الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
132 - باب الصلاة في شُعُر النساء
367 -
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ: حدثنا أبي: حدثنا الأشعث، عن محمد بن سيرين، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شُعُرنا -أو: لُحُفنا-.
قال عبيد الله: شك أبي.
• حديث منكر.
أخرجه أبو داود هنا في الطهارة (367)، وأعاده بنفس إسناده في: كتاب الصلاة، تحت نفس الباب، برقم (645).
وأخرجه من طريق عبيد الله بن معاذ، عن أبيه به هكذا بالشك: ابن حبان (6/ 100/ 2330)، والحاكم (1/ 252)، والبيهقي (2/ 409 - 410).
• تنبيه: وقع عند ابن حبان وهم في موضعين:
الأول: في الإسناد؛ حيث قال: "حدثنا أشعث بن سوار"، وإنما هو أشعث بن عبد الملك الحمراني، كما في كتب الرجال والأطراف، وفي علل أحمد.
والثاني: في المتن؛ حيث قال: "يصلي في لحفنا"، والرواية بالنفي "لا يصلي"، وبالشك:"شعرنا، أو: لحفنا".
ورواه عبيد الله بن عمر القواريري، عن معاذ به، لكن اختلفت الرواية عنه، فرواه مرة بالشك، ومرة بالعطف:"في شعرنا ولا لحفنا".
أخرجه ابن حبان (6/ 2336/105)، وعبد الله بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (3/ 5982/464).
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام، عن معاذ به، بالعطف:"في شعرنا ولا في لحفنا".
أخرجه البغوي في شرح السُّنَّة (2/ 429 / 520).
وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 484)، وفي التاريخ الأوسط (2/ 47).
عن معاذ به، وقال:"شعرنا" بغير شك.
• والحديث قد رواه عن أشعث بن عبد الملك الحمراني أيضًا:
خالد بن الحارث، وقال:"في لحف نسائه"، ومعتمر بن سليمان، وقال:"في لحفنا"، وسفيان بن حبيب، وقال:"ملاحفنا"، وشعبة بن الحجاج -أو: غندر-[اختلف في الإسناد، فهو مروي بإسناد صحيح إلى غندر، عن شعبة، عن أشعث [شرح المعاني]، وبإسناد صحيح إلى غندر عن أشعث [البيهقي]، ومخرجهما واحد فلعل سقطًا وقع في الإسناد، وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (5/ 436/ 5972)، علل الدارقطني (14/ 373/ 3720)] وقال:"في لحفنا".
أخرجه الترمذي (600)، والنسائي في المجتبى (8/ 217/ 5366)، وفي الكبرى (8/ 466/ 9722 و 9723)، وابن الجارود (134)، والطحاوي (1/ 50)، والدارقطني في العلل (14/ 373/ 3720)، والبيهقي (2/ 409 - 410)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 429 - 430/ 521).
فهؤلاء أربعة من الثقات الحفاظ: لم يذكروا "في شعرنا"، واقتصروا على اللحف، وروايتهم أولى بالصواب، والله أعلم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، قلت: لعلة فيه؛ والأشعث لم يخرجا له، وصححه أيضًا: ابن حبان وابن الجارود.
***
368 -
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي: حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في ملاحفنا.
قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمدًا عنه؟ فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثبْت أو لا، فسلوا عنه.
• حديث منكر.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 410).
وروى البخاري في تاريخيه الكبير والأوسط، وإسحاق في مسنده: قصة ابن أبي صدقة، دون حديث هشام بن حسان: قالا: أخبرنا سليمان بن حرب: نا حماد بن زيد، عن سعيد بن أبي صدقة، قال: سألت محمدًا عن حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في ملاحفنا؟ فقال: قد سمعته منذ زمان، ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري أسمعته من ثبت أم لا، فسألوا عنه. لفظ إسحاق.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 484)، وفي الأوسط (2/ 47)، وإسحاق (3/ 735/ 1343).
وسعيد بن أبي صدقة: بصري، ثقة.
ورواه أيضًا: سلمة بن علقمة [التميمي أبو بشر البصري: ثقة ثبت، من أثبت أصحاب ابن سيرين، قدمه ابن علية في ابن سيرين على خالد الحذاء، قال:"كان سلمة أحفظ لحديث محمد من خالد"، وسئل ابن المديني عن أثبت الناس في ابن سيرين؟ فقال: "أيوب، ثم ابن عون، ثم سلمة بن علقمة،
…
"، وهو نفس ترتيب أثبت أصحاب ابن
سيرين عند الدارقطني، كما في سؤالات ابن بكير وغيره. التاريخ الكبير (4/ 82)، تاريخ دمشق (31/ 338)، إكمال مغلطاي (6/ 16)، التهذيب (2/ 74)، علل ابن المديني (84)، شرح علل الترمذي (2/ 688)، سؤالات ابن بكير (47)، المعرفة والتاريخ (2/ 37)].
رواه سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شُعُرنا.
قال بشر بن المفضل: هو الثوب الذي يلبس تحت الدثار.
أخرجه أحمد (6/ 101)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (1/ 143)، والبيهقي (2/ 410).
وعند الأخيرين: "أن عائشة"، و"عن عائشة"، ليس عندهما: نبئت، وهي ثابتة في الرواية، ومعلوم أن الرواة يتصرفون في صيغ التحديث.
