المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌219 - باب اللبس للجمعة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌190 - باب الرد على الإمام

- ‌(1/ 471).* * *191 -باب التكبير بعد الصلاة

- ‌192 - باب حذف التسليم

- ‌193 - باب إذا أحدث في صلاته يستقبل

- ‌194 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة

- ‌195 - باب السهو في السجدتين

- ‌196 - باب إذا صلى خمسًا

- ‌197 - باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقي الشك

- ‌198 - باب من قال: يتمُّ على أكبر ظنه

- ‌199 - باب من قال: بعد التسليم

- ‌200 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

- ‌201 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

- ‌ 273).***202 -باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

- ‌203 - باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة

- ‌204 - باب كيف الانصراف من الصلاة

- ‌205 - باب صلاة الرجل التطوعَ في بيته

- ‌206 - باب من صلى لغير القبلة ثم علِم

- ‌تفريع أبواب الجمعة

- ‌207 - باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

- ‌(2/ 733).208 -باب الإجابة أيةُ ساعةٍ هي في يوم الجمعة

- ‌209 - باب فضل الجمعة

- ‌210 - باب التشديد في ترك الجمعة

- ‌211 - باب كفارة من تركها

- ‌212 - باب من تجب عليه الجمعة

- ‌(2/ 266).213 -باب الجمعة في اليوم المطير

- ‌214 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة

- ‌215 - باب الجمعة للمملوك والمرأة

- ‌216 - باب الجمعة في القُرى

- ‌(2/ 0 56).***217 -باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

- ‌(24/ 211)].***218 -باب ما يُقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

- ‌219 - باب اللُّبس للجمعة

- ‌220 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبلَ الصلاة

- ‌221 - باب في اتخاذ المنبر

- ‌222 - باب موضع المنبر

- ‌223 - باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌224 - باب في وقت الجمعة

- ‌225 - باب النداء يوم الجمعة

- ‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلِّم الرجلَ في خطبته

- ‌227 - باب الجلوس إذا صعِد المنبر

- ‌228 - باب الخطبة قائمًا

- ‌2).***229 -باب الرجل يخطب على قوس

الفصل: ‌219 - باب اللبس للجمعة

شيء، وقد تقدم فيه حديث جابر بن سمرة، تحت الحديث رقم (815)، الشاهد الثالث.

° قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية: "هنا مسألتان نافعتان:

إحداهما: أنه لا يستحب أن يقرأ بسورة فيها سجدة أخرى باتفاق الأئمة، فليس الاستحباب لأجل السجدة، بل للسورتين، والسجدة جاءت اتفاقًا؛ فإن هاتين السورتين فيهما ذكر ما يكون في يوم الجمعة من الخلق والبعث.

الثانية: أنه لا ينبغي المداومة عليها بحيث يتوهم الجهال أنها واجبة، وأن تاركها مسيء؛ بل ينبغي تركها أحيانًا، لعدم وجوبها، والله أعلم" [مجموع الفتاوى (24/ 205)].

وقال أيضًا (24/ 206): "المقصود قراءة السورتين: {الم (1) تَنْزِيلُ} و "{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} لما فيهما من ذكر خلق آدم وقيام الساعة وما يتبع ذلك، فإنه كان يوم الجمعة، وليس المقصود السجدة، فلو قصد الرجل قراءة سورة سجدة أخرى كُره ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قرأ السورتين كلتاهما، فالسُّنَّة قراءتهما بكمالهما، ولا ينبغي المداومة على ذلك؛ لئلا يظن الجاهل أن ذلك واجب، بل يقرأ أحيانًا غيرهما من القرآن".

‌219 - باب اللُّبس للجمعة

1076 -

. . . مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن عمر بن الخطاب رأى حُلُّة سِيَراءَ - يعني: تُباعُ عند باب المسجد -، فقال: يا رسول الله! لو اشتريتَ هذه فلبستَها يومَ الجمعة، وللوفد إذا قدموا عليك، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنما يلبسُ هذه مَنْ لا خلاقَ له في الآخرة"، ثم جاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منها حُلَلٌ، فأعطى عمرَ حُلَّةً، فقال عمر: يا رسول الله! كسوتَنِيها، وقد قلت في حُلةِ عُطاردٍ ما قلتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني لم أَكَسُكَها لتلبَسها"، فكساها عمر أخًا له مشركًا بمكة.

حديث متفق علي صحته

أخرجه مالك في الموطأ (2/ 504/ 2663).

ومن طريقه: البخاري (886 و 2612)، ومسلم (2068/ 6)، وأبو عوانة (5/ 224/ 8490) و (5/ 225/ 8491)، وأبو داود هنا في الصلاة برقم (1076)، وأعاده في كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الحرير، برقم (4040)، والنسائي في المجتبى (3/ 96 / 1382)، وفي الكبرى (2/ 268/ 1698)، وابن حبان (12/ 255/ 5439)، والشافعي في الأم (1/ 196)، وفي المسند (62)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 50/ 1784)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 244)، وفي المشكل (12/ 317/ 4831)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (105)، والجوهري في مسند الموطأ (702)، والبيهقي في السُّنن (2/ 422)

ص: 413

و (3/ 241) و (9/ 129)، وفي المعرفة (2/ 524/ 1801)، والبغوي في شرح السُّنَّة (12/ 28/ 3099)، وغيرهم.

رواه عن مالك: الشافعي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الله بن وهب، وقتيبة بن سعيد، وأبو مصعب الزهري (1923)، ويحيى بن يحيى الليثي (2663)، وسويد بن سعيد (693)، ومحمد بن الحسن الشيباني (870).

تابع مالكًا عليه عن نافع:

(2 - 8) عبيد الله بن عمر العمري، وجويرية بن أسماء، وموسى بن عقبة، وصخر بن جويرية [وهم ثقات، من أصحاب نافع، وأثبتهم فيه: عبيد الله العمري]، ومحمد بن إسحاق [صدوق]، وعمرو بن سعد الفدكي [ثقة]، ومحمد بن عبد الرحمن بن عنج المدني [صالح الحديث. التهذيب (3/ 627)]:

عن نافع، عن عبد الله؛ أن عمر رضي الله عنه رأى حلة سيراء تُباع [زاد عبيد الله: عند باب المسجد]، فقال: يا رسول الله! لو ابتعتها تلبسها للوفد إذا أتَوك، والجمعة؟ قال:"إنما يلبس هذه من لا خلاق له [زاد عبيد الله: في الآخرة] "، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بعد ذلك إلى عمر حلة سيراء حرير كساها إياه، فقال عمر: كسوتنيها، وقد سمعتك تقول فيها ما قلت؟ فقال:"إنما بعثت إليك لتبيعها، أو تكسوها". لفظ جويرية [عند البخاري]، وبنحوه لعبيد الله في رواية، وفي رواية أخرى لعبيد الله:

، فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدُ منها بحللِ، فكساني منها حلةً، فقال: يا رسول الله! كسوتنيها، وقد قلت فيها ما قلت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لم أكسُكَها لتلبَسَها، إنما كسوتُكَها لتكسُوَها، أو لتبيعَها"، فكساها عمر أخًا له من أمه مشركًا.

وفي رواية صخر [عند الطيالسي]: أن عمر رأى حلة عطارد التميمي من حرير سيراء تباع،

وساق الحديث إلى أن قال: قال [يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم]: "تستنفقُها، أو تكسوها نساءك".

ولفظ ابن إسحاق بنحو لفظ الجماعة، وفيه زيادات محتملة.

أخرجه البخاري في الصحيح (5841)، وفي الأدب المفرد (71)، ومسلم (2068/ 6)، وأبو عوانة (5/ 224/ 8489) و (5/ 225/ 8494)، وأبو داود [في الجهاد، رواية أبي الحسن بن العبد. عزاه إليه المزي في التحفة (7/ 249/ 10551 - ط. الغرب)]. والنسائي في المجتبى (8/ 196/ 5295)، وفي الكبرى (8/ 392/ 9496) و (8/ 393/ 9497 و 9498)، وابن ماجه (3591)، وأحمد (2/ 20 و 103)، والطيالسي (18)، وابن أبي شيبة (5/ 152/ 24651)، والبزار (1/ 252/ 144)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (50 و 51)، والبيهقي في السُّنن (2/ 422) و (3/ 275)، وفي الشعب (5/ 134/ 6085)، وفي الآداب (709)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 18).

ص: 414

• تنبيه: وقع في رواية عبد الله بن نمير [عند النسائي والبزار]: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، وكذا في رواية ابن إسحاق [عند النسائي في الكبرى]، وفي رواية موسى بن عقبة [عند الفاكهي]، والصواب: أن عمر، فالحديث من مسند ابن عمر؛ لا من مسند عمر، كما هو في رواية الجمهور، ممن رواه عن نافع، وممن رواه عن ابن عمر، وقد رواه عن عبيد الله العمري من مسند ابن عمر هكذا على الصواب: يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وعبدة بن سليمان، وعبد الرحيم بن سليمان، ووقعت رواية ابن نمير وموسى بن عقبة عند مسلم من مسند ابن عمر، لا من مسند عمر.

قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر؛ أن عمر رأى حلة، ولم يقل: عن عمر؛ إلا ابن نمير".

وقال الدارقطني في العلل (2/ 11/ 85)(1/ 89/ 85 - ط. الريان): "رواه القاسم بن يحيى المقدمي، وعلي بن مسهر، وابن نمير، وسعيد بن بشير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر.

وغيرهم يرويه عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن عمر خرج إلى السوق.

