الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
214 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة
1060 -
. . . حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن نافع؛ أن ابن عمر نزل بضَجْنانَ في ليلةٍ باردةٍ، فأمر المنادي فنادى أنِ: الصلاةُ في الرِّحال.
قال أيوب: وحدثنا نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كانت ليلةٌ باردةٌ أو مطيرةٌ، أمر المنادي فنادى:"الصلاةُ في الرِّحال".
حديث صحيح
أخرجه الدارمي (1/ 328/ 1275)، وأبو عوانة (1/ 362/ 1306)، وابن خزيمة (9/ 30/ 10334 - إتحاف)، وابن حبان (5/ 433/ 2077).
رواه عن حماد بن زيد: محمد بن عبيد الطنافسي، وسليمان بن حرب، وأحمد بن عبدة الضبي [وهم ثقات].
***
1061 -
. . . إسماعيل، عن أيوب، عن نافع، قال: نادى ابن عمر بالصلاة بضَجْنانَ، ثم نادى أنْ: صلوا في رحالكم، قال فيه: ثم حدَّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة، ثم ينادي أن:"صلوا في رحالكم"، في الليلة الباردة، وفي الليلة المطيرة في السفر.
قال أبو داود: ورواه حماد بن سلمة، عن أيوب، وعبيد الله، قال فيه: في السفر في الليلة القرَّةِ، أو المطيرةِ.
حديث صحيح
أخرجه ابن خزيمة (3/ 78/ 1655)، وأحمد (2/ 4)، وأبو العباس السراج في مسنده (1459)، والدارقطني في العلل (13/ 204/ 3093).
رواه عن إسماعيل بن علية: مؤمَّل بن هشام، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن منيع، وزياد بن أيوب، وعمرو بن زرارة بن واقد الكلابي النيسابوري [وهم ثقات حفاظ]، والحسن بن عرفة [صدوق].
وهذه الزيادة التي أتى بها ابن علية، وهي قوله:"في السفر": زيادة محفوظة؛ فإن ابن علية من أثبت الناس في أيوب، وقد قدمه بعضهم في أيوب على حماد بن زيد [انظر: شرح العلل (2/ 700)]، وقد تابعه عليها سفيان الثوري، وعبد الوهاب الثقفي، وحماد بن سلمة.
• وقد رواه أحمد بن حنبل، والحميدي، والشافعي [وهم أئمة حفاظ، أثبت أصحاب ابن عيينة]، ومحمد بن الصباح، وعبد الرزاق بن همام، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي [وهم ثقات]، وأحمد بن أبان القرشي [ذكره ابن حبان في الثقات، وله مناكير. انظر ترجمته تحت الحديث رقم (652)]:
عن سفيان بن عيينة، قال: ثنا أيوب، عن نافع؛ أن ابن عمر أقام الصلاة بضجنان في ليلةٍ مطيرةٍ، ثم قال: صلوا في رحالكم، كان صلى الله عليه وسلم يأمر مناديه في الليلة المطيرة، أو الليلة الباردة ذات الريح، فينادي:"ألا صلوا في رحالكم".
أخرجه ابن ماجه (937)، وابن خزيمة (3/ 78/ 1655)، وأحمد (2/ 10)، والحميدي (700)، والشافعي في الأم (1/ 155)، وفي السُّنن (37)، وفي المسند (53)، وعبد الرزاق (1/ 494/ 1902)، والبزار (12/ 94/ 5572)، والدارقطني في العلل (13/ 203/ 3093)، وابن حزم في المحلى (3/ 162)، والبيهقي في المعرفة (2/ 347/ 1444)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 353/ 799)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
وقوله: أن ابن عمر أقام الصلاة؛ يمكن حمله على دخول وقت الصلاة، وأمر ابن عمر المؤذن ليؤذن للصلاة، إقامة لها، وامتثالًا لقوله تعالى:{فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103].
• وروى محمد بن يوسف الفريابي، وعبيد الله بن موسى، ومعاوية بن هشام القصار [وهم ثقات]: عن سفيان [هكذا مهملًا، وعادتهم إذا قالوا: سفيان مهملًا، أرادوا به الثوري، فإذا رووا عن ابن عيينة نسبوه]، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى في ليلة مطيرة ذات رياح باردة أن: "صلوا في رحالكم".
زاد عبيد الله بن موسى، ومعاوية بن هشام: في السفر.
أخرجه عبد بن حميد (767)، والبزار (12/ 183/ 5834)، وأبو العباس السراج في مسنده (1460)، والدارقطني في العلل (13/ 204/ 3093).
• وروى عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وحماد بن سلمة [وهما ثقتان من أصحاب أيوب]:
حدثنا أيوب، عن نافع، أن ابن عمر نادى بالصلاة بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، ثم حدَّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالمنادي فينادي بالصلاة، ثم يأمره أن ينادي أن:"صلوا في رحالكم"، في الليلة الباردة، أو الليلة المطيرة، في السفر. وقال حماد بن سلمة: في الليلة القرّة أو المظلمة، وفي رواية: أو المطيرة.
أخرجه أبو جعفر بن البختري في المنتقى من السادس عشر (24)(693 - مجموع مصنفاته). والدارقطني في العلل (13/ 203 و 204/ 3093)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (248).
° هكذا روى هذا الحديث: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة،
وسفيان الثوري، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وحماد بن سلمة:
عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر به مرفوعًا.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
• وروى أبو عون محمد بن أحمد بن حفص: ثنا عبدان [عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي: ثقة حافظ]: أخبرني أبي [ثقة]: ثنا شعبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر في ليلة ذات ظلمة وريح [وقال مرة: ذات ظلمة وردغ]، أو ظلمة وبرد، أو ظلمة ومطر، فنادى مناديه أن:"صلوا في رحالكم".
أخرجه البيهقي (3/ 70 - 71 و 158)، بإسناد صحيح إلى أبي عون.
قلت: ولم أظفر لأبي عون هذا بترجمة إلا ما وجدته في الأنساب (2/ 203)، حيث قال:"وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حفص الحرشي، والد أبي عمرو من أهل نيسابور، كان من أعيان الفقهاء والمزكين"، وذكر روايته عن عبدان، وقال:"وتوفي في رجب سنة ثلاث وستين ومائتين"، ونعته الذهبي في السير (12/ 616) بالإمام المفتي الفقيه، وقال:"برع في الفقه"، وترجم له أيضًا في تاريخ الإسلام (6/ 389 - ط. الغرب).
فإن يكن هو؛ فهو غريب جدًّا من حديث شعبة، ولا أُراه يثبت عنه، والله أعلم.
***
1062 -
. . . عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه نادى بالصلاة بضَجْنانَ في ليلةٍ ذاتِ بردٍ وريحٍ، فقال في آخر ندائه: ألا صلُّوا في رحالكم، ألا صلوا في الرِّحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذِّنَ إذا كانت ليلة باردةٌ، أو ذاتُ مطرٍ، في سفرٍ، يقول:"ألا صلوا في رحالكم".
حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (632)، ومسلم (697/ 23 و 24)، وأبو عوانة (1/ 361/ 1302 - 1304) و (2/ 76/ 2379) و (2/ 77/ 2380)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 287/ 1561)، وابن خزيمة (3/ 78/ 1655)، وابن حبان (5/ 436/ 2080)، وأحمد (2/ 53 و 103)، وبقي بن مخلد في مسنده (9/ 216/ 10928 - إتحاف المهرة)(5/ 605/ 2823 - بيان الوهم)، والبزار (12/ 94/ 5571)، وأبو العباس السراج في مسنده (1458)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 143/ 1917)، والمحاملي في الأمالي (79 - رواية ابن مهدي الفارسي)، وأبو جعفر بن البختري في المنتقى من السادس عشر (24)(693 - مجموع مصنفاته)، والطبراني في الأوسط (7/ 59/ 5 684)، والدارقطني في العلل (13/ 203/ 3093)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (248)، وابن حزم في المحلى (4/ 204)، والبيهقي (1/ 398) و (3/ 70)، والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 275)،
والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 798/352)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
رواه عن عبيد الله بن عمر العمري: أبو أسامة حماد بن أسامة [واللفظ له]، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن سعيد القطان، وحماد بن مسعدة، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وعبدة بن سليمان، وحماد بن سلمة، وعلي بن مسهر، وعبد الرحيم بن سليمان، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي [وهم ثقات]، وسليمان بن كثير العبدي [لا بأس به؛ إلا في الزهري]، وأبو بحر عبد الرحمن بن عثمان [البكراوي: ضعيف].
