المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌205 - باب صلاة الرجل التطوع في بيته - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌190 - باب الرد على الإمام

- ‌(1/ 471).* * *191 -باب التكبير بعد الصلاة

- ‌192 - باب حذف التسليم

- ‌193 - باب إذا أحدث في صلاته يستقبل

- ‌194 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة

- ‌195 - باب السهو في السجدتين

- ‌196 - باب إذا صلى خمسًا

- ‌197 - باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقي الشك

- ‌198 - باب من قال: يتمُّ على أكبر ظنه

- ‌199 - باب من قال: بعد التسليم

- ‌200 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

- ‌201 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

- ‌ 273).***202 -باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

- ‌203 - باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة

- ‌204 - باب كيف الانصراف من الصلاة

- ‌205 - باب صلاة الرجل التطوعَ في بيته

- ‌206 - باب من صلى لغير القبلة ثم علِم

- ‌تفريع أبواب الجمعة

- ‌207 - باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

- ‌(2/ 733).208 -باب الإجابة أيةُ ساعةٍ هي في يوم الجمعة

- ‌209 - باب فضل الجمعة

- ‌210 - باب التشديد في ترك الجمعة

- ‌211 - باب كفارة من تركها

- ‌212 - باب من تجب عليه الجمعة

- ‌(2/ 266).213 -باب الجمعة في اليوم المطير

- ‌214 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة

- ‌215 - باب الجمعة للمملوك والمرأة

- ‌216 - باب الجمعة في القُرى

- ‌(2/ 0 56).***217 -باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

- ‌(24/ 211)].***218 -باب ما يُقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

- ‌219 - باب اللُّبس للجمعة

- ‌220 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبلَ الصلاة

- ‌221 - باب في اتخاذ المنبر

- ‌222 - باب موضع المنبر

- ‌223 - باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌224 - باب في وقت الجمعة

- ‌225 - باب النداء يوم الجمعة

- ‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلِّم الرجلَ في خطبته

- ‌227 - باب الجلوس إذا صعِد المنبر

- ‌228 - باب الخطبة قائمًا

- ‌2).***229 -باب الرجل يخطب على قوس

الفصل: ‌205 - باب صلاة الرجل التطوع في بيته

‌205 - باب صلاة الرجل التطوعَ في بيته

1043 -

. . . يحيى، عن عبيد الله: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

حديث متفق على صحته

أخرجه أبو داود في هذا الموضع، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل: حدثنا يحيى به، ثم أخرجه في كتاب الوتر، باب في فضل التطوع في البيت، برقم (1448)، قال: حدثنا مسدد: حدثنا يحيى به.

وأخرجه أيضًا من طريق يحيى بن سعيد القطان به:

البخاري (432)، ومسلم (777/ 208)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 371/ 1769)، وابن ماجه (1377)، وابن خزيمة (2/ 212/ 1205)، وأحمد (2/ 16)، والبزار (12/ 36/ 5421)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 407/ 429) و (3/ 177/ 562)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 183/ 759) و (5/ 233/ 2766)، والبيهقي (2/ 189)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 998/132)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

رواه عن يحيى القطان: أحمد بن حنبل، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن المثنى، وبندار محمد بن بشار، وزيد بن أخزم الطائي، وعبد الرحمن بن عمر الأصبهاني رستة [وهم ثقات حفاظ]، والعباس بن الوليد بن نصر النرسي، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري [وهما ثقتان].

• تابع يحيى القطان عليه:

وهيب بن خالد، وعبد الله بن نمير، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وأبو معاوية الضرير محمد بن خازم، وشعيب بن إسحاق، وسفيان الثوري [وهو غريب من حديثه][وهم ثقات]، ومبارك بن فضالة [صدوق]:

عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا". لفظ وهيب في رواية عنه، وفي رواية أخرى، وهو لفظ ابن نمير والجمحي وشعيب:"صلوا في بيوتكم، لا تتخذوها قبورًا".

أخرجه البخاري (1187)، والترمذي (451)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو عوانة (2/ 255/ 3059 و 3060)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 372/ 1769 م)، وأحمد (2/ 122 - 123)، وابن أبي شيبة (2/ 60/ 6452)، وابن نصر في قيام الليل (64 - مختصره)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 177 - 178/ 563)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (205)، وأبو محمد الخلال في ذكر من لم يكن عنده إلا حديث

ص: 202

واحد (70)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 51) و (9/ 396)، وفي المتفق والمفترق (1/ 562/ 309).

• تابع عبيد الله بن عمر العمري عليه:

1 -

روى عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ووهيب بن خالد، وإسماعيل بن علية:

عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

أخرجه البخاري (1187)، ومسلم (777/ 209)، وأبو عوانة (2/ 255/ 3060)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 372/ 1769 م)، وأحمد (2/ 6)، والبزار (12/ 37/ 5422)، والدارقطني في العلل (12/ 383/ 2809).

2 -

وروى الوليد بن أبي هشام [ثقة]، عن نافع، أن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 197/ 1598)، وفي الكبرى (2/ 111/ 1292)، والخطيب في تلخيص المتشابه (2/ 604).

من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء [ثقة]، قال: حدثنا جويرية بن أسماء [ثقة]، عن الوليد به. وهو حديث صحيح.

ومن شواهده:

1 -

حديث زيد بن خالد:

يرويه هشيم بن بشير، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد، ويزيد بن هارون، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وعثمان بن أبي شيبة، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الرحيم بن سليمان [وهم ثقات]:

عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي [ثقة، له أوهام، رفع أحاديث عن عطاء. التهذيب (2/ 613)]، عن عطاء بن أبي رباح، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

أخرجه أحمد (4/ 114 و 116) و (5/ 192)، وابن أبي شيبة (2/ 6449/60)، وعبد بن حميد (275)، والبزار (9/ 235/ 3777)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (66 - مختصره)، والطبراني في الكبير (5/ 258/ 5278 - 5280).

عطاء بن أبي رباح: لم يسمع من زيد بن خالد الجهني، قاله ابن المديني [علل ابن المديني (139)، المراسيل (567)، تحفة التحصيل (228)].

2 -

حديث عائشة:

يرويه ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها عليكم قبورًا".

ص: 203

أخرجه أحمد (6/ 65)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (35)[وفي متنه زيادة غريبة].

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، والمحفوظ فيه مرسل.

• ورواه عبد الرحيم بن سليمان، وجرير بن حازم، وعمر بن علي المقدمي [وهم ثقات]، ومبارك بن فضالة [صدوق، مدلس]، وأيوب السختياني [ولا يصح عنه، فهو من رواية خارجة بن مصعب، وهو: متروك، يدلس عن الكذابين، وقد ادعى سماعه من هشام أيضًا]:

عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم".

أخرجه أبو يعلى (8/ 281/ 4867)، وابن عدي في الكامل (3/ 57)، وأبو طاهر السلفي في معجم السفر (920)، وذكره الدارقطني في العلل (14/ 208/ 3561).

• خالفهم فأرسله، وهو الصواب:

مالك بن أنس، ووهيب بن خالد، وجرير بن عبد الحميد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة [وهم ثقات حفاظ]، ومحمد بن صبيح [هو: ابن السماك أبو العباس الكوفي المذكر: لا بأس به، وله أوهام. الجرح والتعديل (7/ 290)، الثقات (9/ 32)، سؤالات الحاكم (146)، تاريخ بغداد (5/ 368)، الأنساب (3/ 289)، اللسان (7/ 205)]:

عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم".

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 238/ 463)، والدارقطنى في الأفراد (2/ 172/ 4534 - أطرافه)، وذكره الدارقطني في العلل (14/ 208/ 3561).

قال أبو حاتم: "لا يقولون في هذا الحديث: عن عائشة"[العلل (1/ 373/135)].

وقال الدارقطني في العلل: "والصحيح: عن هشام عن أبيه مرسلًا؛ لكثرة من أرسله، وهم أثبات".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 332): "وهذا مرسل في الموطأ عند جميعهم".

3 -

حديث أبى ذر، أو أبى الدرداء:

قال أبو الشيخ ابن حيان: حدثني إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني [ثقة. طبقات المحدثين (4/ 69)، تاريخ أصبهان (1/ 256)، تاريخ الإسلام (22/ 110)]: حدثنا زياد بن هشام بن جعفر: حدثنا عبد الصمد: حدثنا سفيان الثوري، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة، عن أبي ذر، أو: أبي الدرداء رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم".

أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 327)، وفي فوائده (46 - انتقاء ابن مردويه)، وعنه: أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 375).

ص: 204

عبد الصمد هذا هو: ابن حسان المرْورُوذي، ويقال: المرُّوذي: صدوق، خادم سفيان [اللسان (5/ 185)، التعجيل (657)، الجرح والتعديل (6/ 51)]، وزياد بن هشام: ترجم له أبو الشيخ في الطبقات بحديثين هذا أحدهما، ولم يذكره بجرح ولا تعديل، ووقع في إسناد حديثه هذا عند أبي نعيم:"ثنا زياد بن هشام بن جعفر - أصبهاني ثقة -: ثنا عبد الله"، هكذا ولعله تحرف عن: عبد الصمد.

وهذا حديث غريب جدًّا من حديث الثوري، ولا يثبت مثله.

4 -

حديث أبي هريرة:

يرويه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة".

وفي رواية [عند أبي عوانة (2/ 476/ 3892) بإسناد صحيح]: "صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا،

".

أخرجه مسلم (780). وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء برقم (11)(1/ 32).

وانظر في الغرائب: حلية الأولياء (6/ 283).

