الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(-
فصل)
فِي صَلَاة الْكُسُوف وَصَلَاة الاسْتِسْقَاء. وَتسن صَلَاة كسوف، والكسوف للشمس والخسوف للقمر، وَقبل عَكسه. وَقيل هما بِمَعْنى وَاحِد يُقَال كسفت الشَّمْس بِفَتْح الْكَاف وَضمّهَا، وَقيل غير ذَلِك وَهُوَ ذهَاب نور أحد النيرين أَو بعضه، وهما آيتان من آيَات الله لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، إِذا كسف أَحدهمَا فزعوا إِلَى الصَّلَاة وَهِي سنة مُؤَكدَة حضرا وسفرا حَتَّى للنِّسَاء وَالصبيان حُضُور معاووقتها من ابْتِدَاء الْكُسُوف، إِلَى حِين التجلي وَكَونهَا جمَاعَة أفضل، وَيسن ذكر الله تَعَالَى وَالدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَالتَّكْبِير والتقرب إِلَى الله تَعَالَى بِمَا اسْتَطَاعَ وَلَا خطْبَة لَهَا، وَإِن فَاتَت لم تقض، وَلَا تُعَاد إِن صليت وَلم يتجل، وَإِن تجل فِيهَا أتمهَا خَفِيفَة على صفتهَا. وَيسن فعلهَا ب رَكْعَتَيْنِ كل رَكْعَة منهمابقيامين وركوعين، وَيسن فيهمَا تَطْوِيل سُورَة وَتَطْوِيل تَسْبِيح، وَيسن كَون أول كل رَكْعَة من الرَّكْعَتَيْنِ أطول مِمَّا بعْدهَا. وصفتها أَن يقْرَأ جَهرا الْفَاتِحَة وَسورَة طَوِيلَة من غير تعْيين ثمَّ
يرْكَع طَويلا فيسبح، قَالَ جمَاعَة مائَة آيَة. ثمَّ يرفع رَأسه من الرُّكُوع قَائِلا سمع الله لمن حَمده ويحمد وَلَا يسْجد بل يقْرَأ الْفَاتِحَة أَيْضا وَسورَة طَوِيلَة دون الأولى، ثمَّ يرْكَع طَويلا دون الأول ثمَّ يرفع رَأسه وَيسمع ويحمد ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ طويلتين، وَلَا تجوز الزِّيَادَة عَلَيْهِمَا، ثمَّ يقوم إِلَى الثَّانِيَة فيفعل كَذَلِك لَكِن دونهمَا فِي كل مَا يفعل، ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم. وَيجوز فعلهَا على كل صفة وَردت، إِن شَاءَ فِي كل رَكْعَة بركوعين كَمَا تقدم، وَإِن شَاءَ بِثَلَاث أَو أَربع أَو خمس وَإِن شَاءَ فعلهمَا كنافلة بركوع وَاحِد. وَالثَّانِي وَمَا بعده سنة لَا تدْرك بِهِ الرَّكْعَة. وَإِن اجْتمع كسوف وجنازة قدمت، وَتقدم أَيْضا على مَا يقدم عَلَيْهِ الْكُسُوف وَلَو مَكْتُوبَة، وَنَصه تقدم على فجر وعصر فَقَط وجمعة أَمن فَوتهَا وَلم يشرع فِي خطبتها. وَلَا يُصَلِّي لشَيْء من سَائِر الْآيَات كالصواعق وَالرِّيح الشَّدِيدَة والظلمة فِي النَّهَار والضياء فِي اللَّيْل إِلَّا لزلزلة دائمة فَيصَلي كَصَلَاة الْكُسُوف.
- تَتِمَّة: صَلَاة الْكُسُوف صَلَاة رهبة وَخَوف، وَصَلَاة الاسْتِسْقَاء صَلَاة رَغْبَة ورجاء.
- وَتسن صَلَاة استسقاء وَهُوَ الدُّعَاء بِطَلَب السقيا بِضَم السِّين الِاسْم من السقى على صفة مَخْصُوصَة يأتى بَيَانهَا. إِذا أجدبت الأَرْض أَي أَصَابَهَا الجدب وَهُوَ ضد الخصب بِالْكَسْرِ وقحط الْمَطَر أَو غَار مَاء عُيُون وأنهار وَلَو فِي غير أَرضهم فزع النَّاس إِلَى الصَّلَاة كَمَا تقدم فِي الْكُسُوف.
