الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها
2257 -
عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه أَنه كَانَت لَهُ سهوة فِيهَا تمر وَكَانَت تَجِيء الغول فتأخذ مِنْهُ قَالَ فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اذْهَبْ فَإِذا رَأَيْتهَا فَقل باسم الله أجيبي رَسُول الله قَالَ فَأَخذهَا فَحَلَفت أَن لَا تعود فأرسلها فجَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا فعل أسيرك قَالَ حَلَفت أَن لَا تعود قَالَ كذبت وَهِي معاودة للكذب قَالَ فَأَخذهَا مرّة أُخْرَى فَحَلَفت أَن لَا تعود فأرسلها فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا فعل أسيرك قَالَ حَلَفت أَن لَا تعود فَقَالَ كذبت وَهِي معاودة للكذب فَأَخذهَا فَقَالَ مَا أَنا بتاركك حَتَّى أذهب بك إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت إِنِّي ذاكرة لَك شَيْئا آيَة الْكُرْسِيّ اقرأها فِي بَيْتك فَلَا يقربك شَيْطَان وَلا غَيره فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا فعل أسيرك قَالَ فَأخْبرهُ بمَا قَالَت قَالَ صدقت وَهِي كذوب رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب
(1)
.
وَتقدم حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِيمَا يَقُوله إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه وَسَتَأْتِي أَحَادِيث فِي فَضلهَا فِيمَا يَقُوله دبر الصَّلَوَات إِن شَاءَ الله.
السهوة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة هِيَ الطاق فِي الْحَائِط يوضع فِيهَا الشَّيْء وَقيل هِيَ الصّفة وَقيل المخدع بَين الْبَيْتَيْنِ وَقيل هُوَ شَيْء شَبيه بالرف وَقيل بَيت
(1)
الترمذي (2880)، وأحمد (23592)، والطبراني في المعجم الكبير (4011)، والحاكم (3/ 459)، وأبو نعيم في الدلائل (545)، وأبو الشيخ في العظمة (1108)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
صَغِير كالخزانة الصَّغِيرَة.
قَالَ المملي كل وَاحِد من هَؤُلاءِ يُسمى السهوة وَلَفظ الحَدِيث يحْتَمل الْكل وَلَكِن ورد فِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث مَا يرجح الأول.
والغول بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة هُوَ شَيْطَان يَأْكُل النَّاس وَقيل هُوَ من يَتلون من الْجِنّ.
قوله: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله: أنه كانت له سهوة فيها تمر؛ السهوة هي الطاق في الحائط يوضع فيها الشيء، وقيل: هي الصفة، وقيل: المخدع بين البيتين، وقيل: هو شيء شبيه بالرف، وقيل: بتي صغير كالخزانة الصغيرة، قال المملي رحمه الله: كل واحد من هؤلاء يسمى السهوة ولفظ الحديث يحتمل الكل ولكن ورد في بعض طرق الحديث ما يرجح الأول.
قوله: "وكانت تجيء الغول فتأخذ منه" الحديث، الغول بضم الغين المعجمة هو شيطان يأكل الناس، وقيل: هو من يتلون من الجن، أ. هـ قاله المنذري.
وقال في حياة الحيوان: الغول: واحدة الغيلان، وهو جنس من الجن والشياطين، وجمعهم أغوال وغيلان، وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول، والتغول التلون. وقال قدم الغول ساحرة الجن وهي تتصور في صور شتى وأخذوا ذلك من قول كعب بن زهير بن أبي سلمى رضي الله عنه:
فما تكوم على حال تدوم بها
…
كما تلوّن في أثوابها الغول
وقال الجوهري: قال العلماء: السعالي بالسين المهملة المفتوحة والعين المهملة سحرة الجن، وفي الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس إذا انفرد رجل في الصحراء ظهرت له الغول في حلقه إنسان فلا يزال يتبعها حتى يضل عن الطريق فتدنوا منه وتتمثل له في صور مختلفة فتهلكه رواع وإذا أرادت أن تضل إنسانا أيضا أوقدت له نارا فيقصدها فتفعل ذلك قالوا: وخلقتها خلقة إنسان ورجلاها رجلا حمار
(1)
.
فائدة: وروي الطبراني والبزار برجال ثقات من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تغولت لكم الغول فنادوا بالأذان فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص"
(2)
قال في الأذكار إنه حديث صحيح، أرشد صلى الله عليه وسلم إلى دفع ضررها بذكر الله والذي ذهب إليه المحققون أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر:
الجود والغول والعنقاء ثالثة
…
أسماء أشياء لم تؤخذ ولم تكن
ولذلك سموا الغول خيتعور وهو كل شيء لا يدوم على حالة واحدة، ويضحل كالسراب وكالذي ينزل من الهواء في شدة الحر كنسج العنكبوت،
(1)
حياة الحيوان (2/ 263 - 267).
