الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرْغِيب فِي صَلَاة الْحَاجة ودعائها
قال الجوهري
(1)
: الحاجة معروفة والجمع حاج وحاجات وحوج وحوائج على غير قياس، وكان الأصمعي ينكره ويقول: هو مولد وإنما أنكره لخروجه عن القياس وإلا فهو كثير في كلام [العرب] وينشد:
نَهارُ المَرْءِ أَمْثَلُ، حِينَ تُقْضَى
…
حَوائِجُهُ، مِنَ اللَّيْلِ الطَّويلِ
1018 -
عَن عُثْمَان بن حنيف رضي الله عنه أَن أعمى أَتَى إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يكْشف لي عَن بَصرِي قَالَ أَو أدعك قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّه قد شقّ عَليّ ذهَاب بَصرِي قَالَ فَانْطَلق فَتَوَضَّأ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه إِلَى رَبِّي بك أَن يكْشف لي عَن بَصرِي اللَّهُمَّ شفعه فِي وشفعني فِي نَفسِي فَرجع وَقد كشف الله عَن بَصَره رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب وَالنَّسَائِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة في صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم وَلَيْسَ عِنْد التِّرْمِذِيّ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ إِنَّمَا قَالَ فَأمره أَن يتَوَضَّأ فَيحسن وضوءه ثمَّ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء فَذكره بِنَحْوِهِ
(2)
وَرَوَاهُ فِي الدَّعْوَات
(1)
الصحاح (1/ 307 - 308).
(2)
أخرجه ابن ماجه (1385)، والترمذي (3578) والنسائي في الكبرى (10419) و (10420) و (10421)، وابن خزيمة (1219)، والحاكم (1/ 313 و 519). وصححه الألباني في صحيح التوسل أنواعه وأحكامه ص (75)، الروض النضير (661)، صحيح الترغيب (681).
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ
(1)
.
وَذكر فِي أَوله قصَّة وَهُوَ أَن رجلا كانَ يخْتَلف إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه فِي حَاجَة لَهُ وَكانَ عُثْمَان لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا ينظر فِي حَاجته فلقي عُثْمَان بن حنيف فَشَكا ذَلِك إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَان بن حنيف ائْتِ الميضأة فَتَوَضَّأ ثمَّ ائْتِ الْمَسْجِد فصل فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَبِي الرَّحْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أتوجه بك إِلَى رَبِّي فَيَقْضِي حَاجَتي وتذكر حَاجَتك ورح إِلَيّ حَتَّى أروح مَعَك فَانْطَلق الرجل فَصنعَ مَا قَالَ لَهُ ثمَّ أَتَى بَاب عُثْمَان فجَاء البواب حَتَّى أَخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ على عُثْمَان بن عَفَّان فأجلسه مَعَه على الطنفسة وَقَالَ مَا حَاجَتك فَذكر حَاجته فقضاها لَهُ ثمَّ قَالَ مَا ذكرت حَاجَتك حَتَّى كانَت هَذِه السَّاعَة وَقَالَ مَا كانَت لَك من حَاجَة فائتنا ثمَّ إِن الرجل خرج من عِنْده فلقي عُثْمَان بن حنيف فَقَالَ لَهُ جَزَاك الله خيرا مَا كانَ ينظر فِي حَاجَتي وَلَا يلْتَفت إِلَيّ حَتَّى كَلمته فِي فَقَالَ عُثْمَان بن حنيف وَالله مَا كلمته وَلَكِن شهِدت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَتَاهُ رجل ضَرِير فَشَكا إِلَيْهِ ذهَاب بَصَره فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو تصبر فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّه لَيْسَ لي قَائِد وَقد شقّ عَليّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ائْتِ الميضأة فَتَوَضَّأ ثمَّ صل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادْع بِهَذِهِ الدَّعْوَات فَقَالَ عُثْمَان بن حنيف فوَالله مَا تفرقنا وَطَالَ بِنَا الحَدِيث حَتَّى دخل علينا الرجل كَأَنَّهُ لم يكن بِهِ ضرّ قطّ قَالَ الطَّبَرَانِيّ بعد ذكر طرقه والْحَدِيث صَحِيح.
(1)
أخرجه الطبراني في الدعاء (1050) والصغير (508) والكبير (9/ 30 - 31) والبيهقي في الدعوات الكبير (235). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (415).
الطنفسة مُثَلّثَة الطَّاء وَالْفَاء أَيْضا وَقد تفتح الطَّاء وتكسر الْفَاء اسْم للبساط وَتطلق على حَصِير من سعف يكون عرضه ذِرَاعا.
قوله: عن عثمان بن حنيف هو أبو عمرو وقيل أبو عبد الله عثمان بن حنيف بن واهب بن العليم، وعثمان هذا هو أخو سهل بن حنيف وعباد بن حنيف له صحبة، وهو كوفي شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمن معاوية وهو أحد من تولي مساحة سواد العراق بأمر عمر بن الخطاب، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس لعثمان بن حنيف هذا في الكتب الستة سوى هذا الحديث وحديث آخر رواه البخاري والنسائي من رواية عبيد الله بن عبد الله عنه، هذا جميع ما له عندهم
(1)
.
قوله: في حديث عثمان بن حنيف أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري، قال:"أو أدعك" قال: يا رسول الله قد شق عليَّ ذهاب بصري قال: "فانطلق فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه على ربي بك أن يكشف لي عن بصري" الحديث، وفي رواية الطبراني وفيها قصة وهو أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكي ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه
(1)
مرآة الزمان (7/ 91 - 92)، وتهذيب الأسماء واللغات (1/ 320)، وتهذيب الكمال (19/ ترجمة 3805).
ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة الحديث، وفيه: فانطلق الرجل فصنع ما قاله له عثمان بن حنيف ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذه بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال: حاجتك، فذكر حاجته فقضاها الحديث، وزاد محمد بن يونس في روايته [فقام،] وقد أبصر
(1)
يعني الرجل الأعمى، وفي رواية شعبة [قال: ففعل] الرجل فبرأ، وفي رواية: يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتجلى عن بصري اللهم شفعة لي وشفعني في نفسي
(2)
ذكر هذه الزيادات الشيخ تقي الدين الحصني في كتابه (سير السلوك).
قوله: "ائت الميضأة" الميضأة بكسر الميم وبالياء المثناة من تحت وبهمزة بعد الضاد المعجمة الركوة والإداوة والمطهرة والإبريق كلها بمعنى متقارب وهي الإناء الذي يتوضأ به.
قوله: فأجلسه معه على الطنفسة، قال الحافظ: الطنفسة مثلثة الطاء والفاء أيضا وقد تفتح الطاء وتكسر الفاء اسم للبساط وتطلق على حصير من سعف يكون عرضه ذراعا، أ. هـ. وقال في النهاية: هي البساط الذي له خمل رقيق وجمعه طنافس
(3)
، أ. هـ. قال الشيخ تقي الدين الحصني في كتابه المذكور:
(1)
عند ابن قانع (2/ 257).
(2)
أخرجه يعقوب الفسوى في المعرفة والتاريخ (3/ 272) ومشيخته (113) والطبراني (9/ 30) وابن السنى (628).
(3)
النهاية (3/ 140).
وليس في هذا الحديث أنه فعله في حضرته عليه الصلاة والسلام ولا فيه التقييد بزمن حياته صلى الله عليه وسلم ولا خاص بهذا الضرير، بل إطلاقه يدل على أنه عليه الصلاة والسلام أراد أن هذا التوسل يستمر في أمته بعد وفاته شفقة عليهم لاحتياجهم إلى ذلك، ومما يدل على ذلك أن عثمان بن حنيف راوي الحديث هو وغيره فهموا التعميم ولهذا استعمله هو وغيره بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وهذا الأثر من أقوى الأدلة على الاحتياج به لفعل عثمان بن حنيف وغيره به بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وهم أعلم بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم من غيرهم
(1)
، أ. هـ.
قال بعضهم: في هذا الحديث يعني حديث عثمان بن حنيف دليل واضح على أن التوجه بالنبي صلى الله عليه وسلم ينبغي لقضاء الحوائج وكذلك التوسل به ولا جاه أعظم من ذلك ولا أحسن، قال شيخ الإسلام النووي في تهذيبه في ترجمة عقبة بن عامر الجهني أنه كان البريد إلى عمر بن الخطاب [بفتح] دمشق ووصل على المدينة في سبعة أيام ورجع منها إلى الشام في يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشفعه به في تقريب طريقه
(2)
، انتهى قاله في الديباجة، وفيها أيضًا: ورأيت في كتاب حسن التصرف للشيخ الإمام العلامة الشيخ علاء الدين القونوي قال منصور بن عبد الله: سمعت ابن الجلاء يقول: دخلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة فقدمت على القبر الشريف
(1)
دفع شبه من شبه وتمرد (ص 119 - 121).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 336).
فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر ثم قلت: يا رسول الله بي فاقة وأنا ضيفك الليلة ثم تنحيت ونمت بين القبر والمنبر فإذا أنا بالنبي جاءني ودفع إللا رغيف خبز فأكلت نصفه وانتبهت وإذا في يدي نصف الرغيف
(1)
، قال: وعاش ابن الجلاء بعد ذك أربعين سنة لم يحتج فيها إلى طعام الدنيا ولا إلى شرابها ببركة تلك الأكلة، وذلك لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:"من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي"
(2)
والظاهر أن ما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم من طعام الجنة ومن أكل طعامها استغنى عن طعام الدنيا وأورد السلمي هذه الحكاية الصوفية عن أبي الخير الأقطع وفيها دلالة على التوسل به صلى الله عليه وسلم في الحاجات بعد وفاته كالتوسل به في حال حياته وأن علمه صلى الله عليه وسلم بعد موته كعلمه في حياته
(3)
، وقد روى الحافظ أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى علي في يوم جمعة وليلة جمعة مائة صلاة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ووكل الله بذلك ملكا يدخله على قبري كلما يدخل عليكم [الهدايا] إن علمي بعد موتي كعلمي في الحياة"
(4)
.
(1)
دفع شبه من شبه وتمرد (ص 125).
(2)
أخرجه البخاري (6994)، ومسلم (10 و 11 - 2266).
(3)
دفع شبه من شبه وتمرد (ص 125 - 126).
(4)
أخرجه ابن منده في الفوائد (56)، والأصبهانى في الترغيب والترهيب (956 و 1674).
وقال الألباني: موضوع.
قال الشيخ علاء الدين وهذا وأمثاله من الأخبار ترد على هؤلاء المبتدعة الذين ابتدعوا في زماننا ومنعوا التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وقد جمع بعضهم كاملا يتضمن نفي علمه صلى الله عليه وسلم بعد الوفاة قال أبو محمد بن حزم في كتابه الذين صنفه في الملل والنحل
(1)
حدثت فرقة مبتدعة تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ليس هو اليوم رسول الله لكنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وهذه مقالة خبيثة مخالفة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولما عليه جميع أهل الإسلام منذ كان أهل الإسلام إلى يوم القيامة قال: وإنما حملهم على هذا الرأي الخبيث قولهم الآخر الخبيث أن الروح عرض والعرض يفني أبدًا ويحدث ولا يبقى وقتين قال: فروح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء قد فنى وبطل ولا روح له الآن وجسده في قبره موات فبطلت نبوته ورسالته بموته عندهم نعوذ بالله من هذا القول فإنه كفر صراح لا تردد فيه ويكفى في بطلان هذا القول الفاحش الفضيح أنه مخالف لما أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم، واتفق عليه أهل الإسلام من الأذان في الجوامع والصوامع وأبواب المساجد جهارا في شرق الأرض وغربها كل يوم خمس [مرات في كل قرية من شرق الأرض إلى غربها بأعلى] أصواتهم، قرن الله بذكر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وكان يجب على قولهم أن يقال: وأشهد أن محمدا كان رسول الله وكذلك كان يجب أن يقول من يأتي بالشهادتين للدخول في الإسلام وقد قال الله تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ
(1)
الفصل في الملل والنحل (1/ 75 - 76).
قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}
(1)
وقال: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ}
(2)
وقال: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ}
(3)
فسماهم الله تعالى بعد موتهم وفي القيامة رسلا ونبيين [قلت: وأوضح دلالة على [وصفه] بصفة الرسالة بعد مماته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ}
(4)
وقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}
(5)
الآية]، والأصل الحقيقة وذلك أجمع المسلمون وجاء به النص أن كل مصل فرضا أو نفلا يقول في تشهده السلام عليك أيها النبي ورحمت الله وبركاته، ولو كان بعد موته في حكم العدم لما صحت هذه المخاطبة هذا معنى كلام ابن حزم وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بأن لله تعالى ملائكة يبلغونه منا السلام وأنه من رآه في النوم فقد رآه وهذا يبطل قول من ألحقه صلى الله عليه وسلم بالعدم في العلم وغيره، ومما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم بعد الموت في حكم الأحياء من الفروع أن إمام الحرمين حكي وجهين فيما خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المال أنه باق على ملكه صلى الله عليه وسلم، والثاني: أن سبيل ما خلفه سبيل الصدقات
(6)
كيف لا وهو سيد الشهداء وأفضل منهم بلا خلاف وقد قال الله فيهم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
(1)
سورة النساء، الآية:164.
(2)
سورة المائدة، الآية:109.
(3)
سورة الزمر، الآية:69.
(4)
سورة آل عمران، الآية:144.
(5)
سورة البقرة، الآية:143.
(6)
نهاية المطلب (12/ 21).
يُرْزَقُونَ (169)}
(1)
الآية فهو أولى بذلك، أ. هـ.
فائدة: الجلاء المذكور في الحكاية بفتح الجيم وتشديد اللام ألف اسم لمن يجلو الشيء كالمرآة والسيف ونحوهما، واشتهر بهذه النسبة أبو عبد الله أحمد بن يحيى الجلاء البغدادي نزل الشام وسكن الرملة وصحب ذا النون المصري وأبا تراب النخشبي توفي في رجب سنة ست وثمانمائة وكان لم يحل شيئا قط وغنما كان يتكلم على الناس فتجلوا قلوبهم فسمي الجلاء
(2)
. أ. هـ.
تنبيه: سئل الشيخ الإمام العلامة عز الدين بن عبد السلام قدس الله سره
(3)
: هل يكره أن يسأل الله بعظيم من خلقه كالملك والنبي والولي.
أجاب رضي الله عنه: بأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم بعض الناس اللهم إني أقسم عليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة إلى آخر الحديث فإن صح ينبغي أن يكون معه مقصورًا على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه سيد ولد آدم ولا يقسم على الله تعالى بغير من الأنبياء والملائكة لأنهم ليسوا في درجته ويكون هذا من خواصه والحديث خرجه [الترمذي] وقال: حديث حسن صحيح غريب
(4)
، أ. هـ
[بيض المصنف هنا بياضا قدر عشرة أسطر من هذا المنسوخ ولم نحك ذلك
(1)
سورة آل عمران، الآية:169.
(2)
اللباب (1/ 318).
(3)
النجم الوهاج (2/ 187).
(4)
أخرجه الترمذي (3578).
لشدة ارتباط الكلام، والله أعلم].
قال الشيخ تقي الدين الحصني رحمه الله
(1)
: واعلم وفقنا الله عز وجل لمرضاته وفتح لنا من أسرار آياته ما تحيى به قلوبنا في مناجاته أنه عليه أفضل الصلاة والسلام لم يزل يتوسل به قبل خلقه وبروزه إلى الوجود وكذا بعد وجوده في حال حياته وكذا بعد وفاته في البرزخ وكذا في عرصات القيامة وذلك معلوم ومشهور والأدلة السمعية والعلمية على ذلك معلومة ومشهورة جاء بعض الزنادقة ممن هو مشهور بالعلم ويدعي شيخ الإسلام قاتله الله تعالى لاعتقاده السيئ أنه عليه الصلاة والسلام بوفاته بطل جاهه وأقام على ذلك فتيا وكتب عليها بخطه غرضه واعتقاده الفاسد، ومن جملة ما كتبه على الفتيا: المسلمون متفقون على أن الميت لا يسأل ولا يدعى ولا يطلب منه شيء سواء كان نبيا أو شيخا أو غير ذلك فلما وقف المسلمون عند قوله قالوا: هذا كفر متعين لأنه سوى بين الأنبياء وغيرهم ومن حط رتبة نبي عما يجب له فقد كفر وهذا لا نزاع فيه بين المسلمين لا سيما نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه يستحق من التعظيم أكثر مما يستحق غيره سواء ذلك في حياته وبعد وفاته ولا يرتاب في ذلك من في قلبه دين وبما جاء به وفيه كفر من جهة إلحاق غير النبي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذه نزعة رافضية وكفر محقق لأنه عليه الصلاة
(1)
هذا الكلام من كتاب الحصنى الموسوم بدفع شبه من شبه وتمرد (103 - 121) وقد حمل فيه وجار وظلم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة وما ذكره في كتابه السابق فيه ما لا يخفى من منابذة عقيدة السلف في مسألة التوسل بل وفى مسائل الأسماء والصفات وعباراته تمتلأ بالتكفير والتجهيل والتضليل لمن لزم منهج السلف في المعرفة وفى الطلب.
