المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلم الرجل في خطبته - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌190 - باب الرد على الإمام

- ‌(1/ 471).* * *191 -باب التكبير بعد الصلاة

- ‌192 - باب حذف التسليم

- ‌193 - باب إذا أحدث في صلاته يستقبل

- ‌194 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة

- ‌195 - باب السهو في السجدتين

- ‌196 - باب إذا صلى خمسًا

- ‌197 - باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقي الشك

- ‌198 - باب من قال: يتمُّ على أكبر ظنه

- ‌199 - باب من قال: بعد التسليم

- ‌200 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

- ‌201 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

- ‌ 273).***202 -باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

- ‌203 - باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة

- ‌204 - باب كيف الانصراف من الصلاة

- ‌205 - باب صلاة الرجل التطوعَ في بيته

- ‌206 - باب من صلى لغير القبلة ثم علِم

- ‌تفريع أبواب الجمعة

- ‌207 - باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

- ‌(2/ 733).208 -باب الإجابة أيةُ ساعةٍ هي في يوم الجمعة

- ‌209 - باب فضل الجمعة

- ‌210 - باب التشديد في ترك الجمعة

- ‌211 - باب كفارة من تركها

- ‌212 - باب من تجب عليه الجمعة

- ‌(2/ 266).213 -باب الجمعة في اليوم المطير

- ‌214 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة

- ‌215 - باب الجمعة للمملوك والمرأة

- ‌216 - باب الجمعة في القُرى

- ‌(2/ 0 56).***217 -باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

- ‌(24/ 211)].***218 -باب ما يُقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

- ‌219 - باب اللُّبس للجمعة

- ‌220 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبلَ الصلاة

- ‌221 - باب في اتخاذ المنبر

- ‌222 - باب موضع المنبر

- ‌223 - باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌224 - باب في وقت الجمعة

- ‌225 - باب النداء يوم الجمعة

- ‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلِّم الرجلَ في خطبته

- ‌227 - باب الجلوس إذا صعِد المنبر

- ‌228 - باب الخطبة قائمًا

- ‌2).***229 -باب الرجل يخطب على قوس

الفصل: ‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلم الرجل في خطبته

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 462): "وقوله في هذه الرواية التي خرجها البخاري هنا: فثبت الأمر على ذلك، يدل على أن هذا من حين حدده عثمان استمر، ولم يترك بعده، وهذا يدل على أن عليًّا أقرَّ عليه، ولم يبطله، فقد اجتمع على فعله خليفتان من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين".

* فائدة:

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الصلاة بعد الأذان الأول يوم الجمعة، فأجاب بجواب مفصل أطال فيه، ومما قال:"والصواب أن يقال: ليس قبل الجمعة سُنَّة راتبة مقدرة"، وقال أيضًا:"وقد احتج بعض الناس على الصلاة قبل الجمعة بقوله: "بين كل أذانين صلاة"، وعارضه غيره فقال: الأذان الذي على المنابر لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن عثمان أمر به لما كثر الناس على عهده، ولم يكن يبلغهم الأذان حين خروجه وقعوده على المنبر، ويتوجه أن يقال: هذا الأذان لما سَنَّه عثمان واتفق المسلمون عليه صار أذانًا شرعيًا، وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة، وليست سُنَّة راتبة كالصلاة قبل صلاة المغرب، وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكَر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكَر عليه، وهذا أعدل الأقوال" [مجموع الفتاوى ‌

(24/ 193)].

***

226 -

باب الإمام يكلِّم الرجلَ في خطبته

1091 -

. . . حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي: حدثنا مخلد بن يزيد: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، قال:"اجلِسوا"، فسمع ذلك ابنُ مسعود، فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"تعالَ يا عبدَ الله بن مسعود".

قال أبو داود: هذا يُعرف مرسلًا، إنما رواه الناس عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخلد هو شيخ.

* حديث شاذ، صوابه مرسل

أخرجه الحاكم (1/ 286)، والبيهقي (3/ 206)، وابن الجوزي في التحقيق (806).

رواه عن يعقوب بن كعب الأنطاكي [وهو: ثقة]: أبو داود السجستاني [ثقة حافظ إمام]، ومحمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي البوشنجي [ثقة حافظ فقيه].