(2)
أخرجه ابن ماجه (329)، وابن خزيمة (2548) عبد الرزاق (9247)، وابن خزيمة (2549)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (523). ضعيف الجامع الصغير وزيادته (436).
قال الشاعر:
كل أنثى وإن بدا لك منها
…
آية الخب حبها خيتعور
(1)
فائدة أخرى: روى ابن أبي الدنيا في كتاب مكائد الشيطان من حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الجن ثلاثة أصناف صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الحساب والعقاب وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف صنف كالبهائم لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف كالملائكة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله
(2)
.
فائدة أخرى: روى الشافعي والبيهقي أن رجلا من الأنصار خرج يصلي العشاء فسبته الجن وفقد أعواما وتزوجت امرأته ثم أتى المدينة فسأله عمر عن ذلك، فقال: اختطفتني الجن فلبث فيهم زمانا طويلا فغزاهم جن مؤمنون فقاتلوهم فظهروا عليهم فسبوا منهم سبايا وسبوني معهم فقالوا نراك رجلا
(1)
حياة الحيوان (2/ 267 - 267).
(2)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (156) ومكائد الشيطان (1)، وأبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (5600) والمطالب (343)، والحكيم الترمذي في النوادر (227)، والطبراني في الكبير (22/ 214 رقم 573) والشاميين (1956)، وأبو الشيخ في العظمة (1081)، والحاكم في المستدرك (2/)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 137).
قال الهيثمي في المجمع 8/ 136: رواه الطبراني ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف.
وقال في الإتحاف: رواه أبو يعلى بسند ضعيف لجهالة بعض رواته وضعف بعضهم.
وضعفه الألباني في الضعيفة (3549).
مسلما ولا يحل لنا سباؤك فخيروني بين المقام عندهم والقفول إلى أهلي فاخترت أهل فأتوا بي إلى المدينة، الحديث
(1)
، ونقل ابن عطية وغيره الإجماع على اتفاق العلماء على أن الجن متعبدون بهذه الشريعة على الخصوص وأن نبينا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الثقلين يعني الجن والإنس، ويدل العموم بعثته من السنة أحاديث منها ما روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت جوامع الكلم وأرسلت إلى الناس كافة
(2)
، ومن المستغربات ما روي أحمد بن مروان المالكي الدينوري في أوائل الجزء التاسع من المجالسة عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة؟ فقال: يدخلونها ولكن لا يأكلون فيها ولا يشربون ويلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام والشراب، وقيل: إنهم إذا دخلوا الجنة لا يكونون مع الإنس بل يكونون في ربضها
(3)
.
فإن قيل: لو كانت الأحكام بجملتها لازمة لهم لكانوا يترددون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتعلموها ولم ينقل أنهم أتوه إلا مرتين بمكة وقد تجدد بعد ذلك أكثر الشريعة؛ قلنا: لا يلزم من عدم النقل عدم إجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسماعهم كلامه من غير أن يراهم المؤمنون ويكون هو صلى الله عليه وسلم يراهم
(1)
أخرجه سعيد بن منصور (1755)، والبيهقي في الكبرى (7/ 733 - 734 رقم 15570 و 15571). وصححه الألباني في الإرواء:1709.
(2)
أخرجه مسلم (5 - 523).
(3)
أخرجه الدينورى في المجالسة (1212).
ولا يراهم المؤمنون فإن الله تعالى يقول عن رأس الجن {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}
(1)
فقد يراهم هو صلى الله عليه وسلم بقوة يعطيها الله تعالى له زائدة على قوة أصحابه، وقد يراهم بعض الصحابة في بعض الأحوال كما رأى أبو هريرة الشيطان الذي أتاه يسرق من زكاة رمضان كما رواه البخاري، وقال القزويني: ورأى الغول جماعة من الصحابة منهم عمر حين سافر إلى الشام قبل الإسلام فضربه بالسيف والأحاديث في وجود الجن والشياطين لا تحصى وكذلك أشعار العرب وأخبارها فالنزاع في ذلك مكابرة فيها هو معلوم بالتواتر ثم إنه أمر لا يحيله العقل ولا يكذبه الحس، والله أعلم، أ. هـ قاله في حياة الحيوان
(2)
.