والسلام حرمته وقدره ومرتبته ومنزلته عند ربه ما زالت ولم تزل وهو سيد ولد آدم وأكرمهم على الله عز وجل على الدوام، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: أن جبريل عليه السلام قال: "قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر رجلا أفضل من محمد" وفي رواية ابن وهب: أنه عليه الصلاة والسلام قال: قال الله تعالى: سل يا محمد فقلت ما أسأل يا رب اتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما واصطفيت نوحا وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فقال الله عز وجل: أعطيتك خيرا من ذك أعطيتك الكوثر وجعلت اسمك مع اسمي ينادي في جوف السماء، وحكي أبو محمد مكي وأبو الليث السمرقندي وغيرهما أن آدم عليه السلام عند اقترافه قال: اللهم بحق محمد عليك إلا غفرت لي خطيئتي، ويروي: تقبل توبتي، فقال الله عز وجل: من أين عرفت محمدا؟ قال: في كل موضع من الجنة مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمت أنه أكرم خلقك عليك فتاب الله عليه وغفر له، وفي رواية الآجري: فقال آدم عليه السلام لما خلقتني رفدت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أعظم قدرا عندك ممن تعدل اسمه باسمك فأوحي الله تعالى إليه: وعزتي وجلالي إنه آخر الأنبياء من ذريتك ولولاه ما خلقتك، وفي حديث ابن عمر الذي رواه الحاكم قال آدم: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله عز وجل: يا آدم وكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه، قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله عز وجل: "صدقت يا آدم أنه لأحب الخلق إليّ، وإذ سألتني بحقه قد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك" ورواه الحاكم أيضا من حديث ابن عباس بلفظ: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى آمن بمحمد ومر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب، فكتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد فهذا الحاكم قد كفانا المؤنة وصحح الحديث، فهذا آدم عليه الصلاة والسلام أبو الأنبياء عليهم السلام قد توسل به قبل خلقه وبروزه إلى الوجود فكيف لا يتوسل به وقد برز إلى الوجود وقد بعثه الله تعالى رحمة للعالمين أمانا لأهل الأرض مذ حل بينهم، به يدفع الله العذب ويدرؤه وناهيك بهذا شرفا وتعظيما وعلو قدر ومنزلة وقد أوجب الله تعالى في كتابه العزيز تعظيمه وتوقيره فقال تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}
(1)
أي: تعظموه وأي شرف يشبه هذا الشرف والآيات والأخبار والآثار في وجوب توقيره وتعظيمه كثيرة جدا وذلك مستمر ومنسحب عليه في حياته وبعد وفاته، والإجماع منعقد على ذلك وعلى أن من استهان به في حياته أو بعد وفاته أو بشيء مما جاء به كفر، ولا شك ولا ريب أن حرمته بعد وفاته كحرمته في حياته وهذا مما اجمع عليه وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
(1)
سورة الفتح، الآيتان: 8 - 9.
(72)
}
(1)
ما خلق الله عز وجل نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما أقسم الله عز وجل بحياة أحد إلا بحياته قيل اقسم بحياته في الأزل ليظهر شرفه وعلو قدره ودنو منزلته ليتوسل المتوسلون به إليه في حياته وبعد وفاته في عرصات القيامة وناهيك بعظم قدره أن يقال ارفع رأسك وقل يسمع لك واشفع تشفع وبهذا وغير لم يزل الناس يتوسلون به غليه في حياته وكان يستجاب لهم كما قال تعالى {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ}
(2)
الآية، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما التقوا هزمت غطفان يهود فدعت يهود بهذا الدعاء اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فتهزم يهود غطفان وإذا كان الله عز وجل يستحب لأعدائه بالتوسل به إليه مع علمه عز وجل بأنهم يكفرون به ويؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه قبل وجوده فما الظن بمن يؤمنون به ويعزرونه أي يعظمونه ويو قرونه ويكرمونه ويتبعون النور الذي أنزل معه وهو القرآن مع بروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين وإذا كان رحمة للعالمين فكيف لا يتوسل به ويتشفع ومن أنكر التوسل به والتشفع به بعد موته فقد أعلم الناس ونادي على نفسه أنه أسوأ حالا من اليهود الذي كانوا يتوسلون به قبل بروزه إلى الوجود وأن في قلبه نزعة هي من أخبث النزعات
(1)
سورة الحجر، الآية:72.
(2)
سورة البقرة، الآية:89.
ومن قال بأن جاهه زال بموته فلا يقال يا جاه محمد يا جاه رسول الله فهو من أعظم الزنادقة وجاحد للربوبية فإن جاهه هو لله عز وجل فكأن هذا القائل يقول: لا تقولوا يا الله وهذا كفر محقق ومخالف لما عليه عمل هذه الأمة في جميع الزمان في سائر البلدان وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}
(1)
قال علي رضي الله عنه: قدم علينا أعرابي بعد ما فارقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى نفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثى على رأسه من ترابه قال: قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله عز وجل فوعينا عنك وكان فيما أنزل عليك {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد ظلمت وقد جئتك لتستغفر لي فنودي من القبر قد غفر لك، وهذه غير قضية العتبي، وأما قضية العتبي فهي مشهور في غاية الشهرة، وكنية العتبي أبو عبد الرحمن واسمه محمد عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عمر بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب وكان من أفصح الناس وصاحب أخبار وصاحب رواية الآداب وحدث عن أبيه وسفيان بن عيينة، توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين وذكر قضيته ابن عساكر في تاريخه، وذكر ابن الجوزي في كتابه (مثير العزم الساكن إلى أشرف المساكن) وغيرهما بالأسانيد قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته وجلست بحذائه فجاء أعرابي فزاره ثم قال يا خير
(1)
سورة النساء، الآية:64.
