الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
126 - باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلي، في الوقت
338 -
عبد الله بن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد:"أصبت السُّنَّة، وأجزأتك صلاتك"، وقال للذي توضأ وأعاد:"لك الأجر مرتين".
قال أبو داود: وغير ابن نافع يرويه، عن الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود: وذكر أبي سعيد في هذا الحديث: ليس بمحفوظ، وهو مرسل.
• ذكر أبي سعيد في هذا الحديث: ليس بمحفوظ، وهو مرسل بإسناد صحيح.
أخرجه النسائي (1/ 213/ 433)، والدارمي (1/ 207/ 744)، والحاكم (1/ 178 - 179)، والطبراني في الأوسط (2/ 234 - 235/ 1842) و (8/ 48/ 7922)، والدارقطني (1/ 188)، والبيهقي (1/ 231)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 482/ 527).
قال أبو داود: "وغير ابن نافع يرويه، عن الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود: وذكر أبي سعيد في هذا الحديث: ليس بمحفوظ، وهو مرسل".
وأما النسائي فلم يحتج به، وإنما أتبعه برواية ابن المبارك عن الليث مرسلًا، مشيرًا بذلك إلى علته.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ فإن عبد الله بن نافع: ثقة، وقد وصل هذا الإسناد عن الليث، وقد أرسله غيره".
ثم أخرجه من طريق يحيى بن بكير، عن الليث مرسلًا.
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الليث متصل الإسناد إلا عبد الله، تفرد به المسيبي".
يعني: محمد بن إسحاق، ولم ينفرد به، بل توبع عليه عن ابن نافع، وكأن الطبراني تفطن لذلك، فأخرجه في آخر المعجم من طريق يحيى بن المغيرة عن ابن نافع به، ثم قال:"لم يرو هذا الحديث مجودًا عن الليث بن سعد إلا عبد الله بن نافع".
وقال الدارقطني: "تفرد به عبد الله بن نافع، عن الليث بهذا الإسناد متصلًا، وخالفه ابن المبارك وغيره".
وقال البيهقي: "ورواه غير عبد الله بن نافع، عن الليث، عن عمير بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. . . [ثم قال:] كذا في كتابي عمير، والصواب: عميرة بن أبي ناجية"، ثم نقل كلام أبي داود، وفيه زيادة وهي أيضًا مذكورة في كتاب الوهم لابن القطان (2/ 432) فقد نقلا نص كلامه، قال:"وذكر أبي سعيد في هذا الحديث: وهم [و] ليس بمحفوظ، وهو مرسل"[وانظر: الفتح لابن رجب (2/ 38)].
وقال موسى بن هارون: "رفعه وهم من ابن نافع"[التلخيص (1/ 273)].
فهؤلاء الأئمة قد جزموا بأن المتفرد بوصل هذا الحديث هو عبد الله بن نافع، ولم يتابع على وصله، حتى جاء ابن القطان الفاسي فذكر في كتابه "بيان الوهم والإيهام"(2/ 434) أن أبا علي بن السكن قد أخرج هذا الحديث موصولًا مجودًا من طريق أبي الوليد الطيالسي، فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي: ثنا عباس بن محمد: ثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: نبأني الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث، وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري: أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. . . فذكر الحديث [بيان الوهم (2/ 433 - 434)، الإمام (3/ 172)، نصب الراية (1/ 160)، التلخيص (1/ 273)].
فالناظر في هذا يحسب أن أبا الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي قد تابع عبد الله بن نافع على وصل الحديث، وذكر أبي سعيد الخدري فيه، فالإسناد رجاله ثقات مشهورون، والذين ساقوه سكتوا عنه، ولم يعلوه بشيء.
لكن يبدو لي -والله أعلم- أن هذا لا يثبت عن أبي الوليد الطيالسي، وأنه لم يحدث به قط؛ لأمور:
الأول: أن جماعة من أئمة الحديث النقاد قد جزموا بأن المتفرد بوصل هذا الحديث وذكر أبي سعيد فيه إنما هو عبد الله بن نافع، ولم يتابع عليه، وهم: موسى بن هارون، وأبو داود، والحاكم، والطبراني، والدارقطني والبيهقي.