* تابع يعقوب الأنطاكي عليه:

إسحاق بن زريق الرسعني [ذكره ابن حبان في الثقات، وكان راويًا لإبراهيم بن خالد الصنعاني، روى عنه عن سفيان الثوري: الجامع الكبير. الثقات (8/ 121)، المؤتلف للدارقطني (2/ 1020)، الإكمال (4/ 57)، الأنساب (3/ 64)، التوضيح (4/ 180)، وقد

ص: 504

سبق ذكره قبل ذلك في إسناد يرويه عن مجاهيل تحت الحديث المتقدم برقم (227)، وفيه ما ينكر]، قال: حدثني مخلد به.

أخرجه أبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (65)(680 - المخلصيات)، وفي سبعة مجالس من أماليه (27)(3121 - المخلصيات)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 128).

قال أبو داود: "هذا يُعرف مرسلًا، إنما رواه الناس عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومخلد هو شيخ".

ووقع في رواية الرملي عن أبي داود: "قال أبو داود: مشهور مرسل، جاء به ابن جريج عن عطاء مطلقًا"[بيان الوهم (5/ 419/ 2588)].

وجرى فيه الحاكم على ظاهر السند، فقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال البيهقي: "وكذلك روي عن معاذ بن معاذ عن ابن جريج، وقيل: عن عطاء قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود خارجًا من المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: "تعال يا عبد الله بن مسعود"".

* قلت: اختلف في هذا الحديث على ابن جريج:

1 -

فرواه مخلد بن يزيد الحراني [لا بأس به، وكان يهم]: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، قال: لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة،

فذكره هكذا متصلًا من حديث جابر.

• وتابعه على هذا الوجه:

معاذ بن معاذ [العنبري: ثقة متقن، قال أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة]: أنبأ ابن جريج، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استوى على المنبر يوم الجمعة، قال:"اجلسوا"، فسمع ذلك ابن مسعود فجلس، فرآه، فقال:"تعال يا عبد الله بن مسعود".

أخرجه البيهقي (3/ 218)، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ [الإسفراييني المهرجاني: قال عبد الغافر الفارسي: "كبير فاضل، صاحب قراءات"، وقال الذهبي: "المقرئ المجود"، المنتخب من السياق (1271)، تاريخ الإسلام (28/ 487)]: أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق [الإسفراييني المهرجاني، ابن أخت أبي عوانة: ثقة. السير (16/ 50)، تاريخ الإسلام (25/ 348)]: ثنا يوسف بن يعقوب [هو: ابن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي: ثقة حافظ، وهو راوية المقدمي. تاريخ بغداد (14/ 310)، الإرشاد (2/ 608)، السير (14/ 85)، التذكرة (2/ 660)]: ثنا محمد بن أبي بكر [هو: ابن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي: ثقة]: ثنا معاذ به.

قلت: معاذ بن معاذ غير معروف بالرواية عن ابن جريج، والإسناد إليه فرد غريب، ولم يعرفه أبو داود على سعة حفظه وروايته؛ فهو حديث غريب جدًّا.

ص: 505

قال البيهقي: "ورواه عمرو بن دينار عن عطاء فأرسله".

2 -

ورواه الوليد بن مسلم [ثقة ثبت، وعنه: هشام بن عمار، وهو: صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقن]: نا ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: لما استوى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، قال للناس:"اجلِسوا"، فسمعه ابن مسعود وهو على باب المسجد، فجلس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"تعال يا ابن مسعود".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 141/ 1780)، والحاكم (1/ 283 - 284)، وعنه: البيهقي (3/ 205).