فيصير من مسند ابن عمر، وكذلك رواه مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وأصحاب نافع، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن عمر.

وكذلك رواه سالم، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أن عمر. وهو الصواب".

قلت: كونه من مسند ابن عمر هو أمر ظاهر لائح جلي لا يخفى، بل إن مسلمًا قد أخرجه من طريق ابن نمير وموسى بن عقبة، من مسند ابن عمر، لا من مسند عمر، ولا أراه يثبت من حديث القاسم بن يحيى وعلي بن مسهر [على ما ذكر الدارقطني في علله]، بدليل إغفال البزار لها، أو أنها غرائب فلم يقف عليها البزار، وأما سعيد بن بشير فهو: ضعيف، وأين هو من أصحاب عبيد الله بن عمر، والشاهد: أنه لا التفات إلى من رواه مسند عمر، والأغلب أن يكون تحرف عليه: أن، إلى عن، أو اختصر الحديث والقصة، وروى المرفوع منه، فصيره من مسند عمر [كما وقع للبزار]، أو تحرف ذلك على النساخ في بعض المصادر، والعمدة على رواية جماعة الحفاظ عن عبيد الله، وكذا على رواية الجماعة ممن رواه عن نافع، وكذا عن ابن عمر، وهكذا أخرجه الشيخان في صحيحيهما من مسند ابن عمر، والله أعلم.

(9 و 10) ورواه جرير بن حازم، وأيوب السختياني [وعنه: حماد بن زيد، ومعمر بن راشد]، واللفظ لجرير، قال:

حدثنا نافع، عن ابن عمر، قال: رأى عمرُ عطاردًا التميمي يُقيم بالسوق حُلةً سِيراءَ [وفي رواية أيوب: حلةً من ديباج]، وكان رجلًا يغشى الملوكَ ويصيبُ منهم، فقال عمر: يا رسول الله! إني رأيت عطاردًا يقيم في السوق حلة سيراء [وفي رواية أيوب: حلة من

ص: 415

ديباج]، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك، - وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة -، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة".

فلما كان بعد ذلك أُتيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحللٍ سيراءَ [وفي رواية أيوب: حرير]، فبعث إلى عمر بحلةِ، وبعث إلى أسامة بن زيد بحلةٍ، وأعطى علي بن أبي طالب حلةً، وقال:"شقِّقها خمرًا بين نسائك".

قال: فجاء عمر بحلته يحملها، فقال: يا رسول الله! بعثت إليَّ بهذه، وقد قلتَ بالأمس في حلةِ عطاردِ ما قلتَ، فقال:"إني لم أبعث بها إليك لتلبسَها، ولكني بعثتُ بها إليك لتصيبَ بها".

وأما أسامة فراح في حُلَّته، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرًا عرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنكر ما صنع، فقال: يا رسول الله! ما تنظر إليَّ؟ فأنتَ بعثتَ إليَّ بها، فقال:"إني لم أبعث إليك لتلبسَها، ولكني بعثتُ بها إليك لتشقِّقها خمرًا بين نسائك".

أخرجه مسلم (2068/ 7)، وأبو عوانة (5/ 224/ 8488) و (5/ 225/ 8492 و 8493)، وأحمد (2/ 146)، ومعمر في الجامع (11/ 68/ 19929 - المصنف)، وأبو يعلى (10/ 187/ 5814)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 244 و 252)، وفي المشكل (12/ 314/ 4828) و (12/ 317/ 4835)، والبيهقي (3/ 275)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 356 و 357).

11 -

وروى أيوب بن موسى [أبو موسى الأموي المكي: ثقة]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء على عطارد، وكرهها له، ونهاه عنها، ثم إنه كسا عمر مثلها، فقال: يا رسول الله! قلتَ في حلة عطارد ما قلت وتكسوني هذه؟، قال:"إني لم أكسُكَها لتلبسها، إنما أعطيتكها لتكسُوَها النساءَ" وفي رواية: "لتُلبسها النساء".

أخرجه الحميدي (1/ 548/ 696)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253)، وفي المشكل (12/ 315/ 4829)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 363/ 1110).

قلت: وهذه رواية بالمعنى، والعمدة على ما رواه أصحاب نافع المقدمين فيه، مثل: مالك، وعبيد الله العمري، وأيوب السختياني، وغيرهم.

° وقد ترجم البخاري لهذا الحديث في الجمعة بقوله: "بابٌ: يلبس أحسن ما يجد".

وترجم له النسائي في الجمعة بقوله: "الهيئة للجمعة".

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 370): "والمقصود منه هاهنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر على ما ذكره من التجمل بحسن اللباس للجمعة، والظاهر: أن ذلك كان عادته صلى الله عليه وسلم؛ فلهذا قال له عمر ما قال، وإنما امتنع من هذه الحلة؛ لأنها كانت حريرًا خالصًا أو أكثرها حريرٌ،

"، إلى أن قال: "ولا خلاف بين العلماء - فيما نعلمه - في استحباب لبس أجود الثياب لشهود الجمعة والأعياد".

ص: 416

° قوله: حلة سيراء؛ السيراء: ضرب من البرود مخطط، يقال: برد مُسيَّر؛ أي: مخطط، سميت سيراء لما فيها من الخطوط التي تشبه السيور، ولم ينه عنها لذلك؛ بل لأنها كانت من حرير، كما مر في بعض روايات نافع أنها كانت حريرًا، وكما سيأتي في حديث سالم عن ابن عمر؛ أنها كانت من إستبرق، وهو الغليظ من الحرير، والمقصود أنها كانت من حرير خالص، وما صح من الروايات ما يؤيد ذلك [راجع: معالم السُّنن (1/ 246)، المشارق (1/ 195)، غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 511)، كشف المشكل (1/ 128)، النهاية (2/ 433)، الفتح لابن رجب (5/ 370)].

قال النووي في شرح مسلم (14/ 38) بعد أن ساق روايات الحديث: "فهذه الألفاظ تبين أن هذه الحلة كانت حريرًا محضًا، وهو الصحيح الذي يتعين القول به في هذا الحديث، جمعًا بين الروايات، ولأنها هي المحرمة".

***

1077 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن وهب: أخبرني يونس، وعمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال: وجد عمر بن الخطاب حُلةَ إستبرقٍ تُباعُ بالسوق، فأخذها فأتى بها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ابتَعْ هذه تجمَّل بها للعيد وللوفود، ثم ساق الحديث، والأول أتم.

حديث صحيح، وهو متفق عليه من حديث ابن شهاب

أخرجه أبو داود هنا في الصلاة برقم (1077)، وأعاده في كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الحرير، برقم (4041).

• رواه من طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد الأيلي، وعمرو بن الحارث قرنهما:

أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وسليمان بن داود بن حماد المهري، ويونس بن عبد الأعلى [وهم مصريون ثقات]: عن ابن وهب به.

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 181/ 1560)، وفي الكبرى (2/ 297/ 1772)[ولفظه بمثل لفظ مسلم الآتي]. وأبو عوانة (5/ 226/ 8495)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 245)، وفي المشكل (12/ 318/ 4832).

• رواه من طريق ابن وهب عن يونس وحده:

أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى [مصري، صدوق، كان راوية لابن وهب، ومن أعلم الناس بحديثه]، واللفظ لحرملة:

قالا: أخبرنا ابن وهب: أخبرني يونس، عن ابن شهاب: حدثني سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر، قال: وجد عمر بن الخطاب حلةً من إستبرقٍ تباع بالسوق، فأخذها، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ابتَعْ هذه فتجمَّل بها للعيد، وللوفد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما هذه لباس من لا خلاق له"، قال: فلبث عمر ما شاء الله، ثم أرسل

ص: 417

إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! قلت: "إنما هذه لباس من لا خلاق له"، أو:"إنما يلبس هذه من لا خلاق له"، ثم أرسلتَ إليَّ بهذه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تبيعُها، وتصيبُ بها حاجتك".

أخرجه مسلم (2068/ 8).

• ورواه من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث وحده:

هارون بن معروف [ثقة حافظ]، وأحمد بن عيسى بن حسان المصري [صدوق، تكلم في سماعه]:

حدثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر، قال: وجد عمر حلة من إستبرق تباع في السوق،

فذكر الحديث مثله.

أخرجه مسلم (8068/ 2)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 535).

• رواه أيضا عن ابن شهاب الزهري:

(3 - 4) شعيب بن أبي حمزة، وعقيل بن خالد:

عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عمر، قال: أخذ عمر جُبةً من إستبرقٍ تُباعُ في السوق، فأخذها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ابتع هذه تجمَّل بها للعيد والوفود، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما هذه لباس من لا خلاق له"، فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبة ديباج، فأقبل بها عمر، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إنك قلت: "إنما هذه لباس من لا خلاق له"، وأرسلتَ إليَّ بهذه الجبة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تبيعُها، أو تصيبُ بها حاجتك".

أخرجه البخاري (948 و 3054)، والنسائي في الكبرى (8/ 394/ 9501)، وأبو عوانة (5/ 226/ 8496)، والبيهقي (3/ 280).

• وانظر فيمن رواه من حديث الزبيدي عن الزهري عن أنس، وليس من حديثه: ما أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 13/ 5347)، وفي مسند الشاميين (3/ 7/ 1693)، والدارقطني في الأفراد (1/ 230/ 1142 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (540 و 1061).