الثاني: أن الحديث لو كان عند أبي الوليد الطيالسي لاشتهر، وعرف عند هؤلاء الأئمة قبل غيرهم، فإن أبا الوليد الطيالسي أشهر وأكثر رواية من عبد الله بن نافع، وتلاميذ أبي الوليد كثر، فما كان ليخفي عليهم هذا الحديث حتى يتفرد به متفرد، ثم كيف يشتهر حديث عبد الله بن نافع ويرويه عنه جماعة، ولا يعرف حديث أبي الوليد إلا من هذا الطريق، ثم يخفى بعدُ أيضًا على هؤلاء الأئمة النقاد.
الثالث: أن الإسناد من لدن أبي الوليد الطيالسي فما فوقه: رجاله ثقات مشهورون رجال الشيخين، عدا بكر بن سوادة، فمن رجال مسلم، واستشهد به البخاري في الصحيح تعليقًا (4126)، وعدا عميرة بن أبي ناجية، وهو: ثقة.
وأما العباس بن محمد: فيحتمل أن يكون هو العباس بن محمد بن حاتم الدوري: الحافظ المشهور صاحب يحيى بن معين، وتاريخه، ويحتمل أن يكون هو العباس بن محمد بن عمرو بن الحارث الجمحي أبو الفضل، فإنه يروي أيضًا عن أبي الوليد الطيالسي، فإن كان هو الأخير؛ فإنه مجهول صاحب إفرادات، ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 514)، وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 402)، كل منهما ترجم له براوٍ واحد مغاير للآخر، وذكر له الدارقطني في الأفراد (5/ 237/ 5274 - أطرافه) حديثًا تفرد به عن أبي الوليد الطيالسي.
وأما أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي فقد أعياني البحث عنه، ولم أجد واسطيًا يكنى أبا بكر، واسمه محمد بن أحمد، ومن هذه الطبقة غير: محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البابسيري منسوبًا إلى بابسير، وهي قرية من قرى واسط، وقيل من قرى الأهواز، حدث بتاريخ المفضل بن غسان الغلابي عن أبي أمية الأحوص بن المفضل عن أبيه، روى عنه القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب الواسطي المقرئ، قاله السمعاني في الأنساب (1/ 241).
وفي سؤالات السِّلفي لخميس الحوزي الواسطي (106) قال أبو طاهر السلفي: "وسألته عن أبي بكر محمد بن موسى البابسيري؟ فقال: هو منسوب إلى محلة من شرقي واسط، حدث عنه علي العجمي وغيره، وكان لا بأس به".
فإن يكن هو فلا يحتمل من مثله التفرد؛ لا سيما في هذه الطبقة المتأخرة.
وانظر: تاريخ بغداد فيمن اسمه محمد بن أحمد (1/ 265 - 383) ت (98 - 355).
ومن نفس الطبقة أيضًا: محمد بن أحمد بن ثابت الواسطي البزاز، حدث عنه ابن جميع الصيداوي وترجم له في معجمه (6) من روايته عن شعيب بن أيوب الصريفيني، وبهذا ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/ 284)، ولم يذكرا كنيته، فإن كان هو هذا فالقول فيه أشد من القول في سابقه.
• والخلاصة: أن هذا الحديث لا يصح من رواية أبي الوليد الطيالسي، وإنما المتفرد بوصله هو عبد الله بن نافع، كما جزم بذلك جماعة من الأئمة، وليس لهشام بن عبد الملك فيه ناقة ولا جمل، والله أعلم.
ولا عبرة حينئذ بقول ابن القطان: "وهو إسناد صحيح متصل"، وانظر: كلام الحافظ في إتحاف المهرة (5/ 314).
• إذا تبين هذا، فالحديث قد اختلف في إسناده على الليث بن سعد:
1 -
فرواه عبد الله بن نافع، عن الليث، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري به، كما تقدم.
2 -
وخالفه عبد الله بن المبارك، واختلف عليه:
أ- فرواه عبد الرزاق بن همام الصنعاني، عن عبد الله بن المبارك، عن ليث، عن
بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار: أن رجلين أصابتهما جنابة فتيمما. . . نحوه، ولم يذكر أبا سعيد.
أخرجه الدارقطني (1/ 188).
