المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(12/ 88).***130 -باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٤

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌112 م- باب من قال: المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

- ‌113 - باب من قال: تغتسل كل يوم مرة، ولم يقل: عند الظهر

- ‌1)].***114 -باب من قال: تغتسل بين الأيام

- ‌115 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

- ‌1).***116 -باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

- ‌117 - باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر

- ‌118 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

- ‌119 - باب ما جاء في وقت النفساء

- ‌(19/ 239 - 240)].120 -باب الاغتسال من الحيض

- ‌121 - باب التيمم

- ‌(111).***122 -باب التيمم في الحضر

- ‌123 - باب الجنب يتيمم

- ‌124 - باب إذا خاف الجنب البرد، أيتيمم

- ‌125 - باب في المجروح [وفي نسخة: المجدور] يتيمم

- ‌126 - باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلي، في الوقت

- ‌127 - باب في الغسل يوم الجمعة

- ‌1)].***128 -باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة

- ‌129 - باب في الرجل يُسْلِم فيؤمر بالغسل

- ‌(12/ 88).***130 -باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

- ‌131 - باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه

- ‌132 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌133 - باب في الرخصة في ذلك

- ‌134 - باب المني يصيب الثوب

- ‌(1/ 125).***135 -باب بول الصبي يصيب الثوب

- ‌(1/ 245).***136 -باب الأرض يصيبها البول

- ‌137 - باب في طهور الأرض إذا يبست

- ‌باب في الأذى يصيب الذيل

- ‌باب في الأذى يصيب النعل

- ‌138 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

- ‌139 - باب البصاق يصيب الثوب

- ‌2 - كتاب الصلاة

- ‌1 - باب فرض الصلاة

- ‌2 - باب في المواقيت

- ‌3 - باب في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها

- ‌4 - باب في وقت صلاة الظهر

الفصل: ‌(12/ 88).***130 -باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

وفيه قول ثالث؛ قاله الشافعي، قال: إذا أسلم المشرك أحببت له أن يغتسل، فإن لم يفعل ولم يكن جنبًا أجزأه أن يتوضأ ويصلي.

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول".

قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 205): "وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الغسل واجب إن أصابته جنابة في الكفر، ومن لم يوجب الغسل مطلقًا حمل الأمر الوارد فيه على الاستحباب؛ لأن استقراء أحوال المسلمين في عهده صلى الله عليه وسلم يقتضي عدم وجوب الغسل مطلقًا؛ فإنهم كانوا يدخلون في الدين أفواجًا ولهم الأولاد، والزوجات، ولا يؤمرون بالغسل مع استحالة كونهم لم تصبهم جنابة".

• قلت: وهذا الأخير أولى بالصواب، ولضعف أدلة الأمر بالغسل إذ لم يصح فيها حديث، ولأن حكم الجنابة مما يسقط بالإسلام، فالإسلام يجبُّ ما قبله، والله أعلم.

وانظر: كلام النووي في شرح مسلم ‌

(12/ 88).

***

130 -

باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

357 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن إبراهيم: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثني أبي: حدثتني أم الحسن -يعني: جدة أبي بكر العدوي-، عن معاذة، قالت: سألت عائشة رضي الله عنها، عن الحائض يصيب ثوبها الدمُ؟ قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيِّره بشيء من صفرة. قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعًا، لا أغسل لي ثوبًا.

• حديث حسن، إلا جملة: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعًا، لا أغسل لي ثوبًا.

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 408).

وأخرجه أحمد (6/ 250)، عن عبد الصمد به، فلم يذكر الجملة الأولى في أثر الدم، وزاد: وقالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليَّ ثوب: عليه بعضه وعليَّ بعضه، وأنا حائض نائمة قريبًا منه.

وكلا الزيادتين محفوظة عن عبد الصمد.

وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير أم الحسن جدة أبي بكر العدوي، وفي المسند: العتكي، لا يُعرف لها ذكر إلا في هذا الحديث، ولم يرو عنها سوى عبد الوارث بن سعيد، قال الذهبي في الميزان (4/ 612):"لا تعرف"، وقال ابن حجر في التقريب (772):"لا يعرف حالها".

ص: 225

• وقد صح ذلك عن معاذة من طرقٍ أخرى:

1 -

فقد روى ثابت بن يزيد [هو الأحول أبو زيد البصري: ثقة ثبت]: ثنا عاصم [هو ابن سليمان الأحول: ثقة حافظ]، عن معاذة العدوية، عن عائشة قالت: إذا غسلت المرأة الدم فلم يذهب، فلتغيره بصفرة ورس أو زعفران.

أخرجه الدارمي (1/ 255/ 1011).

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

ورواه حماد بن زيد: نا عاصم، عن معاذة: أنها سألت عائشة، عن دم الحيض يصيب الثوب؟ قالت: اغسليه. قلت: إنه لا يذهب. قالت: فالطخيه بشيء من الزعفران.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (2/ 48/ 708).

وهذا أيضًا: إسناد صحيح على شرط الشيخين.

• وصح عن معاذة أيضًا مطلق الغسل:

2 -

فقد روى شعبة، عن يزيد الرشك، قال: سمعت معاذة العدوية، عن عائشة، قالت لها امرأة: الدم يكون في الثوب فأغسله فلا يذهب فأقطعه؟ قالت: الماء طهور.

