الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء وأن يدعو الإنسان وهو غافل
2553 -
عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة إِلَى السَّمَاء أَو ليخطفن الله أَبْصَارهم رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا
(1)
.
قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء" الحديث، قال القاضي عياض
(2)
: واختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة فكرهه شريح وآخرون وتقدم الكلام على ذلك في الصلاة مبسوطا.
2554 -
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الْقُلُوب أوعية وَبَعضهَا أوعى من بعض فَإِذا سَأَلْتُم الله عز وجل يَا أَيهَا النَّاس فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُم موقنون بالإجابة فَإِن الله لَا يستجيب لعبد دَعَاهُ عَن ظهر قلب غافل رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن
(3)
.
قوله: وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، تقدم الكلام عليه.
(1)
مسلم (429)، والنسائي في الكبرى (1199).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 341).
(3)
أحمد (6655)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 148)، وإسناده حسن.
قوله صلى الله عليه وسلم: "القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة" نهي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة وجعل ذلك من موانع الإجابة حتى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة ودعا ولو طالت المدة فإنه سبحانه وتعالى يحب الملحين في الدعاء، وجاء في الأثر أن العبد إذا دعا ربه وهو يحبه قال: يا جبريل لا تعجل بقضاء حاجة عبدي فإني أحب أن أسمع صوته
(1)
فما دام العبد يلح في الدعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع الرجاء فهو قريب من الإجابة ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له وبكل حال فلإلحاح بالدعاء بالمغفرة مع رجاء الله عز وجل موجب للمغفرة والله تعالى يقول: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" وفي رواية "فلا تظنوا بالله إلا خيرا"
(2)
ويروي من حديث سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا: "يأتي الله تعالى بالمؤمن يوم القيامة فيقربه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق فيقول له اقرأ فيعرفه ذنبا ذنبا أتعرف أتعرف فيقول نعم نعم، ثم يلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول الله عز وجل: لا بأس
(1)
أخرجه: الطبراني في الأوسط (8/ 216 رقم 8442) عن جابر بن عبد الله مرفوعًا. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، تفرد به: سويد بن عبد العزيز. قال الهيثمي في المجمع 10/ 151: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك. وقال الألباني ضعيف جدا الضعيفة (2296).
(2)
أخرجه: ابن المبارك في الزهد (909)، وأحمد 3/ 491، وابن حبان (633). وصححه الألباني في الصحيحة (1663).
عليك يا عبدي أنت في ستري من جميع خلقي ليس بيني وبينك اليوم واحد يطلع على ذنوبك غيري واحد من جميع ما ائتني به قال ما هو يا رب قال ما كنت ترجو العفو منه، اذهب فقد غفرتها لك"
(1)
الحديث، قاله ابن رجب الحنبلي
(2)
.
قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل" وهذا إما خاص بدعاء العبادة وإما عام له ولدعاء المسألة وإما خاص بدعاء المسألة فهو تنبيه على أنه لا يقبل دعاء العبادة الذي هو خالص حقه من قلب غافل، قالوا: ولأن عبودية من غلب عليه الغفلة والسهو في الغالب لا يكون مصاحبه الإخلاص فإن الإخلاص قصد المعبود وحده بالتعبد والغافل لا قصد له فلا عبودية له
(3)
، وقال الشبلي رحمه الله تعالى في قول الله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قال: ادعوني بلا غفلة أستجب لكم بلا مهلة
(4)
، وهذا قول حسن، ويؤيده الحديث المذكور وهو حديث عبد الله بن عمرو المذكور في الباب "فأحضر الهمة وأطب الطعمة وادع بجوامع الدعاء، وهي: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد".
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 90 رقم 13728). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 37): "رواه الطبراني، وفيه القاسم بن بهرام؛ وهو ضعيف".
(2)
جامع العلوم والحكم (2/ 403 - 405) باختصار.
(3)
مدارج السالكين (1/ 523 - 524).
(4)
لطائف الإشارات (2/ 313).
2555 -
وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ادعوا الله وَأَنْتُم موقنون بالإجابة وَاعْلَمُوا أَن الله لَا يستجيب دُعَاء من قلب غافل لاه رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَقَالَ مُسْتَقِيم الْإِسْنَاد تفرد بِهِ صَالح المري وَهُوَ أحد زهاد الْبَصْرَة
(1)
. قَالَ الْحَافِظ صَالح المري لَا شكّ فِي زهده لَكِن تَركه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ.
قوله: وعن أبي هريرة رضي الله عنه، تقدم الكلام عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" الحديث.
اعلم أن مقصود الدعاء هو حضور القلب والافتقار.
قوله: "واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل" وقد علمنا أنه ليس كل الناس تجاب دعوته ولا كل وقت تجاب دعوة الفاضل وأن دعوة المظلوم ولا تكاد ترد.
واعلم أنه ينبغي للداعي أن يحضر قلبه في الدعاء لأنه المقصود، وتقدم الكلام عليه مبسوطا في الحديث قبله والله أعلم.
قوله: "واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" وفي رسالة القشيري في باب الدعاء: مر موسى عليه السلام برجل يدعو ويتضرع، فقال موسى:
(1)
الترمذي (3479)، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والحاكم (1/ 493)، والطبراني في الأوسط (5109)، والخطيب في التاريخ (4/ 356)، قال الحاكم: هذا حديث مستقيم الإسناد، تفرد به صالح المري، وهو أحد زهاد أهل البصرة ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صالح متروك، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (594).
إلهي لو كانت حاجته بيدي قضيتها فأوحى الله تعالى إليه أنا أرحك به منك ولكن يدعوني وله غنم، وقلبه عند غنمه وأنا لا أستجيب لعبد يدعوني وقلبه عند غيري فذكر موسى للرجل ذلك فانقطع إلى الله تعالى بقلبه فقضيت حاجته
(1)
أ. هـ، قاله في حياة الحيوان
(2)
، اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وارض عنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
(1)
الرسالة (2/ 424).
(2)
حياة الحيوان (2/ 259).