الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحياة البرزخية في القبر
إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا؛ لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ. اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
(1)
، اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ مِنْ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ حَرِيرَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ
(2)
، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأسِهِ، فَيَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي حَمِيدَةً اخْرُجِي رَاضِيَةً مَرْضِيًّا عَنْكِ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٍ وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ عليه السلام وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ رِيحِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَهَا، لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأخُذُوهَا حَتَّى أَنَّهُ لَيُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ثُمَ يَجْعَلُونَهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ فَيَتَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى بَابِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَا أَطْيَبَ هَذِهِ الرِّيحَ، رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، مَنْ هَذَا؟، فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ - بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا - فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ، وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ وَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا قَالَ: فلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الَّتِي فِيهَا اللهُ عز وجل فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عز وجل فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى.
(1)
موت الإنسان هو بداية آخرته، فبداية اليوم الآخر لكل إنسان بحسبه، فمن مات في أي وقت فقد قامت قيامته، وانتهت دنياه وبدأ في طريق الآخرة، أما يوم البعث ويوم الحشر فهو لكل الناس.
(2)
أَيْ: قَرِيبًا مِنْهُ مَعَ كَمَالِ الْأَدَبِ، يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَ الرُّوحِ مِنْهُ.
فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَيَأتِيهِ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَالْآخَرُ: النَّكِيرُ فَيُجْلِسَانِهِ غَيْرَ فَزِعٍ وَلَا مَشْعُوفٍ
(1)
، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللهَ؟، فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللهَ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟، فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ، الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا يُدْرِيك؟، فَيَقُولُ: قَرَأتُ كِتَابَ اللهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَجَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَصَدَّقْنَاهُ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل:{يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} ، فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ: صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، فَيَأتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: دَعُونِي أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُبَشِّرُهُمْ، فَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَيَأتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي. فَيَأتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَهُمْ أَشَدُّ فَرَحًا بِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِغَائِبِهِ يَقْدَمُ عَلَيْهِ، فَيَسْأَلُونَهُ مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟، مَاذَا فَعَلَ فُلَانٌ؟، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَنْظِرُوا أَخَاكُمْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي كَرْبٍ، فَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟، مَا فَعَلَتْ فُلَانَةُ؟، هَلْ تَزَوَّجَتْ؟، فَإِذَا سَألُوا عَنِ الرَّجُلِ قَدْ مَاتَ قَبْلَهُ، قَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ، أَمَا أَتَاكُمْ؟، قَالُوا: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، فَبِئْسَتِ الْأُمُّ، وَبِئْسَتِ الْمُرَبِيَّةُ،
(1)
قال السيوطي: الشعف: شدة الفزع، حتى يذهب بالقلب.
فَتُعْرَضُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ، فَإِذَا رَأَوْا حَسَنًا، فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا، وَقَالُوا: اللَّهُمَّ هَذِهِ نِعْمَتُكَ عَلَى عَبْدِكَ فَأَتِمَّهَا، وَإِنْ رَأَوْا سُوءًا قَالُوا: اللَّهُمَّ رَاجِعْ بِعَبْدِكِ
(1)
.
وَإِنَّ الْكَافِرَ الرَّجُلَ السَّوْءَ إِذَا احْتُضِرَ أَتَتْهُ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمْ الْمُسُوحُ
(2)
فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً اخْرُجِي سَاخِطَةً مَسْخُوطًا عَلَيْكِ إِلَى عَذَابِ اللهِ عز وجل وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ وَغَسَّاقٍ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ. فَتَفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَتَتَقَطَّعُ مَعَهَا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَلَا يُفْتَحُ لَهَا، فَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: مَا أَنْتَنَ هَذِهِ الرِّيحَ، رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ، مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ - بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا - فَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً، فَإِنَّهَا لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} فَيَقُولُ اللهُ عز وجل: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ، فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} فَيُرْسَلُ بِهَا مِنْ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ.
(1)
أَيْ: رُدَّهُ إِلَى دِينِكَ وَطَاعَتِك.
(2)
المُسوح: جمع مُسح وهو ثوب من شعر أسود.
وَيَأْتِيهِ الْمَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فِي قَبْرِهِ فَزِعًا مَشْعُوفًا فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟، فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟، فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟، فَيَقُولُ: هَاهْ، هَاهْ، لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا فَقُلْتُ مِثْلَهُ. فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ. ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللهُ عَنْكَ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَقُولَانِ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ، انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الْأَجَلِ حَتَّى تَأْتُوا بِهِ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهَا أَضْلَاعُهُ فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي يَجِيءُ بِالشَّرِّ، فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، فَيَقُولُ: رَبِّ لَا تُقِمْ السَّاعَةَ، ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ فَيَرْحَمَهُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ، لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ.