المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الله جل وعلا

- ‌بدء الخلق

- ‌السموات والأرض

- ‌النجوم والبروج

- ‌حساب الزمان والسنين

- ‌خلق الملائكة والجن والإنس

- ‌رحمة الله

- ‌قصة آدم عليه السلام

- ‌إخبار الله الملائكة بخلق البشر

- ‌سجود الملائكة لآدم واستكبار إبليس

- ‌خلق حواء وإسكانها الجنة مع آدم

- ‌إغواء الشيطان لآدم وزوجه

- ‌توبة آدم وحواء

- ‌هبوط آدم وحواء وإبليس إلى الأرض

- ‌وجود إبليس وذنوب البشر لحكمة

- ‌إكرام الله بني آدم وإنعامه عليهم

- ‌تحذير البشر من عدوهم الشيطان

- ‌وفاة آدم عليه السلام

- ‌ذرية آدم وتربص الشيطان بهم

- ‌نوح عليه السلام

- ‌ هود عليه السلام

- ‌ صالح عليه السلام

- ‌ إبراهيم عليه السلام

- ‌هجرة إبراهيم إلى الشام

- ‌قصة إبراهيم وسارة مع ملك مصر

- ‌رجوع الخليل من مصر إلى الشام

- ‌انتقال لوط إلى قرية سدوم

- ‌ولادة إسماعيل بمكة وقصة زمزم

- ‌إرسال لوط عليه السلام

- ‌مجيء إبراهيم إلى مكة لتفقد حال ابنه

- ‌إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة

- ‌قصة الذبيح إسماعيل ومناسك الحج

- ‌بشارة إبرهيم بإسحاق عليهما السلام

- ‌إهلاك قوم لوط في قرى سدوم

- ‌إرسال شعيب عليه السلام إلى أهل مدين

- ‌إسحاق عليه السلام

- ‌قصة ذي القرنين

- ‌فضائل خليل الله إبراهيم ووفاته

- ‌يعقوب (إسرائيل) عليه السلام

- ‌أيوب عليه السلام

- ‌يوسف بن يعقوب عليه السلام

- ‌مكوث بني إسرائيل في مصر

- ‌اضطهاد بني إسرائيل من فرعون

- ‌موسى وهارون عليهما السلام

- ‌بعثة مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، صَفِيُّ اللهِ

- ‌تكذيب فرعون وقومه بالآيات المعجزات

- ‌إهلاك قارون

- ‌نصيحة مؤمن آل فرعون

- ‌إصرار فرعون على استئصال المؤمنين

- ‌خروج موسى ببني إسرائيل من مصر

- ‌هلاك فرعون وجنده

- ‌بنو إسرائيل بعد نجاتهم من فرعون

- ‌ذهاب موسى لميقات ربه

- ‌إنزال الله التوراة على موسى

- ‌قصة السامري والعجل

- ‌رجوع موسى إلى بني إسرائيل

- ‌قصة موسى مع الخضر عليهما السلام

- ‌حياء موسى وإيذاء بني إسرائيل له

- ‌قصة البقرة

- ‌رفض بني إسرائيل دخول الأرض المقدسة

- ‌وفاة موسى عليه السلام

- ‌يوشع بن نون عليه السلام

- ‌كَالِبُ بْنُ يُوفَنَّا

- ‌حِزْقِيلَ بن بُوذَى

- ‌إِلْيَاسُ عليه السلام

- ‌الْيَسَعُ عليه السلام

- ‌من الأنبياء والأقوام الذين أشير إليهم

- ‌قصة أصحاب الكهف

- ‌قصة أصحاب السبت

- ‌قصة طالوت وجالوت

- ‌داود عليه السلام

- ‌سليمان عليه السلام

- ‌يونس عليه السلام

- ‌قصة النبي شِعْيَا بْنُ أَمْصِيَا

- ‌الخراب الأول لبيت المقدس

- ‌قصة بختنصر مع دانيال عليه السلام

- ‌قصة عُزَيْر عليه السلام

- ‌اختلاف بني إسرائيل

- ‌تحريف اليهود التوراة

- ‌زكريا ويحيى وآل عمران

- ‌المسيح عيسى بن مريم عليه السلام