وصفتها أَي لصَلَاة الاسْتِسْقَاء فِي موضعهَا. وأحكامها ك صَلَاة عيد، فَيسنّ فعلهَا أول النَّهَار وَقت صَلَاة الْعِيد، وَلَا يتَقَيَّد بِزَوَال الشَّمْس. وَهِي أَي صَلَاة الاسْتِسْقَاء وَالَّتِي قبلهَا أَي صَلَاة الْكُسُوف فعلهمَا جمَاعَة أفضل من الْمُنْفَرد وَإِذا أَرَادَ الإِمَام الْخُرُوج لَهَا أَي صَلَاة الاسْتِسْقَاء وعظ النَّاس بِمَا تلين بِهِ قُلُوبهم وخوفهم العواقب وَأمرهمْ بِالتَّوْبَةِ أَي الرُّجُوع عَن الْمعاصِي وَأمرهمْ بِالْخرُوجِ من الْمَظَالِم بردهَا إِلَى مستحقها وَذَلِكَ وَاجِب لِأَن الْمعاصِي سَبَب الْقَحْط وَالتَّقوى سَبَب البركات وَأمرهمْ ب ترك التشاحن من الشحن وَهُوَ الْعَدَاوَة لِأَنَّهَا تحمل على الْمعْصِيَة وتمنع الْخَيْر وَأمرهمْ ب الصّيام قَالَ جمَاعَة: ثَلَاثَة أَيَّام يخرجُون آخرهَا صياما لِأَنَّهُ وَسِيلَة إِلَى نزُول الْغَيْث وَأمرهمْ ب الصَّدَقَة. وَلَا يلزمان أَي الصّيام وَالصَّدَََقَة بأمرهم ويعدهم أَي يعين لَهُم يَوْمًا يخرجُون فِيهِ للاستسقاء يتهيأ لِلْخُرُوجِ على الصّفة المسنونة وَيخرج إِمَام وَغَيره إِلَى الصَّلَاة متواضعا فِي ثِيَاب بذلة متخشعا أَي خاضعا متذللا من الذل وَهُوَ الهوان متضرعا أَي مستكينا
متنظفا لَهَا بِالْغسْلِ وتقليم الأظافر وَإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة لِئَلَّا يُؤْذِي النَّاس وَلَا يخرج مطيبا وفَاقا لِأَنَّهُ يَوْم استكانة وخضوع، وَيخرج إِمَام وَمَعَهُ أهل الدّين وَالصَّلَاة والشيوخ لِأَنَّهُ أسْرع لإجابتهم وَيسن أَن يخرج مُمَيّز الصّبيان لِأَنَّهُ لَا ذَنْب لَهُ فدعاؤه مستجاب، وَيُبَاح خُرُوج أَطْفَال وعجائز وبهائم لِأَن الرزق مُشْتَرك بَين
الْكل، وروى الْبَزَّار مَرْفُوعا (لَوْلَا أَطْفَال رضع، وَعباد ركع، وبهائم رتع لصب عَلَيْكُم الْعَذَاب صبا) وَيُؤمر سَادَات العبيد بِإِخْرَاج عبيدهم رَجَاء إِجَابَة دُعَائِهِمْ لانكسارهم بِالرّقِّ، وَيكرهُ لنا أَن نخرج أهل الذِّمَّة وكل من يُخَالف دين الْإِسْلَام، وَإِن خَرجُوا من تِلْقَاء أنفسهم لم يكره وَلم يمنعوا، وَأمرُوا بالانفراد عَن الْمُسلمين فَلَا يختلطوا بهم كَيْلا يصيبهم عَذَاب فَيعم من حضر، وَلَا ينفردون بِيَوْم لُزُوما لِئَلَّا يُوَافق نزُول الْغَيْث فِي يَوْم خُرُوجهمْ وحدهم فَيكون أعظم لفتنتهم، وَرُبمَا افْتتن بهم غَيرهم فَيصَلي الإِمَام بهم رَكْعَتَيْنِ كالعيد يكبر فِي الأولى سبعا وَالثَّانيَِة خمْسا من غير أَذَان وَلَا إِقَامَة، ثمَّ يخْطب خطْبَة وَاحِدَة على الْمِنْبَر يفتتحها بِالتَّكْبِيرِ تسعا نسقا كخطبة عيد وَيكثر فِيهَا أَي الْخطْبَة الاسْتِغْفَار لقَوْله تَعَالَى 19 ((اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا)) وَيكثر فِيهَا الصَّلَاة على