الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رقم (226)]، فهو حديث مضطرب، ولو فرضنا كون رواية ابن جابر وحجاج وخالد هي المحفوظة، فهو حديث ضعيف أيضًا؛ لإبهام المولى راويه عن علي بن أبي طالب، والله أعلم.
* وله إسناد آخر مرسل بإسناد واهٍ [عند عبد الرزاق (3/ 223/ 5420)].
* قال الخطابي: "الربائث: جمع ربيثة، وهي كالعلة تعرض فتحبس الإنسان عن حاجته، يقال: ربثت الرجل عن الحاجة إذا حبسته عنها، أربثه ربثًا، والرِّبِّيثي على وزن الهِجِّيري: ما يخدع به الرجل عن حظِّه، ويُصرف به وجهُه عن قصده"[وانظر: جمهرة اللغة (1/ 259)، المحيط في اللغة (10/ 143)، النهاية (2/ 182)].
وفي اللسان (2/ 150): "أي: ذكروهم الحوائج التي تربثهم، ليربثوهم بها عن الجمعة"[انظر: العين (8/ 223)، مقاييس اللغة (2/ 473)].
* وأما شواهد هذا الباب: فقد تقدم بعضها في آخر كتاب الطهارة، في باب الغسل يوم الجمعة، الأحاديث رقم (340 - 351)، ويأتي بعضها في باب الكلام والإمام يخطب، برقم (1112 و 1113)، وبعض فقرات حديث علي بن أبي طالب، لم أقف على ما يشهد لها، مثل غدو الشياطين إلى الأسواق بالرايات يوم الجمعة لترمي الناس بالربائث، وكذلك بعض تفاصيل الدنو من الإمام والأجر والوزر في ذلك، والله أعلم.
210 - باب التشديد في ترك الجمعة
1052 -
. . . محمد بن عمرو، قال: حدثني عَبِيدة بن سفيان الحضرمي، عن أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة -؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من ترك ثلاثَ جُمَعٍ تهاونًا بها، طبع الله على قلبه".
حديث صحيح
أخرجه الترمذي (500)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 14/ 470)، والنسائي في المجتبى (3/ 88/ 1369)، وفي الكبرى (2/ 259/ 1668)، وابن ماجه (1125)، والدارمي (1/ 444/ 1571)، وابن خزيمة (3/ 176/ 1857 و 1858)، وابن حبان (1/ 491/ 258) و (7/ 26/ 2786)، وابن الجارود (288)، والحاكم (1/ 280) و (3/ 624)، وأحمد (3/ 424)، والشافعي في الأم (1/ 208)، وفي المسند (70)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 479/ 5533)، وفي المسند (2/ 43/ 551)، وعلي بن حجر السعدي في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (232)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 221/ 975 و 976)، وأبو بكر المروزي في الجمعة (62)، وأبو يعلى (3/ 175/ 1600)، والدولابي في الكنى (1/ 143/61) و (1/ 62/ 144)، وأبو بكر الخلال
في السُّنَّة (5/ 54/ 1596)، والطحاوي في المشكل (8/ 209/ 3182)، وأبو عمرو السمرقندي في فوائده (64)، وابن قانع في المعجم (2/ 209)، والطبراني في الكبير (22/ 365 و 366/ 915 - 918)، وفي جزء من حديثه لأهل البصرة بانتقاء ابن مردويه (60)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (3/ 120)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 352/ 1086) و (5/ 2853 و 2854/ 6723 و 6724)، والبيهقي في السُّنن (3/ 172 و 247)، وفي المعرفة (2/ 527/ 1810)، وفي الشعب (3/ 102/ 3003)، وفي فضائل الأوقات (259 و 260)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 239 و 240)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 213/ 1053)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (934).
رواه عن محمد بن عمرو بن علقمة: يحيى بن سعيد القطان، وسفيان الثوري، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن بشر، ويعلى بن عبيد الطنافسي، والمعتمر بن سليمان، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ويزيد بن زريع، وعبثر بن القاسم، وزائدة بن قدامة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعلي بن مسهر، ومحمد بن جعفر [16][وهم ثقات، وبعضهم أئمة حفاظ]، ومحمد بن فليح [ما به بأس]، والعلاء بن محمد بن سيار [ضعيف، اللسان (468)]، وغيرهم.
* وفي رواية يزيد بن هارون، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن بشر، وأبي أسامة [عند ابن أبي شيبة والدولابي وابن عبد البر]: سمعت أبا الجعد الضمري وكانت له صحبة، ففيه إثبات سماع التابعي من الصحابي، وأنه قد شهد له بالصحبة.
* زاد يحيى القطان [عند أحمد]، والثوري وابن إدريس [عند ابن خزيمة]:"من غير عذر"، فهي زيادة محفوظة، وفي روايةٍ عن الثوري [عند ابن حبان وغيره]:"فهو منافق"، وهي شاذة؛ فقد رواه جماعة عن الثوري مثل الجماعة وهو المحفوظ، وفي روايةٍ عن يزيد بن زريع زاد في آخره [عند الطوسي]:"وجعل قلبه قلبَ منافق"، وفي غيرها كالجماعة وهو المحفوظ.
وانفرد إدريس بن جعفر العطار [وهو: متروك. اللسان (2/ 10)]، عن يزيد بن هارون [عند الطبراني (915)، وعنه: أبو نعيم في المعرفة (6723)]، بزيادة:"متواليات"، وهي زيادة باطلة في هذا الحديث، ورواها أيضًا عن محمد بن عمرو: القاسم بن معن [وهو: ثقة]، لكن في الإسناد إليه: ضعف وجهالة، ولا يثبت من حديثه [عند الطبراني فيما انتقاه عليه ابن مردويه (60)].
* وقال عيسى بن يونس في روايته عن محمد بن عمرو، عن عبيدة بن سفيان، عن أبي الجعد:"يعني: الضمري، وكانت له صحبة فيما زعم محمد بن عمرو "[كذا وقع عند الترمذي]، وظاهر هذه العبارة أن الذي أثبت له الصحبة هو محمد بن عمرو، لا التابعي عبيدة بن سفيان، لكن يرِد على ذلك أن يكون ذلك وقع اجتهادًا من عيسى بن يونس، لكون سياق جماعة الحفاظ يشعر بأن الذي أثبت له الصحبة هو عبيدة لا محمد، ويؤيد
ذلك أن جماعة النقاد والمصنفين في الصحابة قد أثبتوا صحبته، مثل: البخاري ومسلم وأبي حاتم والبلاذري وابن أبي خيثمة وابن أبي عاصم وأبي القاسم البغوي وابن قانع وابن حبان وأبي أحمد الحاكم وابن منده والحاكم وأبي نعيم وابن عبد البر وغيرهم، ولم أقف على من نفاها عنه، ولم يورده مغلطاي في كتابه: الإنابة إلى معرفة المختلف فيهم من الصحابة [انظر مثلًا: كنى البخاري (20)، كنى مسلم (560)، أنساب الأشراف (11/ 122)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 377/ 1324 - السفر الثاني)، الجرح والتعديل (9/ 355)، الثقات (3/ 16)، فتح الباب (1622)، الاستيعاب (4/ 1620)، الإصابة (7/ 65). وانظر بقية المصادر في مصادر التخريج وغيرها].
* وقد اختلف في اسم أبي الجعد، وذهب جماعة من هؤلاء إلى أن اسمه: عمرو بن بكر، ويؤيده رواية ابن الجارود عن عبد الله بن هاشم عن يحيى القطان به، وقال فيه:"عن أبي الجعد عمرو بن بكر الضمري رضي الله عنه وكانت له صحبة"، وعبد الله بن هاشم: ثقة، مجود لحديث يحيى القطان، روى عنه مسلم أحاديث عن يحيى القطان وغيره.
* قال الترمذي: "حديث أبي الجعد حديث حسن.
وسألت محمدًا عن اسم أبي الجعد الضمري فلم يعرف اسمه، وقال: لا أعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث"، قال الترمذي: "ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث محمد بن عمرو"، قلت: وله حديث آخر ذكره ابن أبي عاصم والبزار وغيرهما [وانظر: البدر المنير (4/ 584)].
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 239): "هذا الحديث يستند من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحسنها إسنادًا حديث أبي الجعد الضمري".
* قلت: وقد اضطرب فيه أيضًا أبو معشر، فرواه مرة أخرى عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله:"من ترك ثلاث جمع من غير علة طبع الله على قلبه: منافق".
أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 54)(10/ 221/ 17267 - ط. الرشد).
قلت: وكلاهما وهمٌ، والمحفوظ: رواية جماعة الحفاظ عن محمد بن عمرو.
وانظر وهمًا آخر على محمد بن عمرو: عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 286).
* وروي من وجه آخر عن عبيدة بن سفيان:
رواه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة]، عن صالح بن كيسان [ثقة ثبت]، عن عبيدة بن سفيان الحضرمي، قال: سمعت عمرو بن أمية، يقول:"لا يترك رجل مسلم الجمعة ثلاثًا تهاونًا بها لا يشهدها؛ إلا كتب من الغافلين".
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 208)، وفي المسند (70)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 527/ 1811).
وهذا ليس بشيء؛ إنما هو حديث عبيدة بن سفيان الحضرمي، عن أبي الجعد الضمري، مرفوعًا باللفظ السابق.
* وله شواهد من حديث:
1 -
جابر بن عبد الله:
يرويه ابن أبي ذئب، عن أَسِيد بن أبي أَسِيد البرَّاد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من ترك الجمعة ثلاثًا من غير ضرورة طبع الله على قلبه".
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 259/ 1669)، وابن ماجه (1126)، وابن خزيمة (3/ 176/ 1856)، والحاكم (1/ 292)، وابن وهب في الجامع (225)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 15/ 1731)، والطحاوي في المشكل (8/ 210/ 3183)، وأبو العباس الأصم في جزء من حديثه (28 - رواية أبي بكر النيسابوري)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 313)، والبيهقي في السُّنن (3/ 247)، وفي الشعب (3/ 102/ 3004).
رواه عن ابن أبي ذئب: عبد الله بن وهب [ثقة حافظ]، وابن أبي فديك [صدوق]، ورواه عن ابن أبي فديك: محمد بن رافع، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم [وهما: ثقتان]، واختلف على ابن عبد الحكم، فرواه عنه أبو العباس الأصم [وهو: ثقة حافظ]، فزاد فيه:"متواليات"[كما في جزئه، ومن طريقه: البيهقي، لكن قد رواه عنه الحاكم وغيره بدونها]، ورواه عنه بدونها جماعة من المصنفين والحفاظ، مثل: ابن خزيمة، وابن المنذر؛ فهي زيادة شاذة، لا تثبت في هذا الحديث.