قال ابن خزيمة: "إن كان الوليد بن مسلم ومن دونه حفظ ابن عباس في هذا الإسناد؛ فإن أصحاب ابن جريج أرسلوا هذا الخبر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

وجرى الحاكم فيه - على عادته - على ظاهر السند، فقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

3 -

وخالفهم أصحاب ابن جريج فأرسلوه:

رواه عبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ مصنف، وهو راوية ابن جريج]، وحفص بن غياث [كوفي، ثقة فقيه]، وروح بن عبادة [بصري، ثقة، كان ابن جريج يخصه بالحديث. التهذيب (1/ 614)]:

فرووه عن ابن جريج، عن عطاء، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال: "اجلِسوا"، فسمعه ابن مسعود، فجلس بباب المسجد في جوف المسجد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"تعالَ يا عبد الله". لفظ عبد الرزاق.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 211/ 5368)، وابن أبي شيبة (1/ 451/ 5213) و (7/ 314/ 36423)، والحارث بن أبي أسامة (1015 - بغية الباحث).

وهذا الوجه هو الصواب عن ابن جريج مرسلًا، وقد توبع عليه:

* تابع ابن جريج على إرساله: عمرو بن دينار:

فقد روى الحميدي، وعبد الجبار بن العلاء:

عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود خارجًا من المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"تعال يا عبد الله بن مسعود".

هذا لفظ الحميدي، ولفظ عبد الجبار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على المنبر، فلما صعد قال للناس:"اجلِسوا"، وابن مسعود خارج، فسمعه فجلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تعالَ يا عبد الله".

أخرجه البيهقي (3/ 218)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (279).

وهذا هو الصواب: مرسلًا؛ وعمرو بن دينار المكي: ثقة ثبت، قال أحمد:"عمرو بن دينار: أثبت الناس في عطاء"، وقال مرارًا: "أثبت الناس في عطاء: عمرو بن دينار، وابن

ص: 506

جريج" [العلل ومعرفة الرجال (2/ 496/ 3272) و (3/ 219/ 4950) و (3/ 254/ 5123)، سؤالات الميموني (505)، سؤالات أبي داود (214)، الجرح والتعديل (6/ 231)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (321 و 1127)، المعرفة والتاريخ (2/ 21 و 22)، التهذيب (3/ 268)].

فهو مرسل بإسناد صحيح.

* وممن أعل الحديث بالإرسال: أبو داود، والبيهقي، وتردد فيه ابن خزيمة.

وقال الدارقطني في العلل (13/ 383/ 3274): "يرويه ابن جريج، وقد اختلف عنه: فرواه معاذ بن معاذ، ومخلد بن يزيد، وأبو زيد النحوي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر.

وخالفهم إسماعيل بن عياش، فرواه عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن مسعود.

وخالفهم الوليد بن مسلم، رواه عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس.

ورواه عمرو بن دينار، عن عطاء، مرسلًا، والمرسل أشبه".

وأخشى أن يكون سقط من كلام الدارقطني ذكر من رواه عن ابن جريج مرسلًا.

* وقد روى فيه ابن جريج قصة أخرى:

رواها عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علا المنبر يوم الجمعة، قال:"اجلِسوا"، فسمع رجل من الأنصار قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وهو بالطريق لم يدخل المسجد، فجلس في بني غنم، قال: فلما أقيمت الصلاة دخل الرجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا رحت"، فأخبره الخبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا، زعموا أن ذلك الرجل عبد الله بن رواحة.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 211/ 5366).

وهذا أيضًا مرسل بإسناد صحيح؛ ربيعة بن أبي عبد الرحمن المدني، المعروف بربيعة الرأي: تابعي، ثقة فقيه.

• وانظر أيضًا في المراسيل: ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 211/ 5367)، والبيهقي في الدلائل (6/ 257).

* وروي أيضًا من حديث عائشة:

رواه فضالة بن يعقوب، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن هشام بن عروة؛ أن عروة حدثه، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر يوم الجمعة، فلما جلس، قال:"اجلِسوا"، فسمع عبد الله بن رواحة قول النبي صلى الله عليه وسلم:"اجلِسوا"، فجلس في بني غنم، فقيل: يا رسول الله! ذاك ابن رواحة جالس في بني غنم، سمعك وأنت تقول للناس:"اجلِسوا"، فجلس في مكانه.

أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 62/ 9128)، وأبو نعيم في الدلائل (358)، والبيهقي في الدلائل (6/ 256) [وانقلب عنده اسم ابن مجمع]. ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 87).