- ‌نزول الإنجيل على المسيح ابن مريم

- ‌ميثاق الأنبياء بالإيمان بمحمد ونصرته

- ‌كفر اليهود بالمسيح ابن مريم عليه السلام

- ‌قتل يحيى بن زكريا عليه السلام

- ‌قصة رفع المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام إلى السماء

- ‌زعم اليهود أنهم قتلوا المسيح وصلبوه

- ‌الخراب الثاني لبيت المقدس

- ‌شاؤول اليهودي (بولس) يحرف دين النصارى

- ‌إنجيل برنابا ينقض تحريفات بولس

- ‌تحريف الإنجيل واختلاف نُسَخه

- ‌بنو إسرائيل كتبوا كتاباً فاتبعوه وتركوا التوراة

- ‌تحريف النصارى دينهم وتفرقهم

- ‌تغيير الملك قسطنطين دين النصارى

- ‌اضطهاد الآريوسيين الموحدين

- ‌قصة سبأ وسد مأرب

- ‌قِصَّةُ تُبَّعٍ أَبِي كَرِبٍ

- ‌قِصَّةُ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ بنجران

- ‌تسلط الأحباش النصارى على اليمن

- ‌قصة أصحاب الفيل

- ‌ولادة رسول الله محمد ونشأته

- ‌زواج النبي من خديجة بنت خويلد

- ‌وضع الحجر الأسود في مكانه

- ‌حال الأرض قبل بعثته عليه الصلاة والسلام

- ‌بعثة محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إرسال النبي للناس كافة

- ‌نزول وحي القرآن عليه

- ‌من معجزاته وخصاله عليه الصلاة والسلام

- ‌الدَّعْوَةُ في مكة

- ‌الهجرة إلى الحبشة ومحاولة منعها

- ‌حصار الشِّعْب

- ‌وفاة أبي طالب وخديجة (عام الحزن)

- ‌اشتداد أذى قريش على رسول الله

- ‌خروجه عليه الصلاة والسلام إلى الطائف

- ‌العودة لمكة وبيعتا العقبة

- ‌انشقاق القمر

- ‌رحلة الإسراء والمعراج (1 ق هـ)

- ‌اتفاق مشركي قريش على قتل النبي

- ‌قصة الهجرة

- ‌السنة الأولى من الهجرة (1 هـ)

- ‌بناء مسجد قباء والمسجد النبوي

- ‌فرح أهل المدينة

- ‌دعوة يهود المدينة للإسلام

- ‌الدعاء للمدينة بالصحة

- ‌المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

- ‌كتابة الصحيفة

- ‌قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌مشروعية الأذان

- ‌السنة الثانية من الهجرة

- ‌صيام عاشوراء

- ‌إعلان قريش الحرب على المدينة

- ‌بدء الغزوات

- ‌تحويل القبلة إلى الكعبة

- ‌فرض الصيام وزكاة الفطر

- ‌غزوة بدر الكبرى

- ‌وفاة رقية بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إجلاء يهود بني قينقاع

- ‌غزوة السويق

- ‌السنة الثالثة من الهجرة

- ‌مقتل كعب بن الأشرف

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد

- ‌السنة الرابعة من الهجرة

- ‌يوم الرجيع واستشهاد خبيب

- ‌حادثة بئر معونة

- ‌إجلاء يهود بني النضير

- ‌السنة الخامسة من الهجرة

- ‌غزوة دومة الجندل

- ‌غزوة المريسيع (بني المصطلق)

- ‌حادثة الإفك

- ‌غزوة الخندق (الأحزاب)

- ‌نزول آية الحجاب

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌السنة السادسة من الهجرة

- ‌غزوة ذِي قَرَد وقصة سلمة بن الأكوع

- ‌سرية الخبط (سِيف البحر)

