الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
220 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبلَ الصلاة
1079 -
. . . ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تُنشَد فيه ضالة، وأن يُنشَدَ فيه شِعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة.
حديث حسن
أخرجه الترمذي (322)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(302)، والنسائي في المجتبى (2/ 47/ 714) و (2/ 48/ 715)، وفي الكبرى (1/ 394/ 795) و (1/ 395/ 796) و (9/ 76/ 9930)، وابن ماجه (749 و 766 و 1133)، وابن خزيمة (2/ 274/ 1304) و (2/ 275/ 1306) و (3/ 158/ 1816)، وابن الجارود (561)، وأحمد (2/ 179)، وابن أبي شيبة (2/ 182/ 7906)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 24)، والفاكهي في أخبار مكة (2/ 120/ 1267)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 126/ 2515)، والطحاوي (4/ 358)، والبيهقي (2/ 448) و (3/ 234)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 369)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (2/ 272)، وفي الجامع لأخلاق الراوي (2/ 62/ 1187 و 1188)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 372/ 485)، وأبو موسى المديني في اللطائف (99).
فرقه بعضهم على الأبواب، أو اقتصر منه على طرف.
رواه عن محمد بن عجلان: يحيى بن سعيد القطان [واللفظ له]، والليث بن سعد، وبشر بن المفضل [وهم ثقات أثبات]، وصفوان بن عيسى [ثقة]، وحاتم بن إسماعيل [صدوق]، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [صدوق، ليس بذاك الحافظ]، ويحيى بن أيوب الغافقي [لا بأس به]، وعبد الله بن لهيعة [ضعيف].
ورواه عن يحيى بن سعيد القطان: أحمد بن حنبل، ومسدد بن مسرهد، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وبندار محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي [وهم ثقات حفاظ].
ولفظ الليث [عند الترمذي]: نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والاشتراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة.
ولفظ أبي خالد الأحمر [عند ابن خزيمة]: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والابتياع، وأن ننشد الضوال، وعن تناشد الأشعارِ، وعن التحلق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة؛ يعني: في المسجد.
وتقييد التحلق بقوله: للحديث، زيادة شاذة، انفرد بها أبو خالد الأحمر، دون بقية من روى الحديث، وفيهم ثقات حفاظ.
وقد أخرج الطبراني في الأوسط (6/ 358/ 6613)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 63/ 1189)، وأبو موسى المديني في اللطائف (98).
من طرق عن أبي حفص عمرو بن علي [الفلاس: ثقة حافظ، إمام]، قال: سمعت المعتمر بن سليمان، يقول: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل خروج الإمام.
قلت لأبي حفص [القائل هو أحد الرواة عنه؛ محمد بن جعفر بن محمد الرافقي، ابن الإمام، وهو: ثقة]: سمعت هذا من يحيى؟ قال: أكثر من مائة مرة.
قال أبو حفص: رأيت عبد الرحمن بن مهدي جاء إلى حلقة يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ، فقعد خارجًا من الحلقة يوم الجمعة قبل الصلاة، فقال له يحيى: ادخل في الحلقة، فقال له عبد الرحمن: أنت حدثتني عن محمد بن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل خروج الإمام! فقال له يحيى: أنا رأيت حبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وسعيد بن أبي عروبة، يتحلقون يوم الجمعة قبل خروج الإمام، فقال عبد الرحمن: هؤلاء بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة، ثم تحلقوا؟ فسكت يحيى.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن معتمر وعبد الرحمن بن مهدي عن يحيى بن القطان إلا أبو حفص"، قلت: وهو ثقة حافظ، يحتمل منه التفرد بهذه القصة.
وقال أبو موسى المديني: "هذا حديث مشهور من حديث ابن عجلان عن عمرو بن شعيب".
قلت: وابن عجلان: ثقة؛ إلا أنه اختلطت عليه أحاديث المقبري عن أبي هريرة، وقد سبق أن فصلت الكلام على ابن عجلان [انظر مثلًا: الحديث رقم (796)]، ومما نقلت هناك، ما قاله النسائي في عمل اليوم والليلة (92):"وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري: ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان ثقة، والله أعلم".
وهذا الحديث ليس مما يرويه ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ولا عن أبيه أبي سعيد، وهي الأحاديث التي اختلطت عليه من أحاديث أبي هريرة، وإنما هو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولم يختلف عليه في إسناده، فهو من صحيح حديث ابن عجلان، والله أعلم.
ولم ينفرد به ابن عجلان؛ فقد تابعه على بعض حديثه هذا أسامة بن زيد الليثي مولاهم، وهو: صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة عند الأحاديث رقم (394 و 600 و 619)]، وهو هنا قد حفظ هذا الحديث؛ حيث توبع عليه:
رواه عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب؛ قالا:
حدثني أسامة بن زيد [الليثي]: حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والاشتراء في المسجد.