وفي رواية: سألت عائشة رضي الله عنها، عن الدم يكون في الثوب؟ وفي أخرى: أرأيت الثوب يصيبه الدم فأغسله فلا يذهب أثره؟ فقالت: الماء طهور.

أخرجه الدارمي (1/ 255/ 1012)، والبيهقي (2/ 408).

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

3 -

وروى يزيد بن زريع: ثنا سعيد -يعني: ابن أبي عروبة-، عن قتادة، عن معاذة: أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها، عن دم الحيض يكون في الثوب فيغسل: فيبقى أثره؟ فقالت: ليس بشيء.

أخرجه البيهقي (2/ 408).

وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري، وسماع قتادة من معاذة ثابت صحيح، كما تقدم إثباته تحت الحديث رقم (263).

وانظر وهم معمر في هذا الإسناد: مصنف عبد الرزاق (1/ 319/ 1225).

4 -

وروى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (1/ 1019/92)، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة: أن امرأة سألت عائشة عن نضح الدم في الثوب؟ فقالت: اغسليه بالماء؛ فإن الماء له طهور.

وإسناده صحيح على شرط مسلم.

• وله طريق أخرى عن عائشة:

فقد روى علي بن المبارك، قال: سمعت كريمة، قالت: سمعت عائشة، وسألتها امرأة: يصيب ثوبها من دم حيضها؟ قالت: لتغسله بالماء. قالت: فإنا نغسله فيبقى أثره؟ قالت: إن الماء طهور.

ص: 226

أخرجه الدارمي (1/ 256/ 1020)، وابن أبي شيبة (1/ 180/ 2076).

وهذا إسناد جيد في المتابعات.

علي بن المبارك: ثقة، وكريمة بنت همام: روى عنها ثلاثة من الثقات، منهم: يحيى بن أبي كثير، وهو لا يروي إلا عن ثقة، وروايتها هذه تابعتها عليها معاذة العدوية، وهي ثقة؛ فأثرها هذا صحيح.

• ثم وجدت في فتح الباري لابن رجب (1/ 463 - 464) طريق أخرى، يرويها:

محمد بن عبد الله الأنصاري، عن هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، قالت: سألت امرأةٌ عائشة، قالت: يكون عليَّ الثوب أعرق فيه أيام تحيضي، أصلي فيه؟ قالت: نعم. قالت: وربما أصابه من دم المحيض؟ قالت: فاغسليه. قالت: فإن لم يذهب أثره؟ قالت: فلطخيه بشيء من زعفران.

ولم أجده في جزء محمد بن عبد الله الأنصاري المطبوع.

وهذا إسناد رواته ثقات؛ إلا أني لم أر في كتب الأطراف لحفصة بنت سيرين رواية عن عائشة، وإن كانت عاصرتها ما يقرب على ثلاثين سنة، فالله أعلم.

إلا أنها متابعة جيدة لحديث معاذة العدوية، عن عائشة.

• وحاصل ما تقدم؛ فإن حديث أم الحسن عن معاذة العدوية، عن عائشة: حديث حسن بهذه المتابعات، إلا جملة: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعًا، لا أغسل لي ثوبًا؛ فإني لم أقف لها على متابع أو شاهد حتى الآن.

وأما جملة: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليَّ ثوب: عليه بعضه وعليَّ بعضه، وأنا حائض نائمة قريبًا منه؛ فإن لها متابعات وشواهد يأتي الكلام عليها عند الحديث رقم (369 و 370)، والله أعلم.

***

358 -

. . . قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير العبدي: أخبرنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعت الحسن -يعني: ابن مسلم-، يذكر عن مجاهد، قال: قالت عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإن أصابه شيء من دمٍ بلَّته بِريقها، ثم قَصَعَتْه بِريقها.

• حديث صحيح.

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 405).

وتابع محمد بن كثير العبدي على هذه الرواية: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي البصري [صدوق]: ثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن به؛ إلا أنه قال:"ثم قصعته بظفرها".

أخرجه البيهقي (1/ 14)، والإسماعيلي [كما في الفتح لابن رجب (1/ 458)].

ص: 227

وخالفهما: أبو نعيم الفضل بن دكين [ثقة ثبت]، وخلاد بن يحيى [صدوق]، والنعمان بن عبد السلام [ثقة]:

فرواه ثلاثتهم، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قالت عائشة: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد، تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها، فقصعته بظفرها.

لفظ أبي نعيم عند البخاري، وفي أكثر النسخ:"فمصعته" بالميم بدل القاف، ولفظ خلاد:"بلته بريقها ثم قصعته بظفرها".

أخرجه البخاري (312)، والبيهقي (2/ 405).

وانظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 458)، ولابن حجر (1/ 492)، عمدة القارئ (3/ 280).

فجعلوا شيخ إبراهيم بن نافع في هذا الحديث: ابن أبي نجيح بدل: الحسن بن مسلم بن يناق.

قال البيهقي: "والمشهور عن إبراهيم: عن الحسن بن مسلم بن يناق عن مجاهد، وعن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها.

وقد رواه خلاد بن يحيى، عن إبراهيم كما رواه أبو نعيم؛ فهو صحيح من الوجهين جميعًا".

قلت: وهو كما قال: محفوظ من الوجهين جميعًا؛ ذلك لأن إبراهيم بن نافع: ثقة حافظ، يحتمل منه التعدد في الأسانيد، وهو مشهور بالرواية عن الحسن بن مسلم بن يناق، وعن عبد الله بن أبي نجيح، وروايته عنهما في الصحيحين، وقد قال فيه سفيان بن عيينة:"كان حافظًا"، وقال عبد الرحمن بن مهدي:"كان أوثق شيخ بمكة"، وقال أحمد وابن معين والنسائي:"ثقة"[التهذيب (1/ 91)].

