عبد الرحمن: لقد رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يسألون عروة وكان يقرأ كل يوم ربع القرآن

(1)

المنتظم (8/ 172 - 173)، وتهذيب الأسماء واللغات (2/ 149)، وتهذيب الكمال (31/ ترجمة 6771).

(2)

النهاية (1/ 236 - 237).

ص: 380

نظرًا في المصحف ويقوم به الليل وما ترك قيام الليل إلا ليلة قطعت رجله بالمنشار لما قطعت في الأكلة وكانت إذا كانت أيام الرطب فتح حائط حديقته فيدخل الناس فيأكلون ويحملون ولما قطعت رجله مات ولده محمد فقال لك الحمد كانوا سبعة فأخذت منهم واحدًا وكن أربعا فأخذت واحدة وأبقيت ثلاثا فإن كنت قد أخذت فقد أبقيت وإن كنت ابتليت فقد عافيت وكان يصوم الدهر كله إلا يومي الفطر والنحر، ومات وهو صائم سنة ثلاث وتسعين، وقيل: أربع وقيل سنة خمس وتسعين وقال البخاري

(1)

: سنة تسع وتسعين مات في السنة التي مات فيها زين العابدين وسعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وغيرهم، وتعرف بسنة موت الفقهاء والعلماء، روى عن أبيه يسيرا وعن زيد بن ثابت كثيرا

(2)

قاله في الديباجة.

قوله: "ثم أوشك الرجعة" قد فسره الحافظ أي: أسرع وزنه معناه.

قوله: فقال لا سبيل لي إلى عروة، السبيل الطريق.

قوله: ويلك [لم]، قال: وجدته يقول كلمات، كلمة ويل [بمعنى التعجب].

قوله: آمنت باللّه العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت، تقدم تفسير الآيات باللّه.

قوله: وكفرت بالجبت والطاغوت؛ الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك

(3)

، والطاغوت، قال الليث وأبو عبيدة والكسائي وجماهير أهل اللغة: كل ما عبد من دون اللّه تعالى، وقال ابن

(1)

التاريخ الأوسط (1/ 235).

(2)

تهذيب الأسماء واللغات (1/ 331 - 332)، وتهذيب الكمال (20/ ترجمة 3905).

(3)

الصحاح (1/ 245).

ص: 381

عباس ومقاتل والكلبي وغيرهم: الشيطان وقيل الأصنام

(1)

وتقدم الكلام على ذلك مختصرا.

قوله: واستمسكت بالعورة الوثقى، العروة الوثقى العهد الوثيق في الدين أو السبب الموصل على رضى اللّه تعالى

(2)

، وقيل: العروة الوثقى الإيمان، والوثقى تأنيث الأوثق

(3)

.

قوله: لا انفصام لها، الفصم أن يتصدع الشيء فلا يبين ومنه قوله تعالى:{لَا انفِصَامَ لَهَا}

(4)

فإذا بان فهو الفصم

(5)

.

قوله: [بياض بالأصل]

(6)

.

992 -

وَعَن أنس رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم مَا من حافظين يرفعان إِلَى اللّه عز وجل مَا حفظا من ليل أَو نَهَار فيجد اللّه فِي أول الصَّحِيفَة وَفِي آخرهَا خيرا إِلَا قَالَ للْمَلَائكَة أشهدكم أنِّي قد غفرت لعبدي مَا بَين طرفِي الصَّحِيفَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة تَمام بن نجيح عَن الْحسن عَنهُ

(7)

.

قوله: وعن أنس تقدم الكلام على أنس.

(1)

شرح النووي على مسلم (3/ 18).

(2)

البحر المحيط (2/ 293).

(3)

التفسير البسيط (4/ 365).

(4)

سورة البقرة، الآية:256.

(5)

الغريبين (5/ 1453).

(6)

بياض بمقدار سطر.

(7)

أخرجه الترمذي (981)، وأبو يعلى (2775)، والبيهقي في الشعب (9/ 273 - 274 رقم 6652). وضعفه جدا الألباني في ضعيف الترغيب (401) والضعيفة (2239).

ص: 382

قوله صلى الله عليه وسلم: "فيجد اللّه في أول الصحيفة وفي آخرها خيرا" الحديث، المراد بالصحيفة ما يكتب فيه الملكان الحافظان الحسنات والسيئات، والمراد بغفران الذنوب الصغائر، وأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة أو بعفو اللّه تعالى وتقدم ذلك.

قوله: رواه البيهقي من رواية تمام بن أبي نجيح [قال ابن عدي وغيره هو غير ثقة، وقال البخاري: فيه نظر وقال أبو حاتم: ذاهب الحديت، ووثقه يحيى بن معين].

ص: 383