زاد ابن نمير [عند مسلم]: في ليلة ذات برد وريح ومطر، والباقي مثل حديث أبي أسامة، ولفظ حديث القطان [عند البخاري، وبنحوه عند أحمد]: أذَّن ابنُ عمر في ليلةٍ باردةٍ بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، فأخبرنا أن رسول الله كان يأمر مؤذِّنًا يؤذن، ثم يقول على إثره:"ألا صلوا في الرحال"، في الليلة الباردة، أو المطيرة، في السفر [وبنحوه عند ابن خزيمة، وقال في آخره: كان يفعل ذلك في الليلة المطيرة والباردة، في السفر][ورواه البزار عن عمرو بن علي الفلاس، عن يحيى به، وقال في آخره: في دبر الأذان، وهي لفظة محفوظة، وهي معنى حديث مسدد عن يحيى عند البخاري حيث قال: على إثره، لكن هذه اللفظة أصرح في كون الزيادة في دبر الأذان].
وقال الطنافسي في آخره [عند أحمد وأبي عوانة]:
…
إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر، أو ذات ريح، في السفر:"ألا صلوا في الرحال".
وقال عبدة بن سليمان: في الليلة المطيرة أو الباردة.
وشذ علي بن مسهر [عند بقي بن مخلد]، فقال في آخره: حتى إذا فرغ من أذانه، قال: نادِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا جماعة، صلوا في الرحال"، والمحفوظ: بدون لفظة: "لا جماعة"، فإن الإمام يصلي في المسجد بمن حضر معه، وقوي على تحمل المشقة، كما يدل عليه حديث ابن عباس الآتي برقم (1066).
وشذ أيضًا سليمان بن كثير [عند المحاملي والخطيب]، فقال فيه: حتى إذا قال: حي على الصلاة، نادى أن:"صلوا في رحالكم"، والمحفوظ في حديث ابن عمر: أنه قالها في آخر ندائه، بعد فراغه من الأذان.
***
1063 -
. . . مالك، عن نافع؛ أن ابن عمر - يعني - أذَّن بالصلاة في ليلةٍ ذاتِ بردٍ وريحٍ، فقال: ألا صلوا في الرِّحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرُ المؤذِّنَ إذا كانت ليلةٌ باردةٌ، أو ذاتُ مطرٍ، يقول:"ألا صلُّوا في الرِّحال".
حديث متفق على صحته
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 189/121).
ومن طريقه: البخاري (666)، ومسلم (22/ 697)، وأبو عوانة (1/ 361/ 1301) و (2/ 77/ 2381)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 287/ 1560)، وأبو داود (1063)، والنسائي في المجتبى (2/ 15/ 654)، وفي الكبرى (2/ 242/ 1630)، وابن حبان (5/ 434/ 2078)، وأحمد (2/ 63)، والشافعي في الأم (1/ 88 و 155)، وفي السُّنن (36)، وفي المسند (33 و 53)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (63)، والجوهري في مسند الموطأ (646)، والبيهقي في السُّنن (3/ 70)، وفي المعرفة (1/ 427/ 562) و (2/ 346/ 1443)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 270)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 351/ 797)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
رواه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي [وهذا لفظه عند أبي داود، ولفظه في الموطأ (105): إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، وعبد الله بن يوسف التنيسي [وقال: إذا كانت ليلة ذاتُ بردٍ ومطرٍ]، ويحيى بن يحيى النيسابوري [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، وعبد الرحمن بن مهدي [وقال: إذا كانت ليلة ريح وبرد في سفر]، وقتيبة بن سعيد [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، والشافعي [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، ويحيى بن يحيى الليثي (189) أوقال: إذا كانت ليلة باردةٌ ذاتُ مطر]، وأبو مصعب الزهري (196) [وقال: إذا كانت ليلة ذاتُ مطر]، وعبد الله بن وهب [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، وإسماعيل بن موسى الفزاري [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر]، وسويد بن سعيد الحدثاني (75) [وقال: إذا كانت ليلة باردةٌ ذاتُ مطر أن يُصلُّوا في الرحال]، ومحمد بن الحسن الشيباني (187) [وقال: إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر].
° هكذا روى هذا الحديث عن نافع ثلاثة من أثبت الناس فيه:
أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر العمري، ومالك بن أنس.
وتابعهم:
1 -
موسى بن عقبة [مدني ثقة فقيه]، عن نافع، عن ابن عمر، أنه وجد ذات ليلةٍ بردًا شديدًا، فأذَّن مَن معه، فصلوا في رحالهم، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مثل هذا أمر الناس أن يصلوا في رحالهم.
أخرجه ابن حبان (5/ 432/ 2076)، والبزار (12/ 94/ 5573).
وهذا إسناد مدني صحيح، على شرط الشيخين.
2 -
عمر بن محمد بن زيد [مدني، ثقة]، عن نافع؛ أن ابن عمر نادى بالعشاء وهو بضجنان - وهو من مكة على بريدين -، في ليلة باردة، ثم ينادي أن: صلوا في رحالكم، ثم أخبرهم ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مناديه فينادي بالصلاة، ثم ينادي في إثرها أن:"صلوا في رحالكم"، في الليلة الباردة، والليلة المطيرة.
أخرجه أبو عوانة (1/ 361/ 1305) و (2/ 77/ 2384)، وابن وهب في الجامع (484)، والطبراني في الأوسط (7/ 228/ 7348).
وهذا إسناد مدني صحيح، على شرط الشيخين.
3 -
زيد بن محمد بن زيد [مدني، ثقة] عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا كان في السفر في الليلة الباردة، أو الليلة المطيرة؛ فينادي بالصلاة صلاة العشاء، ثم ينادي: ألا صلوا في رحالكم، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك في الليلة الباردة والليلة المطيرة.
أخرجه أبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (57)، بإسناد لا بأس به إلى زبد.
وهذا إسناد مدني صحيح، على شرط مسلم.
4 -
الليث بن سعد [مصري، ثقة، ثبت، إمام]، عن نافع؛ أن ابن عمر وجد بردًا شديدًا وهو في السفر، فأمر المؤذن فأذَّن، وأمر من معه أن يصلوا في رحالهم، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك إذا كان مثل هذا.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1451)، والطحاوي في المشكل (15/ 369/ 6087).
وهذا إسناد صحيح، على شرط الشيخين.
5 -
إسماعيل بن أمية [مكي، ثقة، ثبت، ذكره ابن المديني في الطبقة الثالثة من أصحاب نافع]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر، وكانت ذات ريح أو برد شديد، وأقيمت الصلاة؛ أمر أن يؤذَّن أن:"صلوا في رحالكم".
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1452)، بإسناد صحيح إلى إسماعيل.
وهذا إسناد صحيح، على شرط مسلم.
وقوله: وأقيمت الصلاة؛ يمكن حمله على حضور وقت الصلاة، وقيام المؤذن ليؤذن للصلاة.
6 -
محمد بن عجلان [مدني، صدوق]، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا جاءه مؤذِّنه بالعشاء، في ليلة ذات ربح ومطر؛ أمره أن يتبع أذانه أن:"صلوا في رحالكم".
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1453)، والبزار (12/ 184/ 5835)، والطبراني في الأوسط (1/ 154/ 484).
وهذا إسناد مدني صحيح، استشهد به مسلم.
7 -
صخر بن جويرية [بصري، ثقة]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان في سفر فأصابه برد وريح - أحسبه: ومطر -، فقال: ألا صلوا في رحالكم.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1454).
وهذ موقوف بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
8 -
جويرية بن أسماء [بصري، ثقة]، عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وجد البرد في السفر صلى في رحله، وأمر المؤذنين فأذنوا من معه أن يصلوا في رحالهم، يؤذنون بالصلاة ثم يقولون في آخر ذلك:"صلوا في الرحال" في ليلة المطر.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1457)، بإسناد صحيح إلى جويرية.
وهذا إسناد صحيح، على شرط الشيخين.
9 -
عمر بن نافع [ثقة]، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت الليلة الباردة ذات الريح والمطر، أمر المؤذن أن يؤذن بالصلاة، يقول في آخر أذانه:"الصلاة في الرحال".
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1455)، بإسناد صحيح إلى عمر.
وهذا إسناد مدني صحيح، على شرط الشيخين.
10 -
المعلى بن إسماعيل [ليس بحديثه بأس، صالح الحديث. الجرح والتعديل (8/ 332)، الثقات (7/ 493)، اللسان (8/ 109)]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كانت ريحٌ باردةٌ أو مطرٌ في سفرٍ أمر المنادي فنادى بالصلاة، ثم نادى في أثر النداء:"ألا صلوا في الرحال".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1/ 409/ 713)، بإسناد شامي لا بأس به إلى المعلى، وفي شيخ الطبراني جهالة تحتمل في مثل هذا؛ إن كان تفرد به [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (145)].
وهذا إسناد لا بأس به.
11 -
هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه صلى المغرب في عشية ذات ريح وبرد، فلما قضى المؤذن الإقامة؛ أذن في أصحابه أنِ: الصلاة في الرحال، ثم حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 378/ 1535)، بإسناد دمشقي لا بأس به إلى هشام بن الغاز، وهو: دمشقي ثقة.