* * *

1044 -

. . . سليمان بن بلال، عن إبراهيم بن أبي النضر، عن أبيه، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا؛ إلا المكتوبة".

* حديث صحيح

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 292)، وابن نصر المروزي في قيام رمضان (30)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 428/406)، والطحاوي (1/ 351)، وأبو العباس الأصم في الثالث من حديثه (289)، والطبراني في الكبير (5/ 144/ 4893)، وفي الأوسط (4/ 273/ 4178)، وفي الصغير (544)، وابن عدي في الكامل (1/ 323)، وتمام في الفوائد (60)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 432)، وابن عبد البر في التمهيد (8/ 116)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 130/ 995) و (4/ 996/131)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 263).

رواه عن سليمان بن بلال: عبد الله بن وهب [ثقة ثبت]، ومعلى بن منصور [رازي، ثقة فقيه]، ويحيى بن صالح الوحاظي [حمصي، ثقة]، وإسماعيل بن أبي أويس [ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]، وهشام بن عبيد الله الرازي [ليس به بأس، يهم ويخطئ على الثقات، وقد ضعفه جماعة. الجرح والتعديل (9/ 67)، سؤالات البرذعي (2/ 757)، معرفة الثقات (1905)، المجروحين (3/ 90)، السير (10/ 446)، اللسان (8/ 335)]، ومحمد بن معاوية النيسابوري [متروك، كذبه جماعة. التهذيب (3/ 705)].

ص: 205

قال الطبراني في الصغير: "لم يرو بردان بن أبي النضر حديثًا مسندًا غير هذا"، وقال في الأوسط:"لم يسند بردان بن أبي النضر غير هذا الحديث، تفرد به: إسماعيل بن أبي أويس".

وقال ابن عبدي بأنه لا يَعرف هذا الحديث إلا بابن أبي أويس.

قلت: قد قال ابن سعد في ترجمته: "له أحاديث"، وقد تابع ابن أبي أويس عليه جماعة من الثقات، تقدم ذكرهم.

وهذا إسناد مدنى صحيح.

• وانظر فيمن وهم فيه على ابن أبي أويس وهمًا قبيحًا: تاريخ دمشق (43/ 138).

* تابع سليمانَ بنَ بلال عليه:

عبد العزيز بن محمد [الدراوردي: ثقة]، قال: حدثني بردان بن أبي النضر، عن أبيه، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.

أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 144/ 4894)، قال: حدثنا أبو حَصِين القاضي [محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي الكوفي: ثقة. سؤالات السجزي (293)، تاريخ بغداد (2/ 229)، السير (13/ 569)]: ثنا يحيى الحماني: ثنا عبد العزيز به.

ويحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي: صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث [التهذيب (4/ 370)]، وهو هنا قد تفرد به عن أهل المدينة، فهو غريب جدًّا، ولا أراه يثبت عن الدراوردي، والله أعلم.

° هكذا رواه إبراهيم بن سالم بن أبي أمية، ولقبه بَرَدان، قال ابن معين - في رواية الدوري عنه -:"ثقة"، وقال - في رواية ابن الجنيد -:"ليس به بأس"، وقال ابن المديني:"كان عند أصحابنا ثقة"، ووثقه ابن سعد أيضًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وهو قليل الحديث [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 166/ 725)، سؤالات ابن الجنيد (6)، سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني (184)، التهذيب (1/ 65)].

وقد تابعه على رفعه جماعة، وخالفوه في لفظه، فلم يذكروا هذا القيد:"في مسجدي هذا"، وذكروا القصة والتي هي سبب ورود الحديث؛ إلا أن ذلك لا يمنع من ثبوت هذا القيد؛ وذلك لأمرين: الأول: أن أهل بيت الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، والثاني: أن هذا القيد لا يخالف رواية الجماعة؛ فإن ظاهر روايتهم يدل على تفضيل صلاة النافلة في البيت على صلاتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ الخطاب كان موجهًا للصحابة رضي الله عنهم، ومسجدهم الجامع الذي يصلون فيه المكتوبة هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن هذه الواقعة إنما وقعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي في رواية موسى بن عقبة حيث قال: اتخذ حجرة في المسجد من حصير، وقد جاء ذلك صريحًا أيضًا في حديث عائشة الذي تروي فيه هذه الواقعة، حيث قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته،

الحديث [وهو حديث متفق عليه، رواه

ص: 206

البخاري (924 و 1129 و 2012)، ومسلم (761)، وسيأتي تخريجه في السُّنن برقم (1373)]، وعلى هذا فإن رواية الجماعة المطلقة:"أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة"، دلت بفحوى الخطاب وبالقرائن المحتفة بسبب الورود أن صلاته النافلة في بيته أفضل من صلاته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتفقت بذلك رواية الجماعة مع رواية إبراهيم بن أبي النضر عن أبيه، والله أعلم.

* وقد رواه عن أبي النضر سالم بن أبي أمية جماعة:

1 -

رواه محمد بن جعفر غندر، ووكيع بن الجراح، ومكي بن إبراهيم، وعبد الحميد بن جعفر، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي [وهم ثقات]:

عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند [مدني، ثقة]: حدثنا سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، قال: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة، أو حصير، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم[وفي رواية: من الليل] يصلي فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاؤوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاؤوا ليلةً فحضروا، وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، قال: فلم يخرج إليهم، [وفي رواية: فتنحنحوا] فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبًا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة"، وفي رواية:"أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة".

أخرجه البخاري (6113)، ومسلم (781/ 213)، وأبو عوانة (2/ 33/ 2211) و (2/ 654/ 3052) و (5/ 255/ 3057)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 373/ 1773)، وأبو داود (1447)، والترمذي (450)، والدارمي (1/ 366/ 1366)، وابن خزيمة (2/ 211/ 1203)، وأحمد (5/ 183 و 186 و 187)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 52/ 6362) و (2/ 60/ 6453)، وفي المسند (127 و 128)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (62 - مختصره)، والطحاوي في المشكل (2/ 73/ 614)، والمحاملي في الأمالي (468)، والطبراني في الكبير (5/ 144/ 4895 و 4896)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (5 و 6)(371 و 372 - المخلصيات)، والبيهقي في فضائل الأوقات (124)، وفي المعرفة (2/ 388/ 1519)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 129/ 994) و (4/ 131/ 997)، وقال:"هذا حديث صحيح، متفق على صحته"، وفي الشمائل (289).

2 -

ورواه بهز بن أسد، وعفان بن مسلم، وعبد الأعلى بن حماد، وحبان بن هلال [وهم ثقات]:

عن وهيب بن خالد [ثقة ثبت]: حدثنا موسى بن عقبة، قال: سمعت أبا النضر، يحدث عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير [في رمضان]، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي، حتى اجتمع إليه ناس [وفي رواية:

ص: 207

فصلى بصلاته ناس من أصحابه]، ثم فقدوا صوته ليلةً [وفي رواية: فلما علم بهم جعل يقعد]، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، [وفي رواية: فخرج إليهم]، فقال:"ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة"[لفظ البخاري في الموضع الثالث، وما بين المعكوفين للبخاري في الموضع الأول].

أخرجه البخاري (731 و 731 م و 7290)[موصولًا من طريق عبد الأعلى في الموضع الأول، ومعلقًا من طريق عفان - من رواية كريمة وحدها - في الموضع الثاني، وموصولًا من طريقه في الموضع الثالث]. ومسلم (781/ 214)، وأبو عوانة (2/ 32/ 2210 م) و (2/ 255/ 3058)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 373/ 1774 و 1775)، والنسائي في المجتبى (3/ 198/ 1599)، وفي الكبرى (2/ 112/ 1294)، وابن خزيمة (2/ 211/ 1204)، وابن حبان (6/ 238/ 2491)، وأحمد (5/ 182)، وابن سعد في الطبقات (1/ 468)، وعبد بن حميد (250)، وابن نصر المروزي في قيام رمضان (30)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 224/ 2745)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 350)، وفي المشكل (2/ 613/72)، والبيهقي في السُّنن (2/ 494) و (3/ 109)، وفي الشعب (3/ 180/ 3279)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 149).

3 -

ورواه عبد العزيز بن المختار [بصري، ثقة]، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر حجرة حسبه بحصير، فصلى فيها، فسمع بذلك قوم، فجعل بعضهم يتنحنح فخرج إليهم، فقال:"ما زال بكم ما رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن تكتب عليكم، ولو كتبت عليكم ما قمتم بها، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".

أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 143/ 4892)، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز [البغوي: ثقة حافظ]: ثنا معلى بن أسد العمي [ثقة ثبت]: ثنا عبد العزيز به.

وهذا إسناد صحيح.

° هكذا روى هذا الحديث: وهيب بن خالد، وعبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير

، الحديث.

* وخالفهما: ابن جريج [ثقة فقيه]، ومحمد بن عمرو بن علقمة [صدوق]، فروياه عن موسى بن عقبة، عن بسر، بإسقاط أبي النضر من الإسناد:

قال ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".

وقال محمد بن عمرو: حدثني موسى بن عقبة، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن

ص: 208

ثابت، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فسمع أهل المسجد صلاته، قال: فكثر الناس الليلة الثانية، فخفي عليهم صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يستأنسون ويتنحنحون، قال: فاطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما زلتم بالذي تصنعون حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتبت عليكم ما قمتم بها، وإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا صلاة المكتوبة"[عند أحمد والمحاملي].

أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 111/ 1293)، وأحمد (5/ 184)(9/ 5054/ 22004 - ط. المكنز)، والمحاملي في الأمالي (467).