وله عن سالم طرق أخرى رواها:

1 -

روى عبد الوارث بن سعيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، واللفظ لعبد الوارث: قال: حدثني يحيى بن أبي إسحاق، قال: قال لي سالم بن عبد الله: ما الإستبرق؟ قلت: ما غلُظَ من الديباج، وخشُنَ منه، قال: سمعت عبد الله [بن عمر]، يقول: رأى عمر على رجلٍ حلةً من إستبرقٍ، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! اشتر هذه، فالبسها لوفد الناس إذا قدموا عليك، فقال:"إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"، فمضى من ذلك ما مضى، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بحلة، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بعثتَ إليَّ بهذه، وقد

ص: 418

قلتَ في مثلها ما قلتَ؟ قال: "إنما بعثت إليك لتصيبَ بها مالًا"، فكان ابن عمر يكره العلم في الثوب لهذا الحديث.

أخرجه البخاري (6081)، ومسلم (2068/ 9)، والنسائي في المجتبى (8/ 198/ 5300)، وفي الكبرى (8/ 393/ 9497) و (8/ 394/ 9500)، وأحمد (2/ 49)، وابن جرير الطبري في تفسيره (27/ 149)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 245).

2 -

وروى يحيى بن سعيد القطان، وروح بن عبادة:

عن شعبة: أخبرني أبو بكر بن حفص، عن سالم، عن ابن عمر؛ أن عمر رأى على رجلٍ من آل عطارد قَباء من ديباج، أو حرير، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اشتريته، فقال "إنما يلبس هذا من لا خلاق له"، فأُهديَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلةٌ سيراءُ، فأرسل بها إليَّ، قال: قلت: أرسلتَ بها إليَّ وقد سمعتُك قلتَ فيها ما قلتَ، قال:"إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها". لفظ القطان، وفي رواية روح:"إنما بعثت بها إليك لتنتفع بها، ولم أبعث بها إليك لتلبسها".

أخرجه مسلم (2068/ 9)، والبزار (1/ 246/ 136) و (12/ 269/ 6048)، وأبو يعلى (239)، وابن حزم في الإحكام (8/ 505).

• خالفهما: آدم بن أبي إياس، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وشبابة بن سوار، وأسود بن عامر [وهم ثقات]، واللفظ لآدم [عند البخاري]:

عن شعبة: حدثنا أبو بكر بن حفص، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه بحلة حرير، أو سيراء، فرآها عليه، فقال:"إني لم أرسل بها إليك لتلبَسَها، إنما يلبَسُها من لا خلاق له، إنما بعثتُ إليك لتستمتع بها"؛ يعني: تبيعها.

أخرجه البخاري (2104)[(3/ 63/ 2104 - ط. المنهاج) (3/ 185/ 2112 - ط. التأصيل)]. والنسائي في الرابع من الإغراب (179)، وأبو عوانة (5/ 226/ 8497)، وأحمد (2/ 114 و 115).

وهذه الرواية الأخيرة وقع فيها وهمٌ سببه اختصار راويه للحديث، والذي يغلب على ظني أن الوهم فيه من شعبة نفسه، وذلك أن الذين رووه عنه كلهم ثقات؛ فإن قيل: نرجح رواية الجماعة على رواية الأقل، فيقال: فيهم يحيى بن سعيد القطان، وهو من أثبت الناس في شعبة، قال أحمد في المقارنة بين أصحاب شعبة:"ولا يقاس بيحيى بن سعيد في العلم أحد"[مسائل ابن هانئ (2278)، سؤالات ابن بكير (34)، شرح علل الترمذي (2/ 702)].

هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن رواية يحى القطان وروح بن عبادة عن شعبة توافق رواية من روى هذا الحديث عن سالم، وعن نافع، وعن عبد الله بن دينار، كلهم عن ابن عمر به، ولم يقع في رواية أحد منهم أن عمر لبسها، وإنما وقع ذلك لأسامة بن زيد، وعلي بن أبي طالب.

ص: 419

وإنما قلت بأن الوهم فيه من شعبة، وأنه قد رواه مرة على الصواب، ومرة على الخطأ؛ لما تقدم ذكره، ولأن شعبة قد وقع له الوهم في بعض المتون، ونضرب لذلك مثالًا:

فقد روى سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركةً في دُبُره: أحْدَث أو لم يحدِث؟ فأشكل عليه: فلا ينصرفْ حتى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا".

أخرجه مسلم (362)، وهكذا رواه عن سهيل عامة أصحابه الثقات: جرير بن عبد الحميد، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وخالد بن عبد الله الواسطي، وزهير بن معاوية، وعلي بن عاصم، وغيرهم.

وخالفهم شعبة: فرواه عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا وضوء الا من صوت أو ريح"، هكذا اختصره شعبة.

قال أبو حاتم: "هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث، فقال: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح"، ورواه أصحاب سهيل عن سهيل

" فذكره [العلل (1/ 47/ 107)][وانظر بقية أقوال أهل العلم في الحديث: في الحديث السابق برقم (177)].

ثم إني وجدت من جزم بوهم هذه الرواية، فقد نقل ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (14/ 229) عن الداودي توهيم هذه الرواية، حيث قال: "وقوله: فرآها عليه: قال الداودي: هو وهم، وقد سلف في العيد أنه أعطاها له، فقال: كسوتنيها،

" وذكر الحديث، قلت: أصرح رواية في بيان ذلك رواية جرير بن حازم عن نافع [عند مسلم،، وفيها: فجاء عمر بحلته يحملها، فقال: يا رسول الله! بعثت إليَّ بهذه، وقد قلتَ بالأمس في حلةِ عطاردٍ ما قلتَ؟

الحديث، والله أعلم.

3 -

ورواه إسحاق بن سليمان الرازي، وعبد الله بن الحارث المخزومي، ومكي بن إبراهيم البلخي، وروح بن عبادة [وهم ثقات]:

قالوا: حدثنا حنظلة [بن أبي سفيان]: سمعت سالمًا، يقول: سمعت عبد الله بن عمر، يقول: إن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحلة إستبرق، فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه الحلة تلبسُها إذا قدم عليك وفود الناس؟ [وفي رواية: اشترها، فالبسها يوم الجمعة، وحين يقدم عليك الوفد]، فقال:"إنما يلبس هذا من لا خلاق له"، ثم أُتي النبيُّ صلى الله عليه وسلم بحلل ثلاث، فبعث إلى عمر بحلة، وإلى علي بحلة، وإلى أسامة بن زيد بحلة.

فأتى عمر رضي الله عنه بحلته النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! بعثت إليَّ بهذه، وقد سمعتك قلت فيها ما قلت؟ قال:"إنما بعثت بها إليك لتبيعها، أو تشققها لأهلك خمرًا".

قال إسحاق في حديثه: وأتاه أسامة وعليه الحلة، فقال:"إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتبيعها"، ما أدري أقال لأسامة:"تشققها خمرًا"؟، أم لا؟.

وفي رواية عبد الله بن الحارث: وأتاه أسامة وقد لبسها، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،

ص: 420

فقال: أنت كسوتني؟، قال:"شقِّقها بين نسائك خمرًا، أو اقض بها حاجتك".

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (349)، والنسائي في المجتبى (8/ 198/ 5299)، وفي الكبرى (2/ 269/ 1699) و (8/ 394/ 9499)، وابن حبان (11/ 1314/ 515)، وأحمد (2/ 39 - 40)، والبزار (1/ 244/ 130) و (12/ 269/ 6049).

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

4 -

ورواه أبو أسامة، عن محمد بن عمرو، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: خرج عمر بن الخطاب إلى المسجد فوجد حلة سيراء، فرجع فقال: يا رسول الله! ألا تشتري هذه الحلة فتلبسها إذا قدم عليك الوفود، ويوم الجمعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما تلك ثياب من لا خلاق له"، فمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أرسل إلى عمر بحلة من ديباج أُهديت له، فجاءه عمر، فقال: يا رسول الله! أرسلت إليَّ بهذه، وقد سمعتك قلت فيها ما قلت؟ قال:"إني لم أرسلها إليك لتلبسها، ولكن إنما أرسلت بها لتبيعها، وتجعلها في بعض حاجتك، أو تكسوها بعض نسائك".

أخرجه البزار (12/ 268/ 6047)، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد [هو الأشج: ثقة يحفظ]، نا أبو أسامة به.

وهذا إسناد جيد غريب.

وله طرق أخرى عن ابن عمر:

1 -

روى عبد العزيز بن مسلم القسملي، وسليمان بن بلال، ويزيد بن عبد الله بن الهاد [وهم ثقات]:

حدثنا عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: رأى عمر حلة سيراء [وفي رواية سليمان: على رجل] تباع [وفي رواية ابن الهاد: رأى حلة سيراء لعطارد بن حاجب التميمي تباع]، فقال: يا رسول الله! ابتع هذه [وفي رواية سليمان وابن الهاد: هذه الحلة، والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له [زاد في رواية سليمان وابن الهاد: في الآخرة]"، فأُتيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم منها بحللٍ، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال: "إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن تبيعها أو تكسوها"، فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم.

أخرجه البخاري في الصحيح (2619 و 5981)، وفي الأدب المفرد (26)، والنسائي في الكبرى (8/ 395/ 9502)، والخطيب في الكفاية (178).

