المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها - فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب - جـ ٧

[حسن بن علي الفيومي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب قراءة القرآن

- ‌الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وفضل تعلمه وتعليمه والترغيب في سجود التلاوة

- ‌الترهيب من نسيان القرآن بعد تعلمه وما جاء فيمن ليس في جوفه منه شيء

- ‌الترغيب في دعاء يدعى به لحفظ القرآن

- ‌الترغيب في تعاهد القرآنه وتحسين الصوت به

- ‌الترغيب في قراءة سورة الفاتحة وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمران وما جاء فيمن قرأ آخر آل عمران فلم يتفكر فيها

- ‌الترغيب في قراءة آية الكرسي وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قراءة سورة الكهف أو عشر من أولها أو عشر من آخرها

- ‌التَّرْغِيب فِي قِرَاءَة سُورَة يس وَمَا جَاءَ فِي فَضلهَا

- ‌الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك

- ‌الترغيب في قراءة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وما يذكر معها

- ‌الترغيب في قراءة إذا زلزلت وما يذكر معها

- ‌الترغيب في قراءة ألهاكم التكاثر

- ‌الترغيب في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌الترغيب في قراءة المعوذتين

- ‌كتاب الذكر والدعاء

- ‌الترغيب في الإكثار من ذكر الله سرا وجهرا

- ‌الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله تعالى

- ‌الترهيب من أن يجلس الإنسان مجلسا لا يذكر الله فيه ولا يصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌الترغيب في كلمات يكفرنا لغط المجلس

- ‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وما جاء في فضلها

- ‌الترغيب في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له

- ‌الترغيب في التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد على اختلاف أنواعه

- ‌الترغيب في جوامع من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌الترغيب في قول لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌الترغيب في أذكار تقال بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء

- ‌الترغيب في آيات وأذكار بعد الصلوات المكتوبات

- ‌الترغيب فيما يقوله ويفعله من رأى في منامه ما يكره

- ‌الترغيب في كلمات يقولهن من يأرق أو يفزع بالليل

- ‌الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته إلى المسجد وغيره وإذا دخلهما

- ‌الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها

- ‌الترغيب في الاستغفار والإكثار منه في الليل والنهار

- ‌الترغيب في كثرة الدعاء وما جاء في فضله

- ‌الترغيب في كلمات يستفتح بها الدعاء وبعض ما جاء في اسم الله الأعظم

- ‌الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات وجوف الليل الأخير

- ‌[الترهيب من استبطاء الإجابة وقوله دعوت فلم يستجب لي]

- ‌الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل

- ‌الترهيب من دعاء الإنسان على نفسه وولده وخادمه وماله

- ‌الترغيب في إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والترهيب من تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم كثيرا دائما

- ‌كتاب البيوع(1)وغيرها

- ‌مشروعية البيع:

- ‌التَّرْغِيب فِي الاكْتِسَاب بِالْبيع وَغَيره

- ‌الترغيب في البكور في طلب الرزق وفيه وما جاء في نوم الصبحة

- ‌[الترغيب في ذكر اللّه تعالى في الأسواق ومواطن الغفلة]

الفصل: ‌الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها

‌الترغيب فيما يقوله من حصلت له وسوسة في الصلاة وغيرها

2493 -

عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أحدكُم يَأْتِيهِ الشَّيْطَان فَيَقُول من خلقك فَيَقُول الله فَيَقُول من خلق الله فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فَلْيقل آمَنت بِالله وَرَسُوله فَإِن ذَلِك يذهب عَنهُ رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد جيد وَأَبُو يعلى وَالْبَزَّار

(1)

.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو

(2)

.

وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا من حَدِيث خُزَيْمَة بن ثَابت رضي الله عنه

(3)

.

وَتقدم فِي الذّكر وَغَيره حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ وَفِيه وآمركم بِذكر الله كثيرا وَمثل ذلِك كَمثل رجل طلبه الْعَدو سرَاعًا فِي أَثَره حَتَّى أَتَى حصنا حصينا فأحرز نَفسه فِيهِ وَكَذَلِكَ العَبْد لَا ينجو من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَغَيرهمَا

(4)

.

(1)

أحمد (26203)، وأبو يعلى (4704)، والبزار (50)، وابن أبي عاصم في السنة (648)، وابن حبان (150)، وابن السني في علم اليوم والليلة (624)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 33)، رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله ثقات، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (116).

(2)

الطبراني في المعجم الكبير (14234)، والأوسط (896)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 34)، رواه الطبراني في الأوسط والكبير، ورجاله رجال الصحيح، خلا أحمد بن محمد بن نافع الطحان شيخ الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع (116).