قوله: في حديث أبي أيوب أول الباب في ذكر الغول فقالت: إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربها شيطان ولا غيره، الحديث، كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إذا دخل بيته قرأ آية الكرسي في زوايا بيته الأربع وأن ينفي عنه الشيطان من زوايا بيته، ويروي عن نوف البكالي أنه قال: آية الكرسي تدعى في التوراة ولية الله، ويدعى قارئها في ملكوت السموات عزيزا، ذكر أبو نصر الوابلي عن أبي أمامة الباهلي عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول: ما أرى رجلا ولد في الإسلام أو أدرك عقله الإسلام يبيت ليلة حتى يقرأ هذه الآية {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(3)
ولو يعلمون ما
(1)
سورة الأعراف، الآية:27.
(2)
حياة الحيوان (1/ 293 - 296) و (2/ 267).
(3)
سورة البقرة، 255.
هي، إنما أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش ولم يعطها أحد قبل نبيكم صلى الله عليه وسلم، ما بت ليلة قط حتى أقرأها ثلاث مرات، أقرأها ثلاث مرات أرأها في الركعتين بعد العشاء الآخرة وفي وتري حين آخذ مضجعي من فراشي
(1)
؛ وعن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خرج من منزله ودخل بيته فقرأ آية الكرسي نزع الله عز وجل الفقر من بين عينيه" نقل من بعض التفاسير
(2)
.
فائدة: قال الإمام أبو محمد بن عطية في تفسيره، وهذه الآية تضمنت التوحيد والصفات [العلى] وهي خمسون كلمة وفي كل كلمة خمسون بركة وهي تعدل ثلث القرآن ورد بذلك الحديث، وقال ابن عباس: أشرف آية في القرآن آية الكرسي سمعت شيخنا الأستاذ المقرئ أبا جعفر أحمد بن محمد القيسي رحمه الله يقول: إنما كانت أشرف آية لأنه تكرر فيها اسم الله تعالى بين مضمر وظاهر ثمان عشرة مرة وليس يوجد ذلك في غيرها
(3)
.
فائدة أخرى: قال أبو الحسن بن بطال في شرح البخاري له، وفي كتاب وهب بن منبه أن تأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فتدقه بين حجرين ثم تضربه بالماء وتقرأ فيه آية الكرسي ثم تحسوا فيه ثلاث حسيات وتغتسل به
(1)
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (423)، والطبراني في الدعاء (276)، والشجرى في الأمالى (555).
(2)
التذكار (ص 177 - 179).
(3)
التذكار (ص 179).
فإنه يذهب عنه كل ما به إن شاء الله وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله
(1)
والله أعلم.
2258 -
وَعَن أبي بن كَعْب رضي الله عنه أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه كَانَ لَهُم جرين فِيهِ تمر وَكَانَ مِمَّا يتَعَاهَد فيجده ينقص فحرسه ذَات لَيْلَة فَإِذا هُوَ بِدَابَّة كَهَيئَةِ الْغُلَام المحتلم قَالَ فَسلم فَرد عليه السلام فَقلت مَا أَنْت جن أم إنس قَالَ جن فَقلت ناولني يدك فَإِذا يَد كلب وَشعر كلب فَقلت هَذَا خلق الْجِنّ فَقَالَ لقد علمت الْجِنّ أَن مَا فيهم من هُوَ أَشد مني فَقلت مَا يحملك على مَا صنعت قَالَ بَلغنِي أَنَّك تحب الصَّدَقَة فَأَحْبَبْت أَن أُصِيب من طَعَامك فَقلت مَا الَّذِي يحرزنا مِنْكُم قَالَ هَذِه الْآيَة آيَة الْكُرْسِيّ قَالَ فتركته وَغدا أبي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ صدق الْخَبيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَغَيره
(2)
.
الجرين بِفَتْح الْجِيم وَكسر الرَّاء هُوَ البيدر.
قوله: وعن أبي بن كعب رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "أن أباه أخبره أنه كان لهم جرين فيه تمر وكان مما يتعاهد فيجده ينقص" الحديث، الجرين: هو موضع تجفيف التمر وهو له كالبيدر للحنطة، تجمع على جرن بضمتين
(3)
، والبيدر بالدال المهملة هو الموضع
(1)
شرح الصحيح (9/ 446) لابن بطال.
(2)
ابن حبان (784)، والنسائي (10796)، والبيهقي في دلائل النبوة (7/ 108)، والطبراني في المعجم الكبير (541).
(3)
النهاية (1/ 263).
الذي يداس فيه الطعام والطعام في اللغة كل ما يؤكل، وربما خص بالطعام البر والطعام في عرف الحجاز اسم للحنطة خاصة، قاله الجوهري
(1)
، أ. هـ.