وهذا حديث شاذ؛ خالف فيه ثقات أصحاب نافع في موضعين؛ أحدهما: قوله: صلى المغرب، وخالفه في ذلك: عمر بن محمد بن زيد، وأخوه زيد بن محمد، وابن عجلان، وهم ثلاثة مدنيون، فذكروا أن المؤذن أذن بصلاة العشاء، لا المغرب، والموضِع الثاني: قوله: فلما قضى المؤذن الإقامة؛ وأصحاب نافع يقولون: نادى بالصلاة، وأذَّن بالصلاة، وهو صريح في الأذان، لا الإقامة.
(12 - 18) ورواه أيضًا: ابن شهاب الزهري [إمام أهل زمانه في الحفظ والإتقان، لكنه ليس من حديثه؛ ففي الإسناد إليه: زكريا بن عيسى، وهو: منكر الحديث. الجرح والتعديل (3/ 597)، اللسان (3/ 511)]، ويحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة، ثبت، لكن الراوي عنه: سويد بن عبد العزيز، وهو: ضعيف، يروي أحاديث منكرة]، وعبد الله بن عمر [العمري: ليس بالقوي]، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى [ليس بالقوي]، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني [الأكثر على توثيقه، لكن الراوي عنه: ابنه عثمان، وهو: ضعيف، يروي عن أبيه أحاديث منكرة، وشيخ الطبراني: مجهول]، ومطر بن طهمان
الوراق [ضعيف]، والفضل بن عطية [لا بأس به، لكن الراوي عنه: ابنه محمد بن الفضل بن عطية: متروك الحديث، كذاب، روى أحاديث موضوعة]:
عن نافع؛ أن ابن عمر أذن وهو بضجنان، بين مكة والمدينة، في عشية ذات ريح وبرد، فلما قضى النداء قال لأصحابه: ألا صلوا في الرحال، ثم حدَّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك في الليلة الباردة أو المطيرة؛ إذا فرغ من أذانه قال:"ألا صلوا في الرحال"، مرتين. هذا لفظ العمري.
ولفظ مطر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانت ليلةٌ مطيرةٌ أو مظلمةٌ فصلوا في الرحال"، وهو منكر بهذا اللفظ.
أخرجه ابن وهب في الجامع (484)، وعبد الرزاق (1/ 493/ 1901)، وابن أبي شيبة (2/ 43/ 6262)، ولوين في جزء من حديثه (78)، وأبو العباس السراج في مسنده (1456)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(702 و 703)، والطبراني في الأوسط (5/ 235/ 5185)، وفي مسند الشاميين (3/ 330/ 2419)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 449)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 317)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(1043).
***
1064 -
. . . قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"نادى منادي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بذلك في المدينة في الليلةِ المطيرةِ، والغداةِ القرَّةِ".
قال أبو داود: وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال فيه: في السفر.
حديث شاذ
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 71).
هكذا رواه محمد بن سلمة [الباهلي الحراني، وهو: ثقة]، عن ابن إسحاق، فذكر أن ذلك كان بالمدينة.
• وخالفه فجعله في السفر:
يعلى بن عبيد [كوفي، ثقة، يحفظ]: ثنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلةٌ مطيرةٌ في سفرٍ، صلى بنا المغرب، ثم رجعنا إلى رحالنا، فإذا أذَّن مؤذِّنه بالعشاء الآخرة صرخ في دبر تأذينه حين يفرغ:"أيها الناس إنها لا جماعة، فصلوا في رحالكم".
أخرجه عبد بن حميد (744)، قال: ثنا يعلى به.
قلت: وهذه الرواية بذكر السفر أولى بالصواب؛ لكون يعلى بن عبيد أحفظ، ولموافقته في هذه الرواية جماعة الحفاظ من أصحاب نافع الذين رووه بذكر السفر، لكن يبقى أن يقال بأن: رواية ابن إسحاق عن نافع هذه شاذة بهذا السياق، والله أعلم.
وانظر فيمن وهم في إسناده على نافع، فجعله من مسند عمر:
ما أخرجه أبو بكر النجاد في مسند عمر (62)[وفي إسناده: محمد بن عبد الرحمن بن مجبر، وهو: متروك، واهي الحديث. اللسان (7/ 278)].
وأما حديث يحيى بن سعيد الأنصاري:
فيرويه أبو خيثمة زهير بن حرب، وجرير بن عبد الحميد، وأبو الأحوص سلام بن سليم [وهم ثقات أثبات]، وسويد بن عبد العزيز [ضعيف]:
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فكانت ليلة ظلماء أو ليلة مطيرة؛ أذَّن مؤذِّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نادى مناديه أن: "صلوا في رحالكم".
أخرجه ابن "خزيمة (3/ 79/ 1656)، وابن حبان (5/ 439/ 2084)، ولوين في جزء من حديثه (78)، وأبو يعلى (10/ 40/ 5673)، وأبو العباس السراج في مسنده (1456 و 1466 و 1467)، والطبراني في الكبير (12/ 276 / 13102 و 13103).
وهذا إسناد صحيح، ورواية القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن ابن عمر في الصحيحين [البخاري (1042)، مسلم (914)].
لكن قال الدارقطني في العلل (13/ 202/ 3093): "رواه أبو الأحوص سلام بن سليم، وجرير بن عبد الحميد، عن يحيى، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر.
وغيرهما يرويه عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، وهو المحفوظ".
ثم قال بعد أن عدد من رواه من حديث نافع عن ابن عمر: "وهو صحيح من حديث نافع، وقول أبي الأحوص وجرير بن عبد الحميد: عن يحيى عن القاسم بن محمد: غير محفوظ".
قلت: لم أقف على من رواه عن يحيى بن سعيد عن نافع غير سويد، ولم يسمِّ لنا الدارقطني أحدًا ممن رواه على هذا الوجه على عادته في سرد الخلاف، ولو كان مشهورًا من رواية الثقات عن يحيى بن سعيد عن نافع لوصل إلينا، ولو من طريق واحد صحيح، وليس من السهل توهيم ثلاثة من الحفاظ رووه عن يحيى، عن القاسم، عن ابن عمر، لا سيما وقد اعتد بروايتهم أبو داود، ورأى روايتهم محفوظة، وإلا لما استشهد بها، ولو صح عن يحيى الوجه الآخر؛ لقيل بأن ليحيى فيه إسنادين، فإنه ممن يحتمل التعدد في الأسانيد، والله أعلم.
***
1065 -
. . . زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فمُطِرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لِيُصلِّ من شاء منكم في رحله".
حديث صحيح
أخرجه مسلم (698)، وأبو عوانة (2/ 77/ 2382)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 288/ 1562)، والترمذي (409)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 358/ 394)، وابن خزيمة (3/ 1659/ 81)، وابن حبان (5/ 437/ 2082) و (5/ 438/ 2082 م)، وأحمد (3/ 312 و 327 و 397)، وأبو العباس السراج في مسنده (1464 و 1465)، والبيهقي (3/ 71 و 158).
رواه عن أبي خيثمة زهير بن معاوية: أبو نعيم الفضل بن دكين، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو داود الطيالسي، وشبابة بن سوار، وعبيد الله بن موسى، وعاصم بن علي، وعمرو بن مرزوق، وحسن بن موسى الأشيب، ويحيى بن أبي بكير، وأحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني [وهم ثقات]، وغيرهم.
وقد رواه أحد المتروكين فأدخل إسناد حديث جابر على متن حديث ابن عمر:
رواه داود بن الزبرقان، عن محمد بن جحادة، عن أبي الزبير، عن جابر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديه في يوم مطير:"ألا إن الصلا في الرحال".
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 97).
قال ابن عدي: "وهذا عن ابن جحادة لا يرويه أيضًا غير داود".
قلت: هو حديث باطل؛ داود بن الزبرقان: متروك، كذبه الجوزجاني، وليس هو من حديث محمد بن جحادة، إنما هو حديث أبي خيثمة زهير بن حرب، والله أعلم.
***
1066 -
. . . إسماعيل: أخبرني عبد الحميد - صاحب الزيادي -: حدثنا عبد الله بن الحارث - ابنُ عم محمد بن سيرين -، أن ابن عباس قال لمؤذِّنِه في يومٍ مطيرٍ: إذا قلتَ: أشهد أن محمدًا رسولُ الله، فلا تقلْ: حيَّ على الصلاة، قلْ: صلُّوا في بيوتكم، فكأنَّ الناسَ استنكروا ذلك، فقال: "قد فعل ذا مَن هو خيرٌ مني، إن الجمعةَ عَزْمَةٌ، وإني كرهت أن أُحْرِجَكم؛ فتمشون في الطين والمطر.
حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (901)، ومسلم (699/ 26)، وأبو عوانة (1/ 362/ 1308)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 288/ 1563)، وابن خزيمة (3/ 180/ 1865)، والحاكم
(1/ 284)، ولوين في جزء من حديثه (76)، وأبو العباس السراج في مسنده (1462)، وابن حزم في المحلى (4/ 205)، والبيهقي (3/ 185).
رواه عن إسماعيل بن علية: مسدد بن مسرهد، وعلي بن حجر السعدي، ومؤمل بن هشام، ومجاهد بن موسى [وهم ثقات].
وهذا لفظ مسدد عند أبي داود، ولفظه عند البخاري مثله؛ وقال في آخره: وإني كرهت أن أُحْرِجَكم [بالمهملة، مثل أبي داود]؛ فتمشون في الطين والدَّحْض، واختلفت نسخ صحيح مسلم من طريق علي بن حجر، ففي بعضها بالحاء المهملة، وفي بعضها بالمعجمة، وقال: في الطين والدحض، وقال مؤمل [عند ابن خزيمة]: إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أخرجكم؛ فتمشوا في الطين والدحض.
وترجم له ابن خزيمة بقوله: "باب أمر الإمام المؤذنَ بحذف حي على الصلاة، والأمر بالصلاة في البيوت بدله".
ورواه مسدد، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وأبو كامل الجحدري فضيل بن حسين بن طلحة، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود، وسليمان بن حرب، وعفان بن مسلم، وعارم أبو النعمان محمد بن الفضل، ولوين محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]:
عن حماد بن زيد، عن أيوب، وعبد الحميد صاحب الزيادي، وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابن عباس في يوم رَدْغ، فلما بلغ المؤذِّنُ حيَّ على الصلاة، فأمره أن ينادي: الصلاة في الرحال، فنظر القوم بعضهم إلى بعض، نقال:"فعل هذا من هو خيرٌ منه"، وإنها عزمة. لفظ مسدد.
وفي رواية [عند البخاري (668)]: إنها عزمةٌ، وإني كرهت أن أحرجكم، وفي أخرى: كرهت أن أؤثمكم فتجيئون تدوسون الطين إلى ركبكم.
أخرجه البخاري (616 و 668)، ومسلم (699/ 27)، وأبو عوانة (1/ 362/ 1307 و 1309)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 288/ 1564 و 1565)، ولوين في جزء من حديثه (76)، وأبو العباس السراج في مسنده (1461)، والطحاوي في المشكل (15/ 368/ 6086) [ووقع عنده: حماد بن سلمة، وإنما هو: ابن زيد]. والطبراني في الكبير (12/ 208/ 12912)، وابن حزم في المحلى (3/ 162)، والبيهقي (1/ 397) و (3/ 185)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 272).
قال البيهقي: "رواه البخاري في الصحيح عن مسدد، وقال: في يوم رزغ، وهو الوَحَل الشديد، وكذلك الردغ"، قلت: وقع في اليونينية: ردغ، بالدال المهملة، وفي أكثر الروايات: رزغ، بالزاي، كما قال الحافظ في الفتح (2/ 98).
قال أبو عبيد في غريب الحديث (5/ 199): "قال أبو عمرو وغيره: قوله: الرزَغ: هو الطين والرطوبة"، ثم قال في الردغة:"هي الماء والطين والوحَل".
وقال الخطابي في أعلام الحديث (1/ 465): "الرزغة: وحل شديد،
…
، وكذلك الردغة مثل الرزغة".
قال القاضي عياض في المشارق (1/ 19): "كرهت أن أوثمكم: أي: أدخل عليكم الإثم بسبب ما يدخل عليكم من المشقة والحرج، فربما كان مع ذلك السخط وكراهة الطاعة، كما جاء في الحديث الآخر: أحرجكم".
منهم من رواه عن حماد فجمع شيوخه الثلاثة في نسق واحد، ومنهم من فرقهم أسانيد، ومنهم من جمع بين اثنين فقط، أو أفرد واحدًا منهم.
خالفه: وهيب بن خالد [ثقة ثبت]: حدثنا أيوب، عن عبد الله بن الحارث - قال وهيب: لم يسمعه منه -، قال: أمر ابن عباس مؤذنه في يوم جمعة، في يوم مطير، بنحو حديثهم.
أخرجه مسلم (699/ 30).
• لكن عبد الوارث بن سعيد [وهو: ثقة ثبت]، رواه عن أيوب فأثبت سماعه من عبد الله بن الحارث، والمثبت مقدم على النافي:
قال عبد الوارث: قال أيوب: ثنا عبد الله بن الحارث - قال أبو عبيدة [يعني: عبد الوارث] رجلٌ من آل سيرين - قال: قال ابن عباس للمؤذن: إذا بلغت الفلاح فأمسك، ثم قل: صلوا في رحالكم، فنظروا إليه، فقال: كأنكم أنكرتم ما أقول، "قد فعله من هو خير مني"، وإنها عزمة، وإني كرهت أن أوثمكم.
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (1463).
• ورواه أشعث [هو ابن سوار: ضعيف]، عن أيوب السختياني، عن عبد الله بن الحارث، قال: أمر ابن عباس مؤذنه في يوم مطير كثير الطين، فقال: حي على الصلاة حي على الصلاة، فقال: أمسك فإنهما عزمة.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (839).
• وروى النضر بن شميل: أخبرنا شعبة: حدثنا عبد الحميد صاحب الزيادي، قال: سمعت عبد الله بن الحارث، قال: أذَّن مؤذِّن ابن عباس في يوم جمعة في يوم مطير، فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: صلوا في رحالكم؛ فإني كرهتُ أن أحرجكم، "وقد فعله من هو خير مني"، فكرهت أن تمشوا في الدَّحْض والزَّلَل.
أخرجه مسلم (28/ 699)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 289/ 1566)، والبيهقي (3/ 186).
وروى شعبة [وعنه: سعيد بن عامر]، ومعمر بن راشد، وعباد بن عباد المهلبي، وجرير بن عبد الحميد:
عن عاصم بن سليمان الأحول، عن عبد الله بن الحارث؛ أن ابن عباس أمر مؤذنه -
في حديث معمر: في يوم جمعة -، في يوم مطير،
…
بنحو حديثهم، وذكر في حديث معمر:"فعله من هو خير مني" - يعني: النبي صلى الله عليه وسلم -[كذا عند مسلم].
ولفظ معمر [عند عبد الرزاق]: أن ابن عباس أمر مناديه يوم الجمعة في يوم مطير، فقال: إذا بلغت حي على الفلاح؛ فقل: ألا صلوا في الرحال، فقيل له: ما هذا؟ فقال: "فعله من هو خير مني".
وقال عباد بن عباد المهلبي [عند ابن ماجه وابن خزيمة]: حدثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، أن ابن عباس أمر المؤذن أن يؤذن يوم الجمعة، وذلك يوم مطير، فقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: نادِ في الناس فليصلوا في بيوتهم، فقال له الناس: ما هذا الذي صنعت؟ قال: "قد فعل هذا من هو خير مني"، تأمرني أن أخرج الناس من بيوتهم، فيأتوني يدوسون الطين إلى ركبهم.
وقال جرير عن ابن الحارث: نسيب ابن سيرين، وقال: أن أخرج الناس، ونكلفهم أن يحملوا الخبث من طرقهم إلى مسجدكم.
أخرجه مسلم (699/ 29)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 289/ 1567 و 1568)، وابن ماجه (939)، وابن خزيمة (3/ 180/ 1864)، وعبد الرزاق (1/ 500/ 1923)، وأبو العباس السراج في مسنده (1461)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 44/ 1204) و (4/ 25/ 1745)، والطبراني في الكبير (12/ 12913/209).
وقد وهم عباد بن عباد المهلبي في قوله: عبد الله بن الحارث بن نوفل، إنما هو عبد الله بن الحارث نسيب ابن سيرين، وعباد: ثقة، إلا أن له أوهامًا، تُكُلِّم فيه بسببها [انظر: التهذيب (2/ 278)، الميزان (2/ 367)].
ورواه محمد بن بشر، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن عبد الله بن الحارث؛ أن ابن عباس أمر مناديه فنادى في يومٍ مطيرٍ يوم جمعة: الصلاة في الرحال، الصلاة في الرحال.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 479/ 5524).
قلت: محمد بن بشر العبدي: ثقة ثبت، سماعه من ابن أبي عروبة: صحيح جيد [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 743) وفيه: "قال أحمد: سماع محمد بن بشر، وعبدة منه جيد"، التقييد والإيضاح (429) وفيه: "قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من سعيد بن أبي عروبة؟ فقال: هو أحفظ من كان بالكوفة"].
ومع ذلك فالأشبه عندي أن محمد بن بشر قد وهم في إسناد هذا الحديث:
فقد رواه أثبت أصحاب ابن أبي عروبة وأقدمهم منه سماعًا وغيرهم، مثل: خالد بن الحارث، ويزيد بن زريع، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وعيسى بن يونس، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، ومحمد بن جعفر غندر، وأبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي:
عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه، أنه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين، في يوم مطير، أمر مناديه فنادى أنِ:"الصلاةُ في الرحال".