* ورواه زهير بن محمد التميمي [رواية أهل الشام عنه ضعيفة فيها مناكير، ورواية أهل العراق عنه مستقيمة؛ قال الإمام أحمد: "أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة: عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر"، وقال الإمام البخاري: "أحاديث أهل العراق عن زهير بن محمد: مقاربة مستقيمة"، وهذا الحديث مما رواه عنه من أهل العراق: أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، وعبد الرحمن بن مهدي. انظر: التهذيب (1/ 639)، الميزان (2/ 84)، إكمال مغلطاي (5/ 90)، ترتيب علل الترمذي ص (395)، جامع الترمذي (3291)، وغيرها].
وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج [ثقة فقيه، وعنه راويته: عبد الرزاق].
وسعيد بن أبي أيوب [ثقة ثبت، لكن لا يصح إسناده إلى سعيد، ولا يثبت عنه؛ فإن الرواي عنه: روح بن صلاح بن سيابة الحارثي المصري، وهو: ضعيف؛ راجع ترجمته تحت الحديث رقم (701)، وشيخ الطبراني: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم. انظر: اللسان (1/ 594)].
وعبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي [ضعيف، وعنه: محمد بن موسى الحرشي، وهو: لين الحديث].
عن أسيد بن أبي أسيد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر [وفي رواية: من غير ضرورة] طبع الله على قلبه".
أخرجه ابن ماجه (1126)، وأحمد (3/ 332)، وأبو بكر الخلال في السُّنَّة (5/ 58/ 1605)، وابن حبان في الثقات (6/ 71)، والطبراني في الأوسط (1/ 91/ 273)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 240)، والخطيب في المتفق والمفترق (1/ 256/492) و (2/ 907/ 546) [ووقع في الموضع الثاني: راشد بن أبي راشد، بدل: أسيد بن أبي أسيد، وهو وهمٌ من راويه]. وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (933)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 375/ 3263).
* ورواه ابن أبي أويس: حدثني أخي، عن سليمان بن بلال [ثقة]، عن أسيد بن أبي أسيد به، فذكره بنحوه.
أخرجه الحاكم (1/ 292).
وهو إسناد مدني حسن إلى أسيد.
* خالفهم في إسناده، وسلك فيه الجادة فوهم:
عبد العزيز بن محمد الدراوردي [صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، عن أسيد بن أبي أسيد البراد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة فقد طُبع على قلبه".
أخرجه أحمد (5/ 300)، والطحاوي في المشكل (8/ 211/ 3184)، والحاكم (2/ 488)[وفي سنده وهم]. وابن عبد البر في التمهيد (16/ 240).
قال أبو حاتم في العلل (1/ 203/ 582): "ابن أبي ذئب أحفظ من الدراوردي، وكأنه أشبه، وكأن الدراوردي لزم الطريق".
وقال الدارقطني في العلل (13/ 3263/375): "رواه ابن أبي ذئب، وزهير بن محمد، وابن جريج، عن أسيد بن أبي أسيد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن جابر.
وخالفهم: الدراوردي، وسليمان بن بلال، روياه عن أسيد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.
والذي قبله أصح.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 55): "ورواية سليمان والدراوردي: أولى بالصواب إن شاء الله".
قلت: هكذا قال الدارقطني وابن عبد البر، فجعلا رواية سليمان بن بلال متابعة لرواية الدراوردي، بينما تصرف الحاكم يدل على أن رواية سليمان بن بلال من مسند
جابر، لا من مسند أبي قتادة، وقد يكون الصواب مع الدارقطني وابن عبد البر في جعل رواية سليمان من مسند أبي قتادة.
* وعلى ذلك: فإن الصواب: رواية الجماعة؛ ابن أبي ذئب، وزهير بن محمد التميمي، وابن جريج، وغيرهم: عن أَسِيد بن أبي أَسِيد البرَّاد، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الجمعة
…
" الحديث.
ومن قال فيه: عن أبي قتادة؛ فقد وهم وسلك فيه الجادة والطريق السهل؛ كما قال أبو حاتم والدارقطني، والله أعلم.
* وعليه: فإن حديث جابر حديث مدني صحيح، رجاله ثقات مشهورون، غير أسيد بن أبي أسيد، وهو: أبو سعيد البراد المدني: قال البخاري: "مقارب الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء، وقال الدارقطني:"يعتبر به"، وقال الذهبي وابن حجر:"صدوق"[التاريخ الكبير (2/ 13)، علل الترمذي الكبير (390)، الجرح والتعديل (2/ 317)، الثقات (6/ 71)، مشتبه أسامي المحدثين (6)، تاريخ الإسلام (8/ 378)، الكاشف (1/ 251)، التهذيب (1/ 174)، التقريب (84)]، وحديث أبي الجعد الضمري يشهد لصحته، والله أعلم.
قال ابن المنذر في الإقناع (1/ 105): "وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك الجمعة ثلاثًا من غير ضرورة طبع على قلبه"".
2 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه جندل بن والق [كوفي صدوق]: نا مندل بن علي، عن ابن جريج، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعل أحدكم أن يتخذ الضيعة [كذا في المطبوع، ولعلها: الصُّبَّة، كما في الأحاديث الآتية] على رأس ميل أو ميلين أو ثلاثة، تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها، ثم تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها، فيطبع على قلبه".
أخرجه الواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 298 - 299)، وأبو الغنائم النرسي في فوائد الكوفيين (24).
قلت: هو حديث منكر، ينفرد به عن أهل الحجاز: مندل بن علي، وهو: كوفي ضعيف، صاحب غرائب وأفراد [التهذيب (4/ 152)]، وهذا منها، وكيف ينفرد كوفي ضعيف عن إمام أهل مكة في زمانه دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم!.
* وروي عن ابن المنكدر عن جابر بلفظ مطول بمعناه، ولا يصح أيضًا [عند: أبي يعلى (4/ 140/ 2198)، والبيهقي في الشعب (3/ 105/ 3012) (5/ 339/ 2752 - ط. الأوقاف القطرية)] [وهو حديث منكر؛ تفرد به: الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو: متروك، منكر الحديث، ينفرد عن ابن المنكدر بما لا يتابع عليه. التهذيب (3/ 394)، الميزان (3/ 356)، المجروحين (2/ 210)].
3 -
حديث أبى هريرة:
يرويه وهيب بن خالد [بصري، ثقة ثبت]: عن سهيل بن أبي صالح [مدني ثقة، روى عنه أهل العراق بعدما تغير حفظه]، عن صفوان بن سليم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ثرك ثلاث جمعٍ متوالياتٍ من غير عذر طبع الله على قلبه".
أخرجه الطيالسي (4/ 181/ 2557)، وعفان بن مسلم في حديثه (65).
* خالفه إمام دار الهجرة فأرسله وشك في رفعه: مالك بن أنس، فرواه عن صفوان بن سليم - قال مالك: لا أدري أعن النبي صلى الله عليه وسلم، أم لا؟ - أنه قال:"من ترك الجمعة ثلاث مرات، من غير عذر ولا علة، طبع الله على قلبه".
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 168/ 297).
* وانظر له إسنادًا آخر لا يصح: أخرجه إسحاق بن راهويه (1/ 413/ 464).
* خالفهما: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة]: حدثني صفوان بن سليم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ترك الجمعة من غير ضرورة كُتِب منافقًا في كتابٍ لا يمحى ولا يبدَّل".
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 208)، وفي المسند (70)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 527/ 1809)، والدارقطني في الأفراد (1/ 447/ 2445 - أطرافه).
قال الدارقطني: "تفرد به إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه أو عكرمة، عن ابن عباس".
قلت: القول في ذلك قول مالك، فهو رأس المتقنين وكبير المتثبتين، كما قال ابن حجر في التقريب.
* وأما ابن عباس فإنما يُعرف ذلك عنه من قوله، موقوفًا عليه:
* رواه هشيم بن بشير، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، وسعيد بن عامر، وأبو إسحاق الفزاري، ومروان بن معاوية، وسفيان بن حبيب، ومحمد بن جعفر غندر، وروح بن عبادة، وجعفر بن سليمان [وهم ثقات]، وعبد الله بن المبارك [وعنه: نعيم بن حماد، وهو: ضعيف، بإسناد غريب عنه، فلا يثبت من حديث ابن المبارك].
عن عوف بن أبي جميلة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن ابن عباس، قال: من ترك الجمعة ثلاثًا متواليات طبع الله على قلبه.
وفي روايةٍ: عن عوف بن أبي جميلة، قال: سمعت سعيد بن أبي الحسن، قال: سمعت ابن عباس، يقول: من ترك أربعَ جمعٍ متوالياتٍ من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 166/ 5169)، وابن أبي شيبة (1/ 480/ 5536)، وأبو يعلى (2/ 155/ 2712)، وأبو بكر الخلال في السنة (5/ 55/ 1598) و (5/ 57/ 1602
و 1604)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (406)، والبيهقي في الشعب (3/ 103/ 3006 و 3007)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 242).
وهذا موقوف على ابن عباس؛ بإسناد بصري صحيح على شرط البخاري [انظر: صحيح البخاري (2225)].
وانظر فيمن وهم في رفعه: أحاديث الشاموخي (28)، وغيره.
* وأما عن أبي هريرة، ومن طريق ابن معبد:
فيرويه عثمان بن الأسود [مكي، ثقة ثبت]، عن العباس بن عبد الله بن معبد [ثقة، من السادسة، يروي عن التابعين]، قال: قال أبو هريرة: ما أحب أن لي حمْر النَّعَم، ولا أن الجمعة تفوتني؛ إلا من عذر.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 5537/480).
وهذا موقوف على أبي هريرة، بإسناد منقطع.
4 -
حديث أبي هريرة:
يرويه معدي بن سليمان، قال: حدثنا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا هل عسى أحدُكم أن يتخذ الصُّبَّة من الغنم على رأس مِيلٍ أو ميلين، فيتعذر عليه الكلأ، فيرتفع، ثم تجيء الجمعة فلا يجيءُ ولا يشهدُها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها، حتى يطبع على قلبه".
أخرجه ابن ماجه (1127)، وابن خزيمة (3/ 177/ 1859)، والحاكم (1/ 292)، والبيهقي في الشعب (4/ 103/ 3011)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 283 - 284)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (938).
