الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعوة يهود المدينة للإسلام
وكان يهودُ بَني قَيْنقاعَ حُلفاءَ الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ دَاخِلَ المَدِينَةِ، ويهود بَني النَّضِيرِ، وبَني قُرَيْظَةَ كَانُوا حُلفاءَ الأَوْسِ، وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ في عَوَالِي المَدِينَةِ. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير حتى نزل إلى جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدث أهلها؛ إذ سمع به عبد الله بن سلام رضي الله عنه وهو في نخل لأهله يخترف لهم، فعجل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، فإن أخبرتني بها آمنت بك، وإن لم تعلمهن عرفت أنك لست بنبي. قال:" سل "، قال: ما أول أشراط الساعة؟ أول شيء يحشر الناس؟ وما أول ما يأكل منه أهل الجنة؟ ومن أين يشبه الولد أباه وأمه؟ من أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟، قال:" أخبرني بهن جبريل آنفاً. " فقال عبد الله: جبريل؟، قال:" نعم "، قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية:{من كان عدواً لجبريل، فإنه نزله على قلبك بإذن الله} . أما أول أشراط الساعة، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تخرج من قبل المشرق، فتحشرهم إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة، فزيادة كبد حوت، رأس ثور وكبد حوت. وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشي المرأة، فسبقها ماؤه، كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها، كان الشبه لها ". قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأنك جئت بحق. ثم قال: يا رسول الله، قد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم؛ فأخبئني عندك وابعث إليهم واسألهم عني: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم، قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم، بهتوني عندك وقالوا فيّ ما ليس فيّ.
فأرسل إليهم نبي الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، ودخل عبد الله البيت. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً، وأني جئتكم بحق، فأسلموا"، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما نعلمه. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ "، قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وعالمنا وابن عالمنا، وأفقهنا وابن أفقهنا وسيدنا وابن سيدنا. قال:" أفرأيتم إن أسلم؟ "، قالوا: حاشى لله، ما كان ليسلم، قال:" أفرأيتم إن أسلم؟ "، قالوا: حاشى لله، ما كان ليسلم، قال:" أفرأيتم إن أسلم؟ "، قالوا: حاشى لله، ما كان ليسلم، قال:" يا ابن سلام، اخرج عليهم "، فخرج عبد الله إليهم، فقال: يا معشر اليهود، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق، فقالوا: كذبت. فقال ابن سلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقالوا: هو شرنا وابن شرنا، وجاهلنا وابن جاهلنا. وانتقصوه ووقعوا فيه. فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ابن سلام: هذا الذي كنت أتخوف منه يا رسول الله، قد أخبرتك يا رسول الله أن اليهود قوم بهت. ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:" أي بيوت أهلنا أقرب؟ "، فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري وهذا بابي، قال:" فانطلق فهيئ لنا مقيلاً "، فقال أبو أيوب: قوما على بركة الله. وأَمَرَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ بِالصَّبْرِ والعَفْوِ، قَالَ تَعَالَى:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} .