المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقدمة بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن - قصة الحياة

[عبد الإله بن عبد الله بن علي جابر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الله جل وعلا

- ‌بدء الخلق

- ‌السموات والأرض

- ‌النجوم والبروج

- ‌حساب الزمان والسنين

- ‌خلق الملائكة والجن والإنس

- ‌رحمة الله

- ‌قصة آدم عليه السلام

- ‌إخبار الله الملائكة بخلق البشر

- ‌سجود الملائكة لآدم واستكبار إبليس

- ‌خلق حواء وإسكانها الجنة مع آدم

- ‌إغواء الشيطان لآدم وزوجه

- ‌توبة آدم وحواء

- ‌هبوط آدم وحواء وإبليس إلى الأرض

- ‌وجود إبليس وذنوب البشر لحكمة

- ‌إكرام الله بني آدم وإنعامه عليهم

- ‌تحذير البشر من عدوهم الشيطان

- ‌وفاة آدم عليه السلام

- ‌ذرية آدم وتربص الشيطان بهم

- ‌نوح عليه السلام

- ‌ هود عليه السلام

- ‌ صالح عليه السلام

- ‌ إبراهيم عليه السلام

- ‌هجرة إبراهيم إلى الشام

- ‌قصة إبراهيم وسارة مع ملك مصر

- ‌رجوع الخليل من مصر إلى الشام

- ‌انتقال لوط إلى قرية سدوم

- ‌ولادة إسماعيل بمكة وقصة زمزم

- ‌إرسال لوط عليه السلام

- ‌مجيء إبراهيم إلى مكة لتفقد حال ابنه

- ‌إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة

- ‌قصة الذبيح إسماعيل ومناسك الحج

- ‌بشارة إبرهيم بإسحاق عليهما السلام

- ‌إهلاك قوم لوط في قرى سدوم

- ‌إرسال شعيب عليه السلام إلى أهل مدين

- ‌إسحاق عليه السلام

- ‌قصة ذي القرنين

- ‌فضائل خليل الله إبراهيم ووفاته

- ‌يعقوب (إسرائيل) عليه السلام

- ‌أيوب عليه السلام

- ‌يوسف بن يعقوب عليه السلام

- ‌مكوث بني إسرائيل في مصر

- ‌اضطهاد بني إسرائيل من فرعون

- ‌موسى وهارون عليهما السلام

- ‌بعثة مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، صَفِيُّ اللهِ

- ‌تكذيب فرعون وقومه بالآيات المعجزات

- ‌إهلاك قارون

- ‌نصيحة مؤمن آل فرعون

- ‌إصرار فرعون على استئصال المؤمنين

- ‌خروج موسى ببني إسرائيل من مصر

- ‌هلاك فرعون وجنده

- ‌بنو إسرائيل بعد نجاتهم من فرعون

- ‌ذهاب موسى لميقات ربه

- ‌إنزال الله التوراة على موسى

- ‌قصة السامري والعجل

- ‌رجوع موسى إلى بني إسرائيل

- ‌قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

- ‌حياء موسى وإيذاء بني إسرائيل له

- ‌قصة البقرة

- ‌رفض بني إسرائيل دخول الأرض المقدسة

- ‌وفاة موسى عليه السلام

- ‌يوشع بن نون عليه السلام

- ‌كَالِبُ بْنُ يُوفَنَّا

- ‌حِزْقِيلَ بن بُوذَى

- ‌إِلْيَاسُ عليه السلام

- ‌الْيَسَعُ عليه السلام

- ‌من الأنبياء والأقوام الذين أشير إليهم

- ‌قصة أصحاب الكهف

- ‌قصة أصحاب السبت

- ‌قصة طالوت وجالوت

- ‌داود عليه السلام

- ‌سليمان عليه السلام

- ‌يونس عليه السلام

- ‌قصة النبي شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌الخراب الأول لبيت المقدس

