المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌225 - باب النداء يوم الجمعة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١١

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌190 - باب الرد على الإمام

- ‌(1/ 471).* * *191 -باب التكبير بعد الصلاة

- ‌192 - باب حذف التسليم

- ‌193 - باب إذا أحدث في صلاته يستقبل

- ‌194 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة

- ‌195 - باب السهو في السجدتين

- ‌196 - باب إذا صلى خمسًا

- ‌197 - باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال: يلقي الشك

- ‌198 - باب من قال: يتمُّ على أكبر ظنه

- ‌199 - باب من قال: بعد التسليم

- ‌200 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

- ‌201 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

- ‌ 273).***202 -باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

- ‌203 - باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة

- ‌204 - باب كيف الانصراف من الصلاة

- ‌205 - باب صلاة الرجل التطوعَ في بيته

- ‌206 - باب من صلى لغير القبلة ثم علِم

- ‌تفريع أبواب الجمعة

- ‌207 - باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

- ‌(2/ 733).208 -باب الإجابة أيةُ ساعةٍ هي في يوم الجمعة

- ‌209 - باب فضل الجمعة

- ‌210 - باب التشديد في ترك الجمعة

- ‌211 - باب كفارة من تركها

- ‌212 - باب من تجب عليه الجمعة

- ‌(2/ 266).213 -باب الجمعة في اليوم المطير

- ‌214 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة

- ‌215 - باب الجمعة للمملوك والمرأة

- ‌216 - باب الجمعة في القُرى

- ‌(2/ 0 56).***217 -باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

- ‌(24/ 211)].***218 -باب ما يُقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

- ‌219 - باب اللُّبس للجمعة

- ‌220 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبلَ الصلاة

- ‌221 - باب في اتخاذ المنبر

- ‌222 - باب موضع المنبر

- ‌223 - باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌224 - باب في وقت الجمعة

- ‌225 - باب النداء يوم الجمعة

- ‌(24/ 193)].***226 -باب الإمام يكلِّم الرجلَ في خطبته

- ‌227 - باب الجلوس إذا صعِد المنبر

- ‌228 - باب الخطبة قائمًا

- ‌2).***229 -باب الرجل يخطب على قوس

الفصل: ‌225 - باب النداء يوم الجمعة

‌225 - باب النداء يوم الجمعة

1087 -

. . . يونس، عن ابن شهاب: أخبرني السائب بن يزيد؛ أن الأذان كان أوَّلُه حين يجلسُ الإمامُ على المنبر يومَ الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، فلما كان خلافةُ عثمان وكثُرَ الناسُ؛ أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث، فأُذِّن به على الزَّوْراء، فثبت الأمر على ذلك.

* حديث صحيح

أخرجه البخاري (916)، والنسائي في المجتبى (3/ 100/ 1392)، وفي الكبرى (2/ 274/ 1712)، والطبراني في الكبير (7/ 147 / 6648 و 6649 و 6651)، والبيهقي (3/ 205)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 247 - 248).

رواه عن يونس: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعنبسة بن خالد.

• تابع يونس بن يزيد عليه:

1 -

ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: كان النداء يوم الجمعة أوَّلُه إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء [لفظ آدم عند البخاري].

وفي رواية [عند ابن المنذر، وبنحوه مختصرًا عند الترمذي]: أن النداء يوم الجمعة كان أوله إذا خرج الإمام في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي زمان أبي بكر، وفي زمان عمر؛ إذا خرج الإمام، وإذا قامت الصلاة، حتى كان زمن عثمان فكثر الناس؛ فزاد النداء الثالث على الزوراء، فثبت حتى الساعة.

وفي أخرى [عند ابن خزيمة]: كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر: أذانين يوم الجمعة، حتى كان زمن عثمان، فكثر الناس، فأمر بالأذان الأول بالزوراء.