2 -

وروي أيضًا من طريق ابن سيرين عن ابن عمر، واختلف فيه على ابن سيرين، في وصله وإرساله، وفي صحابيه فمرة يقول: عن ابن عمر، ومرة: عن أبي هريرة، قال البزار:"ورواه غير سالم عن محمد عن ابن عمر"، وسالم هو: ابن دينار أبو جميع؛ المتفرد بقوله: عن محمد عن أبي هريرة، وقال الدارقطني:"والصحيح: عن ابن سيرين عن ابن عمر" [أخرجه أحمد (2/ 82 و 337)، والبزار (17/ 288/ 10008)، والعقيلي في

ص: 421

الضعفاء (4/ 57)، وابن الأعرابي في المعجم (929 و 935)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 241)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 372)، وانظر: علل الدارقطني (2/ 12/ 85) و (10/ 1857/55)(5/ 1857/35 - ط. الريان)، [وفي إسناد ابن عبد البر: محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي، وهو: متروك].

3 -

وله إسناد آخر مقرونًا فيه بابن عباس، وهو إسناد صالح، لكن ذكر ابن عباس فيه شاذ [أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 295/ 5344)] [في إسناده: المهاجر بن مخلد أبو مخلد، وهو: صالح].

• ولحديث ابن عمر هذا طرق أخرى في تحريم الحرير على الرجال ليس فيها موضع الشاهد، يأتي تخريجها إن شاء الله تعالى في بابها من كتاب اللباس، تحت الحديث رقم (4041).

كذلك فإني أرجأت تخريج شواهد حديث: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له" إلى نفس الموضع المشار إليه.

وقد رويت قصة إهداء ثوب الحرير من حديث:

1 -

جابر بن عبد الله:

يرويه روح بن عبادة، وحجاج بن محمد:

عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: لبس النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قباء من ديباج أهدي له، ثم أوشك أن نزعه، فأرسل به إلى عمر بن الخطاب، فقيل له: قد أوشك ما نزعته يا رسول الله، فقال:"نهاني عنه جبريل"، فجاءه عمر يبكي، فقال: يا رسول الله! كرهتَ أمرًا، وأعطيتنيه فما لي؟ قال:"إني لم أعطِكَه لتلبسَه، إنما أعطيتُكَه تبيعه"، فباعه [عمر]، بألفي درهم.

أخرجه مسلم (2070)، وأبو عوانة (1/ 404/ 1486 و 1487)، والنسائي في المجتبى (8/ 200/ 5303)، وفي الكبرى (8/ 410/ 9545)، وابن حبان (12/ 245/ 5428)، وأحمد (3/ 383)، والحازمي في الاعتبار (2/ 798/ 392).

والذي يظهر لي: تعدد الواقعة للمغايرة في أحداثها، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في كتاب اللباس عند الكلام عن النهي عن لبس الحرير ما يدل على تعدد واقعة الإهداء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن واقعة حديث جابر غير واقعة حلة عطارد، وأنها كانت سابقة عليها، وذلك لتقدم النهي في حديث جابر، فإن لبس النبي صلى الله عليه وسلم للحرير كان سابقا على النهي، وفي حلة عطارد أبي النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتريها أو أن يلبسها، وعلل ذلك بأنه فعل من لا خلاق له في الآخرة، ففيه دليل على تقدم تحريم لبس الحرير على واقعة حلة عطارد، وهذه الواقعة كانت في قباء من ديباج، بينما الأخرى كانت في حلة سيراء؛ كذلك فإن عمر قد أهدى الحلة السيراء إلى أخ له بمكة، بينما هنا باع عمر القباء بألفي درهم، واللّه أعلم [وانظر: فتح الباري لابن حجر (10/ 299)].

ص: 422

• وسأكتفي فقط فيما سيأتي على شواهد إهداء النبي صلى الله عليه وسلم الحلة السيراء لأحد من الصحابة، أو على قصة عطارد:

2 -

علي بن أبي طالب:

وله طرق، منها:

أ - ما رواه غندر محمد بن جعفر، وحجاج بن منهال، وسليمان بن حرب، وبشر بن عمر الزهراني، وعلي بن الجعد، وبهز بن أسد، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وعبد الرحمن بن زياد الرصاصي، وعمرو بن مرزوق، وأبو عباد يحيى بن عباد الضبعي [وهم ثقات]:

رووه عن شعبة، قال: أخبرني عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت زيد بن وهب، عن علي رضي الله عنه، قال [وفي رواية الطيالسي: سمعت عليا رضي الله عنه يقول]: أهدى إلي النبي صلى الله عليه وسلم حلةً سيراءَ، فلبستها [فخرجت فيها]، فرأيت الغضب في وجهه [زاد الطيالسي: وقال: "إني لم أبعث بها إليك لتلبسها"]، فشققتها بين نسائي.

أخرجه البخاري (2614 و 5366 و 5840)، ومسلم (2071/ 19)، وأبو عوانة (5/ 228/ 8504)، والنسائي في الكبرى (8/ 392/ 9494)، وأحمد (1/ 97 و 153)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (1/ 90)، والطيالسي (177)، وابن أبي شيبة (5/ 153 / 24668)، والبزار (2/ 194/ 577 و 578)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (465)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253)، والبيهقي (2/ 424)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1520/ 944)، والبغوي في شرح السُّنَّة (12/ 35/ 3107).

ب - ورواه سليمان بن حرب، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر، ومعاذ بن معاذ، والنضر بن شميل، وعفان بن مسلم، وأبو عامر العقدي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وبشر بن عمر الزهراني، وعلي بن الجعد، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار، وآدم بن أبي إياس، وعبد الرحمن بن زياد [وهم ثقات]:

رووه عن شعبة، عن أبي عون الثقفي محمد بن عبيد الله، قال: سمعت أبا صالح، يحدث عن علي رضي الله عنه قال [وفي رواية غندر والنضر وعفان وأبي عامر وبشر وأبي النضر والطيالسي: سمعت عليا يقول، وفي رواية ابن الجعد: شهدت عليًّا يقول]: أُهدِيَت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلةٌ سِيَراءُ، فأرسل بها إليَّ فلبستها، فأتيتُه فرأيتُ الغضبَ في وجهه، وقال:"إني لم أرسل بها إليك لتلبَسَها"، وأمرني فَأطرتها بين نسائي. لفظ سليمان ومعاذ، وفي رواية ابن مهدي:"إني لم أبعث بها إليك لتلبَسَها، إنما بعثتُ بها إليك لتشققها خمرًا بين النساء".

أخرجه مسلم (2071/ 17)، وأبو عوانة (1/ 405/ 1489) و (5/ 227/ 8501) و (5/ 228/ 8502)، وأبو داود (4043)، والنسائي في المجتبى (8/ 197/ 5298)، وفي الكبرى

ص: 423

(8/ 391/ 9493)، وأحمد (1/ 139)، والبلاذري في أنساب الأشراف (2/ 294)، والبزار (2/ 305/ 731)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (591)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253)، وفي المشكل (12/ 312/ 4825)، والخطابي في غريب الحديث (2/ 168 - 169)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 366)، والبيهقي في السنن (2/ 425)، وفي الشعب (5/ 134/ 6086)، وفي الآداب (710)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 242).

قال الخطابي: "قوله: أطرتها بين نسائي؛ أي: قسمتها شققًا بينهن"، وقيل: أطار لكل واحدةٍ منهن نصيبَها [انظر: معالم السنن (4/ 190)، مشارق الأنوار (1/ 29)، النهاية (1/ 54)، لسان العرب (4/ 26)].

ج - ورواه مسعر بن كدام، عن أبي عون الثقفي، عن أبي صالح الحنفي، عن علي؛ أن أُكَيدرَ دُومَة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبَ حريرٍ، فأعطاه عليًّا، فقال:"شقِّقْه خمرًا بين الفواطم"، وفي رواية:"بين النسوة".

أخرجه مسلم (2071/ 18)، وأبو عوانة (5/ 228/ 8503)، وأحمد (1/ 130)، وأبو يعلى (437)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253).

د - ورواه شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت هُبَيرة بن يَرِيم، قال: سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة حرير، فبعث بها إلي، فلبستها، فقال لي:"إني لا أرضى لك ما أكره لنفسي"، فأمرني فشققتها خُمُرًا بين النساء. لفظ الطيالسي.

وفي رواية غندر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُهديت له حلة من حرير فكسانيها، قال علي: فخرجت فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لست أرضى لك ما أكره لنفسي"، قال: فأمرني فشققتها بين نسائي خمرا، بين فاطمة وعمته.

أخرجه أحمد (1/ 137)، والطيالسي (121)، والبزار (2/ 301 - 302/ 726)، وأبو يعلى (319 و 443)، وابن عدي في الكامل (7/ 133).

رواه عن شعبة: محمد بن جعفر غندر، وأبو داود الطيالسي.

وهذا حديث صحيح، وهبيرة بن يريم: لا بأس به.

قال ابن عدي بعد أن أخرجه في ترجمة هبيرة: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها هي مستقيمة،

، وأرجو أن لا بأس به".