هكذا رواه عن محمد بن عمرو: محمد بن بشر العبدي، والنضر بن شميل، وهما: ثقتان ثبتان.

• وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 292)، من طريق: عبدة بن سليمان [وهو: ثقة ثبت]، عن محمد بن عمرو، عن بسر بن سعيد، عن زيد به مرفوعًا.

وأخشى أن يكون سقط ذكر موسى بن عقبة من النساخ، وألا يكون ذلك اختلافًا على محمد بن عمرو، والله أعلم.

ورواية من زاد في الإسناد سالمًا أبا النضر هي المحفوظة؛ إذ هي زيادة من ثقة حافظ، وتابعه عليها ثقة آخر، والزيادة من الثقة الحافظ مقبولة؛ لا سيما وقد توبع عليها، واتفق على تخريجها الشيخان في صحيحيهما.

4 -

ورواه ابن لهيعة [ضعيف]، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أفضل صلاة المرء صلاته في بيته إلا المكتوبة".

أخرجه الطحاوي (1/ 351).

° هكذا رواه مرفوعًا:

إبراهيم بن أبي النضر، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وموسى بن عقبة، وابن لهيعة:

أربعتهم، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت به مرفوعًا.

• خالفهم فأوقفه:

مالك بن أنس، فرواه عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد؛ أن زيد بن ثابت، قال: أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم؛ إلا صلاة المكتوبة.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 189/ 344)، ومن طريقه: النسائي في الكبرى (2/ 112/ 1295)، والطحاوي في المشكل (2/ 73/ 614 م).

رواه عن مالك: يحيى بن يحيى الليثي (344)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (176)، وأبو مصعب الزهري (325)، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن وهب، وسويد بن سعيد (104)، ومحمد بن الحسن الشيباني (187)[وفيهم ثقات أصحاب مالك من رواة الموطأ].

ص: 209

° خالفهم فوهم في رفعه: أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر [دمشقي، ثقة]، قال: نا مالك بن أنس، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة الفريضة".

أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (142)، والخطيب في المتفق والمفترق (1/ 391/ 192).

من طريق أحمد بن عمير بن يوسف [المعروف بابن جوصا: صدوق حافظ، له غرائب. تاريخ دمشق (5/ 109)، السير (5/ 15)، تذكرة الحفاظ (3/ 795)، اللسان (1/ 566)]: حدثنا إسماعيل بن أبان بن حُوَيّ: حدثنا أبو مسهر به.

قال ابن جوصا: "لم يتابع إسماعيلَ بن أبان أحدٌ على رفع هذا الحديث".

وهذا يعني أنه كان عنده عن أبي مسهر عن مالك به موقوفًا.

قلت: وعليه؛ فإنه غريب من حديث أبي مسهر، وقد برئ من عهدته، فإن إسماعيل بن أبان بن محمد بن حُوَيّ، أبو محمد السكسكي البتلهي: روى عنه جماعة، ولم يذكر بجرح ولا تعديل، قال الدارقطني:"شيخ من أهل الشام، يروي عن أبي مسهر وغيره، حدث عنه ابن جوصا"[المؤتلف للدارقطني (2/ 779)، تاريخ دمشق (8/ 362)، تاريخ الإسلام (6/ 296 - ط. الغرب)]، فلا يحتمل من مثله التفرد به عن أبي مسهر، والله أعلم.

قال ابن المظفر: "وكذلك رواه موسى بن عقبة، وابراهيم بن أبي النضر جميعًا، عن أبي النضر مرفوعًا.

والمحفوظ: موقوف في الموطأ.

وقد روي هذا اللفظ عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو غريب".

• قال ابن المظفر (143): حدثناه أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكير: نا أبو جعفر أحمد بن موسى بن عطاء بن بحر: نا يحيى بن السكن البصري أبو محمد: نا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة الجماعة".

ورواه من طريق ابن المظفر: الخطيب في تاريخ بغداد (5/ 140)، ورواه الخطيب أيضًا من غير طريق ابن المظفر، في ترجمة أحمد بن موسى بن عطاء بن بحر بهذا الحديث، وبهذا الإسناد وحده.

° قلت: هو حديث باطل من حديث مالك.

إنما يرويه عبيد الله بن عمر العمري، وأيوب السختياني، والوليد بن أبي هشام:

عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا"، وفي رواية:"صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

ص: 210

أخرجه البخاري (432 و 1187)، ومسلم (777/ 208)[وتقدم تخريجه في الحديث السابق (1043)].

وأما هذا فقد تفرد به عن مالك: يحيى بن السكن البصري، وهو: ضعيف، يتفرد عن كبار الثقات بما لا يتابع عليه [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (782)، الطريق رقم (13)]، وأبو جعفر أحمد بن موسى بن عطاء بن بحر: لا يُعرف إلا بهذا الحديث وهذا الإسناد، وأحمد بن يحيى بن زكير: قال الدارقطني: "ليس بشيء في الحديث"، وقال أيضًا:"ضعيف"، وقال ثالثة:"لم يكن يُرضى في الحديث"[المؤتلف للدارقطني (2/ 1105)، ذيل الميزان (154)، اللسان (1/ 694)].

• وقال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 292): "وقال ابن وهب: أخبرني عمرو: أخبرني أبو النضر، لم يرفعه".

هكذا علقه البخاري، ولم أر من وصله من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث به موقوفًا، ولا مرفوعًا، والله أعلم.

° وحاصل ما تقدم: فإن المحفوظ ما رواه:

إبراهيم بن أبي النضر، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وموسى بن عقبة، وابن لهيعة:

أربعتهم، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت به مرفوعًا.

أخرجاه في الصحيحين، وصححه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان، وغيرهم، واحتج به: أبو داود والنسائي، وغيرهما، وقد قصر فيه من أوقفه، إذ سبيله الرفع، وطريقه الوحي، وقصر فيه أيضًا من أسقط من إسناده أبا النضر.

قال الترمذي: "حديث زيد بن ثابت: حديث حسن، وقد اختلفوا في رواية هذا الحديث، فروى موسى بن عقبة، وإبراهيم بن أبي النضر، عن أبي النضر مرفوعًا، ورواه مالك عن أبي النضر، ولم يرفعه، وأوقفه بعضهم، والحديث المرفوع: أصح".

وقال أبو علي الطوسي: "وحديث زيد بن ثابت: حديث حسن، وقد اختلف الناس في هذا الحديث، فرواه موسى بن عقبة وإبراهيم بن أبي النضر مرفوعًا، وأوقفه بعضهم، والحديث المرفوع: أصح، والله أعلم".

وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (50): "خالفه موسى بن عقبة وعبد الله بن سعيد بن أبي هند وغيرهما، رووه عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصح".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (21/ 149): "وهو حديث ثابت، مرفوع صحيح، ومثله لا يكون رأيًا".

وقال في الاستذكار (2/ 142): "هذا ذكر في جميع الموطآت موقوفًا على زيد بن ثابت، وهو حديث مرفوع عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح، ويستحيل أن

ص: 211

يكون مثله رأيًا؛ لأن الفضائل لا مدخل فيها للاجتهاد والقياس، وإنما فيها التوقيف".

وقال أبو العباس الداني في الإيماء إلى أطراف الموطأ (2/ 161): "أوقفه مالك في الموطأ، ورفعه أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر عنه، ورواه موسى بن عقبة وجماعة عن أبي النضر مرفوعًا، قال الدارقطني: وهو أصح، خرج في الصحيحين مرفوعًا مطولًا".

• وانظر أيضًا فيمن وهم فيه فأعضله، وأسقط منه ذكر زيد بن ثابت وبسر بن سعيد: الجامع لابن وهب (352).

* وفي الباب أيضًا:

1 -

حديث جابر بن عبد الله:

يرويه أبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعبدة بن سليمان، وعبد الله بن نمير، وعبد الواحد بن زياد، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [وهم ثقات]:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرًا".

أخرجه مسلم (778)، وأبو عوانة (2/ 255/ 3061)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 372/ 1770)، والترمذي في العلل (132)، وابن خزيمة (2/ 212/ 1206 م)، وابن حبان (6/ 237/ 2490)، وأحمد (3/ 316)، وابن أبي شيبة (2/ 60/ 6450)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (65 - مختصره)، وأبو يعلى (3/ 446/ 1943) و (4/ 191/ 2286)، والبيهقي (2/ 189).

• خالفهم: سفيان الثوري [وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن حفص، وقبيصة بن عقبة، وعبد الرزاق بن همام]، وزائدة بن قدامة، وفضيل بن عياض [وهم ثقات أثبات]، وأبو بدر شجاع بن الوليد [ثقة]:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قضى أحدكم صلاته، فليجعل لبيته منها نصيبًا، فإن الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرًا".

أخرجه ابن ماجه (1376)، وابن خزيمة (2/ 212/ 1206)، وأحمد (3/ 59)، وعبد الرزاق (3/ 70/ 4837)، وابن أبي شيبة (2/ 60/ 6451)، وعبد بن حميد (969 و 970)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (343)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 27)، والبيهقي (2/ 189)، والخطيب في التاريخ (4/ 311)، وعلقه الترمذي في العلل (132).

• ووهم على الثوري: أبو حذيفة، فرواه عن الثوري به؛ إلا أنه أسقط من إسناده أبا سعيد.

أخرجه البغوي في شرح السُّنَّة (4/ 133 - 134/ 999).

ص: 212

وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: صدوق، كثير الوهم، سيئ الحفظ، ليس بذاك في الثوري، وضعفه جماعة في سفيان [التقريب (619)، شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)].

