الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الذكر والدعاء
الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرا وجهرا
والمداومة عليه وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى.
2286 -
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول الله أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِن ذَكرنِي فِي ملإ ذكرته فِي ملإ خير مِنْهُم وَإِن تقرب إِلَيّ شبْرًا تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت إِلَيْهِ باعا وَإِن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه
(1)
.
وَرَوَاهُ أَحْمد بِنَحْوِهِ، بِإِسْنَاد صَحِيح وَزَاد فِي آخِره قَالَ قَتَادَة وَالله أسْرع بالمغفرة
(2)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم "يقول الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني" الحديث، والظن هو الاعتقاد الراجح والظن في الحديث يصح إجراءه على ظاهره ولكون المعنى أنا عند ظن عبدي بي أعامله على حسب ظنه وأفعل به
(1)
البخاري (7405)، ومسلم (2675)، والترمذي (3603)، والنسائي (7730)، وابن ماجه (3822)، وأحمد (7422)، وابن حبان (811).
(2)
أحمد (12405)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 78)، رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
ما يتوقع مني والمراد هو الحث على تغلب الرجاء على الخوف وحسن الظن باللّه كما قال صلى الله عليه وسلم "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن باللّه تعالى" والمعنى أن عند يقينه بي في الاعتماد عليه والاستيثاق بوعده والرهبة من وعيدة والرغبة فيمتا عنده وعلمه بأن مصيره إلى وحسابه علي وأن ما قضيته له من خير وشر فلا مرد له لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت أي إذا تمكن العبد في مقام التوحيد ورسخ في الإيمان والوثوق بالله تعالى قرب منه ورفع دونه الحجاب بحيث إذا دعاه أجاب وإذا سأله استجاب اهـ. ذكره البيضاوي في شرح المصابيح
(1)
.
وقال القاضي عياض رحمه الله
(2)
: قوله "أنا عند ظن عبدي بي" الحديث قيل معناه بالغفران إذا استغفر والقبول إذا تاب والإجابة إذا دعا والكفاية إذا طلب الكفاية وقيل المراد به الرجاء وتأميل العفو وهذا أصح. انتهى.
فائدة: سئل نصير عن معنى هذا الحديث قال إذا أحسن الظن بالله تعالى أنه غفور رحيم فإن الله لا يخلف ظنه قال الفقيه السمرقندي هذا إذا كانت أفعاله موافقة لظنه وأما إذا كان مصرا على الذنوب ولا يتوب فهو متمني وقد قال الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى}
(3)
(4)
اهـ.
(1)
تحفة الأبرار (2/ 13 - 14).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 172).
(3)
سورة النجم، الآية:24.
(4)
فتاوى النوازل (لوحة 265/ خ 2414).
قوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى وأنا معه إذا ذكرني، قال القاضي عياض
(1)
وأنا معه إذا ذكرني أي معه بالرحمة والتوفيق والرعاية والهداية والإعانة وأما قوله تعالى {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}
(2)
فمعناه بالعلم والإحاطة.
قوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: فإن ذكرني في نفسه" أي سرا وخفية إخلاصا وتجنبا من الرياء
(3)
.
"ذكرته في نفسي" أسر قبوله على منوال عمله وأتولى بنفسي إثابته لا أكله إلى أحد من خلق كذا قاله البيضاوي
(4)
.
قوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا" هذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره قال في النهاية
(5)
: المراد بقرب العبد من الله تعالى القرب بالذكر والعمل الصالح، لا قرب الذات والمكان؛ لأن ذلك من صفات الأجسام. والله يتعالى عن ذلك ويتقدس والمراد بقرب الله من العبد قرب نعمه وألطافه منه، وبره وإحسانه إليه، وترادف مننه عنده، وفيض مواهبه عليه.
وقال الخطابي رحمه الله
(6)
: هذا مثل ومعناه حسن القبول ومضاعفة
(1)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 172).
(2)
سورة الحديد، الآية:4.
(3)
تحفة الأبرار (2/ 14).
(4)
تحفة الأبرار (2/ 14).
(5)
النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 32).
(6)
معالم السنن (3/ 305)، أعلام الحديث (4/ 2358).
الثواب على قدر العمل الذي يتقرب به العبد إلى ربه حتى يكون ذلك ممثلا بفعل من أقبل نحو صاحبه قدر شبر فاستقبله صاحبه ذراعا وكمن مشى إليه فهرول إليه صاحبه له وزيادة في الكرامة اهـ.
وقال العراقي في شرح الأحكام
(1)
: من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة وإن زاد زدت فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود.
وقال القاضي عياض
(2)
: قيل يجوز أن يكون معنى من تقرب إلي شبرا أي بالقصد والنية قربته توفيقا وتيسيرا ذراعا، وإن تقرب إلي بالعزم والاجتهاد ذراعا قربته بالهداية والرعاية باعا، وإن أتاني معرضا عمن سواي مقبلا إلي أدنيته وحلت بينه وبين كل قاطع وسبقت به كل صانع، وهو معنى الهرولة والهرولة الإسراع في الشيء وهو التوسط بين العدو والمشي هذا حقيقة اللفظ والباع والبوع بفتح العين وضمها بمعنى، وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره قال البازي وهو قد أربعة والمراد، بها في هذا الحديث المجاز.
قوله: رواه البخاري
(3)
: البخاري رحمه الله هو الإمام المحدث الكبير
(1)
طرح التثريب (8/ 235).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 172).
(3)
سبق تخريجه.
وصاحب الصحيح أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة بباء موحدة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مهملة مكسورة ثم زاي ساكنة ثم بموحدة كذا قيده الأمير أبو نصر بن ماكولا وقال: هو بالبخارية ومعناه بالعربية الزراع واتفقوا على أن البخاري ولد بعد صلاة الجمة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة وأنه توفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة عيد الفطر ودفن يوم الفطر بعد الظهر سنة ست وخمسين ومائتين ودفن بخرتنك قرية على فرسخين من سمرقند
(1)
، قال النووي
(2)
: روينا عن أبي عبد الله محمد بن يوسف الفربري قال رأيت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل - يعني في المنام - خلف النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يمشي، فكلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم قدمه وضع أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قدمه في ذلك الموضع.
قال النووي
(3)
: وروينا عن الفربري يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي: أين تريد؟ فقلت أريد: محمد بن إسماعيل البخاري، فقال: أقرئه مني السلام.
وعن محمذ بن حمدويه قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح
(4)
، قال
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 67 - 68).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 68).
(3)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 68).
(4)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 68).
النووي
(1)
: وروينا عن الفربري قال: سمع الصحيح من البخاري تسعون ألف رجل فما بقي أحد يرويه غيري، وقد روى عنه خلائق غير ذلك أما اسمه فسماه مؤلفه البخاري الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم سننه وأيامه، وأما محله فقال العلماء: هو أول مصنف صنف في الصحيح المجرد واتفق العلماء على أن أصح الكتب المصنفة صحيحا البخاري ومسلم واتفق الجمهور على أن صحيح البخاري أصحهما صحيحا وأكثرهما فوائد.
