المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) فِي التَّيَمُّم وشروطه وفروضه ومبطلاته، وَهُوَ لُغَة الْقَصْد، - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) فِي التَّيَمُّم وشروطه وفروضه ومبطلاته، وَهُوَ لُغَة الْقَصْد،

3 -

(فصل)

فِي التَّيَمُّم وشروطه وفروضه ومبطلاته، وَهُوَ لُغَة الْقَصْد، وَشرعا اسْتِعْمَال تُرَاب مَخْصُوص بمسح وَجه ويدين على وَجه مَخْصُوص يدل على طَهَارَة المَاء. وَهُوَ عَزِيمَة، وَتقدم تَعْرِيفهَا فِي مسح الْخُفَّيْنِ. يجوز بسفر الْمعْصِيَة وَلَا يجوز تَركه. قَالَ القَاضِي: لَو خرج إِلَى ضَيْعَة لَهُ تقَارب الْبُنيان والمنازل وَلَو بِخَمْسِينَ خطْوَة جَازَ لَهُ التَّيَمُّم وَالصَّلَاة على الرَّاحِلَة وَأكل الْميتَة للْمُضْطَر. انْتهى. يَصح التَّيَمُّم بِشُرُوط ثَمَانِيَة: النِّيَّة، وَالْإِسْلَام، وَالْعقل، والتمييز، والاستجمار المستوفيين للشروط، وَالسَّادِس مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِتُرَاب فَلَا يَصح بنورة وَرمل وَنَحْوهمَا طهُور فَلَا يَصح بِمَا تناثر من أَعْضَاء التَّيَمُّم مُبَاح فَلَا يَصح بمغصوب، كَالْوضُوءِ بِهِ غير محترق فَلَا يَصح بِمَا دق من نَحْو خزف لَهُ غُبَار يعلق بِالْيَدِ فَإِن خالطه ذُو غُبَار غَيره فكماء خالطه طَاهِر، وَالسَّابِع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله إِذا عدم المَاء مُتَعَلق ب (يَصح) ، سَوَاء كَانَ

ص: 80

الْعَدَم لحبس المَاء عَنهُ أَو حَبسه عَن المَاء أَو غَيره أَي الْحَبْس كَقطع عَدو مَاء بَلَده أَو عَجزه عَن تنَاوله من بِئْر وَلَو بِفَم لفقد آلَة. أَو خيف بإستعماله أَي المَاء أَو طلبه ضَرَر ببدن كجرح وَبرد شَدِيد وفوت رفْقَة وعطش نَفسه أَو غَيره من آدَمِيّ أَو بَهِيمَة محترمين أَو احْتَاجَ لعجن أَو طبخ، أَو لعدم بذله إِلَّا بِزِيَادَة كَثِيرَة عَادَة على ثمن مثله فِي مَكَانَهُ. وَلَا إِعَادَة فِي الْكل أَو خيف بِاسْتِعْمَالِهِ أَو طلبه ضَرَر بِمَال أَو غَيرهمَا أَي الْبدن وَالْمَال كَوَلَد، وَيفْعل التَّيَمُّم عَن كل مَا يفعل بِالْمَاءِ من طَهَارَة عَن حدث أكبر أَو أَصْغَر أَو طواف أَو إِزَالَة نَجَاسَة عَن بدن بعد تخفيفها مَا أمكن من مسح رطبَة وحك يابسة، وَلَا فرق بَين كَون النَّجَاسَة على مَحل صَحِيح أَو جريح، فَإِن تيَمّم لَهَا قبل تخفيفها لم يَصح سوى نَجَاسَة على غير بدن كعلى ثوب أَو بقْعَة فَلَا يَصح التَّيَمُّم عَنْهَا. وَالثَّامِن مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله إِذا دخل وَقت فرض وأبيح غَيره أَي الْفَرْض وَلَو منذورا معِين، فَلَا يَصح التَّيَمُّم لحاضرة وَعِيد مَا لم يدْخل وقتهما، وَلَا لفائتة إِلَّا إِذا ذكرهَا وَأَرَادَ فعلهَا، وَلَا كسوف قبل وجوده، وَلَا لاستسقاء مَا لم يجتمعوا. وَلَا لجنازة إِلَّا إِذا غسل الْمَيِّت أَو يم لعذر، وَلَا لنفل وَقت نهى. وَإِن وجد من لزمَه طَهَارَة حَتَّى الْمُحدث حَدثا أَصْغَر مَاء لَا يَكْفِي طَهَارَته اسْتَعْملهُ أَولا وجوباثم تيَمّم لحَدِيث (إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم) فَإِن تيَمّم قبل اسْتِعْمَاله لم يَصح