قال الترمذي عن حديث الثوري: "وهذا أصح، ولم يحفظ أبو معاوية أبا سعيد".

قلت: لم ينفرد بذلك أبو معاوية، فقد قال ابن خزيمة:"روى هذا الخبر أبو خالد الأحمر، وأبو معاوية، وعبدة بن سليمان، وغيرهم عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، لم يذكروا أبا سعيد".

قلت: مثل هذا الاختلاف لا يضر، إذ يمكن حمله على أن جابرًا إنما سمعه من أبي سعيد، فكان يحدث به زمانًا عن أبي سعيد، ثم صار يرسله، ويرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة بلا واسطة، وأن أبا سفيان طلحة بن نافع قد حمله عن جابر على الوجهين، وهكذا سمعه منه الأعمش، فكان مرة يرويه على هذا الوجه، ومرة يرويه على الوجه الآخر، لكن هذا الاحتمال بعيد، ويمكن أن يقال: إن الأعمش هو الذي قصر فيه، بإسقاط أبي سعيد من الإسناد، وكلا الوجهين عنه صحيح محفوظ، رواهما عنه جماعة من أصحابه الثقات المقدَّمين فيه، فرواه بإسقاط أبي سعيد: أبو معاوية وتابعه عليه جماعة، ورواه بإثبات أبي سعيد: الثوري وتابعه عليه جماعة، وعليه فإن حديث جابر مرسل، ومراسيل الصحابة صحيحة، ولذا احتج به مسلم في صحيحه، وقدم رواية أبي معاوية على الثوري؛ لأن أبا معاوية كان من أحفظ الناس لحديث الأعمش وأعلمهم بحديثه، والله أعلم.

وطلحة بن نافع عن جابر: بعضه سماع، وبعضه كتاب، من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري، وهي وجادة صحيحة، احتج بها مسلم، وحاله في ذلك حال أبي الزبير المكي، وقد سبق تقرير ذلك مرارًا، والله أعلم.

• قلت: ومما يؤيد أن جابرًا إنما أخذه عن أبي سعيد؛ أن للحديث طرقًا أخرى عن أبي سعيد:

أ - فقد رواه ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن أبا سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

ورواه ابن لهيعة مرة أخرى فقال: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد، ثم رجع إلى بيته حينئذ فليصل في بيته ركعتين، وليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا".

أخرجه أحمد (3/ 15 و 59)(5/ 2310/ 11281) و (5/ 2423/ 11747 - ط. المكنز)، وعبد الله بن وهب في الجامع (351).

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، لكنه صالح في المتابعات.

° وقد وهم بعض الضعفاء على ابن لهيعة في إسناده، فأسقط منه ذكر جابر [أخرجه

ص: 213

أبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 250)، والخطيب في المتفق (3/ 1926/ 1543)] [وفي إسناده: منصور بن عمار الواعظ، وهو: منكر الحديث، كان يروي عن ابن لهيعة ما ليس من حديثه. اللسان (8/ 165)، تاريخ دمشق (60/ 324)، [وفي الإسناد إليه: عيسى بن إبراهيم بن صالح العقيلي، قال أبو الشيخ:"يحدث عن آدم بن أبي إياس بغرائب". طبقات المحدثين (3/ 250)، تاريخ أصبهان (1/ 257)، تاريخ الإسلام (6/ 381 - ط. الغرب)].

ب - ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو، عن ماعز التميمي، عن جابر بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله جاعلٌ في بيته من صلاته خيرًا".

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 115/ 1021)، بإسناد صحيح إلى بقية.

وهذا إسناد صالح في المتابعات؛ وماعز التميمي: له أحاديث عن جابر، ولا يُعرف له راوٍ سوى صفوان بن عمرو السكسكي الحمصي، وقال في التعجيل:"غير معروف"[الجرح والتعديل (8/ 391)، المعرفة والتاريخ (2/ 332)، الإكمال (807)، التعجيل (987)].

ج - ورواه سفيان بن وكيع: حدثنا أبي، عن عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي مليح، قال: حدثني أبو سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مضى أحدكم في صلاة، ثم رجع إلى بيته فليصلِّ، وليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله جاعلٌ من صلاته في بيته خيرًا".

أخرجه أبو يعلى (2/ 533/ 1408)، عن ابن وكيع به.

وهذا حديث منكر؛ عبيد الله بن أبي حميد الهذلي: متروك، منكر الحديث، يروي عن أبي المليح عجائب [التهذيب (3/ 8)]، وسفيان بن وكيع: ضعيف، واتُّهم.

• وروي من وجه آخر عن جابر، بإسناد واهٍ [أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 433)] [وفي إسناده: حبيب بن غالب، وهو: منكر الحديث. اللسان (6/ 295)].

2 -

حديث عبد الله بن سعد:

يرويه معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن معاوية، عن عمه عبد الله بن سعد، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أفضل؟ الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: "ألا ترى إلى بيتي؟ ما أقربه من المسجد؛ فلأن أصلي في بيتي أحب إليَّ من أن أصلي في المسجد، إلا أن تكون صلاة مكتوبة".

وهو حديث صحيح بشواهده، تقدم تخريجه في السُّنن برقم (211).

3 -

حديث محمود بن لبيد:

رواه إبراهيم بن سعد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وابن أبي عدي، ومحمد بن سلمة الحراني [وهم ثقات، وفيهم إبراهيم بن سعد، وهو أثبت من روى هذا الحديث عن ابن إسحاق]، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط [صدوق، وقد اختصره فوهم في لفظه، وروايته عند البغوي]:

ص: 214

عن ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، أخي بني عبد الأشهل، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا المغرب في مسجدنا، فلما سلم منها، قال:"اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم"، للسبحة بعد المغرب. لفظ إبراهيم.

ولفظ الآخرين: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد الأشهل فصلى بهم المغرب، فلما سلم قال:"اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم".

زاد عبد الأعلى: قال: فلقد رأيت محمودًا وهو إمام قومه يصلي بهم المغرب، ثم يخرج فيجلس بفناء المسجد حتى يقوم قبيل العتمة، فيدخل البيت، فيصليهما.

أخرجه ابن خزيمة (2/ 209/ 1200)، وأحمد (5/ 427 و 428)، وابن أبي شيبة (2/ 53/ 6373)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 48/ 206)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (60 - مختصره)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 463/ 3278)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 176).

* خالفهم فوهم في إسناده أو في إسناده ومتنه:

1 -

إسماعيل بن عياش، رواه عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عبد الأشهل،

فذكره بنحو رواية الجماعة.

أخرجه ابن ماجه (1165)، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل به.

ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها، وشيخ ابن ماجه: عبد الوهاب بن الضحاك: متروك متهم، كان يسرق الحديث، حدث بأحاديث موضوعة، كذبه أبو حاتم، وقال أبو داود:"كان يضع الحديث"، وله عن إسماعيل بن عياش وغيره: مقلوبات وبواطيل وأوابد، وكان يأخذ فوائد أبي اليمان الحكم بن نافع فيحدث بها عن إسماعيل بن عياش [التاريخ الكبير (6/ 100)، الجرح والتعديل (6/ 74)، المجروحون (2/ 148)، تاريخ دمشق (37/ 322)، الميزان (2/ 679)، التهذيب (2/ 637)].

قلت: فالحديث ليس من حديث عبد الوهاب بن الضحاك؛ وإنما هو حديث أبي اليمان:

فقد رواه أبو اليمان الحكم بن نافع [حمصي، ثقة ثبت]: ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثم قال:"اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم".

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 251/ 4295).

ومع ذلك تبقى العلة المذكورة قائمة، في ضعف رواية ابن عياش عن الحجازيين.

2 -

ورواه جرير بن عبد الحميد [كوفي، ثقة، ساء حفظه في آخر عمره]، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن رجل، عن رافع بن خديج رضي الله عنه؛ "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته".

ص: 215

أخرجه ابن نصر المروزي في قيام الليل (61 - مختصره).

والصواب: رواية الجماعة عن ابن إسحاق، وفيهم أثبت أصحابه، فأتوا به على الصواب، وحفظوا القصة.

وهو حديث حسن، ومحمود بن لبيد الأشهلي: صحابي صغير، وهو أسن من محمود بن الربيع، وقوله في هذا الحديث: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا المغرب في مسجدنا [كما في رواية إبراهيم بن سعد]؛ دليل على شهوده هذه الواقعة، والله أعلم [انظر: الاستيعاب (3/ 1378)، الإنابة (2/ 173)، الإصابة (6/ 42)].

قال عبد الله بن أحمد في المسند بعد هذا الحديث (5/ 420 و 428): "قلت لأبي: إن رجلًا قال: من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه من صلوات البيوت"، قال: من قال هذا؟ قلت: محمد بن عبد الرحمن، قال: ما أحسن ما قال، أو: ما أحسن ما انتزع"[وانظر: مسائل أحمد لابنه عبد الله (341)، بدائع الفوائد (4/ 924)، زاد المعاد (1/ 313)].

وقد احتج أحمد [كما في رواية الأثرم عنه] بحديث ابن إسحاق هذا: "صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم"[التمهيد (14/ 177)، المغني (1/ 435)].