وقال الحافظ النيسابوري وبعض علماء المغرب: صحيح مسلم أصح وأنكر العلماء عليهم ذلك والصحيح ترجيح صحيح البخاري وأجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين وجواز العمل بأحاديثهما، وأما سبب تصنيفه وكيفية تأليفه فروينا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال: قال البخاري: قال: كنت عند إسحاق بن راهويه فقال بعض أصحابنا لو جمعتم كتابًا مختصرًا لسنن النبي فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب
(2)
.
وروينا من جهات عن البخاري رحمه الله قال: صنفت كتاب الصحيح لست عشرة سنة خرجته من ستمائه ألف حديث وجعلته حجة فيما بيني وبين الله عز وجل
(3)
.
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 73).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 73 - 74).
(3)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 74).
وروينا عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كأني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه فسألت بعض المعبرين فقالوا أنت تذب عنه الكذب، فهذا الذي حملني على إخراج الصحيح
(1)
.
وروينا عن الفربري: قال: قال البخاري: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين
(2)
.
ويبلغني عن الشيخ أبي زيد المروزي من أصحابنا وهو أجل من روى صحيح البخاري عن الفربري قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: إلى متى تدرس الفقه ولا تدرس كتابي؟ قلت وما كتابك يا رسول الله قال جامع محمد بن إسماعيل البخاري أو كما قال
(3)
اهـ.
ذكر أبو الحسين الفراء في الطبقات أن البخاري ذهبت عينه صبيا فرأى في منامه إبراهيم الخليل فبرك له عليها أو دعا له فعادت فأرى أن قراءة الناس البخاري لتفريج الكرب مأخوذ من هذا لأن مصنفه فرجت كربته ذكره الطوفي
(4)
.
تنبيه: قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتاب المدخل إلى معرفة المستدرك
(5)
: عدد من أخرج لهم البخاري في الجامع الصحيح ولم
(1)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 74).
(2)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 74).
(3)
تهذيب الأسماء واللغات (1/ 75).
(4)
التعيين (ص 25 - 26).
(5)
شرح النووي على مسلم (1/ 16).
يحتج بهم مسلم أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا وعدد من احتج بهم مسلم في المسند الصحيح ولم يحتج بهم البخاري في جامعه ستمائة وعشرون شيخا ذكره في التنقيح
(1)
.
2287 -
وَعَن معَاذ بن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الله جلّ ذكره لا يذكرنِي عبد فِي نَفسه إِلَا ذكرته فِي ملإ من ملائكتي وَلا يذكروني فِي ملإ إِلَّا ذكرته فِي الملا الْأَعْلَى رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَاد حسن
(2)
.
قوله: وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه، تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله جل ذكره لا يذكرني عبد في نفسه إلا ذكرته في ملإ من ملائكتي" تقدم الكلام على ذلك في الحديث قبله والملأ الجماعة.
وقوله "ولا يذكروني في ملإ إلا ذكرته في الملأ الأعلى" الحديث الملأ الأعلى الملائكة المقربون.
2288 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ الله تبارك وتعالى يَا ابْن آدم إِذا ذَكرتني خَالِيا ذكرتك خَالِيا وَإِذا ذَكرتني فِي ملإ ذكرتك فِي ملإ خير من الَّذين تذكرني فيهم رَوَاهُ الْبَزَّار بِإِسْنَاد صَحِيح
(3)
.
(1)
كشف المناهج (1/ 55).
(2)
الطبراني في المعجم الكبير (391)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 78)، وإسناده حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4335).
(3)
البزار (3065)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 78)، ورجاله رجال الصحيح، غير بشر بن معاذ العقدي، وهو ثقة.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم ذكره ومعنى الحديث أيضًا.
2289 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله عز وجل يَقُول أَنا مَعَ عَبدِي إِذا هُوَ ذَكرنِي وتحركت بِي شفتاه رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(1)
.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، والكلام على الحديث أيضًا.
2290 -
وَعَن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن شرائع الإِسْلَام قد كثرت فَأَخْبرنِي بِشَيْء أتشبث بِهِ قَالَ لا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(2)
. أتشبث بِهِ أَي أتعلق.
قوله: وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه تقدم ذكره.
قوله: أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت فأخبرني بشيء أتشبث به، أي: أتعلق به، قال المنذري، وقال غيره: أتشبث بتاء مثناة فوق ثم شين معجمة ثم باء موحدة مفتوحات ثم ثاء مثلثة ومعانه أتعلق به واستمسك.
(1)
ابن ماجه (3792)، وابن حبان (815)، وأحمد (10968)، والبخاري في خلق أفعال العباد (436)، والحاكم (1/ 496)، قال البوصيري في الزوائد (3/ 188)، هذا إسناد حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1906).
(2)
الترمذي (3375)، وابن ماجه (3793)، وابن حبان (814)، والحاكم (1/ 495)، وأحمد (17698)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 51)، والطبراني في الدعاء (1854)، والبيهقي في شعب الإيمان (515)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7700).
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله" قال العلماء
(1)
: والذكر في القرآن على عشرة أوجه أحدها الأمر به نحو {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}
(2)
و {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ}
(3)
الآية.
الثاني: النهي عن ضده من الغفلة والنسيان كقوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}
(4)
و {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ}
(5)
الآية.
الثالث: تعليق الفلاح بالإكثار منه نحو {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
(6)
.
الرابع: الثناء على أهله وحسن جزائهم كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}
(7)
إلى قوله: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}
(8)
الآية.
الخامس: خسران من لهى عنه لقوله تعالى: {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}
(9)
الآية.
(1)
مدارج السالكين (2/ 396 - 399).
(2)
سورة الأحزاب، الآية:41.
(3)
سورة الأعراف، الآية:205.
(4)
سورة الأعراف، الآية:205.
(5)
سورة الحشر، الآية:19.
(6)
سورة الجمعة، الآية:10.
(7)
سورة الأحزاب، الآية:35.
(8)
سورة الأحزاب، الآية:35.
(9)
سورة المنافقون، الآية:9.
السادس: أنه سبحانه جعل ذكره لهم جزاء لذكرهم له نحو قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}
(1)
.
تنبيه: قال بعض العلماء خاطب الله هذه الأمة بقوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} فأمرهم أن يذكروه بغير واسطة وخاطب بني إسرائيل بقوله {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}
(2)
لأنهم لم يعرفوا الله إلا باية فأمرهم أن يتصوروا النعم ليصلوا بها إلى ذكر المنعم
(3)
.
السابع: الإخبار بأنه أكبر من كل شيء نحو {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} إلى قوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}
(4)
وفيها أربعة أقوال أحدها: أن الله أكبر من كل شيء فهو أفضل الطاعات لأن المقصود بالطاعات كلها إقامة ذكره فهو سر الطاعات وروحها، الثاني: أن المعنى أنكم إذا ذكرتموه ذكركم فكان ذكره لكم أكبر من ذكركم له فعلى هذا المقصود مضاف إلى الفاعل وعلى الأول مضاف مضاف إلى المذكور.
