الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علاج العين والاستشفاء بالرقى
استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود
(1)
. عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ. اسْتَعِيذُوا بِاللهِ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا
(2)
.
الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وَتُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ
(3)
.
مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي؟ هَلَّا اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ
(4)
.
أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
(5)
وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ
(6)
.
إذا اشتكيتَ من وجع؛ فضع يدك اليمنى على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله - ثلاثاً - وامسحه بيمينك سبع مرات وقل في كل مسحة: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر
(7)
. وقل: {قل هو الله أحد} والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء
(8)
. ومَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ. ومَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ. وإِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيُسَمِّ اللهَ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَلْيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ، وَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ". إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.
(1)
ومن الفروق بين الحسد والعين:
1 -
أنّ مصدر الحسد: تحرُّق القلب واستكثار النعمة على المحسود وتمني زوالها عنه أو عدم حصولها، أما العائن فمصدره الإعجاب والاستعظام، لذا فقد يصيب بالعين جماداً أو حيواناً أو زرعاً أو مالاً، وربما أصابت عينه أحد أبنائه أو أهله أو نفسه.
2 -
الحاسد يمكن أن يحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه، بينما العائن لا يعين إلا الموجود بالفعل.
3 -
أن الحاسد تتكيف نفسه وتتوجه لمن حسده سواء في حضرته أو غيبته، لأن الحسد أصله نفس خبيثة قوية. أما العائن فإن نفسه تتكيف عند مقابلة المعين ومعاينته.
(2)
دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لِعَامِرٍ: تَوَضَّأَ لَهُ، فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ (طرفه الَّذِي يَلِي الْجَسَد) فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِهِ بَأسٌ. فإِذَا عُرِفَ الَّذِي أَصَابَهُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَر بِالْوُضُوءِ أو الاغتسال للمصاب. وطريقة اغتسال العائن التي شرحها العلماء هي: أَنْ يُؤْتَى بِقَدَحِ مَاءٍ، وَلَا يُوضَعُ الْقَدَحُ عَلَى الْأَرْضِ أثناء الاغتسال، فَيَأْخُذُ غَرْفَةً فَيَتَمَضْمَضُ، ثُمَّ يَمُجُّهَا فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِشِمَالِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ كَفَّهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ بِيَمِينِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ كَفَّهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ بِشِمَالِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ بِيَمِينِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ مَرْفِقَهُ الْأَيْسَرَ وَلَا يَغْسِلُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ الْيُسْرَى، ثُمَّ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ الْيُسْرَى عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَغْسل دَاخِلَةَ إِزَارِهِ -وهو الطرف من ثوبه الذي يلي حقوه (خصره) الأيمن- وذلك بغمسه في القدح، وَإِذَا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ؛ صَبَّهُ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ [فجأة أو بغتة] صبة واحدة يجري على جسده، ثم يكفأ (يقلب) القدح وراء المصاب على الأرض. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:(وقد جربنا أن غسل الوجه والمضمضة وغسل اليدين وحده يكفي في إزالة العين؛ إذا اتُّهم إنسان بعين ولو لم يغتسل). وإِنَّمَا يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْن إِذَا لَمْ يُعْرَف الْعَائِن أو تعذر اغساله للمصاب. وقيل أنه: يمكن أن يؤخذ الأثر من أي شيء مسه العائن من ريق أو عرق؛ لأن المقصود هو رائحة العائن لكي تطرد شيطانه المتسلط على المَعين بإذن الله، فيؤخذ مثلاً: بقايا أكله أوشربه أو ما مسه جسده من المباحات .. كمسح مقبض الباب ولو لمرة واحدة فإنها نافعة بإذن الله كما هو بالتجربة، ولا يكرر أخذ الأثر.
(3)
وفي الحديث: (أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي - بَعْدَ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ - بِالْعَيْنِ). قيل إنما صار هكذا لأن هذه الأمة أُيدت باليقين وفضلت به، وطريقهم إلى الله تعالى واسعة، فطولبوا بما فضلوا أن ينسبوا كل شيء يستحسنونه إلى خالقه ويبركوا، فيقولوا: تبارك الله، فإذا تركوا ذلك إعجاباً بذلك الشيء تهافت ذلك الشيء وذهب حسنه وهلك.