ب- ورواه سويد بن نصر، قال: حدثنا عبد الله، عن ليث بن سعد، قال: حدثني عميرة وغيره، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار: أن رجلين. . . وساق الحديث.
أخرجه النسائي (1/ 213/ 434).
قلت: هذا هو المحفوظ عن ابن المبارك؛ فإن سويد بن نصر هو راوية ابن المبارك [قاله السمعاني في الأنساب (4/ 79)]، وهو ثقة، وأما رواية عبد الرزاق: فوهمٌ، فإن راويه عن عبد الرزاق هو إسحاق بن إبراهيم الدبري، وهو ممن حدث عن عبد الرزاق بآخره بعدما أضر، وكان عبد الرزاق يخلط إذا حدث من حفظه من غير كتابه، وهذا الحديث لم أجده في المصنف [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 752 و 756)].
• وتابع ابن المبارك على الوجه المحفوظ عنه:
يحيى بن بكير [ثقة] من أثبت الناس في الليث بن سعد. التهذيب (4/ 368)، شرح علل الترمذي (2/ 830)]، قال: ثنا الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
أخرجه الحاكم (1/ 179)، وعنه: البيهقي (1/ 231).
3 -
ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن ليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار: أن رجلين. . . مرسلًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 193/ 8032).
• قلت: والمحفوظ من ذلك: ما رواه عبد الله بن المبارك، ويحيى بن بكير.
ورواية عبد الله بن نافع: وهمٌ، فإن عبد الله بن نافع في حفظه لين، إذا حدث من حفظه ربما أخطأ، وهو صحيح الكتاب، وليس عندنا ما يدل على أنه حدث بهذا الحديث من كتابه، بل الظاهر أنه من حفظه، لمخالفته كبار الحفاظ [ابن المبارك ووكيع]، وأثبت أصحاب الليث [يحيى بن بكير]، ثم إن ابن نافع: مدني، والليث: مصري.
ورجحت رواية ابن المبارك على رواية وكيع؛ لأن ابن المبارك أحفظ، وتابعه عليه رجل ثقة من أثبت أصحاب الليث: يحيى بن بكير، ولأنه زاد رجلًا بين الليث، وبكر بن سوادة؛ وهو عميرة بن أبي ناجية، وهو ثقة؛ وثقه النسائي، وابن حبان، ويحيى بن بكير، وأثنى عليه أحمد بن صالح، وابن يونس، وأحمد بن سعيد بن أبي مريم [مشاهير علماء الأمصار (1523)، التهذيب (3/ 329)، الذيل على ميزان الاعتدال (607)، التلخيص (1/ 273)، نيل الأوطار (1/ 405)]، فليس هو كما قال ابن القطان الفاسي:"مجهول الحال"، ولكنه ثقة كما علمت.
• وكذلك فإن الرواية المحفوظة اشتهرت في بلدها وخارجه، فرواها عن الليث بن سعد المصري: يحيى بن بكير المصري، وعبد الله بن المبارك المروزي.
وأما الروايتان الأخريان: فإحداهما بإسناد مصري ثم مدني، والأخرى بإسناد مصري ثم كوفي، فلم تعرف إلا خارج البلد.
والحديث الذي يشتهر في بلده وخارجه، أولى من الحديث الذي لم يعرف إلا خارج بلده، والله أعلم.
هذا مع العلم بأن رواية وكيع الحافظ موافقة لرواية ابن المبارك وابن بكير في الإرسال، وإنما تخالفهما في إسقاط الواسطة بين الليث، وبكر بن سوادة.
وصنيع النسائي يدل على ترجيحه لرواية ابن المبارك على رواية ابن نافع.
• والحاصل: أن الحديث: مرسل بإسناد صحيح.
• وممن روى هذا الحديث فأخطأ فيه:
1 -
ابن لهيعة [ضعيف] ، رواه عن بكر بن سوادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد، عن عطاء بن يسار: أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . بمعناه.
أخرجه أبو داود (339)، ومن طريقه: البيهقي (1/ 231).
وإسناده ضعيف؛ ابن لهيعة: ضعيف، وأبو عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد: مجهول [الميزان (4/ 545) وقال: "لا يعرف"، التهذيب (4/ 548)، التقريب (712)، وقال: "مجهول"، وقال ابن القطان في بيان الوهم (2/ 434): "مجهول"].