الثالث: أن المعنى ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه فاحشة ومنكر بل إذ تم الذكر محق كل معصية وكل خطيئة هذا ما كذره المفسرون وقال الشيخ أبو العباس بن تيمية معنى الآية فائدتين عظيمتين أحدهما نهيها عن الفحشاء
(1)
سورة البقرة، الآية:152.
(2)
سورة البقرة، الآية:40.
(3)
النجم الوهاج (2/ 183).
(4)
سورة العنكبوت، الآية:45.
والمنكر، والثاني: اشتمالها على ذكر الله وتضمنها له ولما تضمنته من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر
(1)
.
الثامن: ختم الأعمال الصالحة به كما ختم به عمل الصائم نحو {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}
(2)
وختم به الحج نحو {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ}
(3)
الآية، وختم به الصلاة نحوها {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}
(4)
وختم به الجمعة نحو {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}
(5)
الآية، ولهذا كان خاتمة الحياة الدنيا وآخر كلام العبد إذا أدخل الجنة
(6)
.
التاسع: اختصاص الذاكرين بالانتفاع بآية وهم أولوا الألباب والعقول لقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}
(7)
وقوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}
(8)
الآية
(9)
.
(1)
مدارج السالكين (2/ 398).
(2)
سورة البقرة، الآية:185.
(3)
سورة البقرة، الآية:200.
(4)
سورة النساء، الآية:103.
(5)
سورة الجمعة، الآية:10.
(6)
مدارج السالكين (2/ 398 - 399).
(7)
سورة آل عمران، الآية:190.
(8)
سورة البقرة، الآية:269.
(9)
مدارج السالكين (2/ 399).
العاشر: أنه تعالى قرنه بجميع الأعمال وجعله روحها
(1)
.
تنبيه: أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد، والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك ولكن قراءة القرآن حرام على الجنب والحائض والنفساء سواء قرأ قليلا أو كثيرًا حتى بعض آية، ويجوز لهم إجراء القرآن على القلب من غير تلفظ وكذا النظر في المصحف وإمراره على القلب، قال أصحابنا: ويجوز للجنب والحائض أن يقولا عند المصيبة {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
(2)
، وعند ركوب الدابة {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا}
(3)
الآية، وعند الدعاء {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً}
(4)
الآية، ولهما أن يقولا باسم الله والحمد للّه إذا لم يقصد بذلك القرآن وإذا لم يجد الماء تيمما وجاز لهما القراية فإن أحدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة كما لو اغتسل ثم أحدث أما إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فإنه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله وتحرم عليه القراءة خارج الصلاة ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على الفاتحة، وهل تحرم الفاتحة فيه وجهان أصحهما أنها لا تحرم بل تجب فإن الصلاة لا
(1)
مدارج السالكين (2/ 399).
(2)
سورة البقرة، الآية:156.
(3)
سورة الزخرف، الآية:13.
(4)
سورة البقرة، الآية:201.
تصح إلا بها وكما جازت الصلاة للضرورة تجوز القراءة والثاني تحرم بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها من لا يحسن شيئا من القرآن واللّه تعالى اعلم ذكره النووي
(1)
.
ومن خصائص الذكر انه غير مؤقت فما من وقت من الأوقات إلا والعبد مأمور فيه بذكر الله إما فرضا وإما ندبا والصلاة وإن كانت أشرف العبادات فقد لا تجوز في بعض الأوقات والذكر بالقلب مستدام في عموم الحالات قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}
(2)
(3)
وروي ابن السني عن عائشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أذيبوا طعامكم بذكر الله تعالى والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم"
(4)
أ. هـ.
تنبيه: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود إليه بعد زوالها منها إذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر، ومنها: إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، ومنها: إذا سمع الخطيب، ومنها: إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان وإقامة ثم عاد إلى الذكر، ومنها: إذا رأى منكرا أزاله أو معروفا أرشد إليه أو مسترشدا أجابه ثم عاد إلى الذكر
(1)
الأذكار (ص 11 - 12).
(2)
سورة آل عمران، الآية:191.
(3)
الرسالة (2/ 376).
(4)
أخرجه المروزي في مختصر قيام الليل (ص 59)، والطبراني في الأوسط (5/ 163 - 164 رقم 4952)، وابن السنى (488). قال الهيثمي في المجمع 5/ 30: رواه الطبراني في الأوسط وفيه بزيع أبو الخليل، وهو ضعيف. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (115).
ومنها إذا غلبه النعاس أو نحوه وما أشبه هذا كله
(1)
.
2291 -
وَعَن مَالك بن يخَامر أَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه: قَالَ لَهُم إِن آخر كَلام فَارَقت عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن قلت أَي الأعْمَال أحب إِلَى الله قَالَ أَن تَمُوت وَلسَانك رطب من ذكر الله رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانيُّ وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَزَّار إِلَّا أَنه قَالَ أَخْبرنِي بِأَفْضَل الأعْمَال وأقربها إِلَى الله وَابْن حبَان فِي صَحِيحه
(2)
.
قوله: وعن مالك بن يخامر [هو مالك بن يخامر بضم الياء تحتها نقطتان، وتخفيف الخاء المعجمة، وكسر الميم، وبالراء، ذكره ابن مندة في الصحابة وقال: إنه لا يثبت له صحبة، له ذكر في فضل الأمة في حديث معاوية بن أبي سفيان. وقال ابن عبد البر: يقال مالك ابن أخامر. ويقال: أخيمر، وهو الصحيح، روى عنه أبو رزين الباهلي مرفوعا قال: ويقال: إن حديثه مرسل لأنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، توفي أيام عبد الملك بن مروان].
قوله: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه: قال لهم إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت أي الأعمال أحب إلى الله قال: "أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله" تقدم الكلام على معاذ بن جبل أو على معنى الحديث.
(1)
الأذكار (ص 13).
(2)
الطبراني في الكبير (20/ رقم 208)، وفي الدعاء (1852)، والبزار (3059)، وابن حبان (818)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (2)، والبخاري في خلق أفعال العباد (281)، والبيهقي في شعب الإيمان (516)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، رواه الطبراني بأسانيد وفي هذه الطريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن، ضعفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله ثقات، ورواه البزار من غير طريقه وإسناده حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (165).
2292 -
وَعَن أبي الْمخَارِق رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَرَرت لَيْلَة أسرِي بِي بِرَجُل مغيب فِي نور الْعَرْش قلت من هَذَا أَهَذا ملك قيل لا قلت نَبِي قيل لا قلت من هُوَ قَالَ هَذَا رجل كَانَ فِي الدُّنْيَا لِسَانه رطب من ذكر الله وَقَلبه مُعَلّق بالمساجد وَلم يستسب لوَالِديهِ رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا هَكَذَا مُرْسلا
(1)
.
2293 -
وَعَن سَالم بن أبي الْجَعْد رضي الله عنه قَالَ قيل لأبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه إِن رجلا أعتق مائَة نسمَة قَالَ إِن مائَة نسمَة من مَال رجل لكثير وَأفضل من ذَلِك إِيمَان ملزوم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأَن لا يزَال لِسَان أحدكُم رطبا من ذكر الله رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا مَوْقُوفا بِإِسْنَاد حسن
(2)
.
