المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) فِي تبين الْمَوَاقِيت. وميقات أهل الْمَدِينَة الحليفة بِضَم - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) فِي تبين الْمَوَاقِيت. وميقات أهل الْمَدِينَة الحليفة بِضَم

3 -

(فصل)

فِي تبين الْمَوَاقِيت. وميقات أهل الْمَدِينَة الحليفة بِضَم الْحَاء وَفتح اللَّام وَهِي أبعد الْمَوَاقِيت. وَبَينهَا وَبَين مَكَّة عشر مراحل، وَبَينهَا وَبَين الْمَدِينَة سِتَّة أَمْيَال أَو سَبْعَة وتعرف الْآن بأبيار عَليّ، وميقات أهل الشَّام وَأهل مصر وَأهل الْمغرب الْجحْفَة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة قَرْيَة كَبِيرَة جَامِعَة على طَرِيق الْمَدِينَة، وَكَانَ اسْمهَا مهيعة فجحف السَّيْل بِأَهْلِهَا فسميت الْجحْفَة، وَهِي خربة بِقرب رابغ الَّذِي يحرم مِنْهُ النَّاس الْآن على يسَار الذَّاهِب إِلَى مَكَّة، وَمن أحرم من رابغ فقد أحرم قبل محاذاة الْجحْفَة بِيَسِير، وتلي ذَا الحليفة فِي الْبعد، بَينهَا وَبَين مَكَّة ثَلَاث مراحل وَقيل أَكثر. وَالثَّلَاثَة الْبَاقِيَة بَين كل مِنْهَا وَبَين مَكَّة مرحلتان فَهِيَ مُتَسَاوِيَة أَو مُتَقَارِبَة وميقات أهل الْيمن وَهُوَ كل مَكَان على يَمِين الْكَعْبَة من بِلَاد الْغَوْر وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا يمنى على الْقيَاس، ويمان على غير قِيَاس يَلَمْلَم وَيُقَال ألملم، لُغَتَانِ، وَهُوَ جبل مَعْرُوف، وميقات أهل نجد أَي نجد الْحجاز ونجد الْيمن وميقات أهل الطَّائِف قرن بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الرَّاء جبل، وَيُقَال لَهُ قرن الْمنَازل وَقرن الثعالب.

ص: 299

وميقات أهل الْمشرق أَي الْعرَاق وخراسان وَبَاقِي الشرق ذَات عرق وَهِي قَرْيَة خربة قديمَة من علاماتها الْمَقَابِر الْقَدِيمَة، وعرق هُوَ الْجَبَل المشرف على العقيق، ذكره فِي الْإِقْنَاع، وَقَالَ فِي الْمُبْدع وَشرح الْمُنْتَهى: ذَات عرق منزل مَعْرُوف سمي بِهِ لِأَن فِيهِ عرقا وَهُوَ الْجَبَل الصَّغِير. وَقيل الْعرق الأَرْض السبخة تنْبت الطرفاء. انْتهى. وَهَذِه الْمَوَاقِيت لأَهْلهَا وَلمن مر عَلَيْهَا من غير أَهلهَا وَكلهَا ثبتَتْ بِالنَّصِّ، وَيحرم من بِمَكَّة لحج مِنْهَا أَي مَكَّة وَلَا دم عَلَيْهِ، لعمرة من الْحل وَيصِح من مَكَّة وَعَلِيهِ دم وَأشهر الْحَج شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَعشر من ذِي الْحجَّة. ومحظورات الْإِحْرَام جمع مَحْظُور وَهُوَ مَا يحرم على الْمحرم فعله شرعا بِسَبَب الْإِحْرَام تِسْعَة أَحدهَا إِزَالَة شعر من جَمِيع الْبدن وَلَو من أَنفه بحلق أَو غَيره فَإِن كَانَ لَهُ عذر من مرض أَو قمل أَو نَحوه مِمَّا يتَضَرَّر بإبقائه أزاله وفدى. وَالثَّانِي تقليم أظفار رجل وَيَد بِلَا عذر كَمَا لَو خرج بِعَيْنِه شعر أَو كسر ظفره فأزالهما فَلَا فديَة. وَالثَّالِث تَغْطِيَة رَأس ذكر إِجْمَاعًا والأذنان مِنْهُ فَمَتَى غطاه وَلَو بقرطاس بِهِ دَوَاء أَولا أَو بطين أَو نورة أَو حناء أَو عصبه وَلَو يَسِيرا أَو استظل بمحمل وَنَحْوه أَو بِثَوْب رَاكِبًا أَو لَا حرم وفدى، لَا إِن حمل عَلَيْهِ شَيْئا أَو نصب حياله شَيْئا لحر أَو برد أَو أمْسكهُ إِنْسَان أَو رَفعه على عود أَو استظل بخيمة أَو شَجَرَة. وَلَا أثر للقصد وَعَدَمه فِيمَا فِيهِ فديَة ومالا فديَة فِيهِ.