قلت: وهذا حديث منكر؛ معدي بن سليمان: منكر الحديث، يحدث عن ابن عجلان بمناكير [التهذيب (4/ 118)، علل الترمذي الكبير (396)].
* والمعروف في هذا مرسل:
رواه ابن جريج [ثقة حافظ]، وإبراهيم بن يزيد [هو: الخوزي، وهو: متروك، وتحرف في مصنف عبد الرزاق إلى: إبراهيم بن أبي يزيد].
عن محمد بن عباد بن جعفر [المخزومي: مكي تابعي ثقة، من الثالثة]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس الميلين أو ثلاثة، فتكون الجمعة فلا يشهدها، ثم تكون فلا يشهدها، فيطبع الله على قلبه".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 165/ 5166)، وابن أبي شيبة (480/ 5538).
هكذا رواه عبد الله بن إدريس [وهو: ثقة ثبت]، عن ابن جريج، عن محمد بن عباد بن جعفر، بلا واسطة بينهما، لكن الذي يظهر أن هذه الرواية مدلسة:
* فقد رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، ومعمر، كلاهما عن رجل، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 165/ 5167).
فأصبح مرسلًا بإسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم، والله أعلم.
5 -
حديث ابن عمر:
يرويه إبراهيم بن يزيد [هو: الخوزي، وهو: متروك]، فرواه عن أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره بنحو حديث أبي هريرة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 108/ 336)، وابن عدي في الكامل (1/ 227 - 228)(1/ 514/ 1362 - ط. الرشد). والبيهقي في الشعب (3/ 104/ 3010)(5/ 337/ 2750 - ط. الأوقاف القطرية).
قال ابن عدي بعد أن روى جملة أحاديث بهذا الإسناد: "وهذه الأحاديث عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر: يرويها عنه إبراهيم بن يزيد، وليس هي بمحفوظة".
قلت: فهو حديث منكر.
6 -
حديث ثوبان:
يرويه محمد بن شعيب بن شابور [ثقة]، قال: أخبرني عبد الرحمن بن سليمان [هو: ابن أبي الجون: لا بأس به، وفي حديثه بعض الإنكار. التهذيب (2/ 513)]، عن عطاء بن عجلان؛ أنه حدثه عن محمد بن غياث المخزومي، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره بنحو حديث أبي هريرة.
أخرجه إسماعيل الأصبهاني في الترغيب (937)، بإسناد جيد إلى ابن شابور.
قلت: هذا حديث باطل؛ عطاء بن عجلان الحنفي، أبو محمد البصري العطار: متروك، منكر الحديث جدًّا؛ كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والجوزجاني، وكان يتلقن كلما لقِّن [التهذيب (3/ 106)][وتقدم ذكره والكلام عليه تحت الأحاديث رقم (630 و 678 و 902)]، وشيخه في هذا الحديث لم أقف له على ترجمة.
7 -
حديث حارثة بن النعمان:
يرويه الليث بن سعد، وبشر بن المفضل، وسعيد بن أبي هلال، ونافع بن يزيد الكلاعي، وعبد الرحمن بن أبي الرجال [وهم ثقات]:
عن عمر بن عبد الله مولى غُفرة؛ أنه سمع ثعلبة بن أبي مالك، يخبر عن حارثة بن النعمان، عن رسول الله في أنه قال:"إن الرجل تكون له الغنيمة في حاشية القرية يكون فيها، ويشهد الصلاة، فإذا تعذرت عليه؛ قال: لو أني ارتفعت إلى ردهة هي أعفى منها كلأ، فيرتفع إليها حتى لا يأتي المسجد إلا كل جمعة، حتى إذا تعذرت وأكل ما حولها؛ قال: لو ارتفعت إلى ردهة هي أعفى منها كلأ، فيرتفع إليها حتى لا يأتي الجمعة، ولا يدري ما يوم الجمعة، حتى يطبع الله على قلبه". لفظ الليث.
ولفظ ابن أبي الرجال [عند أحمد]: "يتخذ أحدُكم السائمةَ فيشهد الصلاة في جماعة، فتتعذر عليه سائمته، فيقول: لو طلبت لسائمتي مكانًا هو أكلأ من هذا، فيتحول ولا يشهد إلا
الجمعة، فيتعذر عليه سائمته، فيقول: لو طلبت لسائمتي مكانًا هو أكلأ من هذا، فيتحول فلا يشهد الجمعة ولا الجماعة، فيطبع على قلبه".
أخرجه أحمد (5/ 433)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/ 150/ 698)، والطبراني في الكبير (3/ 229 و 230/ 3229 - 3232)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 738 - 739/ 1965 - 1968)، والبيهقي في السُّنن (3/ 247)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 495).
وهذا الحديث إسناده ليس بالقوي؛ عمر بن عبد الله المدني مولى غُفرة: قال ابن سعد: "ثقة"، وقال أحمد:"ليس به بأس، ولكن [أكثر] حديثه مراسيل"، وقال ابن معين [في رواية الدوري عنه] والبزار:"لم يكن به بأس"، وقال العجلي:"يكتب حديثه، وليس بالقوي"، وقال ابن معين [في رواية ابن أبي مريم عنه] وأبو حاتم:"يكتب حديثه"، وقال ابن عدي:"ليس هو بكثير الحديث، وقد روى عنه الثقات، وهو ممن يكتب حديثه"، وقال ابن معين [في رواية الكوسج عنه] والنسائي:"ضعيف"، وقال الساجي:"تركه مالك"، وأفرط فيه ابن حبان، فقال:"كان ممن يقلب الأخبار، ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به، ولا ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار"، فهو ليس بالقوي [العلل ومعرفة الرجال (3/ 107/ 4424)، معرفة الثقات (1353)، ضعفاء النسائي (456)، ضعفاء العقيلي (3/ 178)، الجرح والتعديل (6/ 119)، المجروحين (2/ 81)، الكامل (1/ 93) و (2/ 445) و (5/ 36)، تاريخ الإسلام (9/ 229)، التهذيب (3/ 238)].
8 -
حديث أبي عبس عبد الرحمن بن جبر الحارثي:
يرويه الوليد بن مسلمٍ، قال: سمعت يزيد بن أبي مريم، قال: لحقني عباية بن رافع وأنا رائح إلى الجمعة ماشيًا، وهو راكب، فقال: أبشر؛ فإني سمعت أبا عبس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا بها، طبع الله على قلبه".
أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2976/ 6930)، قال: حدثنا أبو بكر بن مالك: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي: ثنا الوليد بن مسلم به.
قال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 587): "وهذا إسناد جيد".
قلت: إسناده إلى الوليد بن مسلم إسناد صحيح، لكن يبدو أنه دخل لأحد المتأخرين حديث في حديث، فإن هذا المتن لا يُروى بهذا الإسناد، بل ولا يتفق الاستشهاد به على الرواح إلى الجمعة ماشيًا؛ وإنما الصواب في ذلك:
* ما رواه أحمد بن حنبل [وعنه: ابنه عبد الله في المسند، وإبراهيم بن يعقوب السعدي أبو إسحاق الجوزجاني الحافظ، عند الدولابي]، وعلي بن المديني، وأبو عمار الحسين بن حريث، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعلي بن سهل الرملي، وعبد الوهاب بن نجدة، وموسى بن عامر المري، ومحمد بن أسد الخشِّي، والحكم بن موسى، وشجاع بن
مخلد الفلاس، وسريج بن يونس، وأسد بن موسى، وعلي بن بحر بن بري، وداود بن رُشَيد، وأبو همام الوليد بن شجاع، وأبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني، وإسماعيل بن عبد الله بن خالد الرقي السكري [17][وهم ثقات في الجملة، بعضهم أئمة حفاظ]، وعمرو بن مالك الراسبي [ضعيف].
قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت يزيد بن أبي مريم، قال: لحقني عباية بن رافع بن خديج، وأنا رائح إلى المسجد إلى الجمعة ماشيًا وهو راكب، قال: أبشر! فإني سمعت أبا عبس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغبرَّت قدماه في سبيل الله عز وجل حرمهما الله على النار". لفظ الإمام أحمد في مسنده.
ولفظ ابن المديني [عند البخاري]: أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغبرَّت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار".
ولفظ الحسين بن حريث [عند الترمذي والنسائي]: لحقني عباية بن رفاعة بن رافع، وأنا ماشٍ إلى الجمعة، فقال: أبشر! فإن خطاك هذه في سبيل الله، سمعت أبا عبس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغبرَّت قدماه في سبيل الله فهما [وفي رواية: فهو] حرام على النار".
وأكثرهم على أن القصة إنما وقعت ليزيد بن أبي مريم مع عباية.
أخرجه البخاري (907)، والترمذي في الجامع (1632)، وفي العلل الكبير (494)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(6/ 238/ 1380)، والنسائي في المجتبى (6/ 14/ 3116)، وفي الكبرى (4/ 276/ 4309)، وأبو عوانة (2/ 129/ 2546)، وابن حبان (10/ 465/ 4605)، وأحمد (3/ 479)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 353/ 1245 - السفر الثاني). وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 31/ 1973)، وفي الجهاد (112)، والدولابي في الكنى (1/ 126/ 258)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 38/ 2446) و (4/ 135/ 2656)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 310/ 1402)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 8)، وفي المعرفة (4/ 1812/ 4578)، والبيهقي (3/ 229)، والبغوي في شرح السُّنَّة (10/ 353/ 2618)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (65/ 382).
قال الترمذي في الجامع: "هذا حديث حسن صحيح غريب.
وأبو عبس اسمه: عبد الرحمن بن جبر.
وفي الباب: عن أبي بكر، ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ويزيد بن أبي مريم هو: رجل شامي، روى عنه الوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة، وغير واحد من أهل الشام، وبريد بن أبي مريم: كوفي، أبوه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه: مالك بن ربيعة، وبريد بن أبي مريم: سمع من أنس بن مالك، وروى عن بريد بن أبي مريم: أبو إسحاق الهمداني، وعطاء بن السائب، ويونس بن أبي إسحاق، وشعبة أحاديث".
وقال في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث صحيح، وأبو عبس بن عبد الرحمن، اسمه: عبد الرحمن بن جبر، ويزيد بن أبي مريم: ثقة، وهو شامي".
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح".
* تابع الوليد بن مسلم عليه:
يحيى بن حمزة، قال: حدثني يزيد بن أبي مريم: أخبرنا عباية بن رافع بن خديج، قال: أخبرني أبو عبس - هو: عبد الرحمن بن جبر -؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما اغبرَّت قدما عبد في سبيل الله فتمسَّه النار".