أخرجه البخاري (912)، والترمذي (516)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 36 / 485)، وابن خزيمة (3/ 136/ 1773) و (3/ 137/ 1774)، وابن حبان (4/ 563/ 1673)، وابن الجارود (290)، وأحمد (3/ 450)، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 97/ 1644)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 55/ 1790)، والطبراني في الكبير (7/ 147/ 6647)، والبيهقي (3/ 192)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 244/ 1071)، وفي التفسير (4/ 341).

رواه عن ابن أبي ذئب: آدم بن أبي إياس، وحماد بن خالد الخياط، وابن أبي

ص: 497

فديك، ووكيع بن الجراح، ومعن بن عيسى، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، ويحيى بن سعيد القطان، وعاصم بن علي.

قال البخاري: "الزوراء: موضع بالسوق بالمدينة".

2 -

عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن الزهري، عن السائب بن يزيد؛ أن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين كثُرَ أهلُ المدينة، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذنٌ غيرُ واحد، وكان التاذبن بوم الجمعة حبن يجلس الإمام؛ يعني: على المنبر.

أخرجه البخاري (913)، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 97/ 1645)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (2889)، والطبراني في الكبير (7/ 147/ 6649)، والبيهقي (3/ 192).

3 -

عقيل بن خالد، عن ابن شهاب؛ أن السائب بن يزيد أخبره؛ أن التأذين الثاني يوم الجمعة أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين كثر أهل المسجد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام. لفظه عند البخاري، ووقع عند البيهقي بإسناد صحيح إلى عقيل: التأذين الثالث، بدل: الثاني.

أخرجه البخاري (915)، والطبراني في الكبير (7/ 147/ 6650 و 6651)، والبيهقي (1/ 429).

4 -

المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: كان بلال يؤذِّن إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة، فإذا نزل أقام، ثم كان كذلك في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما[زاد عند الطبراني: وأول من أحدث النداء الأخير عثمان رضي الله عنه].

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 101/ 1394)، وفي الكبرى (2/ 1713/275)، وابن قانع في المعجم (1/ 300)، والطبراني في الكبير (7/ 146 / 6646)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1378/ 3482).

وهذا إسناد صحيح.

5 -

وروى عبد الرحمن بن مهدي [ثقة ثبت، إمام حجة]، ومحمد بن الحسن الشيباني [ضعيف]:

عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن السائب بن يزيد؛ أن عثمان بن عفان رضي الله عنه زاد النداء الثالث [يوم الجمعة]. قال مالك: وهو النداء الأول.

أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في موطأ مالك (225)، وأبو عروبة الحراني في الأوائل (136)، وانظر: التمهيد (10/ 248).

وهذه الرواية لمالك لم أجدها في الموطأ إلا عند الشيباني تفرد بها دون أصحاب الموطآت [المطبوعة بين أيدينا]، وقد تابعه عليها ابن مهدي، وكلام ابن عبد البر - حيث

ص: 498

علقها عن مالك - يشعر بثبوتها عنه، ومالك في هذه الرواية لم يذكر الطرف المرفوع، واقتصر فيه على فعل عثمان رضي الله عنه، والله أعلم.

6 -

صالح بن كيسان، عن ابن شهاب؛ أن السائب بن يزيد - ابنَ أختِ نمِر - أخبره، قال: إنما أمر بالتأذين الثالث عثمانُ حين كثُرَ أهلُ المدينة، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم غيرُ مؤذنٍ واحدٍ، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام.

أخرجه أبو داود (1095)، وسيأتي.

وهو حديث صحيح.

7 -

محمد بن إسحاق، عن الزهري، وهو الحديث الآتي:

* * *

1088 -

قال أبو داود: حدثنا النفيلي: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد، وأبي بكر، وعمر، ثم ساق نحو حديث يونس.

* حديث شاذ بهذه الزيادة: على باب المسجد

أخرجه من طريق أبي داود: ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 27).