فهؤلاء ثلاثة من أصحاب ابن سيرين -فيهم اثنان من أثبت أصحابه: سلمة بن علقمة، وهشام بن حسان- رووه عن ابن سيرين، عن عائشة منقطعًا بدون ذكر عبد الله بن شقيق في الإسناد [ومعلوم أن ابن سيرين لم يسمع من عائشة، قاله أبو حاتم وابن معين وزاد: "ولا رآها"، سؤالات ابن محرز (630)، تحفة التحصيل (277)، المراسيل (687)، جامع التحصيل (683)].
وأشعث بن عبد الملك الحمراني: وإن كان ثقة مأمونًا، قال فيه يحيى بن سعيد القطان:"لم أدرك أحدًا من أصحابنا أثبت عندي من أشعث بن عبد الملك، ولا أدركت أحدًا من أصحاب ابن سيرين بعد ابن عون أثبت عندي من أشعث بن عبد الملك"[الجرح والتعديل (2/ 275)، السير (6/ 278)، التهذيب (1/ 181)].
فيمكن أن يقال حينئذ بأن ابن سيرين حدث أشعث أولًا بهذا الحديث عن عبد الله بن شقيق، ثم نسي بعد ذلك من الذي حدثه به، فصار يرسله عن عائشة، ويقول أحيانًا: نبئت عن عائشة -كما تقدم في رواية سعيد بن أبي صدقة، ورواية سلمة بن علقمة-، ويكون هذا من باب من حدث فنسي، فلا يكون قادحًا في صحة الحديث، طالما أن الواسطة ثقة، والذي حدثه به قبل النسيان ثقة أيضًا.
لكن هذا الحديث معلول، فلا نقول بهذا:
فإن الذين رووا هذا الحديث عن ابن سيرين -أعني: هؤلاء الأربعة- كلهم من طبقة واحدة، ووفاتهم متقاربة [أشعث توفي سنة (142 أو 146 هـ)، وهشام بن حسان توفي سنة (148 هـ)، وسعيد بن أبي صدقة ترجم له البخاري فيمن توفي بين (110 - 150 هـ)، وسلمة بن علقمة توفي سنة (139 هـ)][أربعتهم من الطبقة السادسة]، فقول ابن سيرين:"سمعته منذ زمان، لا أدري ممن سمعته، ولا أدري أثبت أم لا؟ فاسألوا عنه": يقتضي أن يكون الذي حدث عنه به مصرحًا بالواسطة من قدماء أصحابه مثل أيوب مثلًا، لكن أشعث ليس من قدماء أصحابه، بل ليس من أصحابه المقدمين فيه -عند جماعة من النقاد-، بل
إن سلمة بن علقمة، والذي روى عنه قوله:"نبئت عن عائشة"، أقدم وفاة من الحمراني، فهو أولى أن يكون حمله عنه قبل أن ينسى.
ثم إن عبد الله بن شقيق: بصري تابعي ثقة مشهور معاصر لابن سيرين ومن أهل بلده، الفارق بين وفاتيهما سنتان فقط [ابن شقيق توفي سنة (108 هـ)، وابن سيرين توفي سنة (110 هـ)]، فليس هو قديم الوفاة بالنسبة لابن سيرين حتى يقول:"سمعته منذ زمان"، ثم افترقا بعد ذلك إما بالبلدان وإما بالوفاة، فهما بلديان متعاصران، قد روى عن ابن سيرين أحاديث، فلماذا نسي حديثه هذا وذكر غيره، والثقة المشهور المعاصر البلدي حديث الوفاة: لا يكاد يُنسى عند الحفاظ المتقنين أمثال ابن سيرين، فابن شقيق ليس هو من الغرباء، ولا قديم الوفاة، ولا من المجاهيل غير المشهورين بحمل هذا العلم الشريف حتى ينساه مثل ابن سيرين، والله أعلم.
إذا ظهر هذا علمت أن البخاري في تاريخه الأوسط والكبير قد أعل رواية معاذ بن معاذ عن أشعث الموصولة، برواية سعيد بن أبي صدقة، وكذلك أبو داود.
بل إن الإمام أحمد أنكر هذا الحديث -حديث أشعث- إنكارًا شديدًا، قال عبد الله بن أحمد في العلل (3/ 464) (5982):"حدثت أبي بحديث، حدثناه عبيد الله بن عمر القواريري، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، قال: حدثنا الأشعث -يعني: ابن عبد الملك الحمراني-، عن محمد، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شُعُرنا أو: لحافنا. قال أبي: ما سمعت عن أشعث حديثًا أنكر من هذا، وأنكره أشد الإنكار".
• والحديث يرويه قتادة مرسلًا:
فقد روى أحمد في مسنده (6/ 129)، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن ابن سيرين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كره الصلاة في ملاحف النساء.
وروى ابن أبي شيبة (2/ 155/ 7601)، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عائشة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره الصلاة في مشاعرهن.
وفي الجملة: فإن الحديث منكر، والمعروف عن عائشة وغيرها بخلافه، كما سيأتي برقم (370).
وقد بوب البخاري في صحيحه في (8) كتاب الصلاة، (22) باب الصلاة على الفراش، وذكر حديث عائشة من ثلاث طرق (382 و 383 و 384)، وأحد ألفاظه: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجليَّ، فإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (2/ 261): "وجه الاستدلال بهذا الحديث على جواز الصلاة على الفراش أن عائشة رضي الله عنها كانت تنام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينام هو وعائشة عليه، وكان يقوم فيصلي من الليل، وهي نائمة معترضة بين يديه على الفراش،