قال الهروي: والمربد كالجرين وهو الموضع الذي يلقى فيه التمر بعد الجذاذ قبل أن يوضع في [فيه الأو] عية [وينقل] إلى البيوت
(2)
وقا [ل في المغيث] الجرن: جمع جرين وهو البيدر وهو [للبر] كالمسطح للتمر
(3)
، قال بعض العلماء: قد وقع في حديث جابر بن عبد الله في دين أبيه في صحيح البخاري إطلاق البيدر على موضع التمر [الذي يجفف].
قوله: في الحديث "فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة كهيئة الغلام المحتلم، قال: فسلم فرد عليه السلام، فقلت: ما أنت جن أم إنس قال جن، فقلت: ناولني يدك فإذا يد كلب وشعر كلب، فقلت: هذا خلق الجن، فقال: لقد علمت الجن أن ما فيهم من هو أشد مني" الحديث، روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صارع جنيا فصرعه عمر فقال له الجني: خل عني حتى أعلمك ما تمتنعون به فخلى عنه وسأله قال: "فإنكم تمتنعون منا بآية الكرسي"
(4)
(1)
الصحاح (2/ 587) و (5/ 1974)
(2)
الغريبين (3/ 701).
(3)
المجموع المغيث (1/ 323).
(4)
أخرجه أبو عبيد في غريب القرآن (4/ 214 - 215)، والدارمى (3424)، والطبراني في الكبير (9/ 165 رقم 8824) و (9/ 166 رقم 8826).
قال الهيثمي في المجمع 9/ 71: رواهما الطبراني بإسنادين، ورجال الرواية الثانية رجال الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود، ولكنه أدركه. ورواة الطريق الأولى =
وروى الحاكم عن أبي الأسود الديلي، قال: قلت لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: حدثني عن قصة الشيطان حين أخذته، فقال: جعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقة المسلمين فجعلت الثمر في غرفة، فوجدت فيه نقصانا، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"هذا الشيطان يأخذه" قال: فدخلت الغرفة فأغلقت الباب علي فجاءت ظلمة عظيمة فغشيت الباب، ثم تصور في صورة فيل، ثم تصور في صورة أخرى، فدخل من شق الباب فشددت إزاري علي فجعل يأكل من التمر، قال: فوثبت إليه فضبطته فالتقت يداي عليه فقلت: يا عدو الله، فقال: خل عني فإني كبير ذو عيال كثير وأنا فقير وأنا من جن نصيبين وكانت لنا هذه القرية قبل أن يبعث صاحبكم، فلما بعث أخرجنا عنها فخل عني، فلن أعود إليك فخليت عنه، وجاء جبريل عليه السلام فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فنادى مناديه أين معاذ بن جبل، فقمت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما فعل أسيرك يا معاذ؟ " فأخبرته فقال: "أما إنه سيعود" فعاد، قال: فدخلت الغرفة، وأغلقت علي الباب فدخل من شق الباب، فجعل يأكل من التمر فصنعت به كما صنعت في المرة [اللوحة الأولى، فقال: خل عني فإني لن أعود إليك، فقلت: يا عدو الله ألم تقل: لا أعود؟ قال: فإني لن أعود وآية ذلك علي أن لا يقرأ أحد منكم خاتمة
= فيهم المسعودي، وهو ثقة ولكنه اختلط فبان لنا صحة رواية المسعودي برواية الشعبي. والله أعلم.
البقرة فيدخل أحد منا في بيته تلك الليلة
(1)
. قاله في حياة الحيوان
(2)
.
2259 -
وَعَن أبي بن كعْب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا الْمُنْذر أَتَدْرِي أَي آيَة من كتاب الله مَعَك أعظم قَالَ قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذر أَي آيَة من كتاب الله مَعَك أعظم قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(3)
قَالَ فَضرب فِي صَدْرِي وَقَالَ لِيَهنك الْعلم أَبَا الْمُنْذر رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد
(4)
. وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة فِي كتَابه بِإِسْنَاد مُسلم وَزَاد وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن لهَذِهِ الْآيَة لِسَانا وشفتين تقدس الْملك عِنْد سَاق الْعَرْش
(5)
.
وَتقدم حَدِيث أبي هُرَيْرَة لكل شَيْء سَنَام وَإِن سَنَام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف (175) والمكائد (14)، والطبراني في الكبير (20/ 51 رقم 89) و (20/ 101 رقم 197) والشاميين (1612)، والحاكم (1/ 563 - 564) والبيهقي في الدلائل (7/ 109 - 110).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعبد المؤمن بن خالد الحنفي مروزي ثقة يجمع حديثه، وروى عنه زيد بن الحباب هذا الحديث بعينه.