• وأما سماع مجاهد من عائشة فثابت صحيح، وقد نفاه:

1 -

شعبة [العلل ومعرفة الرجال (2/ 94/ 1673) و (1/ 508/ 1187)، سؤالات الميموني (147)، المراسيل (748) و (749)، تاريخ دمشق (57/ 30)، جامع التحصيل (273)، تحفة التحصيل (294)].

2 -

يحيى بن سعيد القطان [تاريخ الدوري (3/ 100/ 411) و (4/ 375/ 3803)، المراسيل (747 و 750)، تاريخ دمشق (57/ 30)، جامع التحصيل (273)، تحفة التحصيل (294)].

3 -

يحيى بن معين [الجرح والتعديل (8/ 319)، المراسيل (752)، جامع التحصيل (273)، تحفة التحصيل (294)].

4 -

أبو حاتم الرازي [الجرح والتعديل (8/ 319)، المراسيل (758)، جامع التحصيل (273)، تحفة التحصيل (294)].

ص: 228

5 -

ابن خراش [تاريخ دمشق (57/ 30)].

قالوا: لم يسمع مجاهد من عائشة، وأنكر شعبة أن يكون مجاهد سمع من عائشة، وقال أبو حاتم وابن خراش بأن أحاديثه عنها مرسلة.

وقد اعتمد شعبة في إنكار السماع -وكذا من تبعه في ذلك- على إنكاره لحديث رواه موسى بن عبد الله الجهني، قال: أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدثتني عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا.

أخرجه النسائي (1/ 127/ 226)، وأحمد (6/ 51)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (1579 و 1580)، وأبو القاسم البغوي في مسند علي بن الجعد (2293)، والطحاوي في شرح المعاني (2/ 48)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 57).

من طرق عن موسى به.

قال أحمد في العلل (1673): "كان شعبة ينكر أن يكون مجاهد سمع من عاثشة، وقال يحيى بن سعيد في حديث موسى الجهني، عن مجاهد: أخرجت إلينا عائشة -أو: حدثتني عائشة-، قال يحيى بن سعيد: فحدثت به شعبة، فأنكر أن يكون مجاهد سمع من عاثشة".

قلت: الذين نفوا سماع مجاهد من عائشة قد تابعوا شعبة على هذا القول، وهو قول مرجوح، والراجح ثبوت سماع مجاهد من عائشة لأمور منها:

1 -

أن قول الذين نفوا السماع معارض بقول الذين أثبتوا السماع، مثل: ابن المديني، والبخاري، ومسلم، وابن حبان، وغيرهم.

أما ابن المديني، فقال:"وقد سمع من عائشة"؛ يعني: مجاهد بن جبر [تاريخ دمشق (57/ 29)، الفتح (1/ 492)، السير (4/ 451)، تحفة التحصيل (295].

وأما البخاري ومسلم فقد احتجا بأحاديث لمجاهد عن عائشة، وفي أحدها ما يقتضي ثبوت السماع [البخاري (1393 و 5616) و (1775 و 1776 و 4253 و 4254)، مسلم (1211/ 133) و (1255/ 220)].

وسيأتي كلام ابن حبان، والمثبت مقدم على النافي لما معه من زيادة علم.

2 -

أن حديث موسى بن عبد الله الجهني، عن مجاهد: حدثتني عائشة: حديث صحيح، رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض، رجال مسلم؛ ولا وجه لتوهيم موسى الجهني فيه، لا سيما في إثبات سماع مجاهد من عائشة، فهو ثابت بالتاريخ، وبطريق آخر، ومتنه ليس بمنكر، فإن فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل في إناء بسع ثمانية أرطال؛ يعني: صاعًا ونصف -كما قال أبو عبيد-، إذ الصاع: خمسة أرطال -كما قال أحمد وغيره-، وقد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل في قدح يقال له الفرق، وهو ثلاثة آصح، يغتسل منه هو وعائشة [تقدم تحت الحديث رقم (77)].

3 -

قال ابن حبان في الصحيح (7/ 291/ 3021): "ماتت عائشة سنة سبع

ص: 229

وخمسين، وولد مجاهد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر، فدل هذا على أن من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عائشة كان واهمًا في قوله ذلك".

يعني: أنهما قد تعاصرا مدة ست وثلاثين سنة، فكيف ينكر سماعه منها، وقد ثبت من طريقين، تقدم أحدهما في حديث موسى الجهني.

4 -

والثاني: ما رواه البخاري (1775 و 1776 و 4253 و 4254)، ومسلم (1255)، والنسائي في الكبرى (2/ 470 و 471/ 4217 و 4221)، وابن خزيمة (4/ 358/ 3070)، وابن حبان (9/ 260/ 3945)، وأحمد (2/ 155)، وإسحاق بن راهويه (3/ 614 و 615/ 1187 و 1188)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (752)، والطبراني في الأوسط (3/ 132/ 2705)، والبيهقي (5/ 10).

من طريقين عن منصور، عن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم؟ فقال: بدعة. ثم قال له: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعًا، إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أماه، يا أم المؤمنين! ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات، إحداهن في رجب. قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط.