أخرجه أحمد (2/ 212)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (535).
وهذا إسناد حسن؛ لأجل ما قيل في سلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [وانظر الكلام عليها مفصلا عند الحديث رقم (135)].
ومما قلت هناك: فالصحيح في سلسلة: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنه لا يقبل مطلقًا؛ فيصحح أو يحسن بمجرد الإسناد، ولا يرد مطلقا؛ فيضعف بمجرد الإسناد، ولكن ينظر في المتن فإن أتى بمتن معروف، له أصل يشهد له: قُبِل، وإن أتى بما يُنكَر رُدَّ، والله أعلم.
° وقد اشتمل حديث عبد الله بن عمرو هذا على أربعة أطراف:
الأول: النهي عن البيع والشراء في المسجد [وانظر: تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (76) (1/ 149)].
والثاني: النهي عن نشد الضالة في المسجد، وقد سبق أن بوب له أبو داود، وأخرج فيه حديث أبي هريرة برقم (473)، وهو في صحيح مسلم (568)، وقد سبق تخريجه مع أحاديث الباب في أحاديث الذكر والدعاء برقم (75)(1/ 148).
والثالث: النهي عن إنشاد الشعر في المسجد، وسيعقد أبو داود للشعر بابًا في كتاب الأدب في آخر السنن، وسيذكر فيه قصة حسان بن ثابت وهو يُنشِد في المسجد برقم (5013 و 5014)، وسوف أتكلم هناك إن شاء الله تعالى عن أدلة الباب المتعارضة.
والرابع: النهي عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة، وهذا هو موضوع الباب.
وهو حديث حسن.
قال الترمذي: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: حديث حسن.
وعمرو بن شعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال محمد بن إسماعيل: رأيت أحمد وإسحاق - وذكر غيرهما - يحتجون بحديث عمرو بن شعيب.
قال محمد: وقد سمع شعيب بن محمد، من عبد الله بن عمرو، ومن تكلم في حديث عمرو بن شعيب إنما ضعفه؛ لأنه يحدث عن صحيفة جده؛ كأنهم رأوا أنه لم يسمع هذه الأحاديث من جده. قال علي بن عبد الله، وذكر عن يحيى بن سعيد أنه قال: حديث عمرو بن شعيب عندنا واهٍ.
قلت: قد صحح أو احتج به على منع التحلق قبل صلاة الجماعة جماعة من الأئمة، مثل: أبي داود، والنسائي، وابن خزيمة، وابن ماجه، وغيرهم.
قال ابن خزيمة: "باب الزجر عن الحِلَق يوم الجمعة قبل الصلاة".
بل إن ابن مهدي قد احتج بهذا الحديث على عدم التحلق قبل الجمعة، ولما ناقش
يحيى القطان في ذلك انقطعت حجة يحيى، حينما احتج عليه ابن مهدي بأن الذين تحلقوا قبل الجمعة لم يبلغهم الحديث، ولم يحتج عليه القطان بنكارة حديث عمرو بن شعيب وتضعيفه، بل إنه لم ينكر على ابن مهدي احتجاجه به، فهو حديث ثابت؛ لم أر قولا صريحا في إنكاره.
وقال النووي في الخلاصة (2762): "رواه أبو داود والنسائي وآخرون بأسانيد حسنة"، قلت: مداره على عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وقد روي من حديث واثلة:
رواه الوليد بن حماد الرملي [حافظ، يروي الواهيات. تاريخ دمشق (63/ 121)، السير (14/ 78)، اللسان (8/ 382)]: ثنا سليمان بن عبد الرحمن [الدمشقي، ابن بنت شرحبيل: صدوق، له مناكير]: ثنا بشر بن عون: ثنا بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُتحلق يوم الجمعة قبل خروج الإمام، وليُقبلوا على القبلة، ولا يوم العيد بعد الصلاة".
وفي رواية: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتحلق يوم الجمعة قبل خروج الإمام، وليقبلوا على القبلة، ولا يوم العيدين بعد الصلاة.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 61/ 148)، وفي مسند الشاميين (4/ 311/ 3397).
قال الهيثمي في المجمع (2/ 178): "رواه الطبراني في الكبير، وفيه بشر بن عون، روى أحاديث موضوعة بهذا الإسناد".