هـ - ورواه يزيد بن أبي زياد، وهو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقن تلقن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (9/ 344)، الميزان (4/ 423)، الجامع في الجرح والتعديل (3/ 315)]، وقد اختلف عليه فيه:

• فرواه عمران بن عيينة، ومحمد بن فضيل، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، وخالد بن عبد الله الواسطي الطحان، وأبو عوانة، وعلي بن عاصم، وأبو حمزة السكري محمد بن ميمون المروزي، وإسماعيل بن زكريا [وهم ثقات]:

ص: 424

عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة [مولى أم هانئ] [اسمه: سعيد بن علاقة؛ وهو: كوفي تابعي، ثقة]، عن جعدة بن هبيرة [تابعي كبير، سمع عليًّا، قيل: له صحبة. التاريخ الكبير (2/ 239)، معجم الصحابة للبغوي (2/ 5)، الجرح والتعديل (2/ 526)، الثقات (4/ 115)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ 618)، الإصابة (1/ 527)]، عن علي رضي الله عنه قال: أهدي [وفي رواية عمران بن عيينة وحده: أهدى أمير أذربيجان] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حُلةٌ مسيَّرةٌ بحرير، إما سداؤها وإما لحمتها، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بها إليَّ، فقلت: ما أصنع بها، ألبسها؟ قال:"لا أرضى لك ما أكره لنفسي، اجعلها خمرًا بين الفواطم"، فشققتُ منها لأربعة أخمر: خمارًا لفاطمة بنت أسد [بن هاشم]، وهي أم علي [بن أبي طالب]، وخمارًا لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وخمارًا لفاطمة بنت حمزة [بن عبد المطلب]، وذكر فاطمة أخرى، فنسيتها.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 135)، وابن أبي شيبة (5/ 151/ 24649) و (6/ 368/ 32088)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 3357/775 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 142/ 170) و (5/ 469/ 3164)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253)، والطبراني في الكبير (24/ 357/ 887)، وأبو بكر القطيعي في زياداته على فضائل الصحابة (2/ 674/ 1151)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3410/ 7787)، والبيهقي في الشعب (5/ 140/ 6105 و 6106)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 250)، وذكره الدارقطني في العلل (3/ 134/ 321).

• وخالفهم: عبد الرحيم بن سليمان [ثقة]، فرواه عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن هبيرة بن يريم، عن علي رضي الله عنه قال:

فذكره.

أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 151 / 24647) و (6/ 368/ 32087)، وعنه: ابن ماجه (3596)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 143/ 171).

قال الدارقطني في العلل (3/ 135/ 321) عن رواية عبد الرحيم: "ووهِم، وإنما هو جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي".

• ورواه جرير بن عبد الحميد [ثقة]، عن برد بن أبي زياد أخو يزيد [ثقة]، عن أبي فاختة، قال: حدثتني أم هانئ، قالت: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء، فأعطاها عليا، فقال:"لم أكسك لتلبسها، لا أرضى لك ما لا أرضى لنفسي، هي خمر للفواطم".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 135)، وإسحاق بن راهويه (5/ 26/ 2127)، وأبو يعلى (10/ 343/ 2238 - مطالب)، والطبراني في الكبير (24/ 437/ 1069).

سئل الدارقطني عن حديث برد هذا، فقال: "يرويه برد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن أم هانئ.

ورواه يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن جعدة بن هبيرة، عن علي. وهو الصحيح" [العلل (15/ 369/ 4074)].

ص: 425

وقال في موضع آخر من العلل (3/ 135/ 321) عن رواية جرير: "ووهم أيضًا، والصحيح: قول ابن فضيل ومن تابعه".

قلت: فهو حديث لا يصح بهذا السياق، والله أعلم.

و - ورواه شعبة [وعنه: أبو داود الطيالسي]، عن أبى بشر، قال: سمعت مجاهدًا، يحدث عن ابن أبي ليلى، قال: سمعت عليّا، يقول: أتي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحلة حرير، فبعث بها إلي فلبستها، فرأيت الكراهة في وجهه، فأطرتها خمرًا بين النساء.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 118)، والبزار (2/ 222/ 618)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 254)، وفي المشكل (12/ 313/ 4827).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أبي بشر عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه إلا شعبة".

قلت: هو حديث غريب؛ قال يحيى بن سعيد القطان: "كان شعبة يضعِّف حديث أبي بشر عن مجاهد، قال: ما سمع منه شيئًا"، وقال ابن معين:"طعن عليه شعبة في حديثه عن مجاهد، قال: من صحيفة"[راجع الحديث المتقدم برقم (971)].

وقد انفرد به الطيالسي بهذا الوجه، وقد خولف فيه [انظر: علل الدارقطني (3/ 135/ 321)].

ز - ورواه يزيد بن أبي حبيب، ومحمد بن إسحاق، والوليد بن كثير المخزومي:

قال ابن إسحاق: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وقال يزيد: أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه؛ أن أباه حدثه؛ أنه سمع عليّا يقول: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبوس القسي والمعصفر، وقراءة القرآن وأنا راكع، وكساني حلة من سيراء، فخرجت فيها، فقال لي:"يا علي لم أكسكها لتلبسها"، فرجعتُ إلى فاطمة فأعطيتُها؛ كأنها تطوي معي، فشققتها، فقالت: تربت يداك ابن أبي طالب، ما جئت به؟ قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ألبسها، فالبسيها، واكسي نساءك.

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 392/ 9495)، وأحمد (1/ 92)، وأبو يعلى (1/ 276/ 329)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 253)، وفي المشكل (12/ 313/ 4826)، والبيهقي (2/ 424).

أخرج أصله مسلم (480) و (2078/ 29 - 31)، بدون موضع الشاهد، وتقدم تخريجه مختصرًا تحت الحديث رقم (647)، وفي سنده اختلاف [راجع علل الدارقطني (3/ 295/80)]، ويأتي تخريجه موسعًا إن شاء الله تعالى في موضعه من السُّنن برقم 4404 - 4046).

ح - ورواه إسماعيل بن سميع: حدثني مالك بن عمير، قال: جاء زيد بن صوحان إلى علي رضي الله عنه فقال: حدثني ما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:

فذكر الحديث مطولًا.

ص: 426

أخرجه أحمد (1/ 119 و 138)، ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (3697).

3 -

حديث أنس:

رواه أبو عوانة، عن عبد الرحمن بن الأصم، عن أنس بن مالك، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر بجبة سندس، فقال عمر: بعثتَ بها إليَّ وقد قلتَ فيها ما قلتَ؟ قال: "إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، وإنما بعثت بها إليك لتنتفع بثمنها".

أخرجه مسلم (2072)، وأبو عوانة (1/ 404/ 1488) و (5/ 228/ 8505)، وأحمد (3/ 141 و 147 و 157)، والطيالسي (3/ 550/ 2190)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 205).

• ولأنس في إهداء ثوب الحرير قصة أخرى، يأتي تخريجه في موضعه من السُّنن برقم (4047)، إن شاء الله تعالى.

4 -

حديث حفصة:

يرويه عفان بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، والنضر بن شميل، وحجاج بن المنهال، وإبراهيم بن الحجاج السامي [وهم ستة من الثقات][وقد وقع في إسناد الأخير عند الطبراني تصحيف، فقيل فيه: عن أبي مخلد، وإنما هو: أبو مجلز]:

عن حماد بن سلمة، قال: أخبرنا أنس بن سيرين، عن أبي مجلز، عن حفصة [بنت عمر بن الخطاب]؛ أن عطارد بن حاجب جاء بثوب ديباج، كساه إياه كسرى، فقال عمر: ألا أشتريه لك يا رسول الله؟ [وفي رواية: لو اشتريته؟]، قال:"إنما يلبسه من لا خلاق له". وفي رواية: "إنما يلبس هذا من لا خلاق له".

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 409/ 9543)، وأحمد (6/ 288)، وإسحاق بن راهويه (4/ 192/ 1989)، وابن أبي شيبة (5/ 153/ 24660)، والطبراني في الكبير (23/ 206/ 357) و (23/ 216/ 395).

وهذا إسناد رجاله ثقات، ولا يُعرف لأبي مجلز لاحق بن حميد سماع من حفصة، والأقرب أنه لم يدركها؛ فإن بين وفاتيهما ما يزيد على ستين سنة، والله أعلم.

ورواه قبيصة بن عقبة [ثقة]، وحجاج بن المنهال [ثقة]:

عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد الجمحي [مدني، نزل البصرة: ثقة ثبت]، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ؛ أن عطارد بن حاجب أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا من ديباج، كساه إياه كسرى، فاجتمع إليه الناس، فجعلوا يلمسونه ويعجبون، ويقولون: يا رسول الله! أنزل عليك هذا من السماء؟ فقال: "لا تعجبون، فوالذي نفسي بيده! لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا، يا غلام اذهب بهذا إلى أبي جهم، جئنا بأنبجانيته".

أخرجه هناد في الزهد (145)، والطبراني في الكبير (18/ 15/ 22)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2253/ 5596)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 356).

ص: 427

قلت: هو حديث غريب، وهو مرسل، رجاله ثقات، وعبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال أبو زرعة:"مديني ثقة"، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين [التاريخ الكبير (5/ 326)، الجرح والتعديل (5/ 265)، الثقات (5/ 112)].

وأخشى أن يكون الغلط فيه من حماد بن سلمة، دخل له حديث في حديث، ورواية الجماعة عنه أشبه بالصواب، وحديث مناديل سعد إنما يُعرف من حديث البراء وأنس [حديث البراء: في البخاري (3249) وأطرافه، ومسلم (2468)] [وحديث أنس: في البخاري (2615) وأطرافه، ومسلم (2469)]، والله أعلم.

• ولعطارد إسناد آخر لا يصح: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (40/ 355).

وروي أيضًا:

5 -

من حديث أسامة بن زيد [أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 13/ 1070)][وإسناده تالف؛ فيه: عمرو بن واقد القرشي الدمشقي: متروك، منكر الحديث، كذبه أهل بلده. التهذيب (3/ 311)، الميزان (3/ 291) وقال: "وهو هالك"، وشيخ الطبراني: أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن عقال الحراني: قال فيه ابن عدي: "هو ممن يكتب حديثه"، وأنكر عليه حديثًا، لكن قال فيه بلديُّه الحافظ أبو عروبة الحراني: "لم يكن بمؤتمن على نفسه ولا دينه"، وبلدي الرجل أعلم به من الغرباء، وقال الهيثمي: "ضعيف"، الكامل (1/ 203)، اللسان (1/ 523)، مجمع الزوائد (5/ 48)].