أخرجه البخاري (2811)، واللفظ له. وابن بشران في الأمالي (499)، وفيه القصة بلفظ أتم. والبيهقي (9/ 162)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(1043).
قلت: هكذا رواه الإمام أحمد في مسنده، ولم يورد لأبي عبس غير هذا الحديث، بل ليس له في الكتب الستة، ولا في أطراف العشرة غيره [التحفة (6/ 480/ 9692)، الإتحاف (14/ 320/ 17777)]، وقال أبو القاسم البغوي:"سكن المدينة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا"، قلت: ووجدت له عند الدولابي وأبي نعيم في المعرفة حديثين آخرين لكن لا يصح إسنادهما، فلا يصح له غير هذا الحديث.
قال الدارقطني في الإلزامات (127): "وانفرد البخاري بحديث أبي عبس بن جبر: "من اغبرَّت قدماه في سبيل الله"، من رواية عباية بن رفاعة، ولم يُرو عنه من وجه يصح مثله غيره".
قلت: وبهذا يتبين وهم الرواية التي وقعت عند أبي نعيم في المعرفة، وأن الحديث موضع الشاهد ليس من حديث أبي عبس، ولا يروى بهذا الإسناد؛ إنما دخل لراويه حديث في حديث، والله أعلم.
9 -
حديث يحيى بن أسعد بن زرارة:
يرويه يحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح:
عن شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة [ثقة، من السادسة]، عن عمه يحيى - وأثنى عليه خيرًا -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة ثلاثًا تهاونًا بها من غير عذر؛ طبع على قلبه، وجعل قلبه قلب منافق".
أخرجه مسدد (5/ 37/ 717 - مطالب). وأبو بكر المروزي في الجمعة (63)، وأبو بكر الخلال في السُّنَّة (5/ 55/ 1597).
* ورواه النضر بن شميل، وغندر محمد بن جعفر:
أنا شعبة: ثنا محمد بن عبد الرحمن [بن أسعد بن زرارة]، قال: سمعت عمي [يحيى]- ولم أر رجلًا منا به شبيهًا - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع النداء يوم
الجمعة فلم يأتها، [وفي نسخة: ثم سمعه فلم يأتها، ثم سمعه فلم يأتها]، طبع الله على قلبه، وجعل قلبه قلبَ منافق". لفظ النضر.
ولفظ غندر: "من سمع نداء الجمعة ولم يأت طبع الله عز وجل على قلبه، فجعل قلبَه قلبَ منافق".
أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (3/ 685/ 405 - مطالب). وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 211 - 212/ 2197)، البيهقي في الشعب (3/ 102 - 103/ 3005)(5/ 334/ 2745 - ط. الأوقاف القطرية).
* خالفهم: عبد الملك بن إبراهيم الجدي [لا بأس به، وله أوهام عن شعبة. راجع الحديث المتقدم برقم (509)، والراوي عنه: محمد بن الخطاب البلدي الزاهد: ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 139)، وأخرج له في صحيحه، وذكر الدارقطني له وهمًا في عِلَله (15/ 136/ 3894)، انظر: الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (8/ 270)]: أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عمي، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأت - أو: لم يجب -، ثم سمع النداء فلم يأت - أو: فلم يجب -، ثم سمع النداء فلم يأت - أو: لم يجب -، طبع الله عز وجل على قلبه، فجعل قلب منافق".
أخرجه أبو يعلى (13/ 108/ 7167).
هكذا خالف الجديُّ أثبتَ أصحاب شعبة، مثل غندر ويحيى بن سعيد القطان، فزاد في الإسناد: سعد بن إبراهيم، والمحفوظ بدونه، وقد سمعه شعبة من محمد بن عبد الرحمن.
* خالفهم في إسناده، فجعله من مسند ابن أبي أوفى:
أبو إسحاق الفزاري [إبراهيم بن محمد بن الحارث: ثقة حافظ، وعنه: محمد بن عقبة بن المغيرة الشيباني، وهو: ثقة، قال فيه أبو حاتم: "ليس بمشهور"]، فرواه عن شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن ابن أبي أوفى به مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 588 - البدر المنير)(2/ 193 - مجمع الزوائد). ومن طريقه: الضياء في المختارة (13/ 127/ 203).
قال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 588): "وهذا إسناد صحيح".
قلت: رواية الجماعة من أصحاب شعبة: أولى بالصواب، والله أعلم.
* وخالفهم أيضًا في إسناده ومتنه:
أحمد بن نصر بن حماد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة من غير عذر لم يكن لها كفارة دون يوم القيامة".
ورواه مرة أخرى بنفس إسناده بلفظ: "لا يترك الله أحدًا يوم الجمعة إلا غفر له"، ورواه مرة بلفظ:"إن الله ليس بتارك أحدًا يوم الجمعة إلا غفر له".
وتصحف على بعضهم فرواه بلفظ: "إن الله تبارك وتعالى يعني: قال -: ليس يقرأ تبارك أحدٌ يوم الجمعة الا غفر له".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 649/ 963)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 406 - ط. الغرب). وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(490)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (941).
قلت: وهذا حديث موضوع؛ نصر بن حماد الوراق: متروك، ذاهب الحديث، منكر الحديث عن شعبة، له عنه أوابد، وكذبه ابن معين، وقال فيه الأزدي:"هو وَضَع على شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ليس بتاركٍ أحدًا يوم الجمعة إلا غفر له"، وليس لهذا أصل عن شعبة"[الكامل (7/ 38)، تاريخ بغداد (13/ 281)، ضعفاء ابن الجوزي (3/ 159/ 3412)، الميزان (4/ 250)، التهذيب (4/ 217)].
وابنه أحمد: قال الذهبي: "أتى بخبرٍ منكرٍ جدًّا"، ثم ساق الحديث، وقال الخطيب بأن عبيد الله بن عبد الرحمن السكري سماه محمدًا [تاريخ بغداد (6/ 406 - ط. الغرب)، الميزان (1/ 161)، اللسان (1/ 684)].
* قلت: والحاصل؛ فإن المحفوظ عن شعبة في هذا:
ما رواه يحيى القطان، وغندر، ووكيع، والنضر بن شميل:
عن شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عمه يحيى - وأثنى عليه خيرًا -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك الجمعة ثلاثًا؛ طبع على قلبه، وجعل قلبه قلب منافق" لفظ القطان، وتابعه عليه وكيع، وزاد:"تهاونًا بها من غير عذر"، ورواية الآخرين بمعناه.
وهذا مرسل بإسناد لا بأس به، فإن يحيى بن أسعد بن زرارة، لم أقف على ترجمته عند البخاري وابن أبي حاتم [إلا أن يكون عندهما هو: يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وهو: تابعي ثقة، التاريخ الكبير (8/ 283 و 286)، الجرح والتعديل (9/ 162)، التهذيب (4/ 370)]، وذكره ابن أبي عاصم والبغوي وابن حبان والباوردي في الصحابة، وقال ابن حبان:"له صحبة"، وقال ابن منده وأبو نعيم:"مختلف في صحبته"، وقال ابن الأثير في أسد الغابة (5/ 484):"مختلف في صحبته، ذكره ابن أبي عاصم في الصحابة، وذكره غيره في التابعين"، وقال ابن عساكر:"الأصح أنه لا صحبة له"، وقال المزي:"الصحيح: أنه لا صحبة له"، وقال الذهبي والعلائي:"مختلف في صحبته"، وقال الذهبي في الميزان (4/ 361):"لا يُعرف، مختلف في صحبته، تفرد عنه: ابن أخيه محمد بن عبد الرحمن"، وقال ابن حجر في التقريب:"صحابي صغير" [الآحاد والمثاني (4/ 211/ 2197)، الثقات (3/ 447)، معرفة الصحابة (5/ 2817/ 6673)، التحفة (11821)، جامع التحصيل (867)، الإنابة (2/ 241)، تحفة التحصيل (341)، الإصابة
(6/ 643)، التهذيب (4/ 339)]، قلت: الصحيح أنه لا صحبة له، حيث لم يُثبت له الصحبةَ ابنُ أخيه المتفرد بالرواية عنه: محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة [وهو: ثقة من السادسة]، ولم يُذكر له سماعٌ من النبي صلى الله عليه وسلم.
10 -
حديث أسامة:
يرويه هشام بن هلال [كذا وقع في المعجم، وإنما هو: هشام بن بلال]، عن محمد بن مسلم الطائفي، عن معمر، عن جابر، عن أبي عثمان، عن أسامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين".
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 170/ 422)، والدارقطني في الأفراد (1/ 143/ 578 - أطرافه).
قال الدارقطني: "غريب من حديث أبي عثمان عنه، تفرد به: محمد بن مسلم، عن معمر".
قلت: وهذا حديث ساقط، جابر بن يزيد الجعفي: متروك يكذب، ومحمد بن مسلم الطائفي: صدوق، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكتابه أصح، وله غرائب، وقد ضعفه أحمد على كل حال، من كتاب وغير كتاب [انظر: التهذيب (3/ 696)، الميزان (4/ 40)، التقريب (564)]، وراويه عنه: هشام بن عبيد الله بن بلال الرازى السِّنِّي، وهو مختلف فيه، قال أبو بكر الأعين:"سألت أحمد بن حنبل: أكتب عن هشام بن عبيد الله؟ قال: لا، ولا كرامة"، وقال العجلي:"رازي، ضعيف"، وقال أبو حاتم:"صدوق"، وقال ابنه:"ثقة، يحتج بحديثه"، وقال ابن حبان:"وكان يهم في الروايات، ويخطئ إذا روى عن الأثبات، فلما كثر مخالفته الأثبات بطل الاحتجاج به"، وقال أبو إسحاق الشيرازي:"هو لين في الرواية"[معرفة الثقات (1905)، سؤالات البرذعي (2/ 757)، أخبار القضاة (1/ 8)، الجرح والتعديل (9/ 67)، علل الحديث (1614)، تاريخ جرجان (160)، المجروحين (3/ 90)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (382)، علل الدارقطني (13/ 357/ 3243)، الإرشاد (2/ 653)، الموضح (2/ 532)، الأنساب (3/ 326)، طبقات الفقهاء (138)، السير (10/ 446)، تاريخ الإسلام (16/ 439)، اللسان (8/ 335)، التهذيب (4/ 274)].