قوله: وعن سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله: قيل لأبي الدرداء رضي الله عنه إن رجلا أعتق مائة نسمة قال إن مائة نسمة من مال رجل لكثير، فذكره، تقدم الكلام أيضا على أبي الدرداء وعلى معنى الحديث.
قوله: "ولم يستسب لوالديه" معناه ولم يسب أحدا فيسب والديه.
2294 -
وَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أنبئكم بخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَخير لكم من أَن تلقوا عَدوكُمْ فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا بلَى قَالَ ذكر الله قَالَ معَاذ بن جبل مَا شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر
(1)
ابن أبي الدنيا في الأولياء (95).
(2)
أبو نعيم في الحلية (1/ 219)، والبيهقي في شعب الإيمان (627).
الله رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكم وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد
(1)
.
وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا من حَدِيت معَاذ بِإِسْنَاد جيد إِلَّا أَن فِيهِ انْقِطَاعًا
(2)
.
قوله: وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، تقدم ذكره ومعنى الحديث.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير من إنفاق الذهب والورق" الحديث، قال أبو عيسى: وقد روي بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مثل هذا بهذا الاسناد، وروى بعضهم عنه فأرسله ورواه مالك واحمد والحاكم وصححه، ومثل هذا لا يقوله أبو الدرداء من رأيه فإنه لا يتوصل إليه بالرأى ولا يقوله إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره أنه سكت عن رفعه للعلم بذلك عند من حدثه به
(3)
والله أعلم قاله في الديباجة
(4)
.
2295 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يَقُول إِن لكل شَيْء صقالة وَإِن صقالة الْقُلُوب ذكر الله وَمَا من شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا وَلا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَو أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع
(1)
أحمد (21702)، والترمذي (3377)، وابن ماجه (3790)، والحاكم (1/ 496)، والبيهقي في الشعب (519)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2629).
(2)
أحمد (22079).
(3)
المفهم (22/ 81).
(4)
كتاب الديباجة في شرح سنن ابن ماجه، لا يزال مخطوطًا كما سبق الإشارة إلى هذا.
رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة سعيد بن سِنَان وَاللَّفْظ لَهُ
(1)
.
2296 -
وَرُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَي الْعباد أفضل دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الذاكرون الله كثيرا قَالَ قلت يَا رَسُول الله وَمن الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ لَو ضرب بِسَيْفِهِ فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين حَتَّى ينكسر ويختصب دَمًا لَكَانَ الذاكرون الله كثيرا أفضل مِنْهُ دَرَجَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث غَرِيب
(2)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل شيء صقالة وإن صقالة القلوب ذكر الله" الصقالة بالصاد هي الإنجلاء.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مُخْتَصرا قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي النَّاس أعظم دَرَجَة قَالَ الذاكرون الله
(3)
.
قوله: رواه البيهقي من رواية سعيد بن سنان [سعيد بن سنان الشامي، أبو مهدي الحنفي، ويقال: الكندي، الحمصي روى عن: ثعلبة بن مسلم الخثعمي، وأبي الزاهرية حدير بن كريب، وغيرهما، روى عنه: بشر بن بكر التنيسي، وبقية بن الوليد، وأبو اليمان وغيرهم، وقال إبراهيم بن يعقوب
(1)
البيهقي في شعب الإيمان (522)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1932).
(2)
الترمذي (3376)، وأحمد (11720)، وأبو يعلى (1401)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (669).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (589).
الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، لا تشبه أحاديث الناس، وكان أبو اليمان يثني عليه في فضله وعبادته، وقال: كنا نستمطر به، فنظرت في أحاديثه، فإذا أحاديثه معضلة، فأخبرت أبا اليمان بذلك، فقال: أما إن يحيى بن معين لم يكتب منها شيئا. فلما رجعنا إلى العراق ذكرت ليحيى بن معين وقلت: ما منعك أن تكتبها؟ قال: من يكتب تلك الأحاديث؟ لعلك كتبتها يا أبا إسحاق؟ قال: قلت: كتبت منها شيئا يسيرا لأعتبر به. قال: تلك لا يعتبر بها، هي بواطيل، وأجمعوا على ضعفه
(1)
].
2297 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده وبخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ وَجبن عَن الْعَدو أَن يجاهده فليكثر ذكر الله رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالْبَزَّار وَاللَّفْظ لَهُ وَفِي سَنَده أَبُو يحيى القَتَّات وبقيته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه أَيْضا
(2)
.
2298 -
وَعَن جَابر رضي الله عنه رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا عمل آدَمِيّ عملا أنجى لَهُ من الْعَذَاب من ذكر الله تَعَالَى قيل وَلا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الصَّغِير
(1)
تهذيب الكمال (10/ الترجمة 2295).
(2)
الطبراني في الكبير (11121)، والبزار (3058)، والبيهقي في شعب الإيمان (508)، وابن شاهين في الترغيب (156)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، رواه البزار والطبراني، وفيه أبو يحيى القتات، قد وثق، وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (8444)، لين الحديث.
والأوسط ورجالهما رجال الصَّحِيح
(1)
.
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "من عجز منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه" الحديث، يقال: عجز بفتح الجيم يعجز بكسرها هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة، وبها جاء القرآن العزيز في قوله تعالى قال:{يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ}
(2)
ويقال: عجز يعجز بكسرها في الماضي وفتحها في المضارع حكاه الأصمعي وغيره والعجز في كلام العرب أن لا يقدر على ما يريد وأنا عاجز وعجز.
قوله: "وجبن عن العدو أن يجاهده" الجبن هو الخوف وعد الإقدام على الشيء.
قوله: وفي سنده أبو يحيى القتات [مختلف في اسمه فقيل زاذان وقيل دينار، وقيل يزيد، وقيل عبد الرحمن بن دينار قال أحمد كان شريك يضعف أبا يحيى القتات، وقال النسائي: ليس بالقوي واختلف فيه قول ابن معين فروي عنه تضعيفه، وروي عنه توثيقه].
2299 -
وَعَن الْحَارِث الأشْعَرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله أوحى إِلَى يحيى بن زَكَرِيَّا بخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بِهن وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهن فَأَتَاهُ عِيسَى فَقَالَ إِن الله أَمرك بِخمْس كَلِمَات أَن
(1)
الطبراني في المعجم الأوسط (2296)، وفي الصغير (201)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، ورجالهما رجال الصحيح، هذا القدر منه ذكره الألباني في صحيح الجامع (5644)، وقال صحيح.
(2)
سورة المائدة، الآية:31.
