المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٧

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمه وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن

- ‌الترغيب في تعاهد القرآنه وتحسين الصوت به

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمران وما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءَة سُورَة يس وَمَا جَاءَ فِي فَضلهَا

- ‌الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك

- ‌الترغيب في قراءة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وما يذكر معها

- ‌الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها

- ‌الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر

- ‌الترغيب في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌الترغيب في قراءة المعوذتين

- ‌كتاب الذكر والدعاء

- ‌الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرا وجهرا

- ‌الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى

- ‌الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلسا لا يذكر الله فيه ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌الترغيب في كلمات يكفرنا لغط المجلس

- ‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه

- ‌الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌الترغيب في قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء

- ‌الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل

- ‌الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما

- ‌الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها

- ‌الترغيب في الاستغفار والإكثار منه في الليل والنهار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌[الترهيب من استبطاء الإجابة وقوله دعوت فلم يستجب لي]

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترهيب من تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم كثيرا دائما

- ‌كتاب البيوع(1)وغيرها

- ‌مشروعية البيع:

- ‌التَّرْغِيب فِي الاكْتِسَاب بِالْبيع وَغَيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وفيه وما جاء في نوم الصبحة

- ‌[الترغيب في ذكر اللّه تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة]

الفصل: ‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها

‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها

2341 -

عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ قلت يَا رَسُول الله من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لقد ظَنَنْت يَا أَبَا هُرَيْرَة أَن لا يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أحد أول مِنْك لما رَأَيْت من حرصك على الحَدِيث أسعد النَّاس بشفاعتي يَوْم الْقِيَامَة من قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله خَالِصا من قلبه أَو نَفسه رَوَاهُ البُخَارِيّ

(1)

.

قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله "قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة" أي من أحظى الناس بالسعادة.

قوله صلى الله عليه وسلم "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث" أولى منك يعني قبلك وقال سيبويه هي بمعنى أقدم منك وقال السيرافي: يقال هذا أول منك أي قبلك وأنت أول منه ومررت بأول منك فإذا حذفوا منك قالوا هو الأول ولا يقول الأول منك لأن الألف واللام تعاقب منك

(2)

قاله في حاشية كتاب الشفا.

(1)

البخاري (99)، وأحمد (8858)، والنسائي في الكبرى (5842)، وابن خزيمة في التوحيد (2/ 699)، وابن منده في الإيمان (906)، وابن أبي عاصم في السنة (825).

(2)

شرح الصحيح (1/ 176) لابن بطال.

ص: 299

قوله صلى الله عليه وسلم "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه" الحديث، والخالص من كل شيء هو الذي لا يشوبه شيء آخر

(1)

والمعني به ههنا هو الذي لا يشوبه الشرك والنفاق.

2342 -

وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ من شهد أَن لا إِلَه إِلَّا الله وَحده لا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله الْجنَّة على مَا كَانَ من عمل زَاد عبَادَة من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية أَيهَا شَاءَ رَوَاهُ البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم

(2)

.

2343 -

وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من شهد أَن لا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار

(3)

.

قوله: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" الحديث ذكر عيسى عليه السلام تعريضا للنصارى وإيذانا أي إعلاما بأن إيمانهم مع القول بالتثليث شرك محض لا يخلصهم عن النار

(4)

فهذا يبطل

(1)

تفسير القرطبي (15/ 233).

(2)

البخاري (3435)، ومسلم (28)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (15975).

(3)

مسلم (29)، والترمذي (2638)، وأحمد (22711)، وابن حبان (202)، والنسائي في اليوم والليلة (10967).

(4)

تحفة الأبرار (1/ 62).

ص: 300

قولهم بأن عيسى ولده تعالى وأضاف لفظ العبد إلى ظاهر اسمه تعالى دون ضميره كما قال في حق محمد وأن محمدا عبده لأن محمدا لم يختلف في عبوديته بخلاف عيسى فأضيف إلى ظاهر الاسم ليكون أصرح دلالة في إبطال مذهبهم

(1)

.

قوله "ورسوله" يبطل مذهب اليهود المنكرين لرسالته

(2)

أي سيدنا روح الله عيسى عليه السلام صلى الله عليه وسلم القائلين فيه ما لا يحل من قذفه وقذف أمه

(3)

أو لأنهم كانوا حضورا

(4)

وإنما عيسى كلمة الله لأن خلقة من غير ماء ونطفة [يشبه] إيجاد الإبداعات لمجرد تعلق الإرادة والأمر كما قال الله تعالى: {إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}

(5)

وكما قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}

(6)

(7)

وقيل سماه كلمة لتبشيرها أولا بولد ثم كونه بشرا فسماه كلمة

(8)

أو لأنه لما تكلم في غير أوانه سمي بالكلمة لغاية فصاحته وفرط استغراب الكلام منه كما سمي العادل بالعدل

(1)

شرح المصابيح (1/ 60).

(2)

شرح المشكاة (2/ 480)، وإرشاد السارى (5/ 410)، وشرح المصابيح (1/ 60).

(3)

شرح المشكاة (2/ 480)، وإرشاد السارى (5/ 410).

(4)

تحفة الأبرار (1/ 62).

(5)

سورة يس، الآية:82.

(6)

سورة آل عمران، الآية:59.

(7)

تحفة الأبرار (1/ 63).

(8)

المفهم (1/ 117).

ص: 301

والمواظب على الصوم بالصوم وما يتعجب منه بالعجب وأضيف إلى الله تعالى تعظيما له ولكون كلامه خارقا للعادة

(1)

.

وقوله "ألقاها إلى مريم" معناه أوصلها إليها وأوجدها فيها

(2)

.

وقوله "وروح منه" أي مبتدأ منه لأنه تعالى خلق روحا ابتداء بلا واسطة أصل وسبق مادة أو لأنه تعالى أحيا به الأموات كما أحيا بالأرواح الأبدان فسمي روحا لذلك

(3)

أو سمي روحا لأنه حدث بنفخ الروح بإرساله تعالى جبريل إلى [أمه، فنفخ في درعها مشقوقا] من قدامها فوصل النفخ إليها فحملت به مقدسا عن لوث النطفة [والتقلب في أطوار الخلقة] زمنا متطاولا

(4)

وروي عن أبي بن كعب في قوله "وروح منه" أن أروح عيسى عليه السلام كان من الأرواح، التي أخذ عليها الميثاق في عهد آدم ثم ردها إلى [صلب آدم] عيسى إلى أن أراد خلقه فأرسله إلى مريم في [صورة بشر] سويا فحملته أي فحملت الذي [خاطبها وهو روح عيسى فدخل فيها]

(5)

.