- ‌قصة بختنصر مع دانيال عليه السلام

- ‌قصة عُزَيْر عليه السلام

- ‌اختلاف بني إسرائيل

- ‌تحريف اليهود التوراة

- ‌زكريا ويحيى وآل عمران

- ‌المسيح عيسى بن مريم عليه السلام

- ‌نزول الإنجيل على المسيح ابن مريم

- ‌ميثاق الأنبياء بالإيمان بمحمد ونصرته

- ‌كفر اليهود بالمسيح ابن مريم عليه السلام

- ‌قتل يحيى بن زكريا عليه السلام

- ‌قصة رفع المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام إلى السماء

- ‌زعم اليهود أنهم قتلوا المسيح وصلبوه

- ‌الخراب الثاني لبيت المقدس

- ‌شاؤول اليهودي (بولس) يحرف دين النصارى

- ‌إنجيل برنابا ينقض تحريفات بولس

- ‌تحريف الإنجيل واختلاف نُسَخه

- ‌بنو إسرائيل كتبوا كتاباً فاتبعوه وتركوا التوراة

- ‌تحريف النصارى دينهم وتفرقهم

- ‌تغيير الملك قسطنطين دين النصارى

- ‌اضطهاد الآريوسيين الموحدين

- ‌قصة سبأ وسد مأرب

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بنجران

- ‌تسلط الأحباش النصارى على اليمن

- ‌قصة أصحاب الفيل

- ‌ولادة رسول الله محمد ونشأته

- ‌زواج النبي من خديجة بنت خويلد

- ‌وضع الحجر الأسود في مكانه

- ‌حال الأرض قبل بعثته عليه الصلاة والسلام

- ‌بعثة محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إرسال النبي للناس كافة

- ‌نزول وحي القرآن عليه

- ‌من معجزاته وخصاله عليه الصلاة والسلام

- ‌الدَّعْوَةُ في مكة

- ‌الهجرة إلى الحبشة ومحاولة منعها

- ‌حصار الشِّعْب

- ‌وفاة أبي طالب وخديجة (عام الحزن)

- ‌اشتداد أذى قريش على رسول الله

- ‌خروجه عليه الصلاة والسلام إلى الطائف

- ‌العودة لمكة وبيعتا العقبة

- ‌انشقاق القمر

- ‌رحلة الإسراء والمعراج (1 ق هـ)

- ‌اتفاق مشركي قريش على قتل النبي

- ‌قصة الهجرة

- ‌السنة الأولى من الهجرة (1 هـ)

- ‌بناء مسجد قباء والمسجد النبوي

- ‌فرح أهل المدينة

- ‌دعوة يهود المدينة للإسلام

- ‌الدعاء للمدينة بالصحة

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌كتابة الصحيفة

- ‌قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌مشروعية الأذان

- ‌السنة الثانية من الهجرة

- ‌صيام عاشوراء

- ‌إعلان قريش الحرب على المدينة

- ‌بدء الغزوات

- ‌تحويل القبلة إلى الكعبة

- ‌فرض الصيام وزكاة الفطر

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌وفاة رقية بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إجلاء يهود بني قينقاع

- ‌غزوة السويق

- ‌السنة الثالثة من الهجرة

- ‌مقتل كعب بن الأشرف

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌السنة الرابعة من الهجرة

- ‌يوم الرجيع واستشهاد خبيب

- ‌حادثة بئر معونة

- ‌إجلاء يهود بني النضير

- ‌السنة الخامسة من الهجرة

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌غزوة المريسيع (بني المصطلق)

- ‌حادثة الإفك

- ‌غزوة الخندق (الأحزاب)

- ‌نزول آية الحجاب

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌السنة السادسة من الهجرة

- ‌غزوة ذِي قَرَد وقصة سلمة بن الأكوع

- ‌سرية الخبط (سِيف البحر)

- ‌خروج عمرو بن العاص إلى الحبشة

- ‌قصة صلح الحديبية

- ‌نزول سورة الفتح

- ‌قدوم المهاجرات من مكة

- ‌قصة أبي بصير

- ‌السنة السابعة من الهجرة

- ‌دعوة الملوك إلى الإسلام

- ‌دعوة ملك الحبشة وإسلامه

- ‌دعوة ملك الغساسنة في الشام

- ‌دعوة قيصر ملك الروم

- ‌دعوة كسرى ملك الفرس

- ‌دعوة المقوقَس ملك القبط في مصر

- ‌دعوة هَوْذة الحنفي ملك اليمامة بنجد

- ‌غزوة خيبر

- ‌تسميم اليهود طعام النبي في خيبر

- ‌عودة المهاجرين من الحبشة

- ‌تحريم المدينة والدعاء لأهلها بالبركة

- ‌غزوة ذات الرقاع جهة نجد

- ‌إرسال السرايا إلى عَجُز وفدك والميفعة وغطفان والغابة

- ‌عمرة القضاء

- ‌السنة الثامنة من الهجرة

- ‌وفاة زينب بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌إرسال السرايا إلى بني الملوح وقضاعة وهوازن