النَّبِي لِأَنَّهَا مَعُونَة على الْإِجَابَة، وَيكثر فِيهَا قِرَاءَة الْآيَات الَّتِي فِيهَا الْأَمر بِهِ أَي الاسْتِغْفَار كَقَوْلِه تَعَالَى 19 ((وَاسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ)) الْآيَة، وَيرْفَع يَدَيْهِ فِي دُعَائِهِ وَتَكون ظهورهما نَحْو السَّمَاء فيدعو قَائِما بِدُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمِنْه أَي من دُعَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
اللَّهُمَّ أَصله يَا ألله، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي الْقُنُوت اسقنا بوصل الْهمزَة وقطعها غيثا أَي مَطَرا مغيثا هُوَ المنقذ من الشدَّة إِلَى آخِره أَي الدُّعَاء وتتمته: هَنِيئًا الْمَدّ أَي حَاصِلا بِلَا مشقة مريئا، أَي سهلا نَافِعًا مَحْمُود الْعَافِيَة، غدقا بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَكسرهَا أَي كثير المَاء مجللا السَّحَاب الَّذِي يعم الْعباد والبلاد نفعا، سَحا أَي صبا، عَاما بتَشْديد الْمِيم أَي شَامِلًا، طبقًا بِالتَّحْرِيكِ طبق الْبِلَاد مطره دَائِما أَي مُتَّصِلا إِلَى أَن يحصل الخصب اللَّهُمَّ اسقنا الْغَيْث وَلَا تجعلنا من القانطين أَي الآيسين من الرَّحْمَة، اللَّهُمَّ سقيا رَحْمَة لَا سقيا عَذَاب وَلَا بلَاء وَلَا هدم وَلَا غرق، اللَّهُمَّ إِن بالعباد والبلاد من اللأواء أَي الشدَّة، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: شدَّة الْجَمَاعَة، والجهد، فتح الْجِيم الْمَشَقَّة وَبِضَمِّهَا الطَّاقَة قَالَه الْجَوْهَرِي، والضنك: الضّيق مَالا نشكوه إِلَّا إِلَيْك، اللَّهُمَّ أنبت
لنا الزَّرْع وأدر لنا الضَّرع واسقنا من بَرَكَات السَّمَاء وَأنزل علينا من بركاتك. اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الْجهد والجوع والعرى واكشف عَنَّا من الْبلَاء مَالا يكشفه غَيْرك. اللَّهُمَّ إِنَّا نستغفرك إِنَّك كنت غفارًا، فَأرْسل السَّمَاء علينا مدرارا أَي دَائِما زمن الْحَاجة، وَيكثر من الصَّلَاة على النَّبِي ويؤمن مَأْمُوم، وَيسْتَقْبل الإِمَام الْقبْلَة ندبا فِي أثْنَاء الْخطْبَة ثمَّ يَقُول سرا: اللَّهُمَّ إِنَّك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك، وَقد دعوناك كَمَا أمرتنا فاستجب لنا كَمَا وعدتنا ثمَّ يحول رِدَاءَهُ فيحيل الْأَيْمن على الْأَيْسَر والأيسر على الْأَيْمن وَكَذَا النَّاس، ويتركونه حَتَّى ينزعوه مَعَ ثِيَابهمْ.
فَائِدَة ذكر القَاضِي وَجمع أَن الاسْتِسْقَاء ثَلَاثَة أضْرب، أَحدهَا: وأكملها مَا وصف، وَالثَّانِي: استسقاء الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة كَمَا فِي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ، الثَّالِث: أَن يدعوا الله عقب صلَاتهم. انْتهى.