هكذا رواه محمد بن سلمة الباهلي الحراني [وهو: ثقة]، عن ابن إسحاق بزيادة: على باب المسجد، ومحمد بن سلمة له أوهام على ابن إسحاق، منها على سبيل المثال: ما تقدم معنا قريبًا في السُّنن برقمي (1032 و 1064).

• وقد تابعه على هذه الزيادة:

أحمد بن خالد الوهبي [حمصي، صدوق]: ثنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد، لم يكن يؤذن له غيره، فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة أذن على باب المسجد، فإذا نزل أقام الصلاة، ثم كان أبو بكر رضي الله عنه كذلك، ثم كان عمر رضي الله عنه كذلك، حتى إذا كان عثمان كثر الناس، فأمر بالنداء الأول بالسوق على دار له يقال لها الزوراء، فكان يؤذَّن له عليها، فإذا جلس عثمان رضي الله عنه على المنبر أذن مؤذنه الأول، فإذا نزل أقام الصلاة.

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 146/ 6642)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (9/ 308)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1377 / 3481).

• وقد خالفهما جماعة من ثقات أصحاب ابن إسحاق؛ فلم يأتوا بهذه الزيادة:

* * *

ص: 499

1089 -

قال أبو داود: حدثنا هناد بن السري: حدثنا عبدة، عن محمد - يعني: ابن إسحاق -، عن الزهري، عن السائب، قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذنٌ واحدٌ: بلالٌ، ثم ذكر معناه.

* حديث صحيح

لم أقف على من أخرجه من هذا الوجه، ومحمد بن عبدة الكلابي: ثقة ثبت، ولا أظنه ذكر باب المسجد، وقد صححته بناء على أن الأصل عدم الإتيان بهذه الزيادة، حيث قال أبو داود:"ثم ذكر معناه"، ولم يقل: مثله، كما أن بقية أصحاب ابن إسحاق الثقات لم يأتوا بها، وكذلك كل من رواه عن الزهري من الثقات.

* فقد روى هذا الحديث عن ابن إسحاق بدون هذه الزيادة: إبراهيم بن سعد [مدني، ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق]، وجرير بن عبد الحميد، وحماد بن سلمة، وعبد الله بن إدريس، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط [وهم ثقات]، وسفيان الثوري [ولا يصح من حديثه؛ تفرد به: إبراهيم بن أبي الليث، صاحب الأشجعي، وهو: متروك الحديث، كان يكذب. اللسان (1/ 337)]:

عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، قال: ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد، إذا خرج أذن، وإذا نزل أقام، وأبو بكر وعمر كذلك، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على دار في السوق، يقال لها: الزوراء، فإذا خرج أذن، وإذا نزل أقام.

ولفظ إبراهيم بن سعد [عند أحمد، وقد صرح فيه بسماع ابن إسحاق]: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد في الصلوات كلها في الجمعة وغيرها، يؤذن ويقيم، قال: كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة، ويقيم إذا نزل، ولأبي بكر وعمر، حتى كان عثمان.

وزاد حماد في آخره: يعلم الناس أن الجمعة قد حضرت.

أخرجه ابن ماجه (1135)، وابن خزيمة (3/ 168/ 1837)(3/ 301/ 1837 - ط. الميمان)(5/ 53/ 4939 - إتحاف)، وأحمد (3/ 449)، وابن أبي شيبة (1/ 201/ 2311)، والطبراني في الكبير (7/ 146/ 6643 - 6645).

• ورواه أبو يوسف، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد رضي الله عنه، قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن يوم الجمعة، فإذا قعد الإمام على المنبر أذن، ويقيم إذا نزل، فكان كذلك زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وصدرًا من ولاية عثمان رضي الله عنه، فلما كثر الناس أمر عثمان رضي الله عنه المؤذن أن يقدِّم أذانًا قبل ذلك بالزوراء.