- ‌خروج عمرو بن العاص إلى الحبشة

- ‌قصة صلح الحديبية

- ‌نزول سورة الفتح

- ‌قدوم المهاجرات من مكة

- ‌قصة أبي بصير

- ‌السنة السابعة من الهجرة

- ‌دعوة الملوك إلى الإسلام

- ‌دعوة ملك الحبشة وإسلامه

- ‌دعوة ملك الغساسنة في الشام

- ‌دعوة قيصر ملك الروم

- ‌دعوة كسرى ملك الفرس

- ‌دعوة المقوقَس ملك القبط في مصر

- ‌دعوة هَوْذة الحنفي ملك اليمامة بنجد

- ‌غزوة خيبر

- ‌تسميم اليهود طعام النبي في خيبر

- ‌عودة المهاجرين من الحبشة

- ‌تحريم المدينة والدعاء لأهلها بالبركة

- ‌غزوة ذات الرقاع جهة نجد

- ‌إرسال السرايا إلى عَجُز وفدك والميفعة وغطفان والغابة

- ‌عمرة القضاء

- ‌السنة الثامنة من الهجرة

- ‌وفاة زينب بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص

- ‌إرسال السرايا إلى بني الملوح وقضاعة وهوازن

- ‌غزوة مؤتة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌فتح مكة وهدم الأصنام

- ‌غزوة حنين

- ‌تتبع الفارين في أوطاس ونخلة وثقيف

- ‌قسمة الغنائم في الجعرانة

- ‌الإحرام بالعمرة من الجعرانة

- ‌دعوة ملك البحرين (الأحساء)

- ‌دعوة ملك عُمان

- ‌السنة التاسعة من الهجرة (عام الوفود)

- ‌وفاة النجاشي أصحمة

- ‌غزوة تبوك

- ‌المرور بمساكن ثمود في الحِجْر

- ‌من الأحداث في تبوك

- ‌العودة ومحاولة المنافقين قتل النبي

- ‌قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا

- ‌وفاة أم كلثوم بنت محمد عليه الصلاة والسلام

- ‌وفاة كبير المنافقين ابن سلول

- ‌قدوم الوفود ومنهم نصارى نجران

- ‌حج أبي بكر بالناس والبراءة من المشركين

- ‌السنة العاشرة من الهجرة

- ‌وفاة إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام

- ‌كسوف الشمس وصلاة وخطبة عظيمة

- ‌حجة الوداع

- ‌اكتمال إبلاغ الدين

- ‌السنة الحادية عشر من الهجرة

- ‌وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌من جوامع ما أخبر به النبي أصحابه

