الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله جل وعلا
كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَلا قَبْلُهُ، هُوَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ، والْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، والظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، وَالْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ، وِتْرٌ يحب الوِتْرَ
(1)
، هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ
(2)
، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، هُوَ الإله الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، لا إله إلا هو وحده
(3)
، هو الرَّبُّ
(4)
عز وجل، والسَّيِّدُ تبارك وتعالى، الْعَلِيُّ الأَعْلَى الْمُتَعَالِ، العَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، عَلَاّمُ الْغُيُوبِ، هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ
(5)
، مَالِكُ الْمُلْكِ، بِيَدِهِ المُلكُ، ولم يكن له شريك في الْمُلْكِ، وله المُلْكُ والملكوت
(6)
، مَلِيكٌ مُقْتَدِرٌ، وجهُهُ كريمٌ، وسُلطانُهُ قديمٌ
(7)
، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، هُوَ مُحْيِي الْمَوْتَى، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وهو الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، والْوَارِثُ
(8)
الّذِي يَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ. هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِيءُ
(9)
الْمُصَوِّرُ
(10)
بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، ونُورُ
(11)
السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ، وفَاطِرُ
(12)
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ، الّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، صَنَع كُلَّ صَانِعٍ وصَنْعَتَهُ
(13)
، صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ، لَهُ الخَلقُ وَالأمْرُ، يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا، وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ
(14)
، هو الْمَجِيدُ
(15)
، الْكَرِيمِ الأَكْرَمُ، الْعَزِيزُ الأَعَزُّ، لَهُ الْعِزَّةُ جَمِيعًا، يعِزُّ مَنْ يشَاءُ ويذِلُّ مَنْ يشَاءُ، والعِزُّ إِزَارُهُ والكِبْرِياءُ رِدَاؤُهُ، فَهُوَ الْمُتَكَبِّرُ، وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ
(16)
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وهُوَ الْقَيُّوم، قَيِّم وقيَّام السماوات والأرض ومن فيهن، قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
(17)
. هو الْقادِرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، هُوَ الْقَهَّارُ والْقَاهِرُ
(18)
فَوْقَ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْكَبِيرُ
(19)
، الجَبَّارُ
(20)
ذُو الْجَبَرُوتِ وَالْعَظَمَةِ، وَهُوَ الْقَوِيُّ شَدِيدُ الْمِحَالِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
(21)
، غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ
(22)
،
(1)
الوتر: الفرد الواحد الذي لا شريك له، ولا نظير له.
(2)
الصمد: السيد الذي بلغ المنتهى سؤدده. والمصمت الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب.
(3)
وأعظم العبادات توحيده جل وعلا، وفي الحديث:(فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى).
(4)
ومعنى الرَّب: المالك والمتصرف والمدبر والسيد والمربي. و {ارْجعْ إلى رَبِّك} ؛ أي: إلى سيدك. ولا يُقال لمخلوق: هذا الرَّبُّ.
(5)
من (القدس)، وهو الطهارة.
(6)
مُلك الله وملكوته: سلطانه وعظمته.
(7)
قال الليث: السُّلطان: قدرة الملك
…
وقدرة من جعل ذلك له، وإن لم يكن ملكاً. والقديم: هو الموجود لم يزل.
(8)
الوارِث: الباقي الدائم، الذي دام وجوده.
(9)
الباريء: هو الذي خلق الخلق، لا عن مثال.
(10)
المُصَوِّر: هو الذي صوَّر جميع الموجودات ورتبها، فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها، الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء.
(11)
منوِّرها، وهادي أهلها.
(12)
فَطَرَ؛ أي: شَقَّ، والفَطْر: الابتداء والاختراع، فطركم أول مرة؛ أي: ابتدأ خلقكم، فطر السماوات والأرض؛ أي: شقهما وفتقهما بعد أن كانتا رتقاً، وهو مبدعها ومبتدئها وخالقها.
(13)
إطلاق الصانع هو وصفٌ لله أنه مبدع للكون.
(14)
المحيط: هو الذي أحاطت قدرته بجميع المقدورات، وأحاط علمه بجميع المعلومات.
(15)
المجد: المروءة والسخاء، والمجد: الكرم والشرف.
(16)
وكبرياء الله: شرفه، وهو من (تكبَّر): إذا أعلى نفسه.
(17)
القائم على كل شيء: معناه مدبر أمر خلقه، والقَيُّوم: القَيِّم بحفظ كل شيء ورزقه وتدبيره. والقائم على الشيء: الرقيب فيشمل الحفظ والإبقاء والإمداد.
(18)
القهر بمعنى الغلبة والأخذ من فوق. ومن صفةِ كلِّ قاهرٍ شيئاً أن يكون مستعلياً عليه.
(19)
معنى الكبير؛ أي: العظيم الذي كل شيء دونه، وهو أكبر وأعظم من كل شيء.