(3)

أحمد (21867)، وابن أبي عاصم في السنة (650).

(4)

الترمذي (2863)، وقال: حديث حسن صحيح غريب. والنسائي في التفسير (11349)،=

ص: 523

قوله: عن عائشة رضي الله عنها، تقدم الكلام عليها.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول من خلقك؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله ورسوله" وفي الرواية الأخرى التي ستأتي "فليستعذ بالله ولينته" فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه قيل: عن وسوستة الشيطان تجري في الإنسان كما يجري فيه الدم كذا قاله الغزالي، وقال غيره: لأنه يدني خرطومه إلى قلب الرجل فيوسوس له بالشر، قال الحافظ أبو نعيم عن الحسن البصري أن بعض الأنبياء سأل ربه أن يريه كيف يوسوس الشيطان لبني آدم فأراه إنسانا في [صورة البلور، يرى داخله من خارجه، ورأى الشيطان في صورة ضفدع] والشيطان في صورة ذباب جاء من موقفه الأيسر فدلى خرطومه حتى وصل إلى القلب

(1)

، وعلى هذا يكون المعنى أنه يجري من ابن آدم مجاري الدم ولا تحجزه البشرة عن الدخول فيها كما لا تحجزه الأرض من العبور فيها، وفي تفسير البغوي

(2)

أن شيطان الزنى ينفخ في أحليل الرجل وفي عجز المرأة يهيج الشهوة بينهما واتفقوا على

= وابن خزيمة (930)، ابن حبان (6233)، والحاكم (1/ 117)، وأحمد (17170)، وأبو يعلى (1571)، والطبراني في الكبير (3427).

(1)

إحياء علوم الدين (3/ 40)، والفائق (3/ 396)، وربيع الأبرار (1/ 323)، والروض الأنف (2/ 178).

(2)

تفسير البغوى (5/ 179).

ص: 524

أن ما يقع في القلب من خواطر القلب فهو وسواس من قبل الشيطان وما يقع فيه من خاطر الطاعة فهو إلهام وذلك من جهة الملك وما يقع فيه من طلب شهوة فهو هاجس وذلك من قبل النفس وأول ما يقع في القلب الخاطر فإن صرفه الله وإلا صار فكرة فإن صرفها الله وإلا صارت عزمة ووقع في المعصية فإن أنقذه الله بالتوبة وإلا صارت طبعا [وهو الران] قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)}

(1)

والخاطر الأول معفو عنه لقوله عليه السلام "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به [أو تعمل] "

(2)

أ. هـ.

ونقل الزمخشري في الفائق عن عمر بن عبد العزيز أنه سأل ربه أن يريه مقع الشيطان من قبل ابن آدم فرأى فيما يرى النائم رجلا كالبلور يرى داخله من خارجه ورأى الشيطان في صورة ضفدع له خرطوم كخرطوم البعوضة قد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه يوسوس له فإذا ذكر الله خنس أي تأخر والله أعلم

(3)

. أ. هـ.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة فليستعذ بالله ولينته معناه إذا عرض له هذا الوسواس فليجأ إلى الله تعالى في دفع شره وليعرض عن هذا الفكر في

(1)

سورة المطففين، الآية:14.

(2)

أخرجه البخاري (2528) و (5269) و (6664)، ومسلم (201 و 202 - 127) عن أبي هريرة.

(3)

الفائق (3/ 396).

ص: 525

ذلك وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن هذا الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها

(1)

أ. هـ.

قال الإمام المازري رحمه الله تعالى: ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها

(2)

أ. هـ.

2494 -

وَعَن عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه قَالَ تمنيت أَن أكون سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاذَا ينجينا مِمَّا يلقِي الشَّيْطَان من أَنْفُسنَا فَقَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه قد سَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ ينجيكم مِنْهُ مَا أمرت بِهِ عمي أَن يَقُوله فَلم يقلهُ رَوَاهُ أَحْمد وَإِسْنَاده جيد حسن وَعبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة أَبُو الْحُوَيْرِث وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَله شَوَاهِد

(3)

.

2495 -

وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِي الشَّيْطَان أحدكُم فَيَقُول من خلق كَذَا من خلق كَذَا حَتَّى يَقُول من خلق رَبك فَإِذا بلغه فليستعذ بِالله ولينته رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ

(4)

.

(1)

شرح النووي على مسلم (2/ 155 - 156).

(2)

المعلم (1/ 312 - 313).

(3)

أحمد (37)، وأبو يعلى (133).

(4)

البخاري (3276)، ومسلم (134)، وأبو داود في السنة (4721)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (10499)، وأحمد (8376)، وابن أبي عاصم (651)، وابن منده في الإيمان (354)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (925)، والطبراني في الدعاء (1265).