- ‌فطرة الإنسان

- ‌التحذير من الشرك والرياء

- ‌ركائز دين الإسلام ومعالمه

- ‌افتراق المسلمين في دينهم

- ‌لكل نبيّ حواريّون وسيَخْلُفُهُم مُبَدِّلون

- ‌الإسلام محفوظ بعلماء مجدِّدِين

- ‌الأمر بالتَّمَسُّكِ بالسُّنَّة والجَمَاعَة

- ‌التحذير من الابتداع في الدين

- ‌أهمية صلاح القلب والنيّة

- ‌عدل الله وغناه عن خلقه

- ‌حفت الجنة بالمكاره، والنار بالشهوات

- ‌الحساب على الأعمال

- ‌الأعمال بالخواتيم

- ‌القضاء والقدر والأخذ بالأسباب

- ‌الإيمان تصديق وعمل وأخلاق

- ‌الزينة وحفظ العرض والنسل

- ‌خطر النفاق وسوء الأخلاق

- ‌الدّين: النَّصِيحَة

- ‌وجوب إنكار المنكرات

- ‌الحسنات يذهبن السيئات

- ‌أبواب الخير والصدقات

- ‌فضائل ذكر الله

- ‌آداب الطعام

- ‌التداوي وحفظ الصحة

- ‌علاج العين والاستشفاء بالرقى

- ‌أسباب إجابة الدعاء ومنعه

- ‌قتال الطائفة التاركة للصلاة أو الزكاة

- ‌الإخبار بالفتن التي ستقع للصحابة

- ‌ظهور الخوارج وقتالهم

- ‌تداعي الأمم الكافرة على المسلمين

- ‌دعوة الكفار وقتال المعتدين

- ‌بقاء طائفة منصورة من المجاهدين

- ‌أمور ستقع قبل قيام الساعة

- ‌خراب المدينة وأحداث آخر الزمان

- ‌ظهور مهدي من العِتْرَة

- ‌مصالحة الروم والغزو معهم وغدرهم

- ‌وقوع الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى في الْغُوطَة

- ‌فتح القسطنطينية

- ‌خروج الدجال يتبعه يهود وشياطين

- ‌نزول عيسى ابن مريم وقتله الدجال

- ‌انهزام اليهود وقتلهم

- ‌إفساد يأجوج ومأجوج ثم مقتلهم

- ‌مطر يغسل الأرض ويعيد بَرَكَتَها

- ‌الإسلام يعم الأرض في زمن المسيح

- ‌طلوع الشمس من مغربها

- ‌خروج الدابة

- ‌نار تخرج من عدن تحشر الناس للشام

- ‌ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين

- ‌اختفاء أثر الإسلام ورفع القرآن

- ‌تقوم الساعة على شرار الناس

- ‌نفخة الصعق

- ‌الحياة البرزخية في القبر

- ‌نزول ماء الحياة ونمو الأجساد

- ‌نفخة البعث

- ‌أول من تنشق عنه الأرض

- ‌دنو الشمس

- ‌انتظار فصل القضاء

- ‌إخراج بعث النار وهول الموقف

- ‌الحوض

- ‌الشفاعة في الخلاص من كرب المحشر

- ‌الميزان

- ‌العرض والحساب

- ‌الأرض والسماوات يوم القيامة

- ‌كل أمة تتبع ما كانت تعبد

- ‌دخول أهل النار النار

- ‌بقاء أمة التوحيد يقودهم ربهم إلى الجنة

- ‌إعطاء المؤمن نوره والمنافق قبل الصراط

- ‌المرور على الصراط

- ‌القنطرة بعد الصراط

- ‌دخول أهل الجنة الجنة

- ‌شفاعة النبي فيمن دخل النار مِن أمته

- ‌شفاعة المؤمنين في إخوانهم

- ‌يعتق الله من النار مَن كانت له ذرّة توحيد

- ‌ذبح الموت بين الجنة والنار

- ‌الخلود الأبدي

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌حساب الزمان والسنين

‌حساب الزمان والسنين

وإِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ -الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ-. (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)

(1)

.

(1)

العام يتكون من اثني عشر شهراً قمرياً. والطريقة التي بينها الإسلام في حساب السَّنة والشَّهر والأسبوع واليوم هي أقْوَم طريقة، فالحول (السنة)؛ لم يكن له حد ظاهر في السماء، فكان لا بد فيه من الحساب والعدد، فكان عدد الشهور الهلالية أظهر وأعم من أن يحسب بسير الشمس، فجُعلت السنة اثني عشر شهراً قمرياً هي: مُحَرَّمَ، و صَفَرٍ، و رَبِيعُ الْأَوَّلِ، و رَبِيعُ الْآخِرِ، وَجُمَادَى الأولى َجُمَادَى الآخرة، وَرَجَبٌ، وَشَعْبَانُ، و رَمَضَانُ، وَشَوَّالُ، و ذو الْقَعْدَةِ، و ذو الْحِجَّةِ. وهي بعدد البروج التي تكمل بدور الشمس فيها سنة شمسية، فإذا دار القمر فيها كمل دورته السنوية، وبهذا كله يتبين معنى قوله:{وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَموا عَدَدَ السِّنينَ والحِسابِ} ؛ فإن عدد شهور السنة وعدد السنة بعد السنة إنما أصله بتقدير القمر منازل، وكذلك معرفة الحساب؛ فإن حساب بعض الشهور لما يقع فيه من الآجال ونحوها إنما يكون بالهلال، وكذلك قوله تعالى:{قُلْ هِيَ مَواقيتُ للنَّاسِ وَالحَجِّ} . فأخبر الله أن هذا هو الدين القيم؛ ليبين أن ما سواه من أمر النسيء وغيره من عادات الأمم ليس قيماً لما يدخله من الانحراف والاضطراب. فاليوم الطبيعي ليلته من غروب الشمس إلى شروقها ونهاره من طلوع الشمس إلى غروبها، وأما الأسبوع؛ فهو عددي من أجل الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض ثم استوى على العرش، فوقع التعديل بين الشمس والقمر باليوم، والأسبوع بسير الشمس، والشهر والسنة بسير القمر، وبهما يتم الحساب، فالهلال يكون توقيت الشهر والسنة، وليس شيء يقوم مقام الهلال ألبتة لظهوره وظهور العدد المبني عليه وتيسر ذلك وعمومه، وغير ذلك من المصالح الخالية عن المفاسد. فالسنة القمرية: هي اثنا عشر شهرًا قمريًا، والشهرُ القمريُّ يكون حسب رؤية الهلال إما 29 أو 30 يوماً، وبالحساب الفلكي الدقيق:(588 530، 29) يوماً! والسنةُ القمريةُ (354) يوماً، وثماني ساعات، و (48) دقيقة، و (36) ثانية! أَما السنةُ الشمسيةُ فإِنَّها (365) يوماً، وستُّ ساعات، وتسعُ دقائق، و (5.9) ثانية!!. وهي مدّة وصول الشمس إلى النقطة التي فارقتها من نفس البرج.

