الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} .
ليس الإيمان بالظلم وهو خلط به والظلم هو الشرك بالله. الإيمان المصفى من الشرك هو الإيمان الذي يقبله الله من أهله، ويجزيهم عليه الجزاء الأوفى ويجعلهم في أمن وسلام يوم يكون الكافرون في فزع وكرب.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان عليه من العمل. أخرجه الشيخان.
ومعنى لا إله إلا الله: طريقة القرآن في مثل هذا أن يقرن النفي بالإثبات فينفي ما سوى الله، ويثبت الاسم الشريف، وهذا هو حقيقة التوحيد النفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون نفي، فلا يكون التوحيد إلا متضمنا للنفي والإثبات
…
من حقق التوحيد دخل الجنة: قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة النحل) إن إبراهيم عليه السلام كان أمة وحده أي يعوض مجتمعا يؤمن بالله بين مجتمعات كلها على الشرك والكفر، وإن إبراهيم مع إيمانه قانتا لله أي خاشعا لله، وكان حنيفا أي مائلا عن طرق الضلال والكفر {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} أي لم يشرك بالله أبدا وقال تعالى في (سورة المؤمنون):{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}
…
هؤلاء الذين ذكرتهم الآية الكريمة إنهم على صفات تؤهلهم لدخول الجنة، فهم من خشية ربهم وخوفهم منه على إشفاق دائم من أن يعصوا أو
يفعلوا منكرا. ولهذا يؤمنون بآيات ربهم ويعملون بها ويهتدون بهديها قد خلت نفوسهم من أثر الشرك، وكانوا على خشية ومراقبة دائمة لله حتى إنهم يفعلون ما يفعلون من خير ويقدمون ما يقدمون من طاعات وعبادات لا تزايلهم الخشية، ولا يبارحهم الخوف من الله ومن أنهم على تقصير في حقه تعالى، وفيما يجب له من طاعة وولاء. إن هذه الصفات المذكورة في الآية تلتقي جميعا في قلب المؤمن بالله إلا أن المؤمن على حظوظ مختلفة منها فبعضهم تغلب عليه صفة الخشية من الله، وبعضهم يؤمن بآيات الله، ولكن تغلبه نفسه، فلا تتحقق الخشية كاملة من الله في قلبه، وبعضهم يعترف بوجود الله ويقر بوحدانيته إقرارا عقليا، كالفلاسفة ونحوهم.
ولا ينقلون عن الرسل عليهم السلام، ولا يأخذون مما معهم من آيات الله، وبعضهم يؤمن بالله، وبآيات الله، وبرسل الله ثم يؤتون ما أتوا من طاعات وعبادات وهم في صراع مع أنفسهم، وفي خوف من لقاء الله أن يكونوا قصروا فهؤلاء جميعا يمكن أن يتجهوا إلى الخير ويجاهدوا أنفسهم لأنهم يحملون شرارة من الإيمان، وأنهم على هدى من ربهم وعلى طريق الخير والإحسان ..
عن حصين بن عبد الرحمن قال: "كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت أنا، ثم قلت: أما أني لم أكن في صلاة ولكني لدغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت حديث حدثنا الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حديثا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة، قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم -أنه قال: عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع إلي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا بسواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم -
فأخبروه، فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت منهم، ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال سبفك بها عكاشة. الحديث رواه البخاري مطلولا ومختصرا ومسلم والنسائي والترمذي ..
الرقية: هي العوذة ااتي يرقى بها الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات. قال ابن الأثير: (وقد جاء في بعض الأحاديث جواز الرقية، وفي بعضها النهي، والأحاديث في القسمين كثيرة، ووجه الجمع بينهما أن الرقي يكره منها ما كان بغير اللسان العربي، وبغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة، وأن يعتقد أن الرقي نافعة لا محالة فيتكل عليها.
الخوق من الشرك: قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (سورة النساء 47).
وقال الخليل عليه السلام {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (سورة إبراهيم 37). وفي الحديث: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه فقال الرياء" رواه أحمد. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وهو يدعو من دون الله ندا (1) دخل النار" رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار"
…
(1) ندا: النظير المشارك له.