ص: 526

وَفِي رِوَايَة لمُسلم فَلْيقل آمَنت بالله وَرَسُوله

(1)

.

وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فَقولُوا الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد ثمَّ ليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا وليستعذ بِاللّه من الشَّيْطَان وَفِي رِوَايَة للنسائي فليستعذ بِالله مِنْهُ وَمن فتنه

(2)

.

قوله: وعن [عثمان بن] عفان رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ينجيكم من ذلك ما أمرت به عمي أن يقوله فلم يقله" الحديث، أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أن يقول لا إله إلا الله، قال بعض العلماء: يستحب قول لا إله إلا الله لمن ابتلي بالوسوسة في الوضوء أو الصلاة وشبههما فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس أي: تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر ولذلك اختار السادة الصوفية في تربية السالكين وأهل الخلوات المباركين قول لا إله إلا الله وأمرهم بالمداومة عليها وقالوا أنفع علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه، قال النووي

(3)

: وهذا مما يؤيد ما قاله بعض الأئمة أن الوسواس إنما يبتلى به من كمل إيمانه فإن اللص لا يدخل بيتا خربا.

قوله صلى الله عليه وسلم في رواية أبى داود والنسائي: "فقولوا الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وليتفل عن يساره ثلاثا وليستعذ

(1)

مسلم (134).

(2)

ابن السني في عمل اليوم والليلة (625)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.

(3)

شرح النووي على مسلم (10/ 239).

ص: 527

بالله من الشيطان" تقدم الكلام على الحكمة في التفل عن اليسار وعلى الاستعاذة من الشيطان، قال الله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}

(1)

فأحسن ما يقلا ما أدبنا الله تعالى به وأمرنا بقول، أ. هـ.

2496 -

وَعَن أبي زميل سماك بن الْوَلِيد رضي الله عنه. قَالَ سَأَلت ابْن عَبَّاس فَقلت مَا شَيْء أَجِدهُ فِي صَدْرِي قَالَ مَا هُوَ قلت وَالله لَا أَتكَلّم بِهِ قَالَ فَقَالَ لي أَشَيْء من شكّ قَالَ وَضحك قَالَ مَا نجا من ذَلِك أحد قَالَ حَتَّى أنزل الله عز وجل: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94)}

(2)

قَالَ فَقَالَ لي إِذا وجدت فِي نَفسك شَيْئا فَقل {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)}

(3)

" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

(4)

.

قوله: وعن أبي زميل سماك بن الوليد رضي الله عنه، أبو زميل: بضم الزاي الحنفي، احتج به مسلم.

قوله: سألت ابن عباس رضي الله عنهما، فقلت ما شيء أجده في صدري، قال: ما

(1)

سورة الأعراف، الآية:200.

(2)

سورة يونس، الآية:94.

(3)

سورة الحديد، الآية:3.

(4)

أبو داود (5110)، والضياء المقدسي في المختارة (442)، وصححه الألباني في سنن أبي داود.

ص: 528

هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك، قال وضحك قال ما نجا من ذلك أحد، الحديث، قيل: ويحتمل أنه أراد الخوف من حصول شيء من الكبر والإعجاب له بتقدمه على الناس، ويحتمل أنه أراد الوسوسة في الصلاة فإنه كان موسوسا ولا يصلح للإمامة الموسوس

(1)

.

[قوله:]، فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئا فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)}

(2)

الآية، الأول [الذي ليس قبله شيء]، والآخر من أسمائه الحسنى فالآخر هو الباقي بعد فناء خلقه كله ناطقه وصامته

(3)

، وفي الحديث أن رجلا شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسوسة الشيطان فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"إن السارق لا يدخل بيتا ليس فيه شيء"

(4)

فذلك من محض الإيمان أي خالصه وصريحه، والمحض الخالص من كل شيء قاله في النهاية

(5)

، وفي رواية فذلك صريح الإيمان والصريح الخالص من كل شيء يعني أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن في قلوبكم ولا تطمئن إليه نفوسكم وليس معناه أن الوسوسة في نفسها صريح الإيمان لأنها إنما تتولد

(1)

شرح النووي على مسلم (4/ 185 - 186).

(2)

سورة الحديد، الآية:3.

(3)

النهاية (1/ 29).

(4)

لم أجده.

(5)

النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 302).