تقدم برقم (1057)، وهذا هو المحفوظ عندي عن ابن أبي عروبة، والرواية الأولى وهم؛ لا سيما ومحمد بن بشر: ليس من أثبت أصحاب ابن أبي عروبة، وهو متأخر عن أصحابه المتثبتين فيه في الطبقة والوفاة، ولم يكن من أهل البصرة، فلعله حمل عنه هذا الحديث في بداية اختلاطه، والله أعلم، ومسلم وإن أخرج له من روايته عن ابن أبي عروبة [(487 و 746 و 1116 و 1451 و 1503 و 2076 و 2671 و 2730)] لكن فيما توبع عليه [وانظر وهمًا آخر لمحمد بن بشر عن ابن أبي عروبة تحت الحديث رقم (533)، الشاهد الثاني مما في الباب، من حديث أنس].
ورواه عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء العطاردي، قال: أصابنا مطر في يوم جمعة في عهد ابن عباس؛ فأمر مناديًا فنادى أن: صلوا في رحالكم.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 43/ 6264)، وابن المقرئ في المعجم (993).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد بصري صحيح:
• ورواه حماد بن زيد، ومعمر بن راشد:
عن أيوب، عن أبي رجاء، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخطب [قال معمر: على هذا المنبر] في يوم مطير، فقال: صلوا في رحالكم، ولا تنقلوا هذا الخبث بأقدامكم إلى المسجد؛ فإنه ليس كل جيران [قال معمر: جرار، ولعله الأقرب] المسجد يسعه طهوركم.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 34/ 107)، ومسدد في مسنده (3/ 526/ 361 - مطالب).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد بصري صحيح.
• ورواه حفص بن عمر الحوضي [ثقة ثبت]: ثنا عبد الحكيم بن ذكوان، عن أبي رجاء، عن ابن عباس؛ أنه قال في يومٍ مطيرٍ: الصلاة في الرحال، ثم قال: أتعجبون! "قد فعله من هو خير منا؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 161/ 12762).
المحفوظ عن عمران بن ملحان أبي رجاء العطاردي: موقوف، كما رواه عنه: أيوب السختياني وعوف الأعرابي، وعبد الحكيم، أو: عبد الحكم بن ذكوان السدوسي: بصري مقل، لا يُعرف، ذكره ابن حبان في الثقات، وكلام أبي حاتم يدل على قدحه فيه [التاريخ الكبير (6/ 128)، الجرح والتعديل (6/ 36)، الثقات (5/ 131)، تاريخ الإسلام (9/ 475)، الميزان (2/ 536)، التهذيب (2/ 471)].
ورواه النضر بن شميل [ثقة ثبت]، وابن أبي عدي [ثقة]:
عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس [قال ابن أبي عدي في روايته: قال ابن عون: أظنه قد رفعه]، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى في يوم مطير: "صلوا في رحالكم".
أخرجه أحمد (1/ 277)، والطبراني في الكبير (12/ 194/ 12872)، وفي الأوسط (4/ 387/ 4507)، وفي الصغير (636)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 25).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن عون إلا النضر بن شميل".
قلت: تابعه ابن أبي عدي، وابن سيرين لم يسمع من ابن عباس، إنما أخذ عن عكرمة، ثم أسقط بعد ذلك عكرمة من الإسناد، وعكرمة مولى ابن عباس: ثقة ثبت [راجع الحديث رقم (190)][وانظر أيضًا: الطبقات الكبرى (7/ 194)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 203/ 3960) و (4/ 220/ 4055)، علل ابن المديني (76)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 487/ 1123) و (2/ 3526/534)، مسائل صالح (912)].
وروى أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت]، عن عباد بن منصور، قال: سمعت عطاء، يحدث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم جمعة، يوم مطر:"صلوا في رحالكم".
وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا في ليلة ريح ومطر فنادى أن: "صلوا في الرحال".
أخرجه ابن ماجه (938)، وابن خزيمة (3/ 181/ 1866)، والطبراني في الكبير (11/ 156/ 1349)، وابن عدي في الكامل (4/ 339).
قلت: وهذا حديث منكر؛ تفرد به عن عطاء عن ابن عباس بهذا السياق: عباد بن منصور، وهو: ليس بالقوي، له أحاديث منكرة [التهذيب (2/ 282)]، وقد رواه من وجه آخر من حديث أبي المليح عن أبيه، وتقدم.
• خالفه: ابن جريج [ثقة ثبت، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح]، قال: أخبرني عطاء؛ أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذه مطرٌ وهم في سفر، فقال لأصحابه:"صلوا في رحالكم".
أخرجه عبد الرزاق (1/ 494/ 1903).
وهذا هو المحفوظ مرسلًا.
° وروى خلف بن عبد الحميد: ثنا عبد الغفور، عن أبي هاشم، عن عكرمة، عن ابن عباس، لا أحسبه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصلاة في الرحال".
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 359/ 12010).
قلت: وهذا باطل من حديث عكرمة؛ عبد الغفور بن سعيد، أو: ابن عبد العزيز، الواسطي: متروك، منكر الحديث، قال ابن حبان:"كان ممن يضع الحديث على الثقات"[اللسان (5/ 230)، التاريخ الكبير (6/ 137)، التاريخ الأوسط (2/ 203)، الجرح والتعديل (6/ 55)، الكنى لمسلم (1697)، ضعفاء النسائي (410)، ضعفاء العقيلي (3/ 862 - ط. حمدي السلفي)، المجروحين (2/ 148)، وغيرها]، وخلف بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أبي الحسناء: قال أحمد: "لا أعرفه"[تاريخ بغداد (8/ 321)، اللسان (3/ 369)]، وأبو هاشم الرماني: ثقة.
وفي الباب:
1 -
عن رجل من ثقيف:
يرويه سفيان بن عيينة، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج، ومسعر بن كدام، ومنصور: عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس، يقول: أنبأنا رجل من ثقيف؛ أنه سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم، - يعني: في ليلة مطيرة في السفر - يقول: "حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم". لفظ ابن عيينة، وإسناده متصل بذكر سماع بعضهم من بعض، كما في رواية ابن جريج وشعبة ومسعر ومنصور.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 14 - 15/ 653)، وفي الكبرى (2/ 1629/241)، وأحمد (3/ 415) و (4/ 167 و 346) و (5/ 370 و 373)، وعبد الرزاق (1/ 501/ 1925)، ومسدد في مسنده (2/ 116/ 1319 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي شيبة في المسند (968)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 253/ 1615)، وأبو العباس السراج في مسنده (1474)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1618 و 1619)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3158/ 7270 و 7271)، وابن عبد البر في التمهيد (13/ 272 و 273).
وهذا سياق ابن عيينة للحديث، وتابعه عليه: ابن جريج، ومسعر، ومنصور، وهو يشعر بكون الثقفي هو الصحابي، وأنه حضر الواقعة ورواها، لذا ترجمه أبو نعيم في المعرفة بقوله:"عمرو بن أوس عن رجل من الصحابة".
لكن شعبة رواه عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس، عن رجل حدثه، عن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه أصابهم مطر، فنادي منادي النبي صلى الله عليه وسلم أن:"صلوا في الرحال"[عند أبي القاسم البغوي (1618)، وبنحوه عند أحمد (4/ 167 و 346) و (5/ 370)، وغيرهما].
وشعبة كان يتحرى السماع، ويعتني بالأسانيد، وزيادته هنا مقبولة، حيث زاد في الإسناد رجلًا، وهو أمير المؤمنين في الحديث.
وقد تبين بروايته أن شيخ عمرو بن أوس ليس هو صحابي الحديث، وإنما هو تابعي مبهم، وقد سمعه من مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعليه؛ فإن إسناده ضعيف؛ لأجل إبهام التابعي، والله أعلم.
2 -
عن سمرة بن جندب:
رواه قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى في يومٍ مطيرٍ: "الصلاة في الرحال".
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1057)، وهو حديث صحيح.
3 -
عن نعيم بن النحَّام:
وله أسانيد، منها:
أ - ما رواه معمر بن راشد، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ قد سماه، عن نعيم بن النحَّام، قال: سمعت مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة، وأنا في لحافي، فتمنيت أن يقول:
صلوا في رحالكم، فلما بلغ: حي على الفلاح، قال:"صلوا في رحالكم"، ثم سألت عنها؛ فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره بذلك.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 501/ 1926)، وعنه: أحمد (4/ 220)(7/ 4051 - 4052/ 18216 - ط. المكنز)(13/ 551/ 17129 - إتحاف المهرة)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 176).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل شيخ عبيد الله بن عمر العمري الذي لم يسمَّ.