ص: 507

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا إبراهيم بن إسماعيل، ولا عن إبراهيم إلا فضالة بن يعقوب، تفرد به: إبراهيم بن المنذر".

قلت: لم ينفرد به إبراهيم بن المنذر فقد تابعه عليه جماعة، لكن: إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري المدني: ضعيف، وفضالة بن يعقوب بن معن الأنصاري: لم أقف له على ترجمة، وقد روى عنه جماعة، وذكره المزي فيمن روى عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع [تهذيب الكمال (2/ 46)].

فهو حديث منكر؛ لتفرد إبراهيم بن إسماعيل به عن هشام بن عروة دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم.

* ومما جاء في باب: كلام الإمام أثناء الخطبة بعض المأمومين:

1 -

قصة سليك الغطفاني:

في الداخل والإمام يخطب، قال جابر بن عبد الله: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال:"أصليت؟ " قال: لا، قال:"قم فصل الركعتين" وفي رواية: "صل ركعتين".

وفي رواية لمسلم: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له:"يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما".

وهو حديث متفق عليه، أخرجه البخاري (930 و 931 و 1166)، ومسلم (875)، وله طرق وألفاظ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في السُّنن برقم (1115 - 1117).

2 -

حديث أبي رفاعة العدوي:

رواه سليمان بن المغيرة: حدثنا حميد بن هلال، قال: قال أبو رفاعة: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله رجل غريب، جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه! قال: فأقبل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأُتيَ بكُرسي، حسبت قوائمَه حديدًا، قال: فقعد عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرَها.

أخرجه مسلم (876)، والبخاري في الأدب المفرد (1164)، وفي التاريخ الكبير (2/ 151)، وأبو عوانة (14/ 257/ 17726 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 462/ 1970)، والنسائي في المجتبى (8/ 220/ 5377)، وفي الكبرى (8/ 472/ 9740)، وابن خزيمة (2/ 355/ 1457) و (3/ 151/ 1800)، والحاكم (1/ 286)، وأحمد (5/ 80)(9/ 4813/ 21084 - ط. المكنز) و (11/ 5744/ 24468 و 24469 - ط. المكنز)(14/ 258/ 17726 - إتحاف)، وابن المبارك في الجهاد (159)، وابن أبي شيبة في المسند (620)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 109/ 295 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 425/ 1217)، والدولابي في الكنى (1/ 85/ 82 1)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (1/ 413/ 377)، وابن قانع في المعجم

ص: 508

(1/ 113)، والطبراني في الكبير (2/ 59/ 1284)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 433/ 436)، وابن المقرئ في المعجم (1269)، وابن منده في معرفة الصحابة (1/ 324)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 455/ 1308 و 1309) و (3/ 1620/ 4089) و (5/ 6787/2889)، وابن حزم في المحلى (5/ 66)، والبيهقي (8/ 213)، والبغوي في الشمائل (378).

* ورواه أبو صالح سعيد بن عبد الله السواق: نا داود بن إبراهيم العقيلي: نا أبو جزي نصر بن طريف: نا أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، عن حميد بن هلال، عن أبي رفاعة، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب على كرسي، خُيِّلَ إليَّ أن قوائمه حديد.

أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 437/435).

وهذا حديث باطل؛ نصر بن طريف: متروك، معروف بالوضع [اللسان (8/ 261)]، وداود بن إبراهيم العقيلي: قال الأزدي: "مجهول كذاب، لا يحتج به"[اللسان (3/ 393)]، وأما سعيد بن عبد الله، أبو صالح الهمداني السواق: فقد نعته الذهبي في تاريخ الإسلام (19/ 163) بقوله: "الرجل الصالح، أحد حفاظ الحديث".

* ورواه من وجه آخر: القضاعي في مسند الشهاب (1137)، فقال: وأنا أبو محمد التجيبي: نا إسماعيل بن يعقوب البزاز: نا إسماعيل بن إسحاق القاضي: نا علي بن المديني: نا سفيان: نا أيوب، عن حميد بن هلال، عن رجل، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ألقي له منبرٌ، خِلْتُ قوائمَه من حديد، فحفظت مما علمني، أنه قال:"إنك لا تدع شيئًا ابتغاء وجه الله إلا أثابك الله ما هو خير منه".