ويذكر بعض مختصي الرقية أنه قد يكون للعين أعراضٌ جسمية عادة ما تظهر تلك قبل القراءة أو أثناء الرقية الشرعية، ومنها:
صفار الوجه وشحوبة، وشعور المصاب بضيقة شديدة في منطقة الصدر. أو صداع متنقل، مع الشعور بزيادة الصداع أثناء الرقية الشرعية. أو الشعور بالحرارة الشديدة. أو تصبب العرق، خاصة في منطقة الظهر، ويتبع ذلك عادة قوة العين، أو ألم شديد في الأطراف. أو التثاؤب المستمر بشكل غير طبيعي وملفت للنظر. وكذلك البكاء أو تساقط الدموع دون سبب واضح. وقد تظهر أعراض التثاؤب المستمر وتساقط الدموع لدى بعض المعالِجين أو غيرهم نتيجة الرقية إن كانت الحالة المعالَجة مصابة بالعين والحسد، وأكثر ما يظهر ذلك مع بعض النساء المعالجات. وكذلك ارتجاف الأطراف وتحركها حركات لا إرادية وذلك بحسب قوة العين وشدتها، أو خفقان القلب، أو توتر العضلات، أو الشعور بالخمول بشكل عام وعدم القدرة على القيام بالعمل، أو الشعور ببرودة في الأطراف أحياناً، أو ظهور كدمات مائلة إلى الزرقة أو الخضرة دون تحديد أسباب طبية.
وقد تؤثر العين من الناحية الاجتماعية على المصاب من خلال علاقاته بالآخرين، ومن بعض تلك المظاهر: فقدان التجارة والمال، أو الكُره والبغض من الأهل والأصدقاء والمعارف، أو فقدان المنصب والوظيفة والعمل.
(4)
َوعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ). أَيْ: أُصِيبَتْ بِالْعَيْنِ. ويجب في الرقية: إخلاص النية من الراقي والمرقي، وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله، وأن الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة وأنها لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى. ومن شروط الرقية أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو بما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من التعوذات، وأن تكون بلسان عربي مبين، أو بما يُعرف معناه، وأن لا تكون بهيئة محرمة أو بدعية كأن تكون في الخلاء مثلاً أو في مقبرة. ويستحسن فيها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والتسمية وحمد الله والثناء عليه بتوحيده وتمجيده، والصلاة والسلام على رسول الله، ودعاء الراقي لنفسه وللمريض بأسماء الله وصفاته، وباسمه الأعظم. ووضع يد المعالِج على المكان الذي يألم منه المريض أو على رأسه، وبعد الانتهاء من الرقية الشرعية من الكتاب والسنة، يجمع المعالِج كفيه وينفث أو يتفل بهما ويمسح وجه المريض وما يلي جسده، وأما بالنسبة للنساء فبإمكان المعالِج النفث أو التفل في كفي محرمها، بحيث يقوم المحرم بمسح وجهها وما يلي جسدها. ويتجنب سؤال المريض أو أمره بتخيل صورة من أصابه بعين أو سحر أو نحو ذلك، حيث قد يحصل ذلك من عمل الشيطان وتلبيسه.
ويمكن النفث في الماء والزيت ونحوه، ولا مانع من قراءة أكثر من قارئ ونفثهم في نفس الإناء أو القارورة. ويمكن أن تكون الرقية بدون نفث، ويمكن أن تكون بذكر الله مع خلط الريق بالتراب. ولا شك أن رقية المصاب لنفسه أفضل إن كان يمكنه. وفي الحديث:"بِسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا". والمعنى: إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح؛ فيأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح، والله أعلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"ويجوز أن يُكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئاً من كتاب الله وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى، كما نص على ذلك أحمد وغيره". ولا يتبخر بالشب والأعشاب أو الأوراق وغيرها من إصابة العين لأنها ليست من الأسباب العادية لعلاج العين، وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء شياطين الجن والاستعانة بهم على الشفاء، وإنما يُعَالج ذلك بالرقى الشرعية ونحوها مما ثبت في الأحاديث الصحيحة. وجاء في العلوم الحديثة أن الريق والظفر والشعر ترسل ذبذبة خاصة من جسم صاحبها حتى ولو انفصلت عنه وهو مايعرف بعلم "راديونيك" ويتفرع منه الموجة الذاتية، وهو علم يُستخدم في التشخيص والعلاج الطبي، وله مدارس متعددة في كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأمريكا، وثبت أن لكل إنسان موجه "ذبذبة" خاصة لاتشبه أي إنسان آخر كالبصمة تماماً في تميزها، وكل ماينفصل عن الإنسان من شعر أو ظفر أو ريق أو عَرَق أو دم يحمل معه هذه الموجة الخاصة! ولا يبطل هذه الموجة إلا إتلاف هذه الأشياء المنفصلة أو دفنها، وهذا مايفعله عامة الناس وهو حسن وإن لم يرد به نص لأنه من إكرام الإنسان وأيضاً يقطع تلك الذبذبة حتى لايستفيد منها السحرة.