ص: 300

وَالرَّابِع لبسه أَي لبس الْمحرم الذّكر الْمخيط فِي بدنه أَو بعضه، وَهُوَ مَا عمل على قدر الملبوس عَلَيْهِ وَلَو درعا منسوجا أَو لبدا معقودا وَنَحْوه حَتَّى الْخُفَّيْنِ وَنَحْوهمَا للرجلين والقفازين لِلْيَدَيْنِ قَالَ القَاضِي وَغَيره: وَلَو كَانَ الْمخيط غير مُعْتَاد كجورب فِي كف وخف فِي رَأس فَعَلَيهِ الْفِدْيَة: انْتهى. إِلَّا سَرَاوِيل لعدم إِزَار وَإِلَّا خُفَّيْنِ لعدم نَعْلَيْنِ فَيُبَاح لبسهما بِلَا فديَة وَيحرم قطعهمَا، وَقَالَ الْمُوفق وَغَيره: الأولى قطعهمَا عملا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح، وَإِن لبس مَقْطُوعًا دون الْكَعْبَيْنِ مَعَ وجود نَعْلَيْنِ حرم وفدى. وَلَا يعْقد عَلَيْهِ رِدَاء وَلَا غَيره إِلَّا إزَاره ومنطقة وهيمانا فيهمَا نَفَقَة ويتقلد بِسيف لحَاجَة، وَإِن غطى خُنْثَى مُشكل وَجهه وَرَأسه وأو غطى وَجهه وَلبس الْمخيط فدى إِلَّا إِن لبس الْمخيط فَقَط أَو غطى وَجهه وَجَسَده بِلَا لبس مخيط للشَّكّ فِيهِ. وَالْخَامِس الطّيب إِجْمَاعًا فَيحرم بعد إِحْرَامه تطييب بدنه وثوبه، فَمَتَى اسْتَعْملهُ محرم فِي أكل أَو شرب أَو دهان أَو اكتحال أَو استعاط أَو احتقان وَظهر طعمه أَو رِيحه حرم وفدى، وَإِن بقى اللَّوْن فَقَط فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ، أَو قصد محرم شم دهن مُطيب أَو مسك أَو كافور أَو بخور عود أَو عنبر أَو زعفران أَو ورس أَو مَا ينبته آدَمِيّ لطيب ويتخذ مِنْهُ الطّيب

ص: 301

كورد وبنفسج ومنثور وَهُوَ الخيري بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَشد الْيَاء آخِره والنيلوفر والياسمين وَبَان وزنبق وَنَحْوه، أَو مس مَا يعلق بِهِ كَمَاء ورد وَمَاء زهر حرم وفدى، لَا إِن شم بِلَا قصد كمن دخل الْكَعْبَة للتبرك أَو السُّوق أَو اشْترى الطّيب للتِّجَارَة وَنَحْوهَا وَلم يمسهُ، وَله تقليبه وَحمله وَلَو ظهر رِيحه لعسر التَّحَرُّز عَنهُ أَو مس مَالا يعلق بِهِ كَقطع عنبر وكافور، أَو شم قصدا نَبَات صحراء كشيح وخزامي وقيصوم أَو مَا ينبته آدَمِيّ لَا بِقصد الطّيب كحناء وعصفر وقرنفل وَيُقَال قرنفول ثَمَرَة شَجَرَة بسفالة الْهِنْد أفضل الأفاوية الحارة وأزكاها، أَو مَا ينبته الْآدَمِيّ بِقصد الطّيب وَلَا يتَّخذ من كريحان فَارسي وَهُوَ الحبق نبت طيب الرَّائِحَة يشبه النمام، وَالريحَان عِنْد الْعَرَب الآس وَلَا فديَة فِي شمه وَلَا فِي دهن غير مُطيب كزيت وشيرج وَلَو فِي رَأسه وبدنه. وَقَلِيل الطّيب وَكَثِيره سَوَاء، وَإِذا تطيب نَاسِيا أَو عَامِدًا لزمَه إِزَالَته بِمَا أمكن من المَاء وَغَيره من الْمَائِعَات فَإِن لم يجد فبمَا أمكن من الجامدات كحكه بِتُرَاب وورق شجر وَنَحْوه، لَهُ غسله بِنَفسِهِ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ بملاقاة الطّيب يَده وَالْأَفْضَل الِاسْتِعَانَة على غسله بحلال. وَالسَّادِس قبل صيد الْبر الْمَأْكُول وذبحه إِجْمَاعًا واصطياده، وَهُوَ الوحشي الْمَأْكُول والمتولد مِنْهُ وَمن غَيره كمتولد بَين وَحشِي وَأَهلي، أَو مَأْكُول وَحشِي وَغير مَأْكُول كسبع تَغْلِيبًا للتَّحْرِيم، وَالِاعْتِبَار بِأَصْلِهِ كحمام وبط وحشيين وَإِن تأهلا وبقر وجواميس أَهْلِيَّة وَإِن توحشت،