تعْمل بِهن وتأمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن فإمَّا أَن تخبرهم وَإِمَّا أَن أخْبرهُم فَقَالَ يَا أخي لا تفعل فَإِنِّي أَخَاف إِن سبقتني بِهن أَن يخسف بِي أَو أعذب قَالَ فَجمع بني إِسْرَائِيل بِبَيْت الْمُقَدّس حَتَّى امْتَلأ الْمَسْجِد وقعدوا على الشرفات ثمَّ خطبهم فَقَالَ إِن الله أوحى إِلَيّ بِخمْس كلِمَات أَن أعمل بِهن وآمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بِهن أولاهُنَّ لا تُشْرِكُوا بِالله شَيْئا فَإِن مثل من أشرك بِالله كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص مَاله بِذَهَب أَو ورق ثمَّ أسْكنهُ دَارا فَقَالَ اعْمَلْ وارفع إِلَيّ فَجعل يعْمل وَيرْفَع إِلَى غير سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك فَإِن الله خَلقكُم ورزقكم فَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَإِذا قُمْتُم إِلَى الصلَاة فَلَا تلتفتوا فَإِن الله يقبل بِوَجْهِهِ إِلَى وَجه عَبده مَا لم يلْتَفت وأمركم بالصيام وَمثل ذَلِك كمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة مسك كلهم يحب أَن يجد رِيحهَا وَإِن الصّيام أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وأمركم بِالصَّدَقَةِ وَمثل ذَلِك كمثل رجل أسره الْعَدو فَأوثقُوا يَده إِلَى عُنُقه وقربوه ليضربوا عُنُقه فَجعل يَقُول هَل لكم أَن أفدي نَفسِي مِنْكُم وَجعل يُعْطي الْقَلِيل وَالْكثير حَتَّى فدى نَفسه وأمركم بِذكر الله كثيرا وَمثل ذَلِك كَمثل رجل طلبه الْعَدو سرَاعًا فِي أثره حَتَّى اَتى حصنا حصينا فأحرز نَفسه فِيهِ وَكَذَلِكَ العَبْد لا ينجو من الشَّيْطَان إِلَّا بذكر الله الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ وَالنَّسَائيُّ بِبَعْضِه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
(1)
.
(1)
الترمذي (2863)، وقال حديث حسن صحيح غريب، والنسائي (11349)، وابن خزيمة =
2300 -
وَعَن ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ لما نزلت وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة التَّوبَة 43 قَالَ كنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ بعض أَصْحَابه أنزلت فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة لَو علمنَا أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة مُؤمنَة تعينه على إيمَانه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن
(1)
.
قوله: وعن الحارث الأشعري رضي الله عنه تقدم الكلام عليه في باب الترهيب من الالتفات في الصلاة.
قوله: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات" تقدم الكلام على يحيى وزكريا في الالتفات في الصلاة.
قوله: "ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها" بنو إسرائيل أولاد يعقوب عليه السلام.
قوله: فأتاه عيسى عليه السلام فقال إن الله أمرك بخمس كلمات.
قوله "فجمع الناس في بيت المقدس" المقدس فيه لغتان مشهورتان إحداهما فتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال المخففة والثانية بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة فبالتخفيف إما مصدر كقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}
(2)
= (930)، وابن حبان (6233)، والحاكم (1/ 117)، وأحمد (17170)، وأبو يعلى (1571)، والطبراني في الكبير (3427)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1724).
(1)
الترمذي (3094)، وقال: حديث حسن، وابن ماجه (1856)، وأحمد (22392)، والطبراني في الأوسط (2295)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 182)، وقال الألباني صحيح، في صحيح سنن الترمذي.
(2)
سورة الأنعام، الآية:60.
وإمام مكانا فمعناه بيت مكان الطهارة أو الذي جعل فيه الطهارة أي من الذنوب وبالتشديد المطهر وتقدم الكلمات على الكلمات الأربع في بابها والكلام الآن على الكلمة الخامسة وهي قوله: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}
(1)
إلى قوله فإن الإنسان لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله وأن لا يزال لسانه لهجا بذكر الله فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة فهو يرصده فإذا غفل وثب عليه وافترسه وإذا ذكر الله انخنس عدو الله وتصاغر وانقمع حتى يكون كالوضع والذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس أي يوسوس في الصدور فإذا ذكر الله خنس أي كف وانقبض، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سهل وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس ذكره ابن القيم
(2)
.
قلت: الذكر يكون بالقلب ولكون باللسان والأفضل أن يكون بالقلب واللسان معا فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب معًا خوفا أن يظن به الرياء بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله عز وجل
(3)
قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضجعا وقال عطاء: من صلى
(1)
سورة الأنفال، الآية:45.
(2)
الوابل الصيب (ص 36 - 37).
(3)
الأذكار (ص 9).
الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}
(1)
(2)
وجميع ذكر الله تعالى التي تصل إليه الطاقة البشرية والتي وصلت إليه الأفهام ثلاثة أنواع تسبيح وتحميد وتكبير، فالتسبيح نفي النقائص وأنه سبحانه وتعالى موجود قديم باق صمد واحد أحد وهو معنى سبحان الله والتحميد ذكر أوصاف الكمال فاللّه سبحانه وتعالى حي عليم قدير مدبر سميع بصير متكلم وهو معنى الحمد لله والتكبير إثبات الجلال وأنه سبحانه وتعالى أجل أن يحيط به العقل وأعظم من أن يدركه الوصف وهو معنى الله أكبر أي أكبر مما وصفنا وإنما علمنا من حسن ثنائه أما تطيقه، عقولنا وجعل اعترافنا بالعجز عن الإدراك أما يقوم مقام، مقام الإدراك ولذلك سميت هذه الكلمات الباقيات الصالحات وهن سبحان الله والحمد لله الحديث
(3)
، أ. هـ.
2301 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أَربع من أعطيهن فقد أعطي خيري الدُّنْيَا وَالآخِرَة قلبا شاكرا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وبدنًا على الْبلَاء صَابِرًا وَزَوْجَة لا تبغيه حوبا فِي نَفسهَا وَمَاله رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ بِإِسْنَاد جيد
(4)
.
(1)
سورة الأحزاب، الآية:35.
(2)
الأذكار (ص 10).
(3)
كنز الدرر (1/ 12 - 13).
(4)
الطبراني في المعجم الكبير (11275)، وفي الأوسط (7212)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 273)، رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الأوسط رجال الصحيح، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (756).
قوله: وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أربع من أعطيهن فقد أعطي خيري الدنيا والآخرة قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وبدنا على البلاء صابرا وزوجة لا تبغيه حوبا في نفسها وماله" الحوب بضم الحاء هو الإثم.
2302 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ليذكرن الله أَقوام فِي الدُّنْيَا على الْفرش الممهدة يدخلهم الدَّرَجَات العلى رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من طَرِيق دراج عَن أبي الْهَيْثَم
(1)
.
قوله: "وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه"، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الدرجات العلى".
قوله: من طريق دراج [هو دراج بن سمعان يقال: اسمه عبد الرحمن ودراج لقب، أبو السمح القرشي السهمي المصري القاص، مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، رأى مولاه عبد الله بن عمرو بن العاص: ضعفه أبو حاتم والدارقطني وغيرهما، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال مرة: ليس بالقوي ووثقه يحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهما وصحح حديثه عن الهيثم الترمذي، واحتج به ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وغيرهم].
(1)
ابن حبان (398)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4876).
2303 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثل الَّذِي يذكر ربه وَالَّذِي لا يذكر الله مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم إِلَّا أَنه قَالَ مثل الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ
(1)
.
