الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اضطهاد الآريوسيين الموحدين
ثُمَّ تَظَاهَرَت الفرقُ الْكَافِرَة (الْمَلَكِيَّةِ والنَّسْطُورِيَّةِ والْيَعْقُوبِيَّةِ) عَلَى الْمُسْلِمَةِ (الْأَرْيُوسِيَّةِ)، فَقَاتَلُوهَا وحرضوا عليها الملك.
وكَانَ فِي الْأَرْيُوسِيِّين النصارى مُؤْمِنُونَ موحدون يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ، فَقِيلَ للملك قسطنطين: مَا نَجِدُ شَتْمًا أَشَدَّ مِنْ شَتْمِ هَؤُلَاءِ، إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} وَهَؤُلَاءِ الْآيَاتِ يَعِيبُونَ بِهَا أَعْمَالَنَا فِي قِرَاءَتِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَلْيَقْرَءُوا كَمَا نَقْرَأُ، وَلْيُؤْمِنُوا كَمَا آمَنَّا، فَدَعَاهُمْ فَجَمَعَهُمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلَ، أَوْ يَتْرُكُوا قِرَاءَةَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ إِلَّا مَا بَدَّلُوا مِنْهَا، فَقَالُوا: مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ؟، دَعُونَا. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: ابْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَةً، ثُمَّ ارْفَعُونَا إِلَيْهَا، ثُمَّ أَعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَعُ بِهِ طَعَامَنَا وَشَرَابَنَا، فلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: دَعُونَا نَسِيحُ فِي الْأَرْضِ وَنَهِيمُ، وَنَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْوَحْشُ، فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنَا فِي أَرْضِكُمْ فَاقْتُلُونَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مِنْهُمْ ابْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي وَنَحْتَفِرُ الْآبَارَ، وَنَحْتَرِثُ الْبُقُولَ، فلَا نَرِدُ عَلَيْكُمْ وَلَا نَمُرُّ بِكُمْ، -وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْقَبَائِلِ إِلَّا وَلَهُ حَمِيمٌ فِيهِمْ- فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وتفرق أصحابها فَسَكَنُوا الْبَرَارِيَ وَالْبَوَادِيَ وَبَنَوُا الصَّوَامِعَ وَالدِّيَارَاتِ وَالْقَلَّايَاتِ وَقَنِعُوا بِالْعَيْشِ الزَّهِيدِ، وقد قال الله فيهم:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ، فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} وَالْآخَرُونَ
(1)
قَالُوا: نَتَعَبَّدُ كَمَا تَعَبَّدَ فُلَانٌ، وَنَسِيحُ كَمَا سَاحَ فُلَانٌ، وَنَتَّخِذُ دُورًا كَمَا اتَّخَذَ فُلَانٌ، وَهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ، لَا عِلْمَ لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِ.
(1)
يعني: قلدهم آخرون -من النصارى المشركين- في الرهبنة دون أن يأخذوا منهم عقيدة التوحيد.
فَلَمْ يَزَلِ الْإِسْلَامُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللهُ النَّبِيَّ محمد صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ؛ انْحَطَّ رَجُلٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، وَجَاءَ سَائِحٌ مِنْ سِيَاحَتِهِ، وَصَاحِبُ الدَّيْرِ مِنْ دَيْرِهِ، فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ:{فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} يَعْنِي: الطَّائِفَةَ الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى {وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ} يَعْنِي: الطَّائِفَةَ الَّتِي كَفَرَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} وهم الموحدّون من النصارى {عَلَى عَدُوِّهِمْ} بِإِظْهَارِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بدين التوحيد عَلَى دِينِ الْمشركين من أهل الكتاب وغيرهم {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}
(1)
.