ص: 302

وَتحرم الدّلَالَة عَلَيْهِ وَالْإِشَارَة والإعانة وَلَو بإعارة سلَاح ليَقْتُلهُ أَو يذبحه سَوَاء كَانَ مَعَه مَا يقْتله بِهِ أَو لَا، أَو يناوله سلاحه أَو سَوْطه أويدفع إِلَيْهِ فرسا لَا يقدر على أَخذ الصَّيْد إِلَّا بهَا فَيحرم ذَلِك لِأَنَّهُ وَسِيلَة إِلَى محرم، وَيضمن الْمحرم مِنْهُمَا أَي الدّلَالَة وَنَحْوه والمباشر الصَّيْد فَإِن كَانَا محرمين اشْتَركَا فِي الْجَزَاء كَمَا اشْتَركَا فِي التَّحْرِيم، وَلَا تحرم دلَالَة على طيب وَلبس لِأَنَّهُ لَا ضَمَان فيهمَا بِالسَّبَبِ وَلَا يتَعَلَّق بهما حكم مُخْتَصّ بِالدَّال عَلَيْهِمَا، بِخِلَاف الصَّيْد فَإِنَّهُ يحرم على الدَّال أكله هَذِه وَيجب عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ. وَيسن قتل كل مؤذ فِي الْحل وَالْحرَام مَعَ وجود أَذَى ودونه كالأسد والفأرة والصقر والبرغوث غير آدَمِيّ وَأما الْآدَمِيّ غير الْحَرْبِيّ فَلَا يحل قَتله إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث للْخَبَر، وَلَا تَأْثِير لحرم وَلَا إِحْرَام فِي تَحْرِيم حَيَوَان إنسي إِجْمَاعًا كبهيمة الْأَنْعَام وَالْخَيْل والدجاج. وَالسَّابِع عقد نِكَاح فَيحرم لَا يَصح من محرم فَلَو تزوج محرم أَو زوج أَو كَانَ وليا أَو وَكيلا فِيهِ لَا يَصح نصا، تعتمد أَولا، وَالِاعْتِبَار بِحَالَة العقد فَلَو وكل محرم حَلَالا فِي عقد نِكَاح فعقده بعد حلّه صَحَّ، وَلَو وكل حَلَالا فعقده بعد أَن أحرم لم يَصح،

ص: 303

وَتكره الْخطْبَة بِكَسْر الْخَاء من الْمحرم على نَفسه وعَلى غَيره وخطبة مَحل محرمه، وتباح الرّجْعَة للْمحرمِ وَتَصِح لِأَنَّهَا إمْسَاك وَيَأْتِي فِي الرّجْعَة. وَالثَّامِن جماع يُوجب الْغسْل وَهُوَ تغييب حَشَفَة أَصْلِيَّة فِي فرج أُصَلِّي قبلا كَانَ أَو دبرا من آدَمِيّ أَو غَيره حَيّ أَو ميت وَلَو كَانَ المجامع سَاهِيا أَو جَاهِلا أَو مكْرها نصاأو نَائِمَة. وَالتَّاسِع مُبَاشرَة الرجل الْمَرْأَة فِيمَا دون فرج بِشَهْوَة ف يجب فِي أقل من ثَلَاث شَعرَات وَأَقل من ثَلَاث أظافر من يَد أَو رجل أَصْلِيَّة أَو زَائِدَة بِغَيْر عذر فِي كل وَاحِد من شَعْرَة وظفر فَأَقل بِأَن قطع بعض شَعْرَة أَو قصّ بعض ظفر طَعَام مِسْكين وَفِي الِاثْنَيْنِ طَعَام اثْنَيْنِ وَفِي الثَّلَاث الشعرات أَو الثَّلَاثَة الأظافر فَأكْثر دم يَعْنِي شَاة أَو صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام أَو إطْعَام سِتَّة مِسْكين وَيجب تَغْطِيَة الرَّأْس من الذّكر بلاصق وَلبس مخيط لذكر الْفِدْيَة وَيجب فِي تطيب فِي بدن أَو فِي ثوب أَو فِي قصد شم طيب أَو فِي قصد شم دهن مُطيب أَو ادهان بِهِ الْفِدْيَة. وَإِن قتل الْمحرم صيدا مَأْكُولا بريا أصلا بِمُبَاشَرَة أَو بِسَبَب وَلَو كَانَ السَّبَب بِجِنَايَة دَابَّة الْمُتَصَرف فِيهَا بِأَن يكون رَاكِبًا أَو سائقا أَو قائدا فيمضي مَا تتْلف بِيَدِهَا وفمها لَا مَا تفحت برجلها، وَإِن انفلتت لم يضمن مَا أتلفته، أَو تلف كُله أَو بعضه بِيَدِهِ فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ.