وقال ابن القطان في بيان الوهم (2/ 434): "هذا لا يلتفت إليه، لضعف راويه ابن لهيعة"[انظر: التلخيص (1/ 273)].
قلت: لا يلتفت إليه فقط فيما خالف فيه الحفاظ بإدخال أبي عبد الله هذا -وهو رجل مجهول- بين بكر وعطاء، لكنه تابع الحفاظ في إرسال الحديث وعدم ذكر أبي سعيد فيه.
2 -
روى عبد الرزاق في مصنفه (1/ 230/ 890) عن إبراهيم بن محمَّد، عن يحيى بن أيوب، عن بكر بن سوادة: أن رجلين أصابتهما جنابة
…
معضل.
سقط من إسناده عطاء بن يسار.
وهذا إسناد ساقط بمرة؛ إبراهيم بن محمَّد هو ابن أبي يحيى الأسلمي: متروك، كذبه جماعة.
***
339 -
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد، عن عطاء بن يسار: أن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . بمعناه.
• حديث ضعيف.
تقدم في الحديث السابق.
ومن شواهد هذا الحديث:
1 -
شعبة، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، قال: أجنب رجلان فتيمم أحدهما فصلى، ولم يصل الآخر، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب عليهما.
وفي لفظ: أن رجلًا أجنب فلم يصل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال:"أصبت" فأجنب رجل آخر فتيمم وصلى، فأتاه فقال نحوًا مما قال للآخر؛ يعني:"أصبت".
أخرجه النسائي (1/ 172 و 213/ 324 و 434 م)، وأحمد (4/ 315)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (8/ 110/ 124).
وإسناده صحيح؛ رجاله رجال الشيخين، عدا مخارق الأحمسي فمن رجال البخاري وحده، وسمع طارقًا [التاريخ الكبير (7/ 431)].
وطارق بن شهاب: صحابي؛ رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير، ولم يثبت له منه سماع، وغزا في خلافة أبي بكر، وهو ممن أدرك الجاهلية، وحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ومراسيل الصحابة مقبولة وهي حجة.
انظر: التاريخ الكبير للبخاري (4/ 352)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (3/ 49 / 3772 - 3782)، الجرح والتعديل (4/ 485)، المراسيل (153)(348 - 351)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 58)، طبقات خليفة (117 و 138)، ثقات العجلي (785)، طبقات ابن سعد (6/ 66)، طبقات مسلم (1/ 287/ 1215)، سؤالات الآجري (199)، ثقات ابن حبان (3/ 251)، مشاهير علماء الأمصار (319)، سنن أبي داود (1067)، سنن النسائي (7/ 161/ 4209)، الآحاد والمثاني (4/ 477)، المعجم لابن قانع (2/ 45)، مستدرك الحاكم (1/ 288)، سنن البيهقي (3/ 183)، المحلى (2/ 145)، تاريخ دمشق (24/ 420)، تحفة التحصيل (157)، جامع التحصيل (200)، معرفة الصحابة (3/ 1558 / 1536)، الاستيعاب (1281)، أسد الغابة (3/ 68/ 2594)، الإصابة (4245)، الإنابة (1/ 299/ 467)، تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (31)، السير (3/ 486)، تهذيب الأسماء واللغات (1/ 238)، الإكمال لابن ماكولا (1/ 43)، الإكمال لمغلطاي (7/ 44)، التهذيب (2/ 232)، فتح الباري (2/ 357) و (13/ 246)، نصب الراية (2/ 198)، تحفة المحتاج (1/ 487)، التنقيح (2/ 70)، البدر التمام (3/ 468)، نيل الأوطار (2/ 488)، فتح المغيث (3/ 85).
لكن ليس في الحديث موضع الشاهد، فليس فيه أن أحدًا منهما أعاد الصلاة في الوقت أم لم يعد، وليس فيه أن أحدًا منهما وجد الماء قبل خروج الوقت، لكن يمكن أن يحتج به على إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن صلى بالتيمم، وقوله له:"أصبت"، ثم لم يأمره بالإعادة، لإجزاء صلاته، وإصابته للسنة، والله أعلم.
2 -
ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن حنش، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
كان يخرج فيهريق الماء، فيتمسح بالتراب، فأقول: يا رسول الله، إن الماء منك قريب، فيقول:"وما يدريني! لعلي لا أبلغه".