ص: 81

وَيلْزم من جرح بِبَعْض أَعْضَاء وضوئِهِ إِذا تَوَضَّأ تَرْتِيب فِي الطَّهَارَة الصُّغْرَى وَيَأْتِي فِي الْفُرُوض، فيتفرع على هَذَا أَنه يتَيَمَّم للجروح عِنْد غسله لَو كَانَ صَحِيحا، فَلَو كَانَ الْجرْح فِي الْوَجْه بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ غسل شَيْء مِنْهُ تيَمّم أَولا ثمَّ أتم الْوضُوء، وَإِن كَانَ فِي بعض وَجهه خير بَين غسل الصَّحِيح مِنْهُ ثمَّ يتَيَمَّم للجريح مِنْهُ وَبَين التَّيَمُّم ثمَّ يغسل صَحِيح وَجهه، ويتمم الْوضُوء. وَإِن كَانَ فِي عُضْو آخر لزمَه غسل مَا قبله ثمَّ كَانَ فِيهِ على مَا ذكرنَا فِي الْوَجْه. وَإِن كَانَ وَجهه وَيَديه وَرجلَيْهِ احْتَاجَ فِي كل عُضْو إِلَى تيَمّم فِي مَحل غسله ليحصل التَّرْتِيب. وَلَو غسل صَحِيح وَجهه ثمَّ تيَمّم لَهُ وليديه تيمما وَاحِدًا لم يُجزئهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى سُقُوط الْفَرْض عَن جُزْء من الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ فِي حَالَة وَاحِدَة. فَإِن قيل: هَذَا يبطل بِالتَّيَمُّمِ عَن جملَة الطَّهَارَة حَيْثُ يسْقط الْفَرْض عَن جَمِيع الْأَعْضَاء جملَة وَاحِدَة، قُلْنَا: إِذا كَانَ عَن جملَة الطَّهَارَة فَالْحكم لَهُ دونهَا وَإِذا كَانَ عَن بَعْضهَا نَاب عَن ذَلِك الْبَعْض فَاعْتبر لَهُ مَا يعْتَبر فِيمَا يَنُوب عَنهُ من التَّرْتِيب. قَالَه فِي الشَّرْح. إِن لم يُمكن مَسحه أَي الْجرْح بِالْمَاءِ مُتَعَلق بِتَيَمُّم. وَإِن أمكن مَسحه وَجب وأجزأ، لِأَن الْغسْل مَأْمُور بِهِ وَالْمسح بعضه فَوَجَبَ، كمن عجز عَن الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقدر على الْإِيمَاء وَيغسل الصَّحِيح وَيلْزم من جرحه بِبَعْض أَعْضَاء وضوئِهِ إِذا تَوَضَّأ مُوالَاة فِي الطَّهَارَة الصُّغْرَى فَيلْزمهُ غسل الصَّحِيح عِنْد كل تيَمّم وَطلب المَاء فِي حق من لَزِمته الطَّهَارَة فِي رَحْله وَمَا قرب مِنْهُ عَادَة

ص: 82

وَمن رَفِيقه شَرط مَا لم يتَحَقَّق عَدمه، وَلَا تيَمّم لخوف فَوت جَنَازَة وَلَا وَقت فرض إِلَّا فِيمَا إِذا علم الْمُسَافِر المَاء قَرِيبا عرفا، أَو دله عَلَيْهِ ثِقَة قَرِيبا وَخَافَ بِقَصْدِهِ فَوت الْوَقْت وَلَو للاختيار، أَو فَوت رفقته أَو مَال، أَو عدوا على نَفسه، وَفِيمَا إِذا وصل الْمُسَافِر إِلَى المَاء وَقد ضَاقَ الْوَقْت أَو علم أَن النّوبَة لَا تصل إِلَيْهِ إِلَّا بعد خُرُوجه. وَمن ترك مَالا يلْزمه قبُوله أَو تَحْصِيله من مَاء وَغَيره وَتيَمّم وَصلى أعَاد. وَيلْزمهُ شِرَاء مَاء وحبل ودلو بِثمن مثلهَا أَو زَائِد يَسِيرا فَاضل عَن حَاجته، واستعارتها وقبولها عَارِية وَقبُول مَاء فرضا وَهبة، وَقبُول ثمنه فرضا إِذا كَانَ لَهُ وَفَاء. وَإِن قدر على مَاء بِئْر بِثَوْب يبله ثمَّ يعصره لزمَه إِن لم تنقص قيمَة الثَّوْب أَكثر من ثمن المَاء فَإِن نسى أَو جهل قدرته عَلَيْهِ أَي المَاء وَتيَمّم وَصلى أعَاد مَا صلاه، لِأَن الطَّهَارَة تجب مَعَ الْعلم وَالذكر فَلَا تسْقط بِالنِّسْيَانِ وَالْجهل كمصل نَاسِيا حَدثهُ أَو عُريَانا نَاسِيا للسترة ومكفر بِصَوْم نَاسِيا للرقبة. وواجب التَّيَمُّم التَّسْمِيَة وَتسقط سَهوا وجهلا، وَتَقَدَّمت فِي الْوضُوء. وفروضه أَي التَّيَمُّم أَرْبَعَة أَشْيَاء أَشَارَ إِلَى الأولى بقوله مسح وَجهه وَمِنْه اللِّحْيَة سوى مَا تَحت شعر وَلَو خَفِيفا، وَسوى دَاخل فَم وأنف فَيكْرَه إِدْخَال التُّرَاب فيهمَا لتقديرهما. وَالثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَمسح يَدَيْهِ إِلَى كوعيه لقَوْله تَعَالَى 19 ( {وَأَيْدِيكُمْ} ) . وَإِذا علق حكم بِمُطلق الْيَد لم يدْخل فِيهِ ذِرَاع كَقطع السَّارِق وَمَسّ الْفرج. وَلَو أَمر الْمحل الْمَمْسُوح على التُّرَاب