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌فتح مكة وهدم الأصنام

- ‌غزوة حنين

- ‌تتبع الفارين في أوطاس ونخلة وثقيف

- ‌قسمة الغنائم في الجعرانة

- ‌الإحرام بالعمرة من الجعرانة

- ‌دعوة ملك البحرين (الأحساء)

- ‌دعوة ملك عُمان

- ‌السنة التاسعة من الهجرة (عام الوفود)

- ‌وفاة النجاشي أصحمة

- ‌غزوة تبوك

- ‌المرور بمساكن ثمود في الحِجْر

- ‌من الأحداث في تبوك

- ‌العودة ومحاولة المنافقين قتل النبي

- ‌قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا

- ‌وفاة أم كلثوم بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌وفاة كبير المنافقين ابن سلول

- ‌قدوم الوفود ومنهم نصارى نجران

- ‌حج أبي بكر بالناس والبراءة من المشركين

- ‌السنة العاشرة من الهجرة

- ‌وفاة إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام

- ‌كسوف الشمس وصلاة وخطبة عظيمة

- ‌حجة الوداع

- ‌اكتمال إبلاغ الدين

- ‌السنة الحادية عشر من الهجرة

- ‌وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من جوامع ما أخبر به النبي أصحابه

- ‌فطرة الإنسان

- ‌التحذير من الشرك والرياء

- ‌ركائز دين الإسلام ومعالمه

- ‌افتراق المسلمين في دينهم

- ‌لكل نبيّ حواريّون وسيَخْلُفُهُم مُبَدِّلون

- ‌الإسلام محفوظ بعلماء مجدِّدِين

- ‌الأمر بالتَّمَسُّكِ بالسُّنَّة والجَمَاعَة

- ‌التحذير من الابتداع في الدين

- ‌أهمية صلاح القلب والنيّة

- ‌عدل الله وغناه عن خلقه

- ‌حفت الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات

- ‌الحساب على الأعمال

- ‌الأعمال بالخواتيم

- ‌القضاء والقدر والأخذ بالأسباب

- ‌الإيمان تصديق وعمل وأخلاق

- ‌الزينة وحفظ العرض والنسل

- ‌خطر النفاق وسوء الأخلاق

- ‌الدّين: النَّصِيحَة

- ‌وجوب إنكار المنكرات

- ‌الحسنات يذهبن السيئات

- ‌أبواب الخير والصدقات

- ‌فضائل ذكر الله

- ‌آداب الطعام

- ‌التداوي وحفظ الصحة

- ‌علاج العين والاستشفاء بالرقى

- ‌أسباب إجابة الدعاء ومنعه

- ‌قتال الطائفة التاركة للصلاة أو الزكاة

- ‌الإخبار بالفتن التي ستقع للصحابة

- ‌ظهور الخوارج وقتالهم

- ‌تداعي الأمم الكافرة على المسلمين

- ‌دعوة الكفار وقتال المعتدين

- ‌بقاء طائفة منصورة من المجاهدين

- ‌أمور ستقع قبل قيام الساعة

- ‌خراب المدينة وأحداث آخر الزمان

- ‌ظهور مهدي من العِتْرَة

- ‌مصالحة الروم والغزو معهم وغدرهم

- ‌وقوع الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى في الْغُوطَة

- ‌فتح القسطنطينية

- ‌خروج الدجال يتبعه يهود وشياطين

- ‌نزول عيسى ابن مريم وقتله الدجال

- ‌انهزام اليهود وقتلهم

- ‌إفساد يأجوج ومأجوج ثم مقتلهم

- ‌مطر يغسل الأرض ويعيد بَرَكَتَها

- ‌الإسلام يعم الأرض في زمن المسيح

- ‌طلوع الشمس من مغربها

- ‌خروج الدابة

- ‌نار تخرج من عدن تحشر الناس للشام

- ‌ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين

- ‌اختفاء أثر الإسلام ورفع القرآن

- ‌تقوم الساعة على شرار الناس

- ‌نفخة الصعق

- ‌الحياة البرزخية في القبر

- ‌نزول ماء الحياة ونمو الأجساد

- ‌نفخة البعث

- ‌أول من تنشق عنه الأرض

- ‌دنو الشمس

- ‌انتظار فصل القضاء

- ‌إخراج بعث النار وهول الموقف

- ‌الحوض

- ‌الشفاعة في الخلاص من كرب المحشر

- ‌الميزان

- ‌العرض والحساب

- ‌الأرض والسماوات يوم القيامة

- ‌كل أمة تتبع ما كانت تعبد

- ‌دخول أهل النار النار

- ‌بقاء أمة التوحيد يقودهم ربهم إلى الجنة

- ‌إعطاء المؤمن نوره والمنافق قبل الصراط

- ‌المرور على الصراط

- ‌القنطرة بعد الصراط

- ‌دخول أهل الجنة الجنة

- ‌شفاعة النبي فيمن دخل النار مِن أمته

- ‌شفاعة المؤمنين في إخوانهم

- ‌يعتق الله من النار مَن كانت له ذرّة توحيد

- ‌ذبح الموت بين الجنة والنار

- ‌الخلود الأبدي

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌المقدمة بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن

‌المقدمة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:

فهذه الرواية الصادقة ليست من نسج الخيال، وإنما غالب فصولها وأحداثها من أخبار الوحي، ورواية ثقات المؤرخين في خلاصة غنية جداً من الأحداث والأحاديث الصحيحة والحسنة -إن شاء الله- التي هي نواة العلم الحقيقي وتاريخ الكون والبشر.

بعيداً عن خرافات العصر الحجري وما يسمى بعصر ما قبل التاريخ، ونظريات تحول الإنسان من قرد، ونظرية الانفجار العظيم وغيرها من الفلسفات والتخيلات الباطلة المليئة بالمتناقضات والظنون التي لا تغني من الحق شيئاً.

بعيداً عن ذلك كله؛ هناك مصدر للحق الذي يوافقه العقل السليم والفطرة السوية فتخبت له القلوب وتطمئن إليه النفوس. إنه نور الوحي السماوي الذي أوحاه رب الكون وجعله نوراً وهدىً للناس، فيه ذكر أصل الكون وتاريخه السابق واللاحق، وما كان وما سيكون، وفيه (قصة الحياة).

من خلق هذا الكون؟ وكيف بدأ؟ وما قصة أول إنسان؟ وهل كان عالماً أم جاهلاً؟ وما علاقته بالسماء وبالأرض وبتلك المخلوقات التي تغيب عن الأعين؟ ولماذا نحن على الأرض؟ وما قصة الأجيال التي عاشت قبلنا؟ والتي ستأتي بعدنا؟ وما الدين الحق؟ وما قصة الرسائل السماوية التي بُعث بها الأنبياء من رب العالمين؟ وكيف ستكون نهاية الحياة؟ وما مصير الكون؟.

ما أجمل أن تجد من الوحي إجابات صادقة وإرشاداً وهدياً ربّانياً لكل تلك التساؤلات! وقد قال خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم: "مَا تَرَكْتُ شَيْئًا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُبَاعِدُكُمْ عَنِ النَّارِ، إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ، ومَا تَرَكْتُ شَيْئًا يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ، وَيُبَاعِدُكُمْ عَنِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي".

ص: 3

ولا عجب أن يقول أبو ذر رضي الله عنه: "تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي الْهَوَاءِ، إِلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا". حتى قَالَ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ لسَلْمَانَ الفارسي رضي الله عنه وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ: قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟! فَقَالَ: "أَجَلْ، لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ". وقال عمرو بن أخطب رضي الله عنه: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا". وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَةً مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا ذَكَرَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا قَدْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَسْأَلْهُ: مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ، فَأَرَاهُ، فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ".

ولما تفرقت تلك الروايات التي تحكي قصة الوجود والغاية من الخلق ونظام الحياة ونهاية الدنيا وتشعبت في الكتب؛ حرصت أن أجمع منها خلاصة غنية موجزة في سياق قصة تجمع أصول العلم الثابت وجوامع الحديث الصحيح وأهم أحداث التاريخ، لتحكي بنسق مترابط أبرز وأهم أحداث قصة الوجود والخلق والطريق في هذه الحياة وما فيه من تدافع الحق والباطل وأبرز أخبار الأمم وما سيكون إلى حياة الخلود.

ص: 4

وكان البدء بجمع خلاصة مختصرة من أهم جوامع الأحاديث النبوية لمطالعتها وفهمها وربط أطرافها وتسهيل مذاكرتها، فكان الأصل فيها أحاديث الأربعين النووية وما اتصل بشرحها من الروايات الصحيحة الواردة في كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب، ثم ما ارتبط بها من زيادات صحيحة وحسنة من مختلف كتب السنة وشروحها التي أمكن الاطلاع عليها، وفق تصحيح المحققين من أهل الحديث المتأخرين كالشيخ الألباني وغيره، مع الاستفادة الكبرى من خدمات برامج المكتبات الإلكترونية لكتب السنة.

