الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف بالتوحيد
التوحيد هو إفراد الخالق بالعبادة ذاتا وصفة وأفعالا، والتوحيد أول دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى عبادة الله وحده، وأول منازل الطريق للسالك إلى الله عز وجل.
ولا يقوم صلاح الانسان إلا إذا عرف الله سبحانه وتعالى الذي يحقق للإنسان ما يحبه، ويدفع عنه ما يضره فالله لا شريك له هو وحده خلق الكون، فلا معبود سواه، والإله هو الذي يؤله أي يعبد محبة وإنابة، وإجلالا وإكراما. لا يطلق هذا الاسم إلا على الله سبحانه وتعالى، وحده ويكون من اختصاصه، ومعناه أنه لا ثاني له، فهو نفي العدد عنه، لا شريك له، ولا تبعيض ولا تقسيم، ونفي الأنداد عنه والصاحبة والولد، والأشباه والأضداد.
التوحيد هو الذي يعصم نفس المسلم من الهلاك في الدنيا، وينجيه من الخلود في النار يوم القيامة، ويعتقد المسلم إعتقادا جازما أن الأفعال كلها صادرة من الله وحده، فله التصرف المطلق التام. والتوحيد يكون محله القلب، وعلامته الانقطاع إلى الله، والتوكل عليه، وأن جميع الخلق في قبضته وتحت قدرته وإرادته، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، الخلق ليس بأيديهم شيء من الأمر. لا يرى المؤمن الموحد في الوجود إلا الله وحده.
محبة العبد لربه: إن محبة العبد لربه تكون على درجتين: إحداهما المحبة العامة التي لا يخلو منها كل مؤمن وهي واجبة. والثانية وهي المحبة الخاصة التي ينفرد بها (العلماء) الربانيون، وأولياء الله الصالحون، والأصفياء، وهي أعلى المقامات، وغاية المطلوبات، فإن سائر مقامات الصالحين: كالخوف، والرجاء، والتوكل وغير ذلك مبنية على حظوظ النفس، ألا ترى أن الخائف إنما يخاف على نفسه، وأن الراجي إنما يرجو منفعة نفسه بخلاف المحبة فإنها من أجل المحبوب فليست من العارضة في
شيء، والمحبة هنا مرتبطة بالخشية فكلما زادت خشيتنا من الله ازددنا تقربا منه وحبا له وتعلقا بأوامره تطبيقا وبنواهيه انتهاء
…
اعلم أن سبب محبة الله معرفته، فتقوى المحبة على قدر قوة المعرفة، وتضعف على قدر ضعف المعرفة، فإن الموجب للمحبة أحد أمرين، وكلاهما إذا اجتمعا في شخص من خلق الله تعالى كان في غاية الكمال: وهنا يبدو له جمال الله وحسنه، فأما الجمال فهو محبوب بالطبع مثل جمال الله في حكمته البالغة وصنعته البديعة، وصفاته الجميلة الساطعة الأنوار التي تروق العقول وتبهج القلوب، وإنما يدرك جمال الله تعالى بالبصائر لا بالأبصار، وأما الإحسان فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وإحسان الله إلى عباده متواتر، وإنعامه عليهم باطن وظاهر، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} سورة إبراهيم. ويكفيك أنه يحسن إلى المطيع والعاصي، والمؤمن والكافر، وكل إحسان ينسب إلى غيره، فهو في الحقيقة منه، وهو المستحق للمحبة وحده، واعلم أن محبة الله إذا تمكنت من القلب ظهرت آثارها على الجوارح من الجد في طاعته والنشاط لخدمته، والحرص على مرضاته والتلذذ بمناجاته والرضا بقضائه والشوق إلى لقائه، والأنس بذكره، والاستيحاش من غيره، وخروج الدنيا من القلب ومحبة كل من يحب الله، وإيثاره على من سواه.
فهذه هي الغاية المطلوبة والسعادة المنشودة التي بها سعادة الخلق في الدنيا والآخرة، لا شيء أحب إليهم في الدنيا كالإيمان به، ولا شيء أحب إلى الناس في الآخرة كالنظر إلى وجهه الكريم، فمن أعرض عن هذا التوحيد {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه).
فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (سورة الذاريات).