الرسل إن الله أنزل عليك كتابا صادقا قال فيه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وإني جئتك مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي وأنسأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
…
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
…
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومي وهو يقول الحق الرجل وبشره أن الله عز وجل قد غفر له بشفاعتي فاستيقظت فخرجت وطلبته فم أجده، وممن ذكر قصى العتبي الإمام العلامة المتفق على دينه وزهده وعلمه بل اشتهر عنه قطبٌ أبو زكريا يحيى النووي قال في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام: إنها من أهم القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات فإذا انتهى إلى قبره وقف قبالة وجهه وتباعد عن القبر نحو أربعة أذرع احتراما له ويتوسل به في حق نفسه ويتشفع به إلى ربه عز وجل، ومن أحسن ما يقول ما حكاه أسحابنا عن العتبي مستحسنين له قال العتبي: كنت جالسا عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
…
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
…
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
قال: ثم انصرفت فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له، فأفاد بذلك أن أصحاب الشافعي استحسنوا ذلك وأنهم حكوه عن غيرهم، وأفاد أنه يتوسل به ويتشفع به إلى ربه عز وجل وساق ذلك ما هو متفق عليه ولم يتعرض له أحد بالإنكار في سائر الأمصار، وردت أنا ببيتين آخرين هما:
فيه كل خصال الحمد قد جمعت
…
فلذ به هو من ترعى له الذمم
وهو الذي يرتجى في كل نائبة
…
وفي المعاد إذا زلت القدم
وذكر الإمام العلامة المتفق على علمه وإتقانه وثقته القاضي عياض في أشهر كتبه فقال: الفصل الثاني في حرمته بعد وفاته وأما حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه فهو لازم كما كان في حياته وذلك عند ذكره عليه السلام وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته [ومعاملة آله] وتعظيم أهل بيته وصحابته واجب على كل مؤمن تقي ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن من حركته ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به بعينه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله عز وجل به قال: وهذه سير السلف الصالح وأئمتنا الماضين وأن حرمته ميتا كحرمته حيا وهو وسيلتنا ووسيلة أبينا آدم إلى يوم القيامة، فالشفا كتاب مشهور وقد طارت به النسخ في الآفاق يتلقونه العلماء وأئمة كل زمان بالقبول لعلمهم بعلمه ودينه والوثوق به، وفي الآية الكريمة وهي قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} الآية، الحث على المجيء إليه ليستغفروا في حضرته ويستغفر لهم وليس في الآية تعرض
للحياة دون الموت وكذا فهم العلماء العموم واستحبوا لمن أتى قبره عليه الصلاة والسلام أن يتلو هذه الآية ويستغفر ويطلب منه الشفاعة، فمن ادعى تخصيص العلم بغير دليل قطعنا بخطأه، أ. هـ.
1019 -
وَعَن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من كَانَت لَهُ إِلَى الله حَاجَة أَو إِلَى أحد من بني آدم فَليَتَوَضَّأ وليحسن الْوضُوء وَليصل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ليثن على الله وَليصل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ ليقل لَا إِلَه إِلَا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك وَالْغنيمَة من كل بر والسلامة من كل إِثْم لَا تدع لي ذَنبا إِلَّا غفرته وَلا هما إِلَّا فرجته وَلا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه كِلَاهُمَا من رِوَايَة فَايِد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي الورقاء عَنهُ وَزَاد ابْن مَاجَه بعد قَوْله يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ ثمَّ يسْأَل من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يقدر وَرَوَاهُ الْحَاكِم بِاخْتِصَار ثمَّ قَالَ أخرجته شَاهدا وفايد مُسْتَقِيم الحَدِيث وَزَاد بعد قَوْله وعزائم مغفرتك والعصمة من كل ذَنْب
(1)
. قَالَ الْحَافِظ فَايِد مَتْرُوك روى عَنهُ الثِّقَات وَقَالَ ابْن عدي مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه.
(1)
أخرجه ابن ماجه (1384)، والترمذي (479)، والحاكم (1/ 320). قال الحاكم: أخرجته شاهدًا، وفائد مستقيم الحديث. وتعقبه الذهبى فقال: قلت: بل متروك. وضعفه الألباني جدًّا ضعيف الترغيب (416) ضعيف الجامع الصغير (5809)، المشكاة (1327).
1020 -
وَرَوَاهُ الْأَصْبَهَانِيّ من حَدِيث أنس رضي الله عنه وَلَفظه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا عَليّ أَلا أعلمك دُعَاء إِذا أَصَابَك غم أَو هم تَدْعُو بِهِ رَبك فيستجاب لَك بِإِذن الله ويفرج عَنْك تَوَضَّأ وصل رَكْعَتَيْنِ وَاحْمَدْ الله وأثن عَلَيْهِ وصل على نبيك واستغفر لنَفسك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ قل اللَّهُمَّ أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين اللَّهُمَّ كاشف الْغم مفرج الْهم مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين إِذا دعوك رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمهما فارحمني فِي حَاجَتي هَذِه بقضائها ونجاحها رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك
(1)
.
قوله: وعن عبد الله بن أبي أوفي الصحابي ابن الصحابي هو: أبو إبراهيم وقيل أبو محمد وقيل: أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفي، واسم أبي أوفي علقمة بن خالد بن الحارث بن أسيد بفتح الهمزة بن رفاعة بن ثعلبة بن هوزان بن اسلم بن قصلي بن حارثة الأسلمي، شهد بيعة الرضوان وخيبر وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اخو زيد بن أبي أوفى لهما صحبة ولم يزل بالمدينة حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تحول إلى الكوفة وهو آخر من بقي من الصحابة بالكوفة روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وسبعون حديثا اتفقا على عشرة وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث، وتوفي بالكوفة سنة ست أو
(1)
أخرجه الأصبهانى في الترغيب (1305). وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (417)، والضعيفة (5287).
سبع أو ثمان والله
(1)
اعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل ركعتين ثم ليثن على الله تعالى وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم".
قوله صلى الله عليه وسلم: "فليتوضأ وليحسن الوضوء وليصل ركعتين" أي يحسن طهارتهما وخشوعهما وآدابهما ثم يأتي بعدهما بآداب الدعاء.
قوله: "ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم " الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم معروفان مشهوران.