• ففي هذا الحديث الصحيح المنفق عليه بإسناد في غاية الصحة: ثبوت سماع مجاهد من عائشة، فماذا بعدُ؟!!

وانظر أيضًا: علل ابن أبي حاتم (2/ 280/ 2344)، شرح العلل (2/ 597)، نصب الراية (3/ 94).

• والحاصل: أن حديث عائشة هذا: حديث صحيح.

ولابن أبي نجيح فيه إسناد آخر [بشيخ آخر] يأتي برقم (364).

• وممن وهم في إسناده ومتنه:

المنهال بن خليفة [ضعيف]، فرواه عن خالد بن سلمة، عن مجاهد، عن أم سلمة: أنها قالت -أو: قيل لها-: كيف كنتن تصنعن بثيابكن إذا طمثتن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: إن كنا لنطمث في ثيابنا، وفي دروعنا، فما نغسل منها إلا أثر ما أصابه الدم، وإن الخادم من خدمكم اليوم ليتفرغ يوم طهرها لغسل ثيابها.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 141/ 278)، وإسحاق بن راهويه (4/ 144/ 1917)، والطبراني في الأوسط (2/ 348/ 2192).

قال الطبراني: "لم يروه عن مجاهد إلا خالد، تفرد به المنهال".

• وحديث مجاهد: محمول على الدم اليسير، قال البيهقي في السنن (1/ 14):

ص: 230

وهذا في الدم اليسير الذي يكون معفوًا عنه، فأما الكثير منه: فصحيح عنها أنها كانت تغسله".

يعني بذلك: ما رواه عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كانت إحدانا تحيض، ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها، فتغسله، وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه.

أخرجه البخاري (308)، وابن ماجه (630)، والدارمي (1/ 254/ 1008)، وابن المنذر (2/ 147/ 756)، والبيهقي (2/ 406 - 407).

وانظر: المغني لابن قدامة (1/ 409).

• وأما ألفاظ الحديث: فقال الخطابي في أعلام الحديث (1/ 319): "فمصعته

، والمصع: أصله في الضرب، وهو الشديد منه، فيكون على هذا معناه: المبالغة في حكه، وأما القصع: فهو دلكه بالظفر، ومعالجته به، ومنه قصع القملة" [وانظر: المعالم (1/ 97)].

***

359 -

. . . عبد الرحمن -يعني: ابن مهدي-: حدثنا بكار بن يحيى: حدثتني جدتي، قالت: دخلت على أم سلمة فسألتها امرأةٌ من قريش، عن الصلاة في ثوب الحائض؟ فقالت أم سلمة: قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلبث إحدانا أيام حيضها، ثم تطهر، فتنظر الثوب الذي كانت تقلب فيه؛ فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه، وإن لم يكن أصابه شيء تركناه، ولم يمنعنا ذلك من أن نصلي فيه.

وأما الممتشطة: فكانت إحدانا تكون ممتشطة فإذا اغتسلت لم تنقض ذلك، ولكنها تحفن على رأسها ثلاث حفنات، فإذا رأت البلل في أصول الشعر، دلكته، ثم أفاضت على سائر جسدها.

• إسناده ضعيف.

أخرجه ابن المنذر (2/ 147/ 707)، والبيهقي (1/ 182) و (2/ 407).

وإسناده ضعيف.

بكار بن يحيى: مجهول [التقريب (100)]، وجدته: لا تعرف.

• والجملة الأولى مروية عن أم سلمة من وجه آخر:

قال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (1/ 91/ 1011): حدثنا غندر، عن أشعث، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة: أن امرأة سالتها، عن الحائض تلبس الثوب تصلي فيه؟

فقالت أم سلمة: إن كان فيه دم غسلت موضع الدم، وإلا صلت فيه.

ص: 231

وهذا إسناد صحيح؛ إن كان أشعث هذا هو: ابن جابر الحداني، أو: ابن عبد الملك الحمراني: وهما ثقتان، والذي يغلب على الظن أنه الثاني؛ لأنه أكثرهم رواية عن الحسن؛ وشهرة به، والله أعلم، ويحتمل أن يكون هو: ابن سوار؛ الضعيف، والله أعلم.

وقد أخرج مسلم (2916) في صحيحه حديث: "تقتل عمارًا الفئة الباغية" من طريق الحسن عن أمه عن أم سلمة.

ورواه أبو بكر الهذلي [وهو متروك]، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة: إن إحداكن تسبقها القطرة من الدم فإذا أصابت إحداكن ذلك فلتقصعه بريقها.

أخرجه الدارمي (1/ 255/ 1010).

ولا عبرة به.

وأما الجملة الثانية: فالامتشاط المذكور فيها محمول على ضفر شعر الرأس، وقد سبق تخريج ما في معناه تحت الحديث رقم (255)، فليراجع.

***

360 -

. . . محمد بن إسحاق، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر، أتصلي فيه؟ قال:"تنظر، فإن رأت فيه دمًا، فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، وتصلي فيه".

• حديث صحيح.

أخرجه الدارمي (1/ 218/ 772) و (1/ 256/ 1018)، وابن خزيمة (1/ 140/ 276)، وإسحاق بن راهويه (5/ 131/ 2244)، والطبراني في الكبير (24/ 128/ 350)، والبيهقي (2/ 406).

• وهذا حديث صحيح.

وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من فاطمة بنت المنذر في رواية: يزيد بن زريع، وعمر بن علي: عند الدارمي وابن خزيمة.