4 -

حديث كعب بن عجرة:

رواه إبراهيم بن عمر بن مطرف، وأخوه محمد بن عمر بن مطرف، ابنا أبي الوزير [وهما بصريان ثقتان]:

عن محمد بن موسى الفطري [صدوق]، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة [ثقة]، عن أبيه، عن جده، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب في مسجد بني عبد الأشهل، فلما صلى قام ناس يتنفلون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عليكم بهذه الصلاة في البيوت"، وفي رواية:"هذه صلاة البيوت".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 178)، وأبو داود (1300)، والترمذي

604 -

، والنسائي في المجتبى (3/ 198/ 1600)، وابن خزيمة (2/ 1009/ 1201)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 693/ 2877 - السفر الثاني)، والطحاوي (1/ 339)، والطبراني في الكبير (19/ 146/ 320)، والبيهقي (2/ 189)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 169)، وعلقه أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 178/ 563 م).

قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

والصحيح: ما روي عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته، وقد روي عن حذيفة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب فما زال يصلي في المسجد حتى صلى العشاء الآخرة، ففي هذا الحديث دلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الركعتين بعد المغرب في المسجد".

ونقل كلامه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 72)، ولم يتعقبه بشيء،

ص: 216

لكنه قال في الأحكام الكبرى (2/ 405): "إسحاق بن كعب: لا أعلم روى عنه إلا ابنه سعد، وسعد: ثقة مشهور".

وتعقب ابنُ القطان في بيان الوهم (3/ 392/ 1132) عبد الحق في أحكامه الوسطى، فقال:"لم يبين موضع العلة، وهي الجهل بحال إسحاق بن كعب بن عجرة، راويه عن أبيه، ولا يُعرف روى عنه غير ابنه سعد بن إسحاق، وهو ثقة، وقد صرح بهذه العلة في كتابه الكبير إثر هذا الحديث، فاعلم ذلك".

ويبدو أن الذهبي قد تبع الترمذي أيضًا، فقال في الميزان (1/ 196) في ترجمة إسحاق بن كعب:"تابعي مستور؛ تفرد بحديث سُنَّة المغرب: "عليكم بها في البيوت"، وهو غريب جدًّا في أبي داود والنسائي والترمذي".

° قلت: أما حديث ابن عمر؛ فقد رواه مالك بن أنس، وابن أبي ذئب [وهما ثقتان ثبتان]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]، ومحمد بن إسحاق [صدوق]، وأبو أمية بن يعلى الثقفي [اسمه إسماعيل، وهو: متروك. اللسان (2/ 186)]:

عن نافع، عن ابن عمر؛ "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته".

لفظ مالك.

وفي رواية ابن إسحاق: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء في منزله".

وفي رواية ابن أبي ذئب: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي الركعتين بعد المغرب إلا في أهله، ولا يصلي بعد الجمعة إلا في أهله".

أخرجه ابن حبان (6/ 235/ 2487)، وأحمد (2/ 23 و 87)، والطيالسي (3/ 372/ 1945)، وعبد الرزاق (3/ 65/ 4810)، وابن أبي شيبة (2/ 53/ 6371)، وعبد بن حميد (781)، والبزار (12/ 241/ 5983)، وأبو يعلى (10/ 189/ 5817)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 390/ 414) و (3/ 179/ 564)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2133)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2790)، والطحاوي (1/ 336)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/ 343)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 182)، وانظر: علل ابن أبي حاتم (1/ 200/ 574).

وهذا طرف من حديث ابن عمر المتفق عليه، ويأتي ذكر طريق أخرى له قريبًا، ويأتي تخريجه بطرقه وذكر ألفاظه في موضعه من السُّنن برقم (1252)، إن شاء الله تعالى.

كما سيأتي أيضًا ذكر حديث حذيفة.

° والأقرب عندي - والله أعلم - أن حديث ابن عمر هذا لا يُعلُّ حديث كعب، لاختلاف المخرج، وعدم نكارة معنى حديث كعب، فإن الإمام أحمد لم ينكر على من احتج بحديث كعب هذا على أن من صلى ركعتين بعد المغرب في المسجد لم تجزه إلا أن يصليهما في بيته، وإنما قال:"ما أحسن ما قال، أو: ما أحسن ما انتزع" [المسند (5/

ص: 217

420 و 428)، مسائل أحمد لابنه عبد الله (341)، بدائع الفوائد (4/ 924)، زاد المعاد (1/ 313)]، فاستحسانُ أحمد الاحتجاجَ بهذا الحديث دليل على صلاحيته وانتهاضه لذلك، وذلك فرع عن تصحيحه، والله أعلم.

وقد صحح حديث كعب هذا: ابن خزيمة، واحتج به أبو داود والنسائي.

ويشهد له حديث محمود بن لبيد [المتقدم قبله، وهو حديث حسن]، وهو يحكي نفس الواقعة التي يحكيها كعب بن عجرة، والله أعلم.

وأما من جهة الإسناد؛ فإن رجاله ثقات؛ عدا إسحاق بن كعب بن عجرة؛ فإنه قد اشتهر بالرواية عنه ابنه سعد، ولم يتفرد بالرواية عنه، فقد روى عنه أيضًا: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي [كما وقع في مسند أحمد (4/ 29) (7/ 16614/3560 - ط. المكنز]، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له ابن خزيمة هذا الحديث، وأخرج له النسائي في المجتبى، وليس في حديثه ما يستنكر من الأمر بصلاة نافلة المغرب في البيوت، بل توبع عليه من حديث محمود بن لبيد، والله أعلم [انظر: التاريخ الكبير (1/ 400)، الجرح والتعديل (2/ 232)، الثقات (4/ 22)، التهذيب (1/ 126)].

وعليه: فإنه حديث حسن.

5 -

حديث عمر بن الخطاب:

يرويه أبو الأحوص [سلام بن سليم: ثقة متقن]، عن طارق بن عبد الرحمن البجلي [صدوق]، عن عاصم بن عمرو، قال: خرج نفر من أهل العراق إلى عمر فلما قدموا عليه، قال لهم: ممن أنتم؟ قالوا: من أهل العراق، قال: فبإذْنٍ جئتم؟ قالوا: نعم، قال: فسألوه عن صلاة الرجل في بيته، فقال عمر: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أما صلاة الرجل في بيته فنورٌ، فنوِّروا بيوتكم". هذا مختصر.

وقد رواه جماعة بطوله، ولفظه: خرج نفر من أهل العراق إلى عمر بن الخطاب فسألهم: من أين أنتم؟ فقالوا: من أهل العراق، فقال: أبإذني جئتم؟ قالوا: نعم، فسألوه: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، وعن غسل الجنابة، وعن صلاة الرجل في بيته، فقال لهم: أسحرة أنتم؟ فقالوا: لا والله، وما نحن بسحرة، فقال: لقد سألتموني عن خصال ما سألني عنهن جميعًا بعد إذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيركم، "أما ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض: فما فوق الإزار، وأما صلاة الرجل في بيته: فنورٌ، فنوِّروا بيوتكم، وأما الغسل من الجنابة: فتوضأ وضوء الصلاة، ثم اغسل رأسك ثلاثًا، ثم أفض على سائر جسدك".

أخرجه ابن ماجه (1375)، وسعيد بن منصور (2/ 111/ 143)، وابن أبي شيبة (2/ 61/ 6460) و (3/ 532/ 16834)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 285).

• ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن مالك بن مغول [ثقة ثبت]، عن عاصم بن عمرو البجلي، أن نفرًا أتوا عمر رضي الله عنه، فسألوه عن تطوع الرجل في بيته، فقال عمر رضي الله عنه:

ص: 218

لقد سألتموني عن أمر سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "صلاة الرجل في بيته نورٌ، فنوِّروا بيوتكم".

أخرجه ابن نصر المروزي في قيام الليل (63 - مختصره).

سئل يحيى بن معين عن حديث مالك بن مغول هذا؛ فكتب يحيى بن معين بيده على ابن عمرو أن عمر: مرسل [تاريخ دمشق (25/ 288)].

• هكذا رواه مالك بن مغول وطارق بن عبد الرحمن البجلي، عن عاصم به مرسلًا.

• ورواه شعبة [وعنه: غندر]، والمسعودي [وعنه: أبو داود الطيالسي، وهو ممن روى عنه بعد الاختلاط]:

قال شعبة: سمعت عاصم بن عمرو البجلي، يحدث عن رجل من القوم الذين سألوا عمر بن الخطاب، فقالوا له: إنا أتيناك نسألك عن ثلاث،

فساق الحديث بطوله مرفوعًا، وفي رواية المسعودي بعض المخالفة.

أخرجه أحمد (1/ 14)(1/ 35/ 87 - ط. المكنز)[وفي بعض نسخ المسند: عن رجل، عن القوم، والمثبت هو الصواب]. والطيالسي (49)، والطحاوي (3/ 37)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 287).

• وهذا في إسناده مبهم.

• ورواه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عليه:

أ - فرواه زيد بن أبي أنيسة [وعنه: عبيد الله بن عمرو الجزري الرقي: ثقة فقيه، كان راوية لزيد، لكن زيد بن أبي أنيسة: ثقة، ينفرد عن أبي إسحاق بما لا يتابع عليه]، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو، عن عمير مولى عمر بن الخطاب [مجهول]، عن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

أخرجه ابن ماجه (1375 م)، وأبو يعلى (2/ 5/ 1061 - إتحاف الخيرة)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 37)، وفي أحكام القرآن (164)، والبيهقي (1/ 312)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 286)، والضياء في المختارة (1/ 374/ 260) و (1/ 375/ 261).

قال ابن حجر في الأمالي الحلبية (14): "ويبعد الجمع بأن يكون عمير من الثلاثة، والعلم عند الله".