11 -
حديث عائشة:
يرويه أبو عامر [العقدي؛ عبد الملك بن عمرو: ثقة]: حدثنا عبد الواحد بن ميمون مولى عروة، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير علة - أو قال: من غير ضرورة - طبع الله على قلبه".
أخرجه المحاملي في الأمالي (154 - رواية ابن مهدي الفارسي)، قال: حدثنا العباس بن يزيد [البحراني: صدوق]، قال: حدثنا أبو عامر به. ومن طريقه: الخطيب في تاريخ بغداد (12/ 142)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 277).
وأخرجه البزار (18/ 138/ 100)، قال: حدثنا محمد بن المثنى [ثقة ثبت]، قال: نا أبو عامر به، إلا أنه أوقفه على عائشة، وقال بعده:"ورأيته في كتابي: عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهِبتُ رفعه، ولا نعلم أسند عبد الواحد بن ميمون عن عروة إلا هذه الأحاديث، ولا نعلم أحدًا شاركه فيها عن عروة، ولا عن عائشة".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن عروة بن الزبير: عبد الواحد بن ميمون، وهو: متروك، منكر الحديث، ينفرد عن عروة بما ليس من حديثه [المجروحين (2/ 155)، الكامل (5/ 301)، اللسان (5/ 296)].
* قلت: ورواه محمد بن عمر بن غالب: ثنا إدريس بن خالد البلخي: ثنا جعفر بن النضر: ثنا إسحاق الأزرق: ثنا مسعر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة الجمعة فليتصدق بنصف دينار".
أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 269)، وعنه: الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 468 - ط. الغرب). ومن طريقه: ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 466/ 800).
قال أبو نعيم: "غريب من حديث مسعر وهشام، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".
قلت: هو حديث موضوع؛ شيخ أبي نعيم: محمد بن عمر بن غالب: كذبه ابن أبي الفوارس [اللسان (7/ 412 و 413)]، وشيخه: إدريس بن خالد البلخي: ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد بهذا الإسناد، وبهذا الحديث حسب، فهو مجهول؛ إن لم يكن لا حقيقة له، ولا وجود.
12 -
مرسل هرمي بن عبد الله الواقفي:
يرويه ابن إسحاق: حدثني ثُمامة بن قيس بن رفاعة الواقفي، عن هرَميِّ بن عبد الله - رجل من قومه، كان ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرين - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع الأذان بالجمعة ثم لم يأتها، كان في التي بعدها أثقل، فإن سمعه ثانيةً، ثم لم يأتها كان في التي بعدها أثقل، وإن سمعه الثالثة ثم لم يأتها، كان في الرابعة أثقل، فإن سمعه في الرابعة ثم لم يأتها، طبع الله على قلبه".
أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة (5/ 410 - أسد الغابة). وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (939)، وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 410 - 411).
قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 178): "ثمامة بن قيس بن رفاعة الرافعي من بني عبد الله المديني [كذا، وصوب العلامة المعلمي أنها: الواقفي، من بني عبيد الله]: عن هرمي بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الجمعة، روى عنه: محمد بن إسحاق بن يسار؛ مرسل".
وقال ابن منده عن هرمي هذا: "ذُكر في الصحابة، ولا يثبت"[توضيح المشتبه (4/ 95)].
قلت: فهو مرسل بإسناد فيه جهالة؛ ثُمامة بن قيس بن رفاعة الواقفي: لا يُعرف بغير هذا الإسناد [التاريخ الكبير (2/ 178)، الجرح والتعديل (2/ 467)، الثقات (6/ 128)].
وانظر ترجمة هرمي بن عبد الله الواقفي: التاريخ الكبير (8/ 256)، المعرفة والتاريخ (1/ 315)، الجرح والتعديل (9/ 120)، الثقات (5/ 516)، الإكمال لابن ماكولا (4/ 155)، الأنساب (5/ 636)، توضيح المشتبه (4/ 95)، الإصابة (6/ 535 و 567)، التهذيب (4/ 265).
وفي الباب أيضًا:
1 -
حديث ابن عمر وأبي هريرة:
رواه أبو توبة الربيع بن نافع، ويحيى بن حسان التنيسي، ومحمد بن شعيب بن شابور، والوليد بن مسلم [التحفة (6696)] [وهم ثقات]:
عن معاوية بن سلام: أخبرني زيد بن سلام؛ أنه سمع أبا سلام، قال: حدثني الحكم بن مينا؛ أن ابن عمر حدثه وأبا هريرة [وفي رواية: أن عبد الله بن عمر، وأبا هريرة حدثاه]؛ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، وهو على أعواد منبره:"لَيَنتَهِينَّ أقوامٌ عن ودْعِهم الجمُعاتِ، أو لَيختمَنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين".
أخرجه مسلم (865)، وأبو عوانة (2/ 125/ 2532)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 453/ 1948)، والدارمي (1/ 444/ 1570)، وابن خزيمة (3/ 175/ 1855)، والطحاوي في المشكل (8/ 215/ 2865)، والطبراني في الأوسط (1/ 129/ 406)، وفي مسند الشاميين (4/ 107/ 2865)، والبيهقي في السُّنن (3/ 171)، وفي الشعب (3/ 103/ 3008)، وفي فضائل الأوقات (257)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 214/ 1054)، وقال:"هذا حديث صحيح". وفي التفسير (4/ 342)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب (936)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 63 و 64).
وتصرف أبي حاتم في العلل (1/ 207/ 596) يدل على أنه يراه محفوظًا، وسيأتي نقل كلامه في آخر الحديث.
هكذا رواه عن أبي توبة [وهو: ثقة حجة]: الحسن بن علي الحلواني، وأبو حاتم الرازي، ويوسف بن سعيد بن مسلَّم المصيصي [وهم ثقات حفاظ]، وإبراهيم بن الحسين بن علي أبو إسحاق الهمذاني الكسائي [المعروف بابن ديزيل: ثقة حافظ. الإكمال لابن ماكولا (4/ 265)، تاريخ دمشق (6/ 387)، السير (13/ 184)، اللسان (1/ 265)]، والفضل بن محمد الشعراني [ثقة حافظ، تُكُلِّم فيه بغير حجة، السير (13/ 317)، التذكرة (2/ 626)، اللسان (6/ 350)]، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث الدمشقي [ثقة]، وأحمد بن خليد الحلبي [ثقة. مختصر تاريخ دمشق (3/ 93)، الثقات (8/ 53)، السير (13/ 489)، تاريخ الإسلام (21/ 56)]، وعلي بن زيد بن عبد الله الفرائضي [قال مسلمة بن قاسم:"ثقة"، وقال ابن يونس:"تكلموا فيه". تاريخ بغداد (11/ 427)، اللسان (5/ 540)، مغاني الأخيار (2/ 738)].
* وخالفهم فوهم في اسم صحابيه: موسى بن سهل الرملي [ثقة][عند ابن خزيمة]
فقلبه، وجعله: عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، قال ابن عساكر:"وذكر أبي سعيد فيه غريب".
* وانظر فيمن وهم في إسناده على معاوية بن سلام: تاريخ دمشق (15/ 64).
* وهذا الحديث رواه يحيى بن أبي كثير، واختلف عليه فيه:
1 -
فرواه هشام الدستوائي، واختلف عليه فيه:
أ - فرواه أبو أسامة [حماد بن أسامة: ثقة ثبت]، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحكم بن ميناء، قال: أخبرني ابن عباس، وابن عمر؛ أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواده: [لَينتَهينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ الجماعات، أو لَيَخْتِمَنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُن من الغافلين".
أخرجه ابن ماجه (794): حدثنا علي بن محمد [الطنافسي: ثقة]: ثنا أبو أسامة به.
قلت: هذه اللفظة خطأ في هذا الحديث، إذ هو معروف بلفظ:"الجُمُعات"، وهو مدلس أيضًا، فلم يسمعه يحيى من الحكم.
ب - خالفه: يزيد بن هارون، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو داود الطيالسي، ومعاذ بن هشام [وهم ثقات]، والهياج بن بسطام [ضعيف، تركه جماعة، روى عنه ابنه خالد مناكير كثيرة، لكنه هنا تابع الجماعة على الصواب. التهذيب (4/ 293)]:
قالوا: حدثنا هشام الدستوائي [ثقة ثبت، وهو أثبت الناس في يحيى بن أبي كثير]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس؛ أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال - وهو على أعواد المنبر -:"لَينتهِينَّ أقوامٌ عن ودْعِهمُ الجمُعاتِ، أو ليطبعنَّ الله على قلوبهم، وليُكتَبُنَّ من الغافلين".
أخرجه ابن حبان (7/ 25/ 2785)، وأحمد (1/ 239 و 335) و (2/ 84)، والطيالسي (3/ 458/ 2064) و (4/ 2858/456)، وابن أبي شيبة (1/ 480/ 5534)، وأبو يعلى (10/ 110 - 111/ 5742)، وأبو علي الرفاء في فوائده (54)، والبيهقي في السُّنن (3/ 172)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 65).
وفي رواية عبد الصمد: حدث أبو سلام، وفي رواية الطيالسي: أن أبا سلام حدث، ووهم من قال فيه: عن يحيى: حدثني أبو سلام [انظر: علل الدارقطني (13/ 153/ 3032)، تاريخ دمشق (15/ 65)].
ورواية عبد الصمد والطيالسي تدل على أن يحيى أرسله، ولم يسمعه من أبي سلام.
قال الدارقطني في العلل (13/ 153/ 3032): "ويحيى لم يسمعه من أبي سلام".
2 -
خالفه: علي بن المبارك [ثقة، من أصحاب يحيى]، فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس - قال علي: ثم كتب به إليَّ: عن ابن عمر وأبي هريرة -؛ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - على أعواد منبره -:
…
فذكره مثله.
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 259 - 260/ 1671)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 64 - 65).
ورواية علي بن المبارك هذه أولى من رواية هشام؛ حيث زاد في الإسناد رجلًا، دلت رواية هشام على سقوطه من السند.
3 -
ورواه أبان بن يزيد العطار [وهو: ثقة، من أصحاب يحيى]، واختلف عليه:
أ - فرواه حبان بن هلال [ثقة ثبت]، قال: حدثنا أبان، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء؛ أنه سمع ابن عباس وابن عمر يحدثان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو على أعواد منبره -:
…
فذكره مثله.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 88/ 1370)، وفي الكبرى (2/ 259/ 1670)، قال: أخبرنا محمد بن معمر [هو البحراني: ثقة]، قال: حدثنا حبان [هو: ابن هلال]، قال: حدثنا أبان به. ومن طريقه: إسماعيل الأصبهاني في الترغيب (935).