وتابعه عليه هشام بن عروة كما سيأتي.

وهذا لفظ محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، وتابعه عليه بنحوه: يزيد بن هارون، عند الطبراني.

ورواه يزيد بن زريع، وأحمد بن خالد الوهبي، وعبدة بن سليمان، وعمر بن علي، وابن أبي عدي: فزادوا الحك أو الحت؛ قبل قرصه بالماء.

ولفظ يزيد بن زريع: "إن رأيت فيه دمًا فحكيه، ثم اقرصيه بماء، ثم انضحي في سائره، فصلي فيه"[الدارمي].

***

ص: 232

361 -

. . . مالك، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أرأيتَ إحدانا إذا أصاب ثوبها الدمُ من الحيضة، كيف تصنع؟ قال:"إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض، فلتقرصه، ثم لتنضحه بالماء، ثم لتصل".

• متفق على صحته.

أخرجه مالك في الموطأ [موطأ يحيى بن يحيى الليثي (1/ 156/10)، وزاد فيه يحيى وهمًا منه: "عن أبيه" بعد هشام. موطأ أبي مصعب الزهري (1/ 66/ 166)، موطأ سويد بن سعيد الحدثاني (65)، موطأ القعنبي (93 م)، وفيه زيادة: "عن أبيه"، وهي وهم من الرواة عن القعنبي أو من النساخ، فإنه قد أخرجه من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي مثل الجماعة بدون الزيادة: أبو داود، والطبراني، والجوهري، والبغوي].

ومن طريق مالك: أخرجه البخاري (307)، ومسلم (291)، وأبو عوانة (1/ 176/ 535)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 350/ 672)، وأبو داود (361)، وابن خزيمة (1/ 139/ 275)، والشافعي في الأم (2/ 17 - 18 و 41/ 12 و 48)، وفي المسند (8)، والطبراني في الكبير (24/ 109/ 286)، والجوهري في مسند الموطأ (779)، والبيهقي في المعرفة (2/ 230/ 1237)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 380/ 290).

• هكذا روى هذا الحديث عن مالك، عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء به:

عبد اللّه بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن يوسف التنيسي، وعبد الله بن وهب، والإمام الشافعي، وأبو مصعب الزهري، وسويد بن سعيد الحدثاني [6]، وغيرهم من الرواة عن مالك في الموطأ وغيره.

وخالفهم [وهم الحجة في مالك]: يحيى بن يحيى الليثي [وهو: صدوق، كثير الوهم والتصحيف. التهذيب (4/ 399)]، فرواه عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة، عن أسماء به، فزاد في الإسناد:"عن أبيه"، فوهم.

قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 261): "وقع في كتاب يحيى ونسخته في رواية أبيه وغيره عنه في هذا الحديث: مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة، وهذا خطأ بيِّن، وغلط لا شك فيه، وهو من خطأ اليد، وجهل يحيى بالإسناد؛ لأن عروة لم يرو قط عن فاطمة هذه، وهي فاطمة بنت المنذر بن الزبير: زوج هشام بن عروة، وإنما الحديث في الموطأ: لهشام عن فاطمة امرأته، وكذلك رواه: كل من رواه عن هشام بن عروة: مالك وغيره".

والدارقطني في كتابه: "أحاديث الموطأ، وذكر اتفاق الرواة عن مالك، واختلافهم فيه، وزيادتهم ونقصانهم" لم يذكر اختلافًا في هذا الحديث (592) في الرواة عن مالك في

ص: 233

رواية هذا الحديث، عن هشام، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء: في أمر الحيضة: "تقرصه".

• والحديث قد رواه ابن وهب، قال: أخبرني مالك بن أنس، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن عبد الله بن سالم:

عن هشام بن عروة، عن فاطمة، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيب الدم من الحيضة؟ فقال: "لِتحُتُّه، ثم لنقرصه، ثم لتنضحه بالماء، ثم لتصلي فيه".

أخرجه مسلم (291)، وأبو عوانة (534)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 351/ 673)، وابن حبان (4/ 242/ 1397)، عن عمرو بن الحارث وحده، وابن المنذر (2/ 146/ 704)، والطبراني في الكبير (24/ 109 - 110/ 289)، عن عمرو بن الحارث وحده. والبيهقي (1/ 13).

فجمع ابن وهب شيوخه الثلاثة، وحمل رواية مالك على رواية عمرو بن الحارث، والله أعلم.

***

362 -

. . . حماد بن زيد، وعيسى بن يونس، وحماد بن سلمة: عن هشام بهذا المعنى، قال:"حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه".

• حديث صحيح.

هذا الحديث رواه عن هشام بن عروة:

1 -

مالك بن أنس، وتقدم.

2 -

عمرو بن الحارث، وتقدم.

3 -

يحيى بن عبد الله بن سالم، وتقدم.

4 -

حماد بن زيد، عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء -وكانت تكون في حجرها-: أن امرأة استفتت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: "حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه، وصلي فيه".

أخرجه أبو داود (362)، والنسائي (1/ 155/ 293) و (1/ 195/ 394)، واللفظ له، وابن خزيمة (1/ 139/ 275)، والطبراني في الكبير (24/ 109/ 287).

5 -

حماد بن سلمة عن هشام به، قال:"حتيه، ثم اقرصيه بالماء، وانضحي ما حوله".

