الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رحلة الإسراء والمعراج (1 ق هـ)
وكانت في هذه الفترة رحلة الإسراء والمعراج، قال تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فرج سقف بيتي وأنا بمكة ليلة أسري بي من مسجد الكعبة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري،
(1)
ثم غسله بماء زمزم حتى أنقى جوفه، ثم جاء بطست من ذهب، ممتلئ حكمة وإيماناً وعلماً فأفرغها في صدري، ثم أطبقه. ثم أتيت بالبراق مسرجاً، ملجماً، وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته، فاستصعب علي، فقال له جبريل: ما يحملك على هذا؟ أبمحمد تفعل هذا؟ فوالله ما ركبك أحد أكرم على الله عز وجل منه. فارفض البراق عرقاً، فمررت على موسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، فلما انتهينا إلى بيت المقدس، قال جبريل بإصبعه، فخرق به الحجر، وشد به البراق، فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جبريل بإناء من خمر، وإناء من لبن، فقال: اشرب أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته. فقال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر، غوت أمتك.
وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فحانت الصلاة، فأممتهم فلما فرغت من الصلاة، قال قائل: يا محمد، هذا مالك صاحب النار فسلم عليه، فالتفت إليه، فبدأني بالسلام، ثم وضعت قدمي حيث توضع أقدام الأنبياء من بيت المقدس، ثم أخذ جبريل بيدي، فعرج بي إلى السماء، فلما جاء إلى السماء الدنيا، قال جبريل لخازن السماء: افتح، قال: من هذا؟، قال: هذا جبريل،
(1)
وفي رواية: (فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته، حتى فرغ من صدره وجوفه).
قال: معك أحد؟، قال: معي محمد، قال: أرسل إليه؟ - لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم - قال: نعم، فافتح. قال: مرحبا به وأهلا، فنعم المجيء جاء. واستبشر بي أهل السماء، فلما علونا السماء الدنيا، إذا رجل عن يمينه أسودة
(1)
، وعن يساره أسودة، وإذا نظر قبل يمينه تبسم، وإذا نظر قبل يساره بكى، فقلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم. وهذه نسم بنيه
(2)
، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح، والنبي الصالح. فإذا أنا في السماء الدنيا بنهرين يطردان،
(3)
فقلت: ما هذان النهران يا جبريل؟، قال: هذا النيل والفرات عنصرهما، ثم مضى بي في السماء، فإذا أنا بنهر آخر، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد
(4)
حَافَّتَاهُ
(5)
قباب الدر المجوف، فقلت: ما هذا يا جبريل؟، قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فضربت بيدي، فإذا طينه هو مسك أذفر
(6)
، ثم عرج بي إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى: من هذا؟، قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟، قال: محمد، قالوا: وقد بعث إليه؟، قال: نعم، قالوا: مرحباً به وأهلا ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة، عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكرياء، صلوات الله عليهما، فقال جبريل: هذا يحيى وعيسى، فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ودعوا لي بخير، وإذا عيسى رجل مربوع الخلق، وفي رواية: (مبطن الخلق حديد البصر، إلى الحمرة والبياض، سبط الرأس
(7)
، كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام -، أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي، ثم عرج بي جبريل إلى السماء الثالثة، فاستفتح فقيل: من أنت؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد قيل: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، قيل: مرحبا به، ولنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف عليه السلام وإذا هو قد أعطي شطر الحسن. فقال جبريل: هذا يوسف، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح، والنبي الصالح، ودعا لي بخير، ثم عرج بنا جبريل إلى السماء الرابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد، قال: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإدريس عليه السلام فرحب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل:{ورفعناه مكانا علياً} .
(1)
أسودة: أشخاص، والجمع من الناس، و كل شخص من إنسان وغيره يسمَّى سواداً، وجمعه أسودة.
(2)
أي: أرواح ذريته.
(3)
يطرد: يجري، ويتبع بعضه بعضا.
(4)
الزبرجد: حجر كريم من الجواهر، وهو الزمرد.
(5)
أي على حافتيه.
(6)
الأذفر: الجيد إلى الغاية، رائحته شديدة.
(7)
وفي رواية: (جعد الرأس).
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بهارون عليه السلام فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟، قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بموسى عليه السلام، فقال: مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، قلت: من هذا؟، قال: هذا موسى، وإذا هو رجل ضربٌ
(1)
أسحم، آدم، كثير الشعر، رجل الرأس، جعد شديد الخلق كأنه من رجال شنوءة، ثم عرج بي إلى السماء السابعة، فلما جاوزت موسى بكى، فقيل: ما أبكاك؟، قال: يا رب، هذا الغلام الذي بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر وأفضل مما يدخل من أمتي؟ رب لم أظن أن يرفع علي أحد، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟، قال: جبريل، قيل: ومن معك؟، قال: محمد صلى الله عليه وسلم قيل: وقد بعث إليه؟، قال: نعم، قال: مرحبا به، فنعم المجيء جاء، ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم، أشبه الناس به صاحبكم - يعني نفسه - قلت: من هذا؟ فقال جبريل: هذا أبوك، فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام وقال: مرحبا بالابن الصالح، والنبي الصالح، قال: ومررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس
(2)
ويقعون في أعراضهم ومررت على قوم تقرض شفاههم بمقاريض
(3)
من نار، كلما قرضت وفت، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟، من هؤلاء؟، قال: هؤلاء خطباء أمتك، الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون به. الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟.