وانظر أيضًا فيما لا يصح: ما أخرجه الخطيب في الموضح (1/ 456).

* * *

1078 -

أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن وهب: أخبرني عمرو؛ أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه؛ أن محمد بن يحيى بن حَبَّان حدثه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم إن وجد" أو: "ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليومِ الجمعة، سوى ثَوبي مهنته".

قال عمرو: وأخبرني ابن أبي حبيب، عن موسى بن سعد، عن ابن حبان، عن ابن سلام؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على المنبر.

قال أبو داود: ورواه وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

* حديث ضعيف، والمحفوظ فيه: مرسل بإسناد صحيح

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 242).

• وأخرجه من طريق أحمد بن صالح بالإسناد الثاني:

ص: 428

الطبراني في الكبير (14/ 353/ 14986)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (9/ 451/ 423).

قال الطبراني: ثنا أحمد بن رشدين المصري [هو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم. انظر: اللسان (1/ 594)]، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر:"ما عليكم إن وجدتم أن تتخذوا ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي المهنة".

° ولم ينفرد به عن ابن وهب: أحمد بن صالح المصري [وهو: ثقة حافظ]، بل تابعه عليه راوية ابن وهب:

• حرملة بن يحيى [مصري، صدوق، كان راويةً لابن وهب]، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر في يوم الجمعة:"ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته".

أخرجه ابن ماجه (1095).

• ورواه من طريق حرملة عن ابن وهب بالإسنادين جميعا:

الضياء في المختارة (9/ 422/450).

وقد اختلف فيه على يزيد بن أبي حبيب:

أ - فرواه عمرو بن الحارث [ثقة ثبت، إمام]، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد [أو: ابن سعيد]، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام به مرفوعًا.

ب - خالفه في إسناده: يحيى بن أيوب [الغافقي المصري]، فرواه عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن النبي صلى الله عليه وسلم،

فذكره.

علقه أبو داود (1078)، ووصله: أبو بكر المروزي في الجمعة وفضلها (38)، والطبراني في الكبير (22/ 287/ 736)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 37).

من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب به.

قلت: عمرو بن الحارث المصري: ثقة ثبت، فقيه حافظ، وروايته عن يزيد هي الصواب، ورواية يحيى بن أيوب الغافقي المصري: وهمٌ؛ لأمور:

الأول: أن إسناد عمرو بن الحارث: إسناد مصري عرف في بلده واشتهر، وأما إسناد يحيى بن أيوب: فإنه إسناد مصري ثم بصري، فهو حديث تفرد به الغرباء عن أهل مصر؛ فقد تفرد به عن يحيى بن أيوب: جرير بن حازم البصري، وعنه ابنه وهب.

قال الحاكم (1/ 178): "أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة".

والثاني: أن عمرو بن الحارث: ثقة فقيه، حافظ متقن، ويحيى بن أيوب الغافقي

ص: 429

المصري: صدوق سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا، له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينتقون من حديثه ما أصاب فيه [انظر في أوهامه فيما تقدم معنا في السُّنن على سبيل المثال: الحديث رقم (158 و 718)، وما تحت الحديث رقم (228 و 335)، وانظر هناك ترجمته موسعة].

الثالث: أن هذا الحديث من رواية الغرباء عنه، بل من رواية جرير بن حازم البصري عنه، قال ابن يونس: "وحدث عنه الغرباء بأحاديث ليست عند أهل مصر عنه

، وأحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب: ليس عند المصريين منها حديث، وهي تشبه عندي أن تكون من حديث ابن لهيعة، والله أعلم" [السير (8/ 6 و 7)، التهذيب (4/ 343)]، وقد جزم أبو داود بأن أحاديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب إنما هي أحاديث ابن لهيعة اشتبهت على وهب بن جرير، قال الآجري في سؤالاته (2/ 128 / 1335): "سمعت أبا داود يحدث عن وهب بن جرير، عن أبيه، سمع يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي وهب الجيشاني.

قال أبو داود: جرير بن حازم روى هذا عن ابن لهيعة، طلبتها بمصر فما وجدت منها حديثا واحدا عند يحيى بن أيوب، وما فقدت منها حديثا واحدا من حديث ابن لهيعة، أراها صحيفة اشتبهت على وهب بن جرير".

كذلك فإن مسلما قد روى في صحيحه (624) حديثا لابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد الأنصاري، عن حفص بن عبيد الله، عن أنس بن مالك، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (406).

وموسى بن سعد بن زيد بن ثابت المدني: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له مسلم في صحيحه حديثا، ذكرته آنفا [التهذيب (4/ 175)].

وإسناده هذا مرسل؛ فإن محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري المدني لم يدرك عبد الله بن سلام، فقد ولد بعد وفاة ابن سلام بقرابة أربع سنوات، والله أعلم.

وقد اختلف في إسناده على ابن حَبَّان:

أ - فرواه موسى بن سعد [في المحفوظ عنه]، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام به مرفوعًا. وهو منقطع.

ب - ورواه عبد الحميد بن جعفر [مدني، صدوق]، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، فقال:"ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته".

أخرجه عبد بن حميد (499)، والطبراني في الكبير (14/ 14956/324).

من طريق محمد بن عمر الواقدي [وهو: متروك، واتهم، يروي أحاديث لا أصل لها. التهذيب (3/ 658)]، عن عبد الحميد به.

هكذا رواه أبو بكر بن أبى شيبة [ثقة حافظ، مصنف]، وسليمان بن داود الشاذكوني

ص: 430

[حافظ؛ إلا أنه متروك، رماه الأئمة بالكذب. اللسان (4/ 142)]، عن محمد بن عمر به.

واختلف فيه على ابن أبي شيبة:

فهكذا رواه عبد بن حميد [ثقة حافظ] عن ابن أبي شيبة، فصرح فيه باسم الواقدي.

• ورواه ابن ماجه [محمد بن يزيد الربعي القزويني: ثقة حافظ، إمام]، ومحمد بن وضاح [حافظ صدوق. اللسان (7/ 567)]:

فقالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شيخ لنا، عن عبد الحميد بن جعفر به، هكذا بإبهام محمد بن عمر الواقدي.

أخرجه ابن ماجه في سننه (1095 م)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 38).

قال ابن حجر في التهذيب (3/ 658) عن الواقدي: "وليس له في ابن ماجه غيره، ولم يصرح به".

قلت: لعل ابن أبي شيبة كان أحيانًا يصرح باسم الواقدي، وأحيانا يبهمه لما يقال فيه، وعليه؛ فإن هذه الطريق واهية ساقطة، لا تصلح للاعتبار.

ج - ورواه عمرو بن الحارث؛ أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه؛ أن محمد بن يحيى بن حَبَّان حدثه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

• تابع عمرو بن الحارث عليه:

سفيان الثوري، وابن عيينة، وعبد الله بن المبارك [وهم ثقات حفاظ أئمة]، وأبو معاوية محمد بن خازم [ثقة]:

عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان؛ قال: كان الناس يأتون الجماعة، وعلى أحدهم النمرة والنمرتان، كان يعقدهما عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما على أحدكم - أو: ما عليكم - إذا وجد أن يتخذ ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته". لفظ الثوري.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 203/ 5330)، وعلقه الدارقطني في العلل (7/ 41/ 1196).

خالفهم: مالك بن أنس، فرواه عن يحيى بن سعيد؛ أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته".

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 166/ 292)، وانظر: التمهيد لابن عبد البر (24/ 34)، والاستذكار (2/ 47).

وقد أخطأ ابن عبد البر حين قال: "وهذا الحديث يتصل من وجوه حسان عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عائشة"، كما سيأتي بيانه.

ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة، عن أبي صرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:

فذكره.

علقه الدارقطني في العلل (7/ 1196/41).

قال الدارقطني: "والدراوردي: جوَّد إسناده".

ص: 431

قلت: وإن لم يسلك فيه الجادة والطريق السهل؛ إلا أنه وهم أيضًا؛ لمخالفته جمعا من الحفاظ المتقنين، لاسيما وفيهم مالك بن أنس إمام دار الهجرة في حديث مدني، مخرجه من أهل المدينة، وعليه فمالك هو الحكم فيه، وخطا الدراوردي مجزوم به؛ لاتفاق الثوري وابن عيينة وابن المبارك وعمرو بن الحارث وغيرهم مع مالك في إرسال الحديث، وعدم وصله، وإن كانوا زادوا في الإسناد رجلا، وهو الصواب، والله أعلم.

ويحتمل أن يحيى بن سعيد الأنصاري أبهم ابن حبان لما حدث به مالكا لحاجة في نفسه، وصرح به في رواية غيره، والله أعلم.

• ورواه عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ وعن يحيى بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ وعن يحيى بن سعيد، عن رجل منهم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 132/ 1765)، وابن حبان (7/ 15/ 2777)[دون الثاني].

وهذه الرواية عن الأنصاري لا تخالف رواية الجماعة مع كون راويها أبهم ابن حبان، لكنها غير محفوظة، ويأتي الكلام عنها في الشواهد من حديث عائشة.