قال الدارقطني في العلل (13/ 153/ 3032): "ولم يتابع على ذلك"، يعني: حبان بن هلال.
ب - خالفه: عبيد الله بن موسى [ثقة]، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل [ثقة ثبت]:
قالا: حدثنا أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء؛ أنه سمع ابن عباس وابن عمر رضي الله عنه، يحدثان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو على أعواد منبره -:
…
فذكره مثله.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 14/ 1730)، والطحاوي في المشكل (8/ 214/ 3186) و (8/ 315/ 3186 م)، والبيهقي في السُّنن (3/ 171)[وسقط من إسناده ذكر أبي سلام].
ج - وخالفهم: عفان بن مسلم [ثقة ثبت]، قال: حدثنا أبان العطار: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وعن ابن عمر؛ أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكره مثله. فلم يذكر الحضرمي بن لاحق.
أخرجه أحمد (1/ 254)(2/ 564/ 2326 - ط. المكنز). وأبو يعلى (10/ 143/ 5766)[ووقع عنده: عن زيد أبي سلام، فسقط لفظ الأداء: عن]، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 66)[وفيه سقط أيضًا].
د - وخالفهم: هدبة بن خالد [ثقة]، قال: حدثنا أبان بن يزيد العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عباس وابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.
أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (1/ 335)(2/ 743/ 3159 - ط. المكنز)(5/ 214/ 3100 - ط. الرسالة). ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 66)، والمزي في التهذيب (7/ 145).
وحديث أبان هذا مضطرب الإسناد، فالذين اختلفوا على أبان كلهم ثقات، وهو مرة يذكر الحضرمي ومرة لا يذكره، ومرة يقدمه فيجعله شيخًا لأبي سلام، ومرة يؤخره فيجعله شيخًا ليحيى، ومرة يسقط ذكر الحضرمي وزيد بن سلام معًا، والله أعلم.
وقد أعله أبو حاتم بحديث معاوية بن سلام الذي أخرجه مسلم؛ قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 207/ 596): "سألت أبي عن حديث رواه أبان العطار، عن يحيى، عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي، عن الحكم بن ميناء؛ أنه سمع ابن عمر وابن عباس، سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، قال: "لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات"، الحديث؟
قال أبي: رواه معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن أبي سلام - ولم يذكر فيه الحضرمي -، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس.
قال أبي: والحضرمي بن لاحق رجل من أهل المدينة، وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد، فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به، والله أعلم".
4 -
ورواه إسماعيل بن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [وهم ثقتان، من أصحاب أيوب، وابن علية من أثبت الناس فيه].
عن أيوب السختياني [ثقة ثبت، إمام حجة]، عن يحيى بن أبي كثير، عن من حدثه، عن ابن عمر وابن عباس؛ أنهما قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - على أعواد منبره -:
…
فذكره مثله.
أخرجه أبو يعلى (10/ 143/ 5765)[وفي سند المطبوعة تحريف]. ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 66)[وهو فيه على الصواب].
ثم رواه ابن عساكر (15/ 67) من طريق: علي بن عبد الله [ابن المديني]: نا إسماعيل بن إبراهيم: نا أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن من حدثه، عن ابن عباس وابن عمر؛ أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره، يقول:"لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو يختم على رقابهم، أو يكتبون من الغافلين".
قال علي: "هكذا رواه أيوب عن يحيى بن أبي كثير عمن حدثه عن ابن عباس وابن عمر، ولم يفسر إسناده، لعله لم يقم إسناده، والله أعلم".
* وقد اختلف فيه على أيوب:
قال الدارقطني في العلل (13/ 152/ 3032): "قال حماد بن زيد: عن أيوب، عن يحيى، عن ابن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.
وقال الثقفي، وابن علية: عن أيوب، عن يحيى، عمن حدثه، عنهما".
5 -
ورواه معمر بن راشد [ثقة، من أصحاب يحيى، وقد يهِم عليه]، عن يحيى بن أبي كثير، في عبد الله بن ميناء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على أعواد المنبر: "لينتهِينَّ أقوامٌ عن تخلُّفهم عن الجمعة، أو ليَطبَعنَّ الله على قلوبهم، وليُكتبُنَّ من الغافلين".
قال معمر: ربما قال [يعني: يحيى بن أبي كثير]: الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس، أو أحدهما.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 166/ 5168).
* وانظر أيضًا: مصنف عبد الرزاق (3/ 165/ 5165).
* قلت: هو كما قال ابن المديني؛ فإن يحيى بن أبي كثير لم يقم إسناد هذا الحديث:
* فمرة يرويه: عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس.
* وثانية يرويه: عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس، ثم كتب به إلى علي بن المبارك: عن ابن عمر وأبي هريرة.
* وثالثة يرويه: عن زيد، عن أبي سلام، عن الحضرمي بن لاحق، عن الحكم بن ميناء؛ أنه سمع ابن عباس وابن عمر.
* ورابعة يرويه: عن من حدثه، عن ابن عباس وابن عمر؛ أو: عن ابن ميناء، عن ابن عمر، وابن عباس.
* وخامسة يرويه: عن عبد الله بن ميناء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على أعواد المنبر:
…
فذكره، قال معمر: ربما قال [يعني: يحيى بن أبي كثير]: الحكم بن ميناء، عن ابن عمر وابن عباس، أو أحدهما. هذا إن لم يكن معمر هو الواهم في هذا الوجه.
ولعل السبب في اضطراب يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث؛ أنه لم يسمعه من زيد بن سلام، وإنما أخذه من كتابه بغير سماع.
وقد سبق نقل كلام أبي حاتم في العلل (1/ 207/ 596)، وأنه ذهب لإعلال حديث يحيى بعدم سماعه له من زيد، قال:"وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد".
وقال البيهقي في السُّنن (3/ 172): "ورواية معاوية بن سلام عن أخيه زيد: أولى أن تكون محفوظة، واللّه أعلم".
قلت: الحديث حديث معاوية بن سلام؛ فإنه قد أقام إسناده وضبطه، بخلاف يحيى بن أبي كثير؛ فإنه لم يقم إسناده، واضطرب فيه.
وقد سبق أن تكلمت على سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام تحت الحديث رقم (910)، الشاهد الأول، وأطلت في بيان ذلك، ومما قلت هناك: أن بعض حديث يحيى عن زيد سماع، وبعضه كتاب، وقد يدخل عليه الوهم بسبب الكتاب، والله أعلم.
2 -
حديث عبد الله بن مسعود:
رواه أبو إسحاق؛ أنه سمعه من أبي الأحوص، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة:"لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أحرَّق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم".
أخرجه مسلم (652)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (549).
3 -
حديث ابن عمر:
يرويه الفرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لينتهين قوم عن تركهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين".
أخرجه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي في الأول من فوائده "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (5)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 184)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 241 و 242)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 583).
من طرقٍ عن الفرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر به مرفوعًا.
وهو حديث منكر؛ الفرج بن فضالة: ضعيف، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث منكرة، لا يتابع عليها، وهذا منها [انظر: التهذيب (3/ 382)، الميزان (3/ 344)].
4 -
حديث كعب بن مالك:
يرويه إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لينتهين أقوام يسمعون النداء يوم الجمعة، ثم لا يأتونها، أو ليطبعَنَّ الله صلى الله عليه وسلم على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين". وفي رواية: "أو ليكونُنَّ من أهل النار".
أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 99/ 197)، وفي مسند الشاميين (2/ 285/ 1351 و 1352)، وابن عدي في الكامل (5/ 284)، وابن سمعون في الأمالي (5)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 309).
قال ابن عدي بعد أن أخرج جملة أحاديث في ترجمة عبد العزيز، وهذا منها:"وهذه الأحاديث التي ذكرتها لعبد العزيز هذا: مناكير كلها، وما رأيت أحدًا يحدث عنه غير إسماعيل بن عياش".
قلت: هو حديث منكر؛ عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي: متروك، منكر الحديث، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش [التهذيب (2/ 590)، الميزان (2/ 632)، الكامل (5/ 285)]، ورواية إسماعيل هنا عن أهل بلده، فالبلية ليست منه، وإنما من شيخه بلديه.
5 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه: عبد الله بن محمد العدوي [متروك، منكر الحديث، رماه وكيع بالوضع]، وحمزة بن حسان [مجهول]، وحماد بن سلمة [ثقة إمام؛ لكن لا يثبت عنه]، وسفيان بن سعيد الثوري [ثقة متقن، إمام حجة، لكنه ليس من حديثه].
رواه أربعتهم: عن علي بن زيد بن جدعان [ضعيف]، عن سعيد بن المسيب، عن
جابر بن عبد الله، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تُشغَلوا، وَصِلُوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية؛ تُرزَقوا وتُنصَروا وتُجْبَروا، واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، من عامي هذا، إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي، وله إمامٌ عادلٌ أو جائرٌ، استخفافًا بها، أو جحودًا لها، فلا جمع الله له شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاةَ له، ولا زكاةَ له، ولا حَجَّ له، ولا صومَ له، ولا بِرَّ له، حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه، ألا لا تَؤُمَّنَّ امرأةٌ رجلًا، ولا يؤُمَّ أعرابيٌّ مهاجرًا، ولا يؤُمَّ فاجرٌ مؤمنًا، إلا أن يقهره بسلطان، يخاف سيفه وسوطه".
وهو حديث منكر؛ قاله أبو حاتم، وقد تقدم تخريجه مفصلًا تحت الحديث رقم (590)، الشاهد الثاني مما يحتج به في بابه، وقد روي أيضًا من غير حديث جابر.
6 -
حديث عقبة بن عامر:
أ - رواه أبو صالح عبد الله بن صالح: حدثني الليث، عن أبي قبيل المعافري، قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلاك أمتي في الكتاب واللبن"، فقيل: يا رسول الله! ما الكتاب واللبن؟ قال: "يتعلمون القرآن، ويتأولونه على غير ما أنزله الله صلى الله عليه وسلم، ويحبون اللبن، وَيدَعون الجماعات والجُمَع، ويُبدون".
قال أبو قبيل: "لم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث".
وفي رواية: "أخوف ما أخاف على أمتي الكتاب واللبن، فأما اللبن: فينتجعه أقوام لحبه، ويتركون الجماعات والجمعات، وأما الكتاب فيفتح لأقوام يجادلون به الذين آمنوا".
أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 293)، والطبراني في الكبير (17/ 295/ 815)، والبيهقي في الشعب (3/ 104/ 3009)(5/ 336/ 2749 - ط. الأوقاف القطرية)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 1201/ 2361).
وهذا إسناد مصري جيد؛ لأجل ما قيل في كاتب الليث عبد الله بن صالح، وأما أبو قبيل المعافري، حيي بن هانئ بن ناضر المصري: فقد وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأحمد بن صالح والعجلي ويعقوب بن سفيان والدارقطني، وقال أبو حاتم:"صالح الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، فكان ماذا؛ إنما هو: ثقة، وهل يسلم من الخطأ أحد؟! [التهذيب (1/ 510)، سؤالات السلمي (115)].
ب - ورواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ [ثقة، وهو صحيح السماع من ابن لهيعة]: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، قال: لم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث.
قال ابن لهيعة: وحدثنيه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هلاك أمتي في الكتاب واللبن"، قالوا:
يا رسول الله! ما الكتاب واللبن؟ قال: "يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله، ويحبون اللبن؛ فيدعون الجماعات والجمع، ويُبدون".
وفي رواية: حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي: حدثني أبو قبيل حيي بن هانئ المعافري، قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يقول:
…
فذكره مرفوعًا، ثم قال: قال أبو قبيل: ولم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث.
ورواه حسن بن موسى [الأشيب، وهو: ثقة]، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا أبو قبيل، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أخاف على أمتي الكتاب واللبن"، قال: قيل: يا رسول الله! ما بال الكتاب؟ قال: "يتعلمه المنافقون ثم يجادلون به الذين آمنوا"، فقيل: وما بال اللبن؟ قال: "أناس يحبون اللبن، فيخرجون من الجماعات، ويتركون الجمعات".
وتابعهما أيضًا على حديث أبي قبيل: عبد الله بن وهب، وسعيد بن أبي مريم، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [وهم ثقات]، عن ابن لهيعة به.
أخرجه أحمد في المسند (4/ 146 و 155)، وفي العلل (3/ 451 و 452/ 5917/ و 5918)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (151)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 293)، وأبو يعلى (3/ 285/ 1746)، والروياني (239)، والطبراني في الكبير (17/ 296/ 816)، وابن بطة في الإبانة (6/ 142/ 417 و 418)، وأبو نعيم في صفة النفاق (145 و 146)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (319)، والبيهقي في الشعب (3/ 154/ 3009)(5/ 336/ 2749 - ط. الأوقاف القطرية). وابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 1199/ 2359)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (206).
وابن لهيعة: ضعيف، وحديثه صالح في المتابعات والشواهد.
ج - ورواه زيد بن الحباب [ثقة]: حدثني أبو السمح: حدثني أبو قبيل؛ أنه سمع عقبة بن عامر، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني أخاف على أمتي اثنتين: القرآن واللبن، أما اللبن: فيبتغون الرِّيف، ويتبعون الشهوات، ويتركون الصلوات، وأما القرآن: فيتعلمه المنافقون فيجادلون به المؤمنين".
أخرجه أحمد (4/ 156)(7/ 3880/ 17693 - ط. المكنز)(23/ 636/ 17421 - ط. الرسالة).
* هكذا وقع في المسند [وكذا نقله ابن كثير في تفسيره (3/ 129)، وفي جامع المسانيد (4/ 538/ 7672 - ط. الدهيش). وابن حجر في الإتحاف (11/ 236/ 13956)، والهيثمي في غاية المقصد (1/ 116/ 262)، والبوصيري في إتحاف الخيرة (6/ 344/ 5989)]؛ لكن رواه أبو بكر بن محمد بن أحمد المعروف ببكير بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا معاوية بن صالح، قال: حدثني أبو السمح، قال: حدثنا أبو قبيل؛ أنه سمع عقبة بن عامر بنحوه مرفوعًا، وقدم فيه وأخر.
أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم (2/ 1201/ 2362).
قلت: وهذه الرواية وهمٌ، بزيادة معاوية بن صالح في الإسناد، وراويها عن عبد الله بن أحمد هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن سهل بن عبد الرحمن بن رزق الله بن أيوب، أبو بكر المعروف ببكير الحداد، بغدادي سكن مكة، قال الخطيب:"كان ثقة"[تاريخ بغداد (4/ 364)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (1/ 473)]، وأما الرواية المحفوظة فيرويها أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، راوي المسند عن عبد الله بن أحمد، وهو ثقة، تكلِّم فيه بكلام لا يقدح فيما رواه من المسند [انظر: سؤالات السلمي (14)، تاريخ بغداد (4/ 73)، السير (16/ 210)، اللسان (1/ 418)]؛ إلا ما ظهر لنا فيه بالدلائل القوية أنه أخطأ فيه كحال بقية الثقات، وهذا الحديث قد رواه على الوجه الصحيح، بدليل أنه مروي من غير طريق المسند بدون ذكر معاوية:
* فقد رواه عن زيد بن الحباب بدون ذكر معاوية بن صالح في الإسناد:
علي بن المديني، وأبو كريب محمد بن العلاء [وهما: إمامان ثقتان حافظان]:
روياه عن زيد بن الحباب: ثنا أبو السمح: حدثنا أبو قبيل، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره بمعناه.
أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (615)[وتحرف فيه زيد بن الحباب، إلى: يزيد بن الحارث]. والطبراني في الكبير (17/ 297/ 818).
وقد فصلت الكلام في سلسلة دراج عن أبي الهيثم في تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (32)، وتكلمت أيضًا على ترجمة دراج أبي السمح عند الحديث السابق في السُّنن برقم (901).
ومما قلت في الموضع الأخير: فإن ما رواه دراج مما توبع على أصله، فهو مقبول، وحديثه حسن، وما انفرد به مما لم يتابع عليه فهو منكر مردود، والله أعلم.
د - ورواه أحمد بن صالح [المصري: ثقة حافظ]، وأبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي [ابن بنت شرحبيل: صدوق]، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب [أكثر عن عمه، وهو صدوق تغير بآخره، كان مستقيم الأمر، ثم خلَّط بعدُ فحدَّث بما لا أصل له، حتى رمي بالكذب. وانظر: ما تقدم برقم (148 و 714 و 829 و 1024)]:
عن ابن وهب، عن مالك بن الخير [الزبادي]، عن أبي قبيل، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن"، قال عقبة: فقلت: ما أهل الكتاب يا رسول الله؟ قال: "قوم يتعلمون كتاب الله يجادلون به الذين آمنوا"، قال: فقلت: فما أهل اللبن يا رسول الله؟ قال: "قوم يلزمون الشهوات، ويضيعون الصلوات".
أخرجه الحاكم (2/ 374)، والروياني (240)، والطبراني في الكبير (17/ 296/ 817)، والبيهقي في الشعب (3/ 87/ 2964)(5/ 300/ 2703 - ط. الأوقاف القطرية).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
قلت: وهو كما قال، هو إسناد مصري صحيح؛ رجاله ثقات مشهورون، ومالك بن الخير الزَّبَادي: روى عنه جماعة من ثقات المصريين وغيرهم، سمع أبا قبيل وغيره من التابعين، وقال أحمد بن صالح:"ثقة"، وقال أحمد بن سعد بن الحكم ابن أبي مريم [ثقة، له سؤالات عن ابن معين]: "شيخ، لا بأس به"، وقال الحاكم:"مالك بن خير الزبادي: مصري ثقة، وأبو قبيل: تابعي كبير"، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه (12/ 178/ 5356)، وأخرج له الضياء في المختارة (8/ 361)، وقال الدارقطني:"من تابعي أهل مصر"، وتابعه على ذلك جماعة، وقد ردَّ هذا القول ابنُ ناصر الدين، ولقد قصر ابن القطان في البحث عن ترجمته، فلم يقف على أقوال المعدِّلين له، فقال في بيان الوهم:"وهو ممن لم تثبت عدالته"، والذهبي مع كونه لم يقف على توثيق من وثقه، لكنه لم يجد في حديثه ما يستنكر، فقال:"محله الصدق"، وقد حسن حديثه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 434)، والله أعلم [التاريخ الكبير (7/ 312)، الجرح والتعديل (8/ 208)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 442/ 1094)، الثقات (7/ 460)، المؤتلف للدارقطني (1/ 381) و (3/ 1135)، المستدرك (1/ 122)، شيوخ عبد الله بن وهب (92)، الأنساب (3/ 127)، بيان الوهم (4/ 31/ 1451)، التوضيح (4/ 325)، التعجيل (989)، اللسان (6/ 439)].
هكذا رواه عن أبي قبيل موصولًا، عن عقبة بن عامر به مرفوعًا:
الليث بن سعد، ومالك بن خير الزبادي، وابن لهيعة، ودراج أبو السمح.
* وخالفهم فأرسله:
بكر بن مضر [ثقة]، فرواه عن أبي قبيل؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أتخوَّف على أمتي اللبن والكتاب"، قالوا: يا رسول الله! ما بال الكتاب؟ قال: "يتعلمه المنافقون فيجادلون به الذين آمنوا"، قالوا: فاللبن؟ قال: "يُضاع فيه الصلوات، ويُتَّبع فيه الشهوات".
أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (265)، بإسناد صحيح إلى بكر.
قلت: رواية الوصل أولى، فهي زيادة من الثقة الثبت الإمام: الليث بن سعد، وتابعه على ذلك ثلاثة، ورواية الجماعة أبعد عن الوهم من الواحد، هذا من وجه:
* ومن وجه آخر: فقد رواه ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عقبة بن عامر، ثم أعقبه بقوله: وحدثنيه يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكره.
وهذا إسناد جيد في المتابعات، وقد اتفق الشيخان على إخراج عدة أحاديث بهذه الترجمة: يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، عن عقبة بن عامر الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إسناد مصري صحيح انفرد به أحد أعلام مصر المكثرين - على ضعفه -: عبد الله بن لهيعة.
* والحاصل: فإن حديث عقبة بن عامر هذا: حديث صحيح، والله أعلم.
7 -
حديث جابر بن عبد الله:
روى كامل بن طلحة، وسعيد بن أبي مريم:
ثنا ابن لهيعة: ثنا معاذ بن محمد الأنصاري، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعةُ يومَ الجمعةِ؛ إلا مريضٌ، أو مسافرٌ، [زاد ابن أبي مريم: أو امرأة]، أو صبيٌّ، أو مملوكٌ، ومن استغنى عنها بلهو أو تجارةٍ استغنى الله عنه، والله غني حميد".