(1)
النَّصَارَى كانوا مَقْهُورِينَ مَغْلُوبِينَ مُبَدَّدِينَ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى ظَهَرَ قُسْطَنْطِينُ -وهو أَحَدُ مُلُوكِ الْيُونَانِ- بَعْدَ رفع المسيح عليه السلام بنحو من ثلثمائة سَنَةٍ، وَكَانَ فَيْلَسُوفًا قَبْلَ ذَلِكَ. فَدَخَلَ فِي دِينِ النَّصَارَى قِيلَ: تَقِيَّةً، وَقِيلَ: حِيلَةً لِيُفْسِدَهُ، فَوَضَعَتْ لَهُ الْأَسَاقِفَةُ مِنْهُمْ قَوَانِينَ وَشَرِيعَةً وَبِدَعًا أَحْدَثُوهَا، فَبَنَى لَهُمُ الْكَنَائِسَ والبيَع الْكِبَارَ وَالصِّغَارَ، وَالصَّوَامِعَ وَالْهَيَاكِلَ، وَالْمَعَابِدَ، وَالْقَلَايَاتِ. وَأَقَامَ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ بِالسَّيْفِ، وَقَتَلَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ. لَكِنْ أَظْهَرَ دِينًا مُبَدَّلًا مُغَيَّرًا لَيْسَ هُوَ دِينَ الْمَسِيحِ عليه السلام، وَانْتَشَرَ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ المحرّف فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَاشْتَهَرَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَبْدِيلٍ وَتَغْيِيرٍ وَتَحْرِيفٍ، وَوَضْعٍ وَكَذِبٍ، وَمُخَالَفَةٍ لِدِينِ الْمَسِيحِ.
وَلَمْ يَبْقَ عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ عَلَى الْحَقِيقَةِ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ الرُّهْبَانِ، فَاتَّخَذُوا لَهُمُ الصَّوَامِعَ فِي الْبَرَارِي وَالْمَهَامَّةَ وَالْقِفَارِ، وَاسْتَحْوَذَتْ يدُ النَّصَارَى عَلَى مَمْلَكَةِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَبِلَادِ الرُّومِ، وَبَنَى هَذَا الْمَلِكُ الْمَذْكُورُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، والقُمَامة، وَبَيْتَ لَحْمٍ، وَكَنَائِسَ بِلَادِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمُدُنَ حَوْران كبُصرى وَغَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ بِنَاءَاتٍ هَائِلَةً مَحْكَمَةً، وَعَبَدُوا الصَّلِيبَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَصَلَّوْا إِلَى الشَّرْقِ، وَصَوَّرُوا الْكَنَائِسَ، وَأَحَلُّوا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَحْدَثُوهُ مِنَ الْفُرُوعِ فِي دِينِهِمْ وَالْأُصُولِ، وَوَضَعُوا لَهُ الْأَمَانَةَ الْحَقِيرَةَ، الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْكَبِيرَةَ، وَصَنَّفُوا لَهُ الْقَوَانِينَ، وَعَظُمَ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ جِدًّا بِسَبَبِ الْمَلِكِ قُسْطَنْطِينَ وَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْهِمْ فَسَادًا لَا صَلَاحَ لَهُ وَلَا نَجَاحَ مَعَهُ وَلَا فَلَاحَ عِنْدِهِ.
وَمَعَ هَذَا فَكَانَتْ أَرْضُ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ كُفَّارًا مَجُوسًا وَمُشْرِكِينَ. وَكَانُوا فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ يَقْهَرُونَ النَّصَارَى عَلَى بِلَادِهِمْ، وَأَمَّا أَرْضُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَفِيهِمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمُشْرِكِينَ أُمَمٌ، وَكَانَ الشِّرْكُ وَالْكُفْرُ ظَاهِرًا فِي أَرْضِ الْيَمَنِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ.
فَأَهْلُ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانُوا خَيْرًا مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَكُونُوا قَائِمِينَ بِمَا يَجِبُ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا شَرَائِعِ دِينِهِ، وَلَا كَانُوا قَاهِرِينَ لِأَكْثَرِ الْكُفَّارِ، وَلَا كَانُوا مَنْصُورِينَ عَلَيْهِمْ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} .
حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا؛ الَّذِي دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ حَيْثُ قَالَا: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أَظْهَرَ بِهِ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَعِبَادَتَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ظُهُورًا لَمْ يُعْرَفْ فِي أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِثْلُهُ لِنَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَظْهَرَ بِهِ مِنْ تَصْدِيقِ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرُّسُلِ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا لَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا غَيْرِهِمْ.