فَإِن سقوا فِي الْمرة الأولى ففضل من الله وَرَحْمَة، وَإِلَّا عَادوا ثَانِيًا وثالثا. وَإِن سقوا قبل خُرُوجهمْ فَإِن كَانُوا تأهبوا لِلْخُرُوجِ خرجواوصلوها
شكرا لله تَعَالَى وَإِلَّا لم يخرجُوا وشكروا الله تَعَالَى وسألوه الْمَزِيد من فَضله. وَإِن كثر الْمَطَر حَتَّى خيف مِنْهُ سنّ قَول: اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا، اللَّهُمَّ على الظراب بالظاء المشالة جمع ظرب بِكَسْر الرَّاء وَهِي الرابية الصَّغِيرَة والآكام بِفَتْح الْهمزَة على وزن آصال، وبكسرها بِغَيْر مد على وزن جبال، قَالَ عِيَاض: هُوَ مَا غلظ من الأَرْض وَلم يبلغ أَن يكون جبلا وَكَانَ أَكثر ارتفاعا مِمَّا حوله كالتلول وَنَحْوهَا. وَقَالَ الْخَلِيل: هِيَ حجر وَاحِد وبطون الأودية جمع وَاد وَهِي الْأَمَاكِن المنخفضة ومنابت الشّجر أَي أُصُولهَا لِأَنَّهُ أَنْفَع لَهَا رَبنَا لَا تحملنا مَالا طَاقَة لنا بِهِ الْآيَة لِأَنَّهَا تناسب الْحَال أَي لَا تكلفنا من الْأَعْمَال مَالا نطيق، وَقيل هُوَ حَدِيث النَّفس والوسوسة، وَقيل الْحبّ، وَقيل الْعِشْق، وَقيل شماتة الْأَعْدَاء، وَقيل الْفرْقَة القطيعة نغوذ بِاللَّه من ذَلِك (واعف عَنَّا) أَي تجَاوز عَن ذنوبنا (واغفر لنا) أَي اسْتُرْ علينا ذنوبنا وَلَا تفضحنا (وارحمنا) لأننا لَا ننال الْعَمَل تطاعتك وَلَا ترك مَعَاصِيك إِلَّا بِرَحْمَتك (أَنْت مَوْلَانَا) حافظنا وناصرنا (فَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين) بِإِقَامَة الْحجَّة وَالْغَلَبَة فِي قِتَالهمْ، فَإِن من شَأْن الْمولى أَن ينصر موَالِيه على الْأَعْدَاء. وَسن لمن أغيث بالمطر قَول: مُطِرْنَا بِفضل الله وَرَحمته.
وَيحرم: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا. وَيُبَاح: فِي نوء كَذَا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْإِضَافَة إِلَى النوء والنوء الْكَوْكَب. وَمن رأى سحابا أَو هبت ريح سَأَلَ الله تَعَالَى خَيره وتعوذ بِاللَّه من شَره، وَمَا سَأَلَ سَائل وَلَا تعوذ متعوذ بِمثل المعوذتين، وَلَا يسب الرّيح العاصف وَإِذا سمع الرَّعْد ترك الحَدِيث وَقَالَ: سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته، وَلَا يتبع بَصَره الْبَرْق، للنَّهْي عَنهُ، وَيَقُول إِذا انفض كَوْكَب: مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. وَإِذا سمع نهيق حمَار أَو نباح كلب بِضَم النُّون استعاذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم. وَإِذا سمع صياح الديك سَأَلَ الله من فَضله. وقوس قزَح بالزاي الْمُعْجَمَة أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق كَمَا
فِي الْأَثر، وَهُوَ من آيَات الله تَعَالَى، وَدَعوى الْعَامَّة إِذا غلبت حمرته كَانَت الْفِتَن والدماء، وَإِن غلبت خضرته كَانَ رخاء وسرور: هذيان. قَالَ ابْن حَامِد فِي أُصُوله. انْتهى.
قائدة: روى أَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَدِهِ عَن أبي بكر قَالَ: من قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، عِنْد الْبَرْق لم تصبه صَاعِقَة. وَالله أعلم.