ص: 500

أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (2/ 98/ 1647)، قال: حدثنا بشر بن الوليد، قال: حدثنا أبو يوسف به.

وهذه الزيادة في آخره لا تثبت، أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (6/ 368)، تاريخ بغداد (14/ 242 - 262)، صحيح ابن خزيمة (1/ 265)، الإرشاد (2/ 569)، طبقات ابن سعد (7/ 330)، [وانظر في أوهامه مما تقدم معنا: الأحاديث (300 و 440)، وما قبل (534)، وما قبل (1021)].

وبشر بن الوليد الكندي الفقيه: صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به [تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)].

***

1090 -

. . . يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب؛ أن السائب بن يزيد - ابنَ أختِ نمِر - أخبره، قال: ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم غيرُ مؤذِّنٍ واحدٍ، وساق هذا الحديث، وليس بتمامه.

* حديث صحيح

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 101/ 1393)، وفي الكبرى (2/ 275/ 1714)، والطبراني في الكبير (7/ 148/ 6652).

• رواه عن يعقوب بن إبراهيم: محمد بن يحيى بن فارس الذهلي [وعنه أبو داود]، وعبيد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري.

ولفظه عند النسائي [عن الذهلي][ومثله لفظ عبيد الله بن سعد عند الطبراني]: إنما أمر بالتأذين الثالث عثمان حين كثر أهل المدينة، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم غير مؤذن واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الامام.

وهذا حديث صحيح، وقد أخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب وعقيل ويونس والماجشون عن الزهري به، كما تقدم.

* ورواه أيضًا عن الزهري بعض الضعفاء والمبهمين:

أخرجه الشافعي في الأم (1/ 195)، وفي المسند (61)، والطبراني في الكبير (7/ 147/ 6651)، والبيهقي في المعرفة (2/ 475/ 1689).

* وللزهري فيه إسناد آخر:

فقد رواه مالك بن أنس، ومعمر بن راشد [وهما أثبت الناس في الزهري]:

عن الزهري، عن ابن المسيب، قال: كان الأذان يوم الجمعة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانًا واحدًا حين يخرج الإمام، فلما كان عثمان كثر الناس فزاد الأذان الأول، وأراد أن يتهيأ الناس للجمعة.

ص: 501

أخرجه عبد الرزاق (3/ 206/ 5342)، وأبو عروبة الحراني في الأوائل (137). وهذا مرسل بإسناد صحيح.

* قال ابن خزيمة (3/ 137): [في قوله: وإذا قامت الصلاة: يريد النداء الثاني الإقامة، والأذان والإقامة يقال لهما: أذانان، ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بين كل أذانين صلاة"؟ وإنما أراد: بين كل أذان وإقامة، والعرب قد تسمي الشيئين باسم الواحد إذا قرنت بينهما"، ثم أطال في ضرب الأمثلة على ذلك.

ونقل ابن المنذر (4/ 55)(4/ 63 - ط. الفلاح) بعض كلام ابن خزيمة، ثم قال:"أمر عثمان لما كثر الناس بالنداء الثالث في العدد، وهو الأول الذي بدأ به بعد زوال الشمس بين المهاجرين والأنصار، فلم يكره أحد منهم علمناه، ثم مضت الأمة عليه إلى زماننا هذا".

وقال ابن بطال في شرح البخاري (2/ 554) معلقًا على رواية يونس وابن أبي ذئب: "وهذا يدل أن ثم أذانًا ثانيًا، وآخر الحديث مخالف لأوله، قيل: لا اختلاف فيه ولا تناقض، وإنما كان يؤذن المؤذن ثم يقيم، والإقامة تسمى أذانًا،

"، ثم استدل برواية ابن أبي ذئب، ثم قال: "فبان بهذا الحديث أن الأذان الثاني المتوهم في حديث السائب إنما يعني به: الإقامة، ويشهد لصحة ذلك قوله عليه السلام:"بين كل أذانين صلاة لمن شاء"؛ يعني: بين كل أذان وإقامة صلاة،