ثم كان ترتيب هذه الروايات لتحكي قصة الحياة من بدء الخلق وصفة الخالق جل وعلا، وذكر خلق السموات والأرض وخلق أول البشر وما كان من عداوة الشيطان له، وهبوط آدم وإبليس إلى الأرض، وإرسال الرسل وقصصهم مع أقوامهم، وجمع ما صح من أحاديث قصص الأنبياء وما صح عن الصحابة في ذلك، ثم انتقاء الأظهر من روايات حفاظ المؤرخين وترجيحاتهم في الأحداث التاريخية المشتهرة التي لم ترد بأسانيد متصلة، وشمل ذلك ملخصاً لأهم أحداث السيرة النبوية الشريفة مع جمع أطراف بعض أهم أحداثها؛ كقصة الهجرة وصلح الحديبية، ثم ملخصاً موضوعياً من جوامع الكلم النبوي، وذكر أشراط الساعة، وأحداث يوم القيامة، وبها تكتمل قصة الحياة من الوجود إلى الخلود.

وقد ازدانت القصة بحواشٍ مليئة بالتوضيحات والفوائد والفرائد والملخصات من مهمات ما بينه أهل العلم رحمهم الله في جملة من الموضوعات؛ كذكر النجوم والأبراج والغاية من وجودها، وهيئة السموات والأرض والأفلاك، وحساب الزمان والسنين والفصول والمواسم والتأريخ الصحيح، ووقوع التحريف في دين اليهود والنصارى وكتبهم، وحال الناس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وإعجاز القرآن الكريم وجمعه، وتفرق الأمة، ونشوء علم الرجال وحفظ السُّنة بالإسناد، وتوضيحات مهمة في مسائل الرق في الإسلام، والحجاب والعفة وحفظ العرض والنسل، وفوائد في حفظ الصحة والتداوي والاسترقاء، وحال الصحابة في معالجة الفتنة التي وقعت بين المسلمين في آخر زمن الخلفاء الراشدين، وذكر تداعي الأمم الكافرة على المسلمين، وفضل مجتمعات المسلمين على غيرهم، ومسائل في أشراط الساعة وذكر الدجال وابن صياد، وخروج يأجوج ومأجوج، وغير ذلك من الإثراءات.

ص: 5

فتكونت خلاصة متناسقة مفيدة، كانت الغاية أن يسهل فهمها والربط بينها ومذاكرتها ومعاودة قراءتها والاستئناس بها بصورة خاصة، ليس للتأليف العلمي؛ وإنما لأنتفع بها وأنفع بها أولادي وأحببها لهم، بعيداً عن الإطالة والإحالة والإسناد والعزو والتخريج وذكر الخلافات؛ حيث كان القصد جمع الصحيح واختصار المهم من المطولات وتسهيل الربط بينها ومراجعتها في صورة محببة ميسرة.

ثم رغب إلي بعض الأحبة -ممن اطلع على هذا الكناش- بنشره لما فيه من مراعاة الانتقاء والتسلسل والربط والتسهيل والخلاصات، وإن كاد يخلو من الإحالات والتوثيقات؛ فلعل الله أن يفتح لقارئه باباً للتزود من العلم النافع ويسهل لقارئه فهم كثير مما جاء في القرآن والسنة والسيرة والتاريخ وواقعه المعاصر، ويكون بقراءته الممتعة في سياق قصة مترابطة قد مرَّ بفوائد جمة من كثير من الأحاديث وجوامع الكلم والأخبار الصحيحة والحسنة الجامعة والمجتمعة الأطراف في ترابط وترتيب مختصر مفيد، ولا شك أنه عمل يعتريه النقص والخطأ والزلل، فما كان فيه من الصواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي، وأستغفر الله وأتوب إليه، ولعل الله أن يسخّر له من يفيد منه، مع وافر الشكر والدعاء لمن نقلت من كتبهم أو مواقعهم أو أبحاثهم أو مقالاتهم وترجيحاتهم فهذا العلم والجهد من جهدهم، وإنما جمعت واخترت ولخصت مما أفادوا، فجزاهم الله عني وعن المسلمين خيراً، وبارك فيما كتبوه وعلّموه رحم اللهُ الأحياءَ منهم والأموات وغفر لهم ورفع دجاتهم.

وأسأله سبحانه المغفرة والقبول وأن ينفع بما جُمع وكُتب، وأن يوفقنا جميعاً لكل خير ويعفو عن الخطأ والزلل ويرحمنا برحتمه الواسعة، إنه غفور رحيم.

وحرره:

عبدالإله بن عبدالله السعيدي -عفا الله عنه-

29 شعبان 1442 هـ

ص: 6