ص: 304

وَالْجِمَاع قبل التَّحَلُّل الأول فِي حج وَقبل فرَاغ سعي وَقبل حلق فِي عمْرَة مُفسد لنسكهما وَلَو بعد الْوُقُوف نصا مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ سَاهِيا أَو جَاهِلا أَو مكْرها نصا، أَو نَائِمَة وَتقدم قَرِيبا. وَيجب فِيهِ أَي الْجِمَاع قبل التَّحَلُّل الأول لحج بَدَنَة، وَيجب لعمرة إِذا وطىء قبل فرَاغ سعي وَقبل حلق شَاة، ويمضيان أَي الواطىء والموطوءة فِي فاسده النّسك وَلَا يخرج مِنْهُ بِالْوَطْءِ، وَحكم الْإِحْرَام الَّذِي أفْسدهُ حكم الْإِحْرَام الصَّحِيح، فيفعل بعد الْإِفْسَاد مَا كَانَ يَفْعَله قبله من الْوُقُوف، وَغَيره ويجتنب مَا يجتنبه قبله من الْوَطْء وَغَيره ويقضيانه النّسك الَّذِي فسد مُطلقًا أَي كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا واطئا أَو موطوءا فرضا أَو نفلا إِن كَانَا أَي من فسد نسكهما مكلفين فَوْرًا لِأَنَّهُمَا لَا عذر لَهما فِي التَّأْخِير مَعَ الْقُدْرَة على الْقَضَاء، وَإِلَّا يَكُونَا مكلفين حَال الْإِفْسَاد فيقضيانه بعد التَّكْلِيف، وَبعد حجَّة الْإِسْلَام فَوْرًا لزوَال الْعذر، وَيحرم من أفسد نُسكه فِي الْقَضَاء من حَيْثُ أحرم أَو لَا إِن كَانَ قبل مِيقَات وَإِلَّا فَمِنْهُ، وَمن أفسد الْقَضَاء قضى الْوَاجِب لَا الْقَضَاء، وَنَفَقَة قَضَاء مطاوعة عَلَيْهَا ومكرهة على مكره لافساد نسكها، وَقِيَاسه لَو استدخلت ذكر نَائِم فعلَيْهَا نَفَقَة قَضَائِهِ. وَلَا يفْسد النّسك بِشَيْء من الْمَحْظُورَات غير الْجِمَاع، وَيسْتَحب تفرقتهما فِي الْقَضَاء من الْموضع الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إِلَى أَن يحلا بِأَن لَا يركب مَعهَا على بعير وَلَا يجلس مَعهَا فِي خباء، بل يكون قَرِيبا يُرَاعِي مصلحتها لِأَنَّهُ محرمها وَلَا يفْسد النّسك بِمُبَاشَرَة فِيمَا دون الْفرج لشَهْوَة بِوَطْء أَو قبْلَة أَو لمس وَكَذَا نظر بِشَهْوَة وَلَو أنزل لعدم الدَّلِيل،

ص: 305

وَيجب عَلَيْهِ بهَا الْمُبَاشرَة بَدَنَة إِن أنزل وَإِلَّا ينزل فَيجب عَلَيْهِ شَاة. وَلَا يفْسد النّسك بِوَطْء فِي حج بعد التَّحَلُّل الأول قبل التَّحَلُّل الثَّانِي، لَكِن يفْسد الْإِحْرَام، فيتفرع على هَذَا أَنه يحرم من الْحل وجوبا ليطوف للزيارة فِي إِحْرَام صَحِيح، وَيسْعَى إِن لم يكن سعى قبل، وَيجب عَلَيْهِ أَي على من وطىء بعد التَّحَلُّل الأول وَقبل التَّحَلُّل الثَّانِي شَاة لإفساد إِحْرَامه، وإحرام امْرَأَة كإحرام رجل من إِزَالَة شعر وتقليم أظفار وَقتل وصيد وَنَحْوهَا، إِلَّا فِي لبس مخيط فتفارق الرجل فِيهِ. وتجتنب الْمَرْأَة البرقع والنقاب والقفازين وجوبا، وتجتنب تَغْطِيَة الْوَجْه لَكِن تسدل عَلَيْهِ لحَاجَة كمرور رجال قَرِيبا، فَإِن غطته أَي وَجههَا بِلَا عذر فدت كَمَا لَو غطى الرجل رَأسه. وَلَا يُمكنهَا تَغْطِيَة جَمِيع الرَّأْس إِلَّا بِجُزْء من الْوَجْه وَلَا كشف جَمِيع الْوَجْه إِلَّا بِجُزْء من الرَّأْس فَستر الرَّأْس كُله أولى وَيُبَاح لَهَا خلخال وسوار وَنَحْوهمَا. وَسن خضاب عِنْد إِحْرَام وَكره بعد، فَإِن شدت يَدهَا بخرفة فدت، فَإِن لفتها من غير شدّ فَلَا فديَة لِأَن الْمحرم هُوَ الشد لَا التغطية. ويجتنبان الرَّفَث وَهُوَ الْجِمَاع، والفسوق وَهُوَ السباب، وَقيل الْمعاصِي، والجدال وَهُوَ المراء. وَسن قلَّة كَلَامهمَا إِلَّا فِيمَا ينفع.