(1)
وفي رواية: (مضطرب). ومعنى "مضطرب": ضرب، وهو النحيف الجسم.
(2)
أي: يغتابون المسلمين.
(3)
المقاريض: جمع المقراض وهو المقص.
قال: ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ
(1)
اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك. ثم انطلق بي جبريل إلى سدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كأنه قلال هجر، يخرج من ساقها أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران، فالنيل والفرات، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تحولت ياقوتاً، أو زمرداً، أو نحو ذلك، وغشيها ألوان لا أدري ما هي، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها. ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، فأوحى الله إليّ ما أوحى، ففرض على أمتي خمسين صلاة في كل يوم وليلة. فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال: يا محمد، ماذا فرض ربك على أمتك؟، قلت: فرض عليهم خمسين صلاة كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم. فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل: أن نعم إن شئت، فَعَلا به إلى الجبار، فقال وهو مكانه: يا رب، خفف عنا، فإن أمتي لا تستطيع هذا، فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، فقلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته، فوضع شطرها، فرجعت إليه، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك يا محمد، والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا، فضعفوا فتركوه، فأمتك أضعف أجسادا، وقلوبا، وأبدانا وأبصارا، وأسماعا، فارجع فليخفف عنك ربك - كل ذلك يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه، ولا يكره ذلك جبريل - فرفعه عند الخامسة، فقال: يا رب، إن أمتي ضعفاء أجسادهم، وقلوبهم وأسماعهم، وأبصارهم، وأبدانهم، فخفف عنا، فقال الجبار: يا محمد، قلت: لبيك وسعديك، قال: إنه لا يبدل القول لدي كما فرضته عليك في أم الكتاب، إني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً، إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك، ومن هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشراً، ومن هم بسيئة فلم يعملها، لم تكتب شيئاً، فإن عملها، كتبت سيئة واحدة،
(1)
جمع جنبذة، وهو ما ارتفع من البناء.
قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: كيف فعلت؟، قلت: خفف الله عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها، فقال موسى: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضاً، فقلت: يا موسى، قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه، قال: فاهبط باسم الله. فاستيقظ وهو في مسجد الحرام.
قال صلى الله عليه وسلم: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِيَ بِي، وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ فَقَعَدْتُ فِي الحِجْرِ مُعْتَزِلًا حَزِينًا، فَمَرَّ بِهِ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ" قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ" قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ " قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَلَمْ يُرِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِنْ دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ". فَقَالَ: هَيَّا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ حَتَّى قَالَ: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ، وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ، قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ " قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، مُتَعَجِّبًا لِلكَذِبِ زَعَمَ قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى سألتني قريش عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربة ما كربت مثله قط. فَرَفَعَهُ اللهُ لِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَنَعَتُّهُ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْه مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُمْ بِهِ". فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ.
ثُمَّ إِنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ: "آيَةُ ذَلِكَ أَنِّي مَرَرْتُ بِعِيرٍ لَكُمْ بِمَكَانِ كذَا وَكَذَا، فَأَنْفَرَهُمْ حِسُّ الدَّابَّةِ -أَي الْبُرَاقِ- فَنَدَّ لَهُمْ بَعِيرٌ، فَدَلَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ إِنَاءٌ فِيهِ مَاءٌ قَدْ غَطَّوْا عَلَيْهَ بِشَيءٍ، فكَشَفْتُ غِطَاءَهُ وَشَرِبْتُ مَا فِيهِ، ثُمَّ غَطَّيْتُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَعَلَى عِيرِهِمْ جَمَلٌ أَوْرَقُ عَلَيْهِ غَرَارَتَانِ، إِحْدَاهُمَا سَوْدَاءُ، وَالأُخْرَى بَرْقَاءُ".
(1)
وصدّقه أبو بكر، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي بَكْرٍ:"وَأَنْتَ يَا أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ".
وجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَبَيَّنَ لَهُ كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ، وَأَوْقَاتَهَا، وفُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ.
(2)
(1)
فَلَمَّا جَاءَتِ الْعِيرُ، إِذَا عَلَيْهَا ذَلِكَ الجَمَلُ الذِي وَصَفَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وسَأَلُوهُمْ عَنِ الإِنَاءِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ وَضَعُوهُ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ غَطَّوْهُ، وَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا فَوَجَدُوهُ مُغَطًّى كَمَا غَطَّوْهُ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ مَاءً، وَسَأَلُوهُمْ: هَلْ ضَلَّ لَكُمْ بَعِيرٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، نَدَّ لَنَا بَعِيرٌ فَسَمِعْنَا صَوْتَ رَجُلٍ يَدْعُونَا إِلَيْهِ حَتَّى أَخَذْنَاهُ. فَعَجِبَ الكُفَّارُ لَمَّا عَرَفُوا صِدْقَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ومَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا نُفُورًا وَطُغْيَانًا كَبِيرًا.
(2)
ثُمَّ هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا، وتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الأُولَى إِلَّا المَغْرِبَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا. وأَتَمَّ اللَّهُ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ الآخِرَةَ أَرْبَعًا فِي الحَضَرِ، وَأَقَرَّ الصَّلَاةَ عَلَى فَرْضِهَا الأَوَّلِ فِي السَّفَرِ.