الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الْجِهَاد)
كتاب الْجِهَاد. ختم بِهِ الْعِبَادَات لِأَنَّهُ أفضل تطوع الْبدن، وَهُوَ مَشْرُوع بِالْإِجْمَاع لقَوْله تَعَالَى 19 ((كتب عَلَيْكُم الْقِتَال)) إِلَى غير ذَلِك، ولفعله عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام وَأمره بِهِ، وَأخرج مُسلم (من مَاتَ وَلم يغز وَلم يحدث نَفسه بالغزو مَاتَ على شُعْبَة من النِّفَاق) وَهُوَ مصدر جَاهد جهادا ومجاهدة من جَاهد إِذا بَالغ فِي قتل عدوه، ولغة بذل الطَّاقَة والوسع. وَشرعا قتال الْكفَّار خَاصَّة. وَهُوَ أَي الْجِهَاد فرض كِفَايَة أَي إِذا قَامَ بِهِ من يَكْفِي سقط عَن البَاقِينَ وَإِلَّا أَثم النَّاس كلهم. وَفرض الْكِفَايَة مَا قصد حُصُوله من غير شخص معِين، فَإِن لم يُوجد إِلَّا وَاحِد تعين عَلَيْهِ كرد السَّلَام وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة. وَيسن بتأكد مَعَ قيام من يَكْفِي بِهِ. وَلَا يجب إِلَّا على ذكر مُسلم حر مُكَلّف صَحِيح وَاجِد من المَال مَا يَكْفِيهِ وَأَهله فِي غيبته وَمَعَ مَسَافَة قصر مَا يحملهُ. وَيسن تشييع الْغَازِي لَا تلقيه، وَأَقل مَا يفعل مَعَ قدرَة كل عَام مرّة إِلَّا أَن تَدْعُو حَاجَة إِلَى تَأْخِيره فَيجوز تَركه، وَإِن دعت حَاجَة إِلَى أَكثر
من مرّة فِي عَام فعل وجوبا، وتحريمه فِي الْأَشْهر الْحرم مَنْسُوخ نصا إِلَّا إِذا حَضَره أَي حضر الرجل صف الْقِتَال فَهُوَ فرض عين عَلَيْهِ أَو إِلَّا إِذا حصره أَو حصر بَلَده عَدو وَلم يكن عذر واحتيج إِلَيْهِ فَفرض عين، أَو إِذا كَانَ النفير عَاما فَهُوَ حِينَئِذٍ فرض عين وَلَو عبدا. وغزو الْبَحْر أفضل من غَزْو الْبر، وتكفر شَهَادَته جَمِيع الذُّنُوب لِأَن الْبَحْر أعظم خطرا ومشقة بِخِلَاف شَهَادَة الْبر فَلَا تكفر الدّين. قَالَ شيخ الْإِسْلَام 16 (ابْن تَيْمِية) : وَلَا مظالم الْعباد كَقَتل وظلم، وَزَكَاة وَحج أخرهما. وَقَالَ: من اعْتقد أَن الْحَج يسْقط مَا وَجب عَلَيْهِ من الصَّلَاة وَالزَّكَاة فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب، فَإِن لم يتب قتل. انْتهى. وَلَا يسْقط حق الْآدَمِيّ من دم أَو مَال أَو عرض بِالْحَجِّ إِجْمَاعًا. ويغزي مَعَ بر وَفَاجِر يحفظان الْمُسلمين لَا مَعَ مخذل وَنَحْوه، وَلَا يتَطَوَّع بِهِ أَي الْجِهَاد مَدين آدَمِيّ لَا وَفَاء لَهُ إِلَّا بِإِذن لَو رهن مُحرز أَو كَفِيل ملي، حَالا كَانَ الدّين أَو مُؤَجّلا، لِأَن الْجِهَاد يقْصد مِنْهُ الشَّهَادَة فَيفوت الْحق فَإِن كَانَ الدّين لله تَعَالَى أَو لآدَمِيّ وَله وَفَاء جَازَ التَّطَوُّع بِهِ. وَلَا يتَطَوَّع بِهِ من أحد أَبَوَيْهِ حر مُسلم إِلَّا بِإِذْنِهِ لحَدِيث ابْن عمر وَابْن الْعَاصِ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي فَقَالَ يَا رَسُول الله أجاهد فَقَالَ: أَلَك أَبَوَانِ قَالَ: نعم، قَالَ: ففيهما فَجَاهد. وروى البُخَارِيّ مَعْنَاهُ من حَدِيث ابْن عمر. وَلِأَن بر الْوَالِدين فرض عين وَالْجهَاد فرض كِفَايَة وَالْأول مقدم. وَلَا يعْتَبر إِذن جد وَجدّة.