° والحاصل: أن يحيى بن سعيد الأنصاري إنما روى هذا الحديث، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو المحفوظ عنه، إلا أنه لما حدث به مالكًا أبهم ابن حبان، والله أعلم.

د - ورواه معمر بن راشد [ثقة]، عن إسماعيل بن أمية [ثقة ثبت]، عن محمد بن يحيى بن حبان؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أما يتخذ أحدكم ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبى مهنته"، قال: وكانوا يلبسون النمر، قال عبد الله بن سلام: فبعت نمرة كانت لي، واشتريت معقدة؛ يعني: ثياب البحرين.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 203/ 5329).

وإسناده صحيح إلى ابن حبان.

° وحاصل هذا الاختلاف:

فإننا إذا استثنينا الطريق الثانية لوهائها، نجد أن يحيى بن سعيد الأنصاري وإسماعيل بن أمية [وهما: ثقتان ثبتان]، قد تتابعا على إرسال هذا الحديث، فروياه عن محمد بن يحيى بن حبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

وخالفهما: موسى بن سعد [في المحفوظ عنه]، فرواه عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن سلام به مرفوعا. وهو منقطع.

وهناك قرينة في رواية إسماعيل بن أمية، تدل على وهم موسى بن سعد في إسناد الحديث، فقد ذكر إسماعيل بن أمية في آخر روايته قصة لعبد الله بن سلام من فعله، وهي أن عبد الله بن سلام قد اشترى ثوبا جديدا ليشهد به الجمعة، فوهم موسى بن سعد،

ص: 432

وأدرج عبد الله بن سلام في إسناد الحديث، والله أعلم.

قلت: ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن أمية: أحفظ، وأثبت، وأشهر، وأكثر عددًا، وأعلم بحديث أهل المدينة من موسى بن سعد، وقولهما هو الصواب، والله أعلم.

فالحديث مرسل بإسناد صحيح.

وقد روي أيضًا من حديث:

1 -

عائشة:

يرويه عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما على أحدكم إن وجد سعةً أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته".

أخرجه ابن ماجه (1096)، وابن خزيمة (3/ 132/ 1765)، وابن حبان (7/ 15/ 2777)، والبزار (18/ 114/ 56).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عائشة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث به إلا عمرو عن زهير".

قال أبو حاتم: "هذا حديث منكر بهذا الإسناد، قال بعض أهل العربية: ثياب النمار أكسية قصار"[العلل (1/ 204/ 588)].

قلت: وهو كما قال أبو حاتم: حديث منكر؛ فإن عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي: صدوق، منكر الحديث عن زهير بن محمد التميمي، قال أحمد بن حنبل:"روى عن زهير أحاديث بواطيل؛ كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله، فغلط، فقلبها عن زهير"[التهذيب (3/ 275)، وانظر بعض مناكيره عن زهير: علل الترمذي (148)، علل ابن أبي حاتم (414 و 588 و 592 و 614 و 713 و 956 و 1710 و 2167 و 2375)، وما تقدم في السُّنن برقم (344 و 864 و 913) وغيرها. وانظر: شرح علل الترمذي (2/ 777 و 822)].

ورواه عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن يحيى بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به مرفوعًا.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 132/ 1765).

ويقال فيه ما قيل في سابقه.

ورواه محمد بن خزيمة البصري، قال: حدثنا حاتم بن عبيد الله أبو عبيدة، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته أو لعيده".

أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 35)، بإسناد صحيح إلى محمد بن خزيمة به.

وكذا وجدته في الأحكام الكبرى (2/ 453)، لكن الذي يغلب على ظني، بل أكاد أجزم به؛ أنه تحرف اسم مهدي بن ميمون، عن عيسى بن ميمون، المعروف بابن تليدان؛ وذلك لأنه لا يُعرف لحاتم بن عبيد الله هذا رواية عن مهدي بن ميمون، وإنما يروي عن

ص: 433

عيسى بن ميمون، كما في مصادر ترجمته، كما أن مهدي بن ميمون: ثقة، روى له الجماعة، وروى عنه جماعات من الثقات، فأين هم عن هذا الحديث؟ حتى يتفرد به رجل لا يُعرف بالرواية عنه، ثم هو لا يُعرف من حديث هشام بن عروة، إلا من وجه لا يثبت، فاين أصحاب هشام عنه؟

والحاصل: فإن هذا حديث باطل؛ محمد بن خزيمة البصري: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"مستقيم الحديث"، ووثقه مسلمة بن قاسم، وابن يونس [الثقات (9/ 133)، المقفى الكبير (5/ 623)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 267)، تاريخ ابن يونس (2/ 203)]، وحاتم بن عبيد الله أبو عبيدة النمري: أمره محتمل، وهو صاحب غرائب، فقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، وقال أبو حاتم:"نظرت في حديثه فلم أر في حديثه مناكير"، وقال أبو الشيخ:"وكان من الثقات، وعنده أحاديث غرائب"، وقال أبو نعيم:"وكان من الثقات"[الجرح والتعديل (3/ 260)، الثقات (8/ 211)، طبقات المحدثين (2/ 181)، تاريخ أصبهان (1/ 349)، اللسان (2/ 506)].

لكن البلية فيه من ابن تليدان، عيسى بن ميمون المدني، مولى القاسم، المعروف بالواسطي، وهو: متروك، منكر الحديث، لا يُتابع على حديثه، واتهمه ابن حبان [انظر: التهذيب (3/ 370)، الميزان (3/ 325)، المغني (2/ 173)، وغيرها].

• وروي أيضًا من وجه آخر شاذ [أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 34 - 35)، وعلقه الدارقطني في العلل (14/ 419/ 3766)، وأعله. وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 374)، وقال: "في إسناده نظر"].

• وله إسناد آخر واهٍ بمرة؛ ولفظه: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان يلبسهما يوم الجمعة، فإذا انصرف من الجمعة طواهما ورفعهما، وفي رواية: فإذا انصرف طويناهما إلى مثلها [أخرجه الحارث بن أبي أسامة (197 - بغية الباحث) (4/ 706/ 710 - مطالب)، وأبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه (197) (441 - مجموع مصنفاته)، والطبراني في الأوسط (4/ 24/ 3516)، وفي الصغير (424)].

2 -

جابر بن عبد الله:

يرويه موسى بن عبيدة، عن زيد بن أسلم، عن جابر بن عبد الله، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس يوم الجمعة باذَّةَ هيئتُهم، فقال:"ما ضرَّ رجلًا لو اتخذ لهذا اليوم ثوبين [يروح فيهما]؟! "، زاد في المسند: فلم يأت الجمعة الأخرى حتى قدمت ثيابٌ من البحرين غلاظٌ، فذو الثوبين والنمرة.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 481/ 5552 و 5553)(4/ 174/ 5595 - ط. عوامة) و (4/ 175/ 5596 - ط. عوامة)، وفي المسند (4/ 704/ 709 - مطالب).

وهذا حديث ضعيف؛ لأجل موسى بن عبيدة الربذي، فإنه ضعيف.

3 -

أبي هريرة:

ص: 434

رواه يعقوب بن الوليد، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره بمثل حديث الباب.

أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 148).

وهذا حديث موضوع؛ يعقوب بن الوليد المدني: هالك، كذاب، يضع الحديث [التهذيب (4/ 447)، الميزان (4/ 455)].

4 -

أنس بن مالك:

يرويه يحيى بن عثمان بن صالح: حدثنا أبي: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عقيل؛ أن ابن شهاب أخبره، عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:"يا معشر المسلمين! ما على أحدكم أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته، ويمس من طيب إن كان لأهله، وعليكم بالسواك".

وفي بعض طرقه: "يا معشر المسلمين! إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين، ومن كان عنده طيب فلا يضرَّه أن يمسَّ منه، وعليكم بالسواك".

أخرجه البيهقي في السُّنن (3/ 243)، وفي الشعب (3/ 98/ 2992)(5/ 324/ 2732 - ط. الأوقاف القطرية)[واللفظ الأول بموضع الشاهد له]. وابن عبد البر في التمهيد (11/ 212).

من طرق إلى يحيى بن عثمان به.

قلت: وهذا حديث باطل باللفظ الأول موضع الشاهد؛ فإن يحيى بن عثمان بن صالح كان يحدث به على الوجهين، مما يدل على أنه لم يكن يضبط لفظه؛ ولعله أُتي من التحديث من غير كتبه، فإن يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري: حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه، فطعنوا فيه لأجل ذلك [التهذيب (4/ 377)، الميزان (4/ 396)، السير (13/ 354)، إكمال مغلطاي (12/ 347)]، وقد خولف في لفظه الأول:

فقد رواه محمد بن إسحاق الصغاني [وهو: ثقة ثبت حافظ]، قال: حدثنا عثمان بن صالح: نا ابن لهيعة: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:"يا معشر المسلمين! إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين، فاغتسلوا فيه، ومن كان عنده طيب فلا يضرَّه أن يمسَّ منه، وعليكم بالسواك".

أخرجه الواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 297 - 298).

وابن لهيعة: ضعيف؛ وحديثه هذا غير محفوظ:

والمحفوظ عن ابن شهاب في هذا هو ما رواه:

مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عبيد بن السبَّاق؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع:"يا معشر المسلمين! إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين، فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضرَّه أن يمسَّ منه، وعليكم بالسواك".