والتأريخ القمري تأريخ كوني منذ خلق السموات والأرض، والشهر فيه مرتبط بظاهرة كونية ميسرة وواضحة يراها جميع البشر وهي دورة القمر في منازله في 29 أو 30 يوماً كما يراه الناس - وبهذه الرؤية ترتبط العبادة الشرعية- وجعل البشر يعرفون مواسم مناسبة الزراعة وتكاثر النبات والحيوان بمعرفة مواقيت الأبراج ومنازل القمر وطوالع النجوم في قبة السماء فيتعلمون منها معرفة أوقات الفصول الأربعة وتغيراتها ومعرفة الاتجاهات (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ). ومن نعم الله أن جعل التغاير في مدة السنة الكونية القمرية مع دورة الشمس في منازل الأبراج. ونتيجة هذا التغاير أن ينعم الناس بالفصول الأربعة الصيف والشتاء والخريف والربيع في كل شهورهم القمرية على مدى السنين، فيصومون شهر رمضان مرة في الربيع ومرة في الشتاء وأخرى في الصيف أو الخريف، وهكذا في شهور الحج وسائر الشهور.

وقد كان التقويم عند الرومان قمرياً لكن السنة فيه تتألف من عشرة أشهر فقط حتى جاء ملك روما (توما الثاني 716 - 673 ق. م) الذي أضاف شهري يناير وفبراير وأصبحت السنة تتألف من 355 يوماً. ثم في قرابة سنة 45 قبل الميلاد استعان الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر ببعض الفلكيين الإسكندريين لوضع تأريخ حسابي، يعتمد عليه، ويؤرخ به، فوضعوا له تأريخاً مستنداً إلى السنة الشمسية حيث كانوا يعظمون الشمس، وتمثل تعديلهم في جعل السنة العادية 365 يوماً والكبيسة 366 يوماً. ثم بعد ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام بعدة قرون تم تحويل التقويم الشمسي إلى التأريخ النصراني الميلادي لتكون بدايته من أول السنة الميلادية نسبة إلى ميلاد المسيح عيسى عليه السلام وأن تكون بداية هذا التأريخ: الأول من يناير لأنه يوم ختان المسيح عليه السلام كما يزعمون؛ حيث إن ميلاده عليه السلام كما يقال كان في 25 ديسمبر (كانون الأول) وعندها عرف هذا التأريخ بالتأريخ الميلادي. ثم قام بابا النصارى (جوريجوري الثالث عشر) بمحاولة إصلاح الخطأ في هذا التأريخ وهو عدم مطابقة السنة الحسابية على السنة الفعلية للشمس مما أدى إلى وجود فرق سنوي قدره إحدى عشرة دقيقة بين الحساب والواقع الفعلي، ولأنه يرى أن موسم عيد الفصح يجب أن يكون في الربيع؛ فقام بإعلان حذف أحد عشر يوماً من التاريخ في لحظة وتعديل التقويم من يوم 4 أكتوبر 1582 م مباشرة إلى يوم 15 أكتوبر 1582 م وسمي هذا التعديل بـ (التأريخ الجوريجوري) ولقي معارضة كبيرة حيث قاومته الدول غير الكاثوليكية ثم استقر العمل به في غالب الدول النصرانية. ولما سقطت حضارة المسلمين وخلافتهم وتسلط أعداء تلك الحضارة؛ فرضوا التأريخ الجريجوري على الناس وسمّوه (الميلادي)، واستخدموا التقانة والتطور في الحساب لطباعة تقويم جريجوري طويل الأمد بالتعديلات البشرية ليتوافق مع دورة الشمس والفصول الأربعة والاعتدال الربيعي والصيفي ولرغبتهم أن تتكرر مناسبة ميلاد المسيح (المختلف في تحديدها) لتكون في الشتاء في الخامس والعشرين من ديسمبر، ولرغبتهم أن يوافق عيد الفصح عندهم موسم الربيع دوماً. وفرضوا نشر هذا التقويم على الناس مع ما فيه من التغيير والتعديل. فأضل الله النصارى عن الارتباط الصحيح بسنين الكون فضلوا باتباع أهواء أحبارهم ورهبانهم وملوكهم وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل. وقد حذرت نصوص الوحي من اتباع سَنَن وطرق اليهود والنصارى؛ فلو أخرج المسلم زكاته بحول التقويم الشمسي لكان آثماً بتأخير الحق عن مستحقه وعدم اعتبار الحول الشرعي، ولو ضحى أضحيته بحسابه لربما ما أجزأته.