ص: 306

فصل فِي الْفِدْيَة وَبَيَان أقسامها وأحكامها. وَهِي مصدر فدى يفْدي فدَاء. يُقَال: فدَاه وأفداه أعطَاهُ فداءه وَيُقَال فدّاه إِذا قَالَ لَهُ: جعلت فداءك. والفدية وَالْفِدَاء والفدى بِمَعْنى وَاحِد، إِذا كسر أَوله يمد وَيقصر وَإِذا فتح أَوله قصر، وَحكى صَاحب الْمطَالع عَن يَعْقُوب: فداءك ممدودا مهموزا مثلث الْفَاء. انْتهى. وَهِي دم أَو صَوْم أَو إطْعَام يجب بِسَبَب النّسك كَعَدم مُتْعَة وقران، أَو جرم كصيد الْحرم الْمَكِّيّ ونباته. وَله تَقْدِيمهَا على فعل الْمَحْظُور لعذر كحلق وَلبس وَطيب بعد وجود السَّبَب الْمُبِيح. وَهِي قِسْمَانِ فِي التَّحْقِيق، قسم على التَّخْيِير وَقسم على التَّرْتِيب، فالقسم الأول على التَّخْيِير وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله يُخَيّر فِي فديَة حلق أَكثر من شعرتين وفدية تقليم أظفار أَكثر من ظفرين وفدية تَغْطِيَة رَأس رجل وتغطية وَجه امْرَأَة وفدية طيب وَلبس مخيط لذكر وإمناء بنظرة ومباشرة بِغَيْر إِنْزَال مني بَين صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام أَو إطْعَام سِتَّة

ص: 307

مَسَاكِين كل مِسْكين مد بر أَو نصف صَاع تمر أَو زبيب أَو شعير أَو أقط، وَمِمَّا يَأْكُل أفضل وَيَنْبَغِي أَن يكون بإدام، وَلَا يجزىء الْخبز وَاخْتَارَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين الْإِجْزَاء كاختياره فِي الْفطْرَة وَالْكَفَّارَة، وَيكون لكل مِسْكين بِنَاء على إجزائه رطلين عراقية أَو ذبح شَاة. وَيُخَير فِي جَزَاء صيد بَين إِخْرَاج مثل مثلي فَإِن اخْتَارَهُ ذبحه وَتصدق على فُقَرَاء الْحرم، وَلَا يُجزئهُ أَن يتَصَدَّق بِهِ حَيا، وَله ذبحه أَي وَقت شَاءَ فَلَا يخْتَص بأيام النَّحْر، أَو تقويمه أَي الْمثل فِي مَوْضِعه الَّذِي أتْلفه فِيهِ أَو بِقُرْبِهِ بِدَرَاهِم يَشْتَرِي بهَا أَي الدَّرَاهِم طَعَاما يُجزئ فِي فطْرَة فيطعم عَن كل مِسْكين من مَسَاكِين الْحرم مد بر أَو نصف صَاع من غَيره من الْمُتَقَدّم ذكره أَو يَصُوم عَن طَعَام كل مِسْكين يَوْمًا وَإِن بَقِي من الطَّعَام مَا لَا يعدل يَوْمًا صَامَ يَوْمًا كَامِلا، لِأَن الصَّوْم لَا يَتَبَعَّض وَلَا يجب التَّتَابُع فِي هَذَا الصَّوْم لعدم الدَّلِيل، وَلَا يجوز أَن يَصُوم عَن بعض الْجَزَاء وَيطْعم عَن بعضه نَص عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ كَفَّارَة وَاحِدَة كباقي الْكَفَّارَات وَبَين عطف على الظّرْف قبله إطْعَام أَو صِيَام فِي جَزَاء صيد غير مثلي أَي الَّذِي لَا مثل لَهُ، بِأَن يَشْتَرِي بِقِيمَتِه طَعَاما للْمَسَاكِين كَمَا تقدم أَو يَصُوم عَن طَعَام كل مِسْكين يَوْمًا. وَالْقسم الثَّانِي: على التَّرْتِيب كَدم مُتْعَة وقران وَترك وَاجِب وإحصار وَوَطْء وَنَحْوه فَيجب على متمتع وقارن وتارك وَاجِب دم، وَإِن عدم متمتع أَو قَارن الْهدى بِأَن لم يجده أَو ثمنه وَلَو وجد من يقْرضهُ نصا، لِأَن الظَّاهِر اسْتِمْرَار إِعْسَاره صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج قيل: مَعْنَاهُ فِي أشهر الْحَج. قيل: مَعْنَاهُ فِي وَقت الْحَج، لِأَنَّهُ لَا بُد من إِضْمَار لِأَن