قوله: "ثم يدعوا بدعاء الحاجة" الثابت في السنة وهو لا إله إلا الله الحليم الكريم إلى آخره، وفيه:"أسألك بموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك" الموجبات الأمور التي أوجب الله تعالى عليها الجنة أو النار
(2)
والعزائم جمع عزيمة وهي [الخصلة التي يعزمها الرجل؛ أي: يقصدها، من قصد القلب والجد فيه؛ يعني أسألك الخصال التي تحصل مغفرتك لي بسببها
(3)
]، قال النووي
(4)
: قلت: ويستحب أن يدعوا بدعاء الكرب المشهور "اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ففي هذا
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 261).
(2)
غريب الحديث (2/ 454) لابن الجوزى.
(3)
المفاتيح (2/ 304).
(4)
الأذكار (ص 184).
الحديث دلالة على فضل الذكر وأنه سبب الفرج عند الكرب وقيل في هذه الكلمات أنها اسم الله الأعظم وقد اختلف العلماء في اسم الله الأعظم فقال بعضهم أسماء الله كلها عظيمة ولا يجوز أن يكون له اسم يقال له الأعظم، وأكثر العلماء على خلاف ذلك ولا يمتنع أن يعظم الله تعالى بما شاء من أسمائه، فيستحب عند ذكره لمن سأله ويعصي به من طلبه ما طلبه كما ورد في تفضيل بعض القرآن على بعض وكله كلام الله تعالى وعلى ذلك دلت أحاديث كثيرة مذكورة في مواضعها، فإن قلت: هذا ذكر لا دعاء، قلت: إنه ذكر يستفتح به الدعاء بكشف الكربة قال الطبري كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب
(1)
، فإن قيل: كيف يسمي دعاء الكرب وليس فيه من الدعاء شيء وإنما هو تعظيم لله تعالى وثناء عليه، فالجواب: أن هذا يسمي دعاء لوجهين أحدهما: أنه يستفتح به الدعاء ومن بعده يدعي وقد ورد في بعض طرقه ثم يدعوا، وثانيهما: أن ابن عيينة قال: وقد سأل عن هذا أما علمت أن الله تعالى يقول: "من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى"، السائلين، وقال أمية بن أبي الصلت:
إذَا أثْنَى عَلَيْكَ المَرْءُ يَوْمًا
…
كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
(2)
قال القرطبي
(3)
: وهذا كلام حسن وتتميمه أن ذلك إنما كان لنكتتين
(1)
شرح الصحيح (10/ 108) لابن بطال، وإكمال المعلم (8/ 325).
(2)
المصدر السابق (10/ 108 - 109).
(3)
المفهم (7/ 57).
أحدهما كرم المثنى عليه فإنه اكتفى بالثناء عن السؤال لسهولة البذل عليه وللمبالغة في الكرم، وثانيهما أن المثنى لما آثر الثناء الذي هو حق عليه على حق نفسه الذي هو حاجته بودر إلى قضاء حاجته من غير إحواج إلى إظهار مذلة السؤال مجازاة له على ذلك الإيثار قال: ومما جاء منصوصا عليه سمي دعاء وإن لم يكن فيه طلب ما خرجه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم في شيء إلا استجيب له"
(1)
.
فائدة: أمية بن أبي الصلت المذكور في الثناء، اسم أبيه عبد الله كان يتعبد في الجاهلية ويؤمن بالبعث وأدرك الإسلام ولم يسلم وثبت في صحيح مسلم عن الشريد بن سويد قال: ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "معك من شعر ابن أبي الصلت شيء؟ " قلت: نعم، قال:"هيه" فأنشدته بيتا، فقال:"هيه" حتى أنشدته مائة بيت فقال: "لقد كاد يسلم في شعره" أ. هـ قاله الكرماني في شرح البخاري
(2)
، وقال في الحواشي: أمية هذا رجل كان يتطلب الدين وأخبره علماء الكتابين أنه سيظهر نبي في هذا الزمان فما زال يبحث عن صفته ويرجوا أن يكون هو المبعوث فلما أخبروه بسنه قال: قد عمرت هذا السن
(1)
أخرجه الترمذي (3505)، والنسائي في الكبرى (10416). وصححه الألباني في صحيح الكلم الطيب (122/ 79)، المشكاة (2292/ التحقيق الثاني).
(2)
الكواكب الدراري (15/ 70).
فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر به ومات على الكفر. أ. هـ.
تنبيه: الكرب على وزن الضرب هو الحزن والغم الذي يأخذ بالنفس، وجمعه كروب وقد كربه الأمر يكربه كربا إذا اشتد عليه فهو مكروب والاسم الكربة والجمع كرب وقد اكترب لذلك اغتم
(1)
، وفي كتاب ابن السني عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة عند الكرب أغاثه الله عز وجل"
(2)
.
قوله: ورواه الأصبهاني من حديث أنس ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا علي، ألا أعملك دعاء إذا أصابك هم أو غم تدعو به ربك" الحديث وفي رواية لمسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال ذلك"
(3)
يعني الحديث الذي رواه ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب لا إله إلا الله الحليم الكريم" الحديث، ومعنى "حزبه" نزل به أمر مهم أو أصابه غم، وروي ابن السني عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، ألا أعلمك كللمات إذا وقعت في ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء"
(4)
الورطة: بفتح الواو وإسكاء الراء هي الهلاك.
(1)
لسان العرب (1/ 711).
(2)
عمل اليوم والليلة (344).
(3)
أخرجه (2730) م.
(4)
عمل اليوم والليلة (336).