واختلف في سبب تسميته مسيحا فقيل لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برئ وقيل لأنه كان ممسوح الرجل لا أخمص له وقيل لأنه خرج من بطن أمه

(1)

تحفة الأبرار (1/ 63).

(2)

الكشاف (1/ 593)، وتحفة الأبرار (1/ 63).

(3)

تحفة الأبرار (1/ 63 - 64).

(4)

شرح المصابيح (1/ 61).

(5)

تفسير الطبرى (7/ 705)، وشرح السنة (1/ 102 - 103).

ص: 302

ممسوحا بالدهن وقيل لأنه كان يمسح الأرض أي يقطعها وقيل المسيح الصديق قاله في النهاية

(1)

.

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أنه لا نبي بعدي"

(2)

قال العلماء: وفيه دليل على أن عيسى بن مريم إذا نزل في آخر الزمان ينزل حكما من حكام هذه الأمة يحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ولا [ينزل] نبيا

(3)

ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل عيسى بن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد"

(4)

والله أعلم.

قوله "أدخله الله الجنة" على ما كان من عمل وزاد جناده "من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء" الحديث، أي أدخله الله الجنة كائنا على ما كان من العمل طاعة كان أو معصية

(5)

أي فلا يعذبه بالنار وليس المراد أنه يصير إلى الجنة بعد التعذيب بالنار فإن هذا الحديث سيق للبشرى بدخول الجنة مع ما يكون من قبائح الأعمال إذا صح الإيمان وأيضا ممن فرض دخوله النار طهر بذلك من ذنوبه فلا يخرج من النار وعليه شيء من أدران أعماله القبيحة فظهر أن

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 327).

(2)

أخرجه البخاري (3455) ومسلم (44 - 1842) عن أبي هريرة.

(3)

شرح النووي على مسلم (15/ 174).

(4)

أخرجه البخاري (2222) و (2476) و (3448)، ومسلم (242 و 243 - 155).

(5)

شرح السنة (1/ 101).

ص: 303

الذي يدخل الجنة على ما كان منه من العمل أنه إدخال ليس قبله تعذيب بالنار أو لا يدخل النار بالتعذيب ويدل على هذا الرواية الثانية في صحيح مسلم "من شهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار" وفيه دليل أيضا على أن المؤمن لا يخرج من الإيمان بارتكاب شيء من الكبائر إذا لم يعتقد إباحتها

(1)

اهـ، ويؤيده أيضا حديث معاذ ويأتي بعد هذا الحديث وفي آخره "ما من عبد يشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار" فهذا الحديث مصرح بعدم التعذيب بالنار اهـ.

وقال في شرح مشارق الأنوار: هذا حديث دليل على المعتزلة في مقامين:

أحدهما: أن العصاة من أهل القبلة لا تخلد في النار لعموم قوله صلى الله عليه وسلم "من شهد أن لا إله إلا الله

الحديث" ولثبوت قوله عليه السلام "أخرجوا من النار من في قلبه مثقال حبة من إيمان"

(2)

.

وثانيهما: أنه تعالى يعفو عن السيئات قبل التوبة واستيفاء العقوبة لقوله صلى الله عليه وسلم "على ما كان من العمل" لأنه حال من الضمير الكائن في أدخله

(3)

.

2344 -

وَعَن أنس رضي الله عنه: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل قَالَ يَا معَاذ بن جبل قَالَ لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك ثَلَاثًا قَالَ مَا من أحد يشْهد أَن لا إِلَه

(1)

شرح السنة (1/ 103).

(2)

أخرجه البخاري (6560)، ومسلم (304 - 184).

(3)

تحفة الأبرار (1/ 64 - 65)، وشرح المشكاة (2/ 480).

ص: 304

إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صدقا من قلبه إِلَّا حرمه الله على النَّار قَالَ يَا رَسُول الله أَفلا أخبر بِهِ النَّاس فيستبشروا قَالَ إِذا يتكلوا وَأخْبر بهَا معَاذ عِنْد مَوته تأثما رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم

(1)

.

تأثما أَي تحرجا من الإِثْم وخوفا مِنْهُ أَن يلْحقهُ إِن كتمه.

قَالَ المملي عبد الْعَظِيم وَقد ذهب طوائف من أساطين أهل الْعلم إِلَى أَن مثل هَذِه الإطلاقات الَّتِي وَردت فِيمَن قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة أَو حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَنَحْو ذَلِك إِنَّمَا كَانَ فِي ابْتِدَاء الإِسْلَام حِين كَانَت الدعْوَة إِلَى مُجَرّد الإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ فَلَمَّا فرضت الْفَرَائِض وحدت الْحُدُود نسخ ذَلِك والدلائل على هَذَا كَثِيرَة متظاهرة وَقد تقدم غير مَا حَدِيث يدل على ذَلِك فِي كتاب الصَّلَاة وَالزَّكاة وَالصِّيَام وَالْحج وَيَأْتِي أَحَادِيث أخر مُتَفَرِّقَة إِن شَاءَ الله وَإِلَى هَذَا القَوْل ذهب الضَّحَّاك وَالزهْرِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَغَيرهم وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لا احْتِيَاج إِلَى ادِّعَاء النّسخ فِي ذَلِك فَإِن كل مَا هُوَ من أَرْكَان الدّين وفرائض الإِسْلَام هُوَ من لَوَازِم الإِقْرَار بِالشَّهَادَتَيْنِ وتتماته فَإِذا أقرّ ثمَّ امْتنع عَن شَيء من الْفَرَائِض جحدا أَو تهاونا على تَفْصِيل الْخلاف فِيهِ حكمنَا عَلَيْهِ بالْكفْر وَعدم دُخُول الْجنَّة وَهَذَا القَوْل أَيْضا قريب وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى التَّلَفُّظ بِكَلِمَة التَّوْحِيد سَبَب يَقْتَضِي دُخُول الْجنَّة والنجاة من النَّار بِشَرْط أَن يَأْتِي بالفرائض ويجتنب الْكَبَائِر فَإِن لم يَأتِ بالفرائض وَلم يجْتَنب الْكَبَائِر لم يمنعهُ التَّلَفُّظ بِكَلِمَة التَّوْحِيد من دُخُول النَّار وَهَذَا قريب مِمَّا قبله أَو هُوَ هُوَ

(1)

البخاري (128)، ومسلم (32).