ص: 529

من فعل الشيطان وتسويله فكيف يكون إيمانا صريحا

(1)

وقيل: معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد فعلى هذا معنى الحديث سبب الوسوسة محض الإيمان والوسوسة علامة محض الإيمان، وهذا القول اختاره القاضي عياض

(2)

، وسئل إبراهيم عن الوسوسة فقال: صلاة لا وسوسة فيها فإنها لا تقبل، لأن اليهود والنصارى لا وسوسة لهم

(3)

، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الفرق بين صلاتنا وصلاة أهل الكتاب وسوسة الشيطان لأنه فرغ من عمل الكفار لأنهم وافقوه، والمؤمن يخالفه، والمحاربة تكون مع المخالف

(4)

، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان يوسوس لكم ما لو تكلمتم به كفرتم فعليكم بقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ".

فائدة: قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: روى أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مبتلى بالهم والوسوسة، فقال:"قل اللهم اجعل نفسي إليك مطمئنة تؤمن بلقائك وتقنع بعطائك وترضى بقضائك وتخشى عقابك" فقالها فزال عنه ما كان يجده

(5)

، أ. هـ.

(1)

معالم السنن (4/ 147).

(2)

شرح النووي على مسلم (2/ 154).

(3)

نزهة المجالس (1/ 128).

(4)

نزهة المجالس (1/ 128)، وبريقة محمودية (4/ 235).

(5)

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 99 رقم 7490) والشاميين (1598). قال الهيثمي في المجمع 10/ 180: رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه. وضعفه الألباني في الضعيفة (4060).

ص: 530

2497 -

وَعَن عُثْمَان بن العَاصِي رضي الله عنه أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي وقراءتي يلبسهَا عَليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَاك شَيْطَان يُقَال لَهُ خنزب فَإِذا أحسسته فتعوذ بِالله واتفل عَن يسارك قَالَ فَفعلت ذَلِك فأذهبه الله عني رَوَاهُ مسلم

(1)

.

خنزب بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَفتح الزَّاي بعْدهَا بَاء مُوَحدَة

قوله: وعن عثمان بن العاصي رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ" الحديث، ومعنى "حال بيني وبين صلاتي" أي بلدني فيها ومنعني لذتها والفراغ والخشوع فيها، ومعنى قوله "وقراءتي يلبسها عليّ" أي: يخلطها عليّ ويشككني فيها وهو بفتح أوله وكسر ثالثه.

قوله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنزب" الحديث، قال أبو عمر: خنزب لقب له، والخنزب قطعة لحم منتنة، قال النووي

(2)

: ويروي بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الزاي، ولم يذكر المنذري غيره، واختلف العلماء في ضبط الخاء والزاي منه فمنهم من فتح الخاء ومنهم من كسرها وهذان مشهوران ومنهم من ضمها حكاه ابن الأثير في النهاية

(3)

وهو

(1)

مسلم (2203).

(2)

شرح النووي على مسلم (4/ 186).

(3)

النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 83).

ص: 531

غريب والمعروف الفتح والكسر واختلفوا في الزاي أيضا فمنهم من كسرها ومنهم من فتحها ومنهم من ضمها مع ضم الخاء حكاه ابن الأثير في النهاية

(1)

وقال إنه غريب وفي هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا وتقدم الحكمة من ذلك والله أعلم.

خاتمة: شيطان الصلاة يقال له خنزب وتقدم الكلام على شيطان الوضوء يقال له الولهان عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء" رواه الترمذي

(2)

.

وقال في الإحياء

(3)

: قال الحسن إن شيطانا يضحك من الناس في الوضوء يقال له الولهان والوله ذهاب العقل [و] التحير فكأن هذا الشيطان يزيل العقل ويحير المتطهر وقال إبراهيم بن أدهم أول ما يبدأ الوسواس من قبل الطهور

(4)

، وروى ابن أبي الدنيا في كتاب مكائد الشيطان حديث أبي ثم روى عن الثوري قال بلغني عن طاوس أنه يقول إن الولهان هو أشد الشياطين قال النووي

(5)

في الأذكار وروينا بالإسناد الصحيح في رسالة القشيري عن أحمد

(1)

ينظر المرجع السابق.

(2)

أخرجه الترمذي (57) سنن ابن ماجه (421)، وأحمد (21238) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (1970).

(3)

إحياء علوم الدين (1/ 134).

(4)

كذا وقع هنا وفي الإحياء (1/ 134) إبراهيم بن أدهم وإنما قاله ابراهيم التيمى كما في الطهور (124) لابن سلام.

(5)

الأذكار للنووي ت الأرنؤوط (ص: 316).

ص: 532

بن عطاء الروذباري السيد الجليل أنه قال كان بي وسواس في الطهارة فضاف صدري ليلة لكثرة ما استعملت من الماء ولم يسكن قلبي فقلت يا رب عفوك عفوك فسمعت هاتفا يقول العفو في العلم فزال عني

(1)

ذلك والله أعلم.

(1)

الرسالة (2/ 531).

ص: 533