ص: 83

أَو صمده لريح فعمه وَمسح بِهِ صَحَّ، لَا إِن سفته الرّيح من غير تعمد فَمسح بِهِ. وَالثَّالِث مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَفِي حدث أَصْغَر تَرْتِيب. وَالرَّابِع مُوالَاة فِيهِ أَيْضا وَتقدم حكمهَا. وَنِيَّة الاستباحة شَرط لما يتَيَمَّم لَهُ من حدث أكبر أَو أَصْغَر أَو نَجَاسَة ببدن فَلَا تَكْفِي نِيَّة أَحدهمَا عَن الآخر، وَإِن نَوَاهَا كلهَا أَجْزَأَ عَن الْجَمِيع، أَو نوى أحد أَسبَاب أَحدهمَا بِأَن بَال وتغوط وَخرج مِنْهُ ريح، وَنوى وَاحِدًا مِنْهَا وَتيَمّم أَجزَأَهُ عَن الْجَمِيع وَلَا يصلى بِهِ أَي التَّيَمُّم فرضا إِن نوى نفلا أَو أطلق.

فأعلاه فرض عين فَنَذر فكفاية فنافلة فطواف نفل فمس مصحف فقراءة فَلبث، حَائِض لوطء وَيبْطل التَّيَمُّم بِخَمْسَة أَشْيَاء الأولى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بِخُرُوج الْوَقْت.

وَالثَّانِي لزوَال الْمُبِيح لَهُ كَمَا لَو تيَمّم لمَرض فَعُوفِيَ، أَو لبرد فَزَالَ. وَالثَّالِث بخلع مَا يمسح كخف وعمامة وجبيرة لبس على طَهَارَة مَاء إِن تيَمّم بعد حَدثهُ وَهُوَ عَلَيْهِ، سَوَاء مَسحه قبل ذَلِك أَو لَا لقِيَام تيَمّمه مقَام وضوئِهِ وَهُوَ يبطل بخلع ذَلِك فَكَذَا مَا قَامَ مقَامه، التَّيَمُّم وَإِن اخْتصَّ بعضوين صُورَة فَهُوَ مُتَعَلق بالأربعة حكما.

ص: 84

وَالرَّابِع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله ومبطلات الْوضُوء أَي بِأحد النواقض الثَّمَانِية. وَالْخَامِس مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وبوجود مَاء إِن تيَمّم لفقده إِذا قدر على اسْتِعْمَاله بِلَا ضَرَر على مَا تقدم، لِأَن مَفْهُوم قَوْله (الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين، فَإِذا وجدته فأمسه جِلْدك) يدل على أَنه لَيْسَ بِوضُوء عِنْد وجود المَاء. وَسن لراجيه أَي راجي وجود المَاء وعالمه أَو مستو عِنْده الامران تَأْخِير التَّيَمُّم لاخر وَقت مُخْتَار وَمن عدم المَاء وَالتُّرَاب أَو لم يُمكنهُ استعمالهما لمَانع كمن بِهِ قُرُوح لَا يَسْتَطِيع مَعهَا مس الْبشرَة بِوضُوء وَلَا تيَمّم صلى الْفَرْض فَقَط على حسب حَاله وجوبا وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ ويقتصر على مجزىء فِي قِرَاءَة وَغَيرهَا فَلَا يقْرَأ زَائِدا على الْفَاتِحَة، وَلَا يسبح أَكثر من مرّة، وَلَا يزِيد على مَا يجزىء فِي طمأنينة رُكُوع أَو سُجُود أَو جُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ فِي منتخب الأدمِيّ: فَإِن عدم المَاء وَالتُّرَاب صلى، لَكِن إِن كَانَ جنبا وَزَاد مَا يُجزئ من ركن أَو وَاجِب أعَاد. (سقط: انْتهى)

ص: 85

وَلَا يقْرَأ فِي غير صَلَاة إِن كَانَ جنبا وَنَحْوه كحائض ونفساء.

وَصفته أَن يَنْوِي ثمَّ يُسَمِّي وَيضْرب التُّرَاب بيدَيْهِ مفرجتي الْأَصَابِع ضَرْبَة وَاحِدَة يمسح وَجهه بباطن أَصَابِعه، وكفيه براحتيه، والأحوط ثِنْتَانِ يمسح بِإِحْدَاهُمَا وَجهه وبالأخرى يَدَيْهِ.

ص: 86