أخرجه أحمد (1/ 288 و 303)، وإسحاق بن راهويه في مسنده [نصب الراية (1/ 160)، التلخيص (1/ 273)] ، وابن سعد في الطبقات (1/ 383)، وابن المبارك في الزهد (292)، وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (7)، والحارث بن أبي أسامة في مسنده [(1/ 232/ 100 - زوائده) (2/ 436/ 158 - مطالب)].
• واختلف فيه على ابن لهيعة:
أ - فرواه عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت فقيه إمام، صحيح السماع من ابن لهيعة] ، وموسى بن داود [صدوق فقيه]، وأشهل بن حاتم [صدوق يخطئ]: ثلاثتهم عن ابن لهيعة به هكذا.
ب- وخالفهم: يحيى بن إسحاق السيلحيني [وهو ثقة يحفظ حديثه؛ إلا أن له غرائب وأوهام. التهذيب (4/ 338)، تذكرة الحفاظ (1/ 376)، السير (9/ 505)، علل الدارقطني (10/ 67)، علل ابن أبي حاتم (327 و 334)] ، فرواه عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن الأعرج، عن حنش، عن ابن عباس به.
أخرجه أحمد (1/ 303)، والطبراني في الكبير (12/ 238/ 12987).
ويحتمل أن يكون الوهم من ابن لهيعة نفسه لضعفه أو من السيلحيني؛ فالله أعلم.
وهذا حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة.
وسمع ابن أبي حاتم أباه يقول في هذا الحديث: "لا يصح هذا الحديث، ولا يصح في هذا الباب حديث".
قلت: والحق ما قال؛ فإن حديث ابن عباس هذا على ضعفه، لا يشهد لحديث عطاء المرسل لا سيما فيمن وجد الماء في الوقت ثم أعاد الصلاة، وليس في حديث ابن عباس هذا أنه صلى بهذا التيمم.
وفي الجملة؛ فلا يصح في الباب حديث مرفوع.
• وإنما صح فيه من فعل ابن عمر:
فقد روى مالك في الموطأ (1/ 101/ 140)، وعنه: الشافعي في الأم (7/ 247)، وعبد الرزاق (1/ 883/229)، وأبو نعيم في الصلاة (150)، والطحاوي (1/ 114)، والبيهقي في السنن (1/ 107)، وفي المعرفة (1/ 285 و 286/ 311 و 312).
رواه مالك عن نافع أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف، حتى إذا كانا بالمربد، نزل عبد الله فتيمم صعيدًا طيبًا، فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى.
• ورواه أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر أنه أقبل من أرضه التي بالجرف، حتى إذا كان بمربد النعم حضرت صلاة العصر، فتيمم، وإنّه لينظر إلى بيوت المدينة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 146/ 1673)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 34/ 531)، وابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 11)، والخطيب في التاريخ (5/ 344).
• ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن عجلان، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن [ضعيف]:
كلهم: عن نافع، عن ابن عمر، قال: تيمم ابن عمر على رأس ميل أو ميلين من المدينة، فصلى العصر، فقدم والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة.
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 46) و (7/ 247)، وفي المسند (20 و 227)، والحاكم (1/ 180)، وعبد الرزاق (1/ 229/ 884)، وأبو نعيم في الصلاة (149)، وابن المنذر (2/ 61 و 64/ 555 و 558)، والدارقطني (1/ 186)، والبيهقي في السنن (1/ 224 و 231 و 233)، وفي الخلافيات (2/ 521/ 860)، والخطيب في التاريخ (5/ 344).
• وتابعهم عليه عن نافع بمعناه:
موسى بن يسار، فرواه عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يكون في السفر، والماء على غلوتين ونحو ذلك فلا يعدل إليه.
أخرجه ابن المنذر (2/ 35/ 532).
• خالف هؤلاء فرواه مرفوعًا:
محمَّد بن سنان بن يزيد القزاز، عن عمرو بن محمَّد بن أبي رزين، عن هشام بن حسان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا.
ولفظه: عن ابن عمر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيمم بموضع يقال له: مربد النعم، وهو يرى بيوت المدينة.