".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 394): "قوله: زاد النداء الثالث، في رواية وكيع عن ابن أبي ذئب: فأمر عثمان بالأذان الأول، ونحوه للشافعي من هذا الوجه، ولا منافاة بينهما؛ لأنه باعتبار كونه مزيدًا يسمى ثالثًا، وباعتبار كونه جعل مقدمًا على الأذان والإقامة يسمى أولًا، ولفظ رواية عقيل الآتية بعد بابين: أن التأذين بالثاني أمر به عثمان، وتسميته ثانيًا أيضًا متوجه بالنظر إلى الأذان الحقيقي لا الإقامة".

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 460): "إنما سماه الثاني باعتبار الأذان عند الجلوس على المنبر، فهما أذانان بهذا الاعتبار، والإقامة لا تسمى أذانًا عند الإطلاق".

وانظر في هذا المعنى أيضًا: الخلاصة للنووي (2781)، الفتح لابن رجب (5/ 450)، الفتح لابن حجر (2/ 395)، وغيرها.

* وممن روي عنه أن هذا الأذان بدعة:

روى مصعب بن سلام، عن هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال.

زاد عند الطبراني والمخلص: فإذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته أقام الصلاة، والأذان الأول بدعة.

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 377/ 1532)، والدارقطني في الأفراد (1/ 593/ 3472 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي

ص: 502

الفوارس (55)(2560 - المخلصيات)، والحاكم (1/ 283)، وعنه: البيهقي (3/ 205).

قال الدارقطني: "تفرد به مصعب بن سلام عن هشام".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد؛ فإن هشام بن الغاز ممن يجمع حديثه، ولم يخرجاه".

فتعقبه الذهبي فقال في التلخيص: "مصعب: ليس بحجة".

قلت: الأكثر على تضعيفه، وهو: ضعيف، يقلب الأسانيد [انظر: التهذيب (4/ 84)]، وقد روي من وجه آخر ضعيف أيضًا:

* فقد رواه هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا شيخ من قريش، عن نافع، قال: سمعته يحدث عن ابن عمر؛ أنه قال: الأذان يوم الجمعة الذي يكون عند خروج الإمام، والذي قبل ذلك محدث.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 5436/470).

وإسناده ضعيف؛ لإبهام الراوي عن نافع.

* وروى شبابة بن سوار، قال: حدثنا هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 5437/470).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، لكن يمكن حمله على البدعة اللغوية، كما قال أبوه عمر: نعم البدعة هذه [البخاري (2010)]، على اجتماع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد، والمراد: أن ذلك لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أحدثه عثمان لما رأى حاجة الناس إليه بعد اتساع المدينة، فهو داخل في سُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين التي أمرنا باتباعها، والله أعلم.

* وأما ما روي أن الناس عابوا ذلك؛ فلا يصح من ذلك شيء:

رواه الواقدي، عن عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، عن السائب بن يزيد، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج للصلاة أذن المؤذن ثم يقيم، وكذلك كان الأمر على عهد أبي بكر وعمر، وفي صدرٍ من أيام عثمان، ثم إن عثمان نادى النداء الثالث في السنة السابعة، فعاب الناس ذلك، وقالوا: بدعة.

أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (6/ 150).

وهذا إسناد واهٍ؛ محمد بن عمر الواقدي: متروك، واتهم، وشيخه هو الزهري المخرمي، وإسماعيل هو: ابن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وهما: ثقتان.

* قال ابن المنذر (4/ 55)(4/ 63 - ط. الفلاح): "أمر عثمان لما كثر الناس بالنداء الثالث في العدد، وهو الأول الذي بدأ به بعد زوال الشمس بين المهاجرين والأنصار، فلم يكره أحد منهم علمناه، ثم مضت الأمة عليه إلى زماننا هذا".

ص: 503