أخرجه أبو داود (362)، وابن حبان (4/ 243/ 1398)، واللفظ له، وأبو داود الطيالسي (3/ 209/ 1743)، والطبراني في الكبير (24/ 109/ 288).

6 -

عيسى بن يونس، عن هشام به، قال:"لتحكه، ثم لتقرضه بالماء، ثم تصلي فيه".

ص: 234

أخرجه أبو داود (362)، والطبراني في الكبير (24/ 111/ 295)، واللفظ له.

7 -

يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، قال: حدثتني فاطمة، عن أسماء، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة، كيف تصنع به؟ قال:"تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه".

أخرجه البخاري (227)، ومسلم (291)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 350/ 671)، وابن خزيمة (275)، وأحمد (6/ 346 و 353)، والطبراني في الكبير (24/ 110/ 290)، وابن حزم في المحلى (1/ 103)، والبيهقي (2/ 406).

8 -

عبد الله بن نمير، عن هشام به، قال:"إذا أصاب ثوب إحداكن من دم الحيضة فلتحته، ثم لتقرصه بالماء، ثم لتنضحه، ثم لتصلي فيه".

أخرجه مسلم (291)، وأبو عوانة (533).

9 -

وكيع بن الجراح، عن هشام به، قال:"تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه".

وفي لفظ: "حتيه -أو: حكيه-، ثم اقرصيه بالماء".

أخرجه مسلم (291)، وأبو نعيم في المستخرج (670)، وابن خزيمة (275)، والطبراني (297)، والبيهقي (2/ 402).

10 -

أبو معاوية، عن هشام به، قال:"لتحته، ثم لتقرضه بماء، ثم لتصلي فيه".

أخرجه ابن خزيمة (275)، وأحمد (6/ 345 و 346 و 353)، وابن الجوزي في التحقيق (28).

11 -

أبو أسامة حماد بن أسامة، عن هشام به، ولم يذكر النضح، إنما ذكر الحت والقرص بالماء ثم الصلاة فيه.

أخرجه ابن خزيمة (275).

12 -

عبدة بن سليمان، عن هشام به، قال:"لتحتيه، ثم تقرصيه بالماء، ثم تنضحيه، وتصلي فيه".

أخرجه إسحاق بن راهويه (5/ 115/ 2220).

13 -

عبد العزيز بن أبي حازم، عن هشام به.

أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 111/ 297)، ولم يذكر لفظه.

14 -

روح بن القاسم، عن هشام به، قال:"إذا رأت إحداكن ذلك في ثوبها، فلتقرضه بالماء، ثم لتنضحه، ولتصلي فيه"، وفيه أن السائلة هي أسماء نفسها.

أخرجه الطبراني (296)، بإسناد فيه لين إلى روح.

15 -

مفضل بن فضالة [هو: ابن عبيد بن ثمامة الرعيني القتباني المصري: ثقة فاضل عابد]، عن هشام به، قال:"لتحته، ثم لتقرضه، ثم لتنضحه، ثم لتصلي فيه".

أخرجه الطبراني (291).

ص: 235

16 -

محمد بن فضيل، عن هشام به، قال:"خذيه فحتيه، ثم اقرضيه، وانضحي بقية ثوبك".

أخرجه الطبراني (293).

17 -

معمر بن راشد، عن هشام به، قال:"تقرصه بالماء، ثم تنضحه، وتصلي [فيه] ".

أخرجه عبد الرزاق (1/ 319/ 1223)، ومن طريقه: الطبراني (285).

18 -

أبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس، عن هشام به، قال:"لتحته، ثم لتقرصه، ثم لتنضحه بماء، فتصلي فيه".

أخرجه الطبراني (292).

19 -

الأوزاعي، عن هشام به، قال:"إذا أصاب ثوب إحداكن دم الحيضة فلتحته، ثم لتقرصه، ثم لتنضح بقيته، ثم لتصلي فيه".

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 87) و (28/ 42)، بإسناد مجهول إلى الأوزاعي.

20 -

أبو خالد الأحمر [سليمان بن حيان: صدوق يخطئ]، عن هشام به، قال:"اقرصيه [بالماء]، واغسليه، وصلي فيه".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 91/ 1009)، وعنه: ابن ماجه (629).

وقد تفرد أبو خالد بهذه اللفظة: "واغسليه"، والمحفوظ "وانضحيه".

21 -

سفيان بن عيينة، قال: حدثنا هشام بن عروة: أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر: تحدث أنها سمعت [قالت: سمعت جدتي] أسماء بنت أبي بكر، تقول: إن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم رشيه بالماء، وصلي فيه".

أخرجه الترمذي (138)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (119)، والدارمي (1/ 256/ 1016)، وابن خزيمة (1/ 139/ 275)، وابن حبان (4/ 241/ 1396)، وابن الجارود (120)، والشافعي في الأم (2/ 17 و 41 و 44/ 11 و 47 و 53)، وفي المسند (8)، والحميدي (320)، وإسحاق (5/ 114/ 2219)، والطبراني في الكبير (24/ 111/ 294)، وتصحفت فيه:"رشيه" إلى: "انضحيه". والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 13 و 139 و 244) و (2/ 406)، وفي المعرفة (2/ 229/ 1236)، وفي بيان من أخطأ على الشافعي (125).

وشذ ابن عيينة -وهو الحافظ الكبير-، فقال:"رشيه" بدل: "انضحيه"، وخالف في ذلك جمهور الرواة من الثقات الحفاظ المتقنين الذين رووا هذا الحديث عن هشام بن عروة، فقالوا:"لتنضحه"، مثل: مالك، وعمرو بن الحارث، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن نمير، ووكيع بن الجراح، وعبدة بن سليمان (8).