ص: 305

وَقد بسطنا الْكَلام على هَذَا وَالْخلاف فِيهِ فِي غير مَا مَوضِع من كتبنَا وَالله سبحانه وتعالى أعلم.

قوله: وعن أنس رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله "أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل" رديفه بفتح الراء وكسر الدال المهملة أي ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقوله "على الرحل" الرحل للبعير وهو أصغر من القتب وفي رواية "كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم" بكسر الراء وسكون الدال المهملتين وفي رواية أخرى "رديف النبي صلى الله عليه وسلم" بزيادة ياء وهو الراكب خلف الراكب أصله من ركوبه على الردف وهو العجز

(1)

وفيه جواز الارتداف

(2)

وجواز ركوب اثنين وثلاثة على دابة إذا كان ذلك لا يضر بها

(3)

.

قوله صلى الله عليه وسلم "قال يا معاذ بن جبل" يختار فيه فتح الذال ويجوز ضمها

(4)

.

قوله "قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا" لبيك معناه أنا مقيم على طاعتك وسعديك أي سعيد على طاعتك من المصادر التي يجب حذف فعلها وكان حقهما أن يقال لبا لك وإسعادا لك وتقدم معنى لبيك وسعديك في الحج وغيره

(5)

.

(1)

إكمال المعلم (1/ 259 - 260)، وشرح النووي على مسلم (1/ 230).

(2)

شرح النووي على مسلم (9/ 25).

(3)

طرح التثريب (7/ 244).

(4)

شرح النووي على مسلم (1/ 231).

(5)

شرح النووي على مسلم (1/ 231).

ص: 306

قوله صلى الله عليه وسلم "قال ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار" أي صادقا من قلبه ومعناه الإخلاص فإنه من لم يأت بالشهادتين على الإخلاص لا ينتفع بعمله.

قوله "وأخبر بها معاذ عند موته تأثما" أي تحرجا من الإثم وخوفا منه أن يلحقه إن كتمه، قاله الحافظ، وقال غيره تأثما هو بفتح الهمزة وضم الثاء المثلثة المشددة

(1)

أي تجنبا للإثم

(2)

. يقال تأثم فلان إذا فعل فعلا خرج به من الإثم

(3)

أي تجنبا المأثم وتحرج أزال عنه الحرج وتحنث أزال عنه الحنث ومعنى تأثم معاذ أنه كان يحفظ علما فخاف فواته وذهابه بموته فخشي ممن يكون كتم علما وممن لم يمتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ سنته فيكون آثما فاحتاط وأخبر بهذه السنة مخافة الإثم وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن الإخبار بها نهي تحريم

(4)

وقد اختار الشيخ الإمام ابن الصلاح فقال: منعه من التبشير العام خوفا من أن يسمع ذلك من لا خبرة له ولا علم فيغتر ويتكل، وأخبر صلى الله عليه وسلم على الخصوص من أمن عليه الاغترار والاتكال من أهل المعرفة فإنه أخبر به معاذا فسلك معاذ هذا المسلك فأخبر به من الخاص من رآه أهلا لذلك

(5)

والله أعلما هـ.

(1)

شرح النووي على مسلم (1/ 240).

(2)

النهاية (1/ 24).

(3)

النهاية (1/ 24)، وشرح النووي على مسلم (1/ 240).

(4)

شرح النووي على مسلم (1/ 240 - 241).

(5)

شرح النووي على مسلم (1/ 241).

ص: 307

وفيه منزلة معاذ و [عزته] عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل علم معاذ أن [النهي عن الإخبار جاء لأن] لا يعتمدوا ويتركوا العمل والقوم يومئذ حديثي العهد بالإسلام فلما استقاموا وثبتوا وصاروا حريصين على العبادة حيث علموا أن عبادة الله تزيد تقربا إليه أخبرهم به أو علم أنه عليه السلام لم ينهه عن الإخبار بها نهي تحريم والله أعلم أو يقول أو لعل المنع ما كان إلا من العوام لأنه من الأسرار الإلهية لا يجوز كشفها إلا للخواص من أن يسمع ذلك من لا علم له فيشكل عليه ولهذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم به إلا من آمن عليه الاتكال من أهل المعرفة وسلك معاذ أيضًا هذا المسلك حيث أخبر به أهلا لذلك، ولا يبعد أن يقال إن نداءه صلى الله عليه وسلم للتوقف في إفشاء هذا السر عليه [أيضا]، وفيه منزلة معاذ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال الحافظ رحمه الله: وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال لا إله إلا الله دخل الجنة أو حرم الله عليه النار ونحو ذلك إنما كان في ابتداء الإسلام حين كانت الدعوة إلى مجرد الإقرار بالتوحيد فلما فرضت الفرائض وحدت الحدود نسخ ذلك، والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة، وقد تقدم غير ما حديث يدل على هذا في كتاب الصلاة والزكاة والصيام والحج والنسخ عبارة عن رفع الشارع صلى الله عليه وسلم حكما منه متقدما بحكم منه متأخرا هذا هو المختار في حده، وقيل فيه غير ذلك، ثم النسخ يعرف بأمور منها تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به ككنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ومنها قول الصحابي: كان آخر لأمرين ترك الوضوء

(1)

الكواكب الدراري (2/ 156).

ص: 308

مما مست النار، ومنها: ما يعرف بالتاريخ، ومنها: ما يعرف بالإجماع كقتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بالإجماع والإجماع لا ينسخ، ولا ينسخ لكن يدل على وجود ناسخ والله أعلم ويذكر باقي كلام الحافظ الذي قاله في الترغيب

(1)

.

2345 -

وَرُوِيَ عَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله مخلصا دخل الْجنَّة قيل وَمَا إخلاصها قَالَ أَن تحجزه عَن محارم الله رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ فِي الأوْسَط وَفي الْكَبِير إِلَّا أَنه قَالَ أَن تحجزه عَمَّا حرم الله عَلَيْهِ

(2)

.

قوله: وروي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.

فائدة قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة" قيل: وما إخلاصها؟ قال: "أن تحجزه عن محارم الله" الحديث، الحجز: المنع.

فائدة: وروي الترمذي الحكيم في نوادره عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " (لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله تعالى ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم فإذا آثروا صفقة دنياهم على دينهم ثم قالوا لا إله إلا الله ردت عليهم وقال الله تعالى كذبتم"

(3)

، وذكر أبو عبد الله الترمذي الحكيم عن الحسن قال: ليس

(1)

سبق الإشارة إليه.