ب - خالفه: زهير بن معاوية [ثقة ثبت، من أصحاب أبي إسحاق المكثرين عنه، لكن سماعه من أبي إسحاق كان بعد التغير]، فرواه عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو الشامي، عن أحد النفر الذين أتوا عمر بن الخطاب، وكانوا ثلاثة، قالوا: أتيناك لتحدثنا عن ثلاث خصال

، فذكر الحديث بطوله مرفوعًا، وفيه زيادة.

أخرجه أبو القاسم البغوي في مسند علي بن الجعد (2568)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 37)، وفي أحكام القرآن (165)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 287).

ص: 219

ج - خالفهما: سفيان الثوري [وعنه: قبيصة بن عقبة]، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، ومعمر بن راشد:

فرووه عن أبي إسحاق، عن عاصم بن عمرو البجلي؛ أن نفرًا من أهل الكوفة أتوا عمر بن الخطاب

، فساق القصة بطولها، رفعه الثوري وإسرائيل، وأوقفه معمر.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 257/ 987) و (1/ 258/ 988) و (1/ 322 - 323/ 1238)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (30)، والطحاوي (3/ 37)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 285).

قال الدارقطني في العلل (2/ 198/ 216): "رواه زيد بن أبي أنيسة ورقبة بن مصقلة وأبو حمزة السكري، فقالوا: عن عاصم بن عمرو، عن عمير، أو ابن عمير،

، والحديث: حديث زيد بن أبي أنيسة ومن تابعه".

قلت: بل الصواب حديث الثوري وإسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو البجلي مرسلًا؛ فهما أثبت من روى هذا الحديث عن أبي إسحاق، وقولهما فيه هو المقدم، وتابعهما عليه معمر بن راشد، وسفيان الثوري: أثبت الناس في أبي إسحاق، وأحفظهم لحديثه، وأقدمهم منه سماعًا، وإسرائيل: من أثبت الناس في جده أبي إسحاق، وكلام الأئمة يدل على أن هذه الرواية هي المحفوظة:

فقد قال علي بن المديني: "هذا حديث مرسل، وعاصم بن عمرو: لم يلق عمر بن الخطاب"[مسند الفاروق (1/ 144/ 39)].

وقال أبو زرعة: "عاصم بن عمرو البجلي عن عمر: مرسل"[المراسيل (560)].

* وحاصل هذا الاختلاف على عاصم بن عمرو البجلي:

أنه قد رواه مالك بن مغول، وأبو إسحاق السبيعي [في المحفوظ عنه]، وطارق بن عبد الرحمن البجلي، ثلاثتهم: عن عاصم به مرسلًا.

وزاد فيه شعبة والمسعودي [فيما رواه بعد اختلاطه] رجلًا مبهمًا بين عاصم، وعمر بن الخطاب.

وعاصم بن عمرو البجلي: ترجم له البخاري في أربعة مواضع من التاريخ الكبير (6/ 480 و 483 و 491)، وإنما قال:"لم يثبت حديثه" في ترجمته عن أبي أمامة، وعنه فرقد السبخي، وكذا قال في الضعفاء الصغير (280)، لكنه لما ترجم له بحديثنا هذا لم يقل فيه شيئًا، وإنما قال:"روى عنه: أبو إسحاق الهمداني، وشعبة، ومالك بن مغول"، فدل ذلك على أن قوله فيه:"لم يثبت حديثه" لم يكن يقصد به البخاري هذا الحديث، ويبدو أن أبا زرعة قد تابع البخاري في تضعيفه لحديثه الذي رواه عن أبي أمامة، وعنه فرقد؛ لذا ذكره في أسامي الضعفاء (2/ 646) بهذه الترجمة، وقد جمعهما ابن أبي حاتم في ترجمة واحدة، وسأل عنه أباه فقال:"هو صدوق"، ثم قال:"وكتبه البخاري في كتاب الضعفاء، فسمعت أبي يقول: يحول من هناك"، وذكره ابن حبان في الثقات [الجرح والتعديل (6/ 348)،

ص: 220

الثقات (5/ 236)، المتفق والمفترق (3/ 1726/ 1259)، تاريخ دمشق (25/ 283)، تاريخ الإسلام (7/ 132)، التهذيب (2/ 259)].

وعليه: فإن عاصم بن عمرو البجلي: صدوق، والحديث الذي أنكر عليه إنما التبعة فيه على فرقد بن يعقوب السبخي؛ فإنه: ضعيف.

وعليه: فإما يكون المحفوظ رواية الجماعة مرسلًا، أو يكون عاصم اضطرب فيه، فرواه مرة مرسلًا، ومرة بواسطة مبهمة، وكلاهما إسناد ضعيف، والله أعلم.

وانظر: مسند الفاروق (1/ 145).

6 -

حديث أنس بن مالك:

رواه عبد الله بن فروخ، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم". وفي رواية: "اجعلوا لبيوتكم حظًا من صلاتكم".

أخرجه ابن خزيمة (2/ 213/ 1207)، والحاكم (1/ 313)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 233/ 2767)، وابن عدي في الكامل (4/ 199)، والدارقطني في المؤتلف (4/ 1837)، وتمام في الفوائد (473)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 394)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1/ 162/ 202)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 335)، والضياء في المختارة (6/ 309 و 310/ 2330 - 2332).

قال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراج حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلوا في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا"، فأما حديث عبد الله بن فروخ؛ فإن لفظه عجب، وهو شيخ من أهل مكة: صدوق، سكن مصر، وبها مات".

قلت: هو حديث منكر، تفرد به عبد الله بن فروخ الخراساني عن ابن جريج، وهو منكر الحديث، قال فيه ابن أبي مريم [وهو ممن روى عنه هذا الحديث]:"وأما أحاديثه فمناكير عن ابن جريج عن عطاء عن أنس، غير حديث"[الكامل (4/ 199)][تقدمت ترجمته تحت الحديث رقم (568)، الشاهد الثالث].

• ولعل المعروف فيه: ما رواه عبد الرزاق، عن ابن عيينة، قال: حُدِّثت عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا".

أخرجه عبد الرزاق (1/ 393/ 1534).

وهذا معضل.

• وانظر فيما لا يصح أيضًا:

• ما روي عن صهيب بن النعمان، مرفوعًا:"فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس؛ كفضل المكتوبة على النافلة"[أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 46/ 7322)، وعنه: أبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1497/ 3809)، والبيهقي في الشعب (3/ 173/ 3259)، وانظر: إتحاف المهرة (16/ 490/ 20996)][صوابه: عن ضمرة بن حبيب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر سماعًا].

ص: 221

• وما روي عن أبي هريرة [أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 220)، [وإسناده مسلسل بالمتروكين].

وأما أحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم النافلة في بيته، فهي كثيرة؛ نذكر منها فقط:

حديث عائشة:

الذي يرويه خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن تطوعه؟ فقالت: "كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعًا، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل [بيتي] فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل [بيتي] فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر.

وكان يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ قاعدًا ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين [ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر].

أخرجه مسلم (730/ 105)، وتقدم تحت الحديث رقم (955).

° فصل في خلاف ذلك:

1 -

حديث ابن عمر:

يرويه يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة حماد بن أسامة:

عن عبيد الله بن عمر، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، فأما المغرب، والعشاء، والجمعة، فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته". لفظ مسلم.

أخرجه البخاري (1172)، ومسلم (729)، ويأتي تخريجه بطرقه وذكر ألفاظه في موضعه من السُّنن برقم (1252)، إن شاء الله تعالى.

قال البيهقي في السُّنن (2/ 189): "وفيه إشارة إلى فعل السجدتين قبل الظهر والسجدتين بعدها في المسجد".

2 -

حديث حذيفة:

يرويه إسرائيل بن أبي إسحاق، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه قال: سألتني أمي: متى عهدك؟ - تعني: بالنبي صلى الله عليه وسلم -[وفي رواية: متى عهدك برسول الله صلى الله عليه وسلم؟]، فقلت: مالي به عهد منذ كذا وكذا، فنالت مني [وسبتني]، فقلت لها: دعيني آتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأصلي معه المغرب، وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب، فصلى حتى صلى العشاء [وفي رواية: فصلى ما بينهما] [وفي أخرى: فلما قضى الصلاة قام يصلي فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء]، ثم انفتل فتبعته، فسمع صوتي، فقال:"من هذا؟ حذيفة؟ "، قلت: نعم، قال: "ما

ص: 222

حاجتك؟ غفر الله لك ولأمك" [وفي رواية: فقال: "ما جاء بك؟ "، فأخبرته ما قالت لي أمي، فقال: "غفر الله لك ولأمك"، [وفي رواية: ثم انفتل وتبعته، فعرض له عارضٌ فأخذه [وفي رواية: فناجاه]، وذهب، فاتبعته، فسمع صوتي، فقال: "من هذا؟ "، فقلت: حذيفة، فقال: "ما لك؟ "، فحدثته بالأمر، فقال: "غفر الله لك ولأمك، أما رأيت العارض الذي عرض لي قبلُ؟ "، قلت: بلى]، قال: "إن هذا ملك لم ينزل الأرض قطُّ قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم عليَّ، ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".

وفي رواية: "هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قطُّ قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم عليَّ، وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة".

