الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
227 - باب الجلوس إذا صعِد المنبر
1092 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري: حدثنا عبد الوهاب - يعني: ابن عطاء -، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطُبُ خُطبتين، كان يجلس إذا صعِد المنبرَ حتى يفرُغَ - أُراه قال: المؤذنُ - ثم يقومُ، فيخطُب، ثم يجلسُ فلا يتكلمُ، ثم يقومُ فيخطُب.
* حديث منكر
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 205).
وقد انفرد بهذا اللفظ: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف البصري، سكن بغداد، وهو: صدوق، وكان عالمًا بسعيد بن أبي عروبة، لزمه وعُرف بصحبته، وقد تكلم فيه بعضهم، وأنكروا عليه حديثًا رواه عن ثور الشامي [انظر: التهذيب (2/ 639)، الميزان (2/ 681)].
* وقد خالفه جماعة من الحفاظ في لفظه، فرووه على الوجه المحفوظ من حديث ابن عمر المتفق عليه:
رواه وكيع بن الجراح، وأبو داود الطيالسي [وهما: ثقتان حافظان]، ومحمد بن كثير العبدي، وأزهر بن القاسم، وقراد أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان [وهم: ثقات]:
عن عبد الله [العمري]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يوم الجمعة، يجلس بينهما مرة، وفي رواية الطيالسي: يفصل بينهما بالجلوس.
أخرجه أحمد (2/ 91 و 98)، والطيالسي (3/ 386/ 1969)، وابن أبي شيبة (1/ 449/ 5194)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 166).
وهذا هو المعروف من حديث العمري.
نعم؛ عبد الله بن عمر العمري: ليس بالقوي؛ إلا أنه حفظ هذا الحديث عن نافع، وأداه كما سمعه، فقد تابعه عليه: أخوه الثقة الثبت؛ عبيد الله بن عمر العمري:
* رواه بشر بن المفضل [ثقة ثبت]، وخالد بن الحارث [ثقة ثبت]، ومعمر بن راشد [ثقة]، وعبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي [ثقة، وتصحف اسمه عند تمام في الفوائد]، وأبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي [ضعيف]، وغيرهم:
عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، يقعد بينهما.
هذا لفظ بشر عند البخاري، ولفظه من نفس طريق البخاري عند الدارمي والجهضمي وابن المنذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم، وكان يفصل بينهما بجلوس [وهو صحيح ثابت بهذا اللفظ، وهكذا رواه بقية أصحاب بشر عنه، ولفظ البخاري مختصر].
ولفظ خالد بن الحارث [عند البخاري ومسلم]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم. قال: كما تفعلون اليوم.
أخرجه البخاري (920 و 928)، ومسلم (861)، وأبو عوانة (9/ 161/ 10784 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 450/ 1940)، والترمذي (506)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 19/ 473)، والنسائي في المجتبى (3/ 109/ 1416)، وفي الكبرى (2/ 733/ 1282) و (2/ 283 / 1734)، وابن ماجه (1103)، والدارمي (1/ 440/ 1558)، وابن خزيمة (2/ 349/ 1446) و (3/ 142/ 1781)، وابن الجارود (295)، وأحمد (2/ 35)، والشافعي في الأم (1/ 199)، وفي المسند (66)، وعبد الرزاق (3/ 188/ 5261) و (3/ 286/ 5653)، وإسماعيل بن إسحاق القاضي في أحكام القرآن (351)، والبزار (12/ 106/ 5610)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 57/ 1794)، والطبراني في الكبير (12/ 288/ 13396)، والدارقطني (2/ 20)، وتمام في الفوائد (330)، وابن حزم في المحلى (5/ 57)، والبيهقي في السُّنن (3/ 196 و 197)، وفي المعرفة (2/ 483/ 1706) و (2/ 484/ 1708)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 166)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 246/ 1072).
وعلى هذا فإن هذه الزيادة التي انفرد بها عبد الوهاب بن عطاء عن عبد الله العمري: زيادة منكرة، لا تثبت من حديث ابن عمر.
* وقد روي معنى حديث الخفاف، من وجه آخر عن نافع:
رواه المغيرة بن زياد [ليس بالقوي، له أحاديث مناكير. التهذيب (4/ 132)، الميزان (4/ 160)]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يقوم على المنبر قومتين، ويجلس جلستين، كان إذا خرج جلس، فإذا أذن المؤذن قام فخطب، ثم جلس فاستراح، ثم قام فخطب.
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 290/ 7523).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن المغيرة بن زياد إلا إسحاق بن سليمان".
قلت: إسحاق بن سليمان الرازي: ثقة، لكن الشأن في المغيرة بن زياد البجلي الموصلي، فقد أنكرت عليه أحاديث، حتى ضعفه بسببها بعضهم، وقالوا بأنه منكر الحديث، بل قال أحمد:"كل حديث رفعه فهو منكر"، ونظر بعضهم إلى أحاديثه المستقيمة التي وافق فيها الثقات فقووه بها، وهو عندي ليس ممن يحتج به، لا سيما إذا خالف الثقات؛ فحديثه هذا منكر [وانظر ترجمته موسعة في تاريخ دمشق (60/ 4)].
* وإنما يستدل على ترجمة الباب بحديث السائب بن يزيد:
فقد روى ابن شهاب: أخبرني السائب بن يزيد؛ أن الأذان كان أوَّلُه حين يجلسُ الإمامُ على المنبر يومَ الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، فلما كان خلافةُ
عثمان وكثُرَ الناسُ؛ أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأُذِّن به على الزَّوْراء، فثبت الأمر على ذلك.
وفي رواية: كان النداء يوم الجمعة أوَّلُه إذا جلس الامام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
وفي أخرى: وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام.
وهو حديث صحيح، تقدم برقم (1087)، وقد أخرجه البخاري (912 و 913 و 915 وهذا أصح وأصرح ما في الباب.
* ويمكن أن يستدل له أيضًا بحديث جابر في قصة حنين الجذع:
فقد روى عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه، فإن لي غلامًا نجارًا، قال:"إن شئتِ"، قال: فعملت له المنبر، فلما كان يوم الجمعة قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الذي صُنِع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها، حتى كادت أن تنشقَّ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذها، فضمها إليه، فجعلت تئنُّ أنين الصبي الذي يسكَّت، حتى استقرَّت، قال:"بكت على ما كانت تسمع من الذكر".
أخرجه البخاري (2095)، وتقدم تحت الحديث رقم (1080).
* وله شاهد من حديث إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، في قصة حنين الجذع، وتقدم تحت الحديث رقم (1081).
* وروى هذا المعنى أيضًا:
• مصعب بن سلام، عن هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال.
وهو حديث ضعيف، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1090).
•• وروي من حديث سعيد بن حاطب، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج فيجلس على المنبر يوم الجمعة، ثم يؤذِّن المؤذِّن، فإذا فرغ قام فخطب [أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة (2/ 452 - أسد الغابة) (2/ 726/ 4170 - جامع المسانيد والسنن) (3/ 100 - الإصابة)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1298/ 3258)][قال ابن حبان في الثقات (4/ 277) عن سعيد بن حاطب: "روى عنه صالح بن صالح بن حي الهمداني والد الحسن بن صالح، وليس يصح له عندي صحبة، فلذلك أدخلناه في كتاب التابعين، وقد وهم من زعم أن له صحبة"].
***