(2)

الطبراني في الأوسط (1235)، وفي الكبير (5074)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 18)، رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، وهو ضاع.

(3)

أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص 144)، وأبو يعلى كما في المطالب (3285)، وابن عدي (5/ 20)، والحكيم الترمذي (4/ 550)، والبيهقي في الشعب (13/ 100 - 101 =

ص: 309

الإيمان بالتحلي ولا الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة" قيل: يا رسول الله ما إخلاصها؟ قال: "أن تحجره عن محارم الله تعالى"

(1)

.

2346 -

وَعَن رِفَاعَة الْجُهَنِيّ رضي الله عنه قَالَ أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذا كُنَّا بالكديد أَو بِقديد فَحَمدَ الله وَقَالَ خيرا وَقَالَ أشهد عِنْد الله لا يَمُوت عبد يشْهد أَن لا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله صدقا من قلبه ثمَّ يسدد إِلَّا سلك فِي الْجنَّة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد لا بَأْس بِهِ وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث

(2)

.

قوله: وعن رفاعة الجهني رضي الله عنه[هو رفاعة بن عرابة وقيل: عراة الجهني، ويقال: العذري، يكنى خزامة روى عنه عطاء بن يسار، مدني، يعد في أهل الحجاز].

= رقم 10015 و 10016). وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 277)، ثم قال: رواه البزار، وإسناده حسن. وضعفه الألباني في الضعيفة (6301).

(1)

نوادر الأصول (4/ 496). والحديث أخرجه الترمذي في النوادر (46)، والطبراني في الأوسط (2/ 56 رقم 1235) عن زيد بن أرقم. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا شريك، تفرد به: محمد بن عبد الرحمن. قال العراقى في تخريح الإحياء (ص 521): أخرجه الطبراني من حديث زيد بن أرقم في معجمه الكبير والأوسط بإسناد حسن.

وقال الهيثمي في المجمع 1/ 18: رواه الطبراني في الأوسط والكبير، إلا أنه قال في الكبير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إخلاصه أن تحجزه عما حرم الله عليه". وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، وهو وضاع. وقال الألباني: موضوع الضعيفة (5148).

(2)

أحمد (16215)، وابن خزيمة في التوحيد (ص 313).

ص: 310

قوله: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد أو بقديد، الكديد بفتح الكاف وبعدها دال مهملة مكسورة وياء آخر الحروف ساكنة ودال مهملة اسم عين جارية بينها وبين مكة قريب من مرحلتين

(1)

، وقيل: اثنين وأربعين ميلا

(2)

، وقديد بضم أوله على لفظ التصغير قرية جامعة كثيرة المياه والبساتين من أعمال الفرع، والفرع حجازي من أعمال المدينة ومن أشرف ولاياتها وبين قديد والكديد ستة عشر ميلا، الكديد أقرب إلى مكة، وسميت قديدا لتقدد السيول بها أي تقطعها وهي لخزاعة وصغروه لأنهم شبهوه بالقديد وهو الشراك الصغير وبقديد كانت وقعة الخارجي الذي يقال له طالب الحق مع أهل المدينة، وفي الكتب القديمة أن قديدا هو الوادي الذي وقعت فيه الريح بسليمان وأنه هو الذي أتى فيه بصاحبة سبأ

(3)

، وسبأ اسم بلدة كانت تسكنها بلقيس

(4)

قاله في الحواشي على الشفا.

قوله صلى الله عليه وسلم: "أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقا من قلبه ثم يسدد إلا سلك في الجنة" الحديث يحترز به عن شهادة المنافقين

(5)

.

(1)

الكواكب الدراري (9/ 115 - 116) و (12/ 195).

(2)

مشارق الأنوار (1/ 351)، وشرح النووي على مسلم (7/ 230).

(3)

الاقتضاب (2/ 359).

(4)

المحكم (8/ 559).

(5)

الكواكب الدراري (2/ 155).

ص: 311

2347 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ عبد لا إِلَه إِلَّا الله قطّ مخلصا إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى يُفْضِي إِلَى الْعَرْش مَا اجْتنبت الْكَبَائِر رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب

(1)

.

وقوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى يفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر"، وتقدم معنى الإخلاص في أحاديث الباب أيضًا، وروي عن الحسن أنه قال: هذا العمود فأين الطنب؟ يعني أن كلمة التوحيد عمود الفسطاط ولكن لا يثبت الفسطاط بدون أطنابه وهي فعل الواجبات وترك المحرمات، وقيل للحسن أن ناسا يقولون من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فقال: من قال لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة، ذكره ابن رجب في شرح الأربعين النواوية

(2)

، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله ومد بها صوته أسكنه الله عز وجل دار الجلال، دارا سمى بها نفسه فقال ذو الجلال والإكرام، ورزقه النظر إلى وجه الله" رواه منصور الديلمي في كتابه مسند الفردوس عن والده بسنده إلى عبد الله بن عمر وقال: متصل الإسناد

(3)

، وعن أنس بن مالك أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله

(1)

الترمذي (3590)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (10669)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5648).

(2)

جامع العلوم والحكم (1/ 522).

(3)

أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 168)، والديلمي كما في الزيادات على =

ص: 312

إلا الله ومدها هدمت أربعة آلاف ذنب من الكبائر" رواه منصور الديلمي عن والده بسنده إلى أنس مرفوعا فذكره وقال: متصل الإسناد

(1)

.

فائدة: عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله عز وجل ملكا يوم خلق السموات والأرض وأمره أن يقول لا إله إلا الله فهو يقول لا إله إلا الله مادا بها صوته لا يقطعها ولا يتنفس فيها ولا يتمها فإذا أتمها أمر الله إسرافيل ينفخ في الصور وقامت القيامة" رواه أبو منصور في مسند الفردوس بسنده إلى عبد الله بن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم متى ينفخ في الصور؟ فقال سألت جبريل عليه السلام. متى ينفخ في الصور؟ فقال سألت إسرافيل متى ينفخ في الصور؟ فقال سألت الرفيع متى ينفخ في الصور؟ فقال سألت اللوح المحفوظ متى ينفخ في الصور؟ فقال سألت القلم متى ينفخ في الصور؟ فقال إن الله عز وجل خلق ملكا

الحديث

(2)

. قال الكاسهردار غفر الله له ولوالديه: قيل الرفيع هو اسم ملك من حملة العرش والله أعلم.

لطيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أريت حمزة وجعفرا وكأن بين أيديهما طبق فيه نبق كالزبرجد يأكلان منه فقلت لهما: ما وجدتما أفضل الأقوال والأعمال قالا لا إله إلا الله قلت ثم ماذا قالا الصلاة عليك يا رسول الله قلت ثم ماذا؟

= الموضوعات (720). وقال الذهبى في الميزان (2/ 338): وهذا باطل. قال السيوطى: عباد بن كثير يضع.

(1)

أخرجه الديلمى كما في الزيادات على الموضوعات (721). قال السيوطى: يغنم كذاب.

(2)

أخرجه ابن النجار كما في الوافى (5/ 148)، والزيادات على الموضوعات (2/ 639)، والديلمى كما في الغرائب الملتقطة (699).

ص: 313

قالا حب أبي بكر وعمر"

(1)

.

2348 -

وَعنهُ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله نفعته يَوْمًا من دهره يُصِيبهُ قبل ذَلِك مَا أَصَابَهُ رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانيُّ وَرُوَاته رُوَاة الصَّحِيح

(2)

.

قوله: وعنه رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره" [قال النووي: مذهب أهل السنة بأجمعهم أن أهل الذنوب في المشيئة، وأن من مات موقنا بالشهادتين يدخل الجنة، فإن كان دينا أو سليما من المعاصي دخل الجنة برحمة الله، وحرم على النار، وإن كان من المخلطين بتضييع الأوامر أو بعضها، وارتكاب النواهي أو بعضها ومات عن غير توبة فهو في خطر المشيئة، وهو بصدد أن يمضي عليه الوعيد إلا أن يشاء الله أن يعفو عنه فإن شاء أن يعذبه فمصيره الجنة

(3)

].

2349 -

وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ قَالَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم يَا رب عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ وأدعوك بِهِ قَالَ قل لا إِلَه إِلَّا الله قَالَ يَا رب

(1)

أخرجه الديلمى كما في الغرائب الملتقطة (547).

(2)

البزار (3)، والطبراني في الأوسط (6396)، والبيهقي في شعب الإيمان (97)، وفي الأسماء والصفات (190)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 46)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 17)، رواه البزار والطبراني في الأوسط والصغير، ورجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (6434).

(3)

شرح النووي على مسلم (1/ 220).

ص: 314

كل عِبَادك يَقُول هَذَا قَالَ قل لا إِلَه إِلَّا الله قَالَ إِنَّمَا أُرِيد شَيْئًا تخصني بِهِ قَالَ يَا مُوسَى لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالأرضين السَّبع فِي كفة وَلا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة مَالَتْ بهم لا إِلَه إِلَّا الله رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم كلهم من طَرِيق دراج عَن أبي الْهَيْثَم عَنهُ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد

(1)

.

قوله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله "يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله".

قوله: كلهم من طريق دراج عن أبي الهيثم [هو سليمان بن عمرو بن عبد، ويقال: ابن عبيد، الليثي العتواري، أبو الهيثم المصري صاحب أبي سعيد الخدري، وكان في حجره أوصى إليه أبوه به وثقه يحيى بن معين وذكره ابن حبان في الثقات].

2350 -

وَعَن جَابر رضي الله عنه: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ أفضل الذّكر لا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الْحَمد لله رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالنَّسَائيُّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم كلهم من طَرِيق طَلْحَة بن خرَاش عَنهُ وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الإِسْنَاد

(2)

.

(1)

النسائي في عمل اليوم والليلة (10670)، وابن حبان (6218)، والحاكم (1/ 528)، والطبراني في الدعاء (1480)، والبيهقي في الأسماء والصفات (185).

(2)

ابن ماجه (3800)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (1067)، وابن حبان (846)، والحاكم (1/ 498)، والترمذي (3383)، وقال: حديث حسن غريب، والأصبهاني في الترغيب (2508)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 42)، وابن أبي الدنيا في الشكر (102)، والخرائطي في فضيلة الشكر (7)، والبيهقي في شعب الإيمان (4371)، والبغوي في شرح السنة (1269)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1104).

ص: 315

قوله: وعن جابر رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله" اختلف العلماء أيهما أفضل قول العبد الحمد لله أو لا إله إلا الله فقال طائفة الحمد لله أفضل لأن في ضمنها التوحيد الذي هو لا إله إلا الله ففي ذلك توحيد وحمد وفي قول لا إله إلا الله توحيد فقط

(1)

وقال الأكثرون لا إله إلا الله أفضل لأنها تدفع الكفر والإشراك وعليها تقاتل الخلق لقوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" وهي أفضل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم والنبيون قبله

(2)

وهي ترجح الميزان وإن كانت كلمة الحمد تملأ الميزان فالمرجح أرجح، وفي شعب الإيمان للبيهقي عن معروف الكرخي، يقول: وح رجل البيت، فقال:"اللهم لك الحمد عدد عفوك عن خلقك"، ثم حج من قابل فقالها فسمع صوتا ما أحصيناها منذ قلتها عام أول

(3)

اهـ قاله في الديباجة

(4)

.

تنبيه: اختلف أيضا في الحمد والتسبيح غير أن ابن خزيمة في موضع يفضل التسبيح وفي باب آخر يفضل الحامدين وأيضا فالحامد ذاكر للنعمة مثن بها على الله تعالى فعبادته لها سبب موجود عنده وقال فلأن الحامدين أفضل من

(1)

تفسير ابن عطية (1/ 66).

(2)

تفسير القرطبي (1/ 132).

(3)

شعب الإيمان (6/ 73 رقم 3901).

(4)

كتاب الديباجة في شرح سنن ابن ماجه، لا يزال مخطوطًا كما سبق الإشارة إلى هذا.

ص: 316

المسبحين وأما التسبيح فليس له سبب عنده والفضل حاصل بنفس الكلمات التي ينطق بها والحامدون يثابون بسبب حمدهم لله تعالى على نعمه اهـ قاله في الديباجة

(1)

.

قوله: كلهم من طريق طلحة بن خراش عنه [طلحة بن خراش - بالخاء المعجمة - بن عبد الرحمن بن خراش بن الصمة، الأنصاري السلمي المدني روى عن جابر قال النسائي: صالح، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" قال ابن عبد البر: مدني ثقة. وقال الأزدي: طلحة روى عن جابر مناكير. وذكره أبو موسى في ذيل معرفة الصحابة، وبين أن حديثه مرسل].