وصَارَ يَدُ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ سُلْطَانٌ أَعَزُّ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، وَقَهَرُوا فَارِسَ وَالرُّومَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَقَهَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ. فَظَهَرَ بِذَلِكَ تَحْقِيقُ قَوْلِهِ فِي التَّوْرَاةِ " وَتَكُونُ يَدُهُ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَيَدُ الْكُلِّ بِهِ ". وَقَول: دَانْيَالُ عليه السلام، لما َذَكَرَ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاسْمِهِ، فَقَالَ:" سَتَنْزِعُ فِي قَسِيِّكَ إِغْرَاقًا، وَتَرْتَوِي السِّهَامُ بِأَمْرِكَ يَا مُحَمَّدُ ارْتِوَاءً ".
وَقد قَالَ: دَانْيَالُ النَّبِيُّ - أَيْضًا - حِينَ سَأَلَهُ بُخْتُ نَصَّرُ عَنْ تَأْوِيلِ رُؤْيَا رَآهَا، ثُمَّ نَسِيَهَا:" رَأَيْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ صَنَمًا عَظِيمًا، قَائِمًا بَيْنَ يَدَيْكَ، رَأْسُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَسَاعِدَاهُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَبَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنَ النُّحَاسِ، وَسَاقَاهُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَرِجْلَاهُ مِنَ الْخَزَفِ، وَرَأَيْتَ حَجَرًا لَمْ تَقْطَعْهُ يَدُ إِنْسَانٍ، قَدْ جَاءَ وَصَكَّ ذَلِكَ الصَّنَمَ فَتَفَتَّتَ وَتَلَاشَى وَعَادَ رُفَاتًا، ثُمَّ نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ، فَذَهَبَ وَتَحَوَّلَ ذَلِكَ الْحَجَرُ فَصَارَ جَبَلًا عَظِيمًا حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا، فَهَذَا مَا رَأَيْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ؟ ".
فَقَالَ بُخْتُ نَصَّرُ: صَدَقَ؛ فَمَا تَأْوِيلُهَا؟
قَالَ دَانْيَالُ: " أَنْتَ الرَّأْسُ الَّذِي رَأَيْتَهُ مِنَ الذَّهَبِ، وَيَقُومُ بَعْدَكَ وَلَدَاكَ اللَّذَانِ رَأَيْتَ مِنَ الْفِضَّةِ، وَهُمَا دُونَكَ، وَيَقُومُ بَعْدَهُمَا مَمْلَكَةٌ أُخْرَى هِيَ دُونَهُمَا، وَهِيَ شِبْهُ النُّحَاسِ، وَالْمَمْلَكَةُ الرَّابِعَةُ تَكُونُ قَوِيَّةً مِثْلَ الْحَدِيدِ الَّذِي يَدُقُّ كُلَّ شَيْءٍ، فَأَمَّا الرِّجْلَانِ الَّتِي رَأَيْتَ مِنْ خَزَفٍ فَمَمْلَكَةٌ ضَعِيفَةٌ وَكَلِمَتُهَا مُشَتَّتَةٌ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي رَأَيْتَ قَدْ صَكَّ ذَلِكَ الصَّنَمَ الْعَظِيمَ فَفَتَّتَهُ فَهُوَ نَبِيٌّ يُقِيمُهُ اللَّهُ إِلَهُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنْ قَبِيلَةٍ بِشَرِيعَةٍ قَوِيَّةٍ، فَيَدُقُّ جَمِيعَ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَأُمَمِهَا، حَتَّى تَمْتَلِئَ مِنْهُ الْأَرْضُ وَمِنْ أُمَّتِهِ، وَيَدُومُ سُلْطَانُ ذَلِكَ النَّبِيِّ إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، فَهَذَا تَعْبِيرٌ عَنْ رُؤْيَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ ".
فَهَذَا نَعْتُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، الَّذِي بُعِثَ بِشَرِيعَةٍ قَوِيَّةٍ، وَدَقَّ جَمِيعَ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَأُمَمِهَا، حَتَّى امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنْهُ وَمِنْ أُمَّتِهِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَسُلْطَانُهُ دَائِمٌ، لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُزِيلَهُ كَمَا زَالَ مِلْكُ الْيَهُودِ وَزَالَ مِلْكُ النَّصَارَى ودَوْلَتَهُمْ عَنْ خِيَارِ الْأَرْضِ وَأَوْسَطِهَا وَحَيْثُ بُعِثَتِ الْأَنْبِيَاءُ كَأَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ، فانْتَزَعَهَا مِنْهُمُ الصَّحَابَةُ، رضي الله عنهم، وَكَانَ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.