(20)
"الجبار" بمعنى القهار، وبمعنى "الرؤوف" الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه.
(21)
ذو الاقتدار الشديد، والمتين في صفة الله القوي.
(22)
أي: أمره تعالى نافذ؛ لا يبطله مبطل، ولا يغلبه مغالب.
كَتَبَ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
(1)
، وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ، نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأَحزابَ وَحْدَه. شَهِيدٌ
(2)
لا يغيب عنه شيء، شَهِدَ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، الذي يُجِلُّهُ كُلُّ مخلوقٍ، ويُكَرَّمُ بِعِبَادَتِهِ كُلُّ مخلوق، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ، حييٌ كريمٌ، قَرِيبٌ مُجِيبٌ، هُوَ الْمُهَيْمِنُ
(3)
، وهُوَ خَيْرٌ حافِظاً، وهو عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ وحَسِيبٌ
(4)
.
هو الحَكَم، وإليه الحُكم، يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، وهُوَ الْحَقُّ
(5)
وقَوْلُهُ الْحَقُّ، وهو الحكيم
(6)
الْمُقَدِّمُ الْمُؤَخِّرُ، القَابِضُ البَاسِطُ، المُعْطِي الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو الْوَهَّابُ
(7)
، يهب ما يشاء لمن يشاء كيف شاء، جوادٌ يحب الجُود، يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ، وهو المُسَعِّرُ الرَّزَّاقُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً
(8)
، وَهُوَ اللَّطِيفُ
(9)
الخَبِيرُ
(10)
، الْفَتَّاحُ، مَا يَفْتَحْ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا، وهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، أرْحَمُ الرَّاحِمينَ، هو الْحَنَّانُ يتحنَّنُ برحمته، كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَسِعَتْ رحمته كُلَّ شَيْءٍ، وهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد، ووسع رزقه الخلق أجمعين، فهو واسِعُ
(11)
العظمة والسلطان والملك، وواسِعُ الفضل والإحسان، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ
(12)
ربُّ الملائكةِ والروحِ، جميلٌ يحبُّ الجَمَال، هُوَ السَّلامُ الذي سَلِم مِن كل عَيْبٍ ونَقْصٍ، ومنه السَّلامُ يُرْجَى وَيُطْلَب، رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، سِتِّير، لا يستر على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة، وإِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ، هو الطبيب
(13)
الشَّافي، لا شفاء إلا شفاؤه، وهُوَ البَرُّ
(14)
الْغَفُورُ الْغَفَّارُ الوَدُوُد، الْوَلِيُّ وَالْمَوْلَى، وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَمَوْلَاهُم
(15)
، حَفِيٌّ بِعِبَادِهِ
(16)
، كافٍ عباده ما يحتاجون إليه
(17)
، هُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ، وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا، وكَفَى بِهِ كَفِيلًا
(18)
، هُوَ المنَّانُ
(19)
يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ الذي يستعين به عباده فيعينهم، كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَنَاداهُ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ، وَكَتَبَ لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً، وَعَتَبَ عَلَيْهِ، يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ، وما أحدٌ أصبر
(20)
على أذى سمعه من الله؛ يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم،
(1)
أي: لأنتصرن أنا ورسلي.
(2)
يقال: شاهد وشهيد؛ كعالم وعليم؛ أي أنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها، شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه، و (شهد الله)؛ بمعنى: علم، وكتب، وقضى، وأظهر، وبيَّن.
(3)
أصل الهَيْمَنَة: الحفظ والارتقاب، يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده؛ قد هيمن فلان عليه؛ فهو يهيمن هَيْمَنَة، وهو عليه مهيمن.
(4)
معنى الحسيب؛ أي: الحفيظ، والكافي، والشهيد، والمحاسب.
(5)
من أسمائه تعالى: الحق، وهو المتحقق كونه ووجوده.
(6)
الحكيم: ذو الحكمة، وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم.
(7)
الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كثرت؛ سمَّي صاحبها وهَّاباً.
(8)
الْمُقِيتُ: الذي يقدر لعباده القوت، ويحفظ عليهم رزقهم.
(9)
اللطيف: بمعنى الخبير بدقائق الأمور وما لطف وخفي منها، وبمعنى الرؤوف الذي يوصل الخير واللطف للخلق.
(10)
الخبير: العالم بما كان وما يكون، والعالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته.
(11)
السعة: الغنى، والواسِع: الغني.
(12)
أي: مُسَبَّحٌ مُقَدَّسٌ، والسُبُّوح: المنَزَّه عن كل عيب ونقص، والقُدُّوس: المطهر من كل ما لا يليق بالخالق.