أخرجه الحاكم (1/ 180)، والدارقطني (1/ 186)، والبيهقي في السنن (1/ 224)، وفي الخلافيات (2/ 520/ 859)، وفي المعرفة (1/ 299/ 340)، والخطيب في تاريخه (5/ 344)، وابن عساكر في تاريخه (15/ 378).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، تفرد بن عمرو بن محمَّد بن أبي رزين، وهو صدوق، ولم يخرجاه، وقد أوقفه يحيى بن سعيد الأنصاري وغيره، عن نافع، عن ابن عمر".
وقال البيهقي: "وروي مسندًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بمحفوظ"، وقال أيضًا:"تفرد به عمرو بن محمَّد بإسناده هذا، والمحفوظ: عن نافع، عن ابن عمر: من فعله"، وقال في الموقوف:"هذا عن ابن عمر: ثابت".
وقال الخطيب: "تفرد بروايته مرفوعًا محمَّد بن سنان بهذا الإسناد، وتابعه محمَّد بن يونس الكديمي فرواه عن عمرو بن محمَّد بن أبي رزين كذلك، والمحفوظ: ما أخبرنا
…
" فأسند حديث أيوب، وابن عجلان، عن نافع به موقوفًا.
وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في العلل، وصوب الموقوف [علل الدارقطني (12/ 305/ 2737)، تاريخ بغداد (5/ 344)، التلخيص (1/ 257/ 197)].
وقال ابن عساكر: "تفرد برفعه محمَّد بن سنان ومحمد بن يونس الكديمي عن عمرو، والمحفوظ أنه موقوف من فعل ابن عمر، كذلك روي عن أيوب السختياني، ومحمد بن عجلان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن إسحاق صاحب المغازي، عن نافع، وكذلك رواه غير هشام، عن عبيد الله، وهو الصحيح".
قلت: ومتابعة محمَّد بن يونس الكديمي، عن عمرو به مرفوعًا.
أخرجها أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1/ 426/ 475)، ومن طريقه: ابن حجر في التغليق (2/ 184).
والموقوف هو المحفوظ، كما جزم بذلك جماعة الحفاظ الأئمة.
ومحمد بن سنان القزاز، ومحمد بن يونس الكديمي كلاهما: ضعيف متهم، إلا أن كلامهم في الثاني أشد.
وعمرو بن محمَّد بن أبي رزين البصري: صالح، صدوق، ربما أخطأ، لا يحتمل تفرده عن هشام بن حسان، وحمله ابن حجر تبعة الخطأ في هذا الحديث فقال في التغليق (2/ 185):"ورفعه لهذا الحديث من جملة ما أخطأ فيه، والله أعلم"؛ وضعف إسناده في الفتح (1/ 441).
• فقه المسألة:
قال ابن رجب في الفتح (2/ 35): "وهذا المروي عن ابن عمر، يؤخذ منه عدة مسائل:
1 -
منها: أنه تجوز الصلاة بالتيمم في أول الوقت للمسافر وإن علم أنه يصل إلى الماء قبل خروج الوقت، وهذا قول أكثر العلماء، ومنهم من حكاه إجماعًا، واستدل أحمد لذلك بحديث ابن عمر هذا، وحكى عن الشافعي قول: أنه لا يجوز. [انظر: الأوسط لابن المنذر (2/ 61)].
2 -
ومنها: أن المسافر سفرًا قصيرًا له أن يتيمم فيه كالسفر الطويل، وهو قول جمهور العلماء أيضًا، وحكي فيه خلاف شاذ في مذهب الشافعي،
…
وهو وجه ضعيف لأصحابنا أيضًا.
وقد تقدم: أن عدم الماء في الحضر يبيح التيمم عند الأكثرين، لكن منهم من أوجب الإعادة فيه، فمن قال: يعيد إذا تيمم في الحضر، وقال: لا يتيمم إلا في سفر طويل، جعل حكم السفر القصير حكم الحضر في الإعادة إذا صلى فيه بالتيمم،
…
3 -
ومنها: أن من صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت فإنه لا إعادة عليه، هذا قول جمهور العلماء، وحكي عن طائفة من السلف وجوب الإعادة.
ولو وجده بعد الوقت، فأجمعوا على أن لا إعادة عليه، حكاه ابن المنذر وغيره