ص: 308

الْحَج أَفعَال لايصام فِيهَا وَإِنَّمَا يصام فِي أشهرها ووقتها وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى 19 ((الْحَج أشهر مَعْلُومَات)) أَي فِي أشهر مَعْلُومَات وَالْأَفْضَل جعل آخرهَا أَي الثَّلَاثَة الْأَيَّام يَوْم عَرَفَة نَص عَلَيْهِ فيصوم يَوْم عَرَفَة هَهُنَا اسْتِحْبَابا للْحَاجة إِلَى صَوْمه، وَله تَقْدِيم الثَّلَاثَة فِي إِحْرَام، وَوقت وُجُوبهَا كهدى بِطُلُوع فجر يَوْم النَّحْر، وَصَامَ عطف على مَا قبله سَبْعَة أَيَّام إِذا رَجَعَ لأَهله لقَوْله تَعَالَى 19 ((فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم تِلْكَ عشرَة كَامِلَة)) فَإِن صامها أَي السَّبْعَة الْأَيَّام قبل رُجُوعه لأَهله بعد إِحْرَام بِحَجّ وفراغه مِنْهُ أجزأء صَومهَا، لَكِن لَا يَصح صَوْم شَيْء مِنْهَا أَيَّام منى نصا، لبَقَاء زمن الْحَج، قَالُوا إِن المُرَاد بقوله تَعَالَى 19 ((إِذا رجعتم)) أَي من عمل الْحَج. وَيجوز صَومهَا بعد أَيَّام التَّشْرِيق، قَالَ القَاضِي: إِذا كَانَ قد طَاف الزِّيَارَة فَيصح صَوْم أَيَّام منى الثَّلَاثَة، فَإِن لم يصم الثَّلَاثَة فِي أَيَّام منى وَلَو لعذر صَامَ بعد ذَلِك عشرَة أَيَّام كَامِلَة، وَعَلِيهِ دم لتأخيره وَاجِبا من مَنَاسِك الْحَج عَن وقته. وَلَا يجب تتَابع وَلَا تَفْرِيق فِي صَوْم لتأخيره وَاجِبا وَلَا السَّبْعَة وَلَا بَين الثَّلَاثَة والسبعة إِذا قضى. والمحصر إِذا لم يجده أَي الْهدى صَامَ عشرَة أَيَّام ثمَّ حل. وَتسقط الْفِدْيَة بنسيان وَجَهل وإكراه فِي لبس مخيط لرجل وَفِي طيب أَي تطيب وَفِي تَغْطِيَة رَأس ذكر وَوجه امْرَأَة، وَمَتى زَالَ عذره بِأَن تذكر النَّاس أَو علم الْجَاهِل أَو زَالَ الْإِكْرَاه أزاله فِي الْحَال وَإِلَّا فدى، وَمن كرر مَحْظُورًا من جنس وَاحِد غير قتل صيد مثل إِن حلق أَو قلم

ص: 309

أَو لبس أَو تطيب أَو وطىء وَأعَاد بالموطوءة أَو غَيرهَا قبل التَّكْفِير عَن الأول فِي الْكل فكفارة، وَاحِدَة وَبعده فثانية، وَمن أَجنَاس فَلِكُل جنس فدَاء. وَإِن حلق أَو قلم أَو وطىء أَو قتل صيدا عَامِدًا أَو نَاسِيا أَو مخطئا أَو مكْرها وَلَو نَائِما قلع شعره أَو صوب رَأسه إِلَى تنور فَأحرق اللب شعره فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة لِأَن هَذِه إتلافات فَاسْتَوَى عمدها وسهوها وجهلها كإتلاف مَال الْآدَمِيّ. وَمن رفض إِحْرَامه لم يفْسد وَلم يلْزمه دم لرفضه، وَحكم إِحْرَامه بَاقٍ وكل هدى أَو إطْعَام يتَعَلَّق بحرم أَو إِحْرَام كجزاء صيد وَمَا وَجب من فديَة كَتَرْكِ وَاجِب أَو فَوَات حج أَو فعل مَحْظُور فِي حرم كلبس وَنَحْوه فلمساكين الْحرم يلْزمه ذبحه فِيهِ وَيجزئهُ فِي جَمِيعه ويفرقه عَلَيْهِم أَو يُطلقهُ بعد ذبحه إِلَيْهِم، وهم الْمُقِيم بِالْحرم والمجتاز بِهِ من حَاج وَغَيره مِمَّن لَهُ أَخذ الزَّكَاة لحَاجَة، وَلَو تبين غناهُ بعد ذَلِك فكزكاة، وَالْأَفْضَل نحر مَا وَجب لحج بمنى ولعمرة بالمروة خُرُوجًا من خلاف مَالك وَمن تبعه، فَإِن أسلمه إِلَيْهِم فنحروه أجزأء وَإِلَّا استرده وَنَحْوه، فإنى أَبى أَو عجز ضمنه، وَالْعَاجِز عَن إيصاله ينحره حَيْثُ قدر ويفرقه بمنحره إِلَّا فديَة أَذَى وفدية لبس وَنَحْوهمَا كطيب ومباشرة دون فرج إِذا لم ينزل، وَمَا وَجب بِفعل مَحْظُور خَارج الْحرم وَلَو بِغَيْر عذر غير جَزَاء صيد، فَلهُ تفرقتها حَيْثُ وجد سَببهَا وَفِي الْحرم أَيْضا.