(5)
جاء فيما يخص تلبس شيطان الجن بالإنس عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا بِهِ لَمَمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ، أَنَا رَسُولُ اللهِ "، قَالَ: فَبَرَأَ، فَأَهْدَتْ إِلَيْهِ كَبْشَيْنِ وَشَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذْ الْأَقِطَ وَالسَّمْنَ وَأَحَدَ الْكَبْشَيْنِ، وَرُدَّ عَلَيْهَا الْآخَرَ".
وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الطَّائِفِ، جَعَلَ يَعْرِضُ لِي شَيْءٌ فِي صَلَاتِي، حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَحَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" ابْنُ أَبِي الْعَاصِ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:" مَا جَاءَ بِكَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي، قَالَ:"ذَاكَ الشَّيْطَانُ، ادْنُهْ"، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ، فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ، وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ:"اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ"، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ:"الْحَقْ بِعَمَلِكَ". قَالَ عُثْمَانُ: فَلَعَمْرِي مَا أَحْسِبُهُ خَالَطَنِي بَعْدُ. وفي رواية: فَمَا نَسِيتُ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدُ أَحْبَبْتُ أَنْ أَذْكُرَهُ.
(6)
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ بِهَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ. ويُشرع لمن وقع بصره على شيء يعجبه من نفسه أو أهله أو غيره أن يذكر الله تعالى فيقول: "تبارك الله" أو "اللهم بارك عليه" أو "اللهم بارك له" أو "تبارك الله أحسن الخالقين" وكذلك قول: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله".
والأصل أن الإنسان إذا أصيب بمرض فإن السبيل التي دعت إليه الشريعة هي الرجوع إلى أهل الطب، فإذا لم يجد العلاج الطبي فإن من المحتمل أن يكون سبب الإصابة أو المرض غير عضوي. والأفضل في جميع الأحوال الجمع بين العلاج المادي والعلاج الروحي بالقرآن والأدعية والأذكار والرقية وتقوية نفس المصاب للتغلب على ما يتسلط عليه من مؤثرات مادية أو روحية.
(7)
أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، وَاللهُ يَشْفِيكَ. وفي رواية: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكَى رَقَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ.
(8)
كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما. وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى، فَقَالَ لَهُمْ:" اعْرِضُوا عَلَيَّ "، فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ:" لَا بَأسَ بِهَذِهِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ".
ولَدَغَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقْرَبٌ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:"لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ، مَا تَدَعُ نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ إِلَّا لَدَغَتْهُمْ، اقْتُلُوهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ". ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَيَقْرَأُ بِـ {قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} . وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي» . فيسن للمسلم أن يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه وجسده.
ومَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ
(1)
.
(1)
وفي الصحيحين حديث الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ التي أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَنِي، قَالَ:" إِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَكِ، وَإِنْ شِئْتِ فَاصْبِرِي، وَلَا حِسَابَ عَلَيْكِ "، قَالَتْ: بَلْ أَصْبِرُ، وَلَا حِسَابَ عَلَيَّ. ثُمَّ قَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا.
ومن أهم الفروق بين أعراض الصرع العضوي و الصرع النفسي ما يلي:
1 -
لا يحدث الصرع النفسي عادة أثناء النوم، و لكن ربما يحدث الصرع العضوي أثناء النوم.
2 -
إن الصرع النفسي يحدث غالبا في حضور الآخرين (من أجل شد انتباههم)، بينما الصرع العضوي قد يحدث في حضرة الآخرين أو حينما يكون المريض بمفرده.
3 -
يحدث الصرع النفسي عادة بعد ضغط نفسي أو مشكلة اجتماعية فيتفاعل الفرد لذلك الحدث من خلال حدوث الصرع.