وقال الهيثمي في المجمع 6/ 322: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو صدوق إن شاء الله كما قال الذهبي، قال ابن أبي حاتم: وقد تكلموا فيه، وبقية رجاله وثقوا.
(2)
حياة الحيوان (2/ 266).
(3)
سورة البقرة، الآية:255.
(4)
مسلم (810)، وأبو داود (1460)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1847)، والحاكم (3/ 304)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (748).
(5)
أحمد (21278)، وعبد الرزاق (6001).
وفيهَا آيَة هِيَ سيدة آي الْقُرْآن وَلَفظ الْحَاكِم سُورَة الْبَقَرَة فِيهَا آيَة سيدة آي الْقُرْآن لَا تقْرَأ فِي بَيت وَفِيه شَيْطَان إِلَّا خرج مِنْهُ آيَة الْكُرْسِيّ.
قوله: وعن أبي بن كعب رضي الله عنه تقدم الكلام عليه أيضا.
قوله صلى الله عليه وسلم "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قال قلت الله ورسوله أعلم" قال الإمام السهيلي
(1)
: ومحال أن يريد بقوله أعظم معنى عظيم لأن القرآن كله عظيم فكيف يقول له أي آية في القرآن عظيمة وكل آية فيها عظيمة كذلك وإنما سأله عن الأعظم منه والأفضل في ثواب التلاوة وقرب الإجابة وفي هذا الحديث دليل أيضا على ثبوت الاسم الأعظم وأن لله تعالى اسم هو أعظم أسمائه ومحال أن يخلو القرآن عن ذلك الاسم والله تعالى يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}
(2)
فهو في القرآن لا محالة، قال الفقيه أبو القاسم في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رضي الله عنه:"معك من كتاب الله أعظم" ولم يقل "أفضل" إشارة إلى الاسم الأعظم أنه فيها إذ لا يتصور أن تكون هي أعظم آية ولكون الاسم الأعظم في أخرى دونها بل إنما صارت أعظم الآيات لأن الاسم الأعظم فيها ألا ترى كيف هنأه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أعطاه الله من العلم وما هنأه إلا بعظيم بأن عرف الاسم الاعظم والآية العظمى التي كانت الأمم قبلنا لا يعلمه منهم إلا الأفراد والله أعلم اهـ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المنذر أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت {اللَّهُ لَا إِلَهَ
(1)
الروض الأنف (1/ 202 - 203).
(2)
سورة الأنعام، الآية:38.
إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(1)
" الحديث، قال القاضي عياض
(2)
: فيه حجة للقول بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض وتفضيله على سائر كتب الله تعالى قال: وفيه خلاف للعلماء فمنع منه أبو الحسن الأشعري وأبو بكر الباقلاني وجماعة من الفقهاء والعلماء لأن تفضيل بعضه يقتضي نقص المفضول وليس في كتاب الله نقص وتأول هؤلاء ما ورد من إطلاق أعظم وأفضل في الآيات والسور بمعنى عظيم وفاضل وأجاز ذلك إسحاق بن راهويه وغيره من العلماء والمتكلمين قالوا وهو راجع إلى عظم أجر قارئ ذلك وجزيل ثوابه والمختار جواز قول هذه الآية أو السورة أعظم أو أفضل بمعنى أن الثواب المتعلق بها أكثر وهو معنى الحديث والله أعلم وتقدم ذلك.
قال العلماء: إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والملك والقدرة والإرادة وهذه السبعة أصول الأسماء والصفات والله أعلم
(3)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليهنك العلم أبا المنذر" أي ليكن العلم هنيئا لك أو أن العلم أتاك من غير تعب كذا في شرح القاضي البيضاوي وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لأبي رضي الله عنه ودليل على كثرة علمه وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم وفيه جواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة ولم يخف
(1)
سورة البقرة، الآية:255.
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 177).
(3)
شرح النووي على مسلم (6/ 94).
عليه إعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى
(1)
ذكره في مشارق الأنوار.
قوله "والذي نفسي بيده إن لهذه الآية لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش" قال أبو عبد الله الترمذي: فهذه آية أنزلها الله جل ذكره وجعل ثوابها لقارئها عاجلا أو آجلا فأما في العاجل فهي حارسة لمن قرأها من جميع الآفات
(2)
والله أعلم.
(1)
شرح النووي على مسلم (6/ 93).
(2)
نوادر الأصول (6/ 119).