قوله: وعن أبي موسى رضي الله عنه، تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر الله مثل الحي والميت" ورواه مسلم ولفظه: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه" الحديث، فجعل الذاكر بمنزلة الحي والغافل بمنزلة الميت وهو القبر فتضمن اللفظان أن القلب الذاكر كالحي في بيوت الأحياء والغافل كالميت في بيوت الموتى ولا ريب أن أبدان الغافلين في قبور لقلوبهم وقلوبهم فيها كالأموات في القبور كما قيل:
فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ
…
وَأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ الْقُبُورِ قُبُورُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهِمْ
…
وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ
وكما قيل:
فَنِسْيَانُ ذِكْرِ اللهِ مَوْتُ قُلُوبِهِمْ
…
وَأَجْسَامُهُمْ فَهْيَ الْقُبُورُ الدَّوَارِسُ
وَأَرْوَاحُهُمْ فِي وَحْشَةٍ مِنْ حَبِيبِهِمْ
…
وَلَكِنَّهَا عِنْدَ الْخَبِيثِ أَوَانِسُ
(2)
في هذا الحديث الندب إلى ذكر الله تعالى في البيت وأنه لا يخلو منه الذكر وفيه جواز التمثيل وفيه أن طول العمر في الطاعة وإن كان الميت ينتقل إلى خير لأن الحي يستلحق به ويزيد عليه بما يفعله من الطاعات
(3)
، وقال
(1)
البخاري (6407)، ومسلم (779).
(2)
مدارج السالكين (2/ 402).
(3)
شرح النووي على مسلم (6/ 68).
بعضهم: البيت الذي يذكر الله فيه يصير حيا بالذكر والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الجاهل بالله تعالى، فإن قلبه ميت خال عن نور الإيمان، وقال القرطبي في كتابه التذكار قال: حدثني أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمر فذكره إلى أن قال عن طلحة بن عبد الرحمن بن سابق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نوروا بيوتكم بذكر الله تعالى واجعلوا لبيوتكم من صلاتكم جزءا ولا تتخذوها قبورا كما اتخذها اليهود والنصارى فإن البيت الذي يذكر الله فيه لينير لأهل السماء كما تنير النجوم لأهل الأرض"
(1)
، قال القرطبي: هذا الحديث وإن كان في إسناده مقال فهو يستند من وجه صحيح
(2)
.
2304 -
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ أَكثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُون رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكم وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد
(3)
.
قوله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، تقدم ذكره.
قوله: "أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون".
(1)
سبق تخريجه وأنه من مرسلات عبد الرحمن بن سابط.
(2)
التذكار (ص 116).
(3)
أحمد (11653)، وأبو يعلى (1376)، وابن حبان (817)، والحاكم (1/ 499)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (4)، والبيهقي في الدعوات (21)، والطبراني في الدعاء (1859)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 75)، رواه أحمد، وفيه دراج، وقد ضعفه جماعة، ووثقه غير واحد، وبقية رجال أحمد إسنادي أحمد ثقات، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1108).
تنبيه: الذكر ثلاثة أنواع ذكر الأسماء والصفات ومعانيها والثناء على الله تعالى بها وتوحيد الله بها وذكر الأمر والنهي والحلال والحرام وذكر الألاء والنعماء والإحسان وأنه يتنوع بتنويع آخر ثلاثة ذكر يتواطأ عليه القلب واللسان وهو أعلاها وذكر بالقلب وحده وهو في الدرجة الثانية وذكر باللسان المجرد وهو في الدرجة الثالثة
(1)
.
2305 -
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اذْكروا الله ذكرا يَقُول المُنَافِقُونَ إِنَّكُم مراؤون رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ
(2)
. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الجوزاء مُرْسلا
(3)
.
قوله: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، تقدم الكلام على ابن عباس.
قوله صلى الله عليه وسلم: "اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون إنكم مراؤون" الحديث.
فائدة جليلة: الذكر منزلة القوم الكبرى فالذكر منشور الولاية الذي من أعطيه اتصل ومن منعه عزل فالذكر زين الله به السنة الذاكرين كما زين بالنور أبصار الناظرين فاللسان الغافل كالعين العمياء والأذن الصماء واليد الشلاء وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته، قال الحسن البصري: تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء في الصلاة
(1)
مدارج السالكين (2/ 402).
(2)
الطبراني في المعجم الكبير (12786)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 81)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 76)، وفيه الحسن بن أبي جعفر، وهو ضعيف. وقال الألباني ضعيف جدا، في ضعيف الجامع (738).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (527).
والذكر وقرءاة القرآن فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق وبالذكر يصرع العبد الشيطان كما يصرع الشيطان أعل الغفلة والنسيان قال بعض السلف: إذا تمكن الذكر من القلب فإن دنا منه الشيطان صرع كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان فتجمع عليه الشياطين فيقولون ما لهذا فيقال قد مسه الإنسي وهو روح الأعمال الصالحة فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه
(1)
.
قوله: في الحديث: ورواه البيهقي عن أبي الجوزاء [اسمه أوس بن عبد الله الربعي، أبو الجوزاء البصري، من ربعة الأزد، وهو الربعة بن الغطريف الأصغر بن عبد الله بن الغطريف الأكبر وهو عامر بن بكير بن يشكر بن بكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن الأزد، وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: ثقة، وذكره خليفة بن خياط في الطبقة الثانية من قراء أهل البصرة، حكى البخاري، عن يحيى بن سعيد: أنه قتل في الجماجم سنة ثلاث وثمانين
(2)
].
2306 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسير فِي طَرِيق مَكَّة فَمر على جبل يُقَال لَهُ جمدان فَقَالَ سِيرُوا هَذَا جمدان سبق المفردون قَالُوا وَمَا المفردون يَا رَسُول الله قَالَ الذاكرون الله كثيرا رَوَاه مسلم وَاللَّفْظ لَهُ
(3)
.
وَالتِّرْمِذِيّ وَلَفظه يَا رَسُول الله وَمَا المفردون قَالَ المستهترون بِذكر الله
(1)
مدارج السالكين (2/ 395 - 396).
(2)
تهذيب الكمال (3/ 392 - 393 ترجمة 580).
(3)
مسلم (2676)، وابن حبان (858)، وأحمد (8290)، والبيهقي في الدعوات الكبير (18).
يضع الذّكر عَنْهُم أثقالهم فَيَأَتُونَ الله يَوْم الْقِيَامَة خفافا
(1)
.
المفردون بِفَتْح الْفَاء وَكسر الرَّاء.
والمستهترون بِفَتْح التَّاءَيْنِ المثناتين فَوق هم المولعون بِالذكر المداومون عَلَيْهِ لايبالون مَا قيل فيهم وَلا مَا فعل بهم.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
قوله "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال سيروا هذا جمدان" الحديث، بضم الجيم وسكون الميم جبل على ليلة من المدينة مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
وقال في سلاح المؤمن هو جبل بين قديد وعسفان من منازل أسلم
(3)
وقيل بين قديد والجحفة وقديد قال البكري بضم القاف على لفظ التصغير قرية جامعة كثيرة المياه والبساتين وهو موضع بين مكة والمدينة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صام حتى أتى قديد ثم أفطر، وعسفان بضم المهملة قرية على أربعة برد من مكة
(4)
.
قوله صلى الله عليه وسلم "سبق المفردون" قال الحافظ: المفردون بفتح الفاء وكسر الراء اهـ.
وقال غيره المفردون يروى بتشديد الراء وكسرها وبالفتح والتخفيف فيهما والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد
(5)
واللفظان وإن اختلفا في
(1)
الترمذي (3596)، والبيهقي في شعب الإيمان (507)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي (726).
(2)
النهاية (1/ 292).
(3)
مشارق الأنوار (1/ 169)، وسلاح المؤمن (ص 56).
(4)
عمدة القارى (17/ 276).
(5)
الميسر (2/ 519)، والأذكار (ص 10).
الصيغة فإن كل واحد منهما قريب من الآخر في المعنى
(1)
يقال فرد الرجل وفرد الرجل بالتشديد والتخفيف، وأفرد
(2)
قال ابن قتيبة وغيره وأصل المفردين الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم فبقوا يذكرون الله تعالى
(3)
والذي سمعناه من أهل العلم قديما أن المفردين هم القليل من الناس والأفراد النادرة كما قال صلى الله عليه وسلم "الناس كإبل مائة ليس فيها راحلة" أشار صلى الله عليه وسلم إلى قلة الذاكرين وأنهم يسير بالنسبة إلى غيرهم فالمفردون هم الذين استولى عليهم الذكر فأفردوهم عن كل شيء إلا عن ذكر الله عز وجل فهم يفردونه بالذكر ولا يضمون إليه سواه وقال ابن الأعرابي يقال فرد الرجل إذا تفقه واعتزل الناس وخلا بمراعاة الأمر والنهي
(4)
وقال في شرح مشارق الأنوار
(5)
: إن المراد منه المستخلصون لعبادة الله تعالى المتخلون بذكره عن الناس المتبتلون إليه الذين وضع الذكر عنهم أوزارهم فهجروا الخلان فأفردوا أنفسهم لله عز وجل عن العلائق والأقران إذ لا يصح للعبد أن يهتدي إلى معالم التوحيد إلا بصحة الانقطاع إلى الله عز وجل تعالى الملك الديان، قال القرطبي: وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول عقب قوله "هذا جمدان" لأن جمدان جبل منفرد هنالك ليس بحذائه جبل مثله فذكره بهؤلاء المفردين
(6)
.
(1)
الميسر (2/ 519).
(2)
شرح النووي على مسلم (17/ 4).
(3)
شرح النووي على مسلم (17/ 4).
(4)
مشارق الأنوار (2/ 151) ومطالع الأنوار (5/ 111 - 112).
(5)
حدائق الأزهار للأرزنجانى (لوحة 243/ خ كتبخانة 87781).
(6)
المفهم (9/ 7).
قوله "قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا" اعلم أن العلماء اختلفوا في قول الله عز وجل: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}
(1)
إلى آخر الآية، وأن هذه الآية الكريمة مما ينبغي أن يهتم بمعرفتها فقال الإمام أبو الحسن الواحدي
(2)
: قال ابن عباس المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات وغدوا وعشيا وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى وقال مجاهد لا يكون من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا وقال عطاء من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قول الله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}
(3)
نقله الواحدي
(4)
وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا كتب من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات" هذا حديث مشهور رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وسئل الإمام الشيخ أبو عمرو بن الصلاح عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرًا فقال إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارا وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة كان من الذاكرين الله كثيرا
(5)
والله أعلم انتهى.
(1)
سورة الأحزاب، الآية:35.
(2)
التفسير البسيط (18/ 248).
(3)
سورة الأحزاب، الآية:35.
(4)
المرجع السابق.
(5)
الأذكار للنووي (ص: 10).
قوله: قال المنذري في آخر الحديث: ورواه الترمذي ولفظه "يا رسول الله وما المفردون قال المستهترون بذكر الله يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون الله يوم القيامة خفافًا" وفي رواية "قالوا ما المفردون قال الذين اهتروا في ذكر الله تعالى" يعني الذين أولعوا به يقال اهتر فلان بكذا واستهتر فهو مهتر به ومستهتر أي مولع به لا يتحدث به ولا يفعل غيره وقيل أراد بقوله اهتروا فيذكر الله كبروا في طاعته وهلك أقرانهم من قولهم اهتر افرجل فهو مهتر إذا سقط في كلامه من الكبر انتهى قاله في النهاية
(1)
ومنه حديث ابن عمر "اللهم إني أعوذ بك أن أكون من المستهترين" أي المبطلين في القول والمقسطين في الكلام وقيل الذين لا يبالون ما قيل فيهم وما شتموا به وقيل أراد المستهترين بالدينا، اهـ.
وقال الحافظ: المستهترون وهم المولعون بالذكر المداومون عليه لا يبالون ما قيل فيهم وما فعل بهم اهـ وقال غيره: الاستهتار بالشيء هو الولوع به والشغف به.
2307 -
وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان وَاضع خطمه على قلب ابْن آدم فَإِن ذكر الله خنس وَإِن نسي الْتَقم قلبه رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالبَيْهَقيّ
(2)
.
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 243).
(2)
ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (22)، وأبو يعلى (4301)، والبيهقي في شعب الإيمان (540)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 268)، وابن شاهين في الترغيب (154)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 149)، وفيه عدي بن أبي عمارة؛ وهو ضعيف، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1480).
خطمه بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة هُوَ فَمه.
قوله وروي عن أنس تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه" خطمه هو فمه وخنس بالفتح يخنس بالضم أي تأخر والله أعلم.
2308 -
وَرُوِيَ عَن أبي ذَر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا من يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا وَلله عز وجل فِيهِ صَدَقَة يمن بهَا على من يَشَاء من عباده وَمَا من الله على عبد بِأَفْضَل من أَن يلهمه ذكره رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا
(1)
.
قوله: وروي عن أبي ذر رضي الله عنه تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم "ما من يوم وليلة إلا ولله عز وجل فيه صدقة يمن بها على من يشاء من عباده" الحديث وفي الأثر الإلهي يقول الله تعالى "أهل ذكر أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل شكري أهل زيادتي وأهل معصيتي لأقنطهم من رحمتي إن تأبوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصايب لأطهرهم من المعايب فالبلاء والعقوبة قدرته" اهـ قاله في حادي الأرواح
(2)
.
2309 -
وَرُوِيَ عَن معَاذ رضي الله عنه: عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن رجلا سَألهُ فَقَالَ أَي الْمُجَاهدين أعظم أجرا قَالَ أَكْثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا قَالَ فَأَي الصَّالِحين
(1)
البزار (694)، والأصبهاني في الترغيب (1954).
(2)
حادى الأرواح (ص 376).
أعظم أجرا قَالَ أَكثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا ثمَّ ذكر الصَّلَاة وَالزَّكاة وَالْحج وَالصَّدَقَة كل ذَلِك وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول أَكثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا فَقَالَ أَبُو بكر لعمر يَا أَبَا حَفْص ذهب الذاكرون بِكُل خير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أجل رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانيُّ
(1)
.