4 -
حدوث تغير في لون الجسم أثناء الصرع العضوي حيث يصبح أكثر زرقة.
5 -
قد يصيب المريض بالصرع العضوي بعض الجروح بسبب السقوط المفاجئ على الأرض نتيجة فقدانه للوعي، لكن هذا الأمر نادر الحدوث في الصرع النفسي، بل قد ترى المريض يتماسك عند السقوط حتى لا يصاب بأذى.
6 -
من الشائع أن يفقد مريض الصرع العضوي التحكم بمخارجه، في حين أن هذا الأمر لا يحدث عادة عند مرضى الصرع النفسي.
7 -
يلاحظ أن المصروع عضوياً يصيبه غالباً بعض الدوار و اضطراب الوعي، وهو أمر ليس شائع الحدوث عند مرضى الصرع النفسي.
8 -
تكون الحركات العضوية التي تصاحب اضطراب الصرع العضوي في العادة منتظمة و ذات طابع معين، لكنها تكون غير متناسقة في الصرع النفسي و تتغير بين نوبة و أخرى.
9 -
يظهر الزبد من فم المصروع عضوياً، وهو أمر غير مشاهد عند مرضى الصرع النفسي.
10 -
يتأثر المصروعون نفسياً بالإيحاء في حين لا يتأثر عادة مرضى الصرع العضوي بذلك على الإطلاق.
11 -
هنالك علامات قد تظهر عند رسم تخطيط المخ الكهربائي أثناء نوبة الصرع العضوي، يستطيع من خلالها المتخصص التفريق بسهولة بين هذين النوعين من الصرع.
12 -
يقاوم المصروع نفسياً أية محاولة لفتح عينيه لكن المصروع عضوياً لا يفعل ذلك.
13 -
يتحسن المصروع نفسياً ببطء من نوبة الصرع، بل قد تجده أحياناً يقاوم أية مساعدة لإعادة وعيه.
وبعض مرضى الصرع النفسي يعانون أيضاً من الصرع العضوي، ولذلك فإن ما ذكر هو للتفريق بين نوبة الصرع العضوي وبين نوبة الصرع النفسي، وليس بين الصرع النفسي و الصرع العضوي كمرضين.
وحالات المرض النفسي يكون لها نمط معين في السلوك والتصرف، بينما صرع الأرواح الخبيثة ليس لها نمط أو سلوك محدد. كما أن حالات المرض النفسي غالباً ما تكون أعراضها مستمرة ومتناسبة مع نوعية المرض الذي تعاني منه الحالة المرضية، بينما مرضى صرع الأرواح الخبيثة تختلف تلك الأعراض وتتذبذب من فترة لأخرى. وأيضاً فإن حالات المرض النفسي لا يظهر عليها أية أعراض أثناء الرقية الشرعية، وقد يشعرون براحة وسكينة، بينما مرضى صرع الأرواح الخبيثة تظهر عليهم تأثيرات وأعراض نتيجة الرقية الشرعية.
والأمراض النفسية قد تصيب الإنسان أحياناً نتيجة ظروف وعوامل اجتماعية مختلفة، بينما صرع الأرواح الخبيثة يكون نتيجة أسباب معينة كالإيذاء والسحر والعين والعشق ونحوه. ومن أسباب انتشار الأمراض النفسية والروحية بعد قضاء الله وقدره: ضعف الإيمان وقلة ذكر الله ودعائه والبعد عن القرآن وعدم الاهتمام بالصلاة وترك التحصن بالأوراد الشرعية وعدم الرضا بالقضاء والقدر وإهمال الرقية والتوبة مع الانغماس في المعاصي واللهو وعدم الصبر على المصائب وصعوبات الحياة، وتعلم السحر واتباع كلام السحرة والمشعوذين، ويضاف لذلك التنشئة والتربية الاجتماعية على تخويف الأطفال بالخرافات والأشباح والأكاذيب والمبالغة الشديدة في تخويفهم من الحسد والعين التي تلاحقهم في كل أمورهم. وينبغي كذلك الحذر من الخادمات اللاتي يأتين من بلاد يكثر فيها السحر والجهل؛ فبعضهن يأتين وقد غُرّر بهن لعمل السحر من أجل تسخير أهل البيت أو إشغالهم وصرفهم، أو للانتقام من التسلط وكثرة العمل، أو للتقرب إلى الشياطين، وغير ذلك.