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 169/111)، ومن طريقه: الشافعي في الأم (1/ 196 -

ص: 435

197)، وفي المسند (63)، وابن وهب في الجامع (218)، ومسدد في المسند (4/ 673/ 695 - مطالب)، وابن أبي شيبة (1/ 435/ 5016)، وأبو بكر المروزي في الجمعة (32)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (15)، والجوهري في مسند الموطأ (231)، والبيهقي في السُّنن (3/ 243)، وفي المعرفة (2/ 524/ 1802)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 210 و 211).

وهذا مرسل بإسناد مدني صحيح.

قال البيهقي: "هذا هو الصحيح مرسل، وقد روي موصولًا، ولا يصح وصله"، ثم قال بعد رواية ابن لهيعة:"والصحيح: ما رواه مالك عن ابن شهاب مرسلًا".

• وانظر فيمن وهم في وصله، فجعله من مسند ابن عباس، أو: عن أبي هريرة، أو: عن أبي سعيد الخدري، أو: عن أبي أيوب:

ما أخرجه ابن ماجه (1098)، وبحشل في تاريخ واسط (229)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 497/51)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 205/ 591) [وقال فيه أبو حاتم:"إنما يرويه مالك بإسناد مرسل"]. والطبراني في الكبير (4/ 178/ 3971)، وفي الأوسط (3/ 372/ 3433) و (7/ 230/ 7355)، وفي الصغير (358 و 762)، وفي مسند الشاميين (3/ 72/ 1824)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (16 و 55)، وابن المظفر في غرائب مالك (82)، وابن المقرئ في المعجم (411)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 130)، والبيهقي (1/ 299)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 212)، وانظر: علل الدارقطني (6/ 95/ 1003) و (10/ 384/ 2070).

5 -

ابن عمر:

يرويه إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان الناس يغدون في أعمالهم فإذا كانت الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب رديئة، وألوانها متغيرة، قال: فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل، وليتخذ ثوبين سوى ثوبي مهنته".

أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (10/ 83)، بإسناد صحيح إلى الموصلي به.

قلت: هو حديث منكر بهذه الزيادة: "وليتخذ ثوبين سوى ثوبي مهنته"، ويحيى بن سليم الطائفي: صدوق، سيئ الحفظ، له أحاديث غلط فيها، وإسحاق بن عبد الواحد الموصلي: محدث مكثر مصنف، قال الخطيب:"لا بأس به"، وتكلم فيه بعضهم [الميزان (1/ 194)، التهذيب (1/ 124)].

وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغيره، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل". بدون الزيادة.

أخرجه الحميدي (1/ 513/ 622)، والبزار (12/ 111/ 5625).

وحديث نافع عن ابن عمر هذا، رواه عن نافع: خلق كثير، وجم غفير، قال ابن

ص: 436

حجر في الفتح (2/ 416): "ورواية نافع، عن ابن عمر لهذا الحديث: مشهورة جدًّا، فقد اعتنى بتخريج طرقه أبو عوانة في صحيحه فساقه من طريق سبعين نفسا رووه عن نافع، وقد تتبعت ما فاته وجمعت ما وقع لي من طرقه في جزء مفرد لغرض اقتضى ذلك، فبلغت أسماء من رواه عن نافع: مائة وعشرين نفسا

".

قلت: وليس في حديث أحد منهم هذه الزيادة، فدل ذلك على نكارتها [راجع تخريج حديث ابن عمر تحت الحديث رقم (342)]، والله أعلم.

ومما جاء في التجمل بالثياب الحسنة للجمعة:

1 -

عن أبي هريرة، وأبي سعيد قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتسل يوم الجمعة، واستن، ومس من طيب إن كان عنده، ولبس أحسن ثيابه، ثم جاء إلى المسجد، ولم يتخط رقاب الناس، ثم ركع ما شاء الله أن يركع، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي: كانت كفارة لما بينها، وبين الجمعة التي كانت قبلها".

وهو حديث حسن، تقدم تخريجه برقم (343).

2 -

عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتسل يوم الجمعة، ومسَّ من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج إلى المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي؛ كان كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى".

وإسناده لا بأس به في الشواهد، سبق تخريجه تحت الحديث السابق برقم (343).

3 -

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله، ولبس من صالح ثيابه، ومس من طيب بيته أو دهنه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام".

أخرجه ابن حبان (7/ 19/ 2780)، وأصله في مسلم (857/ 26). وهو حديث صحيح، سبق تخريجه تحت الحديث السابق برقم (343).

4 -

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب امرأته، إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة، كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا".

وهو حديث شاذ، تقدم تخريجه برقم (347).

5 -

عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله، وتطهر فأحسن طهوره، ولبس من أحسن ثيابه، ومسَّ ما كتب الله له من طيب أهله، ثم أتى الجمعة، ولم يلغُ، ولم يفرق بين اثنين، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

أخرجه ابن ماجه (1097) وغيره، ولا يصح، وقد سبق تخريجه تحت الحديث السابق برقم (343).

6 -

عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على كل محتلم

ص: 437

الغسل يوم الجمعة، ويلبس من صالح ثيابه، وإن كان له طيب مس منه".

أخرجه أحمد (3/ 65 - 66).

وهو حديث اضطرب في إسناده ومتنه فليح بن سليمان، وأصله في الصحيح بدون موضع الشاهد، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (344).

7 -

وروى حفص بن غياث [ثقة]، عن حجاج بن أرطأة، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة. وفي رواية: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة.

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتم، ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 132/ 1766)، ومسدد في مسنده (4/ 709/ 711 - مطالب) و (5/ 758/154 - مطالب)، وابن سعد في الطبقات (1/ 451)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 92)، وحماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم (104)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 293/174)، والبيهقي (3/ 247 و 280)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 36)، والبغوي في الشمائل (772)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (378)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 204).

خالفه: هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا حجاج، عن أبي جعفر محمد بن علي؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر، ويعتم يوم العيدين الصفرة.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 451)، وابن أبي شيبة (1/ 481/ 5549)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 92).

وقول هشيم أولى بالصواب، فهو مرسل أو معضل بإسناد ضعيف، وحجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولم يذكر سماعا.

قال ابن رجب في الفتح (2/ 220): "والمرسل أشبه".

وروى إسحاق بن إبراهيم النهشلي، قال: حدثنا سعد بن الصلت، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين برد حبرة. وفي رواية: يلبس يوم العيد بردة حمراء.

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 316/ 7609)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 35 - 36).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن جعفر بن محمد إلا سعد بن الصلت، تفرد به شاذان".

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 372): "وهذا الإسناد غير محفوظ".

قلت: هو حديث منكر؛ إسحاق بن إبراهيم النهشلي المعروف بشاذان الفارسي: قال ابن أبي حاتم: "صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات، وله مناكير وغرائب جمعها ابن منده [الجرح والتعديل (2/ 211)، الثقات (8/ 120)، السير (12/ 382)، اللسان (2/ 33)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 307)].

وسعد بن الصلت؛ هو جد شاذان لأمه: ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل

ص: 438

(4/ 86)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 378)، وقال:"ربما أغرب"، وقال الذهبي في السير (9/ 317):"هو صالح الحديث، وما علمت لأحد فيه جرحا"، قلت: هو كثير التفرد عن المشاهير، وله مناكير وغرائب، وهذا منها.

• وله طريق أخرى شديدة الضعف: أخرجها أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 172/ 292)، والبيهقي في السُّنن (3/ 280)، وفي المعرفة (3/ 31/ 1875)، والبغوي في الشمائل (771).

° والمحفوظ في هذا: ما رواه ابن جريج، قال: أخبرني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس في كل يوم عيد بردًا له من حبرة.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 204/ 5331).

قال ابن رجب في الفتح (5/ 372): "وهذا المرسل أشبه".

قلت: وهذا مرسل أو معضل؛ وأبو جعفر هذا هو: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وروايته عن أكثر الصحابة مرسلة.

8 -

وروى عنبسة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن الأسود أو ابن أبي الأسود، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجدَّ ثوبًا لبسه يوم الجمعة.

أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (1/ 347)، وفي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 103/ 257) و (4/ 99/ 807)، وابن المقرئ في المعجم (480)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 36)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 137)، وفي المتفق والمفترق (2/ 884/ 530)، والبغوي في شرح السنَّة (12/ 43/ 3114)، وفي الشمائل (788)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 682/ 1134).

من طرق فيها جماعة من المتروكين والمجهولين، إلى عنبسة، فمنهم من يرويه هكذا على الشك، ومنهم من يرويه عنه عن عبد الله بن أبي الأسود عن أنس، ومنهم من يرويه عنه عن عبد الله بن الأسود عن أنس، ومنهم من رواه عن عنبسة عن أبان عن أنس.

قلت: هو حديث باطل؛ عنبسة بن عبد الرحمن الأموي: متروك، منكر الحديث، قال أبو حاتم:"كان يضع الحديث"، واتهمه أيضًا: الأزدي وابن حبان [التهذيب (3/ 333)].

• وفيه أيضًا حديث لأبي داود يأتي في كتاب اللباس برقم (4073)، إن شاء الله تعالى.

° وفي الجملة فإن لبس أحسن الثياب للتجمل للجمعة والعيد كان أمرا معتادا بين الصحابة، فقد روى ابن أبي شيبة (1/ 481/ 5551)، قال: حدثنا عبيد الله، قال: أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي ليلى، قال: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، من أصحاب بدر، وأصحاب الشجرة، إذا كان يوم الجمعة لبسوا أحسن ثيابهم، وإن كان عندهم طيب مسوا منه، ثم راحوا إلى الجمعة.

وإسناده صحيح.

ص: 439