2351 -

وَعَن يعلى بن شَدَّاد قَالَ حَدثنِي أبي شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه وَعبادَة بن الصَّامِت حَاضر يصدقهُ قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَل فِيكُم غَرِيب يَعْني أهل الْكتاب قُلْنَا لا يَا رَسُول الله فَأمر بغلق الْبَاب وَقَالَ ارْفَعُوا أَيْدِيكُم وَقُولُوا لا إِلَه إِلَّا الله فرفعنا أَيْدِينَا سَاعَة ثمَّ قَالَ الْحَمد لله اللَّهُمَّ إِنَّك بعثتني بِهَذِهِ الْكَلِمَة وأمرتني بهَا ووعدتني عَلَيْهَا الْجنَّة وَأَنت لا تخلف الميعاد ثمَّ قَالَ أَبْشِرُوا فَإِن الله قد غفر لكم رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن وَالطَّبَرَانيّ وَغَيرهمَا

(2)

.

قوله: وعن يعلى بن شداد [يعلى بن شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري الخزرجي البخاري، أبو ثابت المقدسي، روى عن: أبيه شداد بن أوس،

(1)

سبق.

(2)

أحمد (17121)، والطبراني في الكبير (7163)، والبزار (10)، والحاكم (1/ 510)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 81)، رواه أحمد وفيه راشد بن داود، وقد وثقه غير واحد، وفيه ضعف، وقال في (1/ 19)، رواه أحمد والطبراني والبزار ورجاله موثقون.

ص: 317

وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان، وأم حرام بنت ملحان، روى عنه: جسر بن الحسن اليمامي، وراشد بن داود الصنعاني وقيل بينهما نافع، وسليمان بن عبد الله بن الزبرقان وغيرهم ذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء].

2352 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جددوا إيمَانكُمْ قيل يَا رَسُول الله وَكَيف نجدد إيمَاننَا قَالَ أَكْثرُوا من قَول لا إِلَه إِلَّا الله رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانيُّ وَإسْنَاد أَحْمد حسن

(1)

.

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "جددوا إيمانكم قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا قال أكثروا من قول لا إله إلا الله".

فائدة: قال الإمام فخر الدين الرازي في أسرار التنزيل

(2)

: [ذكر الله تعالى كلمة لا إله إلا الله في سبعة وثلاثين موضعا من كتابه وصرح بالوحدانية في مواضع مثل قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}

(3)

وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وكل ذلك صريح في الباب. ورابعها: قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ}

(4)

(1)

أحمد (8710)، والحاكم (4/ 256)، والبزار (664)، - وأبو نعيم في الحلية (2/ 357)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 82)، رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2626).

(2)

تفسير الرازي (22/ 130).

(3)

سورة البقرة، الآية:163.

(4)

سورة القصص، الآية:88.

ص: 318

حكم بهلاك كل ما سواه، ومن عدم بعد وجوده لا يكون قديما، ومن لا يكون قديما لا يكون إلها. وخامسها: قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}

(1)

، وهو كقوله:{وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}

(2)

وقوله: {إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا}

(3)

. وسادسها: قوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}

(4)

{وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ}

(5)

وقال في آية أخرى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ}

(6)

. وسابعها: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ}

(7)

وهذا الحصر يدل على نفي الشريك. وثامنها: قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}

(8)

والله خالق كل شيء].

فائدة جليلة فيها بشرى: قال بعض العارفين: أوصيك أن تحافظ على أن

(1)

سورة الأنبياء، الآية:22.

(2)

سورة المؤمنون، الآية:91.

(3)

سورة الإسراء، الآية:42.

(4)

سورة الأنعام، الآية:17.

(5)

سورة يونس، الآية:107.

(6)

سورة الزمر، الآية:38.

(7)

سورة الأنعام، الآية:46.

(8)

سورة الرعد، الآية:16.

ص: 319

تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا الله سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك أو رقبة من تقولها عنه من النار ورد به خبر نبوي وأخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن فخرى عن ابن التوزرى عرف بالقسطلاني بمصر أن العارف أبا الربيع المالقي كان على مائدة وقد ذكر هذا الذكر عليها صبي صغير من أهل الكشف فلما مد يده للطعام بكى فقيل: ما شأنك قال: هذه جهنم أراها وأمي فيها فقال المالقي في نفسه: اللهم إني قد جعلت هذه التهليلة عتق أمه من النار فضحك الصبي وقال: الحمد لله الذي خرجت أمي منها وما أدري سبب خروجها، قال المالقي: فظهر لي صحة الحديث بكشف هذا الصبي وصح عندي كشف هذا الصبي بالخبر

(1)

. اهـ والله أعلم.

2354 -

وَعَن عَمْرو رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنِّي لأعْلم كلمة لا يَقُولهَا عبد حَقًا من قلبه فَيَمُوت على ذَلِك إِلَّا حرم على النَّار لا إِلَه إِلَّا الله رَوَاهُ الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا وروياه بِنَحْوِهِ

(2)

.

(1)

ذكره صاحب الفتوحات المكية (4/ 474). قلنا وهذا على عادته من نقل الخرافات والبدع والتهاويل الصوفية التي لا دليل عليها من كتاب ولا سنة وقد حكم غير واحد عليه بالكفر والزندقة.

(2)

الحاكم (1/ 72)، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولا بهذا الإسناد، إنما اتفقا على حديث محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك، الحديث الطويل في آخره.

ص: 320

2353 -

وَعَن عبد الله رضي الله عنه: من جَاءَ بِالْحَسَنَة قَالَ من جَاءَ بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ قَالَ من جَاءَ بالشرك رَوَاهُ الْحَاكم مَوْقُوفا وَقَالَ صَحِيح على شَرطهمَا

(1)

.

قوله: وعن عمرو رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك إلا حرم على النار لا إله إلا الله" الحديث.

قوله "حقا من قلبه" أي خالصا.

تنبيه: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: قال: قال رسول الله الأنعام، صلى الله عليه وسلم.:"إن الله عهد إلي ألا يأتيني أحد من أمتي بلا إله إلا الله لا يخلط بها شيئا إلا وجبت له الجنة قالوا: يا رسول الله وما الذي يخلط بلا إله إلا الله؟ قال: "حرصا على الدنيا وجمعا لها ومنعا لها، يقولون قول الأنبياء ويعملون أعمال الجبابرة"

(2)

.

قلت: ذكر هذا الحديث أبو عبد الله القرطبي ولم يضعفه ومن خطه نقلته

(3)

.