ص: 236

قال أبو عوانة في صحيحه (1/ 176): "رواه أبن عيينة، عن هشام، قال: "حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم رشيه، وصلي فيه"، وأما أصحاب هشام رووه: "ثم لتنضحه" إلا سفيان".

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

***

363 -

. . . سفيان: حدثني ثابت الحداد: حدثني عدي بن دينار قال: سمعت أم قيس بنت مِحصَن تقول: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال: "حكيه بضِلَع، واغسليه بماء وسدر".

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 44)، والنسائي (1/ 154 - 155/ 292) و (1/ 195 - 196/ 395)، وابن ماجه (628)، والدارمي (1/ 256/ 1019)، وابن خزيمة (1/ 141/ 277)، وابن حبان (4/ 240/ 1395)، وأحمد (6/ 355 و 356)، وابنه عبد الله في مسائله له (174)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 381/ 3492)، وعبد الرزاق (1/ 320/ 1226)، والدولابي في الكنى (3/ 1057/ 1864)، وابن المنذر (2/ 146 - 147/ 705)، والطبراني في الكبير (25/ 447/182).

هكذا رواه عن سفيان الثوري أثبت أصحابه: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وتابعهما: عبد الرزاق؛ وقال: "ثابت بن هرمز"، وانظر: الحلية لأبي نعيم (7/ 123).

• تابع الثوري عليه:

1 -

إسرائيل بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]:

قال أحمد وإسحاق: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن ثابت أبي المقدام -قال إسحاق: هو ثابت بن هرمز، وهو ثابت الحداد-، عن عدي بن دينار، عن أم قيس بنت محصن، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال: "حكيه، ولو بضلع".

أخرجه أحمد في المسند (6/ 356)، وإسحاق في المسند (5/ 72 - 73/ 2177).

2 -

حجاج بن أرطأة [ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين]:

قال ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 91/ 1010): حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن ثابت، عن عدي بن دينار: أن أم حصين سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب؟ فقال: "حكيه بضلع، واغسليه بماء وسدر، وصلي فيه".

فوهم حجاج، وقال:"أم حصين" بدل: "أم قيس بنت محصن".

والحديث صحيح، احتج به: أحمد، وأبو داود، والنسائي، وصححه: ابن خزيمة،

ص: 237

وابن حبان، قال عبد الله بن أحمد في مسائله:"سألت أبي عن دم الحيض بما يغسل؟ قال: يغسل بماء وسدر، وتحكه بضلع، فإذا أنقته فلا بأس إن لم تحكه"[مسائل عبد الله (173)].

لكن قال عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 213): "الأحاديث الصحاح ليس فيها ذكر الضلع والسدر".

فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (5/ 2469/281) وقال: "

أن غيره من الأحاديث كحديث أسماء ليس فيه ذلك، وإنما فيه:"تحته، ثم تقرصه، ثم تنضحه بالماء، ثم تصلي فيه"، ولا منافاة بينهما؛ لأن حديث أسماء: حديث مستفهم، والحديث المذكور: حديث مستثبت

[ثم ساق إسناد النسائي، وأبي داود ثم قال:] وهذا في غاية الصحة؛ فإن أبا المقدام ثابت بن هرمز الحداد، والد عمرو بن أبي المقدام: ثقة، قاله ابن حنبل وابن معين والنسائي [قلت: وقال أبو داود، وابن المديني، وأحمد بن صالح، ويعقوب بن سفيان:"ثقة"، وذكره ابن حبان، وابن شاهين، وابن خلفون في الثقات، وقال أبو حاتم:"صالح"، التهذيب (1/ 269)، إكمال مغلطاي (3/ 85)] ولا أعلم أحدًا ضعفه [هكذا في النسخة المخطوطة لكن لما رأى المحقق أن ابن حجر زاد في التهذيب قوله:"غير الدارقطني" فأثبتها في المطبوع في أصل الكتاب، والذي يظهر لي أنها غير ثابتة، فقد نقل قول ابن القطان هذا بدونها: ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 437)، وأبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (3/ 231)، ولأنني لم أقف للدارقطني فيه على قول، ولا أن أحدًا ضعفه، سوى قول الأزدي:"يتكلمون فيه"، ولا عبرة به بعد توثيق هؤلاء الأئمة، والله أعلم. ثم قال ابن القطان:]، وعدي بن دينار: هو مولى أم قيس المذكورة، قال فيه النسائي: ثقة. ولا أعلم لهذا الإسناد علة

"، وصححه، وصححه أيضًا: ابن الملقن في البدر المنير (1/ 516).

إذا علمت ذلك، ففي قول ابن حجر في الفتح (1/ 334) عن هذا الحديث:"وإسناده حسن"، فيه قصور، بل هو: إسناد صحيح، رجاله ثقات: سمع بعضهم من بعض.

وانظر أيضًا: ضعفاء العقيلي (1/ 39 - ط السلفي) وقال: "لم يتابع عليه ثابت بن هرمز"، قلت: هو ثقة يحتمل منه هذا التفرد في مثل هذا، لا سيما مع احتجاج أحمد، والنسائي، وأبي داود بروايته هذه، وتصحيح ابن خزيمة، وابن حبان، وابن القطان لها.