قلت: هذا الإسناد من لدن الإمام الكبير، شيخ الإسلام، الحافظ المتقن، الفقيه المتفنن، إسماعيل بن إسحاق القاضي [انظر ترجمته: تاريخ بغداد (6/ 284)، السير (13/ 339)] فمن فوقه: كلهم ثقات أئمة، وإسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الجراب، قال ابن يونس:"كان ثقة"، ونعته الذهبي بقوله:"الشيخ المحدث الأمين" أتاريخ بغداد (6/ 354)، الأنساب (2/ 36)، السير (15/ 497)]، وعبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد بن إسحاق بن إبراهيم بن النحاس أبو محمد المصري التجيبي، قال ابن يونس:"كان ثقة"، ونعته الذهبي بقوله:"الشيخ الإمام الفقيه، المحدث الصدوق، مسند الديار المصرية"[الإكمال لابن ماكولا (7/ 286)، الأنساب (5/ 465)، التقييد (409)، السير (17/ 313)، تاريخ الإسلام (28/ 402)].

فهو حديث غريب جدًّا؛ فأين أصحاب أيوب السختياني، وأين أصحاب ابن عيينة فهم أمم، وأين أصحاب ابن المديني على كثرتهم، وأين أصحاب إسماعيل بن إسحاق القاضي، فلا نجده إلا بهذا الإسناد الفرد عند القضاعي على تأخره!!!.

* ثم أعقبه القضاعي في مسنده (1138)، بقوله: نا إسماعيل بن يعقوب [يعني: أن أبا محمد التجيبي حدثه عن إسماعيل بن يعقوب]: نا إسماعيل بن إسحاق: نا مسدد: نا

ص: 509

يزيد بن زريع: نا خالد الحذاء، عن حميد بن هلال، عن الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أو عمن سمعه منه، قال: أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: علمني مما علمك الله، فنزل وألقي له كرسي قوائمه حديد، فقال:"إنك لا تدع شيئًا اتقاء الله إلا بدَّلك الله مكانه خيرًا منه".

قال رفاعة العدوي: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله! رجل غريب، جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته، فأُتي بكرسي خِلْتُ قوائمَه حديدًا، قال: فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى على خطبته، فأتى عليها.

قلت: وهذا أيضًا حديث غريب جدًّا، يقال فيه ما قيل في سابقه.

وإنما يُعرف هذا الحديث من حديث سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، وقد اشتهر عن سليمان، ورواه عنه جماعة كثيرة من الثقات، وبلغ الآفاق، فما بال رواية من هو أكثر حديثًا وأصحابًا من سليمان، مثل: أيوب السختياني، وخالد الحذاء؛ لا تصلنا روايته إلا من طريق فرد غريب، ولا يخرجه أحد من المصنفين من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات والمعاجم والأجزاء والمشيخات وغيرها، سوى رجل من أهل القرن الخامس، فلا تثبت الرواية بمثل هذا، والله أعلم.

زد على ذلك: قول الإمام أحمد: "سليمان بن المغيرة: أثبت في حميد بن هلال من أيوبإ، وقال إسماعيل بن علية وسفيان بن عيينة: "كان سليمان بن المغيرة أحفظ لحديث حميد بن هلال من أيوب"، بل قدمه أيوب السختياني نفسه، فقال: "ليس أحد أحفظ لحديث حميد بن هلال من سليمان بن المغيرة" [العلل ومعرفة الرجال (2/ 537/ 3546)، طبقات ابن سعد (7/ 280)، الجعديات (1167 و 1169 و 3080)].

* وقد روي بعضه من وجه آخر من غير طريق حميد بن هلال:

رواه أبو حفص السلمي [هو: عمر بن عبد الرحمن البصري: روى عنه جماعة من المصنفين، مثل: العقيلي والطبراني والرامهرمزي وابن عدي وأبي الشيخ، وذكر له ابن عدي حديثًا قلب إسناده في ترجمة مبارك بن فضالة. الكامل (6/ 320)]: نا حوثرة بن أشرس [صدوق. تقدمت ترجمته تحت الحديثين رقم (44 و 77)]: نا إبراهيم بن يزيد [العدوي البصري]، عن إسحاق بن سويد العدوي [بصري، ثقة]؛ أن أبا رفاعة رضي الله تعالى عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس على كلرسي، خِلْتُ قوائمَه حديدًا.

أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 436/ 438)، والخطيب في المتفق والمفترق (1/ 204/ 66)[وفي سنده سقط]. والبغوي في الشمائل (852).

وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن يزيد العدوي البصري: مجهول، روى عن إسحاق بن سويد العدوي، وروى عنه: حوثرة بن أشرس [المتفق والمفترق (1/ 204)].

* نرجع بعد ذلك إلى حديث سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي رفاعة، وقد صححه مسلم وأبو عوانة وابن خزيمة:

ص: 510

لكن قال ابن المديني: "حديث أبي رفاعة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على كرسي من حديد؛ رواه سليمان بن المغيرة عن أبي هلال [لعلها تحرفت عن ابن هلال] عن أبي رفاعة، ولم يلق عندي أبا رفاعة"[العلل (138)، التهذيب (1/ 500)، تحفة التحصيل (85)].

وهذا الحديث رواه عن سليمان بن المغيرة، فقال في صيغة الأداء: قال، ولم يذكر عنعنةً ولا سماعًا: عبد الرحمن بن مهدي، وابن المبارك، وشيبان بن فروخ، وعفان بن مسلم، وبهز بن أسد، وعاصم بن علي.

ورواه بالعنعنة: أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وشبابة بن سوار.

وهذا مما يجعل النفس لا تطمئن لثبوت سماع هلال بن حميد من أبي رفاعة، كما أني لم أقف على ما يدل على ثبوت اللقاء أو السماع بوجه من الوجوه، وعلى هذا فإن ظاهر هذه الرواية الإرسال، والحكاية لا الرواية، ومن رواه بالعنعنة تسهل وتخفف من ألفاظ التحمل، وأن الصيغة التي جاء بها الحديث هي التي رواه بها جماعة الثقات، وهي قول حميد بن هلال: قال أبو رفاعة، وهذا ظاهره الإرسال والحكاية، وأنه يحكي واقعة لم يدركها.

ويزيد ذلك تأكيدًا أن أبا رفاعة العدوي قتل بكابل سنة أربع وأربعين [قاله ابن عبد البر. تاريخ خليفة بن خياط (206)، الاستيعاب (4/ 1658)، التهذيب (4/ 522)]، وأما حميد بن هلال فإنه مات في آخر ولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق، قال ابن حبان:"وولي خالد على العراق سنة ست ومائة، وعزل سنة عشرين ومائة"[طبقات ابن سعد (7/ 231)، طبقات خليفة بن خياط (1750)، أنساب الأشراف (11/ 296)، الجعديات (1170)، الثقات (4/ 49) و (4/ 147) و (5/ 434) و (7/ 494)].

وعلى هذا يكون بين وفاتيهما قرابة (76) سنة، وهذا يؤيد ما ذهب إليه ابن المديني من أن حميد بن هلال لم يلق أبا رفاعة، فتكون روايته عنه مرسلة، والله أعلم.

كذلك فقد أثبت يحيى بن معين والبخاري وأبو داود سماع حميد بن هلال من أنس بن مالك، وأثبت له ابن معين وأبو داود السماع من عبد الله بن مغفل [تاريخ ابن معين للدوري (4/ 117/ 3448)، التاريخ الكبير (2/ 346)، سؤالات الآجري (4/ ق 10)]، وروايته عن أنس وابن مغفل في صحيح البخاري (1246 و 3214 و 3153)، وأنس توفي بعد سنة (90)، وابن مغفل توفي سنة (57) وقيل بعدها، وهذا أيضًا مما يؤكد استبعاد سماع حميد من أبي رفاعة، لتقدم وفاته.

