الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقيدة الإسلامية
تقوم العقيدة الإسلامية على ثلاث دعائم كلها يسلم العقل بها، ويقوم الدليل المستمد من البديهة عن صحته، وليس فيه مجال لوهم ولا خرافة هي: الوحدانية والإيمان بالغيب، والرسل أجمعين
…
فأول هذه الدعائم- الإيمان بواحد أحد هو الفرد الصمد، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير هو منزه عن مشابهة الحوادث لأنه غيرها، ولا تتحقق هذه المغايرة إلا إذا كان من غير جنسها. هو خالقها ومبدعها، والشيء لا يخلق بعضه بعضا، فهو ليس جسما من الأجسام، وليس عرضا من الأعراض لأنه خالقها وخالق كل شيء، وهو فوق كل شيء، وليس له مكان يحده، لأن المكان هو الذي يحدد الأجسام وليس مركبا من أجزاء كما نتركب، فهو واحد في ذاته، وواحد في صفاته، قد اختص وحده بالأشياء والتكوين، فهو بديع السماوات والأرض، ليس بوالد ولا مولود، وقد خلق الأسباب والمسببات، ونظم الكون بحكمته، وسيره بإرادته، وأبدع نواميسه بقدرته، وهو وحده المستحق للعبادة، وليس في خلقه ما يحل هو فيه لأنه ليس جسما يحل في غيره.
التوحيد هو العماد الأول والأقوى للإسلام وتعاليم القرآن، والذي شغلت الدعوة إليه وتقريره حيزا كبيرا ينادي بتحرير الإنسان من سيطرة الأوهام والخرافات والخضوع لما لا يملك ضرا ولا نفعا، والتوسل بالوسائل الزائفة لحماية نفسه، واتخاذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله كما هو بارز في آيات عديدة من القرآن، قال تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (سورة آل عمران)، وقال في (سورة الزمر): {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
وقال أيضا في نفس السورة {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} :
وذلك لما في عبادة غير الله والخضوع له والتوسل به من تسخير لقوى الإنسان، وتعطيل لمواهبه وإذلال نفسه إذلالا من شأنه أن يظل راغبا خائفا جزعا مما لا يبعث في الحقيقة على شيء من ذلك، في حين أن التوحيد والإيمان بالله (بآله) واحد متصف بجميع صفة الكمال والحق والعدل والخير والقوة واعتبار كل ما عدا الله صغيرا مهما كبر فالله أكبر منه والانسان ضعيفا مهما قوي فالله أقوى منه، وعاجزا مهما قدر فالله أقدر منه، وفقيرا مهما غني فالله أغنى منه، فلا يتجه أحد إلى غير الله، ولا يستشعر بخوف، ولا رهبة من أحد غيره، ولا يذل نفسه في حاجة لأحد غيره، وناهيك بهذا قوة هائلة محررة لما أودعه الله في الإنسان من قوى الخوف وموجهة لها نحو الخير والصلاح والكمال في هذه الحياة، ومساعدة له على القيام بواجباته الاجتماعية والانسانية، ثم حافزة له على عدم الرضا بالظلم والقهر، والتجبر والمرد على البغاة والمتجبرين والمتكبرين، وبالإضافة إلى هذا فإن الدعوة إلى الله وحده قد انطوت على تقرير ما في الإيمان بالله وحده، والاتجاه إليه وحده بالعبادة والدعاء، من فوائد عظيمة متصلة بشؤون الحياة الدنيا صلة وثيقة من حيث توكيد استجابة الله لداعيه وذكره لذاكريه، وقدرته وحده على تفريج ما يحل فيهم من خطوب، ومنحهم ما يرجونه من رغائب، وتحقيق ما يأملونه من مطالب كما هو واضح في الآيات الآتية:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (سورة البقرة). وقال في (سورة النمل) {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.