أخرجه الترمذي (3781)، والنسائي في الكبرى (1/ 228/ 379 و 380) و (7/ 367/ 8240) و (7/ 391/ 8307)، وابن خزيمة (2/ 206/ 1194)، وابن حبان (15/ 413/ 6960) و (16/ 68/ 7126)، والحاكم (1/ 312 - 313) و (3/ 151 و 381)، وأحمد (5/ 391 و 404)، وابن أبي شيبة (6/ 378/ 32177) و (6/ 388/ 32271)، وابن أبي عاصم الآحاد والمثاني (5/ 366/ 2966)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (82 - مختصره)، وابن الأعرابي في المعجم (388)، ومُكرَم بن أحمد البزاز في الأول من فوائده (83)، والطبراني في الكبير (3/ 37/ 2607)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على فضائل الصحابة لعبد الله بن أحمد (2/ 788/ 1406)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 190)، وفي معرفة الصحابة (6/ 3190/ 7327) و (6/ 3486/ 7905)، والبيهقي في الدلائل (7/ 78)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 372)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 268 و 269) و (13/ 207) و (14/ 134).

• وقد اختلف فيه على إسرائيل:

أ - فرواه محمد بن يوسف الفريابي، وزيد بن الحباب، وحسين بن محمد المروزي، ويحيى بن آدم، وإسحاق بن منصور السلولي، وعمرو بن محمد العَنقزي، ومحمد بن بكر البرساني، والحسن بن عطية بن نجيح البزاز [وهم ثمانية من الثقات، بعضهم حفاظ]، وغيرهم:

فرووه عن إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه قال:

، فذكره.

ب - وخالفهم: أسود بن عامر، قال: حدثنا إسرائيل، عن ابن أبي السفر، عن الشعبي، عن حذيفة، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم تبعته وهو يريد يدخل بعض حجره، فقام وأنا خلفه كأنه يكلم أحدًا، قال: ثم قال: "من هذا؟ "، قلت: حذيفة، قال:"أتدري من كان معي؟ "، قلت: لا، قال: "فإن جبريل

ص: 223

جاء يبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، قال: فقال حذيفة: فاستغفر لي ولأمي، قال: "غفر الله لك يا حذيفة ولأمك".

أخرجه أحمد (5/ 392)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 207).

وهذا شاذ سندًا ومتنًا، والأسود بن عامر الشامي، نزيل بغداد، لقبه شاذان: ثقة، لكن عباراتهم لم تتفق على توثيقه، وجعله في المرتبة العليا من الثقات، وكلامهم فيه يدل على أوهام عنده [انظر: التهذيب (1/ 172)]، وهذا منها، والله أعلم.

° وعليه: فإن إسناد الجماعة عن إسرائيل: إسناد كوفي صحيح غريب.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قلت: ميسرة بن حبيب النهدي لم يخرج له الشيخان في صحيحيهما، والمنهال بن عمرو فمن رجال البخاري وحده.

• خالف اسرائيل في إسناده فوهم:

قيس بن الربيع، قال: حدثني ميسرة بن حبيب، عن عدي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن حذيفة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكر منه طرف فضيلة الحسن والحسين.

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 37/ 2606) و (22/ 402/ 1005)، بإسناد حسن إلى قيس.

وقيس بن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وابتلي بابنٍ له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [انظر: التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)].

• قال الحاكم: "تابعه أبو مري [كذا؛ يعني: أبا مريم] عن المنهال".

ثم أخرجه الحاكم (3/ 151)(3/ 65/ أ - رواق المغاربة)، وأبو علي الحداد في معجم شيوخه (37).

من طريق: الحسن بن الحسين العرني: ثنا أبو مريم الأنصاري، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"نزل من السماء ملك فاستأذن الله أن يسلم عليَّ، لم ينزل قبلها، فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: بل إسناد واهٍ ساقط، ولا كرامة؛ أبو مريم هذا هو: عبد الغفار بن القاسم؛ رافضي، متروك الحديث، بل كان يضع الحديث [اللسان (5/ 226)]، والحسن بن الحسين العرني: منكر الحديث، كان من رؤساء الشيعة [اللسان (3/ 33)].

• ورواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، وعباس بن محمد بن حاتم الدوري [وهما ثقتان حافظان]، وأحمد بن علي بن مسلم الأبار الخراز [ثقة حافظ متقن، تاريخ بغداد (4/ 306)، السير (13/ 443)]، ومحمد بن بشر بن مطر [ثقة، تاريخ بغداد (2/ 90)، تاريخ

ص: 224

الإسلام (21/ 255)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (8/ 204)]:

عن الهيثم بن خارجة: ثنا أبو الأسود عبد الله بن عامر الهاشمي [كذا قال عبد الله، وقال الجماعة: عبد الرحمن بن عامر أبو الأسود مولى بني هاشم، وهو الصواب]، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه قال: رأينا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم السرور يومًا من الأيام، فقلنا: يا رسول الله لقد رأينا في وجهك تباشير السرور، قال:"وكيف لا أُسرُّ؟ وقد أتاني جبريل عليه السلام، فبشرني أن حسنًا وحسينًا سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما أفضل منهما".

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 38/ 2608)، وابن شاهين في الخامس من الأفراد (89)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 230)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 752)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 447 و 448).

قال ابن شاهين: "وهذا حديث غريب من حديث عاصم بن أبي النجود، مشهور من حديث المنهال بن عمرو عن زر عن حذيفة، وقد رواه الشعبي عن حذيفة أيضًا".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن عاصم بن بهدلة: عبد الرحمن بن عامر أبو الأسود مولى بني هاشم، وهو: كوفي مجهول، لم يذكروا له راويًا سوى الهيثم، ولم يترجموا له بغير هذا الحديث، وقال الذهبي في الميزان:"لا يُدرى من هو"، وقال في المغني:"نكرة، لا يُعرف"[كنى الدولابي (1/ 327)، فتح الباب (476)، تاريخ بغداد (10/ 230)، تاريخ دمشق (34/ 447)، الميزان (2/ 571)، المغني (2/ 539)، اللسان (5/ 109)].

• وقد خولف فيه: رواه عثمان بن سعيد المري: ثنا علي بن صالح، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما".

أخرجه الحاكم (3/ 167)، بإسناد صحيح إلى عثمان.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه".

قلت: هذا إسناد كوفي لا بأس به، وهو غريب؛ عاصم بن بهدلة: صدوق، وعلي بن صالح بن حي: ثقة، وعثمان بن سعيد المري: كوفي مشهور، روى عنه أهل العراق وأهل الري منهم أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات، ووصفه الطحاوي بالجلالة والحفظ والإتقان [التاريخ الكبير (6/ 224)، الجرح والتعديل (6/ 152)، الثقات (8/ 450)، مشكل الآثار (11/ 422)، فتح الباب (4439)، تاريخ الإسلام (16/ 277)، التهذيب (3/ 62)].

• وقد علق البخاري في صحيحه طرفًا من حديث حذيفة هذا، فقال:"وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة""، وذلك في موضعين، الأول في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل الحديث رقم (3711)، والثاني

ص: 225

في نفس الكتاب، باب مناقب فاطمة عليه السلام، قبل الحديث رقم (3767)، ويحتمل أن يكون مراده حديث حذيفة هذا فإنه مطابق للفظ المعلق، ويحتمل أن يكون مراده ما وصله هو في المناقب من حديث عائشة برقم (3624)، إلا أنه قد اختلف رواته في موضع الشاهد منه، والأقرب عندي أنه عنى حديث حذيفة، قال ابن حجر في الفتح (7/ 105):"هو طرف من حديث وصله المؤلف في علامات النبوة، وعند الحاكم من حديث حذيفة بسند جيد"، لكنه مال في التغليق (4/ 69) إلى قصره على حديث عائشة، مع اختلاف لفظه كما ذكرت.

* وله طريق أخرى:

يرويها المسيب بن واضح [ضعيف، تركه جماعة، وله أحاديث منكرة، اللسان (8/ 69)]، وعبيد بن جناد الحلبي [روى عنه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "صدوق، لم أكتب عنه". الجرح والتعديل (5/ 404)، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 432)، وصحح له في صحيحه (3320 و 7458 و 7479)، وقال الهيثمي في المجمع (9/ 162): "وهو ثقة"، ومع هذا قال ابن حجر في الدراية (1/ 90): "ضعيف"، ولم أر له سلفًا في تضعيفه]:

عن عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي، عن أبي عمرو [وقيل: أبو عمر، وقيل: أبو عمرة] الأشجعي، عن سالم بن أبي الجعد، عن قيس بن أبي حازم، عن حذيفة بن اليمان، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم[ليلة]، فرأيت عنده شخصًا، فقال لي:"يا حذيفة! هل رأيت؟ "، قلت: نعم، يا رسول الله! قال:"هذا ملك لم يهبط منذ بعثت، أتاني الليلةَ فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، قال عطاء: وحدثونا أنه صلى الله عليه وسلم قال: "وأبوهما خير منهما".

أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 38/ 2609)، وفي الأوسط (6/ 238/ 6286)، وابن عدي في الكامل (5/ 367)، وابن عساكر في التاريخ (13/ 208).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قيس إلا سالم بن أبي الجعد، ولا عن سالم إلا أبو عمرو الأشجعي، تفرد به: عطاء بن مسلم".

وقال ابن عدي بعد أن أخرج عدة أحاديث - وهذا منها - في ترجمة عطاء بن مسلم هذا: "وفي حديثه بعض ما ينكر عليه".

قلت: هو حديث منكر بهذا الإسناد، ولا يُعرف من حديث قيس بن أبي حازم، ولا من حديث سالم بن أبي الجعد، إلا من هذا الوجه، وفي تفرد عطاء الخفاف بهذا نكارة ظاهرة، فإن عطاء كان قد دفن كتبه، وحدث من حفظه فوهم كثيرًا، وقد أنكرت عليه أحاديث، فلم يعد بذاك القوي، واضطرب حديثه [انظر: التهذيب (3/ 107)، الميزان (3/ 76)، علل الحديث ومعرفة الرجال (263)، معرفة الثقات (1241)، مسند البزار (3/ 14/ 760) و (9/ 3626/94)، ضعفاء العقيلي (3/ 405)، الجرح والتعديل (6/ 336)، علل الحديث لابن أبي حاتم (2013 و 2358)، المجروحين (2/ 131)، الكامل (5/ 367)، تاريخ بغداد (12/ 294)]، وشيخه الأشجعي: لم أعرفه.

ص: 226

• والحاصل: فإن حديث حذيفة حديث صحيح غريب، تفرد به إسرائيل.

° قال الترمذي بعد الحديث رقم (604): "ففي هذا الحديث دلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الركعتين بعد المغرب في المسجد".

3 -

حديث ابن عباس:

يرويه طلق بن غنام [كوفي ثقة]، ونصر بن زيد المجدَّر [بغدادي ثقة]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [صدوق حافظ؛ إلا أنه اتُّهم بسرقة الحديث. التهذيب (4/ 370)]:

عن يعقوب بن عبد الله، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في الركعتين بعد المغرب، حتى يتفرق أهل المسجد".

أخرجه أبو داود (1301)، والنسائي في الكبرى (1/ 227/ 378)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (76 - مختصره)، والطبراني في الكبير (12/ 12/ 12323)، والبيهقي (2/ 190)، والضياء في المختارة (10/ 102/ 97 و 98).

• خالفهم: أحمد بن يونس [كوفي، ثقة حافظ]، وسليمان بن داود العتكي [أبو الربيع الزهراني، وهو بصري نزل بغداد: ثقة حافظ]، قالا:

حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، مرسلًا.

أخرجه أبو داود (1301)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 190)، والضياء في المختارة (10/ 102/ 99).

قال أبو داود: "سمعت محمد بن حميد، يقول: سمعت يعقوب يقول: كل شيء حدثتكم عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو مسند عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

قلت: المحفوظ هو المرسل؛ فإن من أرسله أثبت وأحفظ ممن وصله، وأما ما نقله أبو داود في أن كل ما أرسله يعقوب عن جعفر عن سعيد، فهو مسند عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حجة فيه؛ لأنه من رواية محمد بن حميد الرازي، وهو وإن كان موصوفًا بالحفظ؛ إلا أنه قد أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير [التهذيب (1/ 85)].

وهذا الدارقطني إمام علم العلل في زمانه لما سئل عن حديث اختلف فيه على يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد، في وصله وإرساله، رجح الدارقطني الإرسال [انظر: العلل (12/ 84/ 2450)].

• وقد ذهب إلى ترجيح الإرسال: أبو بكر الأثرم:

قال الأثرم في الناسخ (62): "حديث يعقوب قد أفسدوه، رواه عدة فقالوا: عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا ابن عباس، وهذا مرسل".

وقال في موضع آخر (69): "حديث ابن عباس قد أفسده قومٌ، رووه عن سعيد بن جبير مرسلًا في هذا".

ص: 227

ثم هو بعد ذلك: مرسل بإسناد لين؛ فإن جعفر بن أبي المغيرة، وإن وثقه أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات؛ فقد قال فيه ابن منده في الرد على الجهمية (15 و 16) بعد أن ذكر أثرًا لجعفر عن سعيد عن ابن عباس، خالف فيه جعفر أصحاب سعيد، قال ابن منده:"ولم يتابع عليه جعفر، وليس هو بالقوي في سعيد بن جبير"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 102/ 4393) و (3/ 283/ 5256)، الجرح والتعديل (2/ 490) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، تاريخ أسماء الثقات (167)، بيان الوهم (4/ 193/ 1681)، الميزان (1/ 417)، تاريخ الإسلام (8/ 63)، التهذيب (1/ 313)].

ويعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري: قال أحمد: "أشعث بن إسحاق القمي: أقصد حديثًا من يعقوب القمي"، وقد قال أحمد في أشعث القمي:"صالح الحديث"، وهي مرتبة أدنى من الصدوق، فكيف إذن بيعقوب القمي، وقال الدارقطني:"ليس بالقوي"، وقال مرة:"ضعيف"، وقد قواه ابن معين والنسائي والطبراني، قال ابن معين في سؤالات ابن محرز:"أشعث القمي عن جعفر أحب إليَّ من يعقوب عن جعفر، ويعقوب: ثقة"، وقال في سؤالات ابن الجنيد:"ثقة"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وقال الطبراني:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات [العلل ومعرفة الرجال (3/ 255/ 5126)، سؤالات ابن محرز (1/ 110/ 520)، سؤالات ابن الجنيد (694)، الجرح والتعديل (9/ 209)، الثقات (7/ 645)، علل الدارقطني (3/ 92/ 298) و (13/ 116/ 2994)، الميزان (4/ 452)، تاريخ الإسلام (11/ 406)، السير (8/ 300)، التهذيب (1/ 177) و (4/ 444)].

وقد تفرد جعفر في هذا الحديث بإثبات سُنَّة لم تُعرف إلَّا من طريقه، وهي التطويل في القراءة في سُنَّة المغرب، حتى يتفرق أهل المسجد، فإن قيل: ألا يشهد له حديث حذيفة، فيقال: نعم، في حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى من المغرب إلى العشاء، لكنها كانت واقعة عين، لم ينقل تكرارها، وأما حديث جعفر هذا ففيه أن هذا كان فعله صلى الله عليه وسلم الذي داوم عليه، وأنها سُنَّة ثابتة عنه، ثم هو في ذلك يخالف حديث ابن عمر السابق في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي سُنَّة المغرب في بيته، لا في المسجد، فتعارض الحديثان.

قال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 179): "وأما حديث جعفر بن أبي المغيرة: فليس تقوم به حجة".

وأما البيهقي فقال في الجمع بين الدليلين: "وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا زمانًا، وما روى ابن عمر من ركعتي المغرب في بيته زمانًا، وبالله التوفيق".

• قال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 176): "وكذلك من لم ير الركعتين بعد المغرب في المسجد، وراهما في البيت؛ إنما هو على الاختيار، لا على أن ذلك لا يجوز، والله أعلم".

قال أبو بكر الأثرم: "وسئل أبو عبد الله عن الركعتين بعد المغرب؟ فقال: يصليها في

ص: 228

منزله أعجب إليَّ، قيل له: فإن بعُدَ منزله؟ فقال: لا أدري، قال: ورأيت أبا عبد الله ما لا أحصي إذا صلى المغرب دخل قبل أن يتطوع، قال: وسألت أبا عبد الله عن تفسير قوله: "لا يصلي بعد صلاة مثلها"؟ قال: هو أن يصلي الظهر فيصلي أربعًا بعدها لا يسلم، ثم قال: أليس قد قال سعيد بن جبير: إذا سلم في اثنتين فليس مثلها، ثم قال: أما أنا فأذهب في الأربع قبل الظهر إلى أن أسلم في الاثنتين منها، ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته، ثم قال: ليس ههنا أوكد من الركعتين بعد المغرب في بيته، ثم ذكر حديث ابن إسحاق:"صلوا هاتين الركعتين في بيوتكم"" [التمهيد (14/ 177)، المغني (1/ 435)].

ونقل ابن قدامة في المغني (1/ 435) عن أبي بكر الأثرم، قال:"سمعت أبا عبد الله، سئل عن الركعتين بعد الظهر، أين يصليان؟ قال: في المسجد، ثم قال: أما الركعتان قبل الفجر ففي بيته، وبعد المغرب في بيته"، ثم ذكر نحو ما تقدم.

هكذا نظر أحمد في استدلاله إلى حديث ابن عمر، وإن كان حديث عائشة عند مسلم [تقدم قريبًا في الشواهد] قد دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي راتبة الظهر القبلية والبعدية في بيته على الدوام، والله أعلم.

ثم قال ابن عبد البر بعد أن ذكر حديث كعب بن عجرة: "وهذا يحتمل أن يكون على الاختيار في التطوع أكثر من الركعتين، ويحتمل أن يكون في الركعتين".

ثم قال بعد أن ذكر جملة من الآثار عن السلف في صلاة راتبة المغرب في البيت: "فهذه الآثار كلها تبين لك أن صلاة الركعتين بعد المغرب في البيت أفضل، وأنه الأمر القديم، وعمل صدر السلف، وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها في بيته من حديث ابن عمر، ومن حديث غيره أنها صلاة البيوت، وأما حديث جعفر بن أبي المغيرة: فليس تقوم به حجة، ولكنه أمر لا حرج على من فعله؛ لأن الأصل فيه أنه فعل بر وخير، فحيث فعل فحسن؛ إلا أن الأفضل من ذلك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب عليه، ومال أخيار صدر السلف إليه، وبالله التوفيق".

وقال ابن القيم في الزاد (1/ 315): "وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعل السُّنن والتطوع في البيت إلا لعارض، كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من سفر أو مرض أو غيره مما يمنعه من المسجد".

وقال في طرح التثريب (3/ 32): "ويستثنى من تفضيل النوافل في البيت؛ ما شرعت فيه الجماعة؛ كالعيد والكسوف والاستسقاء، وكذلك التنفل يوم الجمعة قبل الزوال وبعده، ففِعله في المسجد أفضلُ؛ لاستحباب التبكير للجمعة".

وذكر أيضًا النوافل المتعلقة بالمسجد؛ كتحية المسجد، وركعتي الطواف.

° مسألة:

أيما أفضل فعل النافلة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أم في البيت؟

ص: 229