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 432)، والدارقطني (2/ 3)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 266)، والبيهقي في السُّنن (3/ 184)، وفي الشعب (3/ 1305/ 301)(5/ 339/ 2753 - ط. الأوقاف القطرية).
ومعاذ بن محمد الأنصاري هذا ليس هو الذي يروي عن الأوزاعي، وترجم له العقيلي في الضعفاء (4/ 202)، فإن صاحب الترجمة متقدم في الطبقة على الراوي عن الأوزاعي، والذي يظهر لي أنه هو المترجم له في التهذيب: معاذ بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب، خلافًا لما ذهب إليه ابن حجر في اللسان من التفريق بينهما، وهما رجل واحد، يروي عنهما ابن لهيعة [انظر: سنن ابن ماجه (2637)، غريب الحديث للحربي (1/ 38 و 39)، الديات لابن أبي عاصم (162 و 163)، مسند أبي يعلى (6700 و 6702 و 6705)، معجم الطبراني الكبير (6276)، الثقات (9/ 177)، تاريخ الإسلام (9/ 620)، التهذيب (4/ 100)، اللسان (8/ 95)].
وعليه: فإن معاذ بن محمد الأنصاري هذا: روى عنه جماعة، وقال ابن المديني:"مجهول"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"معاذ بن محمد الأنصاري: منكر الحديث"، ثم أسند له هذا الحديث، ثم قال:"ومعاذ هذا: غير معروف، وابن لهيعة يحدث عن أبي الزبير عن جابر بنسخة، وهذا رواه عن معاذ بن محمد عن أبي الزبير، ومعاذ: لا أعرفه إلا من هذا الحديث"، قلت: هو كما قالا؛ غير معروف، وله أحاديث يسيرة تدل على جهالته، وأنه لم يكن معروفًا بالطلب، وفي بعض ما روى نكارة، لا سيما مع تفرده بهذا الحديث عن أبي الزبير المكي.
وهذا الحديث قد ضعفه: ابن عساكر (4/ 642 - البدر). وعبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 101)، وابن القطان في بيان الوهم (3/ 399/ 1140)، والنووي في المجموع (4/ 404)، وفي الخلاصة (2656)، وابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 69)، وابن الملقن في البدر المنير (4/ 642)، وابن حجر في الدراية (1/ 216).
فهو حديث منكر؛ تفرد به عن أبي الزبير: معاذ بن محمد الأنصاري، وهو: مجهول، وله ما ينكر، والمتفرد به عنه: ابن لهيعة، وهو: ضعيف.
* فإن قيل: لم يتفرد به الأنصاري:
* فقد رواه أبو أحمد بن عدي، قال: كتب إليَّ الحسين بن محمد الآبسكوني وأنا ببغداد: حدثنا محمد بن بندار أبو عبد الله السباك: حدثنا أحمد بن أبي طيبة: حدثنا أبو طيبة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدخلنَّ امرأتَه الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة؛ إلا عبدًا أو صبيًا أو امرأةً أو مريضًا، ومن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد".
أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (191).
فيقال: إن طرفه الأخير إنما هو من حديث الأنصاري، وهذه متابعة لا يُعوَّل عليها، أبو طيبة عيسى بن سليمان بن دينار الدارمي: ضعفه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، وقد تفرد عن الأعمش وغيره بأحاديث مناكير، منها ما أورده ابن أبي حاتم في العلل، وحكم عليه أبو حاتم بالوضع، والبلية فيه عندي من أبي طيبة هذا، وأبو طيبة يروي عن أبي الزبير بواسطة ابن أبي ليلى، وقد ساق ابن عدي له ثلاثة أحاديث عن ابن أبي ليلى، اثنان منها عنه عن أبي الزبير عن جابر، ثم قال:"وهذه الأحاديث عن ابن أبي ليلى: غير محفوظة"، كما ساق له أحاديث منكرة تفرد بها عن الأعمش، وأحاديث أخرى تفرد بها عن كرز بن وبرة، ثم قال:"وهي كلها غير محفوظة، وأبو طيبة هذا كان رجلًا صالحًا، ولا أظن أنه كان يتعمد الكذب، ولكن لعله كان يشتبه عليه فيغلط"[الكامل (5/ 256) (8/ 253 - ط. الرشد)][العلل (1/ 266/ 783)، الثقات (7/ 234)، اللسان (6/ 264)].
وابنه أحمد بن أبي طيبة: قال أبو حاتم: "يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخليلي:"ثقة، يتفرد بأحاديث"، وقال ابن عدي:"حدث بأحاديث أكثرها غرائب"، ووقفت له على أوهام عن مالك وغيره [التهذيب (1/ 30)، علل الدارقطني (9/ 184/ 1706) و (10/ 128/ 1915) و (15/ 96/ 3863)، الإرشاد (2/ 789)، تفسير ابن كثير (2/ 263)].
ومحمد بن بندار أبو عبد الله السباك الجرجاني: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات (9/ 138)، تاريخ جرجان (631)، طبقات الحنابلة (1/ 287)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (8/ 209)].
والحسين بن محمد الآبسكوني: قال عنه السمعاني في الأنساب: "روى عنه أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ على سبيل الإجازة والكتابة"، قلت: ولم أقف على روايته عنه في الكامل [تاريخ جرجان (275)، الأنساب (1/ 57)].
* وهذا الحديث يرويه جماعة عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا بدون موضع الشاهد في الجمعة: بل في دخول الحمام، وفي الخمر، وفي الخلوة بالأجنبية، مطولًا ومختصرًا، بألفاظ متقاربة.
أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 198/ 401)، وفي الكبرى (6/ 256 - 257/ 6708)، والدارمي (2/ 153/ 2092)، وابن خزيمة (1/ 124/ 249)، والحاكم (1/ 162) و (4/ 288)، وأحمد (3/ 339)، والبزار (1/ 162/ 320 - كشف)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 312)(1/ 334 - ط. الصميعي)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (820 و 821)، والطبراني في الأوسط (1/ 213/ 688) و (2/ 195/ 1694) و (3/ 69/ 2510) و (8/ 141/ 8214)، وابن عدي في الكامل (3/ 97)، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي في الأول من فوائده "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (81)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 183)، والدارقطني في الثاني من الأفراد (12)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (50)(2206 - المخلصيات)، وابن بشران في الأمالي (189)، والبيهقي في الشعب (5/ 12/ 5596)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/ 244 و 245)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (27)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (1/ 525/ 335)، وأبو طاهر السلفي في السادس من المشيخة البغدادية (41)(592 - ط. الرسالة). وفي الخامس عشر من المشيخة البغدادية (24)(1341 - ط. الرسالة). وابن الجوزي في العلل المتناهية (556).
* وله طريق أخرى عن جابر، وإسنادها ضعيف [أخرجه الترمذي (2801)، وأبو يعلى (3/ 435/ 1925)، والطبراني في الأوسط (1/ 186/ 588)، وابن عدي في الكامل (2/ 315)، وقال الترمذي: "حسن غريب"].
وروي موضع الشاهد في الجمعة أيضًا من حديث: أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وابن عباس، ومرسل محمد بن كعب القرظي:
أ - أما حديث أبي سعيد:
فيرويه علي بن يزيد بن سليم الأكفاني [الصدائي]، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليسْعَ إلى الجمعة، ومن استغنى عنها بلهو وتجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد".
أخرجه البزار (1/ 161/ 318 - كشف)، والطبراني في الأوسط (7/ 218 - 219/
7320).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن فضيل بن مرزوق إلا علي بن يزيد، تفرد به: محمد بن حرب".
قلت: تابع محمد بن حرب [الواسطي النشائي: ثقة] عليه: الحسين بن علي بن يزيد [الصدائي: صدوق] عند البزار.
وهو حديث منكر؛ فإن الشأن في تفرد علي بن يزيد الأكفاني، قال فيه أحمد: "ما
كان به بأس"، وقال أبو حاتم: "ليس بقوي، منكر الحديث عن الثقات"، وقال ابن عدي: "أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات، إما أن يأتي بإسناد لا يتابع عليه، أو بمتن عن الثقات منكر، أو يروي عن مجهول، وأحاديثه غرائب، وعامة ما يرويه مما لا يتابع عليه"، وذكره ابن حبان في الثقات [الكامل (8/ 149 - ط. الرشد). الميزان (3/ 162)، التهذيب (3/ 199)]، وعطية بن سعد العوفي: ضعيف الحفظ [انظر: التهذيب (3/ 114)، الميزان (3/ 79)].
ب - وأما حديث أبي هريرة:
فيرويه عبد العظيم بن رغبان الحمصي: ثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة؛ إلا عبدًا أو امرأةً أو صبيًا، ومن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد".
أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 354/ 7710).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد المقبري إلا أبو معشر، تفرد به: عبد العظيم بن حبيب".
قلت: هو حديث منكر؛ عبد العظيم بن حبيب بن رَغْبان: ليس بثقة، روى عن مالك ما ليس بحديثه [انظر: اللسان (5/ 223)]، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن: ضعيف.
ج - وأما حديث ابن عباس:
فيرويه الهيثم بن خالد: ثنا حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأبلي: ثنا شعبة، ومسعر، قالا: ثنا أبو السفر: ثنا ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "جددوا الإيمان في قلوبكم، من كان على حرام حول منه إلى غيره، ومن أحسن من محسن وقع ثوابه على الله، ومن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشرًا، وملائكته عشرًا، ومن دعا بدعوات ليست بإثم ولا قطيعة رحم استجيب له، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة؛ إلا أن تكون امرأةً أو عبدًا أو صبيًا أو مسافرًا، ومن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد".
أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 508/ 2887 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 241)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 232).
قال الدارقطني: "غريب من حديث مسعر عنه، تفرد به أبو إسماعيل الأبلي حفص بن عمر بن ميمون، ولا نعلم حدث به عنه غير الهيثم بن خالد بهذا الإسناد، ورواه شعبة ومالك بن مغول، عن أبي السفر سعيد بن أحمد، وهو غريب من حديثهما عنه، تفرد به أبو إسماعيل الأبلي عنهما".
قال أبو نعيم: "تفرد به الهيثم، عن حفص، عن مسعر، وأبو السفر اسمه: سعيد بن يُحمِد".
قلت: هو حديث باطل؛ حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأبلي: متروك،