ب - ورواه إسماعيل بن عياش [روايته عن أهل الشام مستقيمة، وروايته عن أهل العراق والحجاز فيها ضعف، وهذه منها]، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: أخبرني محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم بن النحام، قال: نودي بالصبح في يوم باردٍ، وأنا في مِرط امرأتي، فقلت: ليت المنادي قال: من قعد فلا حرج عليه، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه:"ومن قعد فلا حرج عليه".
أخرجه أحمد (4/ 220)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 175).
قال ابن عساكر: "كذا قال، والمحفوظ: عن محمد بن إبراهيم عن نعيم".
قلت: وهم ابن عياش في قوله: محمد بن يحيى بن حبان، وإنما هو: محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، كما قال الأوزاعي وسليمان بن بلال وابن طهمان.
ج - خالفه: الأوزاعي [وعنه: عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين]، فرواه عن يحيى بن سعيد؛ أن محمد بن إبراهيم بن الحارث حدثه، عن نعيم بن النحام، قال: كنت مع امرأتي في مرطها غداة باردة، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، فلما سمعته قلت: لو قال: ومن قعد لا حرج، فلما قال:"الصلاة خير من النوم"، قال:"ومن قعد فلا حرج".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 759/64)، وابن قانع في المعجم (2/ 152 - 153)، والبيهقي (1/ 398 و 423).
وإسناده إلى الأوزاعي: لا بأس به.
د - تابعه على الإسناد، وخالفه في متنه: سليمان بن بلال [مدني، ثقة]، وإبراهيم بن طهمان [خراساني، سكن مكة، ثقة]:
كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن نعيم بن النحام من بني عدي بن كعب، قال: نودي بالصبح في يوم بارد، وهو في مرط امرأته، فقال: ليت المنادي ينادي: ومن قعد فلا حرج، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه:"ومن قعد فلا حرج"، وذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه.
أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (533)(2/ 115/ 1312 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 65/ 760)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 496 - فتح الباري لابن رجب)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده (104)، وأبو نعيم في
معرفة الصحابة (5/ 2666/ 6389)، والبيهقي (1/ 398)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 176)، وانظر: الإصابة (6/ 459).
قال أبو القاسم البغوي: "هو مرسل".
وقال ابن عساكر: "محمد بن إبراهيم: لم يدرك نعيمًا".
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 496) معلقًا على حكم البغوي عليه بالإرسال: "يشير إلى أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من نعيم".
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (2599) عن نعيم النحام: "يروي عنه نافع ومحمد بن إبراهيم التيمي، وما أظنهما سمعا منه"[وانظر: تحفة التحصيل (273)].
وقال النووي في تهذيب الأسماء (2/ 430): "روى عنه نافع ومحمد بن إبراهيم التيمي، ولم يدركاه، فهو مرسل".
وقال في تاريخ الإسلام (3/ 102): "أرسل عنه نافع، ومحمد بن إبراهيم التيمي".
قلت: لأن نعيمًا مات قديمًا، في خلافة عمر، استشهد بأجنادين، وكانت سنة خمس عشرة [المغازي لموسى بن عقبة (436)، التاريخ الكبير (8/ 92)، الجرح والتعديل (8/ 459)، الثقات (3/ 414)، تاريخ دمشق (62/ 175)، الإصابة (6/ 459)، وغيرها]، والتيمي مات سنة عشرين ومائة، فلم يدرك نعيمًا.
قال البيهقي: "تابعه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد؛ إلا أنه قال: فلما قال: الصلاة خير من النوم، قال: ومن قعد فلا حرج".
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 496): "ورواية سليمان بن بلال عن يحيى: أصح من رواية إسماعيل بن عياش؛ فإن إسماعيل لا يضبط حديث الحجازيين، فحديثه عنهم فيه ضعف".
قلت: رواية سليمان بن بلال وابن طهمان هي المحفوظة، ورواية ابن عياش وابن أبي العشرين وهم.
وعليه: فإن هذا الإسناد رجاله ثقات، وهو منقطع؛ لعدم إدراك التيمي لنعيم.
هـ - ورواه ابن جريج، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن نعيم بن النحام، قال: أذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة فيها برد، وأنا تحت لحافي، فتمنيت أن يلقي الله على لسانه: ولا حرج، قال:"ولا حرج".
أخرجه عبد الرزاق (1/ 502/ 1927)، ومن طريقه: الحاكم (3/ 259)، وابن حزم في المحلى (4/ 205).
قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"[وانظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم (5/ 2667)، الأحكام الشرعية الكبرى (2/ 25)، الإصابة (6/ 459)، الفتح لابن حجر (2/ 99)].
هكذا رواه عن عبد الرزاق: إسحاق بن إبراهيم الدبري، راوي المصنف، وقد تُكُلِّم في روايته عن عبد الرزاق، فإنه ممن سمع من عبد الرزاق بأخرة بعدما عمي وأضر، وقد
روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة، وكان يصحف، ويحرف [شرح العلل لابن رجب (2/ 754)، اللسان (2/ 36)].
وحديث ابن جريج هذا، وحديث معمر عن عبيد الله العمري عن شيخ مبهم، هما في مصنف عبد الرزاق متجاوران، لكن أحمد أخرج عن عبد الرزاق حديث معمر، ولم يخرج حديث ابن جريج هذا، مع كون إسناده أصح من إسناد معمر، مما يجعل في النفس شيء من ثبوت هذا الإسناد، لا سيما مع كون أحمد من أثبت الناس في عبد الرزاق، وأقدمهم منه سماعًا، فلعل الدبري وهم فيه؛ ولذا قال ابن حجر في إتحاف المهرة (13/ 551/ 17129):"إن كان الدبري حفظه؛ فهو على شرطهما".
• ثم وجدت ما يدل على وهم الدبري في هذا الإسناد:
فقد أخرج ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 67/ 762)، قال: حدثنا الحسن بن علي: ثنا عبد الرزاق: ثنا ابن جريج: أخبرني نافع مولى ابن عمر، عن عبد الله بن نعيم بن النحام رضي الله عنه، قال: أذن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً فيها بردٌ ومطرٌ، وأنا تحت لحافي، فتمنيت أن يلقي الله تعالى على لسانه: ولا حرج، فلما فرغ قال:"ولا حرج".
والحسن بن علي بن محمد الهذلي أبو علي الخلال الحلواني: ثقة ثبت حافظ، رحل إلى عبد الرزاق وأكثر عنه، خرج له مسلم عن عبد الرزاق حديثًا كثيرًا [الإرشاد (2/ 623)، تاريخ دمشق (36/ 183)، تذكرة الحفاظ (2/ 80)، التهذيب (1/ 406)].
ولعل عبد الله بن نعيم بن النحام هذا هو الذي ترجم له البخاري وتبعه عليه أبو القاسم البغوي في المعجم (3/ 408)، فقال:"رأيت في كتاب محمد بن إسماعيل البخاري تسمية نفر ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ممن اسمه عبد الله، ولم أجد لهم عندي حديثًا، وذكر ابن إسماعيل أسماءهم، ولم يذكر لهم حديثًا. قال ابن إسماعيل: عبد الله بن نعيم بن النحام، سكن المدينة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا".
وقد ترجم له ابن منده في المعرفة (4/ 1793 - المعرفة لأبي نعيم)(3/ 417 - أسد الغابة)، وقال:"روى عنه مولى ابن عمر، وأبو الزبير"، وتعقبه أبو نعيم في المعرفة (4/ 1793) فيما رواه لعبد الله هذا من طريق أبي الزبير، ولم يتعقبه فيما رواه نافع عنه.
كذلك، وممن ترجم لنعيم بن عبد الله النحام، فقال:"روى عنه نافع ومحمد بن إبراهيم التيمي"، ولم يذكر عبد الله بن عمر فيمن روى عنه: أبو حاتم الرازي، وابن عبد البر، وابن الأثير، والنووي، والذهبي، وابن حجر [الجرح والتعديل (8/ 459)، الاستيعاب (2599)، تاريخ دمشق (62/ 180)، أسد الغابة (5/ 362)، تهذيب الأسماء (2/ 430)، تاريخ الإسلام (3/ 102)، الوافي بالوفيات (27/ 97)، التعجيل (2/ 312/ 1109)]، فهذا أيضًا من القرائن على كون إسناد الدبري هو من مناكيره.
والمحفوظ: رواية الحلواني عن عبد الرزاق؛ إلا أن ابن جريج قد وهم في إسناده، وقلب اسم صحابيه، فقال: عن عبد الله بن نعيم بن النحام، وإنما هو: نعيم بن عبد الله النحام، ولم يدركه نافع مولى ابن عمر، فهو منقطع أيضًا.