(13)
في حديث أبي رمثة رضي الله عنه؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرني هذا الذي بظهرك؛ فإني رجل طبيب. قال عليه الصلاة والسلام: (الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها). وعن عائشة رضي الله عنها: (مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت يدي على صدره فقلت: اذهب البأس، رب الناس، أنت الطبيب، وأنت الشافي .. ). والطِّبُّ: هو العلم بالشيء، يقال: رجل طَبٌّ وطبيبٌ؛ أي: عالمٌ حاذق.
(14)
البَرُّ: العطوف على عباده ببرِّه ولُطْفِه.
(15)
من الْوِلايَةُ والْمُوَالاةُ، أي: نصيرهم وظهيرهم، ويتولاهم بعونه وتوفيقه.
(16)
الحفيِّ؛ أي: البَر اللطيف. أي: بارَّاً عوَّدهم منه الإجابة إذا دعوه.
(17)
وفي الحديث: (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا؛ فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي له).
(18)
الكفيل: الوكيل والحفيظ والشهيد والعائل والضامن.
(19)
المنَّان أي: المعطي ابتداءً، والمِنَّة: النعمة الثقيلة.
(20)
حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره؛ فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى.
وهُوَ التَوَّابٌ
(1)
يفرح بتوبة عبده، وهو شَاكِرٌ شَكُورٌ
(2)
، لا يَمَلُّ حتى تملوا
(3)
، وإن الله تعالى يغار
(4)
، وغيرة الله تعالى أن يأتي المرء ما حرَّم الله عليه، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ، مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ، وَهُوَ عَفُوٌّ
(5)
غَفُورٌ، رَقِيبٌ على خلقه، وهُوَ الدَيَّان الذي يجازي عباده بعملهم، وإِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. عَاتَبَ أَوْلِياءَهُ، وعَجِبَ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ، ويَنْزِلُ اللهُ تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَجِيبُ لِمَن سَأَلَهُ، وفي يَوْمِ عَرَفَةَ يَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِعِبَادِهِ الْمَلَائِكَةَ، ويَضْحَكُ اللهُ عز وجل مِنْ رَجُلٍ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ. وأَحَلَّ مَقْتَهُ وغَضَبَهُ على الطُغاةِ المُجْرِمِينَ الذين لا يَتُوبُونَ، وكَرِهَ انْبِعَاثَ المُنَافِقين فَثَبَّطَهُم، الّذِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ، واللهُ يَسْتَهْزِئُ بالمُسْتَهْزِئِينَ بآيَاتِهِ وعِبَادِهِ، وَيَمْكُرْ لِعِبَادهِ على مَنْ يَمْكُرْ عَلَيْهم، وَيَسْتَدْرِجُ الكَافِرِينَ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وإِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ؛ فَإِنَّمَا هو اسْتِدْرَاجٌ {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون} . وَاللهُ هُوَ الْمُؤْمِنُ الذي يؤمِّن عبادَه المؤمنين من بأسهِ وعذابهِ، ويصدِّقُهم على إيمانِهم، وَيَصْدُقُهُم ما وَعَدَهُم
(6)
، وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
(7)
والْعِقَابِ، مُنْتَقِمٌ مِنَ المُجْرِمِينَ، ذُو بَطْشٍ شَدِيدٌ، وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. ولله تسعة وتسعون اسماً مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، فله الأسماء الحسنى والصفات العلى. وإنّه تعالى لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ
(8)
، إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ
(9)
، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ
(10)
مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا، ولَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ، ولَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا، وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
(1)
العبد توابٌ إلى الله من ذنبه، والله توابٌ عليه؛ أي: يقبل توبته ويعفو عنه.
(2)
الشكور: من صفات الله جل اسمه، معناه: أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده: مغفرته لهم، والله عز وجل شكورٌ للعبد؛ أي: يشكر له عمله؛ أي: يجازيه على عمله.
(3)
كأنَّ المعنى: لا يملُّ من ثواب أعمالكم حتى تملُّوا من العمل.
(4)
الغيرة: هي الكراهية للشيء، وذلك جائز في صفات الله. وقد قال تعالى:{وَلَكِنْ كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ} .
(5)
العفو: المحو، ومنه:{عَفَا الله عَنْكَ} : محا الله عنك؛ مأخوذ من قولهم: عفت الرياح الآثار: إذا درستها ومحتها.
(6)
وأصل الإيمان: التصديق.
(7)
ذو سرعة في محاسبة عباده يومئذٍ على أعمالهم التي عملوها في الدنيا.
(8)
هو سبحانه منزه عن الحاجة للنوم، وكيف ينام وهو مالك ما في السموات وما في الأرض ومربيهم والقيّوم عليهم، ومدبر أمور معاشهم ومعادهم؟
(9)
يَخْفِضُ الْمِيزَان وَيَرْفَعهُ بِمَا يُوزَنُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَيُوزَنُ مِنْ أَرْزَاقهمْ النَّازِلَة.
(10)
سُبُحَات وَجْهِه: نُورُه وَجَلَالُه وَبَهَاؤُهُ.