قوله: وروي عن معاذ رضي الله عنه: تقدم ذكره.
قوله "أن رجلا سأله فقال أي المجاهدين أعظم أجرا قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا" فذكره إلى أن قال: قال أبو بكر لعمر يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل" معناها نعم.
2310 -
وَعَن أبي مُوسَى رضي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَو أَن رجلا فِي حجره دَرَاهِم يقسمها وَآخر يذكر الله كَانَ الذاكر لله أفضل
(2)
.
وَفِي رِوَايَة مَا صَدَقَة أفضل من ذكر الله رَوَاهُمَا الطَّبَرَانيُّ ورواتهما حَدِيثهمْ حسن
(3)
.
قوله: وعن أبي موسى رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.
(1)
أحمد (15614)، والطبراني في المعجم الكبير (20/ رقم 407)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال: أي المجاهدين أعظم أجرا، وفيه زبان بن فائد، وهو ضعيف، وقد وثق، وكذلك ابن لهيعة وبقية رجال أحمد ثقات.
(2)
الطبراني في الأوسط (5969)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، ورجاله وثقوا، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4804).
(3)
الطبراني في المعجم الأوسط (7414)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، ورجاله وثقوا.
قوله صلى الله عليه وسلم "لو أن رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله كان الذاكر لله أفضل" الحجر بالفتح والكسر لغتان وتقدم ذكره.
2311 -
وَعَن أم أنس رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ اهجري الْمعاصِي فَإِنَّهَا أفضل الْهِجْرَة وحافظي على الْفَرَائِض فَإِنَّهَا أفضل الجِهَاد وأكثري من ذكر الله فَإنَّك لا تأتين الله بِشَيْء أحب إِلَيْهِ من كثْرَة ذكره رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ بِإِسْنَاد جيد
(1)
.
وَفِي رِوَايَة لَهما عَن أم أنس واذكري الله كثيرا فَإِنَّهُ أحب الأعْمَال إِلَى الله أَن تَلقاهُ بهَا قَالَ الطَّبَرَانيُّ أم أنس هَذِه يَعْني الثَّانِيَة لَيست أم أنس بن مَالك
(2)
.
قوله: وعن أم أنس رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله أوصني قال اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة" رواه الطبراني.
وفي رواية لهما عن أم أنس "واذكري الله كثيرا" قال الطبراني
(3)
أم أنس هذه يعني الثانية ليست أم أنس بن مالك.
2312 -
وَعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ يتحسر أهل الْجنَّة إِلَّا على سَاعَة مرت بهم لم يذكرُوا الله تَعَالَى فِيهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ عَن
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (25/ رقم 313)، وفي الأوسط (6735)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 218)، وفيه إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، وهو ضعيف.
(2)
الطبراني في الكبير (359)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 75)، رواه الطبراني في الكبير والأوسط وقال: أم أنس هذه ليست أم أنس بن مالك.
(3)
سبق تخريجه.
شَيْخه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصُّورِي وَلا يحضرني فِيهِ جرح وَلا عَدَالَة وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات معروفون وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بأسانيد أَحدهَا جيد
(1)
.
قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم "ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها" التحسر التندم كذا بخط المصنف رحمه الله، رواه الطبراني عن شيخه محمد بن إبراهيم الصوري.
2313 -
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكثر ذكر الله فقد برئ من الإِيمَان رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط وَالصَّغِير وَهُوَ حَدِيث غَرِيب
(2)
.
2314 -
وَرُوِيَ عَنهُ رضي الله عنه: أَيْضا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله يَقُول يَا ابْن آدم إِنَّك إِذا ذَكرتني شكرتني وَإِذا نسيتني كفرتني رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط
(3)
.
(1)
الطبراني في الكبير (182)، والبيهقي في شعب الإيمان (512)، والأصبهاني في الترغيب (1383)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 74)، ورجاله ثقات، وفي شيخ الطبراني محمد بن إبراهيم الصوري خلاف، وصححه الألباني في حج الجامع (5446).
(2)
الطبراني في المعجم الأوسط (6931)، وفي الصغير (954)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 79)، رواه الطبراني في الصغير والأوسط عن شيخه محمد بن سهل بن المهاجر عن مؤمل بن إسماعيل، وفي الميزان محمد بن سهل، عن مؤمل بن إسماعيل يروي الموضوعات، فإن كان هو ابن المهاجر فهو ضعيف، وإن كان غيره فالحديث حسن.
(3)
الطبراني في الأوسط (7265)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 79)، رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو بكر الهذلي، وهو ضعيف. وقال الألباني ضعيف جدا، في ضعيف الجامع (5057).
قوله: وروي عنه رضي الله عنه أيضا تقدم ذكره.
قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله يقول يا ابن آدم إنك إذا ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني كفرتني" رواه الطبراني اهـ. كلام المنذري.
وفي أثر إلهي إذا كان الغالب على عبدي ذكري أحببني وأحببته، وفي أثر آخر فيه: فافرحوا وبذكري فتنعموا، وفي بعض الآثار الإسرائيلية يقول الله تعالى: يا ابن آدم اذكرك وتنساني وأدعوك إلي فتفر مني إلى غيري وأذهب عنك البلايا وأنت منعكف على الخطايا ابن آدم ما يكون اعتذارك غدا إذا جئتني، وفي أثر آخر: اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب وارض بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتي لنفسك
(1)
. والله أعلم.
تنبيه: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أطاع الله تعالى فقد ذكر الله وإن قل صلاته وصنيعه للخير" ذكره أبو عبد الله محمد بن خوارز منداد في أحكام القرآن له، ذكره أيضا محمد بن عبد الله العامري الواعظ في شرح الشهاب له ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أطاع الله فقد ذكره وإن كان ساكتا ومن عصى الله فقد نسيه وإن كان قارئا مسبحًا" قال القرطبي: هذا والله أعلم كالمستهزئ والمتهاون وممن اتخذ آيات الله هزوا وقد قال العلماء في تأويل قول الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}
(2)
لا تتركوا أوامر الله فتكونوا مقصرين لاعبين ذكره القرطبي في كتاب التذكار في فضائل القرآن
(3)
.
(1)
مدارج السالكين (2/ 402).
(2)
سورة البقرة، الآية:231.
(3)
التذكار (ص 56 - 57).
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنَّها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما منْ ساعةٍ تمرُّ بابن آدم لمْ يذكر الله فيها بخيرٍ إلا تحسَّر عليها يوم القيامة. رواه أبي أبي الدنيا، والبيهقي وقال: في هذا الإسناد ضعف غير أن له شواهد من حديث معاذ المتقدم
(1)
.
قوله: وعن عائشة رضي الله عنه تقدم الكلام عليها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من ساعة تمر بابن آدم ولم يذكر الله فيها بخير إلا تحسر عليها يوم القيامة" الحديث، التحسر الندم على ما يفوت الإنسان من فعل الخيرات.
(1)
البيهقي في شعب الإيمان (511)، والطبراني في الأوسط (8316)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 362)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 80)، رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عمرو بن الحصين، وهو متروك، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5720).