و - ورواه ابن قانع، قال: حدثنا أحمد بن وهب القرشي: نا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة: نا محمد بن سلمة [الحراني: ثقة]، عن أبي عبد الرحيم [خالد بن أبي يزيد الحراني: ثقة]، عن زيد بن أبي أنيسة [ثقة]، عن عمر بن نافع، وعبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال نعيم بن النحام - وكان من بني عدي بن كعب -: سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة قرة، وأنا مضطجع بالمدينة، فقلت: ليت أنه يقول: من قعد فلا حرج، قال: فنادى: "من قعد فلا حرج".
أخرجه ابن قانع في المعجم (2/ 153).
وهذا الإسناد الذي تفرد به زيد بن أبي أنيسة هو إسناد مدني على شرط الشيخين، فكيف ينفرد به أهل الجزيرة من العراق، ثم أهل حران، ثم ينفرد به عنهم: إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، وهو وإن كان ثقة، إلا أن أبا بكر الجعابي قال فيه:"يحدث عن محمد بن سلمة بعجائب"[التهذيب (1/ 161)، الميزان (1/ 238)]، ثم شيخ ابن قانع فلم أعرفه؛ إلا أن يكون هو: أحمد بن وهب بن عمرو بن عثمان أبو العباس الرقي المعيطي، من ولد عقبة بن أبي معيط، ترجمه الخطيب في التاريخ (5/ 190)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم يترجم له بغير حديث واحد، وهو حديث موضوع، ولم يذكر له سوى شيخ واحد، ولا روى عنه غير واحد، ولم يزد السمعاني في الأنساب (5/ 350)، ولا الذهبي في تاريخ الإسلام (22/ 81)، على ذلك شيئًا، فهو مجهول، وحديثه هذا حديث باطل، والله أعلم.
وإنما المعروف في هذا: ما رواه معمر بن راشد، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ قد سماه، عن نعيم بن النخام [وهو الإسناد الأول]، وما رواه ابن جريج: أخبرني نافع مولى ابن عمر، عن عبد الله بن نعيم بن النحام [وهو الإسناد الخامس]، والله أعلم.
° فيبقى لنا ثلاثة أسانيد صالحة في المتابعات، الأول راويه عن النحام مبهم، والثاني والثالث منقطع فيما بين التيمي ونافع وبين النحام، فلا ندري؛ فلعل الواسطة المبهمة، أو الساقطة من الإسناد هو رجل واحد، ولا نعرف عينه ولا حاله، وعليه: فالحديث ضعيف، والله أعلم.
4 -
عن عبد الرحمن بن سمرة:
رواه ناصح بن العلاء أبو العلاء مولى بني هاشم: ثنا عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، قال: مررت بعبد الرحمن بن سمرة في يوم مطير، وهو يُسَيِّل الماء في نهر أم عبد الله، فقلت له: تُسَيِّل الماء في نهر أم عبد الله، وتدع أن تأتي الجمعة؟ قال: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لنا إذا كان مطرٌ وابلٌ أن نصلي في الرحال.
وفي رواية: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان مطرٌ وابل فليصلِّ أحدكم في رحله".
وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان المطر وابلًا؛ فصلوا في رحالكم".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 178/ 1862)، والحاكم (1/ 292)، وأحمد (5/ 62) [قال
عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده، وأكبر علمي أني قد سمعته منه]. وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (5/ 62)، ولوين في جزء من حديثه (77)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 421/ 1885 - ط. دار البيان)(4/ 122/ 2636 - ط. مبرة الآل)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 25/ 1744)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 310)، وابن عدي في الكامل (7/ 48)، والدارقطني في الأفراد (2/ 76/ 4111 - أطرافه)، وابن منده في فتح الباب (3192)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 408)، وأبو طاهر السلفي في الرابع عشر من المشيخة البغدادية (6)(1/ 509/ 1266)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 242).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وناصح بن العلاء: بصري ثقة، إنما المطعون فيه ناصح أبو عبد الله المحلمي الكوفي، فإنه روى عنه سماك بن حرب المناكير"[الإتحاف (10/ 608/ 13490)، البدر المنير (4/ 420)].
وقال عبد الله بن أحمد بعد أن روى هذا الحديث عن القواريري: "سمعت القواريري يقول: كنت أمرُّ بناصح فيحدثني، فإذا سألته الزيادة، قال: ليس عندي غير ذا وكان ضريرًا".
وقال الدارقطني: "غريب من حديث عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم، تفرد به عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، ولم يروه عنه غير ناصح بن العلاء أبو العلاء".
وهذا حديث منكر؛ وناصح بن العلاء: اختلف فيه النقاد، فقد وثقه ابن المديني وأبو داود، وجرحه آخرون، وهم الأكثر، والجرح هنا مقدم على التعديل، لكونه جرحًا مفسرًا، وممن ضعفه: البخاري، فقال:"منكر الحديث"، هكذا قال في التاريخ الكبير، وأما الذي في الأوسط والكامل:"لم يكن عنده إلا هذا، وهو ثقة"، فهو قول ابن المديني؛ كذلك فقد ضعفه ابن معين، واختلفت عباراته ما بين القدح الشديد والوسط، وقال أبو حاتم:"شيخ بصرى - وحرك رأسه -، وهو منكر الحديث"، وقال النسائي:"ضعيف"، وقال ابن حبان:"منكر الحديث جدًّا، على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"، وقال ابن عدي:"وناصح بن العلاء أبو العلاء: يُعرف بهذا الحديث، ولم يروه عن عمار غيره"، وقال أبو نعيم الأصبهاني:"منكر الحديث"، وقال أبو أحمد الحاكم والدارقطني:"ليس بالقوي"، وذكره أبو زرعة في الضعفاء [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 263/ 1235) و (4/ 79/ 3221) و (4/ 89/ 3291)، التاريخ الكبير (8/ 121)، التاريخ الأوسط (2/ 220)، الضعفاء الصغير (402)، ضعفاء أبي زرعة (2/ 665)، سؤالات الآجري (545)، المعرفة والتاريخ (3/ 45)، ضعفاء النسائي (585)، ضعفاء العقيلي (4/ 310)، الجرح والتعديل (8/ 503)، المجروحين (3/ 55)، الكامل (7/ 48)، ضعفاء الدارقطني (537)، تعليقات الدارقطني على المجروحين (371)، ضعفاء الأصبهاني (258) الميزان (4/ 240)، التهذيب (4/ 205)].
هكذا رواه ناصح مرفوعًا، وخالفه فأوقفه:
• يحيى بن سعيد القطان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن كثير مولى ابن سمرة، قال: مررت بعبد الرحمن بن سمرة وهو على بابه جالس، فقال: ما خطب أميركم؟ قلت: أما جمَّعت معنا؟ قال: منعنا هذا الرَّدْغُ، وفي رواية: الرزَغ.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 200)، وابن أبي شيبة (1/ 479/ 5523)، وأبو عبيد في غريب الحديث (5/ 199)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 310)، وابن حزم في المحلى (4/ 206).
قال العقيلي: "ولم يرفعه، هذا أولى من حديث ناصح".
قلت: وهو موقوف بإسناد حسن، وكثير مولى ابن سمرة: هو كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، وهو كثير بن أبي كثير، وهو حسن الحديث أراجع الحديث رقم (227)].
• ورواه محمد بن عقبة اليشكري الرفاعي [ثقة. الجرح والتعديل (8/ 35)، الثقات (7/ 397)]، سمع الحسن، عن ابن سمرة، قال: منعني هذا الردغ من الجمعة.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 200).
وهذا موقوف بإسناد صحيح، والحسن سمع من عبد الرحمن بن سمرة، وروايته عنه في الصحيحين [تحفة الأشراف (9695)، تحفة التحصيل (76)].
وروي نحو ذلك أيضًا من حديث:
5 -
عبد الله بن عمرو:
مختصرًا بلفظ: "صلوا في الرحال"، ومطولًا: قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابنا مطر، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم"، فصلينا في رحالنا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم[أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 32) (4/ 303/ 6165 - ط. الرشد)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 299)][وهو حديث موضوع؛ في إسناده: خالد بن عمرو الأموي السعيدي: كذاب، رمي بالوضع، قال ابن عدي بعد أن أورد هذا الحديث في جملة أحاديث في ترجمته: "وخالد بن عمرو هذا له كير ما ذكرت من الحديث عمن يحدث عنهم، وكلها أو عامتها موضوعة، وهو بيِّنُ الأمر في الضعفاء"].
6 -
أبي هريرة:
قال: إذا كانت ليلة باردة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن فأذَّن، وأمره أن ينادي:"الصلاة في رحالكم"[أخرجه العقيلي (2/ 203)] [وهو حديث منكر؛ صالح بن موسى الطلحي: متروك، منكر الحديث، وقد تفرد به عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال العقيلي:"لا يتابع عليه، ولا على غير شيء من حديثه، وفي الصلاة في الرحال أحاديث ثابتة جيدة الإسناد من غير هذا الوجه"، وقد ذكر ابن عدي لصالح بن
موسى الطلحي أحاديث عن عبد العزيز بن رفيع، ثم قال:"وهذه الأحاديث عن عبد العزيز: غير محفوظات، إنما يرويها عنه صالح بن موسى"].