أما إِذا كَانَ الأبوان رقيقين أَو كَافِرين أَو مجنونين، أَو الْجِهَاد مُتَعَيّنا فَيسْقط إذنهما وَإِذن غَرِيم، وَكَذَا إِن كَانَ أَحدهمَا كَذَلِك فَلَا إِذن لَهُ، لَكِن يسْتَحبّ لمديون أَلا يتَعَرَّض لمظان الْقَتْل وَنَحْوه. وَلَا يعْتَبر إِذن الْوَالِدين فِي سفر لواجب من حج أَو علم.
وَسن رِبَاط فِي سَبِيل الله. وَهُوَ لُغَة الْحَبْس، وَشرعا لُزُوم ثغر الْجِهَاد وَأقله أَي الرِّبَاط سَاعَة قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : يَوْم رِبَاط، وَلَيْلَة رِبَاط، وَسَاعَة رِبَاط وَتَمَامه أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَإِن زَاد فَلهُ، وَهُوَ بأشد الثغور خوفًا أفضل، وَأفضل من الْمقَام بِمَكَّة ذكره شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية إِجْمَاعًا، وَالصَّلَاة فِيهَا أفضل من الصَّلَاة بالثغر. وَلَا يجوز للْمُسلمين الْفِرَار من مثليهم وَلَو وَاحِد من اثْنَيْنِ ويلزمهم الثَّبَات وَإِن ظنُّوا التّلف، إِلَّا متحرفين لقِتَال أَو متحيزين إِلَى فِئَة وَإِن بَعدت، لحَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا (إِنِّي فِئَة لكم) وَكَانُوا بمَكَان بعيد مِنْهُ. وَقَالَ عمر: 16 (أَنا فِئَة كل مُسلم) . وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ وجيوشه بِالشَّام وَالْعراق وخراسان رَوَاهُمَا سعيد. فَإِن زادوا على مثليهم جَازَ الْفِرَار وَهُوَ أولى مَعَ ظن تلف. وَالْهجْرَة وَاجِبَة على كل من عجز عَن إِظْهَار دينة بِمحل يغلب فِيهِ حكم الْكفْر والبدع المضلة، فَإِن قدر على إِظْهَار دينه فمسنونة فِي حَقه ليتخلص من تَكْثِير الْكفَّار ومخالطتهم وليتمكن من جهادهم.
وَالْأسَارَى مِنْهُم على قسمَيْنِ: قسم يكون رَقِيقا بِمُجَرَّد السبى وهم النِّسَاء وَالصبيان، وَقسم لَا، وهم الرِّجَال البالغون الْمُقَاتِلُونَ، وَالْإِمَام فيهم مُخَيّر تَخْيِير مصلحَة واجتهاد للْمُسلمين لَا تَخْيِير شَهْوَة بَين رق وَقتل وَمن وَفِدَاء بِمَال أَو بأسير مُسلم، وَيجب عَلَيْهِ اخْتِيَار الْأَصْلَح فَلَا يجوز عدُول عَمَّا رَآهُ مصلحَة، فَإِن تردد نظره فَقتل أولى، وَلَا يقتل صبي وَأُنْثَى وَخُنْثَى وراهب وَشَيخ فان وزمن أعمى لَا رأى لَهُم وَلم يقاتلوا ويحرضوا على الْقِتَال. وَإِن تترس الْكفَّار بهم رموا بِقصد الْمُقَاتلَة لَا إِن تترسوا بِمُسلم إِلَّا إِن خيف علينا، ويقصد الْكفَّار بِالرَّمْي دون الْمُسلم، وَيتَعَيَّن الرّقّ بِإِسْلَام الْأَسير عِنْد الْأَكْثَر، وَيحكم بِإِسْلَام لمن لم يبلغ من أَوْلَاد الْكفَّار عِنْد وجود أحد أَسبَاب ثَلَاثَة: أَحدهَا أَن يسلم أحد أَبَوَيْهِ خَاصَّة أَو يشْتَبه ولد مُسلم بِولد كَافِر، فَيحكم بِإِسْلَام ولد