• قال الخطابي في المعالم (1/ 97): "وإنما أمر بحكه بالضلع [وهو العود] ليتقلع المستجسد منه اللاصق بالثوب، ثم تتبعه الماء ليزيل الأثر".

وقال ابن حبان: "قوله صلى الله عليه وسلم: "اغسليه بالماء" أمر فرض، وذكر السدر والحك بالضلع أمرا ندب وإرشاد".

وانظر: البدر المنير (1/ 517).

***

ص: 238

364 -

. . . سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة، قالت: قد كان يكون لإحدانا الدرع، فيه تحيض، وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه فطرة من دم فتقصعه بريقها.

• حديث صحيح.

أخرجه الدارمي (1/ 254/ 1009)، وعبد الرزاق (1/ 320/ 1329)، والبيهقي (1/ 14).

وهذا إسناد صحيح.

• وتابع ابن أبي نجيح عليه:

ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن عائشة أنها كانت تقول: وكانت إحدانا تحيض فيكون في ثوبها الدم، فتحكه بالحجر، أو بالعود، أو بالعظم، ثم ترشه، وتصلي.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 320/ 1228)، والدارمي (1/ 257/ 1021).

وإسناده صحيح على شرط الشيخين، فقد أخرجا أحاديث بهذا الإسناد [انظر: البخاري (3080 و 3206)، مسلم (899)].

***

365 -

. . . ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة: أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟

قال: "إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه".

فقالت: فإن لم يخرج الدم؟

قال: "يكفيك غسل الدم، ولا يضرك أثره".

• حديث ضعيف.

أخرجه أحمد (2/ 380)، وابن خزيمة في فوائد الفوائد (10)[لكن سقط من إسناده يزيد بن أبي حبيب]، وابن المنذر (2/ 149/ 710)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3314/ 7607)، والبيهقي (2/ 408)، وابن الملقن في البدر المنير (1/ 521).

وهذا الحديث مما تفرد به ابن الأعرابي عن أبي داود [تحفة الأشراف (10/ 295/ 14286)، البدر المنير (1/ 522)].

هكذا رواه عن ابن لهيعة: عبد الله بن وهب، وقتيبة بن سعيد، وعثمان بن صالح المصري [وهم ثقات أثبات، عدا عثمان، فإنه: صدوق].

وخالفهم: موسى بن داود الضبي [ثقة]، فقال: حدثنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن

ص: 239

أبي جعفر، عن عيسى بن طلحة [كذا في مطبوعة المسند، لكن في جامع المسانيد لابن كثير (ق 192/ أ)، وفي أطراف المسند (8/ 64)، وفي إتحاف المهرة (15/ 617/ 19996): "موسى بن طلحة" بدل: "عيسى بن طلحة"][وكذا في فتح الباري لابن رجب (1/ 461)]، عن أبي هريرة: أن خولة بنت يسار

فذكره مثله وفي آخره: قال: "يكفيك الماء، ولا يضرك أثره".

أخرجه أحمد (2/ 364).

وهذا حديث ضعيف، تفرد به ابن لهيعة، وهو: ضعيف، وقد اضطرب فيه كما ترى، فرواه مرة عن يزيد بن أبي حبيب، ومرة عن عبيد الله بن أبي جعفر، ورجال الإسنادين كلهم ثقات مشاهير إلا ابن لهيعة.

قال البيهقي: "تفرد به ابن لهيعة"، وكان قد ضعف إسناده قبلُ.

وقال ابن رجب في الفتح (1/ 461): "فابن لهيعة: لا يحتج برواياته في مخالفة روايات الثقات، وقد اضطرب في إسناده: فرواه تارة كذلك [يعني: عن يزيد بن أبي حبيب، كما تقدم]، وتارة رواه عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة

، وهذا يدل على أنه لم يحفظه".

وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (2/ 609)، وفي المجموع (2/ 545):"بإسناد ضعيف"، وذكره في فصل الضعيف من الخلاصة (438).

وضعفه ابن الملقن في البدر المنير (1/ 524).

وقال الذهبي في تهذيب السنن الكبرى (2/ 833): "هذا ضعيف من قبل لهيعة".

وقال ابن حجر في الفتح (1/ 334): "وفي إسناده ضعف"، وفي البلوغ (28):"وسنده ضعيف"، ووهم في عزوه للترمذي.

• وله إسناد آخر:

يرويه علي بن ثابت، عن الوازع بن نافع، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن خولة بنت نمار، قالت: قلت: يا رسول الله إني أحيض، وليس لي إلا ثوب واحد فيصيبه الدم؟ قال:"اغسليه وصلي فيه". قلت: يا رسول الله يبقى أثره؟ قال: "لا يضر".

أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 241/ 615)، ووقع فيه:"عن خولة بنت حكيم"، وعنه: أبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3315/ 7608)، وقال فيه:"عن خولة" ولم ينسبها. والبيهقي (2/ 408 - 409)، وهذا لفظه، وكذا وقع في تهذيبه للذهبي (2/ 833)"خولة بنت نمار"، وأبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (3/ 228 - 230)، وعنه: ابن الملقن في البدر المنير (1/ 523)، من طريق الطبراني.

لكن أبو نعيم أخرجه في ترجمة خولة بنت يسار.

وعزا ابن حجر هذا الحديث في الإصابة (4/ 294) لابن منده من طريق ابن حفص عن علي بن ثابت به وفيه: "عن خولة بنت يسار".

ص: 240