وحميد بن هلال: ممن لا يوثق بمراسيله، قال ابن سيرين:"كان أربعة يصدِّقون من حدثهم: أبو العالية، والحسن، وحميد بن هلال، ورجل آخر سماه"، وفي رواية أخرى:"كان الحسن وأبو العالية وحميد بن هلال: يصدِّقون من حدثهم، ولا يبالون ممن سمعوا"

ص: 511

[العلل ومعرفة الرجال (989)، الجعديات (1168)، سنن الدارقطني (1/ 171)، تاريخ دمشق (18/ 188)، شرح علل الترمذي (1/ 539)، التهذيب (1/ 500)].

3 -

حديث أبي حازم:

يرويه شعبة، وعيسى بن يونس، وعبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد:

عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: جاء أبي والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام بين يديه في الشمس، فأمر به فحُوِّل إلى الظِّلِّ. كذا في رواية عيسى، وابن نمير، وبنحوه لفظ يعلى.

وفي رواية شعبة [في المحفوظ عنه، من رواية: غندر، وآدم بن أبي إياس، وأبي داود الطيالسي، وأبي الوليد الطيالسي، وسليمان بن حرب، وعلي بن الجعد]، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم؛ أن أباه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقعد في الشمس، قال: فأومأ إليه - أو قال: أمر به - أن يتحوَّل إلى الظل، وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فرأى أي في الشمس ....

أخرجه أحمد (3/ 426)، والطيالسي (2/ 630/ 1394)، وابن سعد في الطبقات (6/ 36)، وابن أبي شيبة (1/ 451/ 5214) و (5/ 63/ 23719) و (7/ 314/ 36424)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 52/ 3786 - السفر الثالث)، وابن قانع في المعجم (2/ 304)[وروايته موصولة، وهي منكرة من حديث شعبة]. والطبراني في الكبير (8/ 26/ 7281)، والحاكم (4/ 272) [ولفظه:"تحوَّلْ إلى الظل؛ فإنه مبارك"، وهي رواية منكرة من حديث الطيالسي عن شعبة،. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1518/ 3582)[وروايته موصولة، وهي منكرة من حديث شعبة] و (4/ 1892/ 4765) و (4/ 2205/ 5522)، والبيهقي (3/ 218)، وأبو موسى المديني في اللطائف (562).

هكذا رواه أربعتهم عن إسماعيل به مرسلًا.

* خالفهم فرواه موصولًا:

يحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وهريم بن سفيان، وعلي بن مسهر، وحفص بن غياث:

قال يحيى: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا قيس، عن أبيه، قال: جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام في الشمس، فأَمر به فحوِّل إلى الظل.

وقال وكيع: حدثنا ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبيه، قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فأمرني، فحولت إلى الظل.

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1174)، وأبو داود (4822)، وابن خزيمة (2/ 353/ 1453)، وابن حبان (7/ 39/ 2800)، والحاكم (4/ 271)، وأحمد (3/ 426 و 427) و (4/ 262)، وابن أبي شيبة (5/ 63/ 23719)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 419/ 1513 - السفر الثاني) و (2/ 292/ 2988 - السفر الثالث) و (3/ 37/ 3725 -

ص: 512

السفر الثالث)، وأبو أحمد العسكري في تصحيفات المحدثين (2/ 542)، والبيهقي (3/ 218).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد؛ وإن أرسله شعبة، فإن منجاب بن الحارث وعلي بن مسهر: ثقتان".

* تنبيه: وقع في رواية حفص بن غياث، وعلي بن مسهر: فقال لي: "تحول إلى الظل"، زاد ابن مسهر:"فإنه مبارك"، وهي زيادة شاذة لو كانت محفوظة من حديث علي بن مسهر عند الحاكم، لكن شيخ الحاكم في حديث ابن مسهر هو: أبو بكر بن أبي دارم، هو: أحمد بن محمد بن السري الحافظ، وهو: رافضي كذاب، متهم بالوضع [السير (15/ 576)، اللسان (1/ 609)]، فسقطت بذلك رواية ابن مسهر، كما أن الراوي عن حفص بن غياث: يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو: حافظ، لكنه اتهم بسرقة الحديث، فلم أجد لهذه اللفظة إسنادًا ثابتًا.

* والوصل هنا زيادة تتابع عليها جماعة من الثقات الحفاظ، فوجب قبولها، لا سيما وفيهم: يحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح.