قلت: هو حديث كذب موضوع؛ قال أبو حاتم عن حديث بهذا الإسناد: "هذا حديث كذب؛ وبشر وبكار: مجهولان"[علل ابن أبي حاتم (2/ 389/ 2678)]، وقال في حديث آخر بهذا الإسناد:"هذا حديث منكر"[علل ابن أبي حاتم (1/ 382/ 1141)]، وقال عنهما في الجرح والتعديل (2/ 362 و 408):"مجهولان"، وقال ابن حبان في المجروحين (1/ 190) (1/ 216 - ط. الصميعي):"بشر بن عون القرشي الشامي: يروي عن بكار بن تميم عن مكحول، روى عنه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، روى عن بكار بن تميم عن مكحول عن واثلة نسخة نسبتها مئة حديث كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به بحال"[انظر: اللسان (2/ 304 و 328)].
° وقد رويت آثار كثيرة عن الصحابة في التحديث قبل الجمعة، وليس في التحلق، أغلبها ضعيف أو منكر، ومما ثبت عندي في ذلك:
ما رواه أبو عوانة في مستخرجه على مسلم (3/ 4207/64)، قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان: ثنا زياد بن سعد، قال: سمعت ثابت الأعرج، يحدث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شر الطعام طعام الوليمة، يُمنعُها من ياتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
قال الحميدي: ثنا سفيان: ثنا زياد، قال: قلت لثابت الأعرج: من أين سمعت من
أبي هريرة؟ فقال: كان موالي يبعثوني يوم الجمعة آخذ لهم مكانا عند المنبر، فكان أبو هريرة يجيء قبل الصلاة، فيحدِّث الناسَ، فكنت أسمع، فقال أحمد بن حنبل: ما أرى بحديثه بأسًا؛ يعني: ثابتا، وهو ابن عياض، ويحدث عنه عبيد الله ومالك وزياد.
وهذا الحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه (1432/ 107) عن ابن أبي عمر العدني عن ابن عيينة به، بدون القصة التي في آخره، وهي قصة ثابتة؛ راويها عن الحميدي عند أبي عوانة هو: أبو إسماعيل الترمذي محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي: ثقة حافظ.
• وأما ما روي عن مالك وغيره من أهل العلم ممن كان يتحلق قبل صلاة الجمعة، فإنه محمول على أن النهي لم يبلغهم، والله أعلم [انظر: المدونة (1/ 148)].
• قال الخطيب: "وهذا الحديث يتفرد بروايته عمرو بن شعيب، ولم يتابعه أحد عليه، وفي الاحتجاج به مقال، فيحتمل أن يكون يحيى بن سعيد ومن وافقه تركوا العمل به لذلك، أو يكون النهي مصروفا إلى من قارب من الإمام، خوفا أن يشغل عن سماع الخطبة، فأما من بعُد منه بحيث لا يبلغه صوته فتجوز له المذاكرة بالعلم في وقت الخطبة، والله أعلم".
وقال في الفقيه والمتفقه: "هذا الحديث محمول على أن تكون الحلقة بقرب الإمام بحيث يشغل الكلام فيها عن استماع الخطبة، فأما إذا كان المسجد واسعًا والحلقة بعيدة من الإمام بحيث لا يدركها صوته فلا بأس بذلك، وقد رأيت كافة شيوخنا من الفقهاء والمحدثين يفعلونه، وجاء مثله عن عدة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم".
قلت: قد ثبت حديث عمرو بن شعيب هذا، ولم ينكره أحد من العلماء، وتقدم الكلام على من صحح الحديث أو احتج به، وأما التحلق أثناء الخطبة لاستماع درس: قول شاذ، بل منكر، وسيأتي بيان الصحيح في كلام ابن قدامة في آخر ما نقلته من كلام الأئمة في معنى الحديث.
ثم أسند الخطيب في الجامع إلى أبي زكريا يحيى بن معين، قال:"رأيت يحيى بن سعيد القطان ومعاذ بن معاذ وحماد بن مسعدة يتحلقون يوم الجمعة قبل الصلاة، ومعهم نحو من ثلاثين رجلًا يتحدثون، والناس يصلون، ومعاذ يحدث، فإذا فرغ من الحديث، قال ليحيى: أليس هكذا يا أبا سعيد؟ فيقول له: نعم، وما يصلون البتة حتى تقام الصلاة، قال أبو زكريا: وكان حفص بن غياث وأصحابه يتحلقون أيضًا يوم الجمعة قبل الصلاة، فقال له سفيان الثوري زعموا: ما فعلت حلقتكم يا أبا عمر؟ قال: هي على حالتها".
قلت: لا حجة في قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عن أحد من الصحابة التحلق قبل الجمعة ولا أثناءها لسماع حديث أو موعظة، وإنما الذي ثبت عن بعض الصحابة: إما التحديث قبل الجمعة، ولا يلزم منه تحلق الناس حولهم، وقصة ثابت بن عياض السابق ذكرها تدل على أنه كان كلامًا يسيرًا، يحدث فيه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إحياءً للسنن التي أماتها أمراء بني أمية، ونحو ذلك، وإما أن ذلك كان من بعضهم على