وفي حال مرض الإنسان نفسياً أو روحياً واستنفد الأطباء المختصون جهدهم ولم يشف المريض، وغلب على الظن أن المريض مصابٌ بمس من الجن؛ فإن حضر الجني على المصاب فيؤمر بالخروج من بدن المصروع بدون ضرب ويبين له أن ذلك لا يحل له، فإن وافق فالحمد لله، وإن امتنع عن الخروج يتم نصحه بالترغيب والترهيب، فإن أصر؛ فيكون علاج المريض بالرقية، وبعض الجن يتعمد سباب وشتم الراقي حتى ينشغل بضربه وينصرف عن التركيز في قراءة الرقية. وإذا كان لابد من الضرب فلا بد أن يكون طرقاً خفيفاً، وقت حضور الجني حضوراً كاملاً، ويضرب على الأكتاف والأرداف والأطراف، إن لم يكن المريض في جسده عملية جراحية أو جرح، والمرأة ليست بحامل، مع الاحتشام ووجود المحرم وعدم الخلوة بالنساء، ويمكن للمعالج أن يضع يده (مع الرجال والمحارم فقط) عند الرقية على أماكن لها تأثيرٌ شديدٌ على الجني حسب تجربة بعض الرقاة وهي: جانبي الجبهة (الصدغين)، وأوسط الرأس، وبين الحاجبين والأنف (جذر الأنف)، وفوق منطقة أوسط البطن، وبين الإبهام والسبابة أو يمسك السبابة، والضغط على الحاجبين، وخلف الأذن. ومن الأخطاء الشائعة الاعتقاد أن الشيطان يحترق بسماع القرآن، والصحيح أن مِن الجن مَن يسمتع القرآن وينشرح صدره لسماعه وينتفع به كما قال تعالى:(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ .. ) الآيات، ومنهم كفار لايحبون سماع القرآن ولاينتفعون به.
وعلى الراقي أن يتجنب الرقية الجماعية أو القراءة الجماعية لمفاسدها، والرقية تكون من الراقي على المريض مباشرة، ولا تكون بواسطة مكبر الصوت ولا بواسطة الهاتف، وإن كان سماع القرآن عبرها فيه خير كثير، ويشترط في الراقي النية وهي غير متحققة في مثل هذه الأجهزة. وأحياناً يمكن علاج المسحور بالعثور على ما فعله الساحر من عقد أو غيرها، وإتلافها، وهذا يكون بالبحث والتقصي ومعرفة أماكن إقامة وحركة المسحور ونحو ذلك مما يوصل حساً إلى العثور عليه، لا باستعمال الشياطين. ومن الرقية الشرعية التي تستعمل في رقي المسحور وغيره: قراءة الفاتحة، وآية الكرسي، و"قل يا أيها الكافرون"، و"قل هو الله أحد"، والمعوذتين مع آيات السحر في سورة الأعراف من (117 - 119)، وفي سورة يونس من (79 - 81)، وفي سورة طه من (65 - 68)، هذه الآيات العظيمات ينفث بها في الماء، -ويمكن أن يضيف في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر، يدقها بحجر أو نحوه - ثم بعد ذلك يصب هذا الماء الذي قرأ فيه على ماء أكثر، ثم يغتسل به المسحور ويشرب منه بعض الشيء، كثلاث حسوات يشربها منه، ويزول السحر -بإذن الله- ويبطل ويعافى من أصيب بذلك.
ولا ينبغي للراقي ولا المريض أن يستبطئ الشفاء: لأن الرقية دعاء، وإذا استعجل الداعي الإجابة فإنه قد لا يستجاب له، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي ". وقد تتكامل الأسباب من قراءة القرآن وتعاطي الأسباب الدوائية، ووجود الاستعداد عند المريض لتقبل العلاج القرآني أو الدوائي، ومع ذلك لا يشفى المريض! فليس لازماً أن يقع الشفاء، لأن فوق كل هذه الأسباب إرادة المسبّب وهو الله عز وجل، وقد يشاء الله بقاء المرض مع تكامل الأسباب لحكمة يريدها من تفويض الأمر لله، أو تمحيص لذنوب العبد، ومن الابتلاء لهذا العبد لأن الله يحبّه ويوزعه الصبر، ويرفع به درجاته، أو لحكمة لا يعلمها العبد.