الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب في وقت صلاة الظهر
399 -
. . . محمد بن عمرو، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآخذ قبضة من الحصى، لتبرد في كفي أضعها لجبهتي، أسجد عليها لشدة الحر.
• حديث حسن.
أخرجه النسائي (2/ 204/ 1081)، وابن حبان (6/ 52/ 2276)، والحاكم (1/ 195)، وأحمد (3/ 327)، وابن أبي شيبة (1/ 286/ 3275)، وأبو يعلى (3/ 426/ 1916)، وأبو العباس السراج في مسنده (1027)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (2/ 373/ 1543)، والطحاوي (1/ 184 - 185)، والبيهقي (1/ 439) و (2/ 105)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 23/ 360).
ولفظ النسائي: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فآخذ قبضة من حصى في كفي أبرده، ثم أحوله في كفي الآخر، فإذا سجدت وضعته لجبهتي.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
قلت: كونه على شرط البخاري أقرب منه على شرط مسلم؛ فقد أخرج البخاري أحاديث لسعيد بن الحارث عن جابر، لكن من طريق فليح بن سليمان، لا من طريق محمد بن عمرو [انظر: تحفة الأشراف (2/ 178 - 180/ 2250 - 2254)، صحيح البخاري (361 و 986 و 5457 و 5613 و 5621)]، وأما مسلم فلم يخرج شيئًا بهذا الإسناد.
وهذا حديث حسن، إسناده مدني حسن، ومحمد بن عمرو هو: ابن علقمة الليثي، أخرج له البخاري مقرونًا بغيره، وأخرج له مسلم في المتابعات. وهو حسن الحديث.
***
400 -
. . . عبيدة بن حميد، عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق، عن كثير بن مدرك، عن الأسود، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: كانت قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام.
• حديث صحيح.
أخرجه النسائي (1/ 250/ 503)، والحاكم (1/ 199)، والطبراني في الكبير (10/ 130/ 10204)، والبيهقي (1/ 365)، وابن عبد البر (5/ 7)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 23/ 361)، والمزي في التهذيب (24/ 157).
وقد ورد تعيين هذه الصلاة وأنها الظهر عند النسائي وغيره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بأبي مالك الأشجعي، وكثير بن مدرك لم يخرجاه".
قلت: هو حديث صحيح؛ رجاله رجال مسلم، غير عبيدة بن حميد فمن رجال البخاري، وهو ثقة.
وقد أخرج مسلم حديثًا في التلبية (1283) من طريق كثير بن مدرك، عن عبد الرحمن بن يزيد والأسود بن يزيد، عن ابن مسعود، فظهر بذلك أن مسلمًا قد أخرج لكثير بن مدرك.
وأما الأسود بن يزيد النخعي صاحب ابن مسعود فحديثه عنه في الصحيحين.
• وقد توبع عبيدة بن حميد:
تابعه: محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن كثير بن مدرك، عن الأسود بن يزيد، قال: قال عبد الله: إن أول وقت الظهر: أن تنظر إلى قدميك فتقيس ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وإن أول الوقت الآخر: خمسة أقدام إلى سبعة أقدام. أظنه قال: في الشتاء.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 287/ 3289)، قال: حدثنا محمد بن فضيل به.
قلت: وهذا وإن كان ظاهره الوقف، إلا أنه لا يدرك إلا بالتوقيف، فهو مرفوع حكمًا، ورواية عبيدة بن حميد الصريحة في الرفع أولى، والله أعلم.
قال البيهقي: "وهذا أمر يختلف في البلدان والأقاليم، فيقدر في كل إقليم بالمعروف به بأمر الزوال".
وقال ابن الأثير في النهاية (4/ 26): "أقدام الظل التي تعرف بها أوقات الصلاة: هي قدم كل إنسان على قدر قامته، وهذا أمر مختلف باختلاف الأقاليم والبلاد؛ لأن سبب طول الظل وقصره: هو انحطاط الشمس وارتفاعها إلى سمت الرؤوس، فكلما كانت أعلى، وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب، كان الظل أقصر، وينعكس الأمر بالعكس، ولذلك ترى ظل الشتاء في البلاد الشمالية أبدًا أطول من ظل الصيف، في كل موضع منها، وكانت صلاته عليه الصلاة والسلام بمكة والمدينة من الأقليم الثاني، ويذكر أن الظل فيهما عند الاعتدال في آذار وأيلول ثلاثة أقدام وبعض قدم، فيشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر متأخرة عن الوقت المعهود قبله إلى أن يصير الظل خمسة أقدام، أو خمسة وشيئًا، ويكون في الشتاء أول الوقت خمسة أقدام، وآخره سبعة، أو سبعة وشيئًا، فينزل هذا الحديث على هذا التقدير في ذلك الأقليم دون سائر الأقاليم، والله أعلم"[وانظر: معالم السنن للخطابي (1/ 110)، فهو منقول عنه بتصرف].
• ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الموضع: أن الشريعة جاءت في المسائل العملية، مثل مواقيت الصلاة وغيرها، بأمور تقريبية يحسنها أكثر الخلق، وهي تجري مجري غلبة الظن لا مجرى اليقين في الغالب، ولم يطلب منا التدقيق ولا التعمق في ذلك، مثل تحديد
جهة القبلة لمن كان بعيدًا عنها؛ فإنه لا يكلف قصد عين الكعبة، وإنما يكفيه تيمم جهتها، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وكذلك هنا في المواقيت، فإنه لا ينبغي تكلف معرفة أول الوقت وآخره بالدقيقة والثانية، وإنما يكفي المكلف معرفة أن الوقت قد دخل بيقين، مثل كون الشمس قد زالت عن بطن السماء قدر الشراك ونحوه، وأن الظل قد بدأ في الازدياد من جهة المشرق مما يدرك بالنظر العادي، ولعله لهذا المعنى ختم ابن أبي شيبة في مصنفه الباب الذي عقده في وقت الظهر (1/ 287/ 3296) بقوله:"حدثنا وكيع ومعاذ كلاهما، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: ليس الوقت ممدودًا [وتحتمل: محدودًا] كالشراك، من أخطأه هلك".
وإسناده صحيح إلى أبي مجلز لاحق بن حميد، وهو تابعي ثقة.
وانظر: الموافقات (2/ 90).
• تنبيه: روي في معنى حديث ابن مسعود: حديث قولي مرفوع لكنه باطل، فأحببت أن أنبه عليه:
يرويه أصرم بن حوشب [كذاب خبيث، يضع الحديث على الثقات. اللسان (2/ 210)]، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الفيء ذراعًا ونصفًا إلى ذراعين فصلوا الظهر".
أخرجه أبو يعلى (9/ 377/ 5502)، وعنه: ابن حبان في المجروحين (1/ 183)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 118)، وابن عدي في الكامل (1/ 405)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 13).
قال ابن حبان في أصرم: "كان يضع الحديث على الثقات"، ثم روى له حديثين هذا أحدهما، ثم قال:"المتنان جميعًا باطلان".
وقال العقيلي: "ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، ليس له أصل من جهة تثبت"[الضعفاء (1/ 135) ط حمدي السلفي]، والجملة الأخيرة ليست في المطبوعة القديمة، وهي ثابتة عنه في الموضوعات واللسان.
وقال ابن عدي: "وهذه الأحاديث عن زياد بن سعد لا يرويها عن زياد غير أصرم بن حوشب هذا".
***