ص: 310

ويجزىء الصَّوْم وَالْحلق وَالْهدى التَّطَوُّع وَمَا يُسمى نسكا بِكُل مَكَان كأضحية، وَالدَّم حَيْثُ أطلق يجزىء فِيهِ شَاة كأضحية فيجزى الْجذع من الضَّأْن والثنى من الْمعز أَو سبع بَدَنَة أَو سبع بقرة، وَإِن ذبح بَدَنَة أَو بقرة فَهُوَ أفضل وَتَكون كلهَا وَاجِبَة، وَمن وَجَبت عَلَيْهِ بَدَنَة أَجْزَأته بقرة كَعَكْسِهِ، وَلَو فِي جَزَاء صيد وَنذر وَعَن كل وَاحِد مِنْهُمَا سبع شِيَاه وَعَن سبع شِيَاه بَدَنَة أَو بقرة، وَيرجع بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول فِي جَزَاء صيد وَهُوَ مَا يسْتَحق بدله من مثله ومقاربه وَشبهه. وَالصَّيْد ضَرْبَان الضَّرْب الأول مَا لَهُ مثل من النعم خلقَة فَيجب فِي ذَلِك الْمثل نصا، وَهُوَ نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله إِلَى مَا قَضَت فِي الصَّحَابَة مُتَعَلق بيرجع فَيجب فِيهِ مَا قَضَت بِهِ نصا وَمِنْه فِي النعامة بَدَنَة، وَفِي حمَار الْوَحْش بقرة وَفِي الْإِبِل بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء الْمَفْتُوحَة بِوَزْن قنب وَهُوَ ذكر الأعوال قَالَه فِي الْإِنْصَاف، وَفِي ثيتل ووعل بِفَتْح الْوَاو مَعَ الْعين وَكسرهَا وسكونها تَيْس الْجَبَل قَالَه فِي الْقَامُوس، وَفِي الصِّحَاح: وَهُوَ الأروى، بقرة وَفِي الضيع كَبْش، وَفِي الغزال شَاة، وَفِي الْوَبر بِسُكُون الْبَاء دويبة كحلاء لَا ذَنْب لَهَا دون السنور وَفِي الضَّب جدي، وَفِي اليربوع جفرة لَهَا أَرْبَعَة أشهر، وَفِي الأرنب عنَاق دون الجفرة، وَفِي الْحمام وَهُوَ كل مَا عب المَاء وهدر فَتدخل فِيهِ الفواخت والوراشين والقطا والقمري والدباسي وَنَحْوهَا شَاة. وَالنَّوْع الثَّانِي من الضَّرْب الأول مَا لم تقض فِيهِ الصَّحَابَة وَله مثل من النعم فَيرجع وَمَا لم تقض فِيهِ الصَّحَابَة إِلَى قَول عَدْلَيْنِ فَلَا يَكْفِي

ص: 311

وَاحِد خبرين ليحصل الْمَقْصُود بهما، فيحكمان فِيهِ بأشبه الْأَشْيَاء، من حَيْثُ الْحلقَة، وَيجوز كَون الْقَاتِل أَحدهمَا أَو هما فيحكمان على أَنفسهمَا بِالْمثلِ، وَفِدَاء صيد أَعور من عين بأعور من أُخْرَى وأعرج من قَائِمَة بأعرج من أُخْرَى، وَذكر بأنثى وَعَكسه لِأَن لَحْمه أوفر وَهِي أطيب فيتساويان. وَالضَّرْب الثَّانِي من الصَّيْد مَا لَا مثل لَهُ من النعم وَهُوَ بَاقِي الطُّيُور وَلَو أكبر من الْحمام كالإوز بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْوَاو وَتَشْديد الزَّاي جمع أوزة، وَيُقَال وَأجْمع وزة كتمر وَتَمْرَة، والحباري والحجل والكركي وَالْكَبِير من طير المَاء وَغير ذَلِك فَتجب قِيمَته مَكَانَهُ أَي مَكَان الْإِتْلَاف كَمَال الْآدَمِيّ غير المثلى. ويجتمع الضَّمَان وَالْجَزَاء فِي صيد مَمْلُوك، وَإِن جنى على حَامِل فَأَلْقَت مَيتا ضمن نقص الْأُم كَمَا لَو جرحها، وَإِن أتلف جُزْءا مِمَّا لَا مثل لَهُ ضمن مَا نقص من قِيمَته، وَإِن نفر صيدا فَتلف بِشَيْء وَلَو بِآفَة سَمَاوِيَّة أَو نقص حَال نفوره ضمنه أتلف بعد نفوره فِي مَكَانَهُ بعد أَمنه، وَإِن رمى صيدا فَأَصَابَهُ ثمَّ سقط على آخر فماتا ضمنهما، وَإِن اشْترك جمَاعَة فِي قتل صيد وَلَو كَانَ بَعضهم ممسكا أَو مسببا وَالْآخر قَاتله فَعَلَيْهِم جَزَاء وَاحِد، وَإِن كفرُوا بِالصَّوْمِ، وَإِن اشْترك حَلَال ومحرم فِي قتل صيد حرمى فالجزاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ. وَحرم مُطلقًا أَي على مَحل ومحرم إِجْمَاعًا صيد حرم مَكَّة فَمن أتلف مِنْهُ شَيْئا وَلَو كَافِرًا أَو صَغِيرا أَو عبدا فَعَلَيهِ مَا على الْمحرم فِي مثله نَص عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كصيد الْإِحْرَام،