الْكَافِر وَلَا يقرع. الثَّانِي أَن يعْدم أَحدهمَا بِدَارِنَا، كَأَن زنت كَافِرَة وَلَو بِكَافِر فَأَتَت بِولد بِدَارِنَا فَمُسلم نصا، وَكَذَا لَو مَاتَ أَحدهمَا بِدَارِنَا. الثَّالِث: أَن يسبيه مُسلم مُنْفَردا أَو مَعَ أحد أَبَوَيْهِ فَيحكم بِإِسْلَامِهِ، فَإِن سباه ذمى فعلى دينه أَي سبي مَعَ أَبَوَيْهِ فعلى دينهما وَملك السابي لَهُ لَا يمْنَع تبعيته لِأَبَوَيْهِ فِي الدّين. وَيجب على الإِمَام عِنْد الْمسير تعاهد الرِّجَال وَالْخَيْل وَمنع من لَا يصلح للحرب وَمنع مخذل أَي مُفند للنَّاس عِنْد الْغَزْو ومزهدهم فِي الْقِتَال وَالْخُرُوج إِلَيْهِ كقائل: الْحر أَو الْبرد الشَّديد، وَلَا تؤمن هزيمَة الْجَيْش، وَنَحْوه وَيجب عَلَيْهِ منع مرجف كمن يَقُول: هَلَكت سَرِيَّة الْمُسلمين
وَلَا لَهُم مدد أَو طَاقَة بالكفار، وَنَحْوه، وَمنع صبي لم يشْتَد وَمَجْنُون ومكاتب بأخبارنا ورام بَيْننَا الْعَدَاوَة وساع بِفساد ومعروف بِنفَاق وزندقة، وَنسَاء إِلَّا امْرَأَة الْأَمِير لِحَاجَتِهِ وَإِلَّا عجوزا لسقي مَاء وَنَحْوه. وَيجب على الْجَيْش طَاعَته أَي الْأَمِير وَالصَّبْر مَعَه فِي اللِّقَاء وَأَرْض الْعَدو والنصح لَهُ وَاتِّبَاع رَأْيه وَإِن خَفِي عَلَيْهِ صَوَاب عرفوه ونصحوه، فَلَو أَمرهم بِالصَّلَاةِ جمَاعَة وَقت لِقَاء الْعَدو فَأَبَوا عصوا. وَمن قَاتل قَتِيلا فِي حَالَة الْحَرْب أَو أثخنه أَو قطع أربعته فَلهُ سلبه، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ من ثِيَاب وَمَال وَسلَاح ودابته الَّتِي قَاتل عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا، أما نَفَقَته ورحله وخيمته وجنيب فغنيمة. وَيكرهُ التلثم فِي الْقِتَال على أَنفه نصا لَا لبس عَلامَة كريش النعام. وَيحرم غَزْو بِلَاد بِلَا إِذن الْأَمِير إِلَّا إِن يهاجم عَدو يخَافُونَ كَلْبه بِفَتْح اللَّام أَي شَره وتملك الْغَنِيمَة بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَار حَرْب لِأَنَّهَا مَال مُبَاح فملكت بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كَسَائِر الْمُبَاحَات، وَتجوز قسمتهَا وتبايعها فِي دَار الْحَرْب فَيجْعَل خمسها الغينمة خَمْسَة أسْهم نَص عَلَيْهِ، مِنْهَا سهم لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَذكر اسْمه تبارك وتعالى للتبرك لِأَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَهُ، وَكَانَ يصنع السهْم مَا شَاءَ، وَلم يسْقط بِمَوْتِهِ بل هُوَ بَاقٍ يصرف مصرف الفىء وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى، وهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب ابْني عبد منَاف دون غَيرهم من بني عبد منَاف، يقسم بَينهم حَيْثُ كَانُوا، للذّكر
مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ غنيهم وفقيرهم سَوَاء، وَيجب تعميمهم حسب الْإِمْكَان، جاهدوا أَو لَا، وَسَهْم لِلْيَتَامَى الْفُقَرَاء جمع يَتِيم وَهُوَ من لَا أَب لَهُ وَلم يبلغ، وَسَهْم للْمَسَاكِين جمع مِسْكين، وَهُوَ من لَا يجد تَمام كِفَايَته فَيدْخل فيهم الْفُقَرَاء، فهما صنفان فِي الزَّكَاة فَقَط وَفِي سَائِر الْأَحْكَام صنف وَاحِد، وَسَهْم لأبناء السَّبِيل فيعطون كَمَا يُعْطون من الزَّكَاة وَشرط فِيمَن يُسهم لَهُ من ذَلِك إِسْلَام لِأَنَّهَا عَطِيَّة من الله تَعَالَى فَلَا حق لكَافِر فِيهِ، وَلَا لقن كَزَكَاة، ثمَّ يقسم الْبَاقِي هُوَ أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة أَي يقسمهُ الإِمَام بَين من شهد الْوَقْعَة أَي الْحَرْب لقصد الْقِتَال، قَاتل أم لَا، حَتَّى تجار الْعَسْكَر وأجرائهم المستعدين لِلْقِتَالِ، ويسهم لخياط وخباز وبيطار وَنَحْوهم حَضَرُوا نصا. بِخِلَاف من لم يستعد لِلْقِتَالِ من تجار وَغَيرهم لِأَنَّهُ لَا نفع فيهم، فَيقسم للراجل وَلَو كَافِرًا أذن لَهُ الإِمَام سهم وَاحِد وللفارس على فرس عَرَبِيّ وَيُسمى الْعَتِيق ثَلَاثَة سهم لَهُ وسهمان للْفرس ولفارس على فرس غَيره أَي الْعَرَبِيّ وَهُوَ الهجين وَهُوَ مَا أَبوهُ فَقَط عَرَبِيّ، أَو المقرف وَهُوَ مَا أمه فَقَط عَرَبِيَّة عكس الهجين، أَو البرذون وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ نبطيان اثْنَان أَي سَهْمَان سهم لَهُم وَسَهْم لفرسه وَإِن غزا اثْنَان على فرسهما فَلَا بَأْس بِهِ وسهمه لَهما بِقدر ملكيهما فِيهِ. وَسَهْم فرس مَغْصُوب لمَالِكه نصا.
)
وَسَهْم معار ومستأجر وحبيس لراكبه، وَلَا يُسهم لأكْثر من فرسين وَلَا لغير الْخَيل وَيقسم من الغينمة لحر مُسلم ذكر مُكَلّف أَي بَالغ عَاقل،
ولكافر أذن لَهُ الإِمَام، لَا لمن لم يَسْتَأْذِنهُ، وَتقدم قَرِيبا، ويرضخ والرضخ الْعَطاء من الْغَنِيمَة دون السهْم لمن لَا سهم لَهُ لغَيرهم أَي لغير من تقدم ذكرهم مِمَّن لَا سهم لَهُ وهم النِّسَاء وَالصبيان المميزون وَالْعَبِيد الْمَأْذُون لَهُم من سيدهم، فَإِن لم يُؤذن لَهُم فَلَا سهم وَلَا رضخ لَهُم وَلَا لفرسهم، وَإِن كَانَ بِإِذن السَّيِّد على فرسه رضخ للْعَبد وأسهم للْفرس، فَيُؤْخَذ للْفرس العبي سَهْمَان، ولمعتق بعضه بِحِسَابِهِ من رضخ وإسهام كالحد وَالدية إِذا حَضَرُوا الْغَزْو. ومدبر ومكاتب كقن. وَخُنْثَى مُشكل كامرأة فَإِن انْكَشَفَ حَاله قبل تقضي الْحَرْب وَالْقِسْمَة أَو بعدهمَا فَتبين أَنه رجل أتم لَهُ سهم رجل. وَيكون الرضخ على مَا يرَاهُ الإِمَام من التَّسْوِيَة والتفضيل، فيفضل الْمقَاتل ذَا الْبَأْس وَمن تَسْقِي المَاء وتداوي الْجَرْحى على من لَيْسَ كَذَلِك، وَلَا بيلغ برضخ الراجل سهم الراجل، وَلَا الْفَارِس سهم الْفَارِس. والأرضون الْمَفْتُوحَة ثَلَاثَة أضْرب: أَحدهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وَإِذا فتحُوا أَي الْمُسلمُونَ أَرضًا بِالسَّيْفِ أَي جلا أَهلهَا عَنْهَا قهرا عَلَيْهِم كالشام وَالْعراق ومصر خير الإِمَام فِيهَا تَخْيِير مصلحَة كَمَا تقدم بَين قسمهَا بَين الْغَانِمين وَبَين وَقفهَا على الْمُسلمين بِلَفْظ يحصل بِهِ الْوَقْف حَال كَونه ضَارِبًا عَلَيْهَا خراجا مستمرا يُؤْخَذ الْخراج مِمَّن هِيَ فِي يَده من مُسلم وذمي وَهُوَ أجرتهَا كل عَام. وَالضَّرْب الثَّانِي: مَا جلا أَهلهَا خوفًا منا وَحكمهَا كالأولى قَالَه فِي الْمُنْتَهى. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع: تصير وَقفا بِنَفس الِاسْتِيلَاء. وَالضَّرْب الثَّالِث الْمصَالح عَلَيْهَا وَهِي نَوْعَانِ، فَمَا صولحوا على
أَنَّهَا لنا ونقرها مَعَهم بالخراج فَهِيَ كالعنوة. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع: تصير وَقفا بِنَفس الِاسْتِيلَاء أَيْضا، وَالنَّوْع الثَّانِي مَا صولحوا على أَنَّهَا لَهُم، وَلنَا الْخراج عَلَيْهَا فَهُوَ كجزية. وَإِن أَسْلمُوا أَو انْتَقَلت إِلَى مُسلم سقط، ويقرون فِيهَا بِلَا جِزْيَة لِأَنَّهَا لَيست دَار إِسْلَام بل تسمى دَار عهد، بِخِلَاف مَا قبلهَا من الْأَرْضين فَلَا يقرونَ فِيهَا سنة بِلَا جِزْيَة. وَمَا مُبْتَدأ أَخذ من مَال مُشْرك بِحَق الْكفْر - احْتِرَاز عَمَّا أَخذه من ذمِّي غَضبا وَنَحْوه أَو بِبيع وَنَحْوه (بِلَا قتال) خرج الْغَنِيمَة (كجزية وخراخ) من مُسلم وَكَافِر (وَعشر) تِجَارَة من حَرْبِيّ وَنصفه من ذمِّي. وَزَكَاة تغلبي وَمَا تَرَكُوهُ فَزعًا أَو عَن ميت لَا وَارِث لَهُ يسْتَغْرق وَمَال مُرْتَد إِذا مَاتَ على ردته (فَيْء) خبر، والفيْ أَصله من الرُّجُوع، يُقَال فَاء الظل إِذا رَجَعَ نَحْو الْمشرق سمي بِهِ الْمَأْخُوذ من الْكفَّار لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنْهُم إِلَى الْمُسلمين، قَالَ تَعَالَى:{مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} [الْحَشْر: 7] ، الْآيَة. يصرف (لمصَالح الْمُسلمين) يبْدَأ بالأهم فالأهم من سد ثغر وكفاية أَهله وحاجة من يدْفع عَن الْمُسلمين وَعمارَة القناطر - أَي الجسور - وَإِصْلَاح الطّرق والمساجد، ورزق الْقَضَاء وَالْفُقَهَاء وَالْأَئِمَّة والمؤذنين وَغير ذَلِك، وَلَا يُخَمّس الْفَيْء نصا، فَإِن فضل عَن الْمصَالح شَيْء قسم بَين أَحْرَار الْمُسلمين غنيهم وفقيرهم. وَبَيت المَال ملك الْمُسلمين يضمنهُ متلفه، وَيحرم أَخذ مِنْهُ بِلَا إِذن الإِمَام (وَكَذَا خمس خمس الْغَنِيمَة) فِي الحكم كَمَا تقدم.