تنبيه: قوله "الحليم الكريم" الحلم هو الطمأنينة عند الغضب وحيث يطلق على الله تعالى يراد لازمه وهما تأخير العقوبة
(1)
، والكريم من أسماء الله الحسنى وهو الجامع لأنواع الخير والشرف المعطى الذي لا ينفد عطاؤه
(2)
وفي الحديث أن الله كريم يحب مكارم الأخلاق ووصف العرش بالعظمة هو من جهة الكمية وبالكريم أي الحسن من جهة الكيفية فهو ممدوح ذاتا وصفة
(3)
وخصص بالذكر لأنه أعظم أجسام العالم فيدخل الجميع تحته دخول الأدنى تحت الأعلى
(4)
ولفظ الرب من بين سائر الأسماء ليناسب كشف الكروب الذي هو مقتضى التربية، ولفظ الحليم لأن كرب المؤمن غالبا إنما يكون على نوع تقصير في الطاعات أو غفلة في الحالات ليشعر برجاء العفو المقابل للخوف وفيه التوحيد الذي هو أصل التنزيهات المسماة بالأوصاف الجلالية وفيه العظمة التي تدل على القدرة إذا العاجز لا يكون عظيمًا، والحلم الذي يدل على العلم إذ الجاهل لا يتصور منه الحلم عنه وهما أصل الصفات الوجودية الحقيقية المسماة بالأوصاف الإكرامية وعند ذكر الله تعالى بها تطمئن القلوب وهذا الذكر من جوامع كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
(1)
الكواكب الدراري (25/ 134).
(2)
النهاية (4/ 166).
(3)
الكواكب الدراري (25/ 134).
(4)
تفسير القرطبى (8/ 302 - 303)، والكواكب الدراري (22/ 149)، واللامع الصبيح (15/ 382).
(5)
الكواكب الدراري (22/ 179).
فائدة فيها دعاء: يدعى به للفرج في تاريخ ابن النجار في ترجمة محمد بن عمر الحنبلي عن أنس رضي الله عنه: قال: كنت جالسا عند عائشة رضي الله عنها أبشرها بالبراءة فقالت: واللّه لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني الهرة وما عرض عليّ طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة فرأيت في منامي فتى وقال لي: ما لك؟ قلت: حزنت مما ذكر الناس فقال: ادع بهذه يفرج عنك، قلت: وما هي؟ قال: قولي: يا سابغ النعم ويا فارج الغمم ويا كاشف الظلم ويا أعدل من حكم ويا حسيب كم ظلم ويا ولي من ظُلِم ويا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية ويا من له اسم بلا كنية اجعل من أمري درجا ومخرجا قالت: فانتبهت وأنا ريانة شبعانة وقد أنزل الله فرجي، أ. هـ قاله في حياة الحيوان
(1)
.
1021 -
وَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة تصليهن من ليل أَو نَهَار وتتشهد بَين كل رَكْعَتَيْنِ فَإِذا تشهدت فِي آخر صَلَاتك فأثن على الله عز وجل وصل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم واقرأ وَأَنت ساجد فَاتِحَة الْكتاب سبع مَرَّات وَآيَة الْكُرْسِيّ سبع مَرَّات وَقل لا إِلَه إِلَا الله لا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر مَرَّات ثمَّ قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بمعاقد الْعِزّ من عرشك ومنتهى الرَّحْمَة من كتابك واسمك الأعْظَم وَجدك الأعْلَى وكلماتك التَّامَّة ثمَّ سل حَاجَتك ثمَّ ارْفَعْ رَأسك ثمَّ سلم يَمِينا وَشمَالًا وَلَا تعلموها السُّفَهَاء فَإِنَّهُم يدعونَ بهَا فيستجابون رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ قَالَ أَحْمد بن حَرْب قد جربته فَوَجَدته حَقًا وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عَليّ الدبيلي قد جربته فَوَجَدته حَقًا وَقَالَ الْحَاكِم قَالَ لنا أَبُو زَكرِيَّا قد جربته فَوَجَدته حَقًا قَالَ
(1)
حياة الحيوان (2/ 521).
الْحَاكِم قد جربته فَوَجَدته حَقًا تفرد بِهِ عَامر بن خِدَاش وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون
(1)
انْتهى. قَالَ الْحَافِظ أما عَامر بن خِدَاش هَذَا هُوَ النَّيْسَابُورِي.
قَالَ شَيخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحسن كَانَ صَاحب مَنَاكير وَقد تفرد بِهِ عَن عمر بن هَارُون الْبَلْخِي وَهُوَ مَتْرُوك مُتَّهم أثنى عَلَيْهِ ابْن مهْدي وَحده فِيمَا أعلم والاعتماد فِي مثل هَذَا على التجربة لَا على الإِسْنَاد
(2)
وَالله أعلم.
قوله: عن ابن مسعود، تقدم الكلام على مناقبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "اثنتى عشرة ركعة تصليهم من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأمن على الله تعالى وصل على النبي
(1)
أخرجه الحاكم في المائة ومن طريقه الأصبهانى في الترغيب (2021) والديلمى في الغرائب الملتقطة (566)، والبيهقي في الدعوات (443). وقال الألباني: موضوع ضعيف الترغيب (418).
(2)
قال الشوكانى في تحفة الذاكرين (ص 140) معقبا: السنة لا تثبت بمجرد التجربة، ولا يخرج بها الفاعل للشيء معتقدًا أنه سنة عن كونه مبتدعًا؛ وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنة، وهو أرحم الراحمين، وقد تكون الاستجابة استدراجًا، ومع هذا ففي هذا الذي يقال: إنه حديث؟ مخالفة للسنة المطهرة، فقد ثبت في السنة ثبوتًا لا شكَّ فيه النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، فهذا من أعظم الدلائل على كون هذا المروي موضوعًا، ولا سيما وفي إسناده عمر بن هارون بن يزيد الثقفي البلخي المذكور، فإنه من المتروكين المتهمين، وإن كان حافظًا، ولعل ثناء ابن مهدي عليه من جهة حفظه، وكذا تلميذه عامر بن خداش، فلعل هذا من مناكيره التي صار يرويها. والعجب من اعتماد مثل الحاكم والبيهقي والواحدي ومن بعدهم على التجريب في أمر يعلمون جميعًا أنه يشتمل على خلاف السنة المطهرة، وعلى الوقوع في مناهيها.
- صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب وآية الكرسي سبع مرات" الحديث، قال العلماء: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود وتقدم ذلك في الصلاة، وقال الإمام أبو الفرج بن الجوزي: هذا حديث موضوع
(1)
والله أعلم.
قوله: "ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك "إلى آخره، معناه: أسألك بالخصال التي استحق بها العرش العز أو مواضع انعقادها منه، وحقيقة معناه بعز عرشك وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ في الدعاء، أ. هـ، قاله في النهاية.
قوله: وقال إبراهيم بن علي الدبيلي قد جربته فوجدته حقا؛ الدبيلي بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها اللام هذه النسبة على دبيل وهي قرية من قرى الرملة، قال الحافظ رحمه الله بعد قول الحاكم عن العلماء أنهم جربوه فوجدوه حقا، قال: والاعتماد في مثل هذا علي التجربة لا على الإسناد والله أعلم.
فائدة: قال مؤلفه عفا الله عنه: قد ورد في صلاة الحاجة أحاديث متعددة منها ما ذكره الحافظ في ترغيبه في حديث ابن مسعود المتقدم ومنها ما رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بإسناد ضعيف عن ابن مسعود، وبه جزم في الإحياء فقال
(2)
: أو ضاق عليه الأمر ومست حاجته في صلاح دينه ودنياه على
(1)
الموضوعات (2/ 142).
(2)
الإحياء (1/ 206 - 207).
أمر تعذر عليه فليصل هذه الصلاة، فقد روى عن وهيب بن الورد أنه قال: من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد اثنتى عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم القرآن وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خر ساجدا ثم قال: سبحان الذي لبس العز، وقال به، سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه سبحان الذي لا ينبغي التسبيح والحمد إلا له سبحان ذي المن والفضل سبحان ذي العز والكرم سبحان ذي الطولى، أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد ثم تسأل حاجتك التي لا معصية فيها إن شاء الله تعالى، قال وهيب: وبلغنا أنه كان يقول: لا تعلموه سفهاءكم فيتعاونون به على معصية الله، قال ابن جريج: أما أنا إذا أردت أن أسجد قرأت اقرأ باسم ربك ثم أسجد، ومنها: ما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له حاجة إلى الله تعالى فليسبغ الوضوء وليصل ركعتين يقرأ في الأولى الفاتحة وآية الكرسي وآمن الرسول إلى آخر السورة ويتشهد ويسلم ويدعوا بهذا الدعاء اللهم يا مؤنس كل وحيد يا صاحب كل فريد يا قريبا غير بعيد يا غالب غير مغلوب يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا بديع السموات والأرض أسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الحي القيوم الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملأت عظمته السموات والأرض وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأبصار وجلت
القلوب من خشيته أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وتجعل لي من أمري فرجا ومخرجا فإن الله تعالى يقضي حاجته ويجعل له من أمره فرجا ومخرجا"
(1)
ومنها ما روى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له حاجة فيلصل يوم الجمعة أربع ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سبح اسم ربك الأعلى مرة ثم يقرأ الإخلاص خمسا وعشرين مرة، وفي الركعة الثانية الفاتحة مرة وإذا زلزلت مرة والإخلاص خمسا وعشرين مرة وفي الثالثة الفاتحة مرة وألهاكم التكاثر مرة والإخلاص خمسا وعشرين مرة وفي الرابعة بعد الفاتحة إذا جاء نصر الله والفتح ثم الإخلاص خمسا وعشرين مرة فإذا فرغ من صلاته رفع يديه إلى السماء وذكر حاجته فتقضى"
(2)
، ومنها ما روى عن عمر بن عبد العزيز عن أبيه أنه قال: بلغني أنه من صلى اثنتي عشرة ركعة يتشهد في كل ركعتين ثم يجلس يتشهد ثم قرأ الفاتحة سبع مرات وآية الكرسي سبعا والإخلاص سبعا وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات ثم سجد فقال وهو ساجد اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك إلى آخره استجيب له، ومنها ما رواه الطبراني في معجمه الكبير عن عبد الله بن عمرو قال: من كانت له حاجة إلى الله فليصم الأربعاء والخميس والجمعة فإذا كان يوم الجمعة تطهر وراح إلى
(1)
معجم ابن عساكر (245)، والسيوطى في اللآلى (2/ 42). قال ابن عساكر: هذا حديث لم أكتبه إلا من هذا الوجه، وإسناده إسناد واه.
(2)
لم أعثر عليه.
المسجد فتصدق بصدقة قلت أو كثرت فإذا صلى الجمعة قال: اللهم إني أسألك باسم لسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم الذي ملأت عظمته السموات والأرض وأسألك باسمك بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلا هو الذي عنت له الوجوه وخشعت له الأصوات ووجلمت له القلوب من خشيته أن تصلي على محمد وعلى آل محمد
(1)
، أ. هـ قاله في الديباجة.
1022 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَاءَنِي جِبْرِيل عليه السلام بدعوات فَقَالَ إِذا نزل بك أَمر من أَمر دنياك فقدمهن ثمَّ سل حَاجَتك يَا بديع السَّمَوَات وَالأرْض يَا ذَا الْجلَال وَالإِكْرَام يَا صريخ المستصرخين يَا غياث المستغيثين يَا كاشف السوء يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ يَا مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين يَا إِلَه الْعَالمين بك أنزل حَاجَتي وَأَنت أعلم بهَا فاقضها رَوَاهُ الأصْبَهَانِيّ وَفِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش
(2)
وَله شَوَاهِد كَثِيرَة
(3)
.
(1)
أخرجه ابن السماك في فوائده (25)، والأصبهانى في الترغيب (1267). وذكره السيوطى في اللآلى (2/ 41).
(2)
هذا وهم وإنما هو أبو بكر بن عياش.
(3)
أخرجه الأصبهانى في الترغيب (1307). وقال الألباني: موضوع الضعيفة (5298)، وضعيف الترغيب (419).