ص: 312

وَلَا يلْزم الْمحرم بقتل الصَّيْد فِي الْحرم جزاءان نَص عَلَيْهِ، وَحكم صَيْده حكم صيد الْإِحْرَام مُطلقًا أَي فِي التَّحْرِيم وَوُجُوب الْجَزَاء وإجزاء الصَّوْم وتملكه وضمانة بِالدّلَالَةِ وَنَحْوهَا، إِلَّا الْقمل فَإِنَّهُ لَا يضمن فِي الْحرم وَلَا يكره قَتله فِيهِ، وَإِن رمى الْحَلَال صيدا كُله أَو بعض قوائمه فِي الْحرم ضمنه، وَلَو رمى صيدا ثمَّ أحرم قبل أَن يُصِيبهُ ضمنه، وَلَو رَمَاه محرما ثمَّ حل قبل الْإِصَابَة لم يضمنهُ اعْتِبَارا لحالة الْإِصَابَة فيهمَا، وَلَو جرح مَحل فِي الْحل صيدا فِي الْحل فَمَاتَ فِي الْحرم حل وَلم يضمن، لِأَن الذَّكَاة وجدت بِالْحلِّ. قَالَ فِي الْمُنْتَهى وَشَرحه: وَلَا يحل مَا وجد سَبَب مَوته بِالْحرم تَغْلِيبًا للخطر كَمَا لَو وجد سَببه فِي الْإِحْرَام فَهُوَ ميتَة. انْتهى. وَحرم قطع شَجَره أَي حرم مَكَّة حَتَّى مَا فِيهِ مضرَّة كشوك وعوسج بِفَتْح الْعين

وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ نبت مَعْرُوف ذُو شوك، وَحرم قطع حشيشة أَي الْحرم حَتَّى ورق شجر وَسوَاك وَنَحْوه إِلَّا الْإِذْخر بِكَسْر الْهمزَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة نبت طيب الرَّائِحَة وَالنَّقْع والكمأة والياسمين وَمَا زَالَ بِفعل غير آدَمِيّ وَالثَّمَرَة، فَيُبَاح أَخذه وَالِانْتِفَاع بِهِ وَمَا زرعه آدَمِيّ من زرع وبقل ورياحين إِجْمَاعًا نصا حَتَّى من الشّجر لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ آدَمِيّ كزرع فَلهُ أَخذه، وَيجوز رعي حشيش الْحرم لَا الاحتشاش للبهائم، وَإِذا قطع الْآدَمِيّ مَا يحرم قطعه حرم انتفاعه وانتفاع غَيره بِهِ كصيد ذبحه محرم، وَيجب فِيهِ أَي فِي ذكر الْجَزَاء فتضمن الشَّجَرَة الصَّغِيرَة

ص: 313

عرفا بِشَاة والمتوسطة والكبيرة ببقرة يُخَيّر بَين ذَبحهَا وتفرقتها أَو إِطْلَاقهَا لمساكين الْحرم وَبَين تقويمها بِدَرَاهِم وَيفْعل بهَا كجزاء الصَّيْد، وَيضمن حشيش وورق بِقِيمَتِه، وغصن بِمَا نقص، فَإِن اسْتخْلف شَيْء من الشّجر والحشيش وَالْوَرق سقط ضَمَانه كَمَا لَو نتف ريش صيد وَعَاد، وَقَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : لَا يخرج من تُرَاب الْحرم وَلَا يدْخل إِلَيْهِ من الْحل، وَلَا يخرج من حِجَارَة مَكَّة شَيْء إِلَى الْحل، وَالْخُرُوج أَشد يَعْنِي فِي الكرهة، وَلَا يكره إِخْرَاج مَاء زَمْزَم لِأَنَّهُ يسْتَخْلف. وَمَكَّة أفضل من الْمَدِينَة، وتستحب الْمُجَاورَة بهَا، وَلمن هَاجر مِنْهَا الْمُجَاورَة بهَا كَغَيْرِهِ، وَمَا خلق الله سُبْحَانَهُ خلقا أكْرم عَلَيْهِ من نَبينَا مُحَمَّد، وَأما تُرَاب تربته فَلَيْسَ أفضل من الْكَعْبَة بل الْكَعْبَة أفضل مِنْهُ قَالَ فِي الْفُنُون: الْكَعْبَة أفضل من مُجَرّد الْحُجْرَة، فَأَما مأوى النَّبِي فِيهَا فَلَا وَالله وَلَا الْعَرْش وَحَمَلته وَالْجنَّة، لِأَن بالحجرة جسدا لَو وزن بِهِ لرجح وَحرم صيد حرم الْمَدِينَة وَتسَمى طابة وطيبة وَالْأولَى أَلا تسمى يثرب، فَلَو صَاد من حرم الْمَدِينَة صيدا وذبحه صحت تذكيته، جزم بِهِ فِي الْإِقْنَاع. وَحرم قطع شَجَره أَي حرم الْمَدِينَة وَقطع حشيشه لغير حَاجَة علف وحاجة قتب وَنَحْوهمَا أَي الْعلف والقتب كالمساند وَآلَة الْحَرْث والرحل وَنَحْوهَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة. وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ

ص: 314

وَمن أدخلها صيدا فَلهُ إِمْسَاكه وذبحه نصا وَلَا جَزَاء فِيمَا حرم من ذَلِك. وَحرم الْمَدِينَة بريد فِي بريد نصا وَهُوَ مَا بَين ثَوْر وعير جبلان معروفان بِالْمَدِينَةِ وَذَلِكَ مَا بَين لابتيها، وَجعل النَّبِي حول الْمَدِينَة المنورة اثْنَي عشر ميلًا حمى والحمى الْمَكَان الْمَمْنُوع من الرَّعْي فِيهِ.

ص: 315