فهو حديث صحيح، محفوظ، متصل الإسناد، وإن أرسله شعبة.

وهذا الحديث مما ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجه، حيث قال بأنه يلزم على مذهبهما جميعًا إخراج حديث أبي حازم والد قيس [مع جماعة آخرين، ممن تفرد قيس بالرواية عنهم]، ثم قال:"إذ كانت أحاديثهم محفوظة، رواها جماعة من الثقات، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن الصنابح، وعن دكين، وعن أبيه، كل واحد منهم"[الإلزامات (100)].

4 -

حديث عبد الله بن بسر:

يرويه عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن وهب، وزيد بن الحباب، وبشر بن السري، وأسد بن موسى [وهم ثقات حفاظ]:

عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، قال: كنا مع عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس، فقال عبد الله بن بسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اجلس؛ فقد آذيت، وآنيت".

قال أبو الزاهرية: وكنا نتحدَّث معه حتى يخرجَ الإمام.

أخرجه أبو داود (1118)، والنسائي في المجتبى (3/ 103/ 1399)، وفي الكبرى (2/ 277/ 1718)، وابن خزيمة (3/ 156/ 1811)، وابن حبان (7/ 29/ 2790)، وابن الجارود (294)، والحاكم (1/ 288)، والضياء في المختارة (9/ 47 - 49/ 22 - 26)[ووقع في الطريق الأول وهم على الطبراني في إسناده، وهو على الصواب عند الطبراني والخطيب]. وأحمد (4/ 188 و 190)، والبزار (8/ 432/ 3506)، وابن المنذر في الأوسط

ص: 513

(4/ 84/ 1825)، والطحاوي (1/ 366)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 140/ 1953)، والبيهقي في السُّنن (3/ 1 23)، وفي المعرفة (2/ 517/ 1786)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 25)، والخطيب في الموضح (1/ 512) و (2/ 488)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (925)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 243).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

وضعفه ابن حزم في المحلى (5/ 70) بمعاوية بن صالح، ورآه قوم معارضًا لحديث سليك الغطفاني، ولا معارضة لاحتمال الجمع بينهما، كما فعل ابن حزم على فرضه صحته، وانظر أيضًا الجمع بينهما لابن حجر في الفتح (2/ 409).

قال ابن حجر في التلخيص (2/ 71): "ضعفه ابن حزم بما لا يقدح".

وقال النووي في الخلاصة (2754 و 2755): "رواه أبو داود والنسائي بإسنادين صحيحين، إسناد أبي داود على شرط مسلم، وفي رواية الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح: "فقد آذيت، وآنيت" هو بهمزة ممدودة؛ أي: تأخرت وأبطأت".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 680): "رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، كل رجاله احتج بهم في صحيحه".

قلت: معاوية بن صالح، هو الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، وأكثر الأئمة على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في المتابعات والشواهد [تقدمت ترجمته موسعة عند الحديث رقم (666)].

وأغلب أوهامه إما فيما تفرد به عن غير أهل الشام فأغرب به، أو فيما اختلف الثقات عليه فيه، وهذا الحديث إسناده فيه شامي؛ فإن أبا الزاهرية حدير بن كريب: تابعي حمصي ثقة، بلدي لمعاوية بن صالح، ولم يختلف الثقات عليه فيه، مما يجعل النفس تطمئن لكونه ضبطه وحفظه.

وقد احتج به: أبو داود والنسائي وابن المنذر والطحاوي والبيهقي، وصححه: ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والضياء.

فهو حديث جيد؛ ويأتي ذكر شواهده في موضعه من السُّنن إن شاء الله تعالى.

* وقد صح ذلك من فعل أحد الخلفاء الراشدين:

فقد روى ابن شهاب الزهري، قال: حدثني سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب، بينا هو يخطب الناس يوم الجمعة، دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟! فقال: إني شغلت اليوم، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء، فلم أزد على أن توضأت، قال عمر: والوضوء أيضًا! وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.

وهو حديث متفق عليه [البخاري (878)، ومسلم (845)]، وقد تقدم برقم (340).

***

ص: 514