فالمسلمون يعتمدون في العبادة الشرعية على رؤية الأهلة لقوله عليه الصلاة والسلام لما ذكر رمضان: "إنا أمة أمية، لا نكتب، ولا نحسب" أي: لم نكلف في معرفة مواقيت صومنا ولا عباداتنا إلى معرفة حساب فلكي ولا كتابة، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة في السماء وأمور ظاهرة، يستوي في معرفتها؛ الحاسبون وغيرهم. ثم قال:" الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا" - يعني: ثلاثين - ثم قال: "وهكذا وهكذا، وهكذا" وقبض إبهامه في الثالثة - يعني: تسعاً وعشرين - يعني مرة يكون ثلاثين، ومرة تسعاً وعشرين. "فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته ". كما أن الدَّيْنَ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَيْرُ مُفْتَقِرٍ إِلَى كِتَابَةٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ قَدْ سَهل اللَّهُ وَيَسَّرَ حِفْظَهُ عَلَى النَّاسِ، وَالسُّنَنُ أَيْضًا مَحْفُوظَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومروية بالحفظ.

ولما دعت الحاجة المسلمين إلى التخطيط لمواعيد أعمالهم المستقبلية وسفرهم ولقاءاتهم ومواسم الفصول الأربعة وتغيراتها، وأن تكون ضمن تقويم مطبوع للسنين القادمة؛ عمدوا إلى طباعة تقاويم هجرية حتى يخططوا عليها أمور دنياهم، ومنها:(تقويم أم القرى) وهو تقويم قمري يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر، وأضافوا في طباعته منازل الشمس والقمر وطوالع النجوم التي جعلها الله علامات يهتدي بها الناس في معرفة تغيرات الطقس والفصول الأربعة ومواسم الزراعة والتكاثر الفطري. ويعتمد إحداثيات (خط الطول وخط العرض) للكعبة المشرفة في مكة المكرمة أساساً لتقويم أم القرى، كما يعتمد ولادة الهلال فلكياً حال غروب القمر بعد غروب الشمس في مكة المكرمة.

ولو لم يكن للمسلمين تقويم مطبوع؛ فإنهم هم يؤرخون بالنظر في السماء والقمر ويهتدون إلى مواعيد فصول السنة بالنظر في قبة السماء ومنازل الشمس والقمر وطوالع تلك النجوم، ولهم في ذلك علوم وعلوم متناقلة وأشعار ومنظومات تؤصل خبرتهم الدقيقة العالية في التأمل في النجوم والاهتداء للاتجاهات ودراسة تغيرات الزمان وأثرها على الأرض.

ص: 14