2355 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكْثرُوا من شَهَادَة أَن لا إِلَه إِلَّا الله قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَينهَا رَوَاهُ أَبُو يعلى بِإِسْنَاد جيد قوي

(4)

.

(1)

الحاكم (2/ 406).

(2)

أخرجه الحكيم الترمذي (47). وضعفه العراقي في تخريج الإحياء.

(3)

تفسير القرطبي (10/ 60).

(4)

أبو يعلى (6147)، والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 38)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1082)، رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح، غير ضمام بن إسماعيل، وهو ثقة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1212).

ص: 321

قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه: تقدم الكلام عليه.

قوله: "أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها" أي من مرض أو عرض وغيرهما فيمنعه ذلك من الإكثار منها.

2356 -

وَرُوِيَ عَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَفَاتِيح الْجنَّة شَهَادَة أَن لا إِلَه إِلَّا الله رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار

(1)

.

2357 -

وَرُوِيَ عَن أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا من عبد قَالَ لا إِلَه إِلَّا الله فِي سَاعَة من ليل أَو نَهَار إِلَّا طمست مَا فِي الصَّحِيفَة من السَّيِّئَات حَتَّى تسكن إِلَى مثلهَا من الْحَسَنَات رَوَاهُ أَبُو يعلى

(2)

.

قوله: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله".

تتمة: اسم الله في القرآن في ألفين وستمائة وأربع وأربعين موضعا واسم آدم في سبع وعشرين موضعا

(3)

واسم نوح في ثمان وعشرين موضعا

(4)

وأسم

(1)

أحمد (22102)، والبزار (2)، وقال: شهر لم يسمع من معاذ حديثا، والطبراني في الدعاء (1479)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 16)، رواه أحمد والبزار، وفيه انقطاع بين شهر ومعاذ، وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل الحجاز ضعيفة وهذا منها، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5264).

(2)

أبو يعلى (3611)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 82)، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهري، وهو متروك.

(3)

عمدة القاري (15/ 204).

(4)

عمدة القاري (15/ 217).

ص: 322

إدريس في موضعين واسم هود في ستة مواضع واسم صالح في خمسة مواضع واسم إبراهيم في أحد وسبعين موضعا واسم لوط في تسعة عشر موضعا واسم يوسف سبعة وعشرين موضعا

(1)

واسم شعيب تسعة مواضع

(2)

واسم موسى في مائة وثمانية وعشرين

(3)

والله أعلم.

2358 -

وَروِيَ عَن أبي هرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن لله تبارك وتعالى عمودا من نور بَين يَدي الْعَرْش فَإِذا قَالَ العَبْد لَا إِلَه إِلَّا الله اهتز ذَلِك العمود فَيَقُول الله تبارك وتعالى اسكن فَيَقُول كَيفَ أسكن وَلم تغْفر لقائلها فَيَقُول إِنِّي قد غفرت لَهُ فيسكن عِنْد ذَلِك رَوَاهُ الْبَزَّار وَهُوَ غَرِيب

(4)

.

قوله: وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم "إن لله تبارك وتعالى عمودا من نور بين يدي العرش فإذا قال العبد لا إله إلا الله اهتز ذلك العمود" الحديث.

فائدة جليلة فيها بشرى: عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قال العبد المسلم لا اله إلا الله خرقت السموات حتى تقف بين يدى الله فيقول الله اسكني اسكني فتقول كيف اسكن ولم تغفر لقائلها فيقول ما اجريتك على

(1)

عمدة القاري (15/ 277).

(2)

عمدة القاري (15/ 311).

(3)

عمدة القاري (15/ 284).

(4)

البزار (3066)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 82)، وفيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو، وهو ضعيف جدا.

ص: 323

لسانه إلا وقد غفرت له"

(1)

قوله "خرقت" أي قطعت وجازت رواه أبو منصور الديلمي في كتابه مسند الفردوس بسنده عن والده إلى أنس بن مالك مرفوعا فذكره وقال صحيح الإسناد.

2359 -

وَعَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ على أهل لا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة فِي قُبُورهم وَلا منشرهم وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل لا إِلَه إِلَّا الله وهم يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَيَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن.

وَفِي رِوَايَة لَيْسَ على أهل لا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة عِنْد الْمَوْت وَلا عِنْد الْقَبْر رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَالْبَيْهَقِيّ كِلاهُمَا من رِوَايَة يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي وَفِي مَتنه نَكَارَة

(2)

.

قوله: وعن ابن عمر رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.

قوله: "ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا منشرهم" الحديث، المنشر هو إحياء الموتى عند خروجهم من القبور.

2360 -

وَعَن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَيْضا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أخْبركُم بِوَصِيَّة نوح ابْنه قَالُوا بلَى قَالَ أوصى نوح ابْنه فَقَالَ لَابْنِهِ يَا بني إِنِّي أوصيك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ أوصيك بقول لا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهَا لَو وضعت فِي كفة وَوضعت السَّمَوَات وَالأرْض فِي كفة لرجحت بِهن وَلَو كَانَت حَلقَة

(1)

أخرجه الديلمى كما في الغرائب الملتقطة (221) عن أنس. وفيه علي بن عاصم ضعيف.

(2)

الطبراني في المعجم الأوسط (9478)، والبيهقي في شعب الإيمان (100)، والطبراني (9445)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 83)، وفي الرواية الأولى يحيى الحماني، وفي الأخرى مجاشع بن عمرو، وكلاهما ضعيف.

ص: 324

لقصمتهن حَتَّى تخلص إِلَى الله فَذكر الحَدِيت رَوَاهُ الْبَزَّار

(1)

وَرُوَاته مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح إِلَّا ابْن إِسْحَاق.

وَهُوَ فِي النَّسَائيِّ عَن صَالح بن سعيد رَفعه إِلَى سُلَيْمَان بن يسَار إِلَى رجل من الأنْصار لم يسمه

(2)

.

وَرَوَاهُ الْحَاكِم عَن عبد الله وَقَالَ صَحِيح الإِسْنَاد وَلَفظه قَالَ وآمركما بِلا إِلَه إِلَّا الله فَإِن السَّمَوَات وَالأرْض وَمَا فيهمَا لَو وضعت فِي كفة وَوضعت لا إِلَه إِلَّا الله فِي الكفة الأُخْرَى كَانَت أرجح مِنْهُمَا وَلَو أَن السَّمَوَات وَالأرْض وَمَا فيهمَا كَانَت حَلقَة فَوضعت لا إِلَه إِلَّا الله عَلَيْهِمَا لقصمتهما وآمر كما بسبحان الله وَبِحَمْد فَإِنَّهَا صَلَاة كل شَيْء وَبهَا يرْزق كل شَيْء

(3)

.

2361 -

وروى التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ التَّسْبِيح نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله تملؤه وَلا إِلَه إِلَّا الله لَيْسَ لَهَا دون الله حجاب حَتَّى تخلص إِلَيْهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيت غَرِيب

(4)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه في أوائل هذا التعليق مبسوطا.

(1)

البزار (3069)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 84)، وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح.

(2)

النسائي في عمل اليوم والليلة (832).

(3)

الحاكم (1/ 48)، وأحمد (6583)، والبخاري في الأدب المفرد (548)، وابن عساكر في التاريخ (62/ 285).

(4)

الترمذي (3518)، وقال: حديث غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي.

ص: 325

قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بوصية نوح ابنه قالوا بلى، قال أوصى نوح ابنه" الحديث.

فائدة: ابن نوح

(1)

اسمه ثاران وقيل أنعم [حكاه النقاش وقال الكلبى: مشكم].

قوله: "ولو كانت حلقة لقصمتهن حتى تخلص إلى الله" تقدم الكلام على الحلقة وبقي الكلام على قوله "لقصمتهن" القصم هو [كسر الشيء وإبانته، وبالفاء: كسره من غير إبانة].

2362 -

وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصي رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله يستخلص رجلا من أمتِي على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فينشر عَلَيْهِ تِسْعَة وتِسْعين سجلا كل سجل مثل مد الْبَصَر تمَّ يَقُول أتنكر من هَذَا شَيْئا أظلمك كتبتي الحافظون فَيَقُول لا يَا رب فَيَقُول أَفَلَك عذر فَقَالَ لا يَا رب فَيَقُول الله تَعَالَى بلَى إِن لَك عندنَا حَسَنةٌ فَإِنَّهُ لا ظلم عَلَيْك الْيَوْم فَتخرج بطاقة فِيهَا أشهد أَن لا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول احضر وزنك فَيَقُول يَا رب مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات فَقَالَ فَإنَّك لا تظلم فتوضع السجلات فِي كفة والبطاقة فِي كفة فطاشت السجلات وثقلت

(1)

كذا هو بالأصل ابن نوح والمعروف أن ابن نوح اسمه كنعان قاله قتادة كما في تفسير ابن أبي حاتم (6/ 2035 رقم 10898) وأما ما ذكر المصنف فهو المعروف أنه ابن لقمان قال السهيلى في الروض الأنف (4/ 67): ولقمان كان نوبيا من أهل أيلة وهو لقمان بن عنقاء بن سرور فيما ذكروا وابنه الذي ذكر في القرآن هو ثأران فيما ذكر الزجاج وغيره وقد قيل في اسمه غير ذلك. وقال القرطبي في التفسير (14/ 62): قال السهيلي: اسم ابنه ثاران، في قول الطبري والقتبي. وقال الكلبي: مشكم. وقيل أنعم، حكاه النقاش.

ص: 326

البطاقة فَلَا يثقل مَعَ اسْم الله شَيْء رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكم وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْحَاكم صحِيح على شَرط مُسلم

(1)

.

قوله: وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما تقدم الكلام عليه.

قوله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة" وفي بعض النسخ "إن الله يستخلص رجلا".

رواه الترمذي في الأيمان أي يخصه بالخلاص من بين سائر الخلق وأخرجه ابن ماجه في سننه وقال بدل قوله في أول الحديث "إن الله يستخلص رجلا من أمتي" "يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر" ومنه قوله تعالى {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا}

(2)

اهـ من خط المصنف رحمه الله. والسجل بالكسر والتشديد هو الكتاب الكبير

(3)

.

قوله: "فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله" الحديث، البطاقة رقعة صغيرة سميت بذلك لأنها تشد بطاقة من الثوب فتكون التاء حينئذ زائدة وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر

(4)

وقال

(1)

الترمذي (2639)، وابن ماجه (4300)، وابن حبان (225)، والحاكم (1/ 529)، والبيهقي في شعب الإيمان (283)، وأحمد (6994).

(2)

سورة الإسراء، الآية:13.

(3)

النهاية (2/ 344).

(4)

النهاية (1/ 135).

ص: 327

ابن ماجه في آخر الحديث قال محمد بن يحيى البطاقة الرقعة أهل مصر يقولون للرقعة بطاقة

(1)

ومنه حديث ابن عباس قال لامرأة سألته عن مسألة اكتبيها في بطاقة أي رقعة صغيرة

(2)

.

قوله: "فيها أشهد أن لا إله إلا الله" الحديث، ليست هذه شهادة التوحيد لأن من شأن الميزان أن يوضع في كفة شيء وفي الأخرى ضده فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة فهذا غير مستحيل لأن العبد يأتي بهما جميعا ويستحيل أن يأتي بالكفر والإيمان جميعا غير وجد حتى يوضع الإيمان في كفة والكفر في كفة لهذا استحال أن توضع شهادة التوحيد في الميزان وأما بعد ما أمن العبد فإن النطق منه بالدار الله حسنه توضع في الميزان مع سائر الحسنات

(3)

. قاله الحكيم الترمذي

(4)

.

قلت

(5)

: ويدل على هذا قوله في الحديث فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة ولم يقل إن لك عندنا إيمانا، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لا إله إلا الله أمن الحسنات هي فقال هي من أعظم الحسنات، خرجه البيهقي وغيره ويجوز أن تكون هذه الكلمة هي آخر كلامه في الدنيا كما في حديث معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة".

(1)

التذكرة (ص 718).

(2)

النهاية (1/ 136).

(3)

التذكرة (ص 729).

(4)

نوادر الأصول (2/ 295 - 296).

(5)

التذكرة (ص 729 - 730).

ص: 328

قوله صلى الله عليه وسلم: "فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة" السجلات جمع سجل بالكسر والتشديد وهو الكتاب الكبير كما تقدم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فطاشت السجلات" يعني خفت والطيش الخفة وقد طاش يطيش طيشا فهو طائش ومنه حديث عمر بن أبي سلمة: "كانت يدي تطيش في الصفحة" أي تخف وتتناول من كل جانب ومنه حديث ابن شبرمة وسئل عن الشكر فقال: إذا طاشت رجلاه واختلط كلامه قاله في النهاية

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وثقلت البطاقة" والبطاقة القطعة والله أعلم.

(1)

النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 153).

ص: 329