• وروي أيضًا من حديث محمد بن جابر، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعًا [أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 153) (9/ 134 - ط. الرشد)] [ولا يصح أيضًا؛ محمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي: ضعيف، وقد خالفه الثقات في إسناده؛ فرووه مرسلًا، وهو الصواب؛ قاله الدارقطني في العلل (8/ 181/ 497 1)، وانظر: المنفردات والوحدان لمسلم (818)، وممن أخرج المرسل: البغوي في معجم الصحابة (1/ 196/ 61)، وبدر بن الهيثم في جزء من حديثه (17)، وابن قانع في المعجم (3/ 24)].
° ومما جاء في جواز التخلف عن الجماعة والجمعة بعذر السيول والأمطار:
7 -
حديث عتبان بن مالك:
رواه عقيل بن خالد، ومالك بن أنس، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وإبراهيم بن سعد، ومحمد بن الوليد الزبيدي، والأوزاعي، وأبو أويس، وعبد الرحمن بن نمر، وغيرهم:
عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري، أن عتبان بن مالك - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرًا من الأنصار -؛ أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني أنكرتُ بصري [وفي رواية الأوزاعي: إن بصري قد ساء]، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم [وفي رواية معمر: وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي] [وفي رواية إبراهيم بن سعد: وإن الوادي الذي بيني وبين قومي يسيل إذا جاءت الأمطار فيشقُّ عليَّ اجتيازه]، لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم [وفي رواية مالك: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل، وأنا رجل ضرير البصر]، فوددت يا رسول الله، أنك تأتي فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى [وفي رواية معمر: أتخذه مسجدًا]، فقال:"سأفعل ان شاء الله"، قال عتبان: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال لي:"أين تحب أن أصلي من بيتك؟ "، فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فكبر فصففنا [خلفه]، فصلى ركعتين ثم سلم، [وفي رواية معمر وإبراهيم: وسلمنا حين سلم] [وفي رواية ليونس عند أحمد (5/ 450): صلى في بيته سبحة الضحى، فقاموا وراءه فصلوا بصلاته]، وحبسناه على خزيرة صنعناها له، فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذوو عدد، فاجتمعوا، فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقل [ذلك]، ألا تراه قال: لا إله الا الله، يريد بذلك وجه الله؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: قلنا: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين [وفي رواية إبراهيم: لا نرى وُدَّه ولا حديثه إلا إلى المنافقين،، فقال:"فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله".
قال ابن شهاب: ثم سألت الحصين بن محمد الأنصاري، أحد بني سالم، وكان من سراتهم، عن حديث محمود، فصدقه [بذلك]. واللفظ لعقيل بن خالد، ورواه يونس مثله.
وفي رواية إبراهيم: أن محمود بن الربيع استثبت هذه القصة من عتبان مرة أخرى في قصة طويلة، قال في آخرها: سألته عن ذلك الحديث، فحدثنيه كما حدثنيه أول مرة.
أخرجه البخاري (424 و 425 و 667 و 686 و 838 و 840 و 4009 و 4010 و 5401 و 6423 و 6938)، ومسلم (33/ 263 - 265 - كتاب المساجد).
وقد جمعت هنا ألفاظ البخاري ومسلم، وحديث عتبان هذا سبق تخريجه تحت الحديث رقم (553)، الشاهد السابع، وتكلمت هناك عن فقه الحديث.
وقد خرجت له طرفًا آخر في قصة محمود بن الربيع، قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجةً مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين، تحت الحديث رقم (822).
وقد رواه ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال: قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي، وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عُظْم ذلك وكُبره إلى مالك بن دُخْشُم، قالوا: ودوا أنه دعا عليه فهلك، ودوا أنه أصابه شر، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، وقال:"أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ "، قالوا: إنه يقول ذلك، وما هو في قلبه، قال:"لا بشهد أحد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فيدخل النار، أو تَطعَمه".
أخرجه مسلم (33/ 54 و 55 - كتاب الإيمان)، وانظر: تخريجه تحت الحديث رقم (553)، الشاهد السابع.
° ومن فقه الحديث:
قال الترمذي في الجامع (409): "وقد رخص أهل العلم في القعود عن الجماعة والجمعة في المطر والطين، وبه يقول أحمد وإسحاق".
وقال ابن بطال في شرح البخاري (2/ 291): "أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعات في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك: مباح بهذه الأحاديث، ألا ترى أن عتبان بن مالك سأل النبي عليه السلام أن يصلي في بيته مكانًا يتخذه مصلى إذا كان المطر والسيل، ففعل ذلك".
وقال أيضًا (2/ 492): "اختلف العلماء في التخلف عن الجمعة للمطر، فممن كان يتخلف عنها لذلك: ابن سيرين، وعبد الرحمن بن سمرة، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجوا بهذا الحديث [يعني: حديث ابن عباس]، وقالت طائفة: لا يتخلف عن الجمعة للمطر، روى ابن نافع قال: قيل لمالك: أيتخلف عن الجمعة في اليوم المطير، قال: ما سمعت، قيل له: فالحديث: "ألا صلوا في الرحال"؟، قال: ذلك في السفر".
ونقل ابن المنذر عن مالك قوله: "لا يعتد المطر عذرًا، قال: فقلت: أو لم يجئ عن النبي صلى الله عليه وسلم في نداء الجمعة في يوم مطر: "الصلاة في الرحال"؟ قال: تلك جمعة كانت في سفر، وليست جمعة السفر واجبة"[الأوسط (4/ 25)].
قلت: لعل حديث ابن عباس لم يبلغه، فلم يقل به، وبلغ غيره فقال به، ومن علم حجة على من لم يعلم، ولهذا قال ابن حزم في المحلى (3/ 162):"وهذا الحكم واحد في الحضر والسفر".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/ 271) عن حديث ابن عمر: "وفي هذا الحديث من الفقه: الرخصة في التخلف عن الجماعة في ليلة المطر والريح الشديدة، وقيل: إن هذا إنما كان في السفر،
…
، وفي ذكر الرحال دليل على أنه كان في سفر، والله أعلم.
وقيل: إن ذلك جائز في الحضر والسفر، ولا فرق بين الحضر والسفر؛ لأن العلة المطر والأذى، والحضر والسفر في ذلك سواء، فيدخل السفر بالنص والحضر بالمعنى؛ لأن العلة فيه المطر، وقد رخصت جماعة من أهل العلم في وقت المطر الشديد في التخلف عن الجمعة لمن وجبت عليه؛ فكيف بالجماعة في غير الجمعة".
وقال أيضًا (13/ 274): "فقد بان بهذا الحديث أن ذلك منه صلى الله عليه وسلم إنما كان في السفر مع المطر، وهذه رخصة تخص قوله صلى الله عليه وسلم: "هل تسمع النداء؟ "، قال: نعم، قال: "فلا رخصة لك"، وفي هذا الحديث دليل على جواز التأخر في حين المطر الدائم عن شهود الجماعة والجمعة؛ لما في ذلك من أذى المطر - والله أعلم - لهذه الحال".
وقال ابن رجب في الفتح (4/ 93): "وأكثر أهل العلم على أن المطر والطين عذر يباح معه التخلف عن حضور الجمعة والجماعات، ليلًا ونهارًا".
وقال أيضًا (4/ 96): "ولا ريب أن من كان بصره ضعيفًا، وفي طريقه سيول، فإنه معذور في الخروج إلى المسجد ليلًا؛ فإنه ربما خشي على نفسه التلف، والجماعة يسقط حضورها بدون ذلك".
وقال عن حديث ابن عباس وغيره (4/ 97): "أن المطر والطين، وإن كان عذرًا في التخلف عن الجماعة في المسجد؛ إلا أنه عذر لآحاد الناس، وأما الامام فلا يترك الصلاة لذلك في المسجد، ويصلي جماعة في المسجد بمن حضر، وكذلك يوم الجمعة لا يترك الخطبة وصلاة الجمعة في المسجد بمن حضر فيه، إذا كانوا عددًا تنعقد بهم الجمعة، وإنما يباح لآحاد الناس التخلف عن الجمعة والجماعات في المطر ونحوه، إذا أقيم شعارهما في المساجد، وعلى هذا، فلا يبعد أن يكون إقامة الجماعات والجمع في المساجد في حال الأعذار كالمطر فرض كفاية لا فرض عين، وأن الإمام لا يدعهما".
قلت: لأن ابن عباس قد صلى الجمعة وخطب الناس، لكنه عذر من لم يتمكن من الحضور، وأمر مناديه أن يقول: صلوا